المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏ طه عبد العليم
د‏.‏ طه عبد العليم

تصنيع مصر.. رؤية وزير للصناعة

الأحد 27/مارس/2016 - 11:10 ص

أظنه تقصير مني أنني لم أفسح المجال طوال نحو أربعين عاما من الكتابة في الأهرام لعرض الرسائل التي أتلقاها من القراء تعليقا وإضافة الي ما أنشره. ويقينا كنت أتعلم مما أتلقاه، لكن متابعة الأحداث المتلاحقة وخاصة منذ الثورة وميلي كباحث لنقل ما أحصله من معرفة ونشر مقالي كل أسبوعين لم يترك الفرصة لي. وإستثناء من القاعدة، أرجو أن تسمح الظروف بتكراره، أستأذن القارئ بأن أوجز مقالا عميقا تلقيته من وزير الصناعة والتجارة الخارجية الأسبق الدكتور المهندس سمير الصياد، تعليقا علي أحد مقالاتي عن تصنيع مصر.

يقول وزيرنا صاحب الرؤية الثاقبة لحتمية تصنيع مصر: (نشر الكاتب الكبير د. طه عبدالعليم في الأهرام الغراء مقالا بعنوان «تحدي التصنيع في عهد الرئيس الجديد» تناول فيه بمهارة مبررات دعوته إلي تصنيع مصر التي يرفع لواءها، ودون مقدمات أجدني أتفق معه كلية فيما أولاه من أهمية وضرورة وأولوية لتصنيع مصر). ثم يسجل الدكتور الصياد، الذي يندر أن نجد مثله في وضوح رؤيته لمهمة الوزير، وهي صنع السياسة في مجال عمله، أولا، أننا (نعلم في الحالة المصرية أن الموارد الطبيعية ـ مهما كانت ـ فهي محدودة، ومن هنا يصبح القطاع الصناعي، هو حجر الزاوية لإحداث التقدم الاقتصادي، لتميزه بارتفاع الإنتاجية، والقدرة علي النمو المطرد بمعدلات عالية، والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنسب أعلي من القطاعات الاقتصادية الأخري، وكذا قدرته علي اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلا عن ارتفاع طاقته التشغيلية والتصديرية، وتمتعه بروابط أمامية وخلفية بقطاعات اقتصادية أخري مثل الزراعة والخدمات. ومن هنا تكون التنمية الصناعية، هي المدخل لبلوغ هدف الثورة الحقيقي، ألا وهو الجمع بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية).

وثانيا، أنه حتي الدول المصنفة عالميا كدول صناعية تدرك ذلك، ويلفت نظرنا أخيرا كثرة الحديث والمناداة علي مستوي الدول الكبري بإعادة التصنيعRe-Industrialisation . فأوروبا، في استراتيجيتها حتي 2020، تسعي لتدشين الصناعة من جديد، كمصدر رئيسي لخلق الثروة، وتعهدت بتوفير ظروف أفضل للاستثمار في الابتكار وفي المصانع، وبزيادة معدل القيمة المضافة الصناعية. وفي السياق نفسه نجد اوتنجر مفوض الطاقة يعلن أن سياسات الاتحاد يجب ألا تغفل عن الحاجة إلي الاحتفاظ بالقاعدة الصناعية للإتحاد، وأنه ينبغي علي أوروبا، أن تفكر في إضافة هدف الوصول إلي 20% مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي والتي انخفضت حاليا بعد أن كانت 22% في عام 2000 وقال «نحن بحاجة إلي استراتيجية لإعادة تصنيع أوروبا».

