بعد فشل سيناريو استعادة الشرعية: هل يجرؤ الإخوان على إجراء مراجعات فكرية؟
بعد فشل سيناريو الاحتواء والإدماج، فيما اصطلح على تسميته بالمصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والحكم الحالي في مصر، وفشل سيناريو الإخوان في استعادة الشرعية، هل تستطيع الجماعة إجراء مراجعةٍ شاملة لفكرها وفِعلها منذ نشأتها عام 1928، مع تركيز خاص على تجربتها الميدانية في مصر منذ ثورة 2011، بكل تجرد وموضوعية بعيدًا عن الأوهام والأحلام كي تخرج من عباءة الماضي وتقبل قواعد اللعبة الديمقراطية.
وبالتالي هل سيشهد العام الجديد قيام الجماعة بعملية مراجعة فكرية تستند إلى التمييز بين فقه الدولة وفقه الدعوة وعدم الخلط بين الجماعة والدولة، والكف عن احتكارٍ النصوص المقدسة مع الاعتراف الكامل بالآخر، والتوقف عن ترويع الغير أو اللجوء لممارساتٍ تتسم بالعنف مهما كانت الظروف.
أولاً- العقلية الصفرية
الحقيقة، من المستبعد قيام الإخوان بهذه المراجعات استنادا إلي عدة عوامل أهمها، أن العقلية الصفرية هي التي تحكم فكر قادة الإخوان (إما الفوز بكل شيء أو خسارة كل شيء)، فقيادات الصفين الأول والثاني يفتقرون تمامًا للبعد الفكري والعقل النقدي الذي يستطيع أن يقنع زملاءه بجدوى المراجعات وأهميتها، لأن من يسيطر الآن هو العقل التنظيمي الحركي والسياسي المناور البراجماتي في صفوف القيادات والعقل الحماسي في صفوف الأعضاء، وهو تشكيل يستحل ارتكاب تجاوزات جسيمة تصل لحد ارتكاب أعمال عنف وقتل وإرهاب، لتحقيق أهداف التنظيم مع الحرص الشديد على عدم الاعتراف بالخطأ حتى لا تقع الجماعة في مرمى المحاسبة؛ لأن الجماعة ترى عملية كهذه انتحارًا سياسيًا لها تهدّد بكسر وحدة التنظيم في هذا التوقيت سواء قامت بها بشكل منفرد أو في إطار صفقة مع النظام.
وبدلاً عن ذلك توظف الجماعة شعارات الشرعية والشريعة للحفاظ على القاعدة الشعبية لها وتماسكها، وبهدف رفع المعنويات وحشد الأنصار، كما استخدمت قيادة الإخوان المخاوف الوجودية على مستقبل الجماعة لردع أي دعوة جادّة لممارسة النقد الذاتي أو المراجعة الداخلية، مع رفض مطلق وبعناد الاعتراف بأخطائهم الخطيرة وخيانة قضيتي الثورة والديمقراطية، خاصة وأن هناك مخاوف من عدم استجابة النظام لهذه الخطوة بالطريقة المناسبة، من وجهة نظر قادة الجماعة استنادا إلى حالة التحريض ضد الإسلاميين في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى زيادة العداء الاجتماعي تجاههم في الفضاء العام، لذا يرفع المتظاهرون المؤيدون لمرسي في الاحتجاجات شعارات تدّعي في الغالب أن قمع النظام لا يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين أو مرسي بل بالإسلام نفسه، وأنه يمثّل حربًا على الإسلام.
