الفهم الخاطئ: إسرائيل والسلام.. والمسيرة الكاذبة
السبت 03/أكتوبر/2015 - 10:48 ص
د. محمد السعيد إدريس
نقلت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية عن الرئيس عبد الفتاح السيسي مطالبته بـ "توسيع اتفاقية السلام المصرية مع إسرائيل لتضم دولًا عربية جديدة" في إطار جهود حل القضية الفلسطينية، وسرعان ما تناقلت صحف عالمية وأخرى عربية، وللأسف صحف مصرية أيضًا هذا التصريح المبتور والمشوه والذي لا يعكس جوهر ما أراد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يقوله في حواره مع هذه الوكالة، وهو الحديث الذي ركز بالأساس على ثلاث قضايا؛ أولها، الدعوة إلى تفعيل مسيرة السلام لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وتوسيع دائرة الحرب العالمية على الإرهاب، وأخيرًا الحل السلمي للأزمة السورية الذي يحفظ لسوريا وحدتها ويحول دون تفكيكها إلى دويلات تسيطر عليها المنظمات الإرهابية.
ولو دققنا في معظم اللقاءات والحوارات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الإعلام الأمريكي أثناء مشاركته في أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس المنظمة الدولية، سنجد أن هذه القضايا الثلاث إضافة إلى قضايا التنمية الاقتصادية والسياسية في مصر كانت هي المحاور الأساسية والجامعة في تلك اللقاءات والحوارات، لكن يبدو أن التربص بالموقف المصري وسيطرة الهاجس الإسرائيلي على الإعلام الأمريكي جعلا هذه الوكالة تتورط في هذا الاجتزاء والتشويه المخل بتصريحات الرئيس، الأمر الذي دفع المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر إلى التأكيد بأن الترجمة التي تم تداولها لنص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية "غير دقيقة" فيما يتعلق بالجزء الخاص بدعوة الرئيس لمشاركة دول عربية جديدة في اتفاقية السلام مع إسرائيل. وأوضح، الرئيس "تحدث عن فكرة إحلال السلام الشامل بالمنطقة وانعكاساته الإيجابية على كل الشعوب وعلاقات الدول العربية مع إسرائيل"، وحسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة، فإن السيسي شدد على أن ذلك "لن يتحقق دون حل القضية الفلسطينية وإعلان الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ولو دققنا في معظم اللقاءات والحوارات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الإعلام الأمريكي أثناء مشاركته في أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس المنظمة الدولية، سنجد أن هذه القضايا الثلاث إضافة إلى قضايا التنمية الاقتصادية والسياسية في مصر كانت هي المحاور الأساسية والجامعة في تلك اللقاءات والحوارات، لكن يبدو أن التربص بالموقف المصري وسيطرة الهاجس الإسرائيلي على الإعلام الأمريكي جعلا هذه الوكالة تتورط في هذا الاجتزاء والتشويه المخل بتصريحات الرئيس، الأمر الذي دفع المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر إلى التأكيد بأن الترجمة التي تم تداولها لنص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية "غير دقيقة" فيما يتعلق بالجزء الخاص بدعوة الرئيس لمشاركة دول عربية جديدة في اتفاقية السلام مع إسرائيل. وأوضح، الرئيس "تحدث عن فكرة إحلال السلام الشامل بالمنطقة وانعكاساته الإيجابية على كل الشعوب وعلاقات الدول العربية مع إسرائيل"، وحسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة، فإن السيسي شدد على أن ذلك "لن يتحقق دون حل القضية الفلسطينية وإعلان الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الرئيس السيسى: "تحدث عن فكرة إحلال السلام الشامل بالمنطقة وانعكاساته الإيجابية على كل الشعوب وعلاقات الدول العربية مع إسرائيل
أولا- ملاحقة أمريكية لتصريحات الرئيس
الواضح أن الإعلام الأمريكي كان حريصًا على أن "يتصيد مواقف مصرية لتبييض الوجه الإرهابي الإسرائيلي". فهم في واشنطن يدركون أن "إسرائيل في مأزق" ليس بخصوص السلام مع الشعب الفلسطيني بل بخصوص "سوء النوايا مع الإدارة الأمريكية". فقد تورط بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني وأركان هذه الحكومة في "حرب شرسة" ضد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وإدارته. داخل الكونجرس الأمريكي على مدى الشهرين الماضيين لمنع الكونجرس من إقرار الاتفاق النووي الذي أقرته مجموعة الدول الكبرى في العالم "مجموعة دول 5+1" مع إيران، وصدر بشأنه قرار من مجلس الأمن الدولي بالإجماع يؤيده.
دوافع نتنياهو من السعي لإسقاط الاتفاق النووي مع إيران كانت متعددة؛ أولها، الدعوة إلى استمرار المقاطعة الدولية لإيران والحيلولة دون التوصل إلى اتفاق دولي بشأن أزمة برنامجها النووي كي يبقى للملف النووي الإيراني كل الأولوية على الملف الفلسطيني، والاستمرار في تسويف الملف الفلسطيني إلى حين يكتمل مخطط تهويد وضم معظم، إن لم يكن كل أراضي القدس الشرقية والضفة الغربية كجعل خيار فلسطين "دولة يهودية" وتصفية خيار الدولتين.
وثانيها، الخوف من أن يؤدي حل أزمة البرنامج النووي الإيراني إلى التفات العالم إلى خطر الترسانة النووية العسكرية الإسرائيلية، والاستجابة لمطالب مصرية وعربية تدعو إلى جعل الشرق الأوسط خاليًا من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، وفرض الضمانات الدولية للوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية الإسرائيلية ما يعني فتح هذه المنشآت أمام مفتشي الوكالة الدولية للتأكد من أن إسرائيل لا تمتلك أسلحة نووية، وكان الدافع الثالث هو الخشية من أن يؤدي حل أزمة البرنامج النووي الإيراني إلى تقارب أمريكي- إيراني على حساب التحالف الأمريكي- الإسرائيلي، وافتقاد إسرائيل دورها ووظيفتها التاريخية كقاعدة مميزة للدفاع عن المصالح الأمريكية والغربية في الشرق الأوسط.
هذه الدوافع هي ما ورطت نتنياهو وحكومته للدخول في صدام عنيف مع الرئيس أوباما وحكومته، وبعد فشل مسعى نتنياهو داخل الكونجرس أدرك حلفاء إسرائيل داخل الولايات المتحدة وخاصة اللوبي الصهيوني وأذرعته الإعلامية أن إسرائيل في حاجة إلى "إعادة ترميم سمعتها" مع الإدارة الأمريكية ومع الشعب الأمريكي، ومن هنا كان تلقف هذا الإعلام الأمريكي لتصريحات الرئيس السيسي والتشويه المتعمد لها والتعامل معها على أنها شهادة مصرية إيجابية بحق إسرائيل وبجودة الأداء الإسرائيلي في ملف السلام مع مصر بدليل أن مصر تسعى إلى تعميم هذا الأداء، وتوسيع اتفاق السلام المصري مع إسرائيل ليضم دولًا عربية أخرى. وكأن السلام المصري مع إسرائيل حقق نتائج مبهرة وأنجز قضاياه الأساسية وفي مقدمتها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية التي احتلت يوم الخامس من يونيو 1967، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، أو أن إسرائيل قد أوفت بكل التزاماتها وأنها طبقت بأمانة القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني خاصة حق تقرير المصير، وحق إقامة الدولة المستقلة على كل الأراضي المحتلة بعد عدوان الخامس من يونيو 1967، وحق العودة لكل اللاجئين الفلسطينيين.