ويضيف، ثالثا، (أضم صوتي لما نادي به الكاتب الكبير من أنه علي الدولة ان تتبني استراتيجية طموحة لتصنيع مصر، وأضيف وأن تبدأ في تنفيذها بالتوازي مع مشروع الرئيس الكبير لعمران مصر، عن قناعة أن مشروع الرئيس الطموح لعمران مصر تتعظم نتائجه المأمولة بربطه بشكل مباشر بمشروع تصنيع بنفس درجة طموح مشروع العمران. وأن لا تنمية حقيقية متكاملة ولا فرص عمل معتبرة الدخل- وهما هدف مشروع العمران- بدون التصنيع، وأؤكد ان قدرات مصر الذاتية تؤهلها لذلك وتضمن لها النجاح، رغم مايمكن أن يقال عن أوجه قصور هنا أوهناك. فقد خرجت القاعدة الصناعية، والحمد لله، سليمة من أحداث الثورتين، وهي قاعدة بها قدر كبير من التنوع، وترتبط مصر بعدد كبير من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية، والصادرات حققت طفرة في السنوات السابقة، يمكن أن يبني عليها لمزيد من الطفرات، وأصبح الاهتمام بإفريقيا وأسواقها الواعدة اهتماما جديا، هذا كله بالإضافة للموقع الخاص المتميز لمصر، والذي سلطت عليه قناة السويس ومشروع تنمية محورها الضوء في الاسابيع الماضية. لهذا فنحن متفائلون).
ويعرض، رابعا، فيما يتعلق باستراتيجية وبرنامج لتصنيع مصر، (حقائق فرضت نفسها ويصعب تجاهلها، ومنها أنه لم يعد ممكنا فصل الصناعة بسهولة عن الخدمات، في عالم من سلاسل التوريد العالمية، وأن القدرة التنافسية للخدمات، أصبحت عنصرا أساسيا من عناصر القدرة التنافسية للصناعة، وأنه نظرا لأهمية أسعار الطاقة في اختيار أصحاب المشروعات لمواقع أو بلدان تنفيذ مشروعاتهم، تؤثر سياسات الطاقة بشكل كبير، علي القدرة التنافسية لمنطقة ما أو بلد ما، من هنا تأتي أهمية الإدارة السليمة لموضوع الطاقة في المستقبل، لتأثيرها علي الاستثمار المحلي والأجنبي. وأن كفاءة نظم الضمان الاجتماعي والعدل الاجتماعي أصبحت أحد عناصر القدرة التنافسية، وأصبح المستثمرون يسعون للاطمئنان عليها قبل اتخاذهم قرار الاستثمار في مكان ما. وأن العدالة الاجتماعية لم تعد بعيدة عن أدبيات اقتصاد السوق، فالتعبير الذي أصبح شائع الاستخدام للنمو الاقتصادي هو النمو الشامل أو الاحتوائي growth inclusive وفي البؤرة منه، العدل الاجتماعي، وتقريب الفوارق بين الأغنياء والفقراء، والمساواة في الفرص المتاحة، ودمج الفئات المهمشة).

ويسجل، خامسا، أن رفاهية المجتمع تتأتي من ارتفاع قدرته التنافسية، والحقيقة أن نمو الإنتاجية عامل أساسي في تحديد مستوي المعيشة في بلد ما، وفي قدرة هذا البلد علي المنافسة في الأسواق العالمية. فالقدرة التنافسية العالية وراءها انتاجية عالية، وسر الإنتاجية العالية، في القدرة الذاتية علي الابتكار والاستمرار فيه. وقد يجد المخطط نفسه مضطرا إلي سياسات استثمار في البنية التحتية تحابي مناطق معينة، أو تحابي الإنتاج الكبير، الذي يتسم بكثافة رأس المال أكثر من الإنتاج الصغير. ولم يعد الحديث عن العولمة جديدا علينا، الجديد هو الوتيرة والسرعة التي تطورت وتتطور بهما العولمة في السنوات الأخيرة، وأحد الأسباب هو البزوغ السريع لما يسمي سلاسل القيمة حيث أمكن تقطيع عمليات إنتاج السلع من المواد الخام إلي المنتج النهائي، وأصبح ممكنا تنفيذ كل شريحة منها حيثما توجد المهارات والمواد اللازمة بسعر تنافسي، والدافع هو ضغط المنافسة المحلية والعالمية الذي فرض علي الشركات الكبيرة زيادة كفاءتها، وخفض تكلفتها. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