ملفات شائكة....كيف سيتعامل الجمهوريون مع أزمات المنطقة والعالم؟
أثار انسحاب الرئيس الأمريكي جوبايدن
من السباق الرئاسي في الولايات المتحدة الكثير من التساؤلات حول فرص الجمهوريين في
الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة والتي من المقرر أن تعقد في نوفمبر 2024،
ولاسيما بعد نية الديمقراطيين ترشيح كمالا هاريس وحادث الاغتيال الذى تعرض له مرشح الحزب الجمهوري دونالد
ترامب، وخاصة أن هذا الهجوم يعد أول إطلاق نار على رئيس أمريكي أو مرشح للانتخابات
الرئاسية منذ محاولة اغتيال الرئيس الجمهوري الأسبق رونالد ريجان في عام 1981. وجاءت
محاولة اغتيال ترامب قبل يومين من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي في 15
يوليو 2024 للموافقة على ترشحه رسمياً لتمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية
القادمة ومن المتوقع أن يعيد الحادث تشكيل تلك الانتخابات.
واللافت للإنتباه أن هذا الحادث من
شأنه أن يعمل على تصاعد التوظيف السياسي له لصالح ترامب؛ حيث بدأ عديد من أعضاء الحزب الجمهوري مشاركة صور
الرئيس السابق وأذنه اليمنى ملطخة بالدماء وهو يرفع قبضته في الهواء، للترويج
لنظريات المؤامرة وإثارة التوترات السياسية. وبينما يكافح الديمقراطيون للفوز
بمنصب الرئاسة وخصة في ظل نشر العديد من المقاطع المصورة التي تكشف عن عدم تمتع
هاريس بالخبرة والكفاءة اللازمة لتولى أهم منصب في واحدة من أهم الدول الكبرى في
العالم. وعليه، من المتوقع أن تدفع محاولة
اغتيال ترامب إلى استنفار القاعدة الانتخابية الجمهورية للنزول للتصويت، وزيادة
الناخبين المستقلين الذي سيصوتون للمرشح الجمهوري.
وتأسيساً على ذلك، سيتم فيما يلي
الحديث عن النهج المتوقع الذى يمكن أن ينتهجه المرشح الجمهوري دونالد ترامب حيال
الأزمات المختلفة حول العالم ولاسيما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط:
1-
الصراع مع الصين: كشفت بعض التقديرات عن إنه من المتوقع أن يقوم الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب حال فوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة بتغييرات جذرية في
السياسة الخارجية الحالية التي تتبعها الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن ولاسيما
فيما يتعلق بالصراع مع الصين التي تعد بمثابة أهم قوة اقتصادية صاعدة في الوقت
الحالي. وفي هذا السياق، من المتوقع أن يواصل ترامب فرض سياساته الحمائية على أي
ملكية للصين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى الشركات الصينية
الكبرى، وبالتالي، تصعيد مسار الحرب الاقتصادية مع بكين. وعلى صعيد آخر، سيطالب
ترامب تايوان أن تدفع للولايات المتحدة الأمريكية في مقابل الدفاع عنها في مواجهة
الصين.
وعليه،
ستنتهج واشنطن سياسات أكثر هجومية تجاه الصين، وربما يتجه ترامب إلى تشديد الضغوط
على بكين لحملها على تطوير موقفها من التكيف إلى المواجهة، وهو ما يتفق مع النهج
الذي اتبعه خلال ولايته الرئاسية ومع اتفاق تجاري انتزعه من الصين في ظل التصعيد
حول رسومه الجمركية المشددة.
2-
الأزمة الأوكرانية: من المتوقع أن تأتي التغييرات الجذرية التي سيقوم بها
مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب حال فوزه في الاستحقاقات الرئاسية القادمة بداية من إعادة النظر في وجود وفاعلية حلف شمال الأطلسي
على خلفية النفقات الكبيرة التي تتحملها واشنطن في هذا الإطار؛حيث أكد مراراً على
ضرورة إعادة التفكير بشكل أساسي في هدف الحلف ومهمتة، فضلاً عن قطع التمويل
الدفاعي عنه. والشاهد على ذلك ما شهدته ولاية ترامب الأولى (2017-2021) من خلافات
مع حلفائه الأوروبيين في حلف الناتو، حيث استنكر جهودهم وشدد على أن الولايات
المتحدة الأمريكية وحدها هي من تحملت العبء في إطار الحلف.
والأكثر
من ذلك هي خطابات ترامب الكثيرة – والتي لاقت انتقادات لاذعة داخل الأوساط
الجمهورية والديمقراطية على حد سواء – حول إنه سيشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
على "فعل ما يريد"، إذا لم تحترم أي من دول الناتو التزاماتها المالية
تجاه الحلف. كما سيطلب ترامب من أوروبا تعويض بلاده عن الذخائر التي أرسلتها إلى
أوكرانيا وعلى الأغلب لن يلتزم بإرسال أي مساعدات أخرى لكييف، وإذا أضطر لتقديم
هذه المساعدات من المتوقع أن تكون في شكل قروض يجب تسديدها لواشنطن مرة أخرى.
