مؤتمر علمي بالجامعة الحديثة .. الدراما العربية وقضايا الهُوية
برعاية
د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي ود. ألفت كامل رئيس الجامعة
الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات ورئاسة د. سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة
وأمانة د. السيد بهنسي وكيل كلية الإعلام وتنسيق الإبنة العزيزة د. ميرال مصطفى عبد
الفتاح رئيس قسم الإذاعة والتليفزين بالكلية، عُقد المؤتمر العلمي الثالث للكلية
تحت عنوان: "الدراما العربية وقضايا الهوية" خلال يوميْ الثلاثاء
والأربعاء 18 و 19 ديسمبر الماضي.
وتبرز
أهمية هذا المؤتمر من الحاجة الماسة لدراسة قضايا الهوية القومية المقدمة بالأعمال
الدرامية الموجهة للكبار وكيفية معالجتها لمعرفة هل هى تعبيرٌ عن الواقع الفعلي
للمجتمع المصري بعاداته وقيمه وتقاليده البناءة أم أنها داعية لقيم الهدم والتفكك
والعنف والبلطجة؟، وهى النتيجة التي يمكن أن تساعد في إضافة جرس إنذار جديد
للأطراف المسئولة عن صناعة الدراما المصرية إلى جانب مؤسسات الدولة التنفيذية
والتشريعية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالشأن الثقافي بتذليل الطرق
وتبني الآليات للنهوض بصناعة الدراما المصرية في ظل ما تواجهه من منافسة شرسة
وقوية من الدراما الأجنبية والمدبلجة.
ضم
المؤتمر ست جلسات علمية علاوة على مائدة مستديرة شارك فيها أبرز صُناع الدراما
وأساتذة الإعلام في الجامعات المصرية سواء في رئاسة الجلسات العلمية أو التعقيب
على البحوث المعروضة فيها أو في مناقشة أوضاع الدراما المصرية ودورها الواجب في ظل
الدولة المصرية بتوجهاتها الحديثة، علاوة على مشاركة 40 باحثًا من 30 كلية ومعهدًا
من الجامعات الحكومية والخاصة والعربية بأوراق بحثية ذات صلة بمحاور المؤتمر.
وقد
رأست الجلسة العلمية السادسة د. هالة كمال نوفل عميد كلية الإعلام بجامعة جنوب
الوادي، وقام د. شريف درويش اللبان وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس وحدة
الدراسات الإعلامية بالمركز العربي للبحوث والدراسات بالتعقيب على البحوث المعروضة
فيها.
أولاً- صورة الشخصيات والأحداث التاريخية
ضمت
الجلسة العلمية السادسة ستة بحوث تناولت موضوعات مهمة تتعلق بصورة الشخصيات
والأحداث التاريخية في الدراما لدى الشباب، والقيم الاجتماعية والدينية كما تعكسها
المسلسلات المصرية المقدمة في شهر رمضان الماضي، وصورة الموظف الحكومي كما تعكسها
الدراما بقنوات الأفلام العربية، وأثر تدفق الدراما الأجنبية على الهوية العربية،
وقضايا الأسرة العربية كما تعكسها الدراما الإذاعية العربية.
في
بداية الجلسة عرضت د. نجوى الجزار الأستاذ المشارك بجامعة مصر الدولية والأستاذة
رنا حسني المدرس المساعد بالجامعة نفسها بحثًا مهمًا بعنوان: "صورة الشخصيات
والأحداث التاريخية في الدراما لدى الشباب: دراسة ميدانية"، استهدفت الدراسة
اختبار إذا ما كانت الدراما التاريخية تجتذب الشباب لمشاهدتها، وإذا ما كان لها
تأثير على اتجاهاتهم نحو الشخصيات والأحداث التاريخية، وبحثت الدراسة أيضًا دور
شبكات التواصل الاجتماعي – من خلال مشاركة بعض المشاهد – في جذب انتباه الشباب
لمتابعة الدراما التاريخية من خلال تبني توجه محدد نحو الشخصيات والأحداث. وقد
أُجريت الدراسة من خلال الاستبيان الإلكتروني Online
Survey على 400 مبحوثًا من طلاب الجامعة ممن يستخدمون شبكات
التواصل الاجتماعي.
