حرب الفساد والفضائح: نظرة على الانتخابات الأمريكية
تدخل حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية مرحلتها الأخيرة فى الأيام، إن لم تكن الساعات القليلة المتبقية. فمن المقرر إجراء هذه الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل، وهى انتخابات غير مسبوقة شهدت مراحل تطور شديدة الإثارة كان باديًا، بل ومؤكدًا، أن المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون هى الأرجح شعبيًا، والأجدر على الحكم، وخاصة عبر ثلاث جولات من المناظرات، رغم ذلك يبدو أن انقلابًا مثيرًا فى الموازين أخذ يفرض نفسه، لصالح دونالد ترامب، بعد صدمة تقرير رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالى (إف.بى.آى) الذى أعلن فيه إعادة تحريك قضية بريد هيلارى كلينتون الخاص، وهى القضية التى كان ترامب شديد الحرص على إبرازها فى صدارة ما يعتبره عوامل ضعف لا تؤهل المرشحة الديمقراطية لتولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا
التحول الحادث فى توازن التصويت الذى أخذ يفرض نفسه على الحملة الانتخابية نتيجة
ترويج حملة ترامب واستغلالها لموضوع إعادة فتح التحقيق فى قضية البريد الإلكترونى،
ليس مصدر الاستياء الأول الذى جعل الكثير من المراقبين يعتقدون أن النظام السياسى
الأمريكى يواجه أزمة حقيقية، حيث إن المرشحين الديمقراطية هيلارى كلينتون
والجمهورى دونالد ترامب ليسا على جدارة الاستحقاق بالترشيح لمنصب أقوى دولة فى
العالم، بل إن هناك من يقول إن الحزبين الكبيرين المتنافسين الجمهورى والديمقراطى
أخرجا أسوأ ما فيهما على سطح المنافسة على أهم منصب سياسى أمريكى، وإن أيًا من
المرشحين ليسا جديرين بأن يكون واحد منهما رئيسًا للولايات المتحدة، ولعل فى تحدى
دونالد ترامب للنتائج الانتخابية وتأكيده أن هذه الانتخابات يجرى تزويرها عادة
تضيف تأكيدًا آخر على الأزمة الحقيقية التى تواجه النظام السياسى الأمريكى الذى
تحول إلى «حكم أوليجاركى» ـ حكم الأقلية الغنية ـ ولم يعد حكمًا ديمقراطيًا، ويكفى
أن يكون الملياردير دونالد ترامب هو المرشح الرئاسى للحزب الجمهورى.
مراحل انتخابية عصيبة
قبل
أن تجرى المناظرة الانتخابية الأولى بين مرشحى الرئاسة الأمريكية هيلارى كلينتون
مرشحة الحزب الديمقراطى، ودونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى يوم الثلاثاء
٢٧/٩/٢٠١٦، كانت معظم الاستطلاعات تظهر سباقًا متلاحقًا بين ترامب وكلينتون، وكان
الاعتقاد لدى معظم المراقبين، أن هذه المناظرة الأولى سوف تذيب هذا التعادل وربما
تحسم مصير الانتخابات، وإن كان الاعتقاد الأغلب كان يرجح تفوق ترامب بجدارة على
ضوء حملة تشويه متعمدة شاركت فيها أجهزة رسمية حكومية، وصلت إلى درجة اتهامها من
«مكتب التحقيقات الفيدرالي» (إف. بي. آي) بأنها «تعانى من فقدان الذاكرة»، وإلى
درجة الترويج لمعلومات منسوبة إلى قادة كبار فى الحزب الديمقراطى تقول إن «الوعكة
الصحية التى كانت قد تعرضت لها هيلارى كلينتون قبل أسبوعين تقريبًا من إجراء تلك
المناظرة، قد تدفع بالحزب إلى البحث عن مرشح رئاسى بديل لها».
نشر
مكتب التحقيقات الفيدرالى تقريرًا محرجًا لمرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون،
يتعلق بتحقيق بالغ الحساسية أجرته الوكالة فى قضية استخدامها بريدها الإلكترونى
الخاص فى مراسلاتها المهنية عندما كانت وزيرة للخارجية.
وكانت
كلينتون قد أقرت بأنها ارتكبت «خطأ» باستخدامها بريدًا إلكترونيًا خاصًا فى
المراسلات المتعلقة بعملها حين كانت وزيرة للخارجية.