كما أن إقدام الإخوان على خطوة المراجعة في إطار صفقة مع النظام تشمل إطلاق سراح القادة المعتقلين، فمن شبه المؤكد أن النظام يتردّد للغاية في تقديم هذا العفو خاصة عقب تصنيفه للجماعة بأنها إرهابية، فهو سيصرّ على الأقلّ على تقديم الذين يتحمّلون المسئولية عن أعمال إجرامية أو إرهابية إلى العدالة، وهذا ما يرفضه الإخوان، فالوقت لن يكون مناسبًا لنقد هؤلاء القادة أو محاسبتهم على أوجه قصورهم وممارساتهم الخاطئة، ومن شأن أي تحوّل مفاجئ من جانب قادة الإخوان نحو عقد هذه الصفقة أن يشوّه بصورة فورية صدقيّة القيادة في عيون قاعدتهم الشعبية، ومن ثم لن تقبل كتلة الإخوان الصلبة مثل هذه الصفقة، والتي سيتم تصويرها بوصفها عملًا خيانيًا غير مستساغ قد تصل بالإخوان إلى نهاية تاريخية غير مطلوبة، وهذا يحول أيضا دون تبنيهم فكرة المراجعة حيث يبقى التضامن داخل الجماعة ووحدة التنظيم وراء قيادته أولوية قصوى بالنسبة إليهم، لأن المراجعة معناها اعتراف الجماعة بانتهاج خطاب ومواقف وسياسة تحريضية أدت إلى انهيار الأوضاع على الأرض وخسائر سياسية غير مسبوقة فادحة لمجمل الحركة الإسلامية، وكذلك تضحيات وأرواح بريئة سواء من الشعب أو من الجيش والشرطة، واعتراف كهذا يكلف الجماعة مسئولية تاريخية وأدبية باهظة لا أظن توفر الشجاعة اللازمة بين القيادات الحالية لتحملها.
وما يصعّب مهمة المراجعة، أن جماعة الإخوان عبر تاريخها الطويل غير معتادة عليها وغير معتادة أيضا على الاعتراف بالخطأ وتصويبه، وكل من حاول إرساء هذا المنهج في بنية الجماعة الفكرية طردوه منها وتخلوا عن خدماته بداية من الدكتور مصطفى كامل ومحمد البهي والباقوري وصولا لمختار نوح وثروت الخرباوي وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب وكمال الهلباوي.
كما أن ما قام به المستشار حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان، والدكتور عمر التلمساني المرشد الثالث من مراجعات فكرية ضمنها كتاب "دعاة لا قضاة" لم تكن سو مواقف تكتيكية وليست لإصلاح بنية الجماعة الداخلية والاعتراف بالأخطاء السابقة، ولم يصدر عن جماعة الإخوان طوال عمرها أية مراجعات، وحتى ما قامت به الجماعة الإسلامية (التي ولدت من رحم الإخوان) من مراجعات كان أمرا تكتيكيا أيضا، وهذا ما أوضحته أزمة استقالة مهندس هذه المراجعات ناجح إبراهيم منها عقب تبنيها لخطاب التكفير والعنف مرة أخرى، كما أكدت التجربة الليبية انقلاب الإخوان وجماعات الإسلام السياسي علي ما أعلنوه من مراجعات فكرية في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي وتبنيهم فكرا أكثر عنفا وتطرفا من ذي قبل .
ثانياً- مجتمع بلشفي
كما يستبعد الهيكل التنظيمي للإخوان اعتماد نهج معتدل، ومن ثم إجراء مراجعات فكرية، فالجماعة على مدى أكثر من ثمانين عامًا، تطورت لتتحول إلى مجتمع هرمي مغلق ونفعي منظّم على غرار الطراز البلشفي للقيادة والسيطرة والحركة الماسونية، والتنظيمات الأوربية الصارمة، فاعتنقت قياداتها مفهوم الولاء المطلق والإيمان الكامل والطاعة العمياء كأسلوبٍ للتعامل في ما بينهم مع حدود قاطعة وفكر لا يقبل الاختلاف أو التعددية!
كما أنشأت الجماعة التنظيم السري الخاص وجناحه العسكري، وأمعنت في استخدام العنف ضد المجتمع بنوعٍ من الاستعلاء والابتعاد عن الواقع وإنكار الحقائق، ولقد حرص الإخوان طوال تاريخهم على استدعاء كل العناصر المنتمية إليهم أو الموالية لهم مع استبعاد ما دون ذلك من قوى سياسية أخرى!
وهذا المنهج مازال مسيطرا علي كل قيادات الجماعة بما يمنعها من احتواء غيرها أو التوافق معه، فلقد أثبتت سنة واحدة من حكمهم لمصر أن البعد الوطني والدافع القومي لا يمثلان إطارًا فكريًا لهم، ولكن الذي يعنيهم هو الجماعة ودورها في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، فهي تعتبر نفسها مجتمعًا مضادًا ومؤهّلًا لتمثيل الشعب وقيادته إلى عالم جديد، بحيث تستبدل الدولة الحديثة القائمة بأخرى جديدة تسمى دولة الإخوان.