وقد
قمتُ بالتعقيب على هذا البحث وقلتُ إن الدراما التاريخية لا تقدم التاريخ كما هو
بخيره وشره، ولكنها تقدم التاريخ من وجهة نظر معينة قد تؤثر فيها الدولة مثلما هو
الحال في الدراما التركية أو السورية أو غيرهما، وقد يؤثر فيها التمويل (الإنتاج)،
وقد يؤثر فيها أن الدراما – في حد ذاتها – لا تقدم الواقع كما هو، ولكنها تتدخل في
صياغته واجتزاء أحداث وشخصيات منه، وربما إضافة أحداث وشخصيات جديدة لم تكن موجودة
في التاريخ، أو لم تستمر في التأثير في مجريات الأحداث.
وأحيانًا
ما تقدم الدراما الشخصيات إما بصورة إيجابية مبالغٍ فيها أو صورة سلبية بعيدة عن
الظرف التاريخي، مثلما هو الحال في الدراما التي قُدمت عن تاريخ بعض الشخصيات الفنية
والتي أثرت في تاريخ الفن المصري وعُرضت سيرها الذاتية في مسلسلات درامية.
ولذلك
كله، فقد قلتُ "مصيبةٌ كُبرى وكارثةٌ عظمى إذا كنا سنبني اتجاهات الشباب نحو
الأحداث والشخصيات التاريخية من خلال الدراما، وليس من كُتب التاريخ وكِتابات
المؤرخين"، والمصيبة الأكبر أن الجيل الجديد من الشباب لم يقرأ التاريخ حتى
يعقد مقارنةً جادة وواعية بين ما يشاهده وما حدث بالفعل من وقائع التاريخ. لعل ذلك
هو ما حدا بالبعض ممن يُطلقون على أنفسهم لقب (مؤرخ) إلى الظهور بخطابٍ إعلامي
مغاير عن بعض الشخصيات التاريخية التي تبدو للناس أنها إيجابية وكال لها الاتهامات
معتمدًا على عدم قراءة الناس للتاريخ واستقائهم المعلومات عن هذه الشخصيات
التاريخية من الأفلام والمسلسلات.
وقد
طرحتُ في ختام تعليقي على هذا البحث طرحًا مهمًا حيث طالبت بإجراء دراسات توضح
الفارق بين الأحداث والشخصيات التاريخية التي وردت في التاريخ من خلال كِتابات
المؤرخين وما يتم تقديمه على الشاشة من دراما تاريخية لنكتشف الفروقات، ونبحث عن
العوامل التي أدت إليها وأثرت فيها.
ثانيًا- القيم الاجتماعية والدينية في دراما رمضان
قدم
الباحث عمر الإبياري المُحاضر بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام بالجامعة
الحديثة بحثًا مهمًا بعنوان: "القيم الاجتماعية والدينية كما تعكسها
المسلسلات التليفزيونية المصرية المقدمة في شهر رمضان".
سعت
هذه الدراسة إلى بحث وتحليل القيم الاجتماعية والدينية، والتي تقدمها الدراما
المصرية المقدمة في شهر رمضان المعظم، سواء كميًا أو كيفيًا، والتي غَزَت معظم
القنوات التليفزيونية العربية، وذلك لرصد تأثيراتها المحتملة على المشاهدين،
وتقديم رؤية نقدية لهذه القيم المتضمنة في هذه المسلسلات الرمضانية.
وضمت
عينة المسلسلات التي تم تحليلها في شهر رمضان الماضي ثلاثة مسلسلات هى:
"ليالي أوجيني" و"بالحجم العائلي" و"لدينا أقوالٌ
أخرى"، والتي بلغ إجمالي عدد حلقاتها 90 حلقة بواقع 30 حلقة لكل مسلسل.