وبدافع من الحرص على تبييض الوجه الإسرائيلي القبيح والإرهابي بخصوص هذه الحقوق الفلسطينية، حرصت محطة "سي إن إن" الأمريكية في حوارها مع الرئيس السيسي إلى إعادة طرح السؤال نفسه ولكن بالصيغة المبتسرة التي جرى الترويج لها حيث طرحت سؤالًا على الرئيس بشأن اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية الموقعة عام 1979 وما إذا كانت مصر تدعو دولًا عربية أخرى إلى الانضمام إلى هذه المعاهدة أو إلى مثلها، وكان رد الرئيس واضحًا وشفافًا تمامًا إذ قال: "حقيقة أن ما قلته، في هذا الصدد، هو إننا لدينا خبرة في التعامل مع هذا النوع من الاتفاق، ووضع أسس للسلام في المنطقة. ونتمنى أن يتوسع هذا الأساس، ونحن نرى فرصة عبر هذه البرامج لحل المشكلة الفلسطينية والقضية الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وكل هذا ستكون له تبعات إيجابية على البيئة السلمية في المنطقة ككل، وهذا عنصر أساسي لمحاربة الإرهاب في المنطقة وفي مختلف دول العالم". ودعا الرئيس السيسي، في هذا السياق، الفلسطينيين وإسرائيل إلى "اتخاذ مزيد من الخطوات الإيجابية لإيجاد تسوية على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية".
الواضح أن الإعلام الأمريكي كان حريصًا على أن "يتصيد مواقف مصرية لتبييض الوجه الإرهابي الإسرائيلي". فهم في واشنطن يدركون أن "إسرائيل في مأزق" ليس بخصوص السلام مع الشعب الفلسطيني بل بخصوص "سوء النوايا مع الإدارة الأمريكية". فقد تورط بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني وأركان هذه الحكومة في "حرب شرسة" ضد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وإدارته. داخل الكونجرس الأمريكي على مدى الشهرين الماضيين لمنع الكونجرس من إقرار الاتفاق النووي الذي أقرته مجموعة الدول الكبرى في العالم "مجموعة دول 5+1" مع إيران، وصدر بشأنه قرار من مجلس الأمن الدولي بالإجماع يؤيده.
دوافع نتنياهو من السعي لإسقاط الاتفاق النووي مع إيران كانت متعددة؛ أولها، الدعوة إلى استمرار المقاطعة الدولية لإيران والحيلولة دون التوصل إلى اتفاق دولي بشأن أزمة برنامجها النووي كي يبقى للملف النووي الإيراني كل الأولوية على الملف الفلسطيني، والاستمرار في تسويف الملف الفلسطيني إلى حين يكتمل مخطط تهويد وضم معظم، إن لم يكن كل أراضي القدس الشرقية والضفة الغربية كجعل خيار فلسطين "دولة يهودية" وتصفية خيار الدولتين.
وثانيها، الخوف من أن يؤدي حل أزمة البرنامج النووي الإيراني إلى التفات العالم إلى خطر الترسانة النووية العسكرية الإسرائيلية، والاستجابة لمطالب مصرية وعربية تدعو إلى جعل الشرق الأوسط خاليًا من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، وفرض الضمانات الدولية للوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية الإسرائيلية ما يعني فتح هذه المنشآت أمام مفتشي الوكالة الدولية للتأكد من أن إسرائيل لا تمتلك أسلحة نووية، وكان الدافع الثالث هو الخشية من أن يؤدي حل أزمة البرنامج النووي الإيراني إلى تقارب أمريكي- إيراني على حساب التحالف الأمريكي- الإسرائيلي، وافتقاد إسرائيل دورها ووظيفتها التاريخية كقاعدة مميزة للدفاع عن المصالح الأمريكية والغربية في الشرق الأوسط.
هذه الدوافع هي ما ورطت نتنياهو وحكومته للدخول في صدام عنيف مع الرئيس أوباما وحكومته، وبعد فشل مسعى نتنياهو داخل الكونجرس أدرك حلفاء إسرائيل داخل الولايات المتحدة وخاصة اللوبي الصهيوني وأذرعته الإعلامية أن إسرائيل في حاجة إلى "إعادة ترميم سمعتها" مع الإدارة الأمريكية ومع الشعب الأمريكي، ومن هنا كان تلقف هذا الإعلام الأمريكي لتصريحات الرئيس السيسي والتشويه المتعمد لها والتعامل معها على أنها شهادة مصرية إيجابية بحق إسرائيل وبجودة الأداء الإسرائيلي في ملف السلام مع مصر بدليل أن مصر تسعى إلى تعميم هذا الأداء، وتوسيع اتفاق السلام المصري مع إسرائيل ليضم دولًا عربية أخرى. وكأن السلام المصري مع إسرائيل حقق نتائج مبهرة وأنجز قضاياه الأساسية وفي مقدمتها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية التي احتلت يوم الخامس من يونيو 1967، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، أو أن إسرائيل قد أوفت بكل التزاماتها وأنها طبقت بأمانة القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني خاصة حق تقرير المصير، وحق إقامة الدولة المستقلة على كل الأراضي المحتلة بعد عدوان الخامس من يونيو 1967، وحق العودة لكل اللاجئين الفلسطينيين.
وبدافع من الحرص على تبييض الوجه الإسرائيلي القبيح والإرهابي بخصوص هذه الحقوق الفلسطينية، حرصت محطة "سي إن إن" الأمريكية في حوارها مع الرئيس السيسي إلى إعادة طرح السؤال نفسه ولكن بالصيغة المبتسرة التي جرى الترويج لها حيث طرحت سؤالًا على الرئيس بشأن اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية الموقعة عام 1979 وما إذا كانت مصر تدعو دولًا عربية أخرى إلى الانضمام إلى هذه المعاهدة أو إلى مثلها، وكان رد الرئيس واضحًا وشفافًا تمامًا إذ قال: "حقيقة أن ما قلته، في هذا الصدد، هو إننا لدينا خبرة في التعامل مع هذا النوع من الاتفاق، ووضع أسس للسلام في المنطقة. ونتمنى أن يتوسع هذا الأساس، ونحن نرى فرصة عبر هذه البرامج لحل المشكلة الفلسطينية والقضية الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وكل هذا ستكون له تبعات إيجابية على البيئة السلمية في المنطقة ككل، وهذا عنصر أساسي لمحاربة الإرهاب في المنطقة وفي مختلف دول العالم". ودعا الرئيس السيسي، في هذا السياق، الفلسطينيين وإسرائيل إلى "اتخاذ مزيد من الخطوات الإيجابية لإيجاد تسوية على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية".
