حزب مصر القوية.. هل يمثل إضافة حقيقية للحياة الحزبية في مصر؟ (3/3)
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 11:16 ص
كتب: يسري العزباوي
ثالثا: “,”مصر القوية“,” والخطايا السبع للأحزاب المصرية :
السؤال القديم الجديد، الذي يطرح نفسه -في ضوء نشأة حزب مصر القوية- هو: هل هذا الحزب
-والأحزاب المصرية بشكل عام- تنطبق عليها المعايير العلمية الخاصة بالأحزاب كأبنية مؤسسية؟
في طرح مستقل في العلوم السياسية، حدد المفكر الأمريكي صموئيل هنتنجتون –منذ أكثر من عقدين- ثلاثة معايير لقياس القوة المؤسسية لأي حزب، تتمثل في: أولاً، قدرة الحزب على البقاء والاستمرار بعد غياب الزعيم الذي أنشأه أو الشخصية الكاريزمية التي أوصلته إلى القوة السياسية. وثانيًا، مدى ارتباط الحزب بالتنظيمات الاجتماعية والاقتصادية الموجودة مثل نقابات العمال واتحادات الفلاحين وباقي المجتمع المدني. وثالثًا، درجة توحد العناصر النشيطة سياسيًّا والساعية إلى السلطة مع الحزب والمدى الذي تذهب إليه في رؤية الحزب كوسيلة لغايات أخرى.
وعلى الرغم من أن عدد الأحزاب في مصر الآن وصل إلى 71 حزبًا، رسميًّا، فإن هذا العدد ليس دليلاً على قوة النظام الحزبي، فمطابقة أي من هذه الأحزاب بالمعايير الثلاثة سالفة الذكر تشير إلى أنها جميعها معرضة للسقوط في هذا الاختبار؛ حيث ما زال بها الكثير من التشوهات والاختلالات البنيوية. وفي الوقت الذي شهدت فيه المرحلة الانتقالية تطورًّا إيجابيًّا لتوافر العوامل المشجعة على نضج التعددية الحزبية، والانخراط في أشكال حزبية مؤسسية على وقع التشابكات المدنية والتحالفات السياسية الجديدة، وزيادة عدد الأحزاب القادرة على المنافسة على تداول السلطة، إلا أن هناك جملة من الخطايا التي وقعت فيها الأحزاب الجديدة والقديمة على حد سواء في الممارسة الحزبية، تختلف شدة وطأتها من حزب إلى آخر، لكن أغلب الأحزاب المصرية وقعت فيها إجمالاً، وهى كما يلي:
<!--[if !supportLists]--> 1. <!--[endif]--> مشكلة التنظيم وضعف الهياكل المؤسسية والتنظيمية للأحزاب: على الرغم من أن بعض الأحزاب المصرية يمتلك تنظيمًا وهيكلاً إداريًّا، فإن هذا الوضع لا يعدو أن يكون أمرًا نظريًّا، تسطره كافة الأحزاب في أوراق تأسيسها، بغية تمرير عملية التأسيس دون أية معارضة من الجهة القائمة على تأسيس الأحزاب في مصر. إذ أن الكثير من مؤسساتها يتألف بالتعيين، أو بانتخابات يطعن في نزاهتها آخرون من داخل الحزب، كما لا تتجدد دماء الحزب بأجيال جديدة شابة، بسبب غياب التصعيد أو الحراك النخبوي داخل هذه الأحزاب. إضافة إلى ذلك فإن الكيانات التنظيمية للحزب كالمؤتمر العام، والأمانة العامة، وغيرها من المسميات كالمكتب السياسي، وأمانات المحافظات، واللجان الموضوعية، لا تنعقد بشكل دوري، وفي أحيان كثيرة لا تنعقد على وجه الإطلاق في بعض الأحزاب.