وفي الثلاثين عامًا الأخيرة، خضع هذا المجتمع إلى قيادة جيل من القادة (ومنهم القادة الحاليين) ممن تأثّروا جدًا بأفكار سيد قطب مفكر جماعة الإخوان المسلمين الشهير في خمسينيات وأوائل ستينيات القرن المنصرم، فقد كان لقطب دورا أساسيا في تعزيز مفهوم التنظيم أولًا، والذي يقوم على أن القضية الإسلامية ترتبط بطبيعتها بإنشاء ومؤازرة مجتمع الإخوان باعتباره تمثيلًا حصريًا للطليعة القرآنية المؤمنة المنوط بها وحدها إعادة تأسيس الإسلام والتحدث باسمه في عالم اليوم ومن ثم فإن كل شيء جائز إذا كان ضروريًا لجماعة الإخوان ومجتمعها.
وساهمت سمات التنظيم الشبكي في تماسك الجماعة ومواجهة ما تعرضت له من محن عبر تاريخها الطويل، وخاصة أواصر العقيدة والهوية مع سيطرة آليات التربية والتعبئة والتوظيف والترقية، فضلا عن شبكات من المصالح المشتركة: المال والعلاقات الاقتصادية والعلاقات الشخصية والعائلية، والولاءات العابرة للحدود الوطنية، والتي شكلت منها طائفة اجتماعية مغلقة ومتناهية فقط مع نفسها داخل المجتمع المصري، وتعاملت مع المختلفين معها أما بطردهم منها أو تقديم استقالاتهم، وهذه الأمور تفرض علي قادة الإخوان المعتدلين عدم الشروع في أي مراجعات مع النظام أو داخل التنظيم .
فقد أظهرت الجماعة أنها حركة ملتزمة بأطر أيديولوجية متطرفة وليست معتدلة كما أشيع عنها، فلا تدعم جماعة الإخوان الخطاب المؤيد للديمقراطية، وبدلًا من ذلك بدت أكثر انحيازًا إلى التفسير والفهم السلفيين في هذه المسائل خاصة الدينية منها، بالإضافة إلي التأطير الأيديولوجي لرسالة الجماعة كما عبّر عنها سيد قطب، وبالتالي فإن أعضاء جماعة الإخوان ليسوا تلك النسخة الشرق أوسطية من الديمقراطيين المسيحيين التي يتصوّرها بعض المحللين السياسيين الغربيين، فالإخوان ليسوا لاعبين من يمين الوسط يقتفون أثر نزعتهم الاجتماعية والثقافية المحافظة دينيًا ضمن حدود الديمقراطية الليبرالية كما هو الحال عند الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوربا.
فالإخوان وجماعات الإسلام السياسي في مصر وبلاد أخري كالجزائر وليبيا وسوريا وأفغانستان تتعامل بشكل انتقائي مع الديمقراطية الليبرالية كأدوات فقط وأهمها العمليات الانتخابية، وهي لا تزال غير راغبة وغير قادرة على تحمّل مسئولية إجراء تغييرات كبيرة في إيديولوجيتها، ولاسيّما مفاهيمها عن الهوية والمواطنة والحرية الدينية والحريات العامة والخاصة والمساواة بين الجنسين والسيادة الشعبية وحكم الشعب خاصة وأنهم لا يمتلكون نظرية واضحة عن الدولة يمكن ترجمتها إلى سياسة، إذ تلتزم جماعة الإخوان بإقامة دولة إسلامية تخضع إلى السيطرة الاستبدادية للجماعة التي احتكرت التعبير عن قيم الإسلام نافية هذا الحق عن الآخرين، وهذه الميول السلطوية للجماعة هي الخطر الحقيقي على الهوية الوطنية والوحدة والأمن القومي والحريات والديمقراطية.
ومن ثم يتجاوز نطاق الإصلاحات الضرورية قدرة الإخوان على القيام بها نظرًا إلى طبيعة إيديولوجية الجماعة وهويتها ومهامها وتنظيمها و قيادتها في الوقت الحالي، وإذا ما وضعت هذه الإصلاحات موضع التنفيذ، سيكون الباب مفتوحًا أمام فرص ظهور حركات إسلامية جديدة تتجاوز جماعة الإخوان، وهذا تطور ترفضه الجماعة بشكل قاطع، وهنا تكمن المشكلة الرئيسة.