أن الإعلام الأمريكي كان حريصًا على أن "يتصيد مواقف مصرية لتبييض الوجه الإرهابي الإسرائيلي
ثانيا- السلام ليس مشروعًا إسرائيليًا
واضح من كلام الرئيس السيسي أنه كان يخوض معركة محددة في واشنطن هي "الحرب ضد الإرهاب" وأنه كان يريد أن يدفع المجتمع الدولي عامة والولايات المتحدة خاصة إلى الانخراط بجدية في الحرب ضد الإرهاب والتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين والأزمة المثارة بخصوصها من هذا المنظور الذي يجعل من الجماعة هدفًا لهذه الحرب ويفرض على الولايات المتحدة أن تغير من مساندتها لهذه الجماعة بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى دعم الجهود المصرية في الحرب ضد الإخوان والإرهاب ومن هنا بالتحديد جاء المشروع الذي طرحه الرئيس السيسي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان "مبادرة الأمل والعمل من أجل غاية جديدة" لمواجهة التطرف والإرهاب، ومن هنا أيضًا جاء الربط بين السلام والحرب على الإرهاب في حديث الرئيس مع محطة "سي إن إن"، فهو يرى أن مناخ السلام هو المناخ الأفضل للتفرغ للحرب على الإرهاب، وكان يرمي من دعوته للسلام مع إسرائيل إلى دفع الأمريكيين لدعم مسيرة السلام هذه وفق أهدافها المحددة "الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية" لإنجاح مسعى الحرب على الإرهاب.
هدف نبيل لكن هل إسرائيل تريد السلام، وهل معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية حفزت إسرائيل للانخراط في سلام حقيقي منذ عام 1979 مع الشعب الفلسطيني؟
وهل بعد توقيع اتفاق أوسلو الفلسطيني- الإسرائيلي عام 1993، ومنذ هذا التاريخ التزمت إسرائيل بتنفيذ التعهدات الواردة في هذا الاتفاق، أم أنها استخدمت وهم السلام الوارد مع مصر في اتفاق السلام ومع الفلسطينيين في اتفاق أوسلو لتصفية كل فرص تحقيق السلام والتوسع في الاستيطان والتهويد والاعتداء على الشعب الفلسطيني لتفريغ الأرض من شعبها وتصفية حل الدولتين تصفية كاملة لفرض خيار "الدولة اليهودية" أي "الدولة الواحدة للشعب الواحد" وطرد كل أبناء فلسطين المقيمين داخل إسرائيل إلى الخارج لفرض لجوء آخر جديد والسيطرة الكاملة على أرض فلسطين.
إسرائيل سعت إلى تفريغ الأرض والتوسع في استيطانها وتهويدها، وهي الآن بعد كل تلك السنوات من توقيع اتفاق أوسلو، ومن بعده مبادرة السلام العربية لعام 2001 التي لم تعترف بها إسرائيل نهائيًا تسعى إلى فرض السلام الذي تريده هي والأمن الذي تريده هي ليس فقط على الشعب الفلسطيني بل على كل الشعب العربي.
ما كتبه الكاتب الإسرائيلي الياكيم هعتسني في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أخيرًا تحت عنوان "الحقيقة التي ينبغي أن تسكت عنها حتى لو أغضبت الملك هي أن أرض فلسطين معه" يؤكد حقيقة مفهوم السلام الإسرائيلي، وهو أن أرض فلسطين ملك لإسرائيل وأن دولة الفلسطينيين هي الأردن التي يجب أن تكون الوطن البديل. حاولوا أن يجعلوا سيناء وطنًا بديلًا وفشلوا والآن يحاولون فرض الأردن وطنًا بديلًا.
الياكيم هعتسني كتب يؤكد ذلك ردًا على انتقادات ملك الأردن عبد اللـه الثاني للانتهاكات الإسرائيلية بالحرم القدسي الشريف بقوله: "الملك الذي يجلس في عمان قد توج على الفلسطينيين في شرقي "فلسطين". وعليه فإن إدعاء الظلم على لسان العرب كاذب (يقصد إدعاء احتلال إسرائيل لفلسطين وطرد شعبها إلى خارجها)، توجد دولة فلسطينية، وهي تقع على معظم أراضي "فلسطين" تلك التي تسمى "المملكة الأردنية الهاشمية". وباختصار فإن الأردن، هذا الاسم خلق شعبًا آخر "الشعب الأردني" ليسمى ذات الشعب باسمين "فلسطيني" و"أردني" وهكذا يغذي الادعاء بأن اليهود سلبوا من الفلسطينيين بلادهم".
الكاتب يريد أن يقول أن ملك الأردن والإنجليز هم الذين سلبوا من الفلسطينيين وطنهم الذي هو الأردن. أما فلسطين التي يتحدث عنها العرب فهي أرض إسرائيل.
هذه الرؤية وهذا الفهم هو الذي يدفع إسرائيل إلى تعمد تصفية مشروع حل الدولتين واستثمار المناخ العربي والإقليمي والدولي غير المواتي بالنسبة للقضية الفلسطينية لفرض إستراتيجية "أرض واحدة لشعب واحد" أي جعل أرض فلسطين موحدة وطنًا للشعب اليهودي دون الشعب الفلسطيني. وجاء قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي لاعتماد قرار إعلان إسرائيل دولة يهودية وإعطاء الحكومة الإسرائيلية كل الأولوية للتوسع الاستيطاني ليؤكد أن خيار حل الدولتين قد انتهى، لكنه يؤكد أيضًا أن الصراع مع الكيان الصهيوني، يتحول بقرار إسرائيلي من "صراع سياسي" إلى "صراع ديني"، وهو تحول سوف تكون له خطورته ومحوريته في حسم مستقبل الصراع بالمنطقة وموقع الكيان الصهيوني من هذا الصراع، في ظل تصاعد مخاطر تيار "السلفية الجهادية" الذي يسعى إلى فرض مشروع "الدولة الدينية" أو مشروع "الخلافة الإسلامية" كمشروع بديل للنظام العربي، ما يعني أن الصراع الديني سوف يجد أرضية شديدة الخطورة للصعود في السنوات القادمة.
كما أن تحديات ما بعد الثورات العربية وتحولات الموقف الدولي والأمريكي على وجه الخصوص، تدفع إسرائيل إلى تعمد إعطاء كل الأولوية للتصدي لأي اتفاق دولي مع إيران حول مشروعها النووي حتى لو أدى ذلك إلى صدام مفتوح مع الإدارة الأمريكية على نحو ما أقدم عليه بنيامين نتنياهو الذي أصر على مواجهة الرئيس الأمريكي داخل الكونجرس الأمريكي ورغم أنف الرئيس وإدارته، من منظور أن البرنامج النووي الإيراني "تهديد وجودي لإسرائيل وأمنها".