كما
أفاد التقرير بأن «كلينتون كانت قد تعرضت فى ديسمبر ٢٠١٢ لارتجاج دماغي» مشيرا إلى
أنها «كانت تعانى قبيل عيد رأس السنة من تجلط دموى فى الدماغ».
وقد
تلقفت حملة ترامب هذا التقرير وحرصت على توظيفه لصالحه بالتشكيك فى قدرات كلينتون
على تولى رئاسة الجمهورية على نحو ما جاء على لسان بول رايان رئيس مجلس النواب ـ
جمهوري، بأن هذه الوثائق «تثبت عدم إدانة هيلارى جنائيًا»، واصفًا الأمر بـ
«الانتهاك للقانون»، كما شكك رينس بريبس رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهورى، بصلاحية
كلينتون لتولى منصب الرئاسة، مشيرا إلى أن «الملخص الذى كشف عنه الـ «إف. بي. آي»
حول مقابلة هيلارى مع المحققين فى واقعة استخدامها بريدها الإلكترونى الخاص فى
تعاملاتها المهنية، يعد بمثابة اتهام خطير لأمانة هيلارى وقدرتها على الحكم».
وجاءت
تعليقات قادة الحزب الديمقراطى على الوعكة الصحية الطارئة التى تعرضت لها هيلارى
خلال مشاركتها فى مراسم إحياء ذكرى اعتداءات ١١ سبتمبر فى نيويورك، واضطرتها إلى
مغادرة الاحتفال، وإعلان حملتها بعد ذلك أنها تعانى من «التهاب رئوي» لتخدم حملة
ترامب هى الأخرى، حيث تسرع بعض هؤلاء القادة فى اقتراح مرشحين بدلاء محتملين
لكلينتون، على نحو ما فعل حاكم أوهايو السابق ـ ديمقراطي، تيد ستريكلاند باقتراح
تقديم المرشح لمنصب نائب الرئيس تيم كاين كمرشح بديل، باعتبار أنه جاهز للمهمة، فى
حين عرضت شبكات إعلامية أسماء كل من السيناتور برنى ساندرز، ونائب الرئيس الحالى
جون بايدن، والسيناتور عن ولاية ماساتشوستش إليزابيث وورن كمرشحين مرجحين بدلاء
لهيلارى كلينتون.
هذه
الحملة بقدر ما نالت من فرص هيلارى كلينتون، بقدر ما أعطت للمناظرة أهمية خاصة
وفائقة، باعتبار أنها ستكون الكلمة الفاصلة والحاسمة فى تقديم مؤشرات قوية على من
سيكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
من
هنا كان التركيز منصبًا فى أغلبه على هيلارى كلينتون، التى استطاعت ببراعة أن تقلب
كل الموازين، وأن تكون كفتها الراجحة بالفوز فى هذه المناظرة، وفى ذات الوقت إغلاق
كل أبواب النيل منها من منظور وضعها الصحى، حيث بدت خلال المناظرة قوية ورشيقة
ومتألقة ومتوازنة وغير متلعثمة.
كانت
بكل المعايير الأكثر توفيقًا على غريمها دونالد ترامب الذى انشغل بالحديث عن نفسه
كثيرًا بدلًا من أن يركز ضرباته على نقاط ضعف الخصم.
فقد
استطاعت هيلارى إظهار خبرتها كمحامية وسيدة أولى سابقة وعضو مجلس شيوخ ووزيرة
للخارجية. كما أظهرت، خلال المناظرة، قدرًا كبيرًا من ضبط النفس والقدرة على
مهاجمة خصمها، وكانت لها اليد العليا فى النقاش، بينما تقاعس ترامب عن توجيه ضربات
حاسمة لها، خاصة فى مسائل تعد نقاط ضعف قوية بالنسبة لها مثل فضيحة استخدام بريدها
الإلكترونى الخاص فى مراسلاتها المهنية كوزيرة للخارجية، والاعتداء الذى وقع على
القنصلية الأمريكية فى مدينة بنغازى الليبية ومقتل السفير الأمريكى ومعه أربعة
دبلوماسيين فى هذا الاعتداء عندما كانت وزيرة للخارجية، والتبرعات التى تلقتها
مؤسسة كلينتون الخيرية، فقد انشغل ترامب فى الحديث عن نفسه كرجل ناجح وقادر على
النجاح، على العكس مما فعلت كلينتون التى ركزت على كشف فضائحه ونقاط ضعفه، خاصة
عنصريته ضد السود فى قضية ترويجه لـ «كذبة عنصرية» مفادها أن الرئيس باراك أوباما
كأول رئيس أمريكى أسود لم يولد فى الولايات المتحدة، الأمر الذى دفع البيت الأبيض
إلى نشرها شهادة ميلاد أوباما فى عام ٢٠١١ التى أكدت ميلاده فى هاواى الأمريكية.
