التوصيات الختامية لمؤتمر الباحثين الشباب حول : "رؤية شباب الباحثين لمستقبل مصر"
ترجع أهمية المؤتمر إلى التوقيت، حيث يتزامن مع قرب انعقاد الانتخابات البرلمانية والدعوات المتتالية للرئيس عبد الفتاح السيسى من أهمية الحوار مع الشباب والتعرف على رؤيته للقضايا المصيرية الآنية والمستقبلية. إلى جانب ذلك، ترجع أهمية مناقشة هذا الموضوع، إلى نوعية المشاركين في الورشة، حيث شارك فيها شباب نشط سياسيا من خلفيات متنوعة، وعدد من الباحثين الشباب والاكاديميين من مختلف الجامعات المصرية. فعلى مدار يومين كاملين عقدت وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع المركز العربي للبحوث والدراسات مؤتمرا حول رؤية شباب الباحثين لمستقبل مصر. انقسم المؤتمر إلى خمس محاور رئيسة تعالج قضايا السياسية الداخلية، والخارجية، والإرهاب والتطرف، والقضايا الاقتصادية، فضلا عن القضايا الثقافية والاجتماعية. كما عقدت تسع ورش عمل تعالج نفس القضايا المطروحة للنقاش في المحاور الرئيسة.
وقد تقدم للاشتراك في المؤتمر 75 باحثا من 16 جامعة مصرية أغلبها جامعات الصعيد فضلا عن جامعة الأزهر، فضلا عن 6 مراكز ومعاهد علمية منها: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومركز دعم اتخاذ القرار والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والمعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها، ومعهد التجارة والعلوم الإدارية أكاديمية القاهرة الجديدة.
والجدير بالذكر سوف تقوم المؤسستين المنظمتين للمؤتمر بطبع أفضل أبحاث المؤتمر.
وفي إطار فاعليات المؤتمر التي تمثلت في الجلسات الرئيسية وورش العمل المختلفة، فقد تم التوصل إلى مجموعة من التوصيات المهمة في كل محاور المؤتمر على النحو الآتي بيانه:
أولاً: توصيات محور السياسة الخارجية
1- فيما يتعلق بالعلاقة مع الدول الكبرى
· يجب أن تنطلق العلاقات المصرية مع الدول الكبرى من مفهوم المصلحة الوطنية العليا للدولة، والعمل على الاستفادة من النموذج الصيني في السياسة الخارجية وفي تعامله مع الدول الكبرى، حيث ينحَى دائمًا هذا النموذج إلى توسيع الاستفادة عبر تفاعلاته على الصعيد الدولي وعدم الدخول في صراعات تستنزف قوى الدولة.
· يجب أن تدار العلاقة مع الولايات المتحدة بصورة تفاعلية، مع التأكيد على فتح مجالات التعاون مع كل الدول الأخرى الصاعدة في النظام الدولي، مثل روسيا الاتحادية والصين والبرازيل والهند، وبالتالي يجب ألا تتضمن العلاقة مع الولايات المتحدة خصمًا من العلاقة مع الدول الأخرى.
· استخدام موسكو كورقة قوية ورابحة في مواجهة - أو على الأقل موازنة - النفوذ الأمريكي في المنطقة، ومجابهة كل المخططات التي ترعاها الولايات المتحدة ودول الغرب -علنًا أو خفيةً- بغية تغيير الخريطة السياسية والاقتصادية للشرق الأوسط بالشكل الذي يحقق مصالحها، ويتعارض مع المصالح العربية بشكل عام، والمصرية منها على وجه الخصوص. وتحقيق المزيد من التعاون وتوثيق العلائق المشتركة بين مصر وروسيا؛ من أجل تعزيز التعاون في شتى المجالات لا سيما المجال العسكري؛ وذلك بغية تطوير نظم تسليح وتدريب الجيش المصري بما يتلاءم مع مستجدات الساحة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها كثرة وانتشار الجماعات الإرهابية المسلحة.
