المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏ طه عبد العليم
د‏.‏ طه عبد العليم

القاهرة وموسكو.. عود على بدء

الأحد 15/فبراير/2015 - 11:52 ص

أعيد بناءُ العلاقات بين القاهرة وموسكو، بدوافع اقتصادية ووطنية للقاهرة، ومنافع تجارية واستراتيجية لموسكو، مرة، حين أعادت حكومة الوفد بزعامة النحاس العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع موسكو بزعم الخطر الشيوعى وتحت الضغط الاستعماري، ومرة أخري، تشهد العلاقات الشاملة ارتقاء نوعيا بمسعى مشترك تبادلا للمنافع، من جانب القاهرة بقيادة السيسى مع موسكو فى عهد بوتين، فى مواجهة ضغوط أمريكية تستهدف تركيع أو تفكيك البلدين. وبين المرتين تعاقب صعودٌ نوعى للعلاقات ارتقى الى مستوى التحالف فى عهد جمال عبد الناصر، وانكسارٌ مرير فى عهد السادات ثم إحياءٌ مُقيد فى عهد مبارك.

وفى أصول العلاقات المصرية السوفيتية قبل ثورة 23 يوليو، توثق رسالة فؤاد المرسى للدكتوراه، أن مجلس الوزراء قرر فى 6 أكتوبر 1923 قطع العلاقات مع روسيا، وعدم اعتراف الحكومة المصرية بالتمثيل السياسى والقنصلى الروسي، الذى كان قائماً فى مصر!! وأسجل أولا، أن وزير الخارجية المصري، بجلسة مجلس النواب فى 12 مايو 1927 رداً على سؤال، أوضح: أن عدم وجود ممثل لنقابة النسيج السوفيتية فى مصر، وعدم السماح للسفن الروسية بدخول أرصفة ميناء الإسكندرية، يوجد صعوبات أمام استيراد روسيا القطن المصري. وحذر من أنه إذا استمر الحال على ذلك سيكف الاتحاد السوفيتى عن شراء القطن المصري!! وفى 19 مايو 1927، قال أحد النواب بجلسة مجلس النواب: إن أكثر الدول الأوروبية أقامت لها علاقات سياسية مع الاتحاد السوفيتي؛ فلا أقل من أن تكون لمصر صلات تجارية معه، وأن ذلك لن يكون له تأثير على نظام الحكم القائم. وردت الحكومة بأنها لم تَغفل عن هذا، لكنها زعمت أنه: لما كان من المعلوم أن المكاتب التجارية الروسية تنتهز فرصة ما تنشئه من علاقات لبث الروح الشيوعية؛ فقد رأت الحكومة- صوناً للنظام الاجتماعي- أن تحيط العلاقات التجارية بين البلدين بشروط تكفل استمرارها مع اتقاء ما وراءها من شرور!!

وثانيا، أن مطالب البرلمان المصرى جاءت فى سياق ما كان يعانيه القطن المصرى من تقلب حاد فى أسعاره بعد الحرب العالمية الأولي. وأوردت صحيفة السياسة فى 21 أغسطس 1927؛ وبغير نسيان التحذير من تسرب الشيوعية! أن الاتحاد السوفيتى اشترى 2 % فقط من القطن المصرى بين عامى 1924 و 1927 من السوق المصرية مباشرة، والباقى من أسواق أجنبية خاصة سوق ليفربول!! ومع الأزمة الاقتصادية العالمية فى مطلع الثلاثينيات، بعواقبها السلبية على اقتصاد مصر المرتكز لإنتاج القطن وتصديره، أعلن النائب عبد الرحمن عزام بجلسة مجلس النواب فى 3 أبريل 1930: أنه كلما طلبنا فتح سوق روسيا فى وجه القطن المصرى قالوا لنا أن رسل البلاشفة يتخذون تجارة القطن معنا سبيلا لقلب البلاد رأسا على عقب؛ وتلك دعوى باطلة لا أساس لها!! وفى 22 يناير 1934، أعلن نائب بمجلس الشيوخ: أنه لا معنى أن تكون الأمة المصرية هى الأمة الوحيدة المستمرة فى جفاء مع الأمة الروسية، على حين أن الدولة الإنجليزية قد جددت علاقاتها مع الدولة الروسية؟؟

