سنة الأحلام الخطيرة
هذا الكتاب محاولة
للفيلسوف السلوفاني سلافوي جيجيك لقراءة الوضع العالمي في إطار التحولات الجديدة
التي طرأت عليه. فهو يرصد فيه مجموعة من الشواغل الأساسية التي يعيشها عالم اليوم.
إذ يركز على ظواهر أساسية فيه.. طبيعة النظام الاقتصادي الاجتماعي، عودة العنصرية
العرقية، العنف الحضري، والثورات العربية.
طبيعة
النظام الاقتصادي الاجتماعي
تتميز الرأسمالية
المعاصرة بثلاث سمات: الانتقال من الربح إلى الأجر، تأثير البطالة القوي، بحيث
يكون الفرد مستغلاً في وظيفة، صعود طبقة جديدة، يطلق عليها جان كلود ميلنر
"البرجوازية المستأجرة".
ولعل السمة
الثالثة هي التي تحتل اهتمام المؤلف بالذات، فالعديد من أبناء البرجوازية
المستأجرة يضربون عن العمل، ويقومون بعمل إضرابات كثيرة، ودافعهم في ذلك هو الخوف
من فقدان امتيازاتهم. مظاهراتهم ليست مظاهرات الطبقة العاملة، لكنها ضد التهديد من
أن يقعوا في نفس موقع الطبقة العاملة. بكلمات أخرى، المضربون اليوم يخافون على
امتياز الوظيفة الثابتة، هم ليسم عمالاً محدودي الأجر في صناعة من الصناعات، بل
أصحاب امتيازات في وظائف مضمونة في الشرطة، في التعليم، وفي النقل العام. وهو
الأمر الذي ينطبق أيضاً على مظاهرات الطلبة، فالدافع الرئيسي هو الخوف من أن
التعليم العالي لم يعد يضمن لهم فائض أجر في حياتهم المقبلة. وفي مقابل خوف
البرجوازية المستأجرة من التحول إلى موقع الطبقة العاملة، أفرط النظام الرأسمالي
في الأجور والمكافآت التي يقدمها لكبار المديرين وموظفي البنوك.
من الواضح أن هذه
الإشارة، غير العابرة، تعبر عن التحول الذي يضغط الطبقة الوسطى، ويعمل على إزاحتها
إلى أسفل واستثراء الطبقة العليا. وأمام هذا يصور المؤلف الرأسمالية بالوحش. يقول
إن الخبرة التاريخية أظهرت النظام الرأسمالي كأفضل طريقة لتوليد الثراء، وفي الوقت
نفسه، لو ترك النظام يعمل لنفسه، بأن يستنزف الموارد الطبيعية، نكون أمام الحروب
والمعاناة الجماعية، فيكون الحل هو المحافظة على المنظومة الرأسمالية الأساسية
المتعلقة بالإنتاج الموجه للربح، وضبطها في اتجاه خدمة العدالة والرفاه العالمي.
فعلينا أن نترك الوحش يعمل بقوانينه دون التدخل الذي سيؤدي لكوارث. كل ما يمكن
عمله هو ترويضه. ومع ذلك يظل الوحش هارباً مراراً وتكراراً من الضبط المجتمعي
الخيري. إن علامات الأنسنة تتبدى أيضاً في صور أخرى غير دولة الرفاه، كما هو الحال
في صعود متاجر وال-مارت العالمية التي تستهدف الطبقات الوسطى الدنيا والعاملة
المضغوطة مادياً في أمريكا. فبجوار الرقابة الصارمة التي تمارسها النقابات، أصبحت
هذه المتاجر الأمريكية حصناً يحافظ على الأسعار منخفضة، ويمد لمستهلكي الطبقة
العاملة. هذه المتاجر في الحقيقة منتشرة لدينا في مصر، كما في بعض أمثلة المتاجر
الكبيرة التي هي تجميع لمنتجات مختلفة، بواقي سلع مخفضة، يقبل عليها في الحقيقة من
يسميهم المؤلف بالبرجوازية المستأجرة.
