المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

نقاط ضعف...هل يمكن أن تسيطر إسرائيل على الوضع الأمني في غزة بعد الحرب؟

الإثنين 23/سبتمبر/2024 - 06:38 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أن الوضع المعقد والمحفوف بالمخاطر المتمثل في إقامة إسرائيل نوع من الشراكة الأمنية مع الفلسطينيين بعيد المنال، لأن إسرائيل لن تستطيع السيطرة على الوضع الأمني في قطاع غزة من جانب واحد ولفترة طويلة. علاوة على ذلك، لا توجد دولة أخرى مستعدة للدخول في شراكة أحادية مع إسرائيل والمساعدة في مثل هذا المشروع الخطير. إذا لم يتم اتخاذ هذا الإجراء بفعالية، فسيكون له آثار كارثية، مما يقوض هدف المساعي الإسرائيلية الهادفة لمنع تكرار عملية طوفان الأقصى مرة ثانية.

"لا أحد يبدأ حرباً إلا إذا كان واضحاً في ذهنه أولاً ما الذي ينوي تحقيقه من خلال تلك الحرب وكيفية القيام بذلك". رغم أن كلاوزفيتز صاغ هذه الحكمة الاستراتيجية في القرن التاسع عشر، فإنها تظل صالحة اليوم كما كانت عندما كتبت لأول مرة. إن مسألة كيفية انتهاء الحروب لها أهمية قصوى، وفي الوضع المثالي، يجب أن تهدف جميع العمليات إلى تشكيل بيئة ما بعد الحرب التي تترك الجهة الفاعلة في وضع أفضل مما كانت عليه عندما بدأ الصراع، ولكن بعد خمسة أشهر من الحرب مع حماس، طرح بنيامين نتنياهو رؤيته لما ستبدو عليه غزة بعد الصراع، وتضمنت خطته استبدال حماس بخيار مدني محلي للسيطرة الإدارية، في حين أن هذا يستلزم تجريد غزة من السلاح. ومن الواضح، في هذا السيناريو، أن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية الشاملة.

وتأسيساً على ذلك، سيتم العرض فيما يلي لأبرز نقاط الضعف التي تمنع إسرائيل من السيطرة على قطاع غزة خلال مرحلة ما بعد الحرب: -

أولاً: مأزق توفير الأمن

تثير خطة إسرائيل أسئلة بقدر ما تجيب على المستقبل. إذا لم يكن للقوات الإسرائيلية وجود دائم في غزة، فمن سيحافظ على الأمن والنظام الذي تريده تل أبيب؟ من الذي يجب أن يدير واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم؟ ولكي تتمكن إسرائيل من مواصلة القتال من دون تعريض الدعم الأمريكي للخطر، فهل يتعين على إسرائيل أن توفر الأمن شخصياً حتى لا تبدو غزة وكأنها منطقة مفلسة على حافة المجاعة؛ حيث إن مطاردة الناس لشاحنات المساعدات، إلى جانب الخلافات حول من المسؤول عن مقتل المدنيين بسبب هذه الفوضى، يعيق تحقيق هذا الهدف. ولمنع وقوع مثل هذه الكارثة الإنسانية، من المحتمل أن تقيم إسرائيل نوعاً من الشراكة مع قوات الأمن المحلية في غزة؛ وهي مهمة صعبة للغاية وتتطلب الكثير من الوقت والجهد والتحضير من الجانبين.

إن توفير الأمن أثناء العمليات يشكل مهمة تتطلب عدداً كبيراً من القوى البشرية، كما اكتشفت الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. وبينما يوجد جدل كبير حول النسبة الصحيحة لقوات الأمن إلى الكثافة السكانية اللازمة لتحقيق النجاح، فإن تقديرات المحللين التي تمت مراجعتها تؤدي إلى متطلبات تتراوح بين 42.000 إلى 84.000 جندي أمن جندي للحصول على فرصة ضئيلة للنصر. كما أن الحفاظ على مثل هذا الالتزام الضخم من القوى العاملة الإسرائيلية في قطاع غزة سيكون أمراً صعباً للغاية. ويتوازى ذلك مع استمرار تهديد حزب الله في الشمال، حيث نزح ما يقرب من 100 ألف إسرائيلي من منازلهم. وستكون هناك حاجة إلى قوات كبيرة هناك لمنع الهجمات المستقبلية، وحاجة إلى المزيد من القوة البشرية إذا اندلعت الحرب، الأمر الذي يضع إسرائيل في مأزق كبير لأن الجيش الإسرائيلي يعتمد على جنود الاحتياط في أوقات الأزمات.

