بين الاستقرار والتغيير.. الخرائط التصويتية المحتملة للانتخابات البرلمانية القادمة
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:11 م
د. يسري العزباوي
مرت مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير بتغيرات سريعة، وقد ظهرت آثار هذه التغيرات على الرأي العام المصري أولاً، في شكل التسييس وارتفاع الوعي السياسي لدى قطاعات واسعة جدًّا من المصريين، وثانيًا، في شكل التغير السريع في اتجاهات الرأي العام لملاحقة سرعة التغير في الأحداث المتلاحقة. وذلك أن التطورات الثورية الأخيرة أنهت عصرًا من الركود وبطء التغيرات في اتجاهات الرأي العام، كما أنهت حالة الانصراف عن السياسة والشأن العام التي ميزت غالب المصريين لعدة عقود، وفي ظل هذه التغيرات أصبحت دراسة الرأي العام المصري وملاحقة التغيرات التي تطرأ عليه بطريقة علمية أمرًا شديد الأهمية والفائدة لنشطاء السياسة والمحللين وصناع القرار.
في إطار ذلك، تميزت المرحلة الانتقالية، التي بدأت مع تولي المجلس الأعلى لمقاليد السلطة في 11 فبراير 2011، بدرجة عالية من الاستقطاب بين القوى السياسية المختلفة. وبدأت بإصرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة على التمسك بالمسار الذي وضعه الرئيس السابق حسني مبارك للإصلاح السياسي، وهو تعديل بعض مواد دستور 1971. فشكَّل المجلس العسكري لجنة لتعديل بعض مواد الدستور برئاسة المستشار طارق البشري. تناولت التعديلات والشروط الواجب توافرها في رئيس الجمهورية، وكيفية قبول الترشح لهذا المنصب، وإجراءاته، ومدة الرئاسة، وكذلك شروط الترشح لعضوية مجلس الشعب، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية وشروط إعلان حالة الطوارئ ومدتها.
كما رسمت التعديلات الدستورية مسارًا للمرحلة الانتقالية، يبدأ بالانتخابات التشريعية ليختار النواب المنتخبون من مجلسي الشعب والشورى أعضاء الجمعية التأسيسية التي ستكتب الدستور، ثم الانتخابات الرئاسية.
وفي الوقت الذي عارضت فيه القوى المدنية المسار الذي رسمته التعديلات الدستورية، ودعت إلى التصويت بـ“,”لا“,” على التعديلات، مؤكدة أن دستور 1971 سقط مع سقوط مبارك، أيدت جماعة الإخوان المسلمين التعديلات، واستطاعت أن تحشد حولها باقي التيارات الإسلامية، لا سيما الجماعات السلفية، فيما شكَّل بداية لظاهرة التصويت على أساس الاستقطاب “,”الديني“,”، والتي استمرت بعد ذلك خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ثم إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية في بيئة من الانقسامات السياسية والدينية الحادة، فوافق 77.3% على التعديلات، بينما رفضها 22.7%.
حاول بعض الباحثين والمحللين المصريين تفسير السلوك التصويتي للمصريين في انتخابات واستفتاءات ما بعد ثورة 25 يناير؛ بحثًا عن إجابة بشأن المستقبل السياسي لواحدة من أهم دول الشرق الأوسط. وقد طُرحت الكثير من الفرضيات أو المداخل لتفسير بعض جوانب السلوك التصويتي للمصريين في مجموعة الانتخابات والاستفتاءات التي أجريت خلال الفترة من 19 مارس 2011 إلى 22 ديسمبر 2012. في هذا الإطار طُرحت فرضية مفادها أن صعود التيار الإسلامي هو نتيجة للصعود المتنامي لجماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين، وتمدد الحركة السلفية خلال أكثر من أربعة عقود، منذ حكم الرئيس الأسبق أنور السادات، والتسييس الذي حدث لها في أعقاب انهيار المنظومة الأمنية في ليل 28 يناير 2011، ثم رحيل الرئيس السابق عن سدة السلطة.
من ناحية أخرى، سرعة التفاهمات بين السلطة الفعلية في البلاد وجماعة الإخوان المسلمين، بوصفها القوة المنظمة الرئيسية؛ وهو ما أدى إلى شحذها لقدراتها التنظيمية وماكيناتها الانتخابية والتعبوية لإنجاز أهم أهدافها، وهو الوصول إلى السلطة عبر الآليات الانتخابية، وفي ضوء أطر قانون لا تحوز على الإجماع بين كافة القوى السياسية والدينية في بلد متعدد.
من ناحية ثانية، أساليب التأثير الانتخابي الإخواني والسلفي على بعض القطاعات الاجتماعية المقهورة، وبعض الفئات الوسطى الفقيرة، والوسطى الوسطى في بعض المناطق الريفية، لا سيما في محافظات الوجه القبلي، التي عانت كثيرًا من بعض التهميش التاريخي على مستوى التنمية.
لا شك أن القدرات الخطابية السياسية والدينية أثرت على بعض الناخبين في هذه المناطق، مع دور الشبكات الاجتماعية والخدمات الإنمائية وغيرها، التي كانت تقدمها -ولا تزال- لبعض المواطنين الفقراء. بالإضافة إلى تقديم بعض العطايا العينية من المواد التموينية.
على الرغم من دور الشبكات الاجتماعية والماكينة الانتخابية لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى التمدد السلفي لها وآثاره السياسية، فإن أداء كليهما داخل البرلمان، سواء في مناقشة التشريعات، أو في ممارسة الأدوار الرقابية على أعمال السلطة التنفيذية، وهو ما كان مقيدًا، ينم عن ضعف في الخبرات والمهارات السياسية والتشريعية، وتحول بعض الأداء البرلماني الإخواني والسلفي إلى ساحة اتسمت بالخروج على بعض قواعد العمل وفق مبدأ الفصل بين السلطات؛ وذلك بالهجوم المتكرر على السلطة القضائية، والنائب العام.
من ناحية أخرى بروز بعض الممارسات غير المألوفة في التقاليد البرلمانية؛ ومنها اللامبالاة بالنشيد الوطني، أو محاولة إضافة بعض الجمل الدينية الأصولية إلى نص حلف العضو لليمين القانونية بإضافة جملة “,”فيما لا يخالف شرع الله“,”.
من هنا لم يحصل مرشحو التيار الإسلامي سوى على 42.2% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، بينما حصل مرشح الإخوان في الجولة الثانية على أقل من 52% من الأصوات. وذهب آخرون إلى أن حالة التباين في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بين الريف والحضر تفسر السلوك التصويتي لكل منهما.
ويذهب هؤلاء إلى أن الريف يميل للتيار الإسلامي، بينما ينزع الحضر للتصويت للتيار المدني. لكن هذه الوجهة من النظر فشلت هي الأخرى في تفسير اختراق التيار المدني لمحافظات ريفية مثل المنوفية وكفر الشيخ في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة.
كما ذهب رأي ثالث مفاده أنه يجب فهم نتائج هذه الانتخابات والاستفتاءات في ضوء الصراع بين نخبة قديمة تحاول إعادة إنتاج النظام السابق، وأخرى جديدة تحاول بناء نظامها الجديد وعمل قطيعة مع النظام السابق. وفي هذه الإطار يمكن فهم نتائج التصويت في محافظة المنوفية باعتبارها إحدى القواعد التصويتية المؤيدة لبعض الأطراف السياسية قبل 25 يناير 2011.
وعلى الرغم من أن نتيجة التصويت في معظم المحافظات جاءت لصالح التصويت بـ “,”نعم“,” على مسودة الدستور، إلا أن قراءة نسب التصويت على مستوى المحافظات لا زالت تدعم فرضية فهم اتجاهات التصويت على أساس ثنائية الريف والحضر، والوجه القبلي والبحري، حيث كشفت النتائج النهائية عن ميل المدن للتصويت بنسب أقل لصالح تمرير الدستور، بينما ارتفعت النسب بشكل كبير في محافظات الصعيد على حساب محافظات الوجه البحري.