الصورة المجازية
للوحش الرأسمالي تعيد المؤلف للعصور الرومانية واليونانية، حيث الناس يهبون الهبات
المضحى بها أو يدفعون العشور للوحش الأمريكي. لقد حلت الولايات المتحدة مشكلتها
الاقتصادية منذ السبعينيات باستقبال فائض الربحية الأجنبي ليستثمر لديها فيها. حيث
تتدفق 70% من الأرباح التي تجنى عالمياً إلى الولايات المتحدة، وتحول لاستثمارات
مباشرة وأسهم وأدوات مالية جديدة، وأشكال جديدة وقديمة من القروض. أمام هذه الهبات
العالمية تريد الولايات المتحدة من جانبها أن تؤدي دور الشرطي العالمي، بحماية
العالم من الإرهاب، أو اللجوء إلى الحرب بالوكالة.
إننا أمام هذا
المشهد الاقتصادي نواجه بالسياسيين والخبراء الذين يخبروننا بأننا نعيش في أوقات
حرجة من العجز والديون، وعلينا أن نتشارك العبء ونقبل بمستوى أقل للعيش جميعاً،
ولكن باستثناء الأغنياء (جداً). ففكرة فرض الضرائب الباهظة عليهم من قبيل
المستحيلات، فالخبراء يصرون على أن ذلك سيفقدهم أي حافز للسعي للاستثمار لدينا،
وهو ما سينعكس علينا في غياب فرص العمل. فالمخرج، برأي الخبراء، هو التقشف والزهد
وربط الأحزمة، أن يكون الفقير أكثر فقراً والغني أكثر غنى، وإن بدا أن الغني
سيواجه خطر فقدان بعض من غناه، فالمجتمع يجب أن يساعده، حتى يمكن للوطن المبتلى
بالديون أن يكون "بحجم الدنيا".
عودة
العنصرية
تتناثر عبر الكتاب
رؤية المؤلف لعودة العنصرية. ولعل أي محاولة لتتبعها لا تختلف عن تتبع مشاغب مضاد
للقراءة في مكتبة عامة. فالواضح أن التعالق بين العنصرية وجهوده في فهم الرأسمالية
لا ينفصلان. فهو يرى أن عودة العنصرية في اللحظة الراهنة محاولة للتغطية على
الأزمة التي يعيشها النظام العالمي. هذه حجة متكررة في التحليلات النقدية للنظام
الرأسمالي. وهي جديرة بالاعتبار.
إن نظام الفوهرر
هو آلة تنهض على عملية تورية، أو إزاحة لستار في الواجهة للإلهاء. أي نظام فوهرري
يفعِّل عمليات الإقصاء لإخفاء عواره أو تأجيل انهياره. فالمشكلات التي اختبرها
الألمان العاديون من بطالة وفساد أخلاقي وعدم استقرار اجتماعي، كان التفسير الجاهز
الذي قدمه هتلر هو سردية "المؤامرة اليهودية". الجسم الأجنبي بتعبير
المؤلف لا يمكن امتصاصه، وهو آلة الدفع التي يواجه بها النظام أزماته.
هذا النوع من
السرديات، والحكايات الملفقة، آلية متبعة في أوقات الأزمات، وهنا يستعيد المؤلف
مشهداً من فيلم ديستوبي: أن أناساً عاديين يسيرون في الشوارع ويحملون صفارة خاصة؛
حينما يرون شخصاً مشكوكاً فيه: قل مهاجراً أو أى شخص متشرد، يطلقون الصفارة. وهو
ما ينطبق على الحالة اليونانية في ظهور حركة الفجر الذهبي الفاشي التي يطلق
أفرادها الصافرات في شوارع آثينا عندما يرى أحدهم أجنبياً مشكوكاً فيه. وبطبيعة
الحال تتجسد هذه المشاعر العدائية للأجانب في صيغة خطاب شعبوي يهدد التنوع وينفيه.