كما
سخرت كلينتون من مواقف ترامب المسيئة للنساء، وبرفضه المساواة فى الأجور بين
النساء والرجال، واتهمته بأنه «يعيش فى عالمه الخاص».
برغم
هذا كله فإن هذه المناظرة لم تستطع الإجابة على السؤال الأساسي: من سيفوز فى
الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو على الأقل لم تكشف كم ستؤثر هذه المواجهة على
نتائج تلك الانتخابات.
وفضلًا
عن ذلك فقد كشفت عن حقيقتين مهمتين بل ومحوريتين فى الانتخابات الرئاسية
الأمريكية؛ الحقيقة الأولى هى تعمد منظمى هذه المناظرة بالاتفاق مع الطرفين
المتنافسين فيها تجنب الحديث من قريب أو بعيد عن السؤال الذى يعد محور إدارة
السياسة الخارجية الأمريكية وهو: كيف يرى المرشحان شكل العالم ووزن الولايات
المتحدة الأمريكية فيه؟. فهذه هى الحقيقة التى يبدو أنهم جميعًا قد اتفقوا على أن
تبقى غائبة، أو هى بالأحرى الحقيقة الغائبة عمدًا عن الوعى الشعبى الأمريكى الذى
يقدرون له أن يبقى أسير وهم أن بلاده ما زالت هى القوة الأعظم الأحادية فى العالم.
أما
الحقيقة الثانية فهى أن الكيان الصهيونى هو الثابت الوحيد، على الأرجح، فى المصالح
الحاكمة للسياسة الخارجية الأمريكية.
لم
تحسم المناظرة سؤال: من سيفوز؟ فى ظل حقيقة أخرى هى أن معظم الناخبين معادون
للمرشحين الاثنين، والأصوات الطائشة لا تتراوح بين اختيار واختيار بل بين رفض
ورفض.
يمقتون
كلينتون لأنها سياسية، فهى بالنسبة للناخب العادى هى «واشنطن المكروهة» ويمقتون
ترامب لأنه فظ الروح، عنصرى ويكره النساء، ولأنه غير أهل للمنصب على نحو ظاهر.
غياب المرشح المبهر أفسد على المناظرة رونقها، وفوت فرصة حسم المنازلة، علاوة على
أن المناظرة هى مجرد أداة تسويق ليس الهدف منها هو الانتصار بل تجنيد المزيد من
الزبائن، ونقل الناخبين من معسكر مرشح إلى معسكر المرشح الآخر المضاد، وإقناع
الناخبين غير المكترثين بأهمية التوجه إلى صندوق الاقتراع، ورفع حماسة النشطاء.
نجحت
المناظرة بدرجة ما فى هذا، لكنها لم تحسم المسار المتوقع لنتائج الانتخابات، وإن
كانت قد كشفت لكل من المرشحين قدرات ونقاط ضعف المنافس وتركت فرص الحسم، ربما،
للمناظرتين القادمتين. هذه المناظرة التى أدارها ليستر هولت المذيع بقناة «إن. بي.
سي. نيوز» ركزت بالأساس على ثلاثة مواضيع رئيسية هي: حماية أمريكا، وتوجهات
السياسة الخارجية الأمريكية بين منظور التدخل أم الانكماش فى الأزمات، وكيفية
تحقيق الازدهار الأمريكى وإيجاد المزيد من الوظائف، وتحقيق الأمن الأمريكى والحرب
ضد الإرهاب، لكنها لم تشأ أن تتطرق إلى مناقشة المكانة الأمريكية الراهنة فى
العالم فى ظل تطورات مهمة تحدث فى توازن القوى العالمي. فعلى ما يبدو أن «الخيال
الأمريكى ما زال من الصعب عليه أن يفكر فى أى نظرة أخرى للعالم لا تكون فيها
الولايات المتحدة هى القوة الوحيدة، أو الأولي، الملهمة والمهيمنة على العالم»،
لكن كانت «إسرائيل» هى الأبرز حضورًا، قبل وأثناء المناظرة.