إن سكان المدن والمناطق التي تقل فيها التوترات الطائفية وسكان المناطق الريفية الميسورة نسبيًّا، وأبناء الطبقة الوسطى، الأكثر تعليمًا، يميلون للتصويت لصالح التيارات المدنية على حساب التيار الإسلامي. فيما يتزايد نفوذ التيار الإسلامي في الأرياف الأكثر فقرًا، وبين أبناء الطبقة الأكثر عسرًا، والشرائح الأقل تعليمًا، وسكان المناطق التي تتزايد فيها حدة التوترات الطائفية. مع الأخذ في الاعتبار أن البيئة السياسية، وخطاب النخب، القضايا الرئيسة للناخب في لحظة الانتخابات، تؤثر هي الأخرى على السلوك التصويتي.
ووفقًا لهذه الفرضية، وبحسب المشهد السكاني لمصر، فإن تيار الإسلام السياسي لديه جمهور تصويتي محتمل بنحو 40% من الناخبين، وهم إجمالي سكان الريف الفقير والمحافظات الحدودية ومناطق التوتر الطائفي في الصعيد، مقابل قوة تصويتية تصل لنحو 40% للتيار المدني تتمثل في سكان الحضر والريف الميسور وأبناء الطبقة الوسطي. فيما تظل هناك نسبة في حدود 20% من الناخبين هي “,”كتلة الأصوات العائمة“,” التي تتأرجح تصويتيًّا بسبب وجودها في المنطقة الوسطي بين المعاملات السابقة، مثل سكان المناطق الفقيرة التي تتمتع بنسب تعليم مرتفعة وتوترات طائفية متقطعة. وربما تمثل محافظة دمياط نموذجًا لهذه الفئة. ويتضح من الفرضية الأساسية أن هناك تداخلاً واضحًا بين هذه المعاملات، فسكان المحافظات الغنية هم في الأغلب من سكان الحضر، وينتمون للطبقة الوسطى والأقل تعرضًا للتوترات الطائفية .
أولاً: الخرائط التصويتية في الانتخابات البرلمانية (2011 / 2012)
في أول اختبار حقيقي للفرضية السابقة، خاض ما يقرب من 38 حزب سياسي العملية الانتخابية، التي بدأت أولي جولاتها يوم الاثنين 28 نوفمبر 2011، وانتهت ثالث جولاتها 11 يناير 2012. وتعد هذه الانتخابات التي تنافس فيها ما يقرب من عشرة آلاف وستمائة مرشح نقطة فارقة، ليس فقط في تحديد ملامح ومستقبل الدولة المصرية الحديثة، ولكن في مدى استمرار هذه الأحزاب كقوى فاعلة وناشطة في المجتمع أو تحويلها إلى أحزاب كارتونية غير فاعلة، سواء على مستوى المنافسة السياسية والانتخابية أو حتى اختفاء هذه الأحزاب من الخريطة الحزبية برمتها.
فالمناخ السياسي الذي جرت فيه الانتخابات يعد الأكثر تنافسية، مع خروج الحزب الوطني “,”المنحل“,” من العملية السياسية، ككيان تنظيمي مهيمن على مختلف السلطات، هذا من جانب. ومن جانب ثان توافر ضوابط مهمة لنزاهة العملية الانتخابية، مثل تحجيم القيود الأمنية، والإشراف القضائي الكامل، وتنقية الجداول الانتخابية. ومن جانب ثالث وجود إطار قانوني جديد ناظم للعملية الانتخابية على الرغم من الكثير من التحفظات عليه. خاصة أن الانتخابات كشفت عن الحاجة الملحة إلى تعديل بعض القوانين، مثل تلك المتعلقة بتقسيم الدوائر الانتخابية والإشراف القضائي على العملية الانتخابية.
و على الرغم من أن الانتخابات البرلمانية جرت باستخدام قاعدة بيانات الرقم القومي (أكثر من خمسين مليونًا كان لهم حق التصويت) في مناخ ساده درجة كبيرة من التفاؤل، فإن تلك الانتخابات ظلت تتسم ببعض المثالب إلى جانب إيجابياتها الكثيرة. فقد اتسمت كشوف أو سجلات الناخبين، التي كانت قائمة قبل ثورة يناير، بمثالب كثيرة ارتبطت بوجود مشكلة تتعلق بأسماء الناخبين المدرجة في السجلات، سواء بإدخال أسماء على السجل بطريقة غير مشروعة، أو وجود مشكلة في كتابة الاسم صحيحًا، أو سقوط الاسم من السجل. كما كان هناك تكرار لأسماء الناخبين في أكثر من سجل انتخابي، أو تعدد السجلات في ذات الدائرة الانتخابية.
وقد بلغ عدد الأحزاب والتكتلات الانتخابية، التي تقدم لها نحو 49 من الأحزاب والقوى السياسية المختلفة بالترشيح في هذه الانتخابات، منها 45 حزبًا، إضافة إلى المستقلين، وثلاثة أحزاب تحت التأسيس، وذلك كله مقابل مشاركة 20 و 22 من الأحزاب والقوى السياسية في الترشيح في انتخابات 2005 و 2010 على الترتيب.
وتقدمت التحالفات الانتخابية بترشيحاتها للانتخابات، فقدم التحالف الديمقراطي 498 مرشحًا في جميع الدوائر بنسبة 100%، وقدم تحالف الكتلة المصرية 332 مرشحًا في 46 دائرة. وقدم تحالف الثورة مستمرة 330 مرشحًا في 33 دائرة.
وأسفرت نتائج الانتخابات عن تمثيل 21 حزبًا سياسيًّا في مجلس الشعب الجديد، وكان نصيب الأحزاب الدينية مجتمعه حوالي 70% من مقاعد مجلس الشعب، وتوزعت النسبة الباقية على الأحزاب الليبرالية والقومية واليسارية والمستقلين.
جداول يوضح النتائج التي حققتها التحالفات الانتخابية لعام 2012
اسم التحالف
عدد المقاعد التي حصل عليها
1
التحالف الديمقراطي
(228)
حزب الحرية والعدالة
218
حزب الكرامة
6
الحضارة
2
العمل
1
مستقل
1
2
تحالف الأحزاب السلفية
(127)
حزب النور
111
حزب البناء والتنمية
13
الأصالة
3
3
تحالف الكتلة المصرية
(34)
حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
17
حزب المصريين الأحرار
14
حزب التجمع
3
4
تحالف الثورة مستمرة
(8)
حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
6
حزب مصر الحرية
1
مستقل
1
ومن الأهمية القول إن كل تحالف كان يعتمد بالدرجة الأولى على إمكانيات أحد أحزابه والذي ساهم بقدراته على جذب الناخبين، وإمكانياته المالية التي خصصها للدعاية الانتخابية، وكان الفوز بأكبر عدد من المقاعد التي حصل عليها التحالف من نصيب هذا الحزب. ففي التحالف الديمقراطي فاز حزب الحرية والعدالة بالعدد الأكبر من المقاعد، وفي التحالف السلفي فاز حزب النور بالعدد الأكبر من المقاعد. وفي تحالف الكتلة المصرية فاز كل من الحزب المصري الديمقراطي وحزب المصريين الأحرار بعدد متقارب من المقاعد، وفي تحالف الثورة مستمرة فاز حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بكل المقاعد.
إن الأحزاب الصغيرة حصلت على عدد من المقاعد يتناسب مع حجمها وإمكانياتها بالمقارنة بأكبر الأحزاب في كل تحالف، وفي التحالف الديمقراطي لم تحصل ثمانية أحزاب (من 12 حزبًا) على أي مقعد، وفي تحالف الثورة مستمرة لم تحصل أربعة أحزاب على أي مقعد.
الجدير بالذكر أن حزب الوفد قد حصد 38 مقعدًا، منها 36 مقعدًا على القوائم ومقعدان للفردي. وبذلك يأتي الوفد في المرتبة الثالثة من حيث عدد المقاعد. كما حصل حزب الوسط على 10 مقاعد جميعها للمنتمين لقوائم الحزب في عدة محافظات على مستوى الجمهورية. وحصد حزب الإصلاح والتنمية، على 9 مقاعد منها 8 للقوائم، وواحد فقط للفردي، هو لمحمد أنور السادات. كما حصل حزب العدل، على مقعد واحد على المستوى الفردي، وهو للنائب مصطفى النجار عن دائرة مدينة نصر.