وتوصلت الدراسة إلى أن 66.6% من القيم المُتضمنة في هذه المسلسلات تُعَدُ قيمًا
اجتماعية ودينية إيجابية، في حين كانت الصراعات الأسرية هى أبرز القيم المُقدمة في
هذه المسلسلات.
وقد
عقبتُ على هذا البحث وقلتُ: لا أعلمُ بداءةً لماذا كل هذا التركيز الدرامي على شهر
رمضان المعظم شهر الصوم والقرآن والقيام؛ فما يُقدم في رمضان يمكن توزيعه على
العام كله، وأحمدُ الله أن الدراما الرمضانية في رمضان القادم بسبب عوامل عدة
متعلقة بملكية القنوات التليفزيونية وظروف الإنتاج سوف تتقلص إلى 14 أو 16 مسلسلاً
فقط بدلاً من 34 مسلسلاً في رمضان الماضي.
إن
ما يُنْفَقُ على دراما رمضان من إنتاجٍ وأجورِ فنانين ومصورين ومخرجين ومؤلفين
يُحْسَبُ بملياراتِ الجنيهات في دولةٍ تسعى للتنمية وتبحث عن موطأ قدم على خارطة
العالم المتقدم، يحتم ضرورة البحث في كيفية التغلب على معدلات الفقر، في حين يستفز
بعض الفنانين الشعب بالسيارات الفارهة والأفراح والحفلات الصاخبة وابتعادهم عما
يعانيه الشعب من مشكلاتٍ قد يكون لهم دورٌ فاعلٌ في مواجهتها إن أرادوا ذلك أو
كانوا واعين بالدور المجتمعي للفن والفنانين.
وقلت
إنني لا أعلمُ كيف وجدَ الباحثُ كلَ هذه النسبة المرتفعة (66.6%) من القيم
الإيجابية في المسلسلات التي قام بتحليلها، رغم أنني من خلال متابعتي على استحياء
لبعض الدراما المعروضة في رمضان الماضي وجدتُ قيمًا شائهة لا تليقُ بالشهر الفضيل
تقدمها هذه الدراما؛ فهناك الزوجة التي تخونُ زوجَها مع أقرب أصدقائه، وهناك
الإبنة التي تبيعُ أخيها وتشارك في الزجِ به في السجن من أجل تمكين زوجِها من إرثِ
والدتها، وهناك الزوجة التي لا تتورعُ عن قتلِ زوجها وصبِ ماء النار على جثته
لتتحللَ حتى تُبْعِدَ عن نفسِها شُبْهَةَ قتلِه..!.
ولعل
ارتفاع نسبة القيم الإيجابية في المسلسلات الثلاثة التي قام الباحث بتحليلها يعكس
عدم تمثيل هذه المسلسلات للدراما الرمضانية بشكلٍ عام، كما أن هذه المسلسلات ليست
جميعُها مسلسلاتٍ اجتماعية يمكن رصدُ القيم الدينية والاجتماعية الواردة فيه، حيث
وجدنا أن أحدَ هذه المسلسلات كان مسلسلاً رومانسيًا عاطفيًا والثاني كان مسلسلاً
تشويقيًا، وهما نوعان من المسلسلات التي لا تُلْقِ بالاً للقيم أساسًا، والتي تزخر
بها المسلسلات الاجتماعية التي اقتصرت على مسلسلٍ واحد فقط.
ثالثًا- صورة الموظف الحكومي في الأفلام العربية
وقدمت
الباحثة نجلاء محمد حامد حسن المدرس المساعد بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية
الإعلام جامعة القاهرة بحثًا متميزًا بعنوان: "صورة الموظف الحكومي كما
تعكسها الدراما بقنوات الأفلام العربية"، واستهدف هذا البحث تحليل سمات
وأبعاد وملامح صورة الموظف الحكومي التى تُقدمها الدراما بقنوات الأفلام العربية،
ومعرفة طبيعة هذه الصورة قديمًا وحديثًا من خلال تحليل محتوى الأفلام؛ فتقديم
الدراما بصفةٍ عامة والأفلام العربية بصفةٍ خاصة لهذه المهنة بصورةٍ معينة قد
تنقلها بدقة أو تشوهها وتحرفها، وتكرار تقديم هذه الصور يمكن أن يؤثر على الصورة
الذهنية للمشاهد.
