مفاوضات روسية إسرائيلية سرية: الحكومة السورية تتمدد إلى الجنوب
مقالٌ للكاتب والصحفي الإيراني
"شهاب شهسواري" في صحيفة "اعتماد" الناطقة باللغة الفارسية
بعددها الصادر في 31 مايو 2018
في ظل ما أطلقته موسكو مؤخراً من
تصريحات بضرورة خروج كل القوات الأجنبية من الأراضي السورية، والتي من بينها
القوات الإيرانية أو المدعومة من إيران، سلّطت وسائل الإعلام الإيرانية الضوء
كثيراً على هذه القضية. حيث انتقدت هذه الوسائل، التي من بينها الصحف الصادرة
باللغة الفارسية، التصريحات الروسية مسشتهدة بما قاله مسؤولون عسكريون إيرانيون من
بقاء القوات الإيرانية داخل الأراضي السورية "طالما كانت بطلب من الحكومة
والشعب السوري!".
وفي هذا المقال المترجم عن صحيفة
"اعتماد" الإصلاحية، نعرض مقالاً للكاتب الإيراني "شهاب
شهسوارى" لا ينتقد فيه التصريحات الروسية فحسب، بل يضيف إلى ذلك فحوى تعاون
بين موسكو ودول وكيانات أخرى لمحاولة استعادة دور الجيش السوري داخل أراضيه
والتأثير على النفوذ الإيراني داخل الأراضي السورية، وهذا هو ما جاء بالمقال:
أعلن المسؤولون الروس خلال الأسبوعين
الماضيين رغبتهم في انسحاب كل القوات الأجنبية الخارجية من الأراضي السورية في
الجنوب والجنوب الغربي للبلاد. وقادت هذه التصريحات من جانب آخرَ إلى إثارة
القلاقل المختلفة حول تطورات الأوضاع على الحدود السورية الأردنية وكذلك في
الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنطقة الجولان، وكذلك حول قضية خروج القوات الأمريكية
من الأراضي السورية وكذلك المدعومة من إيران.
وأعلنت موسكو سعيها لتهيئة
الأوضاع من أجل استعادة الجيش السوري سيطرته على الحدود مع الأردن والأراضي
الفلسطينية المحتلة وكذلك مد سيطرة الجيش السوري على الأراضي الواقعة في جنوب
وجنوب غربي البلاد بالتزامن مع إيقاف الدعم الخارجي للجماعات المسلحة. وكانت
الولايات المتحدة الأمريكية والأردن وروسيا قد أعلنوا عن اتفاق العام الماضي يقضي
بتحويل مناطق القنيطرة و درعا والسويداء، التي تقع في أقصى الجنوب السوري، إلى
مناطق "خفض التصعيد".
وطبقاً لهذا الاتفاق، الذي أعلنت
نتائجه المثمرة قبيل بدء عملية آستانة بين تركيا و إيران وروسيا بوصفه راعياً لوقف
إطلاق النار في مناطقَ بسوريا، فإن الأردن والولايات المتحدة وروسيا باتوا ضامنين
لعملية وقف إطلاق النار في هذه المناطق الثلاث المذكورة. وتُعد مدينة القنيطرة،
التي تشكل مرتفعات الجولان المحتلة الجزء الأكبر منها، أهمية خاصة للاحتلال
الإسرائيلي من الناحية الاستراتيجية.
ولهذا السبب، عبّر الإسرائيليون
أكثر من مرة، في تصريحاتهم العلنية ومفاوضاتهم غير المعلنة، عن قلقهم من اقتراب
القوات المدعومة من إيران وحزب الله اللبناني من المناطق القريبة من مرتفعات
الجولان المحتلة على الحدود السورية. حتى إن الإسرائيليين قد طرحوا أكثر من مرة
هذه القضية في محادثاتهم مع المسؤولين الروس، والتي كان من بينها إبعاد القوات
والعناصر المدعومة إيرانياً من المناطق التي تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي. وكانت
هذه القضية من بين القضايا التي تحدث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو خلال زيارته إلى موسكو خلال الشهر الماضي.
وتقول وسائل الإعلام الإخبارية إن
روسيا قَبِلت هذا الطلب الإسرائيلي في مفاوضاتها غير المعلنة. وتقول إحدى الوسائل
الإعلامية الإسرائيلية إن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، ونظيره الإسرائيلي،
افيجدور ليبرمان، قد توصّلوا إلى اتفاق نهائي حول عقد صفقة تقبل بحضور وسيطرة قوات
الجيش السوري على المناطق المحاذية للاحتلال الإسرائيلي ولكن بشرط ضمان خروج كل القوى
الإيرانية من هذه المنطقة.