هذا المعنى طوره الجنرال هرتسي هليفي رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في زيارته الأولى للولايات المتحدة منذ توليه منصبه والتي أعقبت زيارة بنيامين نتنياهو (3 مارس 2015). فقد أكد هليفي أن "إيران ليست فقط مشروعًا نوويًا، بل هي تراكم المزيد من القوة والنفوذ كدولة عظمى إقليمية، وسط الدول المحيطة بإسرائيل". كما أوضح أن "خرائط منطقتنا تتغير أمام أعيننا، والتحولات في الشرق الأوسط تحولت إلى صراع ديني بين تيارات مسلحة".
واضح من كلام الرئيس السيسي أنه كان يخوض معركة محددة في واشنطن هي "الحرب ضد الإرهاب" وأنه كان يريد أن يدفع المجتمع الدولي عامة والولايات المتحدة خاصة إلى الانخراط بجدية في الحرب ضد الإرهاب والتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين والأزمة المثارة بخصوصها من هذا المنظور الذي يجعل من الجماعة هدفًا لهذه الحرب ويفرض على الولايات المتحدة أن تغير من مساندتها لهذه الجماعة بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى دعم الجهود المصرية في الحرب ضد الإخوان والإرهاب ومن هنا بالتحديد جاء المشروع الذي طرحه الرئيس السيسي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان "مبادرة الأمل والعمل من أجل غاية جديدة" لمواجهة التطرف والإرهاب، ومن هنا أيضًا جاء الربط بين السلام والحرب على الإرهاب في حديث الرئيس مع محطة "سي إن إن"، فهو يرى أن مناخ السلام هو المناخ الأفضل للتفرغ للحرب على الإرهاب، وكان يرمي من دعوته للسلام مع إسرائيل إلى دفع الأمريكيين لدعم مسيرة السلام هذه وفق أهدافها المحددة "الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية" لإنجاح مسعى الحرب على الإرهاب.
هدف نبيل لكن هل إسرائيل تريد السلام، وهل معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية حفزت إسرائيل للانخراط في سلام حقيقي منذ عام 1979 مع الشعب الفلسطيني؟
وهل بعد توقيع اتفاق أوسلو الفلسطيني- الإسرائيلي عام 1993، ومنذ هذا التاريخ التزمت إسرائيل بتنفيذ التعهدات الواردة في هذا الاتفاق، أم أنها استخدمت وهم السلام الوارد مع مصر في اتفاق السلام ومع الفلسطينيين في اتفاق أوسلو لتصفية كل فرص تحقيق السلام والتوسع في الاستيطان والتهويد والاعتداء على الشعب الفلسطيني لتفريغ الأرض من شعبها وتصفية حل الدولتين تصفية كاملة لفرض خيار "الدولة اليهودية" أي "الدولة الواحدة للشعب الواحد" وطرد كل أبناء فلسطين المقيمين داخل إسرائيل إلى الخارج لفرض لجوء آخر جديد والسيطرة الكاملة على أرض فلسطين.
إسرائيل سعت إلى تفريغ الأرض والتوسع في استيطانها وتهويدها، وهي الآن بعد كل تلك السنوات من توقيع اتفاق أوسلو، ومن بعده مبادرة السلام العربية لعام 2001 التي لم تعترف بها إسرائيل نهائيًا تسعى إلى فرض السلام الذي تريده هي والأمن الذي تريده هي ليس فقط على الشعب الفلسطيني بل على كل الشعب العربي.
ما كتبه الكاتب الإسرائيلي الياكيم هعتسني في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أخيرًا تحت عنوان "الحقيقة التي ينبغي أن تسكت عنها حتى لو أغضبت الملك هي أن أرض فلسطين معه" يؤكد حقيقة مفهوم السلام الإسرائيلي، وهو أن أرض فلسطين ملك لإسرائيل وأن دولة الفلسطينيين هي الأردن التي يجب أن تكون الوطن البديل. حاولوا أن يجعلوا سيناء وطنًا بديلًا وفشلوا والآن يحاولون فرض الأردن وطنًا بديلًا.
الياكيم هعتسني كتب يؤكد ذلك ردًا على انتقادات ملك الأردن عبد اللـه الثاني للانتهاكات الإسرائيلية بالحرم القدسي الشريف بقوله: "الملك الذي يجلس في عمان قد توج على الفلسطينيين في شرقي "فلسطين". وعليه فإن إدعاء الظلم على لسان العرب كاذب (يقصد إدعاء احتلال إسرائيل لفلسطين وطرد شعبها إلى خارجها)، توجد دولة فلسطينية، وهي تقع على معظم أراضي "فلسطين" تلك التي تسمى "المملكة الأردنية الهاشمية". وباختصار فإن الأردن، هذا الاسم خلق شعبًا آخر "الشعب الأردني" ليسمى ذات الشعب باسمين "فلسطيني" و"أردني" وهكذا يغذي الادعاء بأن اليهود سلبوا من الفلسطينيين بلادهم".
الكاتب يريد أن يقول أن ملك الأردن والإنجليز هم الذين سلبوا من الفلسطينيين وطنهم الذي هو الأردن. أما فلسطين التي يتحدث عنها العرب فهي أرض إسرائيل.
هذه الرؤية وهذا الفهم هو الذي يدفع إسرائيل إلى تعمد تصفية مشروع حل الدولتين واستثمار المناخ العربي والإقليمي والدولي غير المواتي بالنسبة للقضية الفلسطينية لفرض إستراتيجية "أرض واحدة لشعب واحد" أي جعل أرض فلسطين موحدة وطنًا للشعب اليهودي دون الشعب الفلسطيني. وجاء قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي لاعتماد قرار إعلان إسرائيل دولة يهودية وإعطاء الحكومة الإسرائيلية كل الأولوية للتوسع الاستيطاني ليؤكد أن خيار حل الدولتين قد انتهى، لكنه يؤكد أيضًا أن الصراع مع الكيان الصهيوني، يتحول بقرار إسرائيلي من "صراع سياسي" إلى "صراع ديني"، وهو تحول سوف تكون له خطورته ومحوريته في حسم مستقبل الصراع بالمنطقة وموقع الكيان الصهيوني من هذا الصراع، في ظل تصاعد مخاطر تيار "السلفية الجهادية" الذي يسعى إلى فرض مشروع "الدولة الدينية" أو مشروع "الخلافة الإسلامية" كمشروع بديل للنظام العربي، ما يعني أن الصراع الديني سوف يجد أرضية شديدة الخطورة للصعود في السنوات القادمة.
كما أن تحديات ما بعد الثورات العربية وتحولات الموقف الدولي والأمريكي على وجه الخصوص، تدفع إسرائيل إلى تعمد إعطاء كل الأولوية للتصدي لأي اتفاق دولي مع إيران حول مشروعها النووي حتى لو أدى ذلك إلى صدام مفتوح مع الإدارة الأمريكية على نحو ما أقدم عليه بنيامين نتنياهو الذي أصر على مواجهة الرئيس الأمريكي داخل الكونجرس الأمريكي ورغم أنف الرئيس وإدارته، من منظور أن البرنامج النووي الإيراني "تهديد وجودي لإسرائيل وأمنها".