وقد
قامت الباحثة بتحليل عينة عمدية من الأفلام العربية التي تناولت الموظف الحكومى فى
الماضى والحاضر، وقد تم اختيار عينة الدراسة من قناتيْ "سما سينما" باعتبارها
تُقدم الأفلام القديمة وقناة "روتانا سينما" التى تقدم الأفلام الحديثة
لمدة ثلاثة أشهر الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر 2012، حيث بَلَغَ عددُها 30 فيلمًا استغرقَ عرضها وقتًا
قدره 57 ساعة وخمس دقائق.
وقد
توصلت الدراسة إلى جُمْلَةٍ من النتائج المُهمة منها: ارتفاع نسبة ظهور الذكور
كموظفين حكوميين في الأفلام لتبلغ (70.3%) مقابل الإناث (29.7%) ، كما جاءت في مُقدمة
المِهَنِ الحكومية التي قام بها الذكور في الأفلام مهنة "ضابط الشرطة"
أما الإناث فكانت أولى المِهَن مهنة "مُدرسة"، وتم التركيز علي عرض
السمات الإيجابية للموظف الحكومى في الأفلام العربية بنسبةٍ تفوقُ السمات السلبية،
وجاءت مهنة "ضابط الشرطة" فى
مقدمة المِهَنِ التى يقومُ بها الموظفُ الحكومى فى الأفلام بنسبة (33%) يليه
الموظف الإدارى ثم المُدرس، واحتلت صعوبة " قلة التسهيلات التى توفرها بيئة
العمل" المرتبة الأولى بالنسبة لأهم الصُعوبات التى تواجه الموظف الحكومى
يليها "قلة الدخل".
وقد
عقبتُ على هذا البحث وقلتُ: رغم أهمية هذا البحث الذي يأتي في مرحلة نحاول فيها
إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة لإصلاح دولاب العمل الذي يواجه تَرَهُلاً
ومشكلاتٍ جمة، إلا أن الباحثة قد فاتها جانبًا مهمًا للغاية، وهو المقارنة بين
الموظف الحكومي ونظيره في القطاع الخاص، وخاصةً في مجاليْ التسهيلات في بيئة العمل
أو حجم الدخل، والإجابة عن تساؤلٍ مهم: لماذا تقومُ الأفلامُ بترسيخ مبدأ "إن
فاتك الميري اتمرغ ف ترابه" رغم قلة دخل "الميري" وكِبَرِ دخل
العمل الخاص، وهى القضية التي طرقها فيلمٌ قديمٌ مشهور وهو "معلهش يا
زهر" إنتاج عام 1950.
وقد
عجبتُ كذلك من نتيجة أن السماتِ الإيجابية فاقت السماتِ السلبية للموظف الحكومي في
هذه الدراسة رغم أن الواقعَ المُعَاش قد يختلف عن ذلك بدرجةٍ كبيرة، وعللتُ ذلك
بأنه قد تكون العينةُ العشوائية للأفلام خلالَ فترةٍ زمنية معينة هى التي أدت إلى
هذه النتيجة التي لا يُقاسُ عليها ولا يمكنُ تعميمُهَا. وربما لو قُسِمت الفترةُ
الزمنية إلى حِقَبٍ بواقعِ عَقْدٍ (عشر سنوات) لكلِ حِقْبَة مع سحبِ عينةٍ ممثلة
من الأفلام التي تم إنتاجها في هذه الحقبة، فلربما خرجنا بنتائجَ مغايرة يتضحُ
منها بعضٌ من الصورِ السلبية للموظف الحكومي.
رابعًا- الدراما وقضايا الهُوية القومية
من
بين البحوث المهمة التي قمت بالتعليق عليها بحثٌ للدكتورة جيلان عبد اللطيف حمزة
المدرس بقسم الصحافة بكلية الإعلام بالجامعة الحديثة وعنوانه: "أثر تدفق
الدراما الأجنبية على الهوية العربية"، وبحثٌ آخر للباحثة مروة رضوان إبراهيم
شعبان بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وعنوانه: "معالجة
الأفلام السينمائية المصرية والهندية لقضايا الهوية القومية".
