التيارات الإسلامية وثورة 25 يناير
بعد أن ظلت التيارات الإسلامية على مسافة من
الساحة السياسية، تطول أو تقصر بدرجةٍ أو بأخرى على مدار حِقَبٍ متتالية، أصبحت
الأكثر حضورًا في الساحة السياسية المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011،
التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
فجماعةُ "الإخوان" التي كانت توصف
قبل الثورة بـ "الجماعة المحظورة"، وتأكد حظرها بالمادة الخامسة من
التعديلات الدستورية التي أُجريت عام 2007 على دستور 1971، التي أقرت عدم جواز
مباشرة أي نشاط سياسي أو ديني أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية أو أساس ديني،
قد تخلت عن مبدأ "لا حزبية في الإسلام"، وقامت بتأسيس حزب "الحرية
والعدالة" بعد ثورة 25 يناير 2011، والذي استطاعت الجماعة من خلاله الفوز
بنسبة 43.7% من مقاعد مجلس الشعب في انتخابات 2011/2012 مقابل مقعد واحد في
انتخابات 2010، بعد ما كانت الجماعة قد فازت بـ88 مقعداً في انتخابات 2005. وفي
انتخابات مجلس الشورى الأخيرة فاز حزب "الحرية والعدالة" بـ 105 مقاعد
ليأتي في المركز الأول مقابل لا شيء من المقاعد في انتخابات الشورى عام 2010، إلى
جانب دفعه بالمرشح محمد مرسي الذي أصبح
فيما بعد الفائز في أول انتخابات رئاسية بعد الثورة، ليقضي عاماً كاملاً رئيسًا
لمصر إلى أن أطاحت به ثورة المصريين في الثلاثين من يونيو عام 2013.
كذلك كان الظهور القوي للجماعات السلفية في
الساحة السياسية، أحد التطورات اللافتة بعد ثورة 25 يناير، بعد ما جنحت إلى إعادة
رسم خرائط سلوكياتها وسياستها وتنظيراتها على قاعدة العمل السياسي، بعد أن ظلت
أسيرة الخط الدعوي – الخيري، فأسست مجموعة من الأحزاب أبرزها "حزب
النور" الذى فاز بنسبة 22.4% من مقاعد مجلس الشعب بعد ثورة 25 يناير ليأتي في المركز الثاني بعد حزب "الحرية
والعدالة"، ويحتل المركز نفسه في انتخابات الشورى بـ45 مقعدًا.
صعود
لافت للتيارات الإسلامية بعد الثورة
بعد الصعود المفاجئ للتيارات الإسلامية
والمكاسب السياسية التي حققتها بعد ثورة
25 يناير، أدركت تلك التيارات حاجتها لأّذرع إعلامية خاصة بها لتحافظ على هذه
المكاسب، ولتكون خطا للدفاع عنها وعن سياساتها من جهة، والترويج لأفكارها من جهة
أخرى. وسارعت تلك التيارات باقتحام الفضاء الإعلامي بإطلاق عدد من الوسائل الإعلامية التقيلدية كالقنوات
التلفزيونية والصحف. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل وصلت هذه التيارت زحفها
إلى أن زرعت لها أذرعا إعلامية في الواقع الافتراضي، بإطلاق مئات المواقع على شبكة
الإنترنت منها ما هو نظير للوسائل التقليدية بإنشاء مواقع لها على شبكة الإنترنت،
ومنها ما هو قائم بذاته على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر.
لكن الصحف التي أصدرتها تيارات الإسلام
السياسي في مصر بعد ثورة 25 يناير كانت من أهم ما غير خريطة الإعلام المصري لا
سيما الخريطة الصحفية ، وتحديدًا معالم الخريطتين الصحفيتين الحزبية والخاصة اللتيْن
أضيفت لهما قطاعٌ جديد تمثل في الصحف المملوكة للتيارات الإسلامية، سواء للأحزاب
التي تمثل أذرعًا سياسية لتلك التيارات أو الشخصيات المحسوبة على تلك التيارات.
ومن هنا فقد سعت هذه الدراسة للتعرف على ملامح وسمات صحف التيارات الإسلامية التي
ظهرت في مصر عقب ثورة 25 يناير.