تسابق
المرشحين على لقاء بنيامين نتنياهو أثناء مشاركته فى اجتماعات الجمعية العامة
للأمم المتحدة الشهر الفائت فى نيويورك جعل الإسرائيليين يعتقدون أنه إذا أفلح أى
من المرشحين، بعد فوزه، فى تحقيق جزء من الوعود التى أغدقها على نتنياهو، فإن
العلاقات بين الدولتين ستشهد اندفاعة كبيرة مقارنة بما شهدته العلاقات فى عهد
أوباما.
تشكيك في نزاهة الانتخابات أم نزاهة النظام؟
جاءت
المناظرتان الثانية والثالثة أيضًا فى صالح هيلارى كلينتون خصوصًا بعد انكشاف
المزيد من الفضائح الجنسية للمرشح الجمهورى دونالد ترامب، وبات شبه مؤكد أنه خاسر
لا محالة، الأمر الذى دفعه لتحدى الجميع وإعلانه أنه لن يلتزم بنتائج الانتخابات
التى سيعلن عنها، لأنها مثل غيرها انتخابات مزورة وغير نزيهة. خلال اليومين
السابقين لتلك المناظرة تحدث دونالد ترامب بإسهاب حول نظرية المؤامرة وتزوير نتيجة
الانتخابات. استفادت هيلارى كلينتون من هذا التصريح وقالت: إن تصريحات ترامب
مرعبة.
وحاول
كبار القادة الجمهوريين وأركان حكومته احتواء هذا الخطأ وأكدوا أنهم سوف يقبلون
بنتائج الانتخابات أيًا كانت. ترامب تعمد عدم مصافحة هيلارى كلينتون فى بداية هذه
المناظرة الثالثة ولا فى نهايتها، وكان على يقين أنه سوف يكسب هذه المناظرة لأنه
أكثر استعدادًا لطرح قضايا جوهرية وأفكار قوية تهم القاعدة الانتخابية المحافظة،
خاصة حول الإجهاض وحيازة الأسلحة والهجرة، لكنه نسف كل ذلك برفض قبول نتيجة
الاقتراع ما يعد خرقًا لأهم التقاليد الديمقراطية. قال ترامب: «سأنظر فى هزيمتى
إذا حصلت.. أريد أن أشوقكم». وأشار إلى أن ملايين الأشخاص مسجلون بلا وجه حق على
اللوائح الانتخابية. لذا أقول إن الانتخابات مزورة منذ الآن، كما لا يجب أن يسمح
لكلينتون بأن تصبح مرشحة، بسبب مخالفات رسائل بريدها الإلكترونى وأمور أخرى كثيرة.
وخلال
هذه المناظرة أيضًا نفى ترامب الاتهامات الأخيرة التى كانت قد وجهها إليه نساء
بالتحرش بهن جنسيًا، وقال «جرى تكذيب هذه الروايات على نطاق واسع، وأنا لا أعرف
هؤلاء النساء، وأشك فى طريقة ظهورهن»، وزاد على ذلك بأن كلينتون «امرأة شريرة
حضتهن على الكلام ونسج قصص من الخيال». ودخلت المناظرة معتركًا أكثر فداحة عندما
خاطب ترامب منافسته هيلارى كلينتون قائلًا إن «بوتين لا يحترمك» فردت عليه قائلة
«هذا لأنه يفضل دمية على رأس الولايات المتحدة».
كلينتون
لم تفوت فرصة خطيئة ترامب بحق الانتخابات الديمقراطية واعتبرت أنه «يحط من قدر
ديمقراطيتنا ويشوهها.. يفزعنى أن يتخد مرشح أحد حزبينا الرئيسيين موقفًا مماثلًا،
وللأسف حين يرى دونالد ترامب أن الأمور لا تسير فى مصلحته يعلن أن كل شىء مزور
ضده».
انقلاب الموازين والمأزق الصعب
انتهت
تلك المناظرة بفوز ساحق لهيلارى كلينتون، وكان كل شىء يسير فى صالحها، إلي أن وقعت
المفاجأة «الصدمة» التى فجرها جيمس كومى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف . بي.