هذا المعنى طوره الجنرال هرتسي هليفي رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في زيارته الأولى للولايات المتحدة منذ توليه منصبه والتي أعقبت زيارة بنيامين نتنياهو (3 مارس 2015). فقد أكد هليفي أن "إيران ليست فقط مشروعًا نوويًا، بل هي تراكم المزيد من القوة والنفوذ كدولة عظمى إقليمية، وسط الدول المحيطة بإسرائيل". كما أوضح أن "خرائط منطقتنا تتغير أمام أعيننا، والتحولات في الشرق الأوسط تحولت إلى صراع ديني بين تيارات مسلحة".
سعت إسرائيل للتعاون مع تنظيم "جبهة النصرة" لإقامة ما يمكن تسميته بـ "جيش لحد سوري" ليكون بمثابة "حائط صد آمن" يحمي الجبهة الشمالية الإسرائيلية والمستوطنات
إسرائيل ليست مشغولة فقط باستغلال كل الفرص لتصفية القضية الفلسطينية نهائيًا والتحول بمجرى الصراع في المنطقة من صراع عربي- صهيوني أو حتى فلسطيني- إسرائيلي، ولا تكتفي بالسعي لإفشال أي اتفاق تخرج به إيران فائزة بمشروع نووي سلمي معترف به دوليًا، لكنها تريد استغلال الحرب الإرهابية في سوريا لمزيد من الإرباك للمشهد العربي، ولمزيد من تحويل الصراع إلى صراع ديني بين محور سُني تقوده "داعش" ومحور شيعي تقوده إيران وينخرط فيه النظام السوري، في محاولة لتوظيف الانقسام في صفوف الدول العربية في الموقف من الحرب الإرهابية حيث تدعم دول عربية وتركيا بعض هذه المنظمات تحت عنوان "ضرورة إسقاط نظام بشار الأسد".
فقد سعت إسرائيل للتعاون مع تنظيم "جبهة النصرة" (تنظيم القاعدة) لإقامة ما يمكن تسميته بـ "جيش لحد سوري" على غرار "جيش لحد" اللبناني الذي سبق أن أقامه الإسرائيليون في جنوب لبنان، يكون بمثابة "حائط صد آمن" يحمي الجبهة الشمالية الإسرائيلية والمستوطنات المقامة في هضبة الجولان السورية المحتلة من أي تمدد للنفوذ الإيراني أو عودة الجيش السوري مجددًا إلى هذه المناطق، بعد نجاح جبهة النصرة من المتمدد ابتداءً من ريف درعا إلى القنيطرة بالموازاة مع الجولان. فمنذ مارس 2013 بدأت إسرائيل هذا المخطط بلقاءات على الحدود بين ضباط من الجيش الإسرائيلي ومقاتلين من المعارضة السورية (وخاصة جبهة النصرة)، تطورت إلى استيعاب جرحى من المسلحين السوريين للعلاج الطبي في مستشفياتها، حيث تم نقل جرحى سوريين إلى المستشفيات الميدانية الإسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة وتم أيضًا نقل بعض الجرحى للعلاج في مستشفيات صفد ونهاريا، وفي الوقت نفسه كانت إسرائيل تقصف، عند الحاجة، مواقع للجيش السوري، وتقوم بتغطية نارية لمسلحي المعارضة كي يتقدموا للسيطرة على مواقع إستراتيجية مهمة في القنيطرة، وكانت الغارة الإسرائيلية يوم 18 يناير 2015 ضد موكب لمقاتلي حزب اللـه بالقرب من مدينة القنيطرة، والذي راح ضحيته عدد من القادة العسكريين والأمنيين اللبنانيين، هي ذروة هذا المخطط الإسرائيلي الذي أفشله الجيش السوري بالتعاون مع مقاتلي حزب اللـه ومستشارين إيرانيين نجحوا في استعادة كل المواقع التي كانت جبهة النصرة قد تمددت إليها، بدعم من إسرائيل، طيلة عام 2014.
وما يحدث الآن من جرائم ضد المسجد الأقصى فإن أقل ما يمكن أن توصف به هذه الجرائم هو أنها "إرهاب ممنهج" تمامًا كما هو الاستيطان والتهويد استيطان وتهويد ممنهج هدفه إفراغ الأرض من أهلها أولًا ومن تاريخها ثانيًا. فالمطلوب، كي يقيموا من الكيان "دولة يهودية" محو كل أثر للبشر وللتاريخ، لذلك جاء الدور على الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم، ولو أن القضية هي بناء أكبر كنيس يهودي على أرض القدس لأقاموه، لكنهم يريدون إزالة الأقصى وهم منذ اللحظة الأولى لاغتصابهم فلسطين يعرفون ما يريدون، لديهم مشروعهم، ولديهم أدواتهم، ولديهم أيضًا منظمات الإرهاب اليهودية التي توصف بأنها متطرفة وأصولية، لكنها صناعة كاملة لحكومات الكيان المتعاقبة اختلقوها لتقوم بالأدوار القذرة التي سبق أن قامت بها منظمات التأسيس للكيان قبيل نكبة عام 1948 وفي أعقابها مثل منظمات "الهاجاناه" و"الأرجون" وغيرهما، والنموذج البارز هو منظمة "لهفاه" ورئيسها الإرهابي "بنتسي جوبشطاين" الذي أعلن في معهد ديني يهودي بالقدس المحتلة (الأسبوع الأول من يوليو/ تموز 2015) أنه يجب إحراق الكنائس والمساجد في "أرض إسرائيل" وبعدها بأقل من أسبوعين أحرقوا منزلًا لعائلة فلسطينية في نابلس بالضفة الغربية (31/7/2015) ما أسفر عن مقتل طفل حرقًا (18شهرًا) هو على سعد دوابشة، وإصابة 3 من أفراد أسرته.
وعندما يتقدم أوري أرائيل وزير الزراعة "الإسرائيلي" مع مجموعة كبيرة من المستوطنين تساندهم وتدعمهم قوات الاحتلال باحة المسجد الأقصى، ويشرف هذا الوزير على قيام قوات الاحتلال بفرض حصار عسكري مزدوج على القدس الشرقية المحتلة والمسجد الأقصى، ووضع متاريس حديدية على بوابات الأقصى، وقطع الكهرباء عن المصلين المعتكفين والقيام باعتقالهم وإطلاق الرصاص عليهم ما أدى إلى إصابة أعداد كبيرة منهم فليس من المتصور وصف هذا كله بأنه أعمال فردية أو أنه تصعيد غير محسوب، ولكنه تصعيد للإرهاب مدروس وممنهج ومحدد الأهداف برعاية واستحسان حكومة بنيامين نتنياهو التي تسعى ضمن مرحلة تصعيدية أولى إلى فرض مخطط تقسيم الأقصى زمانيًا ومكانيًا، تمامًا على نحو ما سبق أن حدث للحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الذي جرى تهويده من خلال خطة مشابهة بدأت بالتقسيم المكاني والزماني وإثبات حقوق لدخول اليهود إلى باحة الحرم بدعوى التعبد أو "حق العبادة" وبعدها تتم السيطرة، لكن الفارق بين مخطط الحرم الإبراهيمي ومخطط الأقصى أن التهويد الكامل كان هدف مخطط الحرم الإبراهيمي أما ما يستهدفوه من مخطط الأقصى فهو هدمه وإزالته بالكامل لأنه شاهد العيان الأهم على عروبة القدس وإسلامها.