الأذرع
الإعلامية للتيارات الإسلامية
كان من تداعيات ثورة 25 يناير أن باتت للتيارت
الإسلامية أذرعها الإعلامية ، وكانت الصحافة أحد أهم هذه الأذرع ، والتي تميزت
بمواصفات وسمات تختلف إلى حد كبير عن الصحف الأخرى التي كانت حاضرة في الساحة
الصحفية باعتبارها تعبر عن تيار له أفكاره وأيديولوجياته الخاصة، ومن هنا تتركز هذه
الدراسة في رصد صحف التيارات الإسلامية في مصر بعد ثورة 25 يناير ومواصفات تلك
الصحف، مع التركيز على صحافة جماعة "الإخوان".
صحافة جماعة "الإخوان"
اعتبرت جماعة "الإخوان" أن
الإعلام يعد أحد أهم وسائل تحقيق ونشر رسالتها الدعوية من منطق أن الطريق لإيجاد
الشعب "المسلم" هو التعريف بالإسلام و"الجماعة"، والتكوين على
خلق وقيم الإسلام وفضائله وآدابه وسلوكياته من خلال الحلقات العامة، وعبر وسائل
الإعلام، ومن خلال الكتاب والرسالة والحوار والدعوة الفردية.
وعلى الرغم من أن الجماعة طوال تاريخها لم
تكن بعيدة عن استخدام وسائل الإعلام، حيث شهد تاريخها إصدار عدد من الصحف والمجلات
في فترات تصالحها مع السلطة السياسية، والتي زاوجت بينها وبين استخدام أساليب
الاتصال المباشر عبر الخطب والمؤتمرات ونشاط الجمعيات الأهلية (الدينية)، وهى
الأساليب التي كانت تمثل البديل الوحيد للتواصل مع عموم الناس في فترات الصدام
والصراع مع السلطة.
وقد كتب حسن البنا مؤسس الجماعة عديدًا من
المقالات والملاحظات والتعليقات التي تمثل أيديولوجيته في الصحف والمجلات التي
أصدرتها جماعة الإخوان. وفي هذه السبيل، يمكن رصد عشر صحف ومجلات أصدرتها الجماعة منذ نشأتها
وحتى العام 1957، وهذه الصحف والمجلات وفقاً لترتيب صدورها هي: صحيفة
"الإخوان المسلمون" الأسبوعية (1933 – 1938)، ومجلة "النذير"
الأسبوعية (1938 – 1939)، ومجلة "المنار الشرعية" (1939 -1940)، ومجلة
"التعارف" الأسبوعية (1940)، ومجلة "الشعاع" الأسبوعية
(1940)، وصحيفة "الإخوان المسلمون" الأسبوعية (1942 – 1946)، وصحيفة
"الإخوان المسلمون" اليومية (1946 – 1948)، ومجلة "الشباب"
الشهرية (1947- 1948)، ومجلة "الكشكول الجديد" (1948)، ومجلة
"الدعوة" (1951 – 1957).
العلاقة بين الإخوان والقصر
كان القصر الملكي أحد أضلاع المثلث الذي
يمثل القوة الفاعلة في إدارة شئون الحياة السياسية المصرية قبل ثورة 23 يوليو
1952، ويتمثل الضلعان الآخران للمثلث في حزب "الوفد"، وهو الحزب الأكثر
شعبية ونفوذًا في الشارع المصري، وفى الإنجليز قوة الاحتلال والدولة ذات الخصوصية
والقدرة على التأثير بسفارتها وجيشها معًا.
وكان الملك فؤاد حريصًا على إحكام قبضته على
المؤسسات الدينية، لا عن صلاح وتقوى، وإنما لرغبة ملحة في استثمار الرصيد الشعبي
الكبير لهذه المؤسسات في صراعاته السياسية من أجل الاستحواذ على كل مؤسسات الدولة.
وقد بدأ حسن البنا دعوته وعينه على القصر الملكي، وحاول أن يرتبط به، على
اعتبار أنه من مصلحة العرش أن تكون جماعة "الإخوان" ركيزةً له.