2- فيما يتعلق بالعلاقة مع دول الإقليم
· تعامل مصر مع دول الخليج على أنها "شريك" إستراتيجي، وخاصة مع الدول الأربع التي ساندت مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، وهي الإمارات والسعودية والبحرين والكويت، في مواجهة أي تهديدات خارجية مشتركة.
· التكيف مع وضع إيران الجديد في المنطقة باعتبارها قوة نووية، والعمل على فتح مجلات التعاون مع كل دول المنطقة، والاعتماد على مبدأ توازن الأدوار والمكانة في المنطقة.
· التوصل إلى حل عادل وسريع للقضية الفلسطينية من خلال استخدام مصر لثقلها الدبلوماسي على الصعيد العالمي لإقامة الدولة الفلسطينية.
· العمل على تسوية الأزمة الليبية لأنها قضية أمن قومي بالأساس، ولعل من الأهمية في هذا الصدد الإشارة إلى دور مصر في اجتماعات وزراء الخارجية على مستوى دول الجوار الليبي، ومن هنا يجب العمل على مساندة الشرعية الليبية وتقديم يد العون للأشقاء الليبيين.
3- فيما يتعلق بالعلاقة مع الدول الأفريقية
· تسوية أزمة سد النهضة بما لا يخل بالحقوق المائية المصرية، والمبادئ القانونية الحاكمة للحق المصري، مثل الحقوق التاريخية المكتسبة وشرط الإخطار المسبق، واعتماد المدخل التنموي الشامل كصيغة أساسية لتسوية الأزمة.
· تعميق الدور المصري في أفريقيا، من خلال تفعيل اتفاقيات التعاون المشتركة واستثمار إمكانات النمو الواعدة في القارة لتطوير العلاقات مع بلدانها، ومساندة الدول التي يتهددها الإرهاب مثل نيجيريا والتضامن معها من خلال نقل الخبرة المصرية إليها، سواء من خلال التدريب أو تقديم الاستشارات الفنية والعسكرية.
4- فيما يتعلق بإصلاح المنظمات الإقليمية والدولية
§ يجب تعديل ميثاق الجامعة العربية لكي يتضمن نصًا واضحًا يصبح بموجبه هدف الوحدة هو الغاية الحقيقية التي تعمل من أجلها الجامعة، مع تعديل المادة المتعلقة بقاعدة الإجماع ليصبح اتخاذ القرار قائمًا على قاعدة الأغلبية.
§ اعتماد أسلوب الدبلوماسية الجماعية؛ والتي من شأنها أن تعطي ميزة إضافية للعمل العربي المشترك، لأنها ستتضمن الالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة عنها لتمثيلها لكل الدول الأعضاء فيها. فضلًا عن أنها ستضمن تحقيق المزيد من التأثير في الأوساط الدولية نتيجة للتحرك بصيغة الفريق الواحد، واعتماد الآليات المناسبة للتعامل مع الأطراف الإقليمية والدولية.
§ المطالبة بتوسيع نطاق العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وهي القضية الأكثر إلحاحًا عند الحديث عن عملية الإصلاح بالنسبة للمنظمة الدولية، بحيث تشمل تمثيلًا عادلًا لكل قارات العالم مما يساعد في تحقيق قدر من التوازن داخل المجلس عند اتخاذ القرارات الحيوية التي تتعلق بحياة المجتمع الدولي ككل، ومن هنا ضرورة العمل على الضغط من أجل تمثيل الدول العربية بمقعد دائم في مجلس الأمن، مع السعي لترشيد استخدام حق الفيتو.
§
التوصل
لاتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب يتم فيها الاتفاق بشكل قاطع على تعريف الإرهاب
الدولي، وذلك لتحقيق المصداقية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإرهاب، ولعدم
استخدام مجلس الأمن كأداة لتحقيق الأهداف والأغراض المصلحية للدول، بناء على
قرارات تتخذها لمحاربة الإرهاب.
