المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏ طه عبد العليم
د‏.‏ طه عبد العليم

الأمن الاقتصادي في برنامج الرئيس المنتظر

الأحد 02/فبراير/2014 - 11:08 ص
لن تتسارع خطي الأمة المصرية نحو مهام المستقبل بغير أن تنجز المهمة الملحة لإنقاذ مصر‏,‏ وطنا ودولة وأمة وهوية‏,‏ بدحر تنظيمات الفاشية التكفيرية والتمييزية والإرهابية‏;‏ وردع ضغوط القوي الدولية والاقليمية الهادفة لتفكيك وتركيع مصر‏.‏

لكنه علي الرئيس القادم لإنقاذ مصر, وفور ترشحه, أن يطرح برنامجه للمستقبل, وفي قلبه تحقيق الأمن الاقتصادي, القومي والإنساني, لمصر والمصريين, بمواجهة تحدياته. وأقصد, أولا, مواجهة تحدي ضعف القدرة الاقتصادية الوطنية; باعتبارها ركيزة: مضاعفة القوة الشاملة والمكانة والدور الإقليمي والعالمي, وحماية المصالح الاقتصادية الوطنية العليا, ووقاية الإقتصاد الوطني من التهديدات والصدمات الاقتصادية الخارجية, والتحسين المطرد لمستوي معيشة المواطنين. ومواجهة تحدي تهديد السيادة الاقتصادية الوطنية, بالتوجه نحو: تعظيم سيطرة الدولة علي خيارات ومعدلات التنمية الاقتصادية, وإستئثارها بسلطة اختيار النظام الاقتصادي الإجتماعي, وإنفرادها بملكية الموارد الطبيعية والمرافق الأساسية, ومقاومة التدخل الخارجي في القرار الاقتصادي الوطني, وتقليص الاعتماد علي المعونات الأجنبية, وحماية سيطرة المؤسسات الوطنية في السوق المحلية, مع تعظيم فرص التعاون والتكامل الاقتصادي, الاقليمي وعبر الإقليمي.
ثانيا, مواجهة تحدي تراجع تصنيع مصر; وذلك بتبني سياسات تضمن أسبقية تعميق الصناعة التحويلية, لتعظيم القوة الاقتصادية والشاملة والإندماج المتكافيء في التخصص العالمي. ولن يتمتع المصريون بأمنهم الإنساني; فيتحرروا من الحاجة والخوف وفقر القدرة والدخل, إلا بفضل توفير التصنيع لموارد الإرتقاء بالتعليم والصحة, ولوظائف غير محدودة ومرتفعة الإنتاجية, تؤمن لهم عملا لائقا ودخلا عاليا وحياة كريمة وحافزا لخفض حجم الأسرة. وتتأكد حتمية التصنيع في ظل قيود المياه والأرض اللازمة للزراعة, ومخاطر الإعتماد علي صادرات الخدمات المتقلبة, وفرص تعظيم القيمة المضافة لكل القطاعات بمدخلات التصنيع الوطني! وبفضله لن تصبح مصر مجرد مصدر هام للسلع المصنعة, ذات المحتوي المعرفي الأرقي والقيمة المضافة الأعلي, بل مصدرا للتكنولوجيا والمعرفة والخدمات والغذاء والاستثمار.
ثالثا, مواجهة تحدي تدهور الأمن الغذائي, بتقليص الفجوة المتزايدة بين الاستهلاك والإنتاج, من السلع الغذائية, جراء نمو السكان ومحدودية الموارد الزراعية وإخفاق السياسة الزراعية وقصور الاستثمار الزراعي وارتفاع تكلفة الأسمدة اللازمة للتربة, وإنفلات الاعتداء علي الأرض الزراعية. وفي ظل انكشاف غذائي منذر بالتفاقم والمخاطر لا بد من تحقيق أقصي قدر ممكن من الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الأساسية, ومضاعفة الانفاق علي البحث والتطوير الزراعي, وتعظيم عائد وحدة المياه, وتوفير الأسمدة بأسعار تتناسب مع تكلفة انتاجها المحلية, وضمان أسعار عادلة للمحاصيل الغذائية الأساسية المنتجة محليا; وردع الإعتداء علي الأرض الزراعية, وحماية الماء والتربة من التلوث, ومواجهة مخاطر المتغيرات المناخية علي الدلتا.
