المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏ طه عبد العليم
د‏.‏ طه عبد العليم

مغزى مشاركة السيسى فى الاحتفال الروسى

الأحد 10/مايو/2015 - 11:22 ص

تتسم بمغزى تاريخى مشاركة الرئيس السيسى فى احتفال روسيا بالذكرى السبعين للانتصار السوفيتى والعالمى على الفاشية النازية والعنصرية فى الحرب العالمية الثانية. أولا، لأنه رمز الانتصار التاريخى لثورة 30 يونيو المجيدة، التى أسقطت حكم فاشية عصرنا- الفاشية التكفيرية والارهابية المتاجرة بالاسلام، وقائد معاركها المريرة والمستمرة لدحر إرهابها الأسود واقتلاع فكرها الدينى المنحرف، وتصفية بيئة تفريخ جَندها. وثانيا، لأن مشاركته تؤكد مصداقية توجه مصر الى بناء شراكة استراتيجية مع روسيا، رغم ترهيب وترغيب خصومهما؛ تتصدى لمؤامرة تركيع وحصار البلدين وتفكيكهما- إن أمكن، وتستهدف بناء نظام عالمى متوازن ومنصف.

وفى تفصيل ما أوجزت أكتفى بتسجيل خواطر وحقائق بشأن دلالات مشاركة الرئيس السيسى فى ذكرى الانتصار على النازية بساحة الكرملين أو الميدان الأحمر، رغم المقاطعة الأمريكية والغربية، للاحتفال فى موسكو، التى نهضت بالدور الأعظم ودفعت الثمن الأفدح لتحقيق الانتصار التاريخى للانسانية على الفاشية النازية والعنصرية. وأزعم، أولا: أنه يحق للسيسى أن يشعر بالزهو لأنه تحرر من وهم ستالين، الزعيم البارز الذى قاد الانتصار السوفيتى والعالمي. أقصد وهم ستالين وقادة الاتحاد السوفيتى بامكانية عيش وطنهم فى أمن وسلام؛ بتجاهل ما اعتبره مخطئا صراعا بين دول إمبريالية، وإغفاله تهديد الفاشية النازية والعنصرية للعالم بأسره، وتناسيه أن البادئ بأوروبا سوف يثنى بروسيا، وهو ما كان!! فكان أن دفعت شعوب الاتحاد السوفيتى السابق- وخاصة الأمة الروسية- ثمنا فادحا بلغ نحو 20 مليون شهيد، بجانب الدمار الهائل الذى لحق بالبلاد!! وفى المقابل فقد تحرر السيسى ورفاقه من وهم عيش وطنهم فى أمن وسلام مع الفاشية التكفيرية والإرهابية، فكان انتصار قادة القوات المسلحة لثورة الإطاحة بحكم هذه الفاشية حين أدرك الشعب- بحسه السليم وقبل أن ينقضى عام واحد- تهديدها لمصر. وكان وأدا لحرب أهلية مريرة يهون مع مصائبها العظام ثمن محاربة الإرهاب، وهو ما أنقذ مصر من أهوال حروب أهلية دفعت ـ ومازالت ـ ثمنها شعوب العراق وسوريا وليبيا واليمن وقبلها السودان والجزائر، ومن مخاطر تهدد غيرها من البلدان العربية الشقيقة!!.

وأزعم ثانيا، أن الحرب الوطنية العظمى كما وصفها الحزب الشيوعى السوفيتى بقيادة ستالين- وليس غيره- كان استيعابا لحقيقة أن عدوان الفاشية النازية والعنصرية على روسيا لم يكن يستهدف إسقاط النظام الشيوعي، وإنما وجود الوطن ذاته. وقد استوعبت القوات المسلحة المصرية بقيادة السيسي- وبحق - أن إرهاب الفاشية التكفيرية والإرهابية لا يستهدف ما وصف بهتانا بحكم العسكر، وإنما يهدد وجود مصر: دولة ووطنا وهوية وأمة. وكان قرار اللجوء للقوة فضا لاعتصام رابعة، الذى جسد مشهد تحول تنظيم الإخوان وحلفائه من تجار دين الى تجار دم؛ جمعوا بين خُلق الكذَّاب المنافق المتاجر بالدين لاغتصاب ولاية مصر، وبين جُرم القاتل الإرهابى المتاجر بدم مضلَلِين استخدموا دروعا بشرية؛ بوهم استرداد حكم مُغتَصَب أسقطته الأمة!! وكان الإرهاب اللاحق لفض بؤرة خيانة الوطن وتخريبه فُرقاناً بين الحق والباطل؛ بين حقٍ انتصرت له الأمة المصرية وقواتها المسلحة، وباطلٍ أرادته جماعة الإخوان وأذرعتها الإرهابية متحالفة مع قوى دولية وإقليمية تستهدف إسقاط مصر. وكانت ومازالت حرب مصر المستمرة ضد الارهاب انتصارا للمسلمين وللانسانية كلها لن تكتمل - كما أوجز السيسى فى كلمته بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوى - بغير تصفية فكر منحرف يمثل مصدرا للقلق والخطر والقتل والتدمير فى الدنيا كلها، نصوص وأفكار تم تقديسها على مدى مئات السنين حتى أصبح الخروج عليها صعبا، تعادى الدنيا كلها؛ موضحا- وبجلاء- أنه لا يقصد الدين وإنما ثورة على هذا الفكر، والانتصار لفكر دينى مستنير.