وثالثا، أن النائب محمود سليمان غنام وجه سؤالا إلى رئيس الوزراء بمجلس الشيوخ، فى 28 يونيو 1938، يقول: هل لا يرى صاحب المقام الرفيع أن فى إعادة العلاقات مع حكومة السوفييت ما يفتح لمصر سوقاً لقطنها بعد تهديد بريطانيا بغلق سوقها؟؟ وتساءل النائب نفسه فى 28 مارس 1939 عن المانع من الاعتراف بحكومة السوفييت؛ فى وقت تسارع فيه الحكومة للاعتراف بحكومة فرانكو فى إسبانيا؟؟ وقدم نائب استجواباً عن أسباب تباطؤ وزارة الخارجية فى الاعتراف بحكومة اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، الممثلة لشعب أصبح اليوم من أقوى الشعوب وأرقاها، وتطمع الدول الكبري، ومنها المتحالفة معنا، فى خطب وده والتعاقد معه!! وردت الحكومة بأنها جادة فى السعى لإعادة العلاقات الاقتصادية مع تلك الحكومة، دون التقيد بموضوع الاعتراف!! وفى 9 يونيو 1939، أوضحت الحكومة السوفيتية أنها لا تعقد معاهدات أو اتفاقيات تجارية إلا مع دول تعترف بها. وأوضحت وزارة المالية، أنه نظراً إلى ما يحتمل أن يعود على مصر من الفوائد ليس هناك ما يمنع من اعتراف مصر بروسيا السوفيتية؛ وقالت وزارة الخارجية أن اختلاف نظام الحكم بين دولتين لا يمنع وجود علاقات بينهما على أساس عدم تدخل إحداها فى شئون الأخري.

ورابعا، أن حكومة على ماهر قررت، فى 31 أغسطس 1939، الموافقة على قيام العلاقات الدبلوماسية بين مصر والاتحاد السوفيتي، لكن القرار لم يوضع موضع التنفيذ. وفى عهد حكومة الوفد، أذيع فى 7 سبتمبر 1943 بيان فى كل من القاهرة وموسكو بأن العلاقات بين البلدين قد أنشئت منذ 26 أغسطس الماضي. واذا كان كبار ملاك الأرض وراء مطلب وقرار إعادة العلاقات لتعظيم مكاسبهم، فقد انبرت رموز وطنية وديمقراطية، بتفنيد ذرائع قطع العلاقات، ونبذت الإذعان لإرادة الاستعمار. وفى 24 أكتوبر 1951، صرح وزير الخارجية بأن مصر على استعداد لقبول السلاح من أى دولة من دول العالم!! وفى أواخر 1951 وقعت الحكومة عقودا لتزويد مصر بالسلاح، أحدها مع تشيكوسلوفاكيا. وفى 3 ديسمبر 1951، وبمجلس النواب، تساءل نائب: ماذا إذا عقدنا مع روسيا اتفاقيات صداقة وتحالف وعدم اعتداء؟! وطالب آخر بعقد معاهدة صداقة وعدم اعتداء مع الاتحاد السوفيتي؛ معلنا نحن أعداء الشيوعية، لكننا نصادق من يصادقنا وضد من يعادينا!! ودعا ثالث لاعتراف مصر بالصين الشعبية!! وفى 3 يناير 1952 قدم نائب اقتراحاً بأن تعلن الحكومة سياسة الحياد بين المعسكرين، وفى 23 يناير 1952 سلمت مصر طلباً برغبتها فى شراء السلاح من الاتحاد السوفيتي!!

ثم كانت القفزة التاريخية للعلاقات بين القاهرة وموسكو، بعد ثورة 23 يوليو، وتحت زعامة جمال عبد الناصر، المفترى عليه. وهو ما يستحق تناولا آخر؛ يعقبه تناول أشد استحقاقا يتصل بدوافع وآفاق هذه العلاقات تحت قيادة السيسى وبوتين. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