ولكي يتضح المخطط ويتكشف يجب أن نعى أن الأقصى والمساجد الإسلامية ليست المستهدفة وحدها بل والكنائس أيضًا. فإذا كانوا قد قاموا هذه المرة بتحطيم بوابات الجامع القبلي التاريخية خلال اقتحامهم للمسجد الأقصى من باب المغاربة واعتدوا واعتقلوا المعتكفين، وقاموا بتفريغه بالكامل ثم فرض حصار عليه ومنعوا المصلين من الدخول لأداء صلاة الجمعة الماضية (18/9/2015) فإن الكنائس بل سيدنا عيسى (عليه السلام) نفسه لم يسلم من أذى التطرف اليهودي المسنود حكوميًا. فالمسيح في أدبيات منظمة "لهفاه" ليس إلا "المشنوق بن النجار" وهو، وحاشا للـه "ثمرة خطيئة بين جندي روماني ومريم بنت يواقيم" التي وصفها القرآن الكريم بأنها "أطهر نساء العالمين".
فمنذ نكسة يونيو 1967 بدأ غلاة المتدينين المتطرفين داخل الجيش "الإسرائيلي" بتدمير الكنائس والأديرة في القدس الشرقية المحتلة على وجه الخصوص، وتعمدوا تدنيس المقدسات المسيحية والإسلامية وانتهاك الخصوصيات بهدف محو ذكر المسيحية والإسلام من فلسطين، وما يحدث الآن من إرهاب تقوم به منظمة "لهفاه" وغيرها من تدمير المساجد والكنائس إلى حرق البشر إلى احتلال الأقصى هو ثمرة جهود أنشطة وسياسات الحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة، وهم ثمرة الفكر الديني المتطرف الذي يدعو الآن إلى هدم الدولة العلمانية "الإسرائيلية" وإقامة دولة أخرى على أساس الشريعة اليهودية ابتداء من جماعة كانت تسمى بـ "شارة الثمن" أو "شباب الشلال" إلى منظمة "لهفاه" على نحو ما جاء على لسان الشاب موشيه ارباخ الذي قام مؤخرًا بإحراق كنيسة "الخبز والسمك" على شاطئ بحيرة طبرية، وهو شاب "حريدي" من بني براك، فقد كتب وثيقة حصل عليها "الشاباك" (الأمن الداخلي) عنوانها "مملكة الشر"، وهي تضم الأسس الفكرية لتصعيد الهجوم ضد المقدسات الدينية (إسلامية ومسيحية) وضد العرب وتقدم اقتراحات عملية حول كيفية التملص من المطاردة والتحقيق، إن حدث.
وفي الوثائق والأحاديث المختلفة يتحدث النشطاء المتطرفون عن ضرورة إيجاد حالة من الفوضى في الدولة بواسطة تصعيد الاحتكاك في الأماكن التي تعتبر نقطة ضعف. وقد اهتم هؤلاء الإرهاربيون وتنظيمهم لعمليات إطلاق النار ضد الفلسطينيين في الشوارع، والاتجاه إلى وسائل أخرى أكثر تطرفًا مثل إحراق صفائح البنزين وإلقائها داخل بيوت الفلسطينيين وداخل المساجد والكنائس وعلى المارة من الفلسطينيين وخاصة العمال منهم، فهم حريصون على طرد كل غريب عن أرض "إسرائيل" (الأغيار) بالإرهاب المتطرف والأيديولوجيا المتطرفة.
هؤلاء الإرهابيون الذين يحملون رسالة "تطهير إسرائيل" من مسلميها ومسيحييها على السواء عبر تمكين المستوطنين من اقتطاع أراضي الفلسطينيين هم من أبناء المستوطنات الذين يجري تدريبهم داخل معسكرات ترعاها الدولة ويحرسها جنودها على نحو ما كشف الكاتب الفرنسي "ايمانويل هيمان" في كتابه عن "الأصولية اليهودية" عندما تحدث عن الحاخام اسحق غينيز برغ الذي سبق أن أقام وليمة عامة في ذكرى المتطرف القاتل باروخ غولدشتاين الذي سبق أن فتح النار في فبراير/ شباط 1994 على المصلين في باحة الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل وقتل 24 منهم قبل أن يقتل نفسه. فقد ذكر هذا الكاتب الفرنسي أن هذا الحاخام المدعو غينز برغ أنشأ مدرسة تلمودية في مدينة "شكيم" (ويقصدون مدينة نابلس التي تضم مرقد سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام) وصباح كل يوم تتوجه حفنة من الطلبة إلى هذا المكان "المبجل" لتلقي دروس التطرف واستعادة روح التاريخ القديم حيث تنقلهم سيارة مصفحة تابعة للجيش "الإسرائيلي" وتعيدهم في المساء ويفتح الباب لهم جندي يحمل على كتفه بنقدية كلاشينكوف بينما يواصل الشباب ترديد صلاة بالعبرية تتكرر فيها عبارة "يوسف حي"، والهدف هو تربية هؤلاء الصبية والشباب على أنهم "طليعة يهودية تعيد الارتباط مع تاريخها القديم".
هكذا يُصنع الإرهاب، وهناك تصنَّع أيضًا الأيديولوجيا المتطرفة القائمة على قناعات مثل: "بعد مئات سني المنفى عدنا إلى ديار صهيون، وصهيون هي القدس وظهر الجبل، أرض التوراة والأنبياء"، ومثل "من احتل البلاد كان بالذات الإسلام في القرن السابع الميلادي والذي حشر سكانها اليهود في مسيرة طويلة بين: إما الإسلام وإما المنفى". والدولة والحكومة هي من يرعى هذا كله ويخطط له ويبرره، وهي التي تبني المستوطنات، وترعى مخطط التهويد، وتصدر أوامر هدم مباني وبيوت ومساكن الفلسطينيين واقتلاع مزارعهم، فحسب بيانات الإدارة المدنية الصهيونية يوجد أكثر من 11 ألف أمر هدم ضد 13 ألف مبنى فلسطيني في المناطق ج (بموازاة مسيرة المفاوضات السلمية والتنسيق الأمني مع السلطة الفسلطينية).
أوامر الهدم هي الأخرى تتم وفق تخطيط منهجي وبمعدل متزايد وتراكمي في عدد أوامر الهدم سنويًا، لكن القفزة الحقيقية كانت في 2009- 2010 بعد تشكيل حكومة نتنياهو الثانية حيث صدر 776 و1020 أمر هدم على التوالي بين سنوات 1988- 1995، وفي عام 2010 صدر 2020 أمر هدم ضد مبانٍ فلسطينية.
