الخفايا الواضحة: قواعد جديدة للعبة الأمريكية في العراق
الأربعاء 29/أبريل/2015 - 11:36 ص
د. محمد السعيد إدريس
الموقف الذي اتخذه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من تردد وهروب من مسئولية تسليح الجيش العراقي، والاستجابة للمطالب التي تقدم بها رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في لقائه مع أوباما في واشنطن (15/4/2015) يكشف الكثير من حقائق الموقف الأمريكي من العراق ومستقبله، كما يكشف جوهر أسباب القرار الإستراتيجي الأمريكي بحل الجيش العراقي والقوات والأجهزة الأمنية فور إسقاطهم الحكم في العراق واحتلاله (مارس 2003).
قرار حل الجيش والقوات والأجهزة الأمنية كان يهدف بالأسباب إلى هدم الدولة العراقية وتفكيكها وإعادة بنائها بالشكل الذي يناسب واشنطن وحلفاءها القدامى (إسرائيل ودول الخليج العربية) والجدد (إيران). وإذا كانت واشنطن قد دخلت العراق بشعار إعادة ترسيم الخرائط السياسية، وشرعت في تقسيم العراق عمليًا إلى ثلاث دويلات: شيعية وسُنية وكردية، فإن كل القوى الإقليمية التي شاركت عمليًا أو معنويًا في هذه الجريمة كانت تريد عراقًا ضعيفًا غير قادر على أن يكون مصدرًا للتهديد. إسرائيل عبرت عن ذلك علنيًا عبر ما ورد على لسان رئيس الحكومة الإسرائيلية حينئذ إيهود أولمرت، للرئيس الأمريكي الذي قام بغزو العراق واحتلاله جورج دبليو بوش. ففي لقاء وداعي قرب انتهاء ولايتهما معًا، خاطب أولمرت بوش بكل الشكر على دوره الذي لن تنساه إسرائيل من تدمير للعراق. وإيران شاركت في تنفيذ المطلوب من خلال دعم أنصارها الشيعة من السيطرة على الحكم، والانتقام لما يسمونه في طهران بـ "الحرب المفروضة" أي الحرب العراقية- الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات (1980- 1988)، وما يعتبرونه "مظلومية تاريخية" عاشها الشيعة في العراق تحت الحكم الاستبدادي السُني منذ استشهاد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. أما دول الخليج التي قدمت كل التسهيلات لغزو العراق، فكانت تأمل أن تطوي صفحة العدوانية العراقية التي احتلت الكويت (2 أغسطس 1990) وأن تؤسس لدولة عراقية مسالمة غير قادرة على التهديد.
قرار حل الجيش والقوات والأجهزة الأمنية كان يهدف بالأسباب إلى هدم الدولة العراقية وتفكيكها وإعادة بنائها بالشكل الذي يناسب واشنطن وحلفاءها القدامى (إسرائيل ودول الخليج العربية) والجدد (إيران). وإذا كانت واشنطن قد دخلت العراق بشعار إعادة ترسيم الخرائط السياسية، وشرعت في تقسيم العراق عمليًا إلى ثلاث دويلات: شيعية وسُنية وكردية، فإن كل القوى الإقليمية التي شاركت عمليًا أو معنويًا في هذه الجريمة كانت تريد عراقًا ضعيفًا غير قادر على أن يكون مصدرًا للتهديد. إسرائيل عبرت عن ذلك علنيًا عبر ما ورد على لسان رئيس الحكومة الإسرائيلية حينئذ إيهود أولمرت، للرئيس الأمريكي الذي قام بغزو العراق واحتلاله جورج دبليو بوش. ففي لقاء وداعي قرب انتهاء ولايتهما معًا، خاطب أولمرت بوش بكل الشكر على دوره الذي لن تنساه إسرائيل من تدمير للعراق. وإيران شاركت في تنفيذ المطلوب من خلال دعم أنصارها الشيعة من السيطرة على الحكم، والانتقام لما يسمونه في طهران بـ "الحرب المفروضة" أي الحرب العراقية- الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات (1980- 1988)، وما يعتبرونه "مظلومية تاريخية" عاشها الشيعة في العراق تحت الحكم الاستبدادي السُني منذ استشهاد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. أما دول الخليج التي قدمت كل التسهيلات لغزو العراق، فكانت تأمل أن تطوي صفحة العدوانية العراقية التي احتلت الكويت (2 أغسطس 1990) وأن تؤسس لدولة عراقية مسالمة غير قادرة على التهديد.