<!--[if !supportLists]--> 2. <!--[endif]--> غياب الكوادر التنظيمية: تفتقد أغلب الأحزاب إلى كوادر حزبية حقيقية، علاوة على اكتفاء القيادات باللقاءات في الغرف المكيفة، وعبر شبكات التواصل الاجتماعى وبرامج “,”التوك شو“,” في القنوات الفضائية. ويضاف إلى ذلك انفصال الأحزاب السياسية عن الجماهير، بمعنى فشلها في الوصول إلى قلب الشارع المصري، والتعاطي معه بآماله وطموحاته واهتماماته وتحدياته، ويسري هذا الفشل على البرامج والكوادر والقيادات الحزبية، وبالتالي تفقد هذه الأحزاب أي قدرة على القيام بالوظائف المنوطة بها، كتجميع المصالح والحاجات والتعبير السلمي عنها، والتنشئة السياسية، والتثقيف السياسي، وغير ذلك من الوظائف. ويترتب على ضعف وعدم فاعلية الأحزاب السياسية في أداء وظائفها، عزوف المواطنين عن المشاركة الجادة في الحياة السياسية بكل مستوياتها بصفة عامة، والمشاركة في الانتخابات النيابية بصفة خاصة، وضعف القواعد الشعبية والاجتماعية، ومحدودية قنوات الاتصال الحزبي والجماهيري، وتراجع حجم عضويتها؛ إذ أنها تتمحور غالبًا حول أفراد، وليس حول أطر مؤسسية وفكرية واضحة. وبشكل عام، فقد أدى ضعف الهياكل التنظيمية للأحزاب –القديمة والجديدة- وتدهور دورة المعلومات بها، إلى المزيد من ترهلها وفقدانها ثقة المواطنين بها، لا سيما مع افتقاد بنيانها الداخلي .
<!--[if !supportLists]--> 3. <!--[endif]--> أزمة القيادة داخل الأحزاب ونخبوية التأسيس: تتمثل إحدى مشكلات الأحزاب المصرية في وجود أزمة قيادة طاحنة داخل غالبيتها. وترتبط أزمة القيادة بأمر أساسي، يتعلق بضعف وهشاشة المؤسسات السياسية، وعجزها عن التدخل لوقف أوتوقراطية الزعامة الحزبية، نتيجة لضعفها بسبب عدم دورية انعقادها، أو شلليتها، أو طريقة تشكيلها من عناصر قد تكون معينة من قبل رئيس الحزب... إلخ. ويتمثل السبب الأكثر شيوعًا في بروز أزمة القيادة داخل الأحزاب المصرية في وجود غبن حقيقي أو متصور واقع على قيادات الصف الثاني، بسبب هيمنة مؤسس أو رئيس الحزب على ناصية القرار بالحزب، ورفضه مشاركة الآخرين في القيادة، وتجميده من الناحية العملية لمؤسسات الحزب. وتتسم الأحزاب المصرية -الجديدة والقديمة- بأنها نخبوية ليس فقط في تأسيسها، ولكن أيضًا في أسلوب عملها وإدارتها، فهي لم تستطع الوصول إلى رجل الشارع العادي. وبشكل عام، يمكن أن نطلق عليها أنها “,”أحزاب الميدان“,”؛ فمؤسسوها إما من ثوار التحرير، أو من الذين عزفوا عن المشاركة السياسية طيلة السنوات الماضية، وإلى جانب هؤلاء وهؤلاء آخرون شجعتهم الثورة علي خوض التجربة الحزبية والعمل السياسي.
<!--[if !supportLists]--> 4. <!--[endif]--> التشابه في البرامج الحزبية: جاءت أغلب الأحزاب المصرية متماثلة في برامجها، وباستثناء حالات الاختلاف الأيديولوجي الواضحة في قليل من الأحزاب، فإن أغلب أحزاب المعارضة المصرية تتبنى برامج متشابهة في خطوطها العامة. وبعد الثورة جاءت معظم الأحزاب متشابهة في مفردات أسمائها (الشباب، الثورة، الحرية، العدالة، التحرير، الحديثة، النهضة... إلخ). وبتحليل برامج وأهداف وشعارات الأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها، فجميعها تتفق على مجموعة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون في تفاصيل جزئية أو سياسات فرعية، فالقليل منها هو الذي يمتلك برامج واضحة المعالم .
