حزب مصر القوية.. هل يمثل إضافة حقيقية للحياة الحزبية في مصر؟ (3/1)
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 11:11 ص
د.يسري العزباوي
في الثاني عشر من شهر نوفمبر الماضي، وافقت لجنة شئون الأحزاب، على الإخطار الذي تقدم به الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، وكيل مؤسسي حزب “,”مصر القوية“,”، والمرشح الرئاسي السابق، بتأسيس حزب مصر القوية، وقبلت اللجنة الإخطار بعد أن قدم “,”أبوالفتوح“,” 8500 توكيل لمؤسسي الحزب، بزيادة 3500 توكيل عن الحد الأدنى للتوكيلات البالغ 5000 توكيل، وأعلنت اللجنة موافقتها على تأسيس الحزب وتمتعه بالشخصية الاعتبارية وحقه في مباشرة نشاطه السياسي، وبذلك يصل عدد الأحزاب في مصر إلى رقم (71). وربما يمثل الحزب –وهو ما نتمناه- إضافة حقيقية إلى الحياة الحزبية المصرية، التي أصابها الكثير من العطب والضعف، على الرغم من عودة السياسة مرة أخرى للمصريين بعد ثورة 25 يناير .
ومع نشأة الحزب، تبرز على السطح عدة أسئلة تطرح نفسها بقوة، وتتمثل في: هل الحياة الحزبية في مصر كانت بحاجة إلى نشأة مثل هذا الحزب؟ وهل يعبر القائمون عليه عن مصالح ورغبات قطاعٍ كبيرٍ في المجتمع؟ ولماذا جاءت نشأة الحزب بعد ما يقارب من خمسة أشهر من الانتهاء من سباق الرئاسة التي كان وكيل مؤسسيه أحد أطرافها؟ وما هو مدى الاختلاف بين برنامج الحزب وبين البرنامج الانتخابي للمرشح السابق الدكتور أبو الفتوح؟ بمعنى آخر: ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين البرنامج الرئيسي والحزبي؟ وهل يستطيع الحزب أن يتغلب على المشاكل المزمنة ومعوقات الحياة الحزبية في مصر؟
أولا: هوية الحزب بين الليبرالية والإسلامية :
بعد قيام ثورة 25 يناير، تصدر المشهد السياسي عدد كبير من الحركات والجماعات الإسلامية، التي قامت بالإعلان عن نيتها إنشاء أحزاب سياسية تمارس العمل الحزبي والسياسي وفق رؤية ومرجعية إسلامية. فعلى سبيل المثال، قامت جماعة الإخوان المسلمين بتأسيس حزب “,”الحرية والعدالة“,”، وهو أبرز الأحزاب الجديدة ذات المرجعية الدينية وأكبرها على الإطلاق. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث سارعت بعض القيادات المنشقة على جماعة الإخوان بتأسيس أحزاب أخرى، مثل: النهضة، الريادة، الإصلاح والتنمية، التيار المصري. كما أعلنت الطرق الصوفية عن تأسيس حزب سياسي لأول مرة تحت اسم “,”التسامح الاجتماعي“,”. أما التيارات السلفية، فقد أعلنت عن نشأة العديد من الأحزاب والتي وصلت حتى الآن إلى 11 حزبًا، هي: النهضة، التوحيد العربي، النور الديمقراطي، الفضيلة، مصر البناء، الاتحاد من أجل الحرية، البناء والتنمية، مصر الحرة، الإصلاح والنهضة، الأصالة، الشعب. كما يوجد حزب “,”ضمير الأمة“,” ذو مرجعية إسلامية، وجميع أعضائه ينتمون إلى التيار الوسطي لأهل السنة والجماعة، وأغلبيتهم مقيدون بنقابة المحامين ويمارسون المهنة، وبرنامجه يعتمد على الشريعة الإسلامية وتنقية القانون الجنائي من جميع المواد المخالفة للشريعة. ومن جانبها قامت الجماعة الإسلامية بتأسيس حزب “,”البناء والتنمية“,”، كما قام المحامي ممدوح إسماعيل محامي الجماعات الإسلامية بتأسيس حزب “,”النهضة الإسلامي“,”، ومعظم أعضائه من التيار السلفي العلمي التقليدي الذين يتبنون أفكار الدكتور ياسر برهامي ومحمد إسماعيل المقدم والشيخ أحمد النقيب بالإسكندرية، وتنحصر معظم أهداف حزب النهضة الإسلامي في تكوين مجتمع ديمقراطي، والحفاظ على القيم الأخلاقية. ويضاف إلى ثلة الأحزاب ذات المرجعية الدينية حزب “,”الوسط“,” الذي حصل على حكم قضائي في أحقيته في مزاولة نشاطه الحزبي .