ولأننا نتحدث عن الخرائط التصويتية المستقبلية، فيجب ألا ننكر أن أهم أسباب نجاح الحرية والعدالة في تلك الانتخابات أنه اعتمد بشكل رئيس على تأييد جماعة الإخوان المسلمين، بل لا نبالغ القول إن الدقة تعوز كل من يفصل بين الحزب والجماعة؛ فعلى الرغم من أن الحزب هو الذراع السياسية للجماعة، فإن الجماعة لا زالت مهيمنة بشكل كامل على الحزب، بما يطمس أية هوية مستقلة للحزب.
من ناحية أخرى، فإن لجماعة الإخوان باعًا طويلاً في التعامل الاقتصادي والاجتماعي مع المواطن المصري في ربوع مصر، وذلك عبر الجهود التي تقدمها الجماعة من خلال ثلة السلع والخدمات المقدمة بأسعار اقتصادية ومجانية أحيانًا للمواطن؛ الأمر الذي أكسبها تعاطفًا شعبيًّا إضافيًّا. ومن ناحية أخرى، فإن التنظيم الكبير والعمل الدقيق المتسم بالتعقيد والبناء الهيرالكي الواضح من القمة إلى القاع لدى جماعة الإخوان المسلمين، هو أمر يحسب إلى رصيد الجماعة، ومن ثم لرصيد الحرية والعدالة.
فهذا التنظيم تُرجم إبان الانتخابات، فجعل مقرات الجماعة، ومن ثم الحزب، في المحليات أشبه بخلايا النحل، كما ترجم إلى لجان تنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية، واجتماعات دورية بين قيادات المركز وقواعد المحليات.. إلخ. ومما لا شك فيه أن تنظيمًا بهذا الشكل يدرك قواعد اللعبة السياسية، ولديه خبرة في إدارة المطابخ الانتخابية، هو قادر بالتأكيد على تحقيق نجاحات على مستوى العمل الانتخابي في أرض الواقع.
أما بالنسبة للسلفيين، وهم جماعات غير منظمة سياسيًّا، فإن الحديث عن أسباب تنظيمية لفوز هذا التيار يعد نوعًا من المجازفة. لكن ما يميز السلفيين عن جماعة الإخوان المسلمين، هو أنه رغم وفرة التمويل لدى جماعة الإخوان المسلمين، فإن بروز السلفيين السياسي بدا وكأنه ظاهرة استثنائية لدى عديد من المراقبين السياسيين. في حين أن متابعة الحالة الدينية السياسية كانت تشير إلى تمدد التيار السلفي في الحياة الاجتماعية والدينية المصرية طيلة أكثر من أربعة عقود، وذلك في عديد الأوساط الاجتماعية المتوسطة والفقيرة في الريف وبعض المناطق الحضرية؛ وذلك لعدد من الأسباب، على رأسها:
1. عدم تعرض أجهزة الأمن للمشايخ والجماعات السلفية؛ لأنها لم تقدم وجوهًا سياسية، واقتصر عملها على الجوانب الدعوية والإفتاء في الأمور والمشاكل الاجتماعية والدنيوية دون الانخراط في القضايا السياسية والأمور المتصلة بشئون الحكم وشرعيته.
2. استقطاب الحركة السلفية وجماعاتها للتجار وبعض التكنوقراط من الأطباء والمهندسين والمحامين.. إلخ، وبعض الحرفيين. فبعض الجمعيات الأهلية السلفية كانت قادرة على تعبئة فائض من الأموال لدعم أنشطتها الخيرية والدعوية، وبعض هذا التمويل جاء من منظمات وتبرعات وهبات من بعض دول النفط العربي.
3. تعاطف بعض الفئات الفقيرة والوسطى الفقيرة الريفية مع السلفيين بسبب الهجوم الإعلامي عليهم. من ناحية أخرى الدور الذي لعبته الفضائيات ومشايخ السلفية في التعبئة وحشد الكتل التصويتية الريفية في عدد المحافظات لصالح مرشحي الجماعات السلفية، أو في الاستفتاء الأول على التعديل الدستوري.
وبناء عليه، يمكن القول إن الخرائط التصويتية للبرلمان القادم ربما لن تتغير كثيرًا عن الوضع الحالي، على الرغم من الأداء السيئ لبرلمان 2012، مع استمرار حالة ضعف وجود الأحزاب المدنية في الشارع، ومحاولات الإخوان والسلفيين في كسب مزيد من تأييد المواطنين عبر إنشاء جمعيات أهلية تقوم بأعمال البر والإحسان، بالإضافة إلى وضعهم لقانون الانتخابات وتوزيع الدوائر الانتخابية. ومن ناحية أخرى استخدام أدوات التأثير الانتخابي الحالية، وخدمات بعض المحافظين في بعض المناطق الريفية على نحو يصب في مصالح الجماعة وحزبها الحرية والعدالة.
ثانيًا: الخرائط التصويتية في الانتخابات الرئاسية
منذ أن نجحت “,”ثورة“,” 25 يناير 2011 في إزاحة الرئيس السابق عن منصب رئيس الجمهورية؛ فإن اسم الرئيس الجديد كان مثار جدل واهتمام جل المصريين. فخلال 3 عقود من حكم مبارك، و6 عقود منذ إعلان النظام الجمهوري، كان لمنصب الرئيس دائمًا سلطات واسعة في صياغة سياسات وتوجهات الدولة، حتى إن الحقب التاريخية المختلفة للجمهورية عرفت باسم الرئيس. وقد خرج المصريون في 23 و24 مايو 2012 لأول مرة في تاريخ الأمة المصرية ليختاروا رئيسهم في انتخابات تميزت إلى حد كبير بالحرية والنزاهة. تنافس خلال الجولة الأولى 13 مرشحًا من مختلف التيارات السياسية، وجاءت نتيجة الجولة الأولى لتدفع بمحمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمين، وبالفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء مبارك، إلى جولة الإعادة قبل أن يحسمها محمد مرسي لصالحه؛ ليصبح أول رئيس لمصر ما بعد الثورة.
ورغم المنافسة الشديدة بين مرسي وشفيق على مقعد الرئاسة، ومحاولة البعض قراءة هذا التنافس في إطار الصراع بين ثورة 25 يناير 2011 ونظام مبارك؛ فإن صعود كل من أحمد شفيق ومحمد مرسي إلى جولة الإعادة، وهزيمة المرشحين الآخرين، هو بمثابة إعادة إنتاج لثنائية نظام يوليو 1952: الصراع ما بين نخبة عسكرية وإن ارتدت زيًّا مدنيًّا وجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يعني فشل ثورة 25 يناير في تخطي ثنائية الإخوان والنظام، وعجزها عن إرساء قواعد جديدة للعبة السياسية في نظام ما بعد مبارك.
وللاقتراب أكثر من فهم الخرائط التصويتية في الانتخابات الرئاسية نلقي الضوء فيما يلي على الهيئة الناخبة في مصر ، والتي تعتبر الركيزة الأساسية للعملية الانتخابية. ويمثل إعداد قوائم الناخبين (الهيئة الناخبة) أحد أهم الإجراءات التمهيدية للانتخابات، فليس من العملية في شيء الانتظار إلى يوم الانتخابات للتحقق من توافر الشروط السابقة في كل فرد يريد الإدلاء بصوته، بل يلزم التحقق سلفًا من توافر هذه الشروط عن طريق إعداد قوائم أو جداول تُدرج فيها أسماء المواطنين الذين لهم حق الانتخاب، وتقوم بتحرير هذه الجداول لجان خاصة يحددها القانون، ويعد شرط القيد في هذه الجداول شرطًا ضروريًّا لممارسة حق الانتخاب. وتتضمن القوانين الانتخابية مجموعة من الضمانات التي تكفل للأفراد مراقبة أعمال هذه اللجان، ومثال ذلك وجوب نشر أو عرض الجداول السنوية؛ حتى يتسنى لأي مواطن الاطلاع عليها أو الطعن بعدم صحة تحريرها.