<!--[if !supportLists]--> 5. <!--[endif]--> الانشقاقات الحزبية الداخلية : وهي ناتجة عن عملية اتخاذ القرار، أو عدم التداول الحقيقي والسلمي للسلطة، أو توزيع الاختصاصات. فمعظم الأحزاب المصرية تجسد حالة من التناقض الصارخ؛ فهي من ناحية تطالب بالديمقراطية على مستوى النظام السياسي، في حين أنها لا تؤمن بها أو تمارسها، وتتخذ القرارات داخلها بطريقة غير ديمقراطية. وترجع أزمة غياب الديمقراطية داخل الأحزاب في جانبها الأكبر إلى القيادات الحزبية، ففي حالات كثيرة يتم اختزال الأحزاب في أشخاص رؤسائها، فالحزب هو الرئيس والرئيس هو الحزب، وفي حالات أخرى تبرز ظواهر “,”العائلية“,” و“,”الشللية“,”، حيث يسيطر على الحزب مجموعة تربطهم علاقة خاصة لا تسمح لآخرين من خارجها بالوجود أو الظهور. واللافت، أن ظاهرة الانشقاقات، وهي إحدى آفات الحياة الحزبية، وسمة أساسية مميزة للأحزاب القديمة في مصر، قد انتقلت، وبسرعة غير متوقعة، للأحزاب الجديدة التي نشأت بعد الثورة، سواء كانت أحزابًا ذات مرجعية دينية أو ليبرالية أو يسارية .
<!--[if !supportLists]--> 6. <!--[endif]--> غياب خيار التحالف الحقيقي بين الأحزاب المتوافقة في البرنامج والمرجعية: فالمتخيل أن الهدف الرئيسي لأي تحالف حزبي هو الوصول إلى توافق بين أعضائه حول أهم القضايا المصيرية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يدور حولها الجدل طول الوقت، ثم يترجم هذا التوافق إلى برامج عمل وأنشطة حزبية مشتركة وعلى مستوى كل حزب، تصب جميعها في غاية تحقيق ما تم التوافق عليه وتفعيله على أرض الواقع. لكن للأسف تشهد الأحزاب المصرية حالات من الانقسامات الشديدة التي تصل أحيانًا حد العداء تكون نتيجته عدم القدرة على التوافق على الحدود الدنيا فيما هو مشترك بينها من أهداف، حيث تتوزع وتنقسم الآراء، مما يهدر الموارد والطاقات الوطنية فيما لا طائل من ورائه، ويثير الفتنة والشقاق، ومن ثم تتعرض مختلف مساعي التوافق والحلول الوسط للإجهاض .
<!--[if !supportLists]--> 7. <!--[endif]--> ضعف الموارد المالية للأحزاب السياسية: لأنه بدون المال لن يستطيع الحزب أن يحصل على مقرات، ولا يقيم دعاية ولا مؤتمرات جماهيرية. فهناك العديد من الأحزاب، بعد الثورة، لن ترى النور بسبب قلة الموارد المالية المطلوبة لعمل التوكيلات اللازمة للحصول على الرخصة اللازمة لممارسة نشاطها.
كانت تلك هي الخطايا السبع للأحزاب السياسية، ولقد وقع حزب مصر القوية هو الآخر في الكثير منها، حيث جاء نخبويًّا في التأسيس، وارتبط بشخص الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وحملته الانتخابية، أكثر مما جاء تلبية لاحتياجات مجتمعية حقيقية، أو لسد فجوة ما غير متوفرة في الأحزاب القائمة بالفعل. ومن ثم يبقى أمام الحزب معضلة بناء مؤسساته على أساس ديمقراطي، يتيح مساحة مشاركة أوسع لأفراده في الإدارة واتخاذ القرارات بشكل مؤسسي، بالإضافة إلى الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة عن طريق اختيار كوادر فاعلة يخوض بها الانتخابات، والسعي لبناء تحالف انتخابي واسع يرتكز على العدالة الاجتماعية واستقلال الإرادة الوطنية ويكسر حالة الاستقطاب السياسي الذي تشهده مصر، ويبني معارضة حقيقية تهدف إلى تقويم أداء السلطة ومراقبتها .