ثالثاً- سرديات الإنكار والشرعية والصراع التاريخي
كما أن حالة الإنكار للحقيقة التي يعيشها الإخوان وعدم قبول غير ما يعتقدونه صحيحًا، يجعل الإخوان متردّدة في الاعتراف بالأخطاء، وبسبب ذلك خسرت عبر تاريخها الطويل فرصًا لاحت لها في مصر للاندماج في المجتمع والنظام السياسي الحاكم أولاها في أربعينيات القرن المنصرم والثانية عقب ثورة 1952والثالثة في بداية سبعينيات القرن العشرين والرابعة بعد ثورة 25 يناير، لإعادة تكييف وضعها القانوني أو إجراء إصلاحات تنظيمية وحركية عميقة، واتجهت لتبني أساليب عنيفة مع الدولة والمجتمع وممارسة رسائل التحدي كما يحدث حاليا، لذا يبدو أن حدوث تحوُّل إيجابي عميق في الإيديولوجية والتكتيكات والأهداف بالنسبة للجماعة مستبعد في ضوء الوضع الراهن، خاصة وأن الصراع الحالي في مصر طرفاه الإخوان وأنصارهم من جهة، والمجتمع ومؤسسات الدولة خاصة الجيش والشرطة من جهة ثانية، وما يمثله ذلك من خلفيات تنافسية وثارات سياسية ممتدة إلى الخمسينيات من القرن الماضي، مما يمنع الإخوان من القيام بأية خطوة تراجعية إلى الخلف تؤكد انهزامهم السياسي واعترافهم بالخسارة أمام خصوم تاريخيين - الجيش والشرطة والناصريين- ، طالما انتظر الإخوان الوقت المناسب والمرحلة المواتية لإزاحتهم من المشهد، خاصة وأن الاتجاه الرئيس في الإخوان حاليا يعتبر العنف خياره الأفضل في مواجهة الجيش والشرطة.
علاوة على ذلك، قد يرى النظام الحالي - علي غرار ما حدث في عهد السادات ومبارك - أن له مصلحة فعلية في عدم دعم مثل هذه المراجعة، وتصوير الإخوان كجماعة إرهابية، ومن ثم استمرار وجودهم كلاعب في الفضاء العام وخارج النظام كفزعة للشعب والغرب معا وعدوا للاستقرار والأمن، وبما يسهم في صرف الأنظار عن قضايا الفشل الحكومي في إرساء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وغيرها من المواضيع المزعجة له، وجعل الصراع السياسي في إطار الجدل التاريخي حول العلمنة في مقابل الأسلمة أكثر منها تجاه المناقشات حول الديمقراطية، أو العلاقات بين المدنيين والعسكريين، أو المساءلة العامة والشفافية، أو التنمية الاقتصادية العادلة والمستدامة، أو تدابير مكافحة الفساد، وهو ما يجعل النظام الحالي مستفيدًا من حالة إقصاء الإخوان وتقديمهم طوال الوقت كعدو للشعب ولأمنه واستقراره، لذا فسيناريو المراجعة إشكالي للغاية ومستبعد في المدى القصير على الأقل.
وعوضا عن سيناريو المراجعة تراهن جماعة الإخوان من خلال تبني سياسة النفس الطويل وسيناريو الاحتجاجات المتواصلة على نزع شرعية النظام الحالي وتحقيق مكاسب على المدى الطويل، مثل استنزاف النظام حتى يذعن لشروطها، فربما تجعل الأزمة الممتدّة والأعداد الكبيرة من القتلى والإصابات في صفوف الإسلاميين الرأي العام يتعاطف مع الإخوان، ويزداد امتعاض الناس من الطريقة التي يدير بها النظام الأمور، وبما ينزع الشرعية عنه وخاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب بسبب أزماته الهيكلية، وقد تؤدي الانشقاقات داخل معسكر30 يونيو بسبب الجدل المثار حول المضامين الديمقراطية لسياسات النظام إلى إضعافه أكثر.