شهد حجم الهيئة الناخبة ارتفاعًا كبيرًا في انتخابات الرئاسية المصرية 2012 مقارنة بآخر انتخابات رئاسية عام 2005، وكذلك الانتخابات البرلمانية عام 2010، حيث بلغ من لهم حق التصويت في انتخابات الرئاسة 2012 حوالي 51 مليون و111 ألفًا و797 ناخبًا، مقارنة بـ31 مليون و826 ألفًا و284 ناخبًا في انتخابات الرئاسة المصرية عام 2005، و40 مليونًا في انتخابات مجلس الشعب 2010، بزيادة تقارب عشرين مليونًا بالنسبة لانتخابات الرئاسة 2005، ونحو أكثر من 11 مليونًا و111 ألفًا و797 ناخبًا عن الانتخابات البرلمانية، وبنسبة زيادة بلغت 28%.
ترجع تلك الزيادة إلى عملية التسجيل التلقائي للمواطنين البالغين 18 استنادًا إلى بيانات سجل الأحوال المدنية بوزارة الداخلية، وهو ما أعطى الفرصة لعدد كبير من المواطنين للتصويت في الانتخابات. ويضاف إلى ذلك ما شهدته الانتخابات الحالية من منح المصريين بالخارج حق التصويت في الانتخابات؛ حيث بلغ عددهم 586 ألفًا و804 ناخبين.
شكلت الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية 2012 حوالي 62% من إجمالي عدد السكان، البالغ 82 مليونًا و336 ألف نسمة، وذلك وفقًا للبيان الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمناسبة اليوم العالمي للسكان في 17 يوليو 2012.
ووفقًا للنوع: بلغ عدد الذكور الذين لهم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية 26 مليونًا و388 ألفًا و250 ناخبًا، وبنسبة بلغت 52%، بينما بلغ عدد الإناث الذين لهن حق التصويت 24 مليونًا و136 ألفًا و743 ناخبة، وبنسبة بلغت 48%.
أما توزيع الهيئة الناخبة وفقًا للمحافظات: فقد بلغ إجمالي من لهم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية وفقًا لمحافظات الجمهورية 50.524.993 مواطنًا. وقد جاءت محافظة القاهرة في المرتبة الأولى، كأكبر كتلة تصويتية على مستوى الجمهورية، بعدد ناخبين يصل إلى 6 ملايين و497 ألف ناخب، يمثلون 11% تقريبًا من إجمالي الناخبين المقيدة أسماؤهم في كشوف اللجنة العليا المشرفة على انتخابات رئاسة الجمهورية.
يتوزع الناخبون في القاهرة على 498 مركزًا انتخابيًّا، تضم 1326 لجنة فرعية، أكبرها في المطرية، التي تضم 35 مركزًا انتخابيًّا تضم 90 لجنة فرعية، منها 48 للرجال و42 للسيدات، بإجمالي أصوات 458 ألفًا و23 صوتًا، تليها حلوان التي تضم 38 مركزًا انتخابيًّا، بها 89 لجنة فرعية بإجمالي أصوات 440 ألفًا و75 ناخبًا، ثم قسم أول مدينة نصر الذي يضم 27 مركزًا انتخابيًّا، بإجمالي ناخبين يصل إلى 366 ألفًا و458 ناخبًا، وبعده بفارق بسيط تأتي منطقة الساحل التي تضم 30 مركزًا انتخابيًّا، موزعة على 71 لجنة فرعية، بإجمالي 349 ألفًا و589 ناخبًا.
وفي المرتبة الثانية، تأتي محافظة الجيزة بإجمالي ناخبين يصل إلى 4 ملايين و289 ألفًا و421 مواطنًا، بما يمثل نحو 8.7% من إجمالي الناخبين، وتضم 484 مركزًا انتخابيًّا بها 888 لجنة فرعية منها 337 للرجال و304 للسيدات و247 لجنة مشتركة. وتتصدر منطقة إمبابة الكتل التصويتية لمحافظة الجيزة بـ500 ألف و702 ناخب، موزعين على 98 لجنة فرعية، لتصبح أكبر دائرة انتخابية من حيث عدد الأصوات ليس على مستوى الجيزة فقط، لكن على مستوى الجمهورية، فكتلتها التصويتية تساوي مجموع أصوات مطروح وشمال سيناء وجنوب سيناء والوادي الجديد.
ونجد أن المركز الثاني لتجمع الكتلة التصويتية، حسب كشوف اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة، يوجد في منطقة بولاق الدكرور الشعبية، حيث توجد 78 لجنة فرعية، مقيد بجداولها الانتخابية 476 ألفًا و460 ناخبًا، ثم منطقة الهرم، التي تضم 300 ألف و932 ناخبًا، يدلون بأصواتهم في 59 لجنة فرعية منها 22 لجنة مشتركة، و17 لجنة للسيدات و20 للرجال. وتشكل مناطق إمبابة وبولاق الدكرور والهرم مناطق الثقل الانتخابي في الجيزة، تليها مباشرة منطقة الوراق التي تضم 47 لجنة انتخابية، منها 16 لجنة للرجال و18 للسيدات و13 لجنة مشتركة، وتضم 257 ألفًا و283 صوتًا، ثم منطقة الجيزة، التي تضم 48 لجنة فرعية، منها 10 للرجال و14 للسيدات و24 لجنة مشتركة، بإجمالي ناخبين 247 ألفًا و270 ناخبًا. وتمثل هذه المناطق الخمس نحو 30% من إجمالي أصوات المحافظة.
في محافظات الدلتا تتصدر الدقهلية بعدد ناخبين يبلغ 3 ملايين و675 ألف ناخب، بنسبة تصل إلى 7.5% من إجمالي أصوات الناخبين في الجمهورية. وتضم المحافظة 3 مناطق انتخابية حاسمة، هي مركز المنصورة الذي يضم 325 ألفًا و586 ناخبًا، ويليه من حيث الكتلة التصويتية مركز السنبلاوين بـ319 ألفًا و639 ناخبًا، ثم مركز بلقاس الذي يضم 314 ألفًا و501 ناخب مقيدين بكشوف الناخبين.
بعد الدقهلية تأتي محافظة الشرقية في المركز الثاني بين محافظات الوجه البحري ، بعدد ناخبين يصل إلى 3 ملايين و499 ألف ناخب، ويتصدر مناطق الثقل الانتخابي في المحافظة مركز الزقازيق بـ419 ألفًا و889 ناخبًا، بعده يأتي منيا القمح بـ377 ألفًا و606 ناخبين، ثم مركز بلبيس بـ381 ألفًا و862 ناخبًا، وبعده مركز فاقوس بـ 317 ألفًا و228 ناخبًا.
وبفارق بسيط تأتي محافظة البحيرة في المركز الثالث، حيث تضم 3 ملايين و277 ألف ناخب، يصوتون في 916 لجنة، ويتصدر مركز كفر الدوار الكتل التصويتية في المحافظة بـ316 ألفًا و43 ناخبًا، موزعين على 78 لجنة انتخابية، ويأتي بعد كفر الدوار مركز دمنهور، بإجمالي ناخبين 292 ألفًا و147 ناخبًا، يدلون بأصواتهم في 87 لجنة، منها 34 للرجال ومثلها للسيدات و19 لجنة مختلطة. أما ثالث مراكز الكتل التصويتية بمحافظة البحيرة، فيوجد في مركز أبو حمص، حيث 82 لجنة انتخابية، مقيد بكشوف ناخبيها 279 ألفًا و363 ناخبًا لهم حق التصويت.
حسب كشوف الناخبين، تأتي الغربية في المركز الرابع، حيث تضم 2 مليون و914 ألفًا و418 ناخبًا، تتصدرها منطقة المحلة الكبرى بـ404 آلاف و482 صوتًا، بينهم 207 آلاف و570 رجلاً، و196 ألفًا و912 سيدة وفتاة، موزعين على 68 مركزًا انتخابيًّا تضم 102 لجنة انتخابية تحوي 29 لجنة مشتركة “,”سيدات ورجال“,”، و37 لجنة للرجال و36 للسيدات.
بعد المحلة، ذات الكتلة العمالية الضخمة، يأتي مركز طنطا كثاني أكبر كتلة تصويتية في المحافظة، بإجمالي ناخبين يصل إلى 365 ألفًا و931 ناخبًا، موزعين على 116 لجنة انتخاب فرعية. أما المركز الثالث في المحافظة فيحتله مركز زفتي بـ305 آلاف و846 ناخبًا، موزعين على 100 لجنة فرعية، مقسمة إلى 32 لجنة للرجال و31 لجنة للسيدات و37 لجنة مشتركة. والمركز الرابع في المحافظة نفسها يحصده مركز كفر الزيات بـ281 ألفًا و778 صوتًا.
