المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

فى مواجهة تحدى أزمة الطاقة بمصر، وفى سياق التعلم الإيجابى من العالم، سوف يسجل التاريخ أن مصر فى عهد السيسى تقدمت وبجسارة لتنفيذ برنامجها النووى، الذى بدأته منذ خمسينيات القرن الماضى

د‏.‏ طه عبد العليم
د‏.‏ طه عبد العليم

حقائق بشأن محطة الضبعة النووية

الأحد 22/نوفمبر/2015 - 11:05 ص
فى مواجهة تحدى أزمة الطاقة بمصر، وفى سياق التعلم الإيجابى من العالم، سوف يسجل التاريخ أن مصر فى عهد السيسى تقدمت وبجسارة لتنفيذ برنامجها النووى، الذى بدأته منذ خمسينيات القرن الماضى، وتعددت أسباب وأده. وحتمية القرار الإستراتيجى التاريخى، الذى اتخذه الرئيس السيسى بإنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية، تؤكدها حقيقة لا تصنيع ولا تنمية بغير توفير قاعدة الطاقة اللازمة لهما. ويبقى عائد الاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية- وفى مقدمتها تطوير قناة السويس وإقامة المفاعلات النووية وتوسيع شبكة الطرق وغيرها- لن يتحقق بغير التصنيع؛ ركيزة تعزيز أمن مصر القومى وأمن المصريين الإنسانى. وأكتفى هنا- وفى ضوء ما سجلته بمقالات سابقة- بإيجاز خمس حقائق ثابتة.

الحقيقة الأولى، أن سياسات تنويع مصادر الطاقة فى البلدان الصناعية المتقدمة لم تسفر عن تغيير جذرى بين عامى 1973 و2012. فقد استمر نصيب الطاقة من المصادر الهيدروليكية (المائية) ثابتا، ولم يتعد نحو 2 % تقريبا، وتضاعفت حصة الوقود الحيوى والنفايات أكثر قليلا من 2 % الى أكثر قليلا من 5 %. وأما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وغيرها من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، فان حصتها لم تتعد نحو واحد ونصف فى المائة من إجمالى إمدادات الطاقة المستهلكة فى العالم. وفى المقابل، تضاعف نصيب الطاقة النووية بنحو ثمانى مرات، أكثر قليلا من 1 % الى أقل قليلا من 10 %؛ رغم كل اللغو عن تراجع الاعتماد عليها لارتفاع تكاليفها وتجنبا لمخاطرها. ورغم هبوط نصيب البترول والغاز معا من 62% إلى 53 % فقد استمرا المصدر الأهم للطاقة فى العالم، ورغم كل المحاذير البيئية استمر الفحم ثانى أهم مصدر للطاقة فى العالم، وبحصة زادت من نحو 25 % الى نحو 29 % من إجمالى إمدادات الطاقة فى العالم. (أنظر: تقرير وكالة الطاقة الدولية عن الطاقة فى العالم لعام 2013).

والحقيقة الثانية، أن حتمية إقامة محطة الضبعة للطاقة النووية تؤكدها بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأهمها: أنه يوجد فى العالم 438 مفاعلا نوويا لتوليد الكهرباء تتوزع فى 32 دولة. ويجرى إنشاء 70 مفاعل جديدا فى 15 دولة. وفى عام 2014، بلغت القدرة الاجمالية لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية فى العالم 376 ميجاوات، واعتمدت 13 دولة على الطاقة النووية فى توفير ما يزيد علي 30 % من استهلاكها من الكهرباء، (وتصل النسبة الى نحو 77 % فى فرنسا). وضمت الدول الأكثر توليدا للكهرباء من الطاقة النووية الولايات المتحدة، التى يعمل بها 99 مفاعلا نوويا وتشيد خمسة مفاعلات جديدة، وفرنسا، التى يعمل بها 58 مفاعلا نوويا وتنشىء مفاعلا جديدا، واليابان التى يعمل بها 48 مفاعلا نوويا وتنشىء مفاعلين جديدين، وروسيا التى يعمل بها 34 مفاعلا نوويا وتنشىء تسعة مفاعلات جديدة، وكوريا الجنوبية التى يعمل بها 23 مفاعلا نوويا وتنشىء خمسة مفاعلات جديدة؛ وأما الصين التى يعمل بها 23 مفاعلا نوويا فانها تنشىء ستة وعشرين مفاعلا جديدا. كما تنشىء دولة الإمارات- رغم ثرائها البترولى- ثلاثة مفاعلات نووية. (التقرير السنوى للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2014).