رابعا, مواجهة تحدي فجوات موارد المياه والطاقة والمعرفة. ويتطلب تقليص فجوة الموارد المائية ترشيد استخدام وإعادة استخدام المتاح منها, وحمايته من التلوث, وتنمية مصادر جديدة بتحلية المياه, والأهم بمواصلة نهج الكسب المتبادل بين دول حوض النيل, وإن بقي مدي إحترام أثيوبيا لحقوق مصر المائية أساس التعاون أو الصراع في إدارة أزمة سد النهضة. ولا بديل لتقليص فجوة الطاقة, إلا إقامة المحطات النووية لإنتاج الكهرباء وبأعلي معايير الأمان, في ظل استنفاد المتاح من المصادر المائية, والتكلفة الباهظة لإنتاجها الواسع من الطاقة الشمسية, وندرة مصائد الرياح. وأما فجوة المعرفة, فان تقليصها يتطلب تحسين جودة التعليم, الأساسي والفني والعالي, وضمان مجانية التعليم علي أساس مبدأي العدالة والكفاءة, وتطوير قاعدة البحوث العلمية الأساسية والبحث العلمي والتكنولوجي.
خامسا, مواجهة تحدي احترام الحقوق الاقتصادية والإجتماعية للمصريين, بدءا من تفعيل ما نص عليه دستور2014, وما تضمنه العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والإجتماعية, وحتي بناء نظام اقتصادي واجتماعي يضمن كفاءة تخصيص الموارد وعدالة توزيع الدخل وتكافؤ الفرص. وتجدر هنا الإشارة لنص الدستور علي التزام الدولة بتخصيص نسب محددة من الناتج القومي الإجمالي, تتصاعد حتي المعدلات العالمية, لتأمين حق كل مواطن في الرعاية الصحية والتعليم وفقا لمعايير الجودة, والتعليم الإلزامي حتي نهاية الثانوية أو ما يعادلها, وكفالتها لمجانية التعليم بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية, وحرية البحث العلمي, والقضاء علي الأمية, وللحق في المسكن الملائم والغذاء الصحي والماء النظيف, وتنمية المناطق المحرومة, والتزامها بحماية حقوق الأطفال والمسنين وذوي الإعاقة.. إلخ.
سادسا, مواجهة تحدي مضاعفة العائد الأمني والاقتصادي للإنفاق الدفاعي; بترشيد نفقات التسلح والدفاع, والارتقاء بالصناعات الاستراتيجية والتكنولوجيات الحرجة للإنتاج العسكري الوطني, وتعظيم العائد الإقتصادي للمشروعات المملوكة للقوات المسلحة وبما يعزز التنمية الاقتصادية الوطنية والتصنيع المدني. أضف الي هذا, ضرورة تعظيم عائد الإنفاق علي أجهزة الشرطة والأمن لمكافحة جرائم الإرهاب والعنف السياسي والترويع والتخريب وقطع الطرق, بجانب دورها في مكافحة الجريمة الاقتصادية وذات الأبعاد الاقتصادية, وخاصة الجريمة الدولية المنظمة في مجالات الإتجار غير المشروع بالسلاح والاتجار بالمخدرات والاتجار بالبشر والرقيق الأبيض, وجرائم المعلوماتية وجرائم غسل الأموال وجرائم الفساد الدولي والمحلي, وغيرها.
أخيرا, فقد كان يتوجب أن ينص دستور ما بعد ثورتي25 يناير و30 يونيو,, وحتمية تصنيع مصر, علي إضافة مادة تنص علي التزام الدولة بحماية الأمن الاقتصادي, القومي والإنساني, وتشكيل مجلس للأمن الاقتصادي القومي; لكن هذا لم يتم لا في دستور2012, ولا في دستور.2014 وأتصور أنه علي الرئيس القادم لإنقاذ مصر, أن يدعو في برنامجه ويعمل علي تأسيس هذا المجلس, الذي ينبغي أن يضم في عضويته الوزراء المعنيين بملفات الأمن الاقتصادي, القومي والإنساني, بجانب الخبراء من الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات ذات الصلة, المعنية بقضايا الكهرباء والطاقة والبترول وغيرها من قضايا الأمن الاقتصادي.
نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