الجيش العراقي ليست له هوية وطنية في ظل غلبة الهوية الطائفية على المنتسبين للجيش من الشيعة والسُنة
أولا- قراءة في زيارة العبادي لواشنطن
الآن، تتباين الرؤى حول ما يجري في العراق، وبالذات فشل الجيش العراقي الجديد في الصمود أمام ميليشيات داعش في يونيو 2014 وسقوط أبرز المحافظات السُنية تحت سيطرة هذه الميليشيات. فشل الجيش وهروب الفرق العسكرية والكتائب وترك أسلحتها غنيمة لميليشيات داعش أجبرت رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي أن يفتح ملف الفساد في الجيش العراقي في ظل حكم سلفه نوري المالكي، لكنه لم يستطع أن يجيب عن سؤال: لماذا هرب العسكريون العراقيون أمام داعش، ولماذا نجحت الميليشيات الشيعية في تحرير تكريت؟ ولماذا عاد الجيش العراقي ليجدد فشله في الرمادي؟ وكيف له أن يحرر الموصل ومحافظة الأنبار وما تبقى من الأراضي العراقية المحتلة؟
كان على حيدر العبادي قبل أن يذهب إلى واشنطن ليطلب أسلحة جديدة للجيش العراقي من الرئيس الأمريكي أن يسأل عن السبب الجوهري لتهاوي معنويات الجيش، وتجدد هروبه وفشله أمام "داعش"، كان عليه أن يعي أن جيشه يفتقد عقيدة عسكرية وطنية، فالجيش لا يعرف عن أي شيء يدافع أو عن ماذا يدافع؟ هل عن الوطن؟ أم عن ماذا؟
الجيش العراقي ليست له هوية وطنية في ظل غلبة الهوية الطائفية على المنتسبين للجيش من الشيعة والسُنة، فالطائفة باتت تفوق الوطن والهوية الوطنية، وهذا ما دعا إليه بعض المسئولين الإيرانيين أخيرًا، وانتقدهم السيد علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق على ذلك، وفي ظل غلبة الهوية العرقية على الأكراد المنتسبين للجيش. لذلك لم يجد الشيعة والأكراد المنخرطون في الجيش ما يدفعهم للموت والاستشهاد في سبيل تحرير أراض باتت تُعرف بأنها "محافظات السنة". وهذا ما يميز قتال الجيش عن قتال الحشد الشعبي. فقوات الحشد الشعبي وبالذات الميليشيات الشيعية المشاركة في هذا الحشد قالت في تكريت بقوة كانت تقاتل بدعوة من المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني خوفًا عن العتبات الشيعية المقدسة (مراقد الأئمة الكبار في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء)، كما أن جرائمها ضد الكثيرين من أبناء تكريت وممتلكاتهم كان اعتقادًا منهم أنهم ينتقمون من أفراد وجماعات تعاونت وساندت ميليشيات "داعش" التكفيرية.
وكان على حيدر العبادي أن يعرف قبل أن يذهب إلى واشنطن ليطلب السلاح لمقاتلة "داعش" ولتقوية الجيش، أن جيش بدون هوية وطنية لن يكون جيشًا، ولن تكون للجيش هوية وطنية دون أن يكون للحكومة وللنظام هوية وطنية أن تضع نهاية لمشروع التقسيم الذي أراده الأمريكيون وباركته القوى الإقليمية الكبرى الثلاث: إيران وإسرائيل وتركيا، أو على الأقل تقسيم الأمر الواقع.