وبالإضافة لاستغراقها في سرديتها الخاصة عن الشرعية المغتصبة، والطابع غير الشرعي للنظام الحالي، فإن آلة الدعاية الحربية الطابع للإخوان والدعم الذي يتلقونه من التنظيمات التكفيرية والمسلحة، والتلاقح العابر للحدود مع الجماعات السلفية الجهادية خارج مصر، تصب المزيد من الزيت على النار خاصة مع عودة وانتشار الخطاب التكفيري على مدى الثلاثة أعوام الماضية، لذا تراهن الإخوان على تكرار سيناريو 25 يناير، وترفض أي دعوات للمراجعة أو تقدّيم أي تنازلات كما ترفض المشاركة في العملية السياسية الجديدة بهدف نزع الشرعية عنها وتصفها بأنها إقصائية وغير تعددية وغير ديمقراطية، والأهم من ذلك معادية للإسلاميين بل وللإسلام نفسه.
لذا تلجأ الجماعة إلى تنظيم أنشطة احتجاجية منتظمة، مثل المظاهرات الأسبوعية والمسيرات والتجمّعات، وتدخل في حرب دعائية من خلال وسائل الإعلام وشبكات الإنترنت لتحقيق هذا الهدف، ومن المفارقات أن سيناريو استمرار الاحتجاجات في المدى الطويل قد يتحوّل إلى نسخة معدّلة من سيناريو التسوية بوصفه الحدّ الأقصى الذي يمكن أن تحصل عليه جماعة الإخوان، نظرًا إلى ميزان القوى الحالي ومن المرجّح أن يظل كذلك لبعض الوقت.
رابعاً- الإخوان والقاعدة والجماعات التكفيرية
انكشاف الإخوان وجماعات الإسلام السياسي الأخرى كجماعات إرهابية، فالإخوان التي تمتلك ذراعا مسلحا ( التنظيم الخاص ) تعتبر أن الدولة المصرية ومؤسساتها خاصة الجيش والشرطة دولة كفرية، ولم تتبرأ يوما من جرائمها الإرهابية منذ الأربعينات وحتى الآن، كما أنها لم تُدِن في يوم من الأيام العمليات الإرهابية لتنظيم الجهاد أو الجماعة الإسلامية بل كانت تطلق علي خالد الإسلامبولي لقب "الشهيد" ولم يحدث في يوم أن أدانت عمليات القاعدة، وكانت تعتبر أسامة بن لادن أحد الأبطال المجاهدين.
وهناك عدة أدلة على تورط الإخوان في عمليات الإرهاب التي حدثت في مصر في الفترة منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، أولها ما كشفته الأجهزة الأمنية من ترتيب الإخوان لعمليات إرهابية تنفيذا لمخططات وضعها التنظيم الدولي، ومنها أن منوّر حسن أمير الجماعة الإسلامية بباكستان، عقد اجتماعًا مع قيادات إخوانية على هامش اجتماع التنظيم الدولي للإخوان في لاهور في أبريل 2013، للاتفاق على خطوات التصعيد ضد الشرطة والجيش المصري باستهداف مديريات الأمن ومراكز التدريب وأقسام الشرطة والمواقع العسكرية، واستهداف الكنائس كما حدث مع كنيسة العذراء بالوراق، كما وضع التنظيم الدولي خطة العصيان المدني تزامنا مع فعاليات 25 يناير 2014، وقام بتنفيذها الإخوان وأنصارهم، بداية من الأول من ديسمبر 2013، وشملت أعمالا تخريبية، من بينها وقف حركة وسائل المواصلات وتعطيل المترو بالقاهرة والجيزة، والمشاركة في تعطيل المصالح الحكومية وقطع الطرق بين المحافظات وتعطيل الدراسة بالجامعات وإفشال عقد الامتحانات بالجامعات ونقل المعارك إلى عدد من المحافظات كالإسماعيلية والإسكندرية والغربية والشرقية والدقهلية وبعض الأماكن السياحية.