وأؤكد ثالثا، أن لقاء السيسى وبوتين هو لقاء قائدين يدركان أنه كما استحال تعايش العالم مع حكم وفكر الفاشية النازية والعنصرية، يستحيل تعايش العالم مع حكم وفكر الفاشية التكفيرية والإرهابية. وقد دفعت ثمنا فادحا الولايات المتحدة، حين لم تدخل الحرب العالمية الثانية حتى دمرت الفاشية اليابانية أسطولها القابع فى بيرل هاربر؛ لكنها بتحالفها مع تنظيم الإخوان، التنظيم الأم لكل تنظيمات الفاشية التكفيرية والارهابية فى العالم من القاعدة الى داعش، يبدو وكأنها لم تتعلم شيئا من هجمات 11 سبتمبر الإرهابية!! ومع رفضى أى إقصاء أو انتقاص من حقوق المواطنة لكل من انتسبوا لجماعة الإخوان والمتعاطفين معها، لا أرى انتصارا مؤزرا فى حربنا المصيرية ضد الفاشية التكفيرية والإرهابية بغير استئصال تنظيم جماعة الإخوان. ببساطة، لأنها كما كتبت وأكرر: مُقسِمةً للأمة، ومُقوِضةً للدولة، ومُهدِدةً للهوية، ومُزدرَيةً للوطن، ومُنكِرةً للوطنية، ومُخاصِمة للمواطنة، ومُضادَة للثورة، ومُخالِفة للقانون، وسِرية مُسَلَحَة، ومُجسِدة للفاشية، ومُولِدة للإرهاب، ومعادية للديمقراطية، ودُوَلِية التنظيم، ومُفارِقة للواقع، إضافة لكونها: مُكفِرة للمخالِف، وكارِهة للآخر، ومُحتقِرة للمرأة، ومُتاجِرةٌ بالدين، ومُسيئةً للإسلام، ومُهدِرةً للخُلق، ومُدمِنة للكذب، ومُخالِفة للعهد، وخائنة للأمانة، وفاجرة الخصومة، وطائفية منغلِقة، وعِصامية الجهل، وجاهلة مُركَبة، وعابدة لذاتها، ومُقدِسة للمَظْهر، ومُهمِلة للجوهر، ورجعِية الفكر.. إلخ. ولا أرى انتصارا مؤزرا فى الحرب الفاشية التكفيرية والإرهابية بغير تضافر المواجهة الأمنية والقانونية للجماعة وحلفائها مع المواجهة الفكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، إذا أردنا اجتثاث جذور دعوات الردة لعهود الانحطاط وتجفيف منابع الترويع والتكفير والإرهاب.

وأخيرا، أقول أن استئصال تنظيم جماعة الإخوان وغيرها من جماعات الفاشية التكفيرية، كما تصفية الحزب النازى بعد إسقاط حكمه بانتصار السوفيت والحلفاء فى الحرب العالمية الثانية. والأمر أن المصالحة المجتمعية واجبة وممكنة بعد حل التنظيم واحترام الدستور، كما جرى مع النازيين والعنصريين فى ألمانيا فور اسقاطهم حكمهم، مع محاكمة كل من أجرم من أعضاء التنظيم، وإعادة دمج المضللين والمخدوعين النابذين لتنظيم وفكر ونهج الإخوان فى أمتهم المصرية. فلا مكان لتنظيم الإخوان فى دولة المواطنة الديمقراطية، ولا مكان أيضا لأحزاب تروج فكر الفاشية التكفيرية (المهادنة)، لتطبقه تنظيمات الفاشية التكفيرية (الإرهابية). نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