السؤال القديم الجديد، الذي يطرح نفسه -في ضوء نشأة حزب مصر القوية- هو: هل هذا الحزب
-والأحزاب المصرية بشكل عام- تنطبق عليها المعايير العلمية الخاصة بالأحزاب كأبنية مؤسسية؟
في طرح مستقل في العلوم السياسية، حدد المفكر الأمريكي صموئيل هنتنجتون –منذ أكثر من عقدين- ثلاثة معايير لقياس القوة المؤسسية لأي حزب، تتمثل في: أولاً، قدرة الحزب على البقاء والاستمرار بعد غياب الزعيم الذي أنشأه أو الشخصية الكاريزمية التي أوصلته إلى القوة السياسية. وثانيًا، مدى ارتباط الحزب بالتنظيمات الاجتماعية والاقتصادية الموجودة مثل نقابات العمال واتحادات الفلاحين وباقي المجتمع المدني. وثالثًا، درجة توحد العناصر النشيطة سياسيًّا والساعية إلى السلطة مع الحزب والمدى الذي تذهب إليه في رؤية الحزب كوسيلة لغايات أخرى.
وعلى الرغم من أن عدد الأحزاب في مصر الآن وصل إلى 71 حزبًا، رسميًّا، فإن هذا العدد ليس دليلاً على قوة النظام الحزبي، فمطابقة أي من هذه الأحزاب بالمعايير الثلاثة سالفة الذكر تشير إلى أنها جميعها معرضة للسقوط في هذا الاختبار؛ حيث ما زال بها الكثير من التشوهات والاختلالات البنيوية. وفي الوقت الذي شهدت فيه المرحلة الانتقالية تطورًّا إيجابيًّا لتوافر العوامل المشجعة على نضج التعددية الحزبية، والانخراط في أشكال حزبية مؤسسية على وقع التشابكات المدنية والتحالفات السياسية الجديدة، وزيادة عدد الأحزاب القادرة على المنافسة على تداول السلطة، إلا أن هناك جملة من الخطايا التي وقعت فيها الأحزاب الجديدة والقديمة على حد سواء في الممارسة الحزبية، تختلف شدة وطأتها من حزب إلى آخر، لكن أغلب الأحزاب المصرية وقعت فيها إجمالاً، وهى كما يلي:
<!--[if !supportLists]--> 1. <!--[endif]--> مشكلة التنظيم وضعف الهياكل المؤسسية والتنظيمية للأحزاب: على الرغم من أن بعض الأحزاب المصرية يمتلك تنظيمًا وهيكلاً إداريًّا، فإن هذا الوضع لا يعدو أن يكون أمرًا نظريًّا، تسطره كافة الأحزاب في أوراق تأسيسها، بغية تمرير عملية التأسيس دون أية معارضة من الجهة القائمة على تأسيس الأحزاب في مصر. إذ أن الكثير من مؤسساتها يتألف بالتعيين، أو بانتخابات يطعن في نزاهتها آخرون من داخل الحزب، كما لا تتجدد دماء الحزب بأجيال جديدة شابة، بسبب غياب التصعيد أو الحراك النخبوي داخل هذه الأحزاب. إضافة إلى ذلك فإن الكيانات التنظيمية للحزب كالمؤتمر العام، والأمانة العامة، وغيرها من المسميات كالمكتب السياسي، وأمانات المحافظات، واللجان الموضوعية، لا تنعقد بشكل دوري، وفي أحيان كثيرة لا تنعقد على وجه الإطلاق في بعض الأحزاب.
