لماذا سحبت الهند الجنسية من 4 ملايين شخص؟
أعلنت السلطات الهندية منذ أيام سحب الجنسية من 4 ملايين
شخص من إحدى ولاياتها الواقعة في جنوب شرقي البلاد، والمتاخمة للحدود مع دولة
بنجلاديش المجاورة وذلك تطبيقاً لقانون يتناول طبيعة الجنسية الهندية.
وقد تناولت العديد من وسائل الإعلام ذلك الإعلان الذي
أثار ضجة كبيرة بين وسائل الإعلام، مما يضيف جديداً لأزمات الأقليات في منطقة جنوب
آسيا، وذلك بالتزامن مع أزمة أخرى هي أزمة الروهينجا في دولة ميانمار المجاورة،
والتي ألقت بظلالها كذلك على دولة بنجلاديش التي باتت هنا محط الأنظار لمواجهتها
مشكلة الروهينجا من ناحية وبروز ضرورة تعاملها مع مشكلة ناشئة، إن تفاقمت في
المستقبل. ومن ناحية أخرى، سنحاول هنا تسليط الضوء خلال الأسطر القادمة على طبيعة
أسباب صدور هذا القرار.
ولاية
آسام الهندية
تضم منطقة شمال شرق الهند التي تربطها حدود
مع الصين وبنجلاديش وميانمار وبوتان أكثرمن 200 مجموعة عرقية، ولا تزال تعاني منذ
فنترة طويلة من انتشار حركات انفصالية مذ أن استقلت الهند عن بريطانيا في عام
1947.
وتقع ولاية آسام الهندية في شمال شرقي البلاد
إلى الحدود مع بنجلاديش، كما تقع دولة ميانمار شرقي الولاية. ويبلغ عدد سكان ولاية
آسام 33 مليونوتعرف بانتاجها للشاي. ويتمركز العديد من سكان الولاية في السهول
الجنوبية لها، ويتكون أغلب سكانها من الريفيين، بينما يشكل سكان الحضر نسبة ضئيلة
للغاية.
ويرجع أغلب سكان الولاية إلى أصول هندية
أوروبية، بينما ينتمي جزءٌ آخر إلى الأصول المغولية الصينية. وتننشر اللغة
البنغالية والأسامية والبورمية في الولاية. أما من الناحية الدينية، فأكثرية
السكان يدينون بالهندوسية، أما المسلمون فهم نسبة أقل بالولاية.
مشاعر
معادية للمسلمين في الولاية
تطورت
بين قبائل الهندوس في السنوات الأخيرة في ولاية آسام مشاعر مناهضة للمهاجرين وللمسلمين،
وخاصة القادمين من بنجلادش. تطورت هذه المشاعر المعادية خلال العقود الماضية إلى اشتباكات
بين قبائل تُدعى "البودو"مع القادمين من بنجلاديش أو ما يطلق عليهم
"البنغال" نتج عنها حوادث خطيرة وضحايا بأعداد ليست بالقليلة، حيث أنه،
وعلى سبيل المثال، قد قتل حوالي2000 شخص معظمهم من المسلمين في أعمال شغب في الولاية
في العقود القليلة الماضية، وتحديداً خلال 30 عاماً مضت.
وعليه، فقد نشأت ما بين قبيلة بودو بولاية آسام والمسلمين
القادمين من بنجلاديش خلال السنوات الماضية علاقات متوترة للغاية، حيث إن بودو
تنظر إليهم على أنهم ليسوا من أبناء الولاية، وذلك على الرغم من أن المسلمين
يؤكدون أن أتوا للولاية أثناء الاحتلال البريطاني.
صدامات
ما بين البودو والمسلمين بولاية آسام الحدودية
§
وقعت أولى الاشتباكات بين البودو والمسلمين عام 1952،
وذلك عندما بدأ المسلمون القدوم إلى مناطق بالولاية.
§
قتل عام 1983 حوالي 2000 شخص كان أغلبهم من المهاجرين من
دولة بنجلادش.
§
عام 2008، لقى أكثرمن 50 شخص مصرعه في اشتباكات وقعت بين
قبائل بودو ومسلمين في إحدى المناطق المتاخمة لبنجلاديش.
§
وقعت في الفترة ما بين عاميّ 1991 إلى 1994 عدد من
الصدامات ما بين الطرفين أدت لأن يغادر بعض المسلمين منازلهم.
القانون
الهندي الجديد الخاص بسكان آسام
قامت السلطات الهندية مؤخراً بإصدار قائمة إحصاء سكاني سيفقد
تباعاً لها نحو4 ملايين شخص في ولاية آسام شرق الهند جنسياتهم. وطبقاً لهذه
القائمة، فإن هناك ملايين الأشخاص باتوا مطالبين بإثبات قدومهم إلى الولاية قبل عام
1971. وحددت الهند هذا التاريخ تحديداً؛ لأنه العام الذي تأسست فيه دولت بنجلاديش.
وتهدف هذه العملية إلى التحقيق في هجرة الكثيرين من بنجلاديش إلى الهند، وخاصة
ولاية آسام الشرقية، خلال العقود الماضية.
حيث إن السلطات والمسؤولين الهنود في ولاية آسام
يقولون أن أفراداً بنغال يختبئون بين
السكان المحليين في الولاية ولا يحملون أوراق ثبوت حقيقية، ترى السلطات أن فحص هذه
الأوراق هي الطريقة الوحيدة لاكتشاف حقيقتهم.
إلا أن السلطات الهندية أكدت أن ما يتم تداوله حول
احتجاز أو ترحيل أفراد من ولاية آسام لا صحة وأنه لن يكون هنالك إبعاد لأي شخص،
مؤكدة أن عملية التحقيق القضائي في ذلك ستأخذ وقتها، ولك تجنباً لاندلاع أية أعمال
عنف جرّاء ذلك.
وبناءاً على ذلك، يرى البنغال أن القانون الجديد
يستهدفهم هم، وهو ما تنفيه حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، قائلة إن
إجراءاتها قانونية.
النتيجة
المتوقعة للقانون الجديد
وكانت
رئيسة الوزراء الهندية الأسبق "رجايف غاندي" قد وقّعت في العام 1985
اتفاقاً سُمّي باسم الولاية من المقرر أن تحذف طبقاً له اسماء الأشخاص الذين لم
يستطعوا تقديم ما يثبت سكنهم للولاية قبل تاريخ 24 مارس 1971. ويُقدر تعداد هؤلاء بحوالي 4 ملايين نسمة معظمهم من
المسلمين.
وعلى الجانب الآخر، تشير بعض التقارير إلى أن هذه الضجة المثارة لا تهدف إلا لحشد الهندوس إلى دعم حزب رئيس الوزراء الهندي الحالي مودي، بهاراتا جاناتا، قبيل الانتخابات العامة المقبلة، مشيرين إلى أن الحكومة الهندية لم تتخذ حتى الآن إجراءات من أجل إبعاد المشمولين بهذا القرار الجديد.