وكان على حيدر العبادي أن يعرف قبل أن يذهب إلى واشنطن ليطلب أسلحة من أوباما لمقاتلة "داعش" وتقوية الجيش، أن واشنطن والقوى الإقليمية الثلاث وربما دول عربية مجاورة للعراق لا تريد جيشًا عراقيًا قويًا مرة أخرى، وأن يعرف أن أوباما لا يريد للعراق سواء كان الجيش أو الحشد الشعبي أو قوات العشائر السنية أن تنتصر على "داعش"، لأن "داعش" وجدت لتبقى شوكة تدمير للدولة الوطنية العربية على امتداد الوطن العربي كله، وهذا ما يتهدد العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن ودول الخليج والأردن.
ثانيا- خفايا الدور الأمريكي في العراق
وإذا كان أوباما لم ينصت لمطالب حيدر العبادي فإن زيارة العبادي لواشنطن كشفت الكثير من خفايا الدور الأمريكي في العراق وأهدافه، بقدر ما أثارت من تساؤلات حول علاقات واشنطن وطهران في العراق أولًا، وفي الخليج ثانيًا، وفي أزمتي اليمن وسوريا ثالثًا، لكن الأهم من هذا كله ذلك التساؤل الصعب عن أطر التنسيق غير المباشر الذي ستقوم به الولايات المتحدة بين "إسرائيل" وإيران، هل هذه الأطر التنسيقية محتملة أم مستبعدة ومستغربة، وإذا كانت محتملة كيف ستؤثر في قيادة إيران لأطراف خيار المقاومة ضد الكيان الصهيوني في فلسطين؟
قبل أن يذهب العبادي إلى واشنطن، كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أعد العدة لتفجير قنابله السياسية مع محاوره المفضل الكاتب الصحفي توماس فريدمان . في هذا اللقاء فجّر أوباما ثلاث قنابل، الأولى بإعلانه أن إيران ليست مصدرًا للتهديد بالنسبة إلى أمن دول مجلس التعاون الخليجي، وأن مصادر تهديد هذا الأمن داخلية بصفة أساسية .
الآن، تتباين الرؤى حول ما يجري في العراق، وبالذات فشل الجيش العراقي الجديد في الصمود أمام ميليشيات داعش في يونيو 2014 وسقوط أبرز المحافظات السُنية تحت سيطرة هذه الميليشيات. فشل الجيش وهروب الفرق العسكرية والكتائب وترك أسلحتها غنيمة لميليشيات داعش أجبرت رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي أن يفتح ملف الفساد في الجيش العراقي في ظل حكم سلفه نوري المالكي، لكنه لم يستطع أن يجيب عن سؤال: لماذا هرب العسكريون العراقيون أمام داعش، ولماذا نجحت الميليشيات الشيعية في تحرير تكريت؟ ولماذا عاد الجيش العراقي ليجدد فشله في الرمادي؟ وكيف له أن يحرر الموصل ومحافظة الأنبار وما تبقى من الأراضي العراقية المحتلة؟
كان على حيدر العبادي قبل أن يذهب إلى واشنطن ليطلب أسلحة جديدة للجيش العراقي من الرئيس الأمريكي أن يسأل عن السبب الجوهري لتهاوي معنويات الجيش، وتجدد هروبه وفشله أمام "داعش"، كان عليه أن يعي أن جيشه يفتقد عقيدة عسكرية وطنية، فالجيش لا يعرف عن أي شيء يدافع أو عن ماذا يدافع؟ هل عن الوطن؟ أم عن ماذا؟
الجيش العراقي ليست له هوية وطنية في ظل غلبة الهوية الطائفية على المنتسبين للجيش من الشيعة والسُنة، فالطائفة باتت تفوق الوطن والهوية الوطنية، وهذا ما دعا إليه بعض المسئولين الإيرانيين أخيرًا، وانتقدهم السيد علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق على ذلك، وفي ظل غلبة الهوية العرقية على الأكراد المنتسبين للجيش. لذلك لم يجد الشيعة والأكراد المنخرطون في الجيش ما يدفعهم للموت والاستشهاد في سبيل تحرير أراض باتت تُعرف بأنها "محافظات السنة". وهذا ما يميز قتال الجيش عن قتال الحشد الشعبي. فقوات الحشد الشعبي وبالذات الميليشيات الشيعية المشاركة في هذا الحشد قالت في تكريت بقوة كانت تقاتل بدعوة من المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني خوفًا عن العتبات الشيعية المقدسة (مراقد الأئمة الكبار في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء)، كما أن جرائمها ضد الكثيرين من أبناء تكريت وممتلكاتهم كان اعتقادًا منهم أنهم ينتقمون من أفراد وجماعات تعاونت وساندت ميليشيات "داعش" التكفيرية.