ودون الدخول في تفاصيل حول خريطة الأحزاب ذات المرجعية الدينية في مصر، فإنه من اللافت للنظر، أنه بمجرد إعلان لجنة شئون الأحزاب موافقتها على تأسيس حزب “,”مصر القوية“,” رأينا أن الهجوم الذي ملأ صفحات الفيس بوك وشنته الصفحات الإلكترونية للإخوان على التيار الشعبي ومؤسسه حمدين صباحي، وكذلك حزب الدستور ووكيله البرادعي، ولم يسلم منه “,”حزب مصر“,” ومؤسسه عمرو خالد، نجا منه حزب “,”مصر القوية“,”، وتحول الهجوم إلى تهنئات وتمنيات بالنجاح، وكان القاسم المشترك على كل الصفحات الرسمية للإخوان تكرار مقولة الدكتور عصام العريان: “,”معارض قوي أو حليف محتمل“,”. بل إن الدكتور العريان جاء رد فعله على الموافقة على تأسيس “,”مصر القوية“,” سريعًا حيث ذهب بالقول: “,”إن حزب مصر القوية سيكون حزبًا قويًّا؛ لأن به من يفهم أصول العمل الشعبي والجماهيري والسياسي وليس حزبًا من الهواة، فإما أن يكون معارضًا قويًّا أو حليفًا محتملاً“,”. كما أكد المتحدث الرسمي باسم حزب “,”الحرية والعدالة“,” مراد علي –شقيق المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية- على أن “,”الدكتور أبو الفتوح يمتلك تاريخًا وطنيًّا مشرفًا، ولا نستطيع إنكار اقترابه منا؛ لأننا أصحاب مرجعية واحدة.. كل حزب له فكره واتجاهاته، فالدستور الليبرالي لا مجال لمقارنته بمصر القوية ذي الاتجاه الإسلامي“,”.
وبناء عليه، فإن حزب مصر القوية، والذي حظي بتهنئة المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، يلقى قبولاً ودعمًا واسعًا لدى التيارات الدينية المختلفة؛ وذلك لأن وكيل مؤسسيه هو عبد المنعم أبو الفتوح، الابن الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين، والحليف الأول للتيارات السلفية في الانتخابات الرئاسية السابقة، والمساند القوي للرئيس محمد مرسي في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، والمعارض المستأنس لحزب الحرية والعدالة والنظام الجديد في مصر.
إن إحدى الإشكاليات الكبرى التي تواجه الدكتور أبو الفتوح –والتي ربما ستنصرف على توجهات حزبه- هي محاولته الدائمة إمساك العصا من المنتصف، فهو يميل وجدانيًّا وكلية إلى مواقف تيار الإسلام السياسي في الكثير من القضايا، ولكنه يظهر معهم بعض الخلافات؛ حتى يحافظ على مسافة معينة مع التيارات المدنية الأخرى، والدليل على ذلك رفض أبو الفتوح حل الجمعية التأسيسية وإعادة تشكيلها مرة أخرى، بل ذهب إلى مطالبتها بسرعة إنجاز الدستور. ومن ثم يأتي موقف الدكتور عبد المنعم، الذي يتسم بالشدة والصرامة، متذبذبًا وغير واضح، مما يفقده جزءًا كبيرًا من مصداقيته.