وحسب الكشوف، تعد القليوبية ، وهي جزء من إقليم القاهرة الكبرى أيضًا، خامس أكبر كتلة تصويتية في الدلتا ، بعدد ناخبين مسجلين يصل إلى 2 مليون و606 آلاف و58 ناخبًا، بينهم مليون و277 ألفًا و938 من الإناث، ومليون و328 ألفًا و120 من الذكور.
تشكل القليوبية مع القاهرة والجيزة نحو 14 مليون صوت، كإجمالي ناخبين في إقليم القاهرة الكبرى، وبهذا يمثل الإقليم نحو 25% من أصوات الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية في مصر.
في القليوبية، يتصدر مركز شبرا الخيمة بنحو 30% من أصوات المحافظة، حيث يتقدم قسم شبرا الخيمة ثان بـ346 ألفًا و734 صوتًا، يليه قسم شبرا الخيمة أول بـ336 ألفًا و963 صوتًا، ويتوزع الناخبون في شبرا الخيمة على 129 لجنة انتخاب فرعية. بعد شبرا الخيمة، يأتي مركز طوخ كثالث أكبر كتلة تصويتية في المحافظة، ممثلا بـ309 آلاف و632 ناخبًا، موزعين على 84 لجنة فرعية. وفي المركز الرابع داخل المحافظة نفسها يأتي مركز شبين القناطر بـ269 ألفا و943 ناخبًا، فيما تتراجع عاصمة المحافظة لمرتبة متأخرة بـ88 ألفًا و661 ناخبًا، وكذلك منطقة العبور التي تعد أقل منطقة من حيث عدد الناخبين المقيدين، حيث تؤكد الكشوف أن عددهم 14 ألفًا و855 ناخبًا فقط.
في المركز السادس وقبل الأخير، بين محافظات الدلتا، تأتي محافظة المنوفية بـ2 مليون و221 ألفًا و441 ناخبًا، فيما تتوزع كتلتها التصويتية بين مركز أشمون الذي يضم 410 آلاف و125 نسمة، موزعين على 101 لجنة فرعية، ومركز قويسنا الذي يليه في الكتلة التصويتية بـ253 ألفًا و399 نسمة، ثم مركز شبين الكوم بـ 249 ألفًا و480 نسمة.
وفي ذيل قائمة الدلتا، تأتي محافظة كفر الشيخ بمليون و863 ألف ناخب إجمالاً، يتركز غالبيتهم في مركز كفر الشيخ بـ251 ألفًا و288 صوتًا، موزعين على 78 لجنة، ويليه في الترتيب مركز دسوق بـ235 ألفًا و408 أصوات، فيما يحل ثالثًا مركز سيدي سالم بـ232 ألفا و944 صوتًا، لتشكل المراكز الثلاثة نحو 62% من أصوات المحافظة.
وخارج الدلتا، تظل كتلة محافظة الإسكندرية لافتة ؛ حيث تمثل بـ3 ملايين و291 ألفًا و734 نسمة، موزعين على 692 لجنة انتخاب فرعية و348 مركزًا انتخابيًّا، ودون احتساب كتلة الإسكندرية الساحلية، تظل الدلتا ممثلة بنحو 21.5 مليون ناخب، بما يوازي نحو 40% من الأسماء المقيدة في الكشوف.
وفي الوجه القبلي تبرز المنيا كأكبر المحافظات من حيث عدد الناخبين في الصعيد بـ2 مليون و668 ألفًا و655 ناخبًا، يتصدرها مركز ملوي بـ346 ألفًا وناخب واحد، ويليه مركز المنيا بـ324 ألفًا و395، ثم بني مزار بـ301 ألف و565 ناخبًا. وتتميز المنيا بانتشار اللجان المشتركة، حيث تمثل 662 لجنة من أصل 664 لجنة انتخاب فرعية؛ حيث لا توجد في المحافظة سوى لجنتين، واحدة للذكور والثانية للإناث، منفصلتين في مدينة المنيا.
تليها محافظة سوهاج ، في ترتيب الكتلة التصويتية بـ2 مليون و247 ألفًا و958 صوتًا، تتقدمها أصوات مركز البلينا بـ244 ألفًا و470 ناخبًا، ثم مركز سوهاج بـ243 ألفًا و20 ناخبًا، وبعدهما يأتي مركز طما بـ201 ألف و154 ناخبًا. ومثلها مثل محافظة المنيا، تندر اللجان المنفصلة المخصصة للرجال فقط أو النساء فقط، ففي المحافظة كلها لا توجد إلا 4 لجان مخصصة للنساء فقط في مركزي سوهاج وطهطا.
تحل محافظة أسيوط في المركز الثالث على مستوى الصعيد بـ2 مليون و87 ألفا و308 ناخبين، بينما يتصدرها مركز ديروط بـ 66 ألفًا و230 صوتًا، ثم مركز أسيوط بـ 238 ألفًا و312 صوتًا، يليه مركز منفلوط، حيث يوجد به 238 ألفًا و253 ناخبًا.
أما محافظة قنا فتتراجع إلى المركز الرابع في الصعيد بمليون و604 آلاف و713 ناخبًا، وعلى عكس سوهاج والمنيا فجميع اللجان مقسمة حسب النوع «326 رجال- 301 سيدات»، باستثناء لجنة مشتركة واحدة في مركز قوص.
وتحل الفيوم في المركز الخامس على مستوى الصعيد بمليون و554 ألفا و788 صوتًا، موزعة على 380 لجنة، منها 92 للرجال و78 للسيدات و210 لجان مشتركة. ويتصدر مركز إطسا الكتلة التصويتية للمحافظة بـ302 ألف و726 ناخبًا، ثم مركز سنورس بـ265 ألفًا و27 ناخبًا، تليه مدينة الفيوم بـ230 ألفًا و954 ناخبًا.
وتحتل محافظة بني سويف المركز السادس على مستوى الصعيد بمليون و427 ألفًا و545 ناخبًا، حيث تمثل الإناث بلجنتين فقط في بني سويف ومركز ناصر من أصل 443 لجنة انتخاب فرعية في المحافظة. وتتصدر مدينة الواسطى الكتلة التصويتية في المحافظة بـ215 ألف صوت، يليها مركز ببا بـ205 آلاف و319، ثم مركز الفشن بـ199 ألفًا و478.
وفي المرتبة السابعة وقبل الأخيرة، تأتي محافظة أسوان بـ 859 ألفًا و278 فقط، تتصدرها أصوات مركز إدفو بـ260 ألفًا و459 صوتًا، يليه مركز كوم أمبو بـ204 آلاف و194 صوتًا، بما يعادل نحو 47% من الكتلة التصويتية للمحافظة. ولا تشهد أسوان أزمات في اللجان المخصصة للسيدات؛ حيث يبلغ عددها 85 لجنة مقابل 107 لجان مشتركة من إجمالي 229 لجنة انتخاب فرعية في المحافظة.
وفي المركز الثامن من قائمة الصعيد، تأتي محافظة الأقصر بإجمالي ناخبين 673 ألفًا و986 ناخبًا، موزعين على 188 لجنة، منها 48 لجنة للسيدات و64 للرجال. ويتوزع الثقل الانتخابي لمحافظة الأقصر على مركزين فقط، الأول إسنا بـ225 ألفًا و872 ناخبًا، ثم مدينة الأقصر التي تضم 138 ألفًا و981 ناخبًا فقط، فيما لم تتجاوز باقي مراكز المحافظة حاجز الـ100 ألف أصلاً.
تأتي محافظة البحر الأحمر في المركز الأخير من محافظات الجنوب بـ225 ألف صوت فقط، وتعود أزمة لجان النساء للظهور من جديد، حيث توجد لجنة واحدة فقط مخصصة للسيدات، من إجمالي 64 لجنة انتخابات فرعية.
أما محافظات القناة فتأتي في مرتبة متأخرة من حيث قوة التأثير في الانتخابات الرئاسية، حيث تمثل نحو 3.1% فقط من إجمالي أصوات الناخبين في الجمهورية.