كما كان "الإخوان" حريصين على
إزجاء المديح للملك فؤاد والثناء الدائم على سلوكه الإسلامي. وتوالت مراثيهم له
بعد موته، وأشاروا فيها إلى أنه "حامى الإسلام ورافع رايته". وقد رثته
صحيفة "الإخوان" بما يجذب عطف ولى عهده (فاروق) على أسلوب الجماعة. كما
نشرت عدة مقالات تهدف إلى دعوة ولى العهد للتمسك بالتقاليد الإسلامية التي كان
يتحلى بها والده؛ وتصف "الفاروق" بـ "سمو النفس وعلو الهمة وأداء
فرائض الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه".
وعند تولية فاروق ملكًا، ظهرت أصواتٌ بعضها
إخوانية تطالب بأن يتم التتويج في احتفال ديني يُقام في القلعة، ويُقلده فيه الشيخ
المراغي – شيخ الأزهر آنذاك وأحد معلمي فاروق – سيفَ جَدِه محمد على، أو أن يُقام الاحتفال
لأداء اليمين الدستورية، بأن يؤم الملك الناس إثر التتويج باعتبار أنه الإمام الذي
تصدر باسمه أحكام الشريعة.
ويذهب "ريتشارد ميتشل" إلى اتهام
فرق "جوالة الإخوان" بأنهم قاموا بدور "شرطي القصر"، كما أنه اتهم
"الإخوان" يتلقى مساعدات من أحزاب الأقلية وبعض زعمائها، دعماً للملك نِكَايَةً
في "الوفد".
ويرى بعض المؤرخين أن علاقة "الإخوان"
بالقصر ورجاله (على ماهر باشا تحديدًا)، كانت من أسباب الانشقاق الذي شهدته صفوف
الجماعة سنة 1939، وأسفر عن تكوين جماعة "شباب محمد"، فقد رفض المنشقون
أن يصبح "الإخوان" أداةً في يد على ماهر لمحاربة "الوفد"
وتدعيم نفوذ القصر الملكي.
وبلغ من حرص القصر على العلاقة بـ "الإخوان"
أن الملك سعى لتحسين صورتهم أمام الإنجليز، فقد أخذ حسين سرى باشا – رئيس الوزراء
– في السعي لتحسين صورة "الإخوان" لدى السلطات البريطانية التي اكتشفت
أن رئيس الوزراء يفعل ذلك بناء على تعليمات الملك.
وعندما اعتُقل حسن البنا بناءً على تقارير
من المخابرات البريطانية حول قيام الإخوان بدعاية مضادة لانجلترا واستعدادهم
لعمليات تخريبية ضد منشآت بريطانية، سعى مجلس النواب وبمساندة ضغط القصر للإفراج
عن حسن البنا، وهو ما تم بعد أقل من شهر من اعتقاله. وعقب خروجه من المعتقل عاد "البنا"
أكثر حرية وأكثر نشاطًا يجوب البلاد للدعوة لجماعته، ويتمتع وحده دون بقية الأحزاب
والهيئات بحرية الحركة والخطابة والاجتماع.
ويمكن القول إن جماعة " الإخوان"
نجحت في أن تستغل الفراغ الذي نتج عن الضعف الذي ألم بالأحزاب السياسية، وتعثر
النظام الديمقراطي، ومن ثم فقد كان منهج "الإخوان" السياسي يعتبر رد فعل
للصراع الحزبي الذي لا يتفق مع أخوة الإسلام – في نظر الجماعة – من جانب، وخلو
البرامج الحزبية من المناهج الإصلاحية من جانب آخر.
عبد الناصر وجماعة الإخوان
قامت ثورة 23 يوليو 1952 ، بينما الخلافات
بين قادة "الجماعة" على أشدها، لدرجة أن الخلاف بدأ يطال معسكر الهضيبي
نفسه، وارتبط ذلك بالخلاف على مشاركة "الإخوان" في حكومة الثورة، والذي
أُثير بمناسبة دخول عضو مكتب الإرشاد "أحمد حسن الباقوري" وزارة محمد
نجيب، التي تشكلت في 7 سبتمبر 1952.