ثانياً- توصيات محور السياسة الداخلية
1- مواجهة التطرف
· خلق بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية ونفسية حاضنة لقيم الابتكار والإبداع والنقد البنّاء والانفتاح العقلي واحترام الآخر، وطاردة لقيم التطرف والجمود والطاعة العمياء والانغلاق العقلي، ومدعمة للتغيير المجتمعي الحقيقي القائم على رؤية مستقبلية إيجابية تضمن التعددية والتنوع وحرية الفكر والإبداع.
· فتح قنوات حوار مع الشباب للتعرف على مطالبهم وإتاحة الفرص لهم للتعبير عن ذواتهم وآرائهم، ومحاولة استيعاب هذه المطالب وتحقيق ما يمكن تحقيقه منها، ومحاولة إيصال رسالة لهم أن التطرف هو وسيلة غير مقبولة سواء للتعبير أو التغيير وأن هناك وسائل أخرى سلمية يمكن أن تحقق لهم مطالبهم.
· توسيع نطاق مشاركة الشباب في مؤسسات المشاركة السياسية والمجتمعية مثل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وإتاحة الفرصة لهم لتقلد المناصب القيادية التي تمكنهم من الانخراط مع الفئات الأخرى في المجتمع والتفاعل معها.
· على المؤسسات التربوية والتعليمية دور كبير في استيعاب الشباب وتعليمهم كيفية الاختلاف مع الآخر دون تحقيره أو إيذائه، وأن مساحة حرية الفرد تنتهي عندما تؤثر سلبًا على حرية فرد آخر، وأنه يمكن الاختلاف دومًا مع الآخرين دون إقصائهم أو ازدرائهم.
· تجديد الخطاب الديني ونشر الفهم الصحيح للدين، من خلال تقوية الدور الذي تلعبه مؤسسة الأزهر الشريف.
· المواجهة الثقافية والمجتمعية للجماعات المتطرفة، حيث إن الحل الأمني وحده ليس كافيًا.
2- تعزيز المجتمع المدني
· ضمان شفافية واستقلالية العمل الأهلي من خلال التأكيد على دوره التنموي والتنويري، وعدم استخدامه من جانب جماعات المصالح الخاصة المحلية والأجنبية لتحقيق مصالح خاصة على حساب المصالح العليا للشعب المصري، على أن يتم إصدار قانون جديد للجمعيات الأهلية يضمن هذه القواعد ويعاقب على انتهاكها.
· منظمات المجتمع المدني مطالبة بأن تقدم نموذجا ومثلا في تداول السلطة وديمقراطية الإدارة، والفصل بين "المؤسس" و"المؤسسة "، والاتجاه لتسيير أعمال المنظمة بنهج "إدارة الأعمال" حتى مع وجود هدف غير الربح المادي.
· تعزيز سعي منظمات المجتمع المدني المصري التي تتبني قضايا حقوق الإنسان ( على أجندة وطنية) إلى الوجود على المستوى الدولي من خلال الحصول على الصفة الاستشارية، والمشاركة في المنتديات، وتأهيل كوادرها للتعاطي مع المنظمات الدولية والإقليمية والإعلام الغربي.
· على القطاع الخاص المصري في ظل تنامي اهتمامه بترسيخ نهج المسئولية المجتمعية، أن يضخ قدرا من إسهاماته في صناديق تمويل هدفها تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني التنموي والحقوقي ليكون فاعلا على المستوى الإقليمي والدولي.
· هناك حاجة ماسة إلى تبني أجندة وطنية تنتج عن حوار مجتمعي فاعل وإيجابي بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وهي أجندة تركز على إحداث إصلاحات على منظومة حقوق الإنسان بشكل يفي بالتزامات مصر الدولية في إطار مدى زمني محدد، على أن يراعي هذا المدى الزمني التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها الدولة المصرية، وسيكون من الضروري أن يتحرك الطرفان ( الحكومة والمجتمع المدني ) في إطار التفهم المتبادل لهذه الأجندة الوطن.