وكان على حيدر العبادي أن يعرف قبل أن يذهب إلى واشنطن ليطلب السلاح لمقاتلة "داعش" ولتقوية الجيش، أن جيش بدون هوية وطنية لن يكون جيشًا، ولن تكون للجيش هوية وطنية دون أن يكون للحكومة وللنظام هوية وطنية أن تضع نهاية لمشروع التقسيم الذي أراده الأمريكيون وباركته القوى الإقليمية الكبرى الثلاث: إيران وإسرائيل وتركيا، أو على الأقل تقسيم الأمر الواقع.
وكان على حيدر العبادي أن يعرف قبل أن يذهب إلى واشنطن ليطلب أسلحة من أوباما لمقاتلة "داعش" وتقوية الجيش، أن واشنطن والقوى الإقليمية الثلاث وربما دول عربية مجاورة للعراق لا تريد جيشًا عراقيًا قويًا مرة أخرى، وأن يعرف أن أوباما لا يريد للعراق سواء كان الجيش أو الحشد الشعبي أو قوات العشائر السنية أن تنتصر على "داعش"، لأن "داعش" وجدت لتبقى شوكة تدمير للدولة الوطنية العربية على امتداد الوطن العربي كله، وهذا ما يتهدد العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن ودول الخليج والأردن.
ثانيا- خفايا الدور الأمريكي في العراق
وإذا كان أوباما لم ينصت لمطالب حيدر العبادي فإن زيارة العبادي لواشنطن كشفت الكثير من خفايا الدور الأمريكي في العراق وأهدافه، بقدر ما أثارت من تساؤلات حول علاقات واشنطن وطهران في العراق أولًا، وفي الخليج ثانيًا، وفي أزمتي اليمن وسوريا ثالثًا، لكن الأهم من هذا كله ذلك التساؤل الصعب عن أطر التنسيق غير المباشر الذي ستقوم به الولايات المتحدة بين "إسرائيل" وإيران، هل هذه الأطر التنسيقية محتملة أم مستبعدة ومستغربة، وإذا كانت محتملة كيف ستؤثر في قيادة إيران لأطراف خيار المقاومة ضد الكيان الصهيوني في فلسطين؟
قبل أن يذهب العبادي إلى واشنطن، كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أعد العدة لتفجير قنابله السياسية مع محاوره المفضل الكاتب الصحفي توماس فريدمان . في هذا اللقاء فجّر أوباما ثلاث قنابل، الأولى بإعلانه أن إيران ليست مصدرًا للتهديد بالنسبة إلى أمن دول مجلس التعاون الخليجي، وأن مصادر تهديد هذا الأمن داخلية بصفة أساسية .