ونتيجة للمواقف الغير الواضحة من الدكتور أبو الفتوح، فقد أطلق عليه البعض أثناء فترة ترشحه للانتخابات الرئاسية بأنه “,”مستقل نهارًا مائل للجماعة ليلاً“,”، وكان ذلك نتيجة مغازلته الدائمة لشباب جماعة الإخوان المسلمين، والذين كانت قلوبهم معه بالفعل، وهو يعلم تمامًا بأنهم لن يستطيعوا أن يعطوه أصواتهم؛ وذلك لأن الجماعة تعمل وفقًا لمبدأ “,”السمع والطاعة“,”، وأنه ليس هناك حرية الاختيار في أروقتها، بالإضافة إلى وجود مرشح لها يخوض غمار المنافسة، وحشدت وراءه كل إمكانياتها المادية والمعنوية والبشرية .
(يتبع)
ومع نشأة الحزب، تبرز على السطح عدة أسئلة تطرح نفسها بقوة، وتتمثل في: هل الحياة الحزبية في مصر كانت بحاجة إلى نشأة مثل هذا الحزب؟ وهل يعبر القائمون عليه عن مصالح ورغبات قطاعٍ كبيرٍ في المجتمع؟ ولماذا جاءت نشأة الحزب بعد ما يقارب من خمسة أشهر من الانتهاء من سباق الرئاسة التي كان وكيل مؤسسيه أحد أطرافها؟ وما هو مدى الاختلاف بين برنامج الحزب وبين البرنامج الانتخابي للمرشح السابق الدكتور أبو الفتوح؟ بمعنى آخر: ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين البرنامج الرئيسي والحزبي؟ وهل يستطيع الحزب أن يتغلب على المشاكل المزمنة ومعوقات الحياة الحزبية في مصر؟
أولا: هوية الحزب بين الليبرالية والإسلامية :
بعد قيام ثورة 25 يناير، تصدر المشهد السياسي عدد كبير من الحركات والجماعات الإسلامية، التي قامت بالإعلان عن نيتها إنشاء أحزاب سياسية تمارس العمل الحزبي والسياسي وفق رؤية ومرجعية إسلامية. فعلى سبيل المثال، قامت جماعة الإخوان المسلمين بتأسيس حزب “,”الحرية والعدالة“,”، وهو أبرز الأحزاب الجديدة ذات المرجعية الدينية وأكبرها على الإطلاق. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث سارعت بعض القيادات المنشقة على جماعة الإخوان بتأسيس أحزاب أخرى، مثل: النهضة، الريادة، الإصلاح والتنمية، التيار المصري. كما أعلنت الطرق الصوفية عن تأسيس حزب سياسي لأول مرة تحت اسم “,”التسامح الاجتماعي“,”. أما التيارات السلفية، فقد أعلنت عن نشأة العديد من الأحزاب والتي وصلت حتى الآن إلى 11 حزبًا، هي: النهضة، التوحيد العربي، النور الديمقراطي، الفضيلة، مصر البناء، الاتحاد من أجل الحرية، البناء والتنمية، مصر الحرة، الإصلاح والنهضة، الأصالة، الشعب. كما يوجد حزب “,”ضمير الأمة“,” ذو مرجعية إسلامية، وجميع أعضائه ينتمون إلى التيار الوسطي لأهل السنة والجماعة، وأغلبيتهم مقيدون بنقابة المحامين ويمارسون المهنة، وبرنامجه يعتمد على الشريعة الإسلامية وتنقية القانون الجنائي من جميع المواد المخالفة للشريعة. ومن جانبها قامت الجماعة الإسلامية بتأسيس حزب “,”البناء والتنمية“,”، كما قام المحامي ممدوح إسماعيل محامي الجماعات الإسلامية بتأسيس حزب “,”النهضة الإسلامي“,”، ومعظم أعضائه من التيار السلفي العلمي التقليدي الذين يتبنون أفكار الدكتور ياسر برهامي ومحمد إسماعيل المقدم والشيخ أحمد النقيب بالإسكندرية، وتنحصر معظم أهداف حزب النهضة الإسلامي في تكوين مجتمع ديمقراطي، والحفاظ على القيم الأخلاقية. ويضاف إلى ثلة الأحزاب ذات المرجعية الدينية حزب “,”الوسط“,” الذي حصل على حكم قضائي في أحقيته في مزاولة نشاطه الحزبي .