3- الأحزاب لا تسمح بتمكين الشباب:
كان هناك اتجاه في النقاش، يرى أن الحالة الحزبية في مصر، لا تساعد على تمكين الشباب في العمل السياسي، فمن ناحية، يبلغ عدد الأحزاب المعلنة 87 حزب، مع وجود عدد محدود منها هو الأكثر نشاطا في مصر. وتعاني هذه الأحزاب من ضعف بسبب كثرة الانشقاقات فيها لأسباب متعددة منها أسباب شخصية، ومن ضعف البنية الهيكلية والتنظيمية لها، فضلا عن عدم وجود حضور لها في مختلف محافظات وقرى الدولة المصرية، على نحو قد يؤدي الى تكرار خبرة سيطرة حزب واحد على الحياة السياسية في مصر نتيجة ضعف هذه الاحزاب وعدم وجود قوة لها على الارض. فطوال الفترة السابقة على ثورة 25 يناير 2011، سيطر على الحياة الحزبية في مصر، الحزب الوطني، وبعد ثورة 25 يناير 2011 كان حزب الحرية والعدالة هو حزب الأكثرية في البرلمان.
- ومن ناحية ثانية، تعد العملية السياسية في داخل الأحزاب، وما يرتبط بها من عملية الترقي للقيادات وتشكيل المكاتب السياسية الخاصة بها، عملية غير ديمقراطية على نحو لا يسمح بحدوث تدوير للمناصب في داخل الأحزاب.
4- مشاكل متعددة مع الحكم:
- رأى اتجاه في النقاش، أن استمرار وجود فجوة بين النظام وبين الشباب بفئاتهم المختلفة، يعد بداية لحالة عدم استقرار قد تشدها الدولة المصرية خلال الفترة المقبلة، لاسيما وأنه من غير الواضح تصور النظام الحالي لدور الشباب في بناء الدولة الجديدة.
- وأشار اتجاه ثان، إلى أن هناك تصورات لدى قطاع من الشباب، أنه يتم استخدام "قضية الشباب" من قبل النظام من اجل تعزيز شرعيته الحالية، دون أن يضمن ذلك دمج حقيقي للشباب في الدولة. ورأى اتجاه آخر ان عملية الدمج هذه انتقائية بصورة كبيرة، فهناك دائرة محدودة من الشباب الذين تتعامل معهم وزارة الشباب والرياضة على سبيل المثال، في حين لا يتم الاهتمام بتوسيع هذه الدائرة لتشمل الشباب الذي لا يعرف شيء عن أنشطة الوزارة.
- وقد فسر هذا الاتجاه هذه الانتقائية بارتباط الانضمام للجهاز البيروقراطي للدولة باعتبارات ليس لها علاقة بالكفاءة، التي تتوافر بصورة كبيرة بين الشباب من خريجي الجامعات، حيث أن عامل "الواسطة" والمحسوبية لايزال عامل مهم على نحو يقلل فرص الشباب في الحصول على وظائف حكومية ذات طبيعة نوعية، مثل الانضمام للسلك القضائي.
- كما كشف النقاش، عن وجود اتجاهات مختلفة في النظر لمشاكل الشباب، فهناك تصور خاص بالشباب الأكثر تفاعلا مع وزارة الشباب والرياضة وأنشطتها، ويرون أن النظام الحالي يتبع سياسات ملائمة لدمجهم في الحياة السياسية، وهناك الشباب الغير راضي عن السياسات التي يتبعها النظام الحالي، ولكن يؤمن بأهمية منحه فرصة إلى حين، باعتبار أنه لابديل متاح آخر. وهذا الفريق لا يتبنى موقف عدائي من النظام، بقدر عدم رضاه عن السياسات المتبعة حاليا، والتي جعلت الدولة أقرب إلى كونها "دولة عواجيز".
- ويتخوف هذا الفريق، من أن يترتب على استمرار النظام في سياساته الحالية، أن يتقلص حجم الحقوق التي حصل عليها الشباب في مصر نتيجة ثورة يناير 2011، سواء فيما يتعلق بالقنوات الشرعية المسموح له بالمشاركة السياسية من خلالها، او فيما يتعلق بآليات التعبير عن الرأي، وهو ما قد يؤدي إلى "ثوره ثالثه وتكون مبنية على عدم الثقة فى اى اجهزه أو جهات في الدولة".