واستهدفت
الدراستان التعرف على طبيعة المعالجة الدرامية السينمائية المصرية لقضايا الهوية
القومية من حيث المحتوى الفكري والشكلي الذي تطرحه الأعمال الدرامية المصرية والتي
تقدم في إطار واقع اجتماعي تحكمه محددات ثقافية وقيمية معينة، في إطار مقارن مع
الأفلام السينمائية الهندية التي تحرص على تقديم نمط ثقافي قيمي محدد عن المجتمع
الهندي مما يبرز هويتها فكريا وثقافيا، وهو الأمر المُعين في معرفة قضايا الهوية
القومية التي تركز الدراما المصرية والهندية على معالجتها وما تغفله، والظروف
المجتمعية المؤثرة في توجيه هذه المعالجات الدرامية المصرية والهندية نحوها وبالتالي
تدعيمها دراميًا من عدمه، وأثر تدفق الدراما الأجنبية على الهوية العربية بشكلٍ
عام.
وقد
علقتُ على هاتيْن الدراستيْن وقلتُ إن السينما والدراما من القوة الناعمة المهمة
في الترويج للثقافة والهوية القومية، وأن السينما المصرية كانت تفعل ذلك بنجاح في
زمنٍ مضى، ولكن الواقع الراهن مزرٍ إلى أقصى درجة، فنحن محصورون بين أفلام السُبكي
وأفلام "المهرجانات" وسينما "القزقزة" وسينما البلطجة
والعشوائيات.
وعلى
النقيض من ذلك استطاعت السينما والدراما التركية والهندية والمكسيكية والأمريكية
أن تعكس الثقافة والهوية لبلدانها بشكلٍ أصبح يؤثر علينا نحن العرب والمصريين في
السنوات العشر الأخيرة، كما أصبح الهنود يؤثرون على منطقة الخليج العربي بأكملها،
سواء في الثقافة أو الإعلام أو الموسيقى أو الأكلات المفضلة أو الفندقة أو المراكز
التجارية.
ومنذ
أن تخلت الدولة المصرية عن السينما وهى تعاني أمراضًا تسبب فيها القطاع الخاص
بدايةً من أفلام "المقاولات" وانتهاءً بمرحلة التردي الحالية التي
تشهدها السينما المصرية. نحن في حاجة إلى إحياء "مؤسسة مصر للسينما"
وأفلام التليفزيون الراقية حتى لا نترك جمهورنا وهويتنا في أيدٍ غير أمينة ليس لها
هدفٌ أو مقصد سوى الإسفاف والابتذال جريًا وراء الربح وشباك التذاكر.
إن
تركيا اليوم تقوم بتصدير الدراما التي تنتجها ولاسيما في مجال الدراما التاريخية
والاجتماعية إلى 22 دولة في قارات العالم المختلفة، مع ما تتضمنه هذه الدراما من
تزييفٍ مُتَعَمَد للتاريخ وقيمٍ أخلاقية مشوهة لا تتناسب مع القيم العربية
والإسلامية الأصيلة. لقد تخلت مصر عن مكانتها في الإنتاج السينمائي والدرامي
لتركيا منذ سنوات، ويجب أن تعود مصر إلى مكانتها المفقودة للتأثير والفاعلية
الثقافية في محيطها الإقليمي.
ولم
يهمل المؤتمر قضية الإرهاب حيث عرضت د. ياسمين أحمد علي بحثًا مهمًا
بعنوان"المعالجة الدرامية لقضية الإرهاب في دراما رمضان 2018"، كما قدمت
د. فاطمة أبو الحسن دراسة أخرى عن "الإرهاب في السينما الأمريكية".