وقد تجد صداها في السياق العربي بالحديث عن مؤامرة حقيقية وانتشار معجم
"العميل، المتآمر، الخائن، الجاسوس، الطابور الخامس"، لإخفاء الأزمة
الحقيقية، وهي عدم القدرة على تلبية وتحقيق الأهداف الوطنية الحقيقية، هذا الخطاب
الشعبوي هو الخطر الداهم لأي ثورة جذرية.
إن الانتقال إلى
الشعبوية مسألة واضحة في المراحل الانتقالية. والمثال الذي يجلبه المؤلف هو حالة
المجر. البلد انتقلت من نظام شيوعي شمولي إلى نظام شعبوي يميني. لقد قام الحزب
الحاكم بتعديل الدستور وفرض قوانين جديدة تسمح بقبول التشريع في أقل من يوم وبدون
حوار مبدئي، مما يسمح بتمرير قوانين سيئة السمعة، ومنها قانون يصف الحزب الشيوعي
السابق وخلفاءه كمنظمات إجرامية، وبالتالي جعل الحزب الاشتراكي المجري وقادته،
جماعة وأفراداً، مسئولين عن كل الأنشطة الإجرامية للأحزاب الشيوعية التي كانت
قائمة في الماضي بالمجر. ومنها قانون يؤسس لجهاز رقابة على الإعلام، يفرض غرامات
بسبب "التغطية غير المتوازنة للأخبار"، ونشر مواد مهينة أو التعدي على
"الأخلاق العامة"، وينزع الحماية القانونية تجاه الكشف عن المصادر
الصحفية. إن الهدف الظاهري هو فلول النظام الشيوعي، بينما الهدف الحقيقي هو
الحريات الليبرالية، كأن تحارب الإرهاب ظاهرياً، وأنت تجهض الثورة ضدك بالأساس.
وتصل الأمور، في وضوحها، إلى الهجوم على العناصر الليبرالية، فالمخلصون للميراث
الليبرالي الديموقراطي قد عوملوا من الحزب الحاكم وكأنهم كانوا متورطين في رعب
الشيوعية، كما هو الحال في مصر؛ الهجوم على العناصر الليبرالية في حكومة ما بعد 30
يوليو، بالكر على أسماء بعينها، عرفت بميولها الليبرالية، وإيمانها بضرورة الدمج
السياسي للإسلام السياسي، ورفضها لعمليات فرض الطابع البوليسي على الدولة. لكن
المؤلف يعود للمشهد الرأسمالي المشار إليه، وهو تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة.
حيث إن الحزب الحاكم بالمجر أصدر قانوناً يقضي ضمناً باختفاء استقلال البنك المركزي،
بحيث يخول لرئيس الوزراء الحق في اختيار نواب رئيس البنك المركزي، بما يزيد عدد
الموظفين السياسيين في المجلس المالي، وبما يفرض السياسات الليبرالية الجديدة
الداعية للتقشف بيسر. وهو ما يعني في الحالة المصرية أن صعود الخطاب الشعبوي، غير
العقلاني والمعادي للاختلاف، هو مبشر بالسياسات الاقتصادية التي كان يسعى لها جمال
مبارك، وبتفريغ الدستور من ثوريته، لأنه يحمل بذور فنائه.
العنف
الحضري: تفسير بومان
يقدم جاك لاكان
تمييزاً هاماً بين اللذة والمتعة. الأولى استمتاع معتدل بالجنس، والثاني استمتاع
مفرط. وفي المسار نفسه يميز بين خطاب السيد وخطاب الجامعة. الأول خطاب السيد الذي
يتمتع بكل شيء، فيما يتمتع العبد بالفتات؛ فتات يتعمد السيد تركه عن عمد، منفذاً
للتسرية عن العبد المحروم، يجعله مستمراً في عبوديته. الثاني خطاب صحي ينبه لمخاطر
التمتع المفرط.