5- الأحزاب السياسية كقناة منظمة للمشاركة السياسية للشباب:
-تعزيز الممارسة الديمقراطية في داخل الأحزاب المصرية، وهذا يتطلب قرار من كل حزب على حده.
- وضع برنامج لبناء الكوادر الحزبية الشبابية، يضمن تصنيفهم إلى أربعه مجموعات مقترحة من الأعضاء، هي عضو صاحب مصلحة، وعضو طموح، وعضو أيديولوجى، وعضو موسمى، ويتم تكوين هذه المجموعات استنادا لمعايير متعددة يدخل فيها مكون السن، على نحو يضمن عدم تحميل الشباب بأعباء سياسية قبل نضجهم الكافي لتحملها.
6- تعزيز الوعي السياسي للشباب:
-تطوير برامج تثقيف سياسي تستهدف الشباب بفئاتهم المختلفة، على نحو يرفع وعيهم السياسي فى القضايا السياسية المحورية، ويستهدف أصحاب الإعاقات والمرأة.
- تدريس مواد حقوق الانسان والتربية الوطنية فى المدارس الابتدائية.
-تطوير برامج تضمن اكتساب الشباب المهارات الخاصة بالعمل السياسي، والتي تمكنه من الممارسة المهام المنوطة به في حال وصوله لأي منصب سياسي، سواء في مجالس المحافظات او في البرلمان، وذلك من خلال تفعيل نماذج المحاكاة في المحافظات المختلفة.
7-تحسين فرص الشباب في الفوز في الانتخابات:
- بناء قدرات الشباب في مجال الدعاية الانتخابية، من خلال ورش العمل التدريبية.
-العمل على ضمان حضور متكافئ للمرشحين الشباب في الانتخابات البرلمانية في التلفزيون، مقارنة بحضور المرشحين الآخرين.
8-توصيات خاصة بتنشيط دور وزارة الشباب:
-تعيين مسئول اتصال أو إعلام في المديريات التابعة للوزارة في المحافظات، حتى يعرف شباب المحافظات بالأنشطة المختلفة التي تقدمها الوزارة.
-رفع وعي الموظفين في المديريات التابعة للوزارة بكافة الأنشطة التي تقوم بها الوزارة وما توفره من فرص تدريبية للشباب، سواء في القاهرة أو في المحافظات.
ثالثاً- توصيات المحور الاقتصادي
نظرًا للظروف التي تمر بها مصر فان نجاح السياسة الاقتصادية ودرجة الرضا عنها من قبل الشارع المصري، تتوقف على توفير قدر أكبر من فرص العمل لاستيعاب أعداد العاطلين عن العمل حاليًا والتي تتجاوز 3,6 مليون عاطل، إضافة إلى الداخلين الجدد إلى سوق العمل بشكل سنوي، ومن ثم فإن هذه السياسة يجب أن تكون توسعية وليست انكماشية. لكن إعداد سياسة توسعية يصطدم في واقع الأمر بعدد من القيود الاقتصادية والاجتماعية منها عجز الميزانية، وضعف معدل الادخار، وثقافة العمل القائمة على تفضيل العمل في الحكومة، وضعف المكون التكنولوجي في الاقتصاد، وضعف الثقافة الاقتصادية بشكل عام، وتناولت الأوراق المقدمة لمؤتمر شباب الباحثين هذه القيود وأوصت بالتالي:
أولًا: السياسة المالية
1- وضع إستراتيجية لعلاج العجز في الموازنة العامة للدولة بالتركيز على تقليل النفقات وترشيدها بما لا يؤثر سلبًا على النفقات الاستثمارية ومن ثم المحافظة على قدرة الاقتصاد على التوسع وتوفير فرص العمل الملائمة بما يحقق تقليل معدل البطالة.