خامسًا- توصيات المؤتمر
وفي
ضوء العروض البحثية والمناقشات التي شهدتها كل فاعليات المؤتمر، تم التوصل إلى
جملة من التوصيات المهمة نذكر أهمها فيما يأتي:
1-
التحرك الجاد من جانب المسئولين عن صناعة الدراما،
للتواصل مع القيادة السياسية والمؤسسات السيادية لإعادة وتفعيل دور الدولة في
إصلاح أوضاع صناعة الدراما من خلال:
-
نيل الدعم المباشر من القيادة السياسية.
-
إيجاد مرجعية عليا لصناعة الدراما تتولى وضع السياسات
الإنتاجية بجوانبها المختلفة الكمية والنوعية و الحرفية والرقابية
والتوزيعية والبثية.
-
توفير الدعم المالي لجهات الإنتاج مثلما يحدث مع كافة
المشروعات الإستثمارية.
2-
إذكاء روح العمل الجماعي في المجالات المختلفة لصناعة
الدراما لمواجهة ظاهرتي الإحتكار الإنتاجي والبطولات الفردية، والتوجه نحو الإنتاج
الجماعي والبطولات الجماعية مع العمل على ضبط ظاهرة الكتابة الجماعية أو ماعرف
بورش الكتابة..
3-
بذل الجهود المكثفة لمواجهة سطوة الإعلان على الإعلام،
وضرورة إيجاد الضوابط والوسائل الممكنة
لتحقيق ذلك، من خلال التنسيق والتواصل الفعال بين جهات الإنتاج ووكالات الإعلان
وقنوات البث وجمعيات حماية جمهور المشاهدين والمستمعين، والنقابات الفنية وأجهزة الرقابة.
4-
توجيه مزيدٍ من الاهتمام للإنتاج الدرامي الذي يرسخ قيم
الإنتماء الوطني والمشاركة السياسية، و يدعم ملامح ومقومات الهوية الوطنية
والقومية، ويحسن الصورة الذهنية عن مصر في محيطها العربي، ويُعلي من شأن القواسم
المشتركة بين المجتمعات العربية، ويسهم في مواجهة الآثار السلبية للغزو الثقافي
والتطرف والعنف والتحيز والتمييز، وماتحمله الدراما الأجنبية المترجمة والمدبلجة،
من رسائل بشأن القضايا المسكوت عنها في إنتاجنا الدرامي، لحاسسيتها الخاصة دينيًا
وسياسيًا وأمنيًا.
5-
دعوة المؤسسات التربوية والإجتماعية للتواصل مع وسائل
الإعلام وجهات الإنتاج لتبادل الرؤى بشأن تقييم الإنتاج الدرامي، وتفعيل دور
الدراما في التنشئة الإجتماعية، والإرتقاء بالذوق العام وتحسين جودة الحياة،
والمحافظة على الصورة الذهنية الإيجابية للمرأة، والفئات المهنية ذات الوضعية
الخاصة، كرجال الشرطة والدعاة والمعلمين والموظفين الحكوميين.
6-
مناشدة وسائل الإعلام وجهات الإنتاج الدرامي بضرورة
المتابعة والاستفادة مما تنشره الصحافة الفنية وما تقدمه مواقع التواصل الإجتماعى
من نقد وتقييم لما يُذاع من أعمالٍ درامية، وذلك لتحقيق المواءمة والتوافق مع
متطلبات الجمهور، وما يقبله الذوق الاجتماعي العام.
7-
تكثيف المشاركة الفعالة والتنافسية الجادة بين الأعمال
الدرامية في المهرجانات والمسابقات الدورية والموسمية في مجال صناعة الدراما،
باعتبار ذلك أحد مداخل آليات التطوير والارتقاء بمستوى الأعمال الدرامية، نصًا
وأداءً وإخراجًا وإنتاجًا.
8- مخاطبة وسائل الإعلام المختلفة بضرورة الالتزام بمواثيق الشرف الصادرة في هذا الشأن، التي تُوجب عدم المساس بمنظومة القيم الأخلاقية والثوابت الدينية والأعراف الاجتماعية المستقرة، وتحظر المساس بالأمن القومي للبلاد.