أوباما: إن ما حدث من سيطرة لتنظيم "داعش" على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق يكشف عن نظام إقليمي جديد بديل لـ"سايكس- بيكو"
اللافت للنظر هنا أن هذا الكلام هو نفسه ما سبق أن كتبه توماس فريدمان في تبرير الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 . ففي الوقت الذي روّجت فيه مراكز أبحاث أمريكية لدوافع واشنطن من غزو العراق أبرزها إعادة ترسيم الخرائط السياسية، كان فريدمان يقدم الخلفية العلمية لهذه الدعوة بقوله: إن مجموعة الشباب الإرهابيين الذين قاموا بالأعمال الانتحارية ضد نيويورك وواشنطن يوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001 لم يقوموا بذلك بهدف الانتقام من الولايات المتحدة بسبب انحيازها السافر لـ "إسرائيل" وأعمالها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني (كانت مجزرة جنين في الضفة الغربية هي الحدث الأبرز في ذلك الوقت)، لكنهم فعلوا ذلك لأنهم عاشوا اليأس والإحباط وحياة البؤس المادي والمعنوي في الدول التي ينتسبون إليها، لأن هذه الدول غير متجانسة التكوين الاجتماعي العرقي والديني والطائفي، وأن الاستعماريين القدامى (بريطانيا وفرنسا) أصحاب اتفاقية "سايكس- بيكو" الذين رسموا حدود تلك الدول، لم يراعوا أولوية تأسيس دول متجانسة التكوين العرقي والديني والطائفي، لكنهم راعوا فقط مصالحهم المباشرة بأنانية غير مسبوقة . وأعلن وقتها أن الحل الأمثل هو إعادة ترسيم الخرائط، وإقامة دول جديدة متجانسة اجتماعيًا وعرقيًا ودينيًا وطائفيًا.
أوباما مقتنع بهذا الفكر، ويسعى إليه، وهو لم يشأ أن يخفي ذلك عندما التقى في يناير الماضي مع فريدمان وقال: إن ما حدث من سيطرة لتنظيم "داعش" على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق يكشف عن نظام إقليمي جديد بديل لـ"سايكس- بيكو"، والآن يعود أوباما ويتحدث مع الرجل نفسه ويردد مقولاته ويعلن إن أزمات دول الخليج كامنة داخل تكوينها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأن إيران بريئة من اتهامات التدخل في شئونها، وأنها ليست مصدرًا للتهديد.
القنبلة الثانية قال فيها أوباما إنه دعا قادة دول مجلس التعاون الخليجي للقاء موسع في منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة للبحث في القضايا المثارة في أعقاب التوقيع على اتفاق الإطار الخاص بأزمة برنامج إيران النووي . أي أنه سوف يضع قواعد اللعبة الجديدة في الخليج، ودور إيران في هذه اللعبة، ومسئولية الولايات المتحدة إزاء "العرب السنة" حلفائها. لقد لوحظ أن أوباما وإدارته وكبار قادة الكيان الصهيوني وكذلك الإعلام الإسرائيلي قد درجوا خلال الشهرين الأخيرين بالذات، وبالتحديد عقب اندلاع حرب "عاصفة الحزم" في اليمن، التي أظهرت انحيازًا أو اصطفافًا إيرانيًا مدعومًا من أطراف عربية شيعية خاصة في العراق ولبنان، إلى جانب المتمردين الحوثيين. كما أوضح أوباما أنه سيقدم تعهدات أمريكية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي بأن الولايات المتحدة سوف تتحمل مسئولية الدفاع عن هذه الدول ضد أي اعتداء خارجي.
القنبلة الثالثة، قوله إنه لا يرى في الخليج غير قوتين إقليميتين كبيرتين: إيران و"إسرائيل"!! هكذا.
"إسرائيل" أصبحت ليس فقط دولة خليجية، بل دولة قائدة في الخليج بالمشاركة مع إيران. معنى هذا أن الأمن الإقليمي الخليجي في ثوبه الجديد، وكما يريده أوباما، سيكون مسؤولية ثلاثية: أمريكية - إيرانية - "إسرائيلية".
المعنى المباشر لذلك هو؛ أن أوباما لا يرى وجودًا لـ "حلف عربي"، وليس معنى تأسيس قوة عربية عسكرية مشتركة نواتها مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، ولا يريد أن يربط أمن الخليج بالأمن القومي العربي، بل هو لا يعترف بوجود أمن قومي عربي.
كان هذا هو الموقف الأمريكي قبل لقاء أوباما مع حيدر العبادي الذي كان قد استبق زيارته لواشنطن بمعارضة تشكيل قوة عسكرية عربية خلال القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ، وانتقد بشدة "عاصفة الحزم"، وانحاز إلى الموقف الإيراني، وحاول أن يقنع أوباما بالتراجع عن الدعم "اللوجستي" ل"عاصفة الحزم"، وهذا ما دفع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إلى القول: إن "إدارة أوباما تبدو عالقة بين حليفين (السعودية والعراق) بسبب حرب اليمن".