ولكن
اللافت للانتباه هي تصريحات الكرملين في هذا الشأن والتي أشارت إلى أن روسيا لم
تجن أي فائدة من رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الأمريكية من 2017 إلى 2021 سوى استمرار الحوار
بين البلدين، وهو أمر يعتبر إيجابياً في حد ذاته.
3-
الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي: رغم تصريحات اللوم التي وجهها مرشح الحزب الجمهوري
دونالد ترامب للمسؤولين في إسرائيل على خلفية خسارة الدعم الذى كان يمكن أن يقدمه
الرأي العام العالمي لهم، إلا إنه من المتوقع أن يكون دعم إسرائيل حجر أساسيا فى
سياسته الخارجية خلال ولايته، وهو ما أفصح عنه مرات عديدة على خلفية رغبته في كسب
ود اللوبي الإسرائيلي بالولايات المتحدة الأمريكية للحصول على أصواتهم. وفي هذا
السياق، أكد ترامب عقب اندلاع الحرب في غزة على إنه لو رئيساً للولايات المتحدة
الأمريكية في ذلك الوقت لكان سيدعم إسرائيل بكل الطرق الممكنة، إلى الحد الذى كان
سيجعلها من المؤثرين داخل الكونجرس.
وكذلك،
أكد ترامب على إنه كان سيرد على هجوم حماس في 7 أكتوبر بنفس الطريقة التي ردت بها
إسرائيل، لكنه أعرب عن قلقه بشأن مشهد الحرب التي أدت فيها الضربات الإسرائيلية
إلى تدمير جزء كبير من غزة. وعزا ترامب ارتفاع منسوب معاداة السامية في الولايات
المتحدة الأمريكية، إلى صور الدمار في غزة بسبب الحرب المستمرة، قائلاً: "لا
ينبغي للجيش الإسرائيلي الاستمرار في نشر لقطات لضرباته"، وأضاف ترامب
قائلاً: "إسرائيل ارتكبت خطأ كبيرا
جدا من خلال نشر هذه الصور الفظيعة".
ووجه
ترامب الاتهامات إلى الرئيس الأمريكي جوبايدن، مشيراً أن الهجوم وقع "لأنهم
لا يحترمونه"، مؤكداً على أن "حماس لم تكن لتنفذ هذا الهجوم أبدا لو كنت
أنا الرئيس، لأنهم كانوا يعلمون أنه ستكون هناك عواقب وخيمة للغاية".
4-
التصعيد مع إيران والبرنامج النووي: رغم أن العلاقات الأمريكية بشكل خاص والغربية بشكل أعم
لم تتطور مع إيران في عهد الرئيس الأمريكي الحالي جوبايدن، إلا إنه من المتوقع أن
يعود المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى سياسة الضغوط القصوى التي كان يفرضها على
إيران خلال ولايته السابقة. والشاهد على ذلك هي الاتهامات التي وجهتها بعض الأوساط
الأمريكية إلى إيران أثناء حادثة إطلاق النار على ترامب في 13 يوليو 2024 والتي اعتبرها مكتب التحقيقات
الفيدرالية محاولة اغتيال لترامب.
وفي هذا السياق، ذكرت شبكة "سي إن إن"،
أن الولايات المتحدة الأمريكية تلقت معلومات مخابرات من مصدر عن مؤامرة إيرانية
لمحاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب وذلك كرد على اغتيال هذا الأخير لقائد
فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في يناير لعام 2020 برفقة نائب رئيس
هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بالقرب من مطار بغداد الدولي، والذى أكدت
إيران على إثره على أن الانتقام لسليماني سيتمر لمدة 50عاماً قادمة وفي مناطق
متفرقة بما يتسبب في أضرار بالغة للمصالح الأمريكية سواء داخل المنطقة أو خارجها.
وكذلك، شدد
مرشح دونالد ترامب لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جيه دي فانس خلال
تصريح له على هامش مقابلة له مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية في 16 يوليو
2024 على أن طريقة التعامل مع النظام الإيراني لا يجب أن تكون "ضربات
صغيرة" أو قصف حول إيران بل يجب توجيه ضربة قوية للنظام الإيراني نفسه.
منوهاً إلى إنه من أجل مواجهة الأعمال العدائية للنظام الإيراني، يجب أن تتلقى
طهران "لكمة قوية". وهنا يكشف ذلك عن حجم التصعيد الذى يمكن أن يخيم على
العلاقات الأمريكية مع إيران حال فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب بمنصب
الرئيس.
وفي
النهاية: يمكن القول إنه بينما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التعافي
من أحداث السادس من يناير 2021، ومحاولات أنصار دونالد ترامب منع الكونجرس من
التصديق على فوز المرشح الديمقراطي آنذاك جو بايدن، بعد مزاعم ترامب بأن
الانتخابات الأمريكية السابقة سُرقت منه؛ فإنها تعاني من سلسلة من الصدمات في
أعقاب عزل رئيس مجلس النواب، واتهام ترامب بأربع قضايا جنائية.
ومن
المتوقع أن تحدث تغييرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه قضايا المنطقة
والعالم حال فوز ترامب في السباق الرئاسي الذى من المقرر أن ينعقد في 5 نوفمبر
2024 والذى ازدادت فرصه في الفوز عقب حادثة اغتياله وتنحى جوبايدن عن هذا السباق،
وحالة التخبط التي يعانى منها الحزب الديمقراطي.