ودون الدخول في تفاصيل حول خريطة الأحزاب ذات المرجعية الدينية في مصر، فإنه من اللافت للنظر، أنه بمجرد إعلان لجنة شئون الأحزاب موافقتها على تأسيس حزب “,”مصر القوية“,” رأينا أن الهجوم الذي ملأ صفحات الفيس بوك وشنته الصفحات الإلكترونية للإخوان على التيار الشعبي ومؤسسه حمدين صباحي، وكذلك حزب الدستور ووكيله البرادعي، ولم يسلم منه “,”حزب مصر“,” ومؤسسه عمرو خالد، نجا منه حزب “,”مصر القوية“,”، وتحول الهجوم إلى تهنئات وتمنيات بالنجاح، وكان القاسم المشترك على كل الصفحات الرسمية للإخوان تكرار مقولة الدكتور عصام العريان: “,”معارض قوي أو حليف محتمل“,”. بل إن الدكتور العريان جاء رد فعله على الموافقة على تأسيس “,”مصر القوية“,” سريعًا حيث ذهب بالقول: “,”إن حزب مصر القوية سيكون حزبًا قويًّا؛ لأن به من يفهم أصول العمل الشعبي والجماهيري والسياسي وليس حزبًا من الهواة، فإما أن يكون معارضًا قويًّا أو حليفًا محتملاً“,”. كما أكد المتحدث الرسمي باسم حزب “,”الحرية والعدالة“,” مراد علي –شقيق المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية- على أن “,”الدكتور أبو الفتوح يمتلك تاريخًا وطنيًّا مشرفًا، ولا نستطيع إنكار اقترابه منا؛ لأننا أصحاب مرجعية واحدة.. كل حزب له فكره واتجاهاته، فالدستور الليبرالي لا مجال لمقارنته بمصر القوية ذي الاتجاه الإسلامي“,”.
وبناء عليه، فإن حزب مصر القوية، والذي حظي بتهنئة المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، يلقى قبولاً ودعمًا واسعًا لدى التيارات الدينية المختلفة؛ وذلك لأن وكيل مؤسسيه هو عبد المنعم أبو الفتوح، الابن الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين، والحليف الأول للتيارات السلفية في الانتخابات الرئاسية السابقة، والمساند القوي للرئيس محمد مرسي في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، والمعارض المستأنس لحزب الحرية والعدالة والنظام الجديد في مصر.
إن إحدى الإشكاليات الكبرى التي تواجه الدكتور أبو الفتوح –والتي ربما ستنصرف على توجهات حزبه- هي محاولته الدائمة إمساك العصا من المنتصف، فهو يميل وجدانيًّا وكلية إلى مواقف تيار الإسلام السياسي في الكثير من القضايا، ولكنه يظهر معهم بعض الخلافات؛ حتى يحافظ على مسافة معينة مع التيارات المدنية الأخرى، والدليل على ذلك رفض أبو الفتوح حل الجمعية التأسيسية وإعادة تشكيلها مرة أخرى، بل ذهب إلى مطالبتها بسرعة إنجاز الدستور. ومن ثم يأتي موقف الدكتور عبد المنعم، الذي يتسم بالشدة والصرامة، متذبذبًا وغير واضح، مما يفقده جزءًا كبيرًا من مصداقيته.
ونتيجة للمواقف الغير الواضحة من الدكتور أبو الفتوح، فقد أطلق عليه البعض أثناء فترة ترشحه للانتخابات الرئاسية بأنه “,”مستقل نهارًا مائل للجماعة ليلاً“,”، وكان ذلك نتيجة مغازلته الدائمة لشباب جماعة الإخوان المسلمين، والذين كانت قلوبهم معه بالفعل، وهو يعلم تمامًا بأنهم لن يستطيعوا أن يعطوه أصواتهم؛ وذلك لأن الجماعة تعمل وفقًا لمبدأ “,”السمع والطاعة“,”، وأنه ليس هناك حرية الاختيار في أروقتها، بالإضافة إلى وجود مرشح لها يخوض غمار المنافسة، وحشدت وراءه كل إمكانياتها المادية والمعنوية والبشرية .
(يتبع)