ثانياً: الإضرار بالقطاعات الحيوية

إن تجنيد 4% من سكان إسرائيل - أو أكثر - للخدمة العسكرية طويلة الأمد يضر بالمرونة الاقتصادية؛ حيث أفاد ما يقرب من نصف الإسرائيليين المؤهلين للخدمة العسكرية أنهم اضطروا إلى تقليص أيام عملهم، وتوجد حالياً هناك ضغوط كبيرة للعودة إلى العمل بالنسبة لجنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم، وقد عاد معظمهم إلى حياتهم المدنية. لكن نتائج هذا التراجع واضحة، وهو ما بدأت على إثره تعيد قوات حماس المنظمة التسلل إلى المناطق التي تم تطهيرها من قبل، وذلك لعدم وجود قوات إسرائيلية كافية للدفاع عن المنطقة.

ومثلما فعلت الولايات المتحدة في العراق، قامت القوات الإسرائيلية بتطهير المناطق الحضرية لكنها فشلت في السيطرة عليها. ورغم أن الحفاظ على الأمن يشكل ضرورة أساسية، إلا أنه من المؤلم ويكاد يكون من المستحيل أن يستمر لفترة طويلة، والحقيقة أن الحرب في غزة تشكل حالياً أطول صراع تخوضه إسرائيل منذ حرب عام 1948. ومن غير المرجح أن تستجيب الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية للطلبات الإسرائيلية للانضمام إلى مثل هذه المهمة. وعلى نحو مماثل، فإن مجلس الأمن يجد صعوبة في الحصول على دعم الدول الأعضاء لتنفيذ عمليات حفظ سلام، ناهيك عن الحصول على التزام الدول الأعضاء بنشر قوات أمنية.

 

ثالثاً: خيارات محتملة  

يمكن أن تستعين إسرائيل بقوة شرطة محلية، دون قوة عسكرية واسعة النطاق مثل النموذج الأمريكي في حروب ما بعد 11 سبتمبر. في هذا السيناريو، ستكون هناك حاجة على الأقل إلى شكل من أشكال قوات الأمن المحلية لتقديم الدعم. وحتى هذا الهدف المحدود سيكون معقداً وصعباً ويتطلب جهداً كبيراً. فعلى سبيل المثال، أحد الدروس المستفادة من تجربة الولايات المتحدة في العراق هو أنه إذا لم يتم تدريب الشرطة وتسليحها على النحو المناسب، فإنها تصبح جزءاً من المشكلة.

ومن ناحية أخرى، فإن تجنيد القوات المحلية له فوائد كثيرة لأنهم يعرفون التضاريس الجغرافية والبشرية أفضل من أي قوة خارجية، ويمكنهم في كثير من الأحيان تحديد التهديدات بمجرد معرفة هوية الأفراد من السكان. وإذا أجرت إسرائيل نوعاً من الشراكة الأمنية في غزة، فلن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتعاون فيها الجيش الإسرائيلي مع القوات المحلية؛ ففي السابق تعاونت إسرائيل - ولو دون جدوى – مع بعض العائلات والقبائل القوية في غزة للحفاظ على وجودها. وفي حين يمكن، من الناحية النظرية، تنفيذ هذه المهمة من قبل مقاولين من خارج محيط غزة، لكن من غير المرجح أن يكون الوضع الأمني ​​في غزة مستقراً بما يكفي للسماح بالاستعانة بمصادر خارجية في وقت قريب، لأن مجرد وجود المقاولين كمستشارين يمكن أن يؤدى إلى نوعية أخرى من المشاكل.

وفي التقدير: يمكن القول إنه لا تملك إسرائيل قوات كافية للحفاظ على وجودها في غزة من جهة وللعمل ضد حزب الله وبقية التهديدات من جهة أخرى، دون استدعاء طويل الأمد للاحتياط، كما إن الانسحاب يحبط هدف إسرائيل برمته ضد حماس ويجهزها لمزيد من الهجمات في المستقبل، حيث وعدت حماس علناً بتكرار المزيد من العمليات.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