وعقب خلافها
مع مجلس قيادة الثورة بعد ثورة يوليو 1952، ومحاولتها امتطاء هذه الثورة، وفرض
الوصاية عليها، تم حظر جماعة "الإخوان". وعندما باءت تلك المحاولات
بالفشل، قامت الجماعة بمحاولة فاشلة لاغتيال جمال عبد الناصر، وهو ما وضعها في مواجهة
مع النظام, حيث تعرضت لمحنتيْن كبيرتيْن في عهده أدتا إلى اعتقال عديدٍ من قيادات
الجماعة، والتضييق على أعضاء الجماعة في ممارسة أية أنشطة حتى ولو كانت دعوية،
والأكثر من ذلك والأهم هو منعها من إصدار الصحف والمجلات لعدم إتاحة منابر إعلامية
تدعو لهذه الجماعة المحظورة بحكم القانون.
السادات وجماعة الإخوان
بدأت العلاقة بين السادات والإخوان في
السنوات الأولى لحكمه وحتى منتصف السبعينيات يحكمها طابع التعاون قبل أن تظهر على
السطح بوادر التوتر بين الجانبيْن، بعدما اتخذ "الإخوان" جانب المعارضة
لسياسات النظام. ومنذ تولي الرئيس الراحل أنور السادات السلطة عام 1970 بدأ الصدام
بينه وبين الصحافة على الرغم من أنه كان في العهد الناصري رئيسًا لتحرير صحيفة "الجمهورية"،
وترتب على هذا الصدام تحويل عدد غير قليل من الصحفيين إلى وظائف حكومية بعضها لا
علاقة له بالصحافة، لكن انفراجًا نسبيًا طرأ عقب حرب أكتوبر 1973، وإطلاق سياسة
الانفتاح على المساريْن الاقتصادي والسياسي.
وعَمِدَ السادات إلى إطلاق حرية إنشاء أحزاب
في النصف الثاني في عقد السبعينيات، وإصدار صحف لهذه الأحزاب فصدرت صحف "الأحرار"
و"الأهالي" و"الشعب" و"الوفد"، وتميزت هذه الفترة
كذلك باصدار عدد من المجلات الاسلامية مثل "الاعتصام" و"الدعوة"
التابعتيْن لجماعة "الاخوان".
ومع دخول السادات في سلام فردي مع اسرائيل
ومقاطعة جموع المصريين له، بدأ صدام بينه وبين الصحف الحزبية واليسارية وهو ماترتب
عليه مصادرة أعداد بعض الصحف والمجلات مثل «الأهالي» اليسارية و«الدعوة»
الاخوانية، وانتهى الأمر إلى اغلاق هذه الصحف في سبتمبر عام 1981 ضمن قرارات
السادات الشهيرة التي تضمنت اعتقال المئات من رموز الحركات الإسلامية واليسارية في
مصر.
مبارك وجماعة الإخوان
لم تكن علاقة
نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك مع "الإخوان" تسير على خطٍ مستقيم أو في
اتجاهٍ واحد، لكن المتتبع لهذه العلاقة سيجد أنها مرت بثلاث مراحل:
المرحلة
الأولى: وتمتد طيلة
فترة الثمانينيات، وقد تميزت هذه المرحلة بقدرٍ من الاستيعاب الجزئي، واستغلال
الجماعة للانفتاح السياسي النسبي خلال هذه الفترة بالتوغل في الجامعات ومحاولات
تعزيز حضورها في البرلمان من خلال التحالف مع بعض الأحزاب.
المرحلة
الثانية: وأُطلق عليها
مرحلة الصدام المبكر، وتمتد طيلة فترة التسعينيات ،وقد حاول خلالها النظام تضييق
الخناق على الجماعة خاصةً في المجاليْن السياسي والإعلامى.
المرحلة
الثالثة: وهي المرحلة
الممتدة طيلة العقد الأول من الألفية الثالثة، وكانت تلك المرحلة أكثر المراحل
تعقيدًا، ما جعل خيارات النظام تتراوح بين القمع النوعي للجماعة من جهة، والعمل
على تحجيم طموحاتها السياسية من جهة أخرى.