2- العمل على زيادة نسبة الضريبة إلى إجمالي الناتج المحلى لكي تصل إلى المتوسط العالمي للدول المثيلة مع التأكيد على أهمية مبدأ تصاعد الضريبة وزيادة الاعتماد على الضرائب المباشرة. إضافة إلى زيادة كفاءة تحصيل الضرائب.
3- تقليص الفجوة بين صناع السياسة وأجهزة الإعلام عن طريق اللقاءات وحرية تبادل المعلومات وتوفير أكبر قدر ممكن من الشفافية في المعلومات وإتاحة حرية تداولها لتوفير قاعدة صحيحة منها.
4- إضفاء قدر أكبر من المرونة في مجال مخصصات المالية في المحافظات بما يخدم مجالات التنمية وتوفير فرص عمل اكبر وزيادة القدرة على استغلال الموارد المتاحة في المحافظات.
5- ابتكار وسائل جديدة لتقليل العجز في الميزانية من خلال تحويل الدعم من عيني إلى نقدي.
6- وضع معايير للأداء للوظائف العامة تقوم على أساس تصنيف دقيق للمسمى الوظيفي ووجباتها وطريقة أدائها وتطوير مفهوم الحكومة الإلكترونية بما يحد من الفساد في أجهزة الموازنة العامة.
ثانيًا: التشغيل وثقافة العمل
1- توفير القدر الكافي من الأمان الاجتماعي لفرص العمل المتاحة في السوق مع الحكومة وقطاع الأعمال الخاص.
2- ضرورة تضمين السياق الاجتماعي الثقافي المرتبط بالعمل والتشغيل لدى الشباب عند صياغة سياسات وبرامج التشغيل، مع الأخذ في الاعتبار أن الثقافة الاجتماعية الخاصة بالعمل هي في حد ذاتها منتج اجتماعي قابل للتغيير، ومن ثم يتعين على الدولة أن تعمل على تغيير الجوانب السلبية في ثقافة العمل السائدة لدى الشباب.
3- يجب خلق حالة توازن في إعداد سياسات العمل وبرامجها بين أسلوبي التنمية بالتخطيط من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى وذلك وصولًا إلى تبنّي سياسات وبرامج أكثر واقعية وأكثر ارتباطًا باحتياجات طالبي العمل.
ثالثًا: دور سوق المال في تعبئة المدخرات
1- تطوير دور سوق الأوراق المالية في جذب وتعبئة المدخرات من خلال زيادة إصدار السندات لكل الشركات المقيدة، وتفعيل وتطوير دور صندوق مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية.
2- تفعيل دور القطاع الخاص في المشاركة في إنشاء المشروعات الكبرى وطرح أسهمها للاكتتاب العام في سوق الأوراق المالية.
3- تفعيل التواصل بين هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية من جهة وصغار المستثمرين من جهة أخرى، تأكيدًا لمبدأ الشفافية والإفصاح.
رابعًا: تعزيز دور الجهاز المصرفي في التنمية
1- إعداد برامج لتعزيز ثقة عملاء الجهاز المصرفي في أدوات الصيرفة الإلكترونية، وإقناعهم بأن نسبة الأمان في هذه المعاملات تقارب نسبة التعامل من خلال الشباك.
2- التوصية بتعميم البنوك لصفحات خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك لتسويق خدماتهم المصرفية المقدمة عن طريق الإنترنت والموبايل والبطاقات البنكية ودراسة آراء الشباب في الخدمات التي يرغبونها ويمكن تقديمها مستقبلا من خلال تلك المجالات ، تعزيزا لقاعدة الثقة بين البنك وعملائه.
3- تقييم الخدمات المصرفية الإلكترونية التي تم تطويرها محليًا في مصر، ومدى توافقها مع احتياجات الطلب، والعمل على تقديم خدمات مصرفية إلكترونية جديدة تلبي هذه الاحتياجات مع الاستعانة بتجارب الدول الأخرى.
4- في ظل انخفاض عدد المتعاملين مع البنوك في مصر والتي تصل إلى نحو 10% فقط من إجمالي عدد السكان نقترح ابتكار أنواع جديدة من بطاقات الهدايا ذات القيمة المحددة وتوسيع نطاق استخدامها كوسيلة لجذب المتعاملين لاستخدام المعاملات المصرفية الإلكترونية.