ضمن هذا المناخ جاء لقاء العبادي مع أوباما، وفي هذا اللقاء وفي أعقابه تبين ما يؤكد أن الولايات المتحدة غير جادة في هزيمة "داعش" وإخراجه من العراق، وأن حقيقة الأداء الأمريكي تكشف أن واشنطن مع فرض "داعش" متغيرًا أصيلًا في معادلة تقسيم العراق . الأخطر أن "داعش" يدرك ذلك ويحترم قواعد اللعبة على أفضل وجه.
فقد راوغ الرئيس الأمريكي في الاستجابة لمطالب رئيس الحكومة العراقية بالحصول على دعم عسكري، خاصة طائرات من دون طيار، أو طائرات "أباتشي"، ودبابات، باعتبار أن هذه الأسلحة ضرورية لخوض معركة تحرير الموصل . تلاعب أوباما انكشف في قراره تقديم 200 مليون دولار مساعدات أمريكية للنازحين والمتضررين.
كما أكد، وللمرة الثانية أو حتى العاشرة، أن أمد الحرب ضد "داعش" سوف يطول. قبل ذلك أعلن أن الحرب قد تمتد ثلاث سنوات، والآن يكرر بعد لقائه العبادي أنها سوف تطول. حرب تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم إرهابي لا يملك السلاح والعتاد والمقاتلين القادرين على محاربة الجيش الأمريكي أسابيع، يقرر الرئيس الأمريكي أنها حرب طويلة المدى أو ممتدة. والسؤال: لماذا؟ هل لعجز عسكري من الحلفاء بقيادتهم الأمريكية أم لرغبة أمريكية في إطالة الحرب لتحقيق أهداف أخرى؟
السؤال مهم إذا أدركنا أن "داعش" كان في مقدوره أن يتقدم نحو "سامراء" حيث مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري، لكنه لم يتقدم، هل لأن ذلك ضد قواعد اللعبة وضد رغبة طهران؟
كما أنه كان في مقدوره أن يتقدم نحو بغداد ولم يحدث . . لماذا؟ هل لأن ذلك أيضًا ضد قواعد اللعبة، وأن المطلوب هو حصر وجود "داعش" في "المحافظات السنية" لفرض التقسيم والحفاظ على الحدود بين الدويلات الثلاث المستقبلية الكردية والسنية والشيعية؟
أسئلة مهمة لها علاقة مباشرة بقواعد اللعبة الجديدة.
أوباما مقتنع بهذا الفكر، ويسعى إليه، وهو لم يشأ أن يخفي ذلك عندما التقى في يناير الماضي مع فريدمان وقال: إن ما حدث من سيطرة لتنظيم "داعش" على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق يكشف عن نظام إقليمي جديد بديل لـ"سايكس- بيكو"، والآن يعود أوباما ويتحدث مع الرجل نفسه ويردد مقولاته ويعلن إن أزمات دول الخليج كامنة داخل تكوينها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأن إيران بريئة من اتهامات التدخل في شئونها، وأنها ليست مصدرًا للتهديد.
القنبلة الثانية قال فيها أوباما إنه دعا قادة دول مجلس التعاون الخليجي للقاء موسع في منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة للبحث في القضايا المثارة في أعقاب التوقيع على اتفاق الإطار الخاص بأزمة برنامج إيران النووي . أي أنه سوف يضع قواعد اللعبة الجديدة في الخليج، ودور إيران في هذه اللعبة، ومسئولية الولايات المتحدة إزاء "العرب السنة" حلفائها. لقد لوحظ أن أوباما وإدارته وكبار قادة الكيان الصهيوني وكذلك الإعلام الإسرائيلي قد درجوا خلال الشهرين الأخيرين بالذات، وبالتحديد عقب اندلاع حرب "عاصفة الحزم" في اليمن، التي أظهرت انحيازًا أو اصطفافًا إيرانيًا مدعومًا من أطراف عربية شيعية خاصة في العراق ولبنان، إلى جانب المتمردين الحوثيين. كما أوضح أوباما أنه سيقدم تعهدات أمريكية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي بأن الولايات المتحدة سوف تتحمل مسئولية الدفاع عن هذه الدول ضد أي اعتداء خارجي.