يركز المؤلف على
التمتع المفرط ليبرر أعمال العنف غير المبررة. التمتع الممتد دون هدف معلن، تمتع
أناني، خال من الآخر. فالملاحظ أن الإضرابات التي شهدتها بريطانيا في 2011، لم
يقدم المتظاهرون فيها مطالب محددة، ليس هناك ثمة هدف بعينه. ليس هناك معنى يتم
الدفاع عنه برأي المحافظين. فلا يوجد مبرر، برأيهم، لأعمال التخريب، ويجب أن
تستخدم كل الوسائل الضرورية لاستعادة النظام، وما نحتاج إليه لمنع انفجارات أكبر
من هذا النوع ليس التسامح والتدخل المجتمعي، ولكن الانضباط الأكبر، والعمل الكثير،
والإحساس بالمسئولية. الزائف في الرؤية المحافظة هو في تجاهل الموقف الاجتماعي
اليائس الذي دفع الشباب للعنف الذاتي غير محدد الهدف. فكيف يمكن تجاهل أن تكون
شاباً يعيش في منطقة مختلطة عنصرياً، مشتبهاً به بشكل مسبق، ويتحرش به البوليس،
ومحاطاً بالفقر والأسرة المفككة، ولا إمكان لتوظيفه.
التفسير المنطقي
للعنف الحاصل من قبل هؤلاء الشباب في الحضر يأتي من جهة عالم الاجتماع الألماني زيجمونت
بومان، عندما وصف هذه الاضطرابات بأفعال المستهلكين المنتقصين وغير المؤهلين، فهي
كرنفال استهلاكي للهدم، تعبيراً عن عدم القدرة على التملك؛ على العجز عن التسوق، عن
رغبة نفذت بعنف. إنها رد فعل عنيف على النزعة الاستهلاكية. فالحل الذي يتبدى الآن
في العالم المعاصر لم يعد هو الحظر على طريقة السيد الذي يحظر على العبد أن يمتلك
حق ممارسة التمتع مثله. لكنه الإتاحة الكاملة للاستهلاك.
موضوعات الاستهلاك
أن مدعواً لها، ليس ثمة ما يدعو لمنع الجنس. لكن هذه الإتاحة المموهة تفتح الباب
أمام العنف غير الوظيفي، غير المبرر، فـ"أنتم تدعوننا إلى الاستهلاك بينما
تجردوننا على الفور من إمكانية فعل ذلك بشكل منضبط – لذلك نفعل ذلك (كذا) هنا
بالطريقة الوحيدة المتاحة لنا!". إنه "حسد مقنّع على أنه كرنفال
منتصر".
يوسع المؤلف
تفسيره بشكل أفضل، يمكن أن يساعدنا على فهم العنف في حالتنا المصرية المؤخرة. فنحن
أمام هذا العنف والشغب والإرهاب نكون في مواجهة عملية تنفيس عمياء، فالبديل الوحيد
للعنف غير الوظيفي هو القبول بالعجز. وبطبيعة الحال هناك من المبررات الجاهزة
للفاعلين، ففي حالة المتظاهر الحضري، تتجلى مبررات يمكن أن يطرحها عالم الاجتماع
أو المتخصص في علم النفس الاجتماعي، من قبيل تقلص الحراك الاجتماعي، وتزايد عدم
الأمان الاقتصادي، وتفسخ السلطة الأبوية، ونقص الحب الأمومي في الطفولة الباكرة.
في المقابل يحمل الإرهابي من المبررات المستمدة من الخطاب الديني المكرسة لسيادته
على قاتله. والهدف في الحالتين من نفس العينة، فالمتظاهر الحضري يستهدف أبناء
حاضرته بالتكسير والحرق والتخريب وأعمال الشغب، فيما الإرهابي يقتل أبناء جلدته من
المسلمين، تحت دعاوى تبدو للمراقب غير معقولة، غير وظيفية.
الثورات
العربية: المقاومة الجمعية
يرى المؤلف أن
الثورات العربية هي خيار جذاب خارج العنف الهدام غير المبرر، خارج عنف الذات ضد
نفسها، وخارج الأصولية الدينية الإرهابية للمتوافقين. وهكذا يحاول أن يؤسس لفعل
المقاومة عبر تأمل بيت شعر قديم مكتوب على طبق معروض في أحد المتاحف الإسلامية.