أما على مستوى
الصحافة، فشهد عصر الرئيس مبارك إغلاق عدد من الجرائد وحبس عدد من الصحفيين خاصة
في الفترة الأخيرة فقد تم إيقاف جريدة "الدستور"، وتمت مصادرة وإيقاف
جريدة "الشعب" وحزب العمل الذي تصدر منه بعد نشرها مقالاً للكاتب محمد
عباس بعنوان «من يبايعني على لا إله إلا الله» بعد نشر وزارة الثقافة رواية «وليمة
لأعشاب البحر» للروائي السوري حيدر حيدر، والتي رأى فيها الكاتب هجومًا على
الاسلام، وتمت مصادرة جريدة "النبأ" بعد نشرها موضوعًا عن فضيحة جنسية
لأحد الرهبان المشلوحين، وعدد آخر من الصحف الخاصة. لكن بالنسبة لصحيفة
"الشعب"، فبعد أن كانت منبرًا للاشتراكيين في الفترة من عام 1979 إلى
عام 1985 أصبحت منبرًا أساسيًا لقيادات التيار الإسلامي بوجهٍ عام و جماعة "الإخوان"
بوجهٍ خاص.
صحافة الإخوان بعد ثورة 25 يناير
بعد ثورة 25
يناير وتحديدًا في يوم 21 فبراير 2011، وبعد أيامٍ قليلة من تنحي حسني مبارك أعلن الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة عن عزم الجماعة تأسيس
حزبٍ سياسي. وبالفعل تأسس حزب "الحرية والعدالة" يوم 6 يونيو 2011 بمرجعية إسلامية، ويتبنى
أيدولوجية إسلامية، رغم أن الدستور كان يحظر تأسيس أحزاب
بمرجعية دينية. وفاز الحزب في انتخابات مجلس
الشعب 2011-2012 بأغلبية كاسحة في «الفردي» وأغلبية نسبية في
«القوائم» وحصل على إجمالي 213 مقعدًا في مجلس الشعب.
وبعد تحقيق
هذه المكاسب رأت الجماعة ضرورة ملحة في الحفاظ على هذه المكاسب وتحقيق مكاسب جديدة
فأدركت أهمية أن تكون لها أذرعها الإعلامية، ومن هذه الأذرع الصحافة المطبوعة،
فأسست صحيفة "الحرية والعدالة" صحيفة مصرية حزبية يومية، صدرت عن حزب "الحرية والعدالة" الذي كان يوصف بالذراع السياسية لـ"جماعة
الإخوان"، وقد أُنشئت هذه الصحيفة في عام 2011 وصدر العدد
الأول منها في 28 أكتوبر من العام ذاته.
السياسة التحريرية لصحيفة الجماعة
يمكن رصد السياسة
التحريرية لصحيفة "الحرية والعدالة" في النقاط التالية:
1-
التأييد المطلق لجماعة "الإخوان"،
التي كان من المفترض أن تتوارى من المشهد السياسي طبقًا لما أعلنته الجماعة بأنها
سوف تكون منفصلة عن الحزب، لكن اتضح فيما بعد تبعية الحزب للجماعة، وهو ما ترتب
عليه تبعية الصحيفة التي تحمل اسم الحزب للجماعة أيضًا.
2-
الدعاية والـتأييد المطلق للدكتور محمد
مرسي، سواء في مرحلة ترشحه للانتخابات الرئاسية بتكثيف نشر الموضوعات الخاصة به، والتي
كانت أقرب للدعاية منها إلى الموضوعات الصحفية. وحتى بعد فوز مرسي بالانتخابات
الرئاسية، واصلت الصحيفة الترويج لمرسي وسياساته، واستبقت انتهاء أول 100 يوم من
توليه الرئاسة لتقدم كشف حساب بما رأت أنها إنجارات تحققت خلال أول مئة يوم له في
الحكم.
3-
تشويه رموز ثورة 25 يناير واتهامها بالسطحية
وعدم التنظيم والسعي لتحقيق مصالح شخصية دون الالتفات لمصلحة الوطن.كما وضعت
الصحيفة الثوار والفلول والبلطجية والباعة الجائلين في سلة واحدة.
4-
تشويه رموز المعارضة المصرية وتقديمها على
أنها كانت شريكًا لنظام مبارك الذي حملته الصحيفة مسئولية الفشل على مدار قرابة
الـ30 عامًا التي سبقت ثورة 25 يناير، إلى جانب تشويه اليساريين والليبراليين.