القنبلة الثالثة، قوله إنه لا يرى في الخليج غير قوتين إقليميتين كبيرتين: إيران و"إسرائيل"!! هكذا.
"إسرائيل" أصبحت ليس فقط دولة خليجية، بل دولة قائدة في الخليج بالمشاركة مع إيران. معنى هذا أن الأمن الإقليمي الخليجي في ثوبه الجديد، وكما يريده أوباما، سيكون مسؤولية ثلاثية: أمريكية - إيرانية - "إسرائيلية".
المعنى المباشر لذلك هو؛ أن أوباما لا يرى وجودًا لـ "حلف عربي"، وليس معنى تأسيس قوة عربية عسكرية مشتركة نواتها مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، ولا يريد أن يربط أمن الخليج بالأمن القومي العربي، بل هو لا يعترف بوجود أمن قومي عربي.
كان هذا هو الموقف الأمريكي قبل لقاء أوباما مع حيدر العبادي الذي كان قد استبق زيارته لواشنطن بمعارضة تشكيل قوة عسكرية عربية خلال القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ، وانتقد بشدة "عاصفة الحزم"، وانحاز إلى الموقف الإيراني، وحاول أن يقنع أوباما بالتراجع عن الدعم "اللوجستي" ل"عاصفة الحزم"، وهذا ما دفع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إلى القول: إن "إدارة أوباما تبدو عالقة بين حليفين (السعودية والعراق) بسبب حرب اليمن".
ضمن هذا المناخ جاء لقاء العبادي مع أوباما، وفي هذا اللقاء وفي أعقابه تبين ما يؤكد أن الولايات المتحدة غير جادة في هزيمة "داعش" وإخراجه من العراق، وأن حقيقة الأداء الأمريكي تكشف أن واشنطن مع فرض "داعش" متغيرًا أصيلًا في معادلة تقسيم العراق . الأخطر أن "داعش" يدرك ذلك ويحترم قواعد اللعبة على أفضل وجه.
فقد راوغ الرئيس الأمريكي في الاستجابة لمطالب رئيس الحكومة العراقية بالحصول على دعم عسكري، خاصة طائرات من دون طيار، أو طائرات "أباتشي"، ودبابات، باعتبار أن هذه الأسلحة ضرورية لخوض معركة تحرير الموصل . تلاعب أوباما انكشف في قراره تقديم 200 مليون دولار مساعدات أمريكية للنازحين والمتضررين.
كما أكد، وللمرة الثانية أو حتى العاشرة، أن أمد الحرب ضد "داعش" سوف يطول. قبل ذلك أعلن أن الحرب قد تمتد ثلاث سنوات، والآن يكرر بعد لقائه العبادي أنها سوف تطول. حرب تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم إرهابي لا يملك السلاح والعتاد والمقاتلين القادرين على محاربة الجيش الأمريكي أسابيع، يقرر الرئيس الأمريكي أنها حرب طويلة المدى أو ممتدة. والسؤال: لماذا؟ هل لعجز عسكري من الحلفاء بقيادتهم الأمريكية أم لرغبة أمريكية في إطالة الحرب لتحقيق أهداف أخرى؟
السؤال مهم إذا أدركنا أن "داعش" كان في مقدوره أن يتقدم نحو "سامراء" حيث مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري، لكنه لم يتقدم، هل لأن ذلك ضد قواعد اللعبة وضد رغبة طهران؟
كما أنه كان في مقدوره أن يتقدم نحو بغداد ولم يحدث . . لماذا؟ هل لأن ذلك أيضًا ضد قواعد اللعبة، وأن المطلوب هو حصر وجود "داعش" في "المحافظات السنية" لفرض التقسيم والحفاظ على الحدود بين الدويلات الثلاث المستقبلية الكردية والسنية والشيعية؟
أسئلة مهمة لها علاقة مباشرة بقواعد اللعبة الجديدة.