هذا الفعل المقاوم له جذور في التاريخ الإسلامي ممثلاً في دولة القرامطة، وثورة
الزنج. القرامطة كانوا مجموعة إسماعيلية متركزة في شرق شبه الجزيرة العربية
(البحرين اليوم). وهدفوا إلى بناء مجتمع مبني على العقل والمساواة والدولة حكمت بمجلس
من ستة، من بينهم الرئيس. كل الممتلكات داخل المجتمع فرقت بعدل بين الأتباع.
صعودهم كان مدفوعاً بثورة العبيد في البصرة، تلك التي خلخلت سلطة بغداد؛ ثورة
الزنج التي وصفها المؤرخون الرسميون مثل الطبري والمسعودي بصفات الوحشية والبشاعة.
ويمد المؤلف خيط المقاومة إلى الحدود
الإيرانية راصداً أول أنفاس الرفض في قيام متظاهر إيراني بعدم التحرك عندما صرخ
فيه شرطي، وانسحب الشرطي المذعور خلال ساعتين، ويمده أيضاً إلى المظاهرات
الإيرانية التي اندلعت بعد عام 2009، واصفاً إياها بتظاهر المحبطين من أنصار ثورة
الخوميني، رائياً إجراء مقارنة بين كل من أحمدي نجاد وحسين موسوي. فالأول ليس بطلاً
للفقراء، بل هو شعبوي إسلامي فاشي، تقف من خلفه طبقة قوية من محدثي الثراء. فيما
الموسوي مختلف، فهو يستدعي الثورة المجهضة.
ما بدأ في إيران،
تفجر في الربيع العربي. وهنا يواجه المؤلف الموقف الغربي الملتبس على عدة مستويات،
بداية من الحديث عن الانتقال الشرعي، بقوة القانون، ووصف الثورات العربية بأوصاف
تجعلها أقرب للثورات البرتقالية، كثورات تطمح لليبرالية الغربية، مغفلاً الكلام عن
العدالة الاجتماعية، حتى الموقف المحير من الوضع الليبي والسوري. فالمصالح الغربية
تدفع للزود عن حقوق الإنسان في مواجهة القذافي، فيما يتم التغاضي عن بشار،
باعتباره الخيار الأفضل بالنسبة لإسرائيل بالذات.
"إن كل صعود
للفاشية يشهد على ثورة فاشلة"، هكذا يقول فالتر بنيامين. صعود الفاشية، برأي
المؤلف، هو نتاج فشل اليسار، ودليل مباشر على وجود ثورية كامنة، عدم رضا، لم يكن
اليسار قادراً على تحريكه، وهو ما ينطبق على الفاشية الإسلامية.
ولعل التأمل فيما يطرحه المؤلف من تحليل
لتظاهرات وول ستريت يمكن أن يجعلنا نراها تجسيداً لذات الهموم التي نجدها مطروحة
في الثورات العربية. فأولاً: هذه التظاهرات ثورة بلا ثورة، أي ضجيج بلا طحن. وذلك
مرجعه غياب البرنامج الواضح والمحدد الذي يهدف لإحداث تغيير جذري حقيقي. لعل هذا
النقص يترتب عليه اللجوء للحكومات التكنوقراطية، أي لاختيار مجموعة من الخبراء غير
المسيسين. وسينتهي الحال إلى "التوجه نحو دولة طوارئ مستقرة وتعليق
للديمقراطية، والتضييق على الحريات. ومع ذلك فإن هؤلاء المتظاهرين يلفتون النظر
لمشكلتين رئيسيتين: النتائج الاجتماعية الهدامة للنظام الرأسمالي العالمي، وأن
العولمة الاقتصادية تخلخل شرعية الديموقراطيات الغربية، فالعمليات الاقتصادية
واسعة المدى لا يمكن السيطرة عليها بنظام ديموقراطي مقتصر على حدود وطن بعينه، بما
يعني ضرورة معاودة التفكير في نموذج الديموقراطية الغربية.
** خبير
بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.