رابعاً- توصيات محور الإرهاب
· يجب تصنيف العائدين من صفوف الجماعات الإرهابية ويسبق ذلك إعداد قاعدة بيانات عن الشباب المنضمين للجماعات الإرهابية في دول الإقليم، ومدى انخراطهم في العمليات القتالية التي تقوم بها تلك التنظيمات، وارتكابهم جرائم حرب وانتهاكات بحق المدنيين في بؤر الصراعات الأهلية بالإقليم.
· العمل على إنشاء مرصد يقوم عليه مجموعة من الباحثين المتخصصين لرصد الممارسات الإرهابية، وصياغة برامج للأمن الفكري تتناسب مع الأوضاع المجتمعية والاقتصادية السائدة في الدولة، والاعتماد على الجمع بين التدابير الأمنية وآليات الأمن الفكري لمواجهة التهديدات الإرهابية.
· أن تكون إستراتيجية المواجهة للجماعات الإرهابية متعددة الأوجه، تستعمل بها الوسائل الأمنية، والثقافية، والنفسية، والإجراءات السياسية، في خطة متكاملة.
· ضرورة بناء برامج تنموية وسياسية وثقافية وإعلامية للعمل على علاج الفئات المتورطة في الأعمال الإرهابية من جهة، ووقاية المجتمع من أن يخترقه الإرهاب. ولمنع انتشار الفكر التكفيري عند بعض الفئات من جهة أخرى .
· ضرورة دعم أجهزة مكافحة الإرهاب والعنف، وتوفير الإمكانات اللازمة له، مع التركيز على التدريب، بالتعاون مع مراكز عالمية، وتفعيل مراكز أبحاث الجريمة.
· زيادة الاهتمام بالمؤسسات التعليمية ومراجعة المحتوى المعرفي للمناهج، وربطها بالقضايا الفكرية المعاصرة وتوسيع مساحة مناقشة هموم المجتمع وإعداد مواد إعلامية كفيلة بغرس القيم والمبادئ، ومتابعة تداعيات الإرهاب والعنف والتوعية بأخطارهما.
· تشكيل لجنة وزارية تضم وزراء الشباب والأوقاف والثقافة والتعليم وعلماء من الأزهر وممثلين من المفكرين المعتدلين من أجل وضع إستراتيجية متكاملة للمواجهة الثقافية والفكرية للإرهاب.
· متابعة وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التعرف على الإشارات الأولية لأي نشاط عدواني أو يحتمل أن يكون خطرًا على أمن القومي للدولة.
· محاصرة التنظيمات الإرهابية إعلاميا وذلك من خلال الحد من نشر وبث أي رسائل أو محتويات من قبل وسائل الإعلام التقليدية للأنشطة الإرهابية.
خامساً- توصيات المحور الثقافي والاجتماعي
· العمل على سد الفجوة بين الأجيال المتعاقبة من خلال دفع عملية الحوار البناء والمشاركة الفاعلة العابرة للأجيال.
· ضرورة التواصل بين الباحثين في العلوم الاجتماعية من أجل تحقيق المزيد من التراكم العلمي والفهم المشترك.
· العمل على إجراء المزيد من البحوث حول ظاهرة التطرف خاصة التطرف الديني، واستخدام نتائج هذه البحوث في تطوير الخطاب الديني.
· رسم سياسات عامة للتفاعل الخلاق مع ثقافة العولمة، والعمل على التكيف مع ما تطرحه من مشكلات وتحديات.
· توفير وسائل الدعم المختلفة للباحثين الشباب في إعداد بحوثهم العلمية، عبر نظام للمنح الدراسية تسهم فيه الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
· التدريب على النقد الذاتي، من أجل تطوير قدرات الشباب بخاصة، والمجتمع بصفة عامة.
· تشجيع المبادرات الشبابية في التعليم والبحث العلمي.