كما كشفت التحقيقات التي أجريت مع محمد الظواهري عقب القبض عليه، وتحقيقات المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم حقيقة العلاقة السرية بين تنظيم القاعدة والتنظيمات التكفيرية وجماعة الإخوان، وأن ما قام به مرسي بالإفراج عنما يقرب من 300 من المعتقلين على ذمة قضايا متعلقة بالإرهاب والسماح لإرهابيين آخرين بالعودة إلى مصر دون ملاحقتهم أمنيا، كان في إطار صفقة حدثت بين الإخوان وتنظيمي القاعدة والجهاد، وإنشاء بنية تحتية لهما بمنطقة سيناء وليبيا، وعزز من قدرات هذه الجماعات الإرهابية النشاط الملموس الذي قام به محمد الظواهري شقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الحالي الذي ارتبط بصلة قرابة مع أحد كبار موظفي القصر الرئاسي في عهد محمد مرسي، حيث تم تكليف أحد قيادات تنظيم الجهاد بالخارج بالتمركز في الأراضي الليبية لإنشاء معسكرات تدريب على عمليات إرهابية ممولة من الإخوان، بهدف إثارة الفوضى وفرض حالة من عدم الاستقرار بعد عزل مرسي ومعاقبة الشعب المصري المؤيد لخارطة الطريق.
كما كشفت تحقيقات قضية سجن وادي النطرون، وكذلك ضبط أحد كتائب عناصر القسام وعدد من أفراد حماس الذين تم تقديمهم إلى المحاكمة عام 2014، العلاقة الوثيقة بين الإخوان وبعض المليشيات الموجودة في غزة مثل كتائب القسام وحماس، والتي ثبت بالدليل القاطع تورطها في أحداث اقتحام السجون عقب 25 يناير 2011، وأيضًا تعاون الإخوان مع السلفية الجهادية وبعض الجماعات المتطرفة في سيناءمثل جماعة "ممتاز دغمش" التي تسمى بجند الإسلام وجماعة أنصار بيت المقدس التي تمارس الإرهاب في سيناء، حيث إنهم يقومون بعمليات ضد القوات المسلحة والشرطة والأهالي غير التابعين لهم ويقومون بتفجير خط أنابيب الغاز، وما يؤكد دعم الإخوان للإرهاب أيضا أن الجماعات الإرهابية في سيناء أعلنت في بيان رسمي قبيل ثورة 30 يونيو2013، أنه إذا أزيح محمد مرسي، أو أجريت انتخابات رئاسية مبكرة فسيتم إعلان سيناء إمارة إسلامية، واستهداف أنابيب الغاز التي تمر عبر سيناء بشكل دائم ، وهذا ما أكده القيادي الإخواني محمد البلتاجي، عندما قال إذا عاد مرسي للرئاسة ستتوقف العمليات الإرهابية في سيناء.
وفي هذا الإطار حذرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، واسعة الانتشار في أبريل 2013، من أن تنظيم القاعدة وبالتعاون مع جماعة الإخوان يسعى بقوة لتحويل مصر إلى إمارة إسلامية وقاعدة جديدة ينقل ميليشياته إليها، وذلك من خلال علاقته القوية مع الإخوان والجماعات الجهادية الموجودة بالداخل ، كما أن العديد من الخلايا التابعة للقاعدة قد عادت إلى مصر في عهد حكم الإخوان، وكلها دلالات مهمة على الانتشار الواسع لفكر القاعدة في عهد حكم مرسي وعشيرته.
وأدت هذه الممارسات إلى حالة كراهية غير مسبوقة للإسلاميين عامة وللإخوان بخاصة في أوساط الشعب بسبب ممارسات الإخوان العنيفة التي رسخت لدى المواطن فكرة إرهاب الجماعة التي تحالفت مع العديد من التنظيمات الإرهابية داخل وخارج مصر، ما يجعل الأجواء السياسية والرأي العام حاليا مناهضين لوجود هذه الجماعات، وخاصة بعد ممارساتهم السلبية في حكم مصر وممارستهم للعنف والإرهاب.
ولكل هذه الاعتبارات أعلنت الحكومة المصرية في عام 2014 أن الإخوان تنظيم إرهابي، ويترتب على إعلان الإخوان جماعة إرهابية استحالة إجراء الحكومة أية مصالحة وطنية معهم فضلا عن رفض الحكومة الحالية التام لأية صفقة معهم، حتى لو شملت تلك الصفقة إجراء الإخوان لمراجعات فكرية.