الإرهاب مخطط وممنهج، والتهويد والاستيطان مخطط وممنهج، كما أن التفاوض ومسيرة السلام هي الأخرى مخططة وممنهجة وزيفها أيضًا ممنهج ومخطط ومرتبط أشد الارتباط بالإرهاب والتهويد والاستيطان والهدم ومن يفكر في التصدي للإرهاب ومخطط هدم الأقصى الذي هو ذروة الإرهاب التهويدي عليه أن يكسر هذه الحلقة، أن ينهي، وللأبد مسيرة السلام المذلة والتنسيق الأمني المهين مع من يسعى إلى "تطهير الأرض ومحو التاريخ" من كل أثر عربي أو إسلامي. فهذا هو الواقع الذي يهرب منه الجميع، والواقع الذي يجب أن يدركه الجميع كضرورة للإفاقة من وهم اسمه: السلام العربي - الإسرائيلي.
فقد سعت إسرائيل للتعاون مع تنظيم "جبهة النصرة" (تنظيم القاعدة) لإقامة ما يمكن تسميته بـ "جيش لحد سوري" على غرار "جيش لحد" اللبناني الذي سبق أن أقامه الإسرائيليون في جنوب لبنان، يكون بمثابة "حائط صد آمن" يحمي الجبهة الشمالية الإسرائيلية والمستوطنات المقامة في هضبة الجولان السورية المحتلة من أي تمدد للنفوذ الإيراني أو عودة الجيش السوري مجددًا إلى هذه المناطق، بعد نجاح جبهة النصرة من المتمدد ابتداءً من ريف درعا إلى القنيطرة بالموازاة مع الجولان. فمنذ مارس 2013 بدأت إسرائيل هذا المخطط بلقاءات على الحدود بين ضباط من الجيش الإسرائيلي ومقاتلين من المعارضة السورية (وخاصة جبهة النصرة)، تطورت إلى استيعاب جرحى من المسلحين السوريين للعلاج الطبي في مستشفياتها، حيث تم نقل جرحى سوريين إلى المستشفيات الميدانية الإسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة وتم أيضًا نقل بعض الجرحى للعلاج في مستشفيات صفد ونهاريا، وفي الوقت نفسه كانت إسرائيل تقصف، عند الحاجة، مواقع للجيش السوري، وتقوم بتغطية نارية لمسلحي المعارضة كي يتقدموا للسيطرة على مواقع إستراتيجية مهمة في القنيطرة، وكانت الغارة الإسرائيلية يوم 18 يناير 2015 ضد موكب لمقاتلي حزب اللـه بالقرب من مدينة القنيطرة، والذي راح ضحيته عدد من القادة العسكريين والأمنيين اللبنانيين، هي ذروة هذا المخطط الإسرائيلي الذي أفشله الجيش السوري بالتعاون مع مقاتلي حزب اللـه ومستشارين إيرانيين نجحوا في استعادة كل المواقع التي كانت جبهة النصرة قد تمددت إليها، بدعم من إسرائيل، طيلة عام 2014.
وما يحدث الآن من جرائم ضد المسجد الأقصى فإن أقل ما يمكن أن توصف به هذه الجرائم هو أنها "إرهاب ممنهج" تمامًا كما هو الاستيطان والتهويد استيطان وتهويد ممنهج هدفه إفراغ الأرض من أهلها أولًا ومن تاريخها ثانيًا. فالمطلوب، كي يقيموا من الكيان "دولة يهودية" محو كل أثر للبشر وللتاريخ، لذلك جاء الدور على الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم، ولو أن القضية هي بناء أكبر كنيس يهودي على أرض القدس لأقاموه، لكنهم يريدون إزالة الأقصى وهم منذ اللحظة الأولى لاغتصابهم فلسطين يعرفون ما يريدون، لديهم مشروعهم، ولديهم أدواتهم، ولديهم أيضًا منظمات الإرهاب اليهودية التي توصف بأنها متطرفة وأصولية، لكنها صناعة كاملة لحكومات الكيان المتعاقبة اختلقوها لتقوم بالأدوار القذرة التي سبق أن قامت بها منظمات التأسيس للكيان قبيل نكبة عام 1948 وفي أعقابها مثل منظمات "الهاجاناه" و"الأرجون" وغيرهما، والنموذج البارز هو منظمة "لهفاه" ورئيسها الإرهابي "بنتسي جوبشطاين" الذي أعلن في معهد ديني يهودي بالقدس المحتلة (الأسبوع الأول من يوليو/ تموز 2015) أنه يجب إحراق الكنائس والمساجد في "أرض إسرائيل" وبعدها بأقل من أسبوعين أحرقوا منزلًا لعائلة فلسطينية في نابلس بالضفة الغربية (31/7/2015) ما أسفر عن مقتل طفل حرقًا (18شهرًا) هو على سعد دوابشة، وإصابة 3 من أفراد أسرته.
وعندما يتقدم أوري أرائيل وزير الزراعة "الإسرائيلي" مع مجموعة كبيرة من المستوطنين تساندهم وتدعمهم قوات الاحتلال باحة المسجد الأقصى، ويشرف هذا الوزير على قيام قوات الاحتلال بفرض حصار عسكري مزدوج على القدس الشرقية المحتلة والمسجد الأقصى، ووضع متاريس حديدية على بوابات الأقصى، وقطع الكهرباء عن المصلين المعتكفين والقيام باعتقالهم وإطلاق الرصاص عليهم ما أدى إلى إصابة أعداد كبيرة منهم فليس من المتصور وصف هذا كله بأنه أعمال فردية أو أنه تصعيد غير محسوب، ولكنه تصعيد للإرهاب مدروس وممنهج ومحدد الأهداف برعاية واستحسان حكومة بنيامين نتنياهو التي تسعى ضمن مرحلة تصعيدية أولى إلى فرض مخطط تقسيم الأقصى زمانيًا ومكانيًا، تمامًا على نحو ما سبق أن حدث للحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الذي جرى تهويده من خلال خطة مشابهة بدأت بالتقسيم المكاني والزماني وإثبات حقوق لدخول اليهود إلى باحة الحرم بدعوى التعبد أو "حق العبادة" وبعدها تتم السيطرة، لكن الفارق بين مخطط الحرم الإبراهيمي ومخطط الأقصى أن التهويد الكامل كان هدف مخطط الحرم الإبراهيمي أما ما يستهدفوه من مخطط الأقصى فهو هدمه وإزالته بالكامل لأنه شاهد العيان الأهم على عروبة القدس وإسلامها.