آي) بفتح تحقيق فى رسائل إلكترونية تخص «هوما عابدين» مساعدة كلينتون، والتى أعادت
الجدل بشأن استخدام المرشحة الديمقراطية بريدها الإلكترونى الخاص لبعث رسائل رسمية
خلال توليها منصب وزيرة الخارجية بين عامى ٢٠٠٩- ٢٠١٣.
وكان
مكتب التحقيقات الفيدرالى قد أغلق التحقيق بشأن رسائل البريد الإلكترونى الخاص
بالمرشحة الديمقراطية فى يوليو الماضي، وقرر عدم توجيه تهم جنائية لكلينتون
مكتفيًا باتهامها بـ «الإهمال البالغ».
الجديد
فى الأمر هذه المرة التى دفعت جيمس كومى إلى إعلام الكونجرس بإعادة فتح التحقيق،
ترجع إلى تطورات فى تحقيق منفصل حول عضو الكونجرس السابق أنتونى وينر، وهو زوج
«هوما عابدين» مساعدة هيلارى كلينتون، وكان قد تم طرده من الكونجرس بعد فضيحة
قيامه بتبادل رسائل جنسية مع فتاة قاصر تبلغ من العمر ١٥ عامًا.
وكشفت
مصادر مكتب التحقيقات الفيدرالية أنه خلال فحص وثائق التحقيق حول أنتونى وينر وجد
المحققون أربعة أجهزة إلكترونية وكمبيوتر استخدمها كل من وينر وزوجته «هوما
عابدين»، وعثر فيها على رسائل بريد إلكترونى تتعلق بوزيرة الخارجية الأمريكية
السابقة هيلارى كلينتون. وأن المكتب شرع فى البحث فيما إذا كانت أى من رسائل
البريد الإلكترونى المكتشفة حديثًا لها تأثير على التحقيقات بشأن الرسائل البريدية
لهيلارى كلينتون أم لا.
أثارت
هذه المفاجأة صدمة لدى حملة هيلارى كلينتون وأيضًا لدى الكونجرس والبيت الأبيض
وعموم جمهور الناخبين خاصة الديمقراطيين منهم، حيث أشار مسئولو البيت الأبيض
والخارجية الأمريكية إلي أنهم سمعوا الخبر من التقارير الإعلامية والصحافة، وساند وزراء
عدل سابقون جمهوريين وديمقراطيين بينهم أريك هولدر وألبرتو جونزاليس المرشحة
الديمقراطية هيلارى كلينتون عبر انتقادهم جيمس كومي، واعتبارهم أنه «أخطأ وكسر
البروتوكول بإبلاغه الكونجرس عن تحقيق لم تكتمل معلوماته وقد يؤثر فى عملية
التصويت».
الجمهوريون
لم يستطيعوا إخفاء سعادتهم بالمفاجأة غير المنتظرة فى مجرى السباق الانتخابي،
وحرصوا على توظيفها لصالح ترامب الذى خرج بعد دقائق من إعلان إعادة فتح التحقيق
منتشيًا وسعيدًا، وهو يلقى الخبر على مناصريه من خلال تجمع انتخابي، وقال إن «فساد
كلينتون غير مسبوق، وعلينا ألا ندعها تأخذ هذا الفساد إلى البيت الأبيض»، وقال
أيضًا «لدى ثقة أن الأجهزة الأمنية الآن لديها شجاعة لتصحيح الخطأ الذى تم ارتكابه
وإعادة الثقة للأمريكيين». ووصف قرار إعادة التحقيق فى رسائل هيلارى الإلكترونية
بأنها «أكبر فضيحة سياسية بعد فضيحة ووترجيت».
الديمقراطيون
يحاولون احتواء «المفاجأة.. الصدمة» لكن أيًا كانت النتائج فإن ما قاله ترامب عن
دخول الفساد إلى البيت الأبيض بات حقيقة سواء من دخل هذا البيت هو المرشحة
الديمقراطية أو المرشح الجمهوري، والأمر المؤكد أن النظام الديمقراطى الأمريكى
أضحى فى مأزق حققي، وأن الديمقراطية الأمريكية لم تعد لها علاقة بحقوق الشعب
الأمريكى المهدرة فى العدالة الاجتماعية والحرية الحقيقية.