و تتصدر محافظة الإسماعيلية محافظات القناة بـ700 ألف و515 ناخبًا، تتركز كتلتهم الأكبر في قسم الإسماعيلية ثان، حيث يوجد 148 ألفًا و437 ناخبًا، ثم مركز التل الكبير بـ110 آلاف، و346 ناخبًا، فيما تتراوح باقي مراكز المحافظة بين 27 و83 ألف ناخب.
في المركز الثاني من محافظات القناة تأتي محافظة بورسعيد بـ436 ألفًا و703 ناخبين مقيدين في الجداول الانتخابية، ويتركز الناخبون في منطقة الزهور، حيث يوجد 136 ألفًا و780 ناخبًا، يصوتون في 30 لجنة فرعية، وبعد الزهور تأتي منطقة المناخ كثاني أعلى كتلة تصويتية في المحافظة بـ 76 ألفًا و842 ناخبًا فقط، ليشكل الاثنان معا نحو 50% من أصوات المحافظة، التي يتساوى فيها عدد لجان الإناث مع الذكور بواقع 50 لجنة لكل منهما.
وفي آخر القائمة تأتي محافظة السويس بإجمالي ناخبين 381 ألفًا و783 ناخبًا فقط، موزعين على 86 لجنة بالمحافظة، منها 41 لجنة للذكور و38 للإناث.. وتنفرد منطقة الأربعين بأكبر كتلة تصويتية في المحافظة بـ166 ألفًا و911 ناخبًا، بما يعادل نحو 32% من كتلة المحافظة التصويتية.
وبالقرب من القناة، تأتي محافظة دمياط بعدد أصوات مقارب لعدد الناخبين في أسوان مثلاً، حيث تبلغ الكتلة التصويتية للمحافظة 852 ألفًا و249 ناخبًا فقط، تتركز غالبيتهم في مدينة دمياط بـ220 ألفًا و572 ناخبًا، ثم فارسكور بـ158 ألفًا و934 صوتًا.
وتتراجع بشدة كتلة المحافظات الحدودية، “,”شمال سيناء وجنوب سيناء ومطروح والوادي الجديد“,”، لتمثل نحو 1.5% فقط من إجمالي الناخبين في مصر، حيث تضم محافظة شمال سيناء 207 آلاف و906 ناخبين فقط، دون أي لجان للنساء من أصل 96 لجنة جميعها لجان مشتركة، بينما تضم محافظة جنوب سيناء 62 ألفًا و759 ناخبًا فقط، بـ9 لجان مخصصة للناخبات، بينما يرتفع عدد لجان النساء إلى 47 في الوادي الجديد، من أصل 98 لجنة فرعية، بينما تضم المحافظة ككل 141 ألفًا و959 ناخبًا فقط، أما محافظة مطروح فعدد الناخبين فيها 204 آلاف و733 شخصًا، موزعين على 81 لجنة، بينها 6 لجان للنساء.
بناء عليه ما سبق؛ فيمكن القول إن الخرائط التصويتية للمحافظات المختلفة ستظل ثابتة على الأقل في العشر سنوات القادمة، خاصة وأن معدل الزيادة السكانية خلال السنوات الأخيرة ظل ثابتًا وقدر بنحو 1.3%. وربما يحدث تغيير في الكتلة التصويتية لبعض المحافظات في حالة واحدة فقط، ألا وهي إعادة تقسيم المحافظات في مصر مرة أخرى، وذلك عن طريق استحداث محافظات جديدة تضم أجزاء من محافظات مختلفة.
“,” “,”
وقد جرت انتخابات الجولة الأولى يومي 23 و 24 مايو 2012؛ حيث وجهت الدعوة لــ50,996,746 ناخبًا، لم يشارك منهم سوى 23,672,236 ناخبًا بنسبة بلغت 46,42%. وقد بلغ عدد الأصوات الصحيحة 23,265,516 صوتًا بنسبة بلغت 45,6% من إجمالي أعداد الناخبين و98,3% من إجمالي من حضروا الانتخابات، وبلغ عدد الأصوات الباطلة 406,720 صوتًا، وبنسبة بلغت 1,7% ممن حضروا للانتخاب، وبلغ عدد من لم يشاركوا في الانتخابات 27,324,510 ناخبًا، بنسبة بلغت 53,58% من إجمالي أعداد الناخبين.
إجمالي عدد الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية
50.996.746
إجمالي الناخبين الذين حضروا وصوّتوا
23.672.236
نسبة الحضور
46.42%
إجمالي عدد الأصوات الصحيحة
23.265.516
إجمالي عدد الأصوات الباطلة
406.720
وقد تنافس في هذه الجولة 13 مرشحًا، وجاء محمد مرسي في المرتبة الأولى؛ حيث حصل على 5,764,952 صوتًا، وبنسبة بلغت 24,78% من إجمالي الأصوات، تلاه أحمد شفيق بـ5,505,327 صوتًا وبنسبة بلغت 23,66%، تلاه حمدين صباحي بـ4,820,273 صوتًا، وبنسبة بلغت 20,72%، وجاء عبد المنعم أبو الفتوح رابعًا بــ4,065,239 صوتًا وبنسبة 17,47%، وحل عمرو موسى خامسًا حيث حصل على 2,588,850 صوتًا وبنسبة بلغت 11,13%، ولم يحصل باقي المرشحين الثمانية سوى على 520,875 صوتًا وبنسبة بلغت 2,24%.
وكما كان متوقعًا؛ لم تشهد هذه الجولة حسم مقعد الرئاسة، حيث لم يحصل أيّ من المرشحين على الأغلبية المطلوبة (50% +1)؛ لذا فقد أُجريت جولة إعادة بين أعلى مرشحين حصلا على نسبة تصويت، وهما: محمد مرسي، وأحمد شفيق.
جدول يوضح عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح في الجولة الأولي
م
اسم المرشح
الأصوات التي حصل عليها
النسبة المئوية من الأصوات الصحيحة
1
محمد محمد مرسي العياط
5.764.952
24.77%
2
أحمد محمد شفيق زكي
5.505.327
23.66%
3
حمدين صباحي
4.820.273
20.72%
4
عبد المنعم أبو الفتوح
4.065.239
17.47%
5
عمرو موسي
2.588.850
11.13%
6
محمد سليم العوا
235.374
1.01%
7
خالد علي
134.056
0.58%
8
أبو العز الحريري
40.090
0.17%
9
هشام البسطويسي
29.189
0.13%
10
محمود حسام
23.992
0.1%
11
محمد فوزي عيسي
23.889
0.1%
12
حسام خير الله
22.036
0.09%
13
عبد الله الأشعل
12.249
0.05%
المصدر: اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية 2012.
وقد شهدت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية إقبالاً متوسطًا من الناحية الرقمية، لكنه ذو دلالة جيدة من الناحية التحليلية، فعلى الصعيد الرقمي، صوت في جولة الإعادة ما يربو بقليل عن 25 مليون مواطن من إجمالي ما يزيد على 50 مليونًا ممن لهم حق التصويت، بنسبة تعدت حاجز الـ50% من الناخبين المصريين، وهي نسبة متوسطة، ولكنها تفوقت على نسبة التصويت في الجولة الأولى، والتي لم تتعد 46% فقط من إجمالي الناخبين؛ ما يدل على أن ثمة أصواتًا جديدة نزلت السوق التصويتية في جولة الإعادة لم تنزل في الجولة الأولى، وهو أمر يبدو منطقيًّا في إطار حالة الاستقطاب الشديد التي علت وجه المشهد السياسي والمجتمعي المصري خلال الفترة الزمنية ما بين الجولتين الانتخابيتين.
ومن المفارقة -إذن- أن تزيد نسبة الإقبال في جولة الإعادة عنها في الجولة الأولى، فدائمًا ما تقل نسبة التصويت في جولات الإعادة في التجارب الدولية المختلفة، وفي الحالة المصرية أيضًا، وفق ما كان عليه الحال في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة.