ولكي يتضح المخطط ويتكشف يجب أن نعى أن الأقصى والمساجد الإسلامية ليست المستهدفة وحدها بل والكنائس أيضًا. فإذا كانوا قد قاموا هذه المرة بتحطيم بوابات الجامع القبلي التاريخية خلال اقتحامهم للمسجد الأقصى من باب المغاربة واعتدوا واعتقلوا المعتكفين، وقاموا بتفريغه بالكامل ثم فرض حصار عليه ومنعوا المصلين من الدخول لأداء صلاة الجمعة الماضية (18/9/2015) فإن الكنائس بل سيدنا عيسى (عليه السلام) نفسه لم يسلم من أذى التطرف اليهودي المسنود حكوميًا. فالمسيح في أدبيات منظمة "لهفاه" ليس إلا "المشنوق بن النجار" وهو، وحاشا للـه "ثمرة خطيئة بين جندي روماني ومريم بنت يواقيم" التي وصفها القرآن الكريم بأنها "أطهر نساء العالمين".
فمنذ نكسة يونيو 1967 بدأ غلاة المتدينين المتطرفين داخل الجيش "الإسرائيلي" بتدمير الكنائس والأديرة في القدس الشرقية المحتلة على وجه الخصوص، وتعمدوا تدنيس المقدسات المسيحية والإسلامية وانتهاك الخصوصيات بهدف محو ذكر المسيحية والإسلام من فلسطين، وما يحدث الآن من إرهاب تقوم به منظمة "لهفاه" وغيرها من تدمير المساجد والكنائس إلى حرق البشر إلى احتلال الأقصى هو ثمرة جهود أنشطة وسياسات الحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة، وهم ثمرة الفكر الديني المتطرف الذي يدعو الآن إلى هدم الدولة العلمانية "الإسرائيلية" وإقامة دولة أخرى على أساس الشريعة اليهودية ابتداء من جماعة كانت تسمى بـ "شارة الثمن" أو "شباب الشلال" إلى منظمة "لهفاه" على نحو ما جاء على لسان الشاب موشيه ارباخ الذي قام مؤخرًا بإحراق كنيسة "الخبز والسمك" على شاطئ بحيرة طبرية، وهو شاب "حريدي" من بني براك، فقد كتب وثيقة حصل عليها "الشاباك" (الأمن الداخلي) عنوانها "مملكة الشر"، وهي تضم الأسس الفكرية لتصعيد الهجوم ضد المقدسات الدينية (إسلامية ومسيحية) وضد العرب وتقدم اقتراحات عملية حول كيفية التملص من المطاردة والتحقيق، إن حدث.
وفي الوثائق والأحاديث المختلفة يتحدث النشطاء المتطرفون عن ضرورة إيجاد حالة من الفوضى في الدولة بواسطة تصعيد الاحتكاك في الأماكن التي تعتبر نقطة ضعف. وقد اهتم هؤلاء الإرهاربيون وتنظيمهم لعمليات إطلاق النار ضد الفلسطينيين في الشوارع، والاتجاه إلى وسائل أخرى أكثر تطرفًا مثل إحراق صفائح البنزين وإلقائها داخل بيوت الفلسطينيين وداخل المساجد والكنائس وعلى المارة من الفلسطينيين وخاصة العمال منهم، فهم حريصون على طرد كل غريب عن أرض "إسرائيل" (الأغيار) بالإرهاب المتطرف والأيديولوجيا المتطرفة.
هؤلاء الإرهابيون الذين يحملون رسالة "تطهير إسرائيل" من مسلميها ومسيحييها على السواء عبر تمكين المستوطنين من اقتطاع أراضي الفلسطينيين هم من أبناء المستوطنات الذين يجري تدريبهم داخل معسكرات ترعاها الدولة ويحرسها جنودها على نحو ما كشف الكاتب الفرنسي "ايمانويل هيمان" في كتابه عن "الأصولية اليهودية" عندما تحدث عن الحاخام اسحق غينيز برغ الذي سبق أن أقام وليمة عامة في ذكرى المتطرف القاتل باروخ غولدشتاين الذي سبق أن فتح النار في فبراير/ شباط 1994 على المصلين في باحة الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل وقتل 24 منهم قبل أن يقتل نفسه. فقد ذكر هذا الكاتب الفرنسي أن هذا الحاخام المدعو غينز برغ أنشأ مدرسة تلمودية في مدينة "شكيم" (ويقصدون مدينة نابلس التي تضم مرقد سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام) وصباح كل يوم تتوجه حفنة من الطلبة إلى هذا المكان "المبجل" لتلقي دروس التطرف واستعادة روح التاريخ القديم حيث تنقلهم سيارة مصفحة تابعة للجيش "الإسرائيلي" وتعيدهم في المساء ويفتح الباب لهم جندي يحمل على كتفه بنقدية كلاشينكوف بينما يواصل الشباب ترديد صلاة بالعبرية تتكرر فيها عبارة "يوسف حي"، والهدف هو تربية هؤلاء الصبية والشباب على أنهم "طليعة يهودية تعيد الارتباط مع تاريخها القديم".
هكذا يُصنع الإرهاب، وهناك تصنَّع أيضًا الأيديولوجيا المتطرفة القائمة على قناعات مثل: "بعد مئات سني المنفى عدنا إلى ديار صهيون، وصهيون هي القدس وظهر الجبل، أرض التوراة والأنبياء"، ومثل "من احتل البلاد كان بالذات الإسلام في القرن السابع الميلادي والذي حشر سكانها اليهود في مسيرة طويلة بين: إما الإسلام وإما المنفى". والدولة والحكومة هي من يرعى هذا كله ويخطط له ويبرره، وهي التي تبني المستوطنات، وترعى مخطط التهويد، وتصدر أوامر هدم مباني وبيوت ومساكن الفلسطينيين واقتلاع مزارعهم، فحسب بيانات الإدارة المدنية الصهيونية يوجد أكثر من 11 ألف أمر هدم ضد 13 ألف مبنى فلسطيني في المناطق ج (بموازاة مسيرة المفاوضات السلمية والتنسيق الأمني مع السلطة الفسلطينية).
أوامر الهدم هي الأخرى تتم وفق تخطيط منهجي وبمعدل متزايد وتراكمي في عدد أوامر الهدم سنويًا، لكن القفزة الحقيقية كانت في 2009- 2010 بعد تشكيل حكومة نتنياهو الثانية حيث صدر 776 و1020 أمر هدم على التوالي بين سنوات 1988- 1995، وفي عام 2010 صدر 2020 أمر هدم ضد مبانٍ فلسطينية.
الإرهاب مخطط وممنهج، والتهويد والاستيطان مخطط وممنهج، كما أن التفاوض ومسيرة السلام هي الأخرى مخططة وممنهجة وزيفها أيضًا ممنهج ومخطط ومرتبط أشد الارتباط بالإرهاب والتهويد والاستيطان والهدم ومن يفكر في التصدي للإرهاب ومخطط هدم الأقصى الذي هو ذروة الإرهاب التهويدي عليه أن يكسر هذه الحلقة، أن ينهي، وللأبد مسيرة السلام المذلة والتنسيق الأمني المهين مع من يسعى إلى "تطهير الأرض ومحو التاريخ" من كل أثر عربي أو إسلامي. فهذا هو الواقع الذي يهرب منه الجميع، والواقع الذي يجب أن يدركه الجميع كضرورة للإفاقة من وهم اسمه: السلام العربي - الإسرائيلي.