<!--[if !supportLists]--> 2. <!--[endif]--> غياب الكوادر التنظيمية: تفتقد أغلب الأحزاب إلى كوادر حزبية حقيقية، علاوة على اكتفاء القيادات باللقاءات في الغرف المكيفة، وعبر شبكات التواصل الاجتماعى وبرامج “,”التوك شو“,” في القنوات الفضائية. ويضاف إلى ذلك انفصال الأحزاب السياسية عن الجماهير، بمعنى فشلها في الوصول إلى قلب الشارع المصري، والتعاطي معه بآماله وطموحاته واهتماماته وتحدياته، ويسري هذا الفشل على البرامج والكوادر والقيادات الحزبية، وبالتالي تفقد هذه الأحزاب أي قدرة على القيام بالوظائف المنوطة بها، كتجميع المصالح والحاجات والتعبير السلمي عنها، والتنشئة السياسية، والتثقيف السياسي، وغير ذلك من الوظائف. ويترتب على ضعف وعدم فاعلية الأحزاب السياسية في أداء وظائفها، عزوف المواطنين عن المشاركة الجادة في الحياة السياسية بكل مستوياتها بصفة عامة، والمشاركة في الانتخابات النيابية بصفة خاصة، وضعف القواعد الشعبية والاجتماعية، ومحدودية قنوات الاتصال الحزبي والجماهيري، وتراجع حجم عضويتها؛ إذ أنها تتمحور غالبًا حول أفراد، وليس حول أطر مؤسسية وفكرية واضحة. وبشكل عام، فقد أدى ضعف الهياكل التنظيمية للأحزاب –القديمة والجديدة- وتدهور دورة المعلومات بها، إلى المزيد من ترهلها وفقدانها ثقة المواطنين بها، لا سيما مع افتقاد بنيانها الداخلي .
<!--[if !supportLists]--> 3. <!--[endif]--> أزمة القيادة داخل الأحزاب ونخبوية التأسيس: تتمثل إحدى مشكلات الأحزاب المصرية في وجود أزمة قيادة طاحنة داخل غالبيتها. وترتبط أزمة القيادة بأمر أساسي، يتعلق بضعف وهشاشة المؤسسات السياسية، وعجزها عن التدخل لوقف أوتوقراطية الزعامة الحزبية، نتيجة لضعفها بسبب عدم دورية انعقادها، أو شلليتها، أو طريقة تشكيلها من عناصر قد تكون معينة من قبل رئيس الحزب... إلخ. ويتمثل السبب الأكثر شيوعًا في بروز أزمة القيادة داخل الأحزاب المصرية في وجود غبن حقيقي أو متصور واقع على قيادات الصف الثاني، بسبب هيمنة مؤسس أو رئيس الحزب على ناصية القرار بالحزب، ورفضه مشاركة الآخرين في القيادة، وتجميده من الناحية العملية لمؤسسات الحزب. وتتسم الأحزاب المصرية -الجديدة والقديمة- بأنها نخبوية ليس فقط في تأسيسها، ولكن أيضًا في أسلوب عملها وإدارتها، فهي لم تستطع الوصول إلى رجل الشارع العادي. وبشكل عام، يمكن أن نطلق عليها أنها “,”أحزاب الميدان“,”؛ فمؤسسوها إما من ثوار التحرير، أو من الذين عزفوا عن المشاركة السياسية طيلة السنوات الماضية، وإلى جانب هؤلاء وهؤلاء آخرون شجعتهم الثورة علي خوض التجربة الحزبية والعمل السياسي.
<!--[if !supportLists]--> 4. <!--[endif]--> التشابه في البرامج الحزبية: جاءت أغلب الأحزاب المصرية متماثلة في برامجها، وباستثناء حالات الاختلاف الأيديولوجي الواضحة في قليل من الأحزاب، فإن أغلب أحزاب المعارضة المصرية تتبنى برامج متشابهة في خطوطها العامة. وبعد الثورة جاءت معظم الأحزاب متشابهة في مفردات أسمائها (الشباب، الثورة، الحرية، العدالة، التحرير، الحديثة، النهضة... إلخ). وبتحليل برامج وأهداف وشعارات الأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها، فجميعها تتفق على مجموعة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون في تفاصيل جزئية أو سياسات فرعية، فالقليل منها هو الذي يمتلك برامج واضحة المعالم .