ولعل تلك الزيادة تعكس حالة من الاستقطاب “,”الصفري“,” لمباراة الرئاسة المصرية، والتي تعني أن أي مكسب لأحد المرشحين يقابله خسارة للمرشح الآخر؛ ما يجعل المحصلة النهائية للمباراة صفرًا. أما في الجولة الأولى فيمكن النظر إلى مباراة الرئاسة باعتبارها مباراة غير صفرية ( Non Zero-Sum Game ) بين المرشحين المتنافسين، الذين يعكسون صراعًا نخبويًّا بين ثلاثة أطراف رئيسة هي: القوى الإسلامية، والقوى المدنية، والقوى المحسوبة على النظام السابق، حيث إن نجاح أحد مرشحي المعسكرات الثلاثة وبلوغه جولة الإعادة يعد فوزًا ضمنيًّا لمنافسيه من نفس المعسكر.
وفي الواقع، جرت الإعادة بين المرشحين محمد مرسي وأحمد شفيق يومي 16 و 17 يونيو 2012، حيث وجهت الدعوة لــ50,958,794 ناخبًا للإدلاء بأصواتهم في هذه الجولة، وبلغ عدد المشاركين فيها 26,420,763 ناخبًا بنسبة مشاركة بلغت 51.85%، وبلغ إجمالي الأصوات الصحيحة 25,577,511 صوتًا بنسبة بلغت 96.8% من إجمالي الحاضرين، في حين بلغ عدد الأصوات الباطلة 843,252 صوتًا بنسبة بلغت 3.2 % من إجمالي الحاضرين.
إجمالي عدد الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية
50.958.794
إجمالي الناخبين الذين حضروا وصوّتوا
26.420.763
نسبة الحضور
51.85%
إجمالي عدد الأصوات الصحيحة
25.577.511
إجمالي عدد الأصوات الباطلة
843.252
جدول يوضح نتائج الجولة الثانية
اسم المرشح
الأصوات التي حصل عليها
النسبة المئوية من الأصوات الصحيحة
أحمد محمد شفيق زكي
12.347.380
48.27%
محمد محمد مرسي عيسي
13.230.131
51.73%
وقد أسفرت نتائج الجولة الثانية عن فوز محمد مرسي؛ حيث حصل على 13,230,131 صوتًا وبنسبة بلغت 51.73%، بينما حصل منافسه أحمد شفيق على 12,347,380 صوتًا، وبنسبة بلغت 48.27%. وقد بلغت عدد الأصوات الصحيحة بمحافظات الوجه البحري 11,346,900 صوتًا، مثلت حوالي 22%، وشكلت محافظات الوجه القبلي 8,038,032 صوتًا، بنسبة بلغت 31.8%، وشكلت المحافظات الحضرية 5,532,111 صوتًا بنسبة بلغت 21.9%، وجاءت محافظات الحدود أخيرًا ب358,748 صوتًا بنسبة بلغت 1.4%.
“,” “,”
من الجدول السابق، نلاحظ تفوق المرشح محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق بشكل كبير في محافظات الوجه القبلي والحدود، حيث حصل مرسي على 62% من إجمالي أصوات محافظات الوجه القبلي والحدود، بينما حقق المرشح أحمد شفيق تقدمًا ملحوظًا في محافظات الوجه البحري والمحافظات الحضرية، حيث حصد 55% من أصوات محافظات الوجه البحري، و51% من المحافظات الحضرية.
وضمت المحافظات الحضرية أربع محافظات هي: القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والسويس، وقد تفوق المرشح أحمد شفيق على منافسه محمد مرسي في محافظتي القاهرة وبورسعيد بنسبة 56% و 54% على التوالي من إجمالي الأصوات الصحيحة بالمحافظتين، بينما تفوق محمد مرسي في محافظتي الإسكندرية والسويس حيث حصل على 58% و63% على التوالي من إجمالي الأصوات الصحيحة بالمحافظتين، إلا أن المرشح أحمد شفيق نجح في حسم المحافظات الحضرية لصالحه، حيث حصد 51% من إجمالي الأصوات الصحيحة لهذه المحافظات.
تشتمل محافظات الوجه البحري على تسع محافظات، وقد تفوق المرشح أحمد شفيق على منافسه محمد مرسي في خمس محافظات، حيث حقق نجاحًا كبيرًا في محافظة المنوفية بحصوله على 72% من أصوات المحافظة، تلتها محافظة الغربية بـ63%، تلتها محافظة القليوبية بـ58%، وحقق 56% و54% من أصوات محافظتي الدقهلية والشرقية على التوالي. ومن ناحية أخرى تقدم محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق في أربع محافظات بالوجه البحري؛ حيث حصل على 59% من الأصوات الصحيحة لمحافظة البحيرة، و56% بمحافظة دمياط، 55% و54% بمحافظتي كفر الشيخ والإسماعيلية على التوالي. وقد جاء حسم محافظات الوجه البحري لصالح أحمد شفيق، حيث حصل على 55% من إجمالي الأصوات الصحيحة لهذه المحافظات.
وأما في محافظات الوجه القبلي التسع فقد حقق محمد مرسي فوزًا كاسحًا على منافسه أحمد شفيق، حيث حصل على 62% من إجمالي أصوات تلك المحافظات، وجاءت أعلى نسبة تصويت لصالح مرسي بمحافظة الفيوم، حيث حصل على 78% من أصواتها، وحلت محافظة بني سويف في المركز الثاني بنسبة بلغت 66%، ثم المنيا في المركز الثالث بنسبة 64%، وجاءت أسوان في المؤخرة بنسبة تأييد بلغت52%، أما محافظة الأقصر فقد شهدت تفوقًا طفيفًا لصالح أحمد شفيق الذي حصد 53% من أصواتها.
وفي محافظات الحدود، حقق محمد مرسي فوزًا كبيرًا أيضًا على منافسه أحمد شفيق في محافظات الحدود الخمس؛ حيث حصل على 62% من إجمالي أصوات تلك المحافظات، وحقق مرسي أعلى نسبة تصويت له على مستوى الجمهورية بمحافظة مرسى مطروح حيث حصد 80.1% من أصواتها، تلتها محافظة الوادي الجديد بـ63.4%، ثم شمال سيناء بـ61.5%، وحقق أحمد شفيق تفوقًا طفيفًا بمحافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء؛ حيث حصل على 50.6% و50.3% على التوالي.
ونافلة القول: لم تعبر النتائج النهائية لجولة الإعادة عن الأوزان الحقيقية لكلا المرشحين في الشارع، فإضافة إلى وزن المرشح وتياره السياسي، حصل كل مرشح على تأييد العديد من الناخبين -سواء كانوا أفرادًا أو قوى سياسية- نظرًا للتخوف من المرشح الآخر.
وكانت هذه هي حصيلة استقطاب بين اتجاهات عريضة في الشارع السياسي المصري، وحتى في المجتمع عمومًا، وهو ما أدى إلى آثار سلبية على المشهد المصري عقب الانتخابات. فقد اتضح من نتائج الجولة الأولى الوزن الحقيقي لكل مرشح من المرشحين اللذين تجاوزا الجولة الأولى إلى جولة الإعادة، إذ حصل كل منهما على ما يقارب الخمسة ونصف المليون صوت؛ وهو ما يعكس التأييد الحقيقي الذي يحوزه التيار الاجتماعي-السياسي لكل منهما في الشارع المصري. وفي جولة الإعادة، انقسمت الكتلة الباقية من الأصوات التي فاز بها بقية المرشحين في الجولة الأولى بين المرشحين الباقيين بالتساوي تقريبًا مع وجود قسم اختار المقاطعة.
وقد اختلف تصنيف مرشحي الإعادة عن تصنيفهما في الجولة الأولى، فقد أصبح لكل منهما تصنيفان، أحدهما يحاول المرشح ذاته أن ينسبه لنفسه، والآخر يفرضه عليه قطاع ليس بصغير من القوى السياسية إضافة إلى منافسه. فالدكتور مرسي سعى إلى تقديم نفسه على أنه مرشح الثورة في مقابل مرشح النظام السابق، وهو ما يستدعي أن تصطف خلفه القوى الثورية كافة، بينما الفريق شفيق سعى إلى طرح نفسه على أنه مرشح الدولة المدنية في مقابل الدولة الدينية التي يمثلها الدكتور مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. وقد انقسمت مواقف القوى السياسية أو السياسيين البارزين تجاه كلا المرشحين بين تأكيد ما يطرحه عن نفسه أو نفيه.