احتمال
انسحاب الولايات المتحدة من قاعدة التنف
أشارت صحيفة الشرق الأوسط في
عددها الصادر يوم الأحد قبل الماضي إلى احتمالية انسحاب موافقة القوات العسكرية
الأمريكية على الانسحاب من قاعدة التنف الواقعة في جنوب شرقي سوريا. وطبقاً لما
ذكرته الصحيفة، فإن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ديفيد ساترفيلد، يعمل،
طبقاً لاقتراح تقدم، على انسحاب كل القوات الأجنبية من مسافة تتراوح من 20 إلى 25
كيلومتر على الحدود مع الأردن.
وبناءً على ذلك، سوف يتم فتح
المعابر الحدودية ما بين الأردن وإسرائيل في هذه التي يقع 70% منها في الوقت
الحالي تحت سيطرة المجموعات المسلحة. وينص هذا المقترح كذلك على تنفيذ عملية إخلاء
محافظة درعا من الميليشيات المسلحة من قِبل القوات الأمريكية ونقلهم الآمن إلى
إدلب في شمال سوريا والذي سيتم طبقاً له، كما كتبت صحيفة الشرق الأوسط، فإنه من
الممكن كذلك أن يتم إخلاء القاعدة الأمريكية المثيرة للجدل في الصحراء الواقعة ما
على الحدود العراقية الأردنية.
وأضافت جريدة الشرق
الأوسط أن إعداد هذا الاقتراح هو واحدٌ من آخر الأعمال التي يتولاها ساترفيلد قبل
تغييره وإرساله إلى تركيا سفيراً لبلاده فيها.
لقد انتقدت موسكو عدة مرات الحضور
العسكري الأمريكي في قاعدة التنسف السورية إلى أن قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي
لافروف، "من وجهة نظري، ليس هناك أي مبرر منطقي لبقاء القوات الأمريكية في
قاعدة التنف". لقد تحوّلت قاعدة التنف، التي تأسست في البداية مركزاً لتدريب
الجماعات المسلحة المعارضة على يد القوات الأمريكية، خلال العام الماضي إلى نقطة
استراتيجية في خطة الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على نفوذ إيران في سوريا.
كتبت صحيفة واشنطن بوست منذ أسبوعين
في تقرير لها أن هذه القاعدة العسكرية هي "مقياس تصميم الولايات المتحدة
لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا" ووصفتها بأنها أهم قاعدة استراتيجية
للتصدي لدعم إيران للقوات الموالية لها في سوريا. ومن ناحيتها، تقول واشنطن إنها ترغب
من خلال الحفاظ على هذه القاعدة العسكرية في أن تسيطر على عملية عبور وتمرير
الأسلحة إلى القوات الموالية لإيران في سوريا عن طريق الأراضي العراقية.
الجنوب بعد العاصمة
بعد الانتهاء من عمليات تحرير
الغوطة الشرقية في دمشق من أيدي المسلحين وبعد طرد ما تبقّى من عناصر تنظيم "داعش"
الإرهابي من جنوبي العاصمة دمشق، باتت المحافظات الجنوبية في سوريا هي الهدف
القادم للحكومة السورية من أجل استعادة وإحياء السيطرة المركزية على الأراضي
السورية.
فخلال
الأيام الماضية، تحدّثت وسائل إعلام المعارضة السورية عن تأهّب الجيش السوري من
أجل بدء عملياته في محافظة درعا. وطبقاً للوسائل الإعلامية السورية، فإن طائرات
الجيش قد قامت بإلقاء منشورات على أهالي المدن السورية الجنوبية تحذّرهم من
التعاون مع الجماعات المسلحة وتعدهم باقتراب تحرير هذه المناطق.
ولفت هذه التطورات من جانب آخر
أنظار الولايات المتحدة الأمريكية التي قالت المتحدثة باسم وزارة خارجيتها بلهجة
تحذيرية الأسبوع الماضي "إن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخذ رداً حاسماً
ومناسباً في حالة انتهاك وقف إطلاق النار من جانب الجيش السوري، وذلك بصفتها
الضامن الأساسي له في منطقة خفض التصعيد".
ومن ناحية أخرى، أبرزت تقارير
جديدة أنه في حالة الاتفاق النهائي ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والأردن
وروسيا وإسرائيل فإن احتمالية تحرير هذه المناطق المذكورة من الجماعات المسلحة
بدون اللجوء إلى الحرب باتت أمراً وارداً. ومن ناحية أخرى، قال موقع
"المصادر" الإخباري إن الأردن بوصفه واحداً من مضيفي اللاجئين السوريين،
الذي تضرر اقتصاده بسبب التكلفة الكبيرة المنفقة على اللاجئين السوريين وكذلك بسبب
غلق المعابر التجارية مع سوريا، قد رحّب باستعادة الحكومة السورية للسيطرة على
الحدود.