<!--[if !supportLists]--> 5. <!--[endif]--> الانشقاقات الحزبية الداخلية : وهي ناتجة عن عملية اتخاذ القرار، أو عدم التداول الحقيقي والسلمي للسلطة، أو توزيع الاختصاصات. فمعظم الأحزاب المصرية تجسد حالة من التناقض الصارخ؛ فهي من ناحية تطالب بالديمقراطية على مستوى النظام السياسي، في حين أنها لا تؤمن بها أو تمارسها، وتتخذ القرارات داخلها بطريقة غير ديمقراطية. وترجع أزمة غياب الديمقراطية داخل الأحزاب في جانبها الأكبر إلى القيادات الحزبية، ففي حالات كثيرة يتم اختزال الأحزاب في أشخاص رؤسائها، فالحزب هو الرئيس والرئيس هو الحزب، وفي حالات أخرى تبرز ظواهر “,”العائلية“,” و“,”الشللية“,”، حيث يسيطر على الحزب مجموعة تربطهم علاقة خاصة لا تسمح لآخرين من خارجها بالوجود أو الظهور. واللافت، أن ظاهرة الانشقاقات، وهي إحدى آفات الحياة الحزبية، وسمة أساسية مميزة للأحزاب القديمة في مصر، قد انتقلت، وبسرعة غير متوقعة، للأحزاب الجديدة التي نشأت بعد الثورة، سواء كانت أحزابًا ذات مرجعية دينية أو ليبرالية أو يسارية .
<!--[if !supportLists]--> 6. <!--[endif]--> غياب خيار التحالف الحقيقي بين الأحزاب المتوافقة في البرنامج والمرجعية: فالمتخيل أن الهدف الرئيسي لأي تحالف حزبي هو الوصول إلى توافق بين أعضائه حول أهم القضايا المصيرية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يدور حولها الجدل طول الوقت، ثم يترجم هذا التوافق إلى برامج عمل وأنشطة حزبية مشتركة وعلى مستوى كل حزب، تصب جميعها في غاية تحقيق ما تم التوافق عليه وتفعيله على أرض الواقع. لكن للأسف تشهد الأحزاب المصرية حالات من الانقسامات الشديدة التي تصل أحيانًا حد العداء تكون نتيجته عدم القدرة على التوافق على الحدود الدنيا فيما هو مشترك بينها من أهداف، حيث تتوزع وتنقسم الآراء، مما يهدر الموارد والطاقات الوطنية فيما لا طائل من ورائه، ويثير الفتنة والشقاق، ومن ثم تتعرض مختلف مساعي التوافق والحلول الوسط للإجهاض .
<!--[if !supportLists]--> 7. <!--[endif]--> ضعف الموارد المالية للأحزاب السياسية: لأنه بدون المال لن يستطيع الحزب أن يحصل على مقرات، ولا يقيم دعاية ولا مؤتمرات جماهيرية. فهناك العديد من الأحزاب، بعد الثورة، لن ترى النور بسبب قلة الموارد المالية المطلوبة لعمل التوكيلات اللازمة للحصول على الرخصة اللازمة لممارسة نشاطها.
كانت تلك هي الخطايا السبع للأحزاب السياسية، ولقد وقع حزب مصر القوية هو الآخر في الكثير منها، حيث جاء نخبويًّا في التأسيس، وارتبط بشخص الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وحملته الانتخابية، أكثر مما جاء تلبية لاحتياجات مجتمعية حقيقية، أو لسد فجوة ما غير متوفرة في الأحزاب القائمة بالفعل. ومن ثم يبقى أمام الحزب معضلة بناء مؤسساته على أساس ديمقراطي، يتيح مساحة مشاركة أوسع لأفراده في الإدارة واتخاذ القرارات بشكل مؤسسي، بالإضافة إلى الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة عن طريق اختيار كوادر فاعلة يخوض بها الانتخابات، والسعي لبناء تحالف انتخابي واسع يرتكز على العدالة الاجتماعية واستقلال الإرادة الوطنية ويكسر حالة الاستقطاب السياسي الذي تشهده مصر، ويبني معارضة حقيقية تهدف إلى تقويم أداء السلطة ومراقبتها .