فبتأييدها للدكتور محمد مرسي، أكدت حركة شباب 6 إبريل تقديمه نفسه على أنه مرشح الثورة مقابل مرشح النظام السابق، بينما جاء تأييد بعض رموز التيار الليبرالي للفريق شفيق من أمثال الدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتور سعد الدين إبراهيم، ليؤكد ما يطرحه الفريق شفيق من أنه مرشح الدولة المدنية في مواجهة مرشح الدولة الدينية.
وفي النهاية، أكدت نتيجة الانتخابات الرئاسية رؤية نظام مبارك في أن البديل الوحيد القادر على السيطرة على الحكم في حال رحيله هو قوى الإسلام السياسي متمثلة -في الأساس- في جماعة الإخوان المسلمين، والتي ربما تستمر في الحكم لفترة لا يعلم مداها أحد في ظل الضعف الشديد للتيارات المدنية.
ثالثًا: الاستفتاء على الدستور
كشفت المؤشرات النهائية لنتائج الاستفتاء عن ارتفاع نسبة الموافقين على الدستور في محافظات الوجه القبلي، حيث جاءت نتائجها لصالح الموافقة على الدستور بنسبة مرتفعة، متفوقة على محافظات الوجه البحري التي صوتت أيضًا بنعم بالغالبية ما عدا محافظة المنوفية.
وفي المحصلة الأخيرة للنتائج، صوتت 24 محافظة لصالح الدستور، مقابل محافظات القاهرة والمنوفية والغربية التي صوتت ضده. وبينما اكتسحت “,”نعم“,” المرحلة الثانية بـ70.9% مقابل “,”لا“,” بنسبة 29.1%، أظهرت المرحلة الأولى تقاربًا في النتائج بين 56.3% “,”نعم“,” و43.7% “,”لا“,”. أما أصوات الخارج فتفوقت “,”نعم“,” بـ67.5% مقابل 32.5% لـ“,”لا“,”.
وهناك العديد من المفارقات طبعت الاستفتاء على مسودة الدستور المصري الجديد بمرحلتيه، فالأولى التي تظهر نتائجها أن الفارق كان بسيطًا بين المؤيدين والمعارضين للدستور (57% مقابل 43%) توسع الفارق بالثانية بشكل كبير وبلغت نسبة الموافقين نحو 70% مقابل 30% لرافضيه.
ويعود الفضل في الفارق الكبير في المرحلة الثانية إلى محافظة مطروح التي حصلت على لقب المحافظة الأولى من حيث نسبة تأييد مشروع الدستور (91.66%)، وكما كانت بيضة القبان في الانتخابات الرئاسية قادت محافظات الصعيد التي تجاوزت معظمها نسبة 80% (كالمنيا وقنا وبني سويف والوادي الجديد والفيوم)، مسيرة “,”نعم“,” للدستور.
وتتفوق محافظة القاهرة من حيث نسبة رفضها للدستور (56.93% نعم) تليها الغربية (52.13%)، والمنوفية (51.25%)، وهي المحافظات الثلاث التي رفضت الدستور من أصل 27 أجريت فيها عملية الاستفتاء.
أما المحافظات التي وافقت بنسبة تأييد أقل من 60% أي فوق النسبة الإجمالية التي حصل عليها الدستور فهي الدقهلية (55.12%) والإسكندرية (55.63%) والقليوبية (59.83%) وبورسعيد (51.14%).
ومن المفارقات البارزة أيضًا، موافقة سبع محافظات على الدستور من عشر وقفت ضد مرسي في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، هي الشرقية والدقهلية وجنوب سيناء والقليوبية وبورسعيد، والبحر الأحمر والأقصر.
كما وافقت على الدستور بنسبة 63% مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ، وهي مسقط رأس حمدين صباحي، رئيس التيار الشعبي وأحد أبرز قيادات جبهة الإنقاذ الوطني. كما كان لافتًا أن مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والتي تعد أبرز معاقلهم بالمحافظة، كانت من أبرز المناطق الرافضة للدستور بنسبة 60%، رغم أن النتيجة في عموم المحافظة جاءت مؤيدة للدستور بنسبة 75.74%.
أما قرية العدوة بمحافظة الشرقية مسقط رأس الرئيس محمد مرسي فاكتسحت “,”نعم“,” فيها الاستفتاء على الدستور بنسبة 95%، أما المحافظة فكانت نسبة تصويتها قريبة من النسبة الإجمالية (65.95%).
ورغم تركيز المعارضة المتكرر على أن الدستور سيؤدي بالبلد إلى عدم الاستقرار والتقسيم، صوتت المحافظات التي تعتمد بشكل كبير على السياحة (الأقصر والبحر الحمر وشمال سيناء وجنوب سيناء والجيزة) بنعم بنسبة فاقت 60%.
وقد شهدت الفترة الماضية قبيل بدء الاستفتاء على مسودة الدستور وأثناءه تجاذبات سياسية واسعة، وبدا أن هذا الاستفتاء بمثابة استفتاء على حكم الرئيس محمد مرسي نفسه بعد نحو خمسة أشهر من توليه منصبه، حتى قال البعض إن التصويت لصالح الدستور يعني التصويت لصالح مرسي والتيار الإسلامي، أما رفضه فيعني عكس ذلك. وإذا كانت نسبة الموافقة على الدستور قد بلغت نحو 64% في حين رفضه نحو 36%، فإن ذلك يؤشر لارتفاع ملحوظ عن النسبة التي تخطى بها مرسي جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة بنحو 52% في مقابل 48% للمرشح الخاسر أحمد شفيق.
فقد تراجعت شعبية مرسي بنسبة 1% عما حصده من نسبة الأصوات في الرئاسة بمحافظتي القاهرة والإسكندرية، بينما زادت شعبيته في 25 محافظة. ولم يشذ عن ذلك إلا القاهرة والإسكندرية. ففي القاهرة حصل الرئيس مرسي على 44% في انتخابات الرئاسة، وانخفضت نسبة المؤيدين للاستفتاء على الدستور إلى 43%. أما في الإسكندرية فجاءت نسبة المؤيدين بانتخابات الرئاسة 58%، ثم انخفضت إلى 56% مرة أخرى بالاستفتاء.
أما محافظة المنوفية، فعلى الرغم من أنها لم تُصوت إجمالاً لصالح الدستور بفارق ضئيل، فإن نسبة المؤيدين للدستور ارتفعت بشكل ملحوظ، فبعد أن أيدت مرسي بـ18% فقط، إذا بها توافق على الدستور بنسبة 49.1%. أما محافظة الغربية فقد ظلت على موقفها الرافض وإن تغير الفارق بشكل كبير من 37% صوتوا للرئيس مرسي إلى نسبة 48% صوتوا بنعم للدستور.
وكذلك محافظة القليوبية التي حصل مرسي فيها على 42% فقط، نال الدستور موافقة بنحو60%. وفي الشرقية التي لم يحصل مرسي إلا على 46% بانتخابات الرئاسة، ارتفعت نسبة الموافقين على الدستور إلى 66%. وكذلك الدقهلية ارتفعت من 44% بانتخابات الرئاسة إلى 55% بالموافقة على الدستور.
أما محافظات الوجه القبلي فقد حافظت على نسب التأييد المرتفعة، وكان أعلاها في الفيوم (90%) وبني سويف (85%) والمنيا (83.2%) وسوهاج (78.8) وأسيوط (78.4%)، وكل هذه المحافظات ارتفعت فيها نسب التأييد بما يتراوح بين 10% و20%.
جدول يوضح نتائج استفتاء ديسمبر 2012
“,” “,”
جدول يوضح نتائج استفتاء مارس 2011
“,” “,”
مما سبق يمكن القول إن هناك عدة متغيرات رئيسية حسمت القضية. وهذا ليس مدحًا أو ذمًا في هذه المتغيرات، لكن هذا ما يبدو من واقع الناس. أولاً، التصويت بحكم العادة بمعنى من كانوا تاريخيًا يميلون للتصويت بنعم سيميلون للتصويت بنعم أيضًا في المستقبل. ثانيًا، تأثير النخب السياسية وأداتها الأساسية الإعلام، وهؤلاء لهم