والحقيقة الثالثة، أنه رغم حدة رد فعل موسكو فى مواجهة كارثة إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء، فان قرار توقيع الاتفاقية النووية مع مصر وإمدادها بأحدث الأسلحة، بجانب الاستثمار المباشر فى مشروعاتها للتنمية والتصنيع، يؤكد مصداقية إعلان الرئيس بوتين إبان زيارته لمصر بأن روسيا ستبقى شريكا أمينا وصديقا موثوقا به لمصر، وإن توقيع الاتفاقية لا يتعلق فقط بإنشاء محطة كهرونووية، بل استحداث قطاع نووى فى مصر. كما يمثل توقيع الاتفاقية، كما صرح الرئيس السيسى إبان زيارته الأخيرة لروسيا، أن العلاقات مع روسيا شهدت نقلة نوعية؛ تسعى مصر للبناء عليها لترسيخ الشراكة فى المستقبل. ورغم غضبة المصريين المشروعة من القرارات التى أضرت باقتصادها، بدلا من دعمها فى محاربة الإرهاب، فقد أكد الرئيس السيسى بحكمة أن شعب مصر يقدر شواغل الشعب الروسى ومسئولية القيادة الروسية عن تأمين مواطنيها، وشدد على أن مصر اتخذت حِزما من الإجراءات الأمنية المشددة فى مطاراتها وموانيها، ولن تترك أي ثغرات يُمكن أن تمثل مصدر للقلق لأى طرف.

والحقيقة الرابعة، أن استقرار الرأى على اختيار العرض الروسى لإنشاء المحطة- كما أعلن الرئيس السيسى عقب توقيع الاتفاقية مع مؤسسة روس أتوم الروسية للطاقة الذرية، التى تنفذ عقود بناء 30 مفاعلا نوويا فى 12 دولة ـ ارتكز الى دراسة متأنية ومتعمقة من جميع الجهات المصرية المعنية. وستضم المحطة أربعة مفاعلات نووية من الجيل الثالث المُطور، بطاقة إنتاجية تبلغ 1200 ميجاوات لكل مفاعل، وسيتم تنفيذها وتشغيلها وفقا لضمانات ومعايير صارمة على صعيدى البيئة والأمان النووى. وسوف يسدد القرض الخاص بإنشاء المحطة على مدار 35 عاماً من عوائد إنتاج المحطة من الكهرباء، كما سيتم تدريب العديد من العلماء والكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية، فضلا عن مساهمة الشركات المصرية بنسبة 20% من عملية إنشاء المحطة. ونوه الرئيس السيسى وبحق إلى أن مصر تتطلع إلى إنشاء المحطة النووية في الضبعة كصرح جديد يُضاف إلى سجل الإنجازات التي حققها التعاون المصري الروسى، والتى مازالت قائمة وتمثل رمزا لاعتزاز الشعب المصرى بالصداقة المصرية الروسية.

وأخيرا، أسجل ان الإدارات الأمريكية، الديمقراطية والجمهورية، التى لا تتعلم ولا تتوب، تدفع مجددا- وإن فى سياق جديد، جراء تأصل نزعة الى الهيمنة ونهج غطرسة القوة ـ الى شراكة مصر وروسيا، فى مواجهة المحاولات الأمريكية لتركيعهما وحصارهما وتفكيكهما إن أمكنّ؛ حتى بعد إسقاط الشيوعية وتفكيك الدولة والمنظومة السوفيتية، وإسقاط الناصرية وأفول الحركة القومية العربية والسلام مع اسرائيل، ورغم انفتاح الاقتصاد فى البلدين ودورهما فى محاربة الإرهاب وتطلعهما للتعاون مع أمريكا!! .نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