5-
لم تسلم الصحيفة من الانزلاق إلى خلط الدين
بالسياسة على صفحاتها خلال معالجتها لبعض الموضوعات، وحتى بعد ثورة المصريين على
حكم الإخوان في 30 يونيو عام 2013 واصلت الصحيفة محاولات التلاعب بمشاعر المصريين
باسم الدين. ففي يوم الأحد الموافق 25 أغسطس 2013، حيث كانت الصحيفة لا تزال تصدر،
كان مانشيت الصحيفة يقول: "لجنة الانقلابيين لتعديل الدستور تجيز سب الدين
والرسل وتشجع انتشار الفساد وتدعم تدهور الأخلاق"، حيث ادعت الصحيفة أن لجنة
الخبراء العشرة، القائمة على تعديل دستور 2012 المُعطل بإجازتها سب الدين والأنبياء،
والتشجيع على انتشار الفساد وتدهور الأخلاق في المجتمع.
إغلاق صحيفة "الحرية والعدالة"
في 25 سبتمبر 2013 أغلقت السلطات مقر صحيفة "الحرية
والعدالة" التابعة لجماعة "الإخوان" بالقاهرة، وقد جاء الإغلاق بعد
يومين من صدور حكم قضائي بحظر نشاط جماعة "الإخوان" في كامل الأراضي
المصرية والتحفظ على ممتلكاتها، وهو الحكم الذي أصدرته محكمة القاهرة للأمور
المستعجلة بناءً على الدعوى القضائية المقامة من أمانة حريات "حزب التجمع"،
والتي طالبت بإصدار حكم قضائي بحظر تنظيم "الإخوان"، إضافةً إلى حظر
أنشطة التنظيم في مصر وأي مؤسسة متفرعة منه أو تابعة له أو منشأة بأمواله، أو
تتلقى منه دعمًا ماليًا أو أي نوع من أنواع الدعم، وكذلك الجمعيات التي تتلقى
التبرعات ويكون بين أعضائها أحد أعضاء الجماعة.
وقد أغلق
مقر صحيفة "الحرية والعدالة" بمنطقة المنيل بمصر القديمة وتم إغلاق
المقر والتحفظ على جميع محتوياته، على خلفية اتهامها بالتحريض على العنف والارهاب
خلال المرحلة التي تلت ثورة 30 يونيو التي أطاح فيها الشعب المصري بحكم الجماعة.
ومن بين ما نُسب لصحيفة "الحرية والعدالة" أنها أصدرت أعدادًا تتضمن بث
وإذاعة أخبارٍ مغلوطة لا تمت للحقيقة بصلة بقصد التحريض، علاوةً على بث شائعاتٍ
وأخبارٍ غير صحيحة عن القوات المسلحة والحكومة.
خلط الدين
بالسياسة
كشفت نتائج
الدراسة أن الخطوط والقواسم المشتركة بين صحف التيارات الإسلامية بعد ثورة 25
يناير تمثلت في خلط الدين بالسياسة، وهى نتيجة منطقية خاصة أن مُلاك تلك الصحف
يقعون في الخلط ذاته. كما كانت هذه الصحف تشوه المعارضة المصرية لا سيما التي
تنتمي للتيار الليبرالي، ويرجع ذلك لأن التيار الليبرالي على النقيض تمامًا من
التيارات الإسلامية فكريًا وأيديولوجيًا، كما هاجمت تلك الصحف نظام الرئيس الأسبق
حسني مبارك ورموزه، وقد كان هذا متوقعًا لتيار يعد نفسه ليكون بديلاً لنظام مبارك،
وهو ما حدث بالفعل، حيث جلس رئيسٌ ينتمي لجماعة "الإخوان" هو د.محمد
مرسي على نفس مقعد الرئيس الأسبق حسني مبارك، إضافةً إلى مساندة مرشحي التيارات
الإسلامية سواء في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية.
وأوضحت
النتائج مدى الضعف الذي اعترى تبويب صحف التيارات الإسلامية التي صدرت بعد ثورة 25
يناير، فلم تكن عناوين الأبواب تعبر عن مضامينها بدقة، كنشر أخبار اقتصادية في باب
السياسة، وربما يعود ذلك لضعف الخبرات التي تم الاعتماد عليها في إصدار الصحيفة
والتعجل في إصدارها حيث صدرت بعد أشهر قلائل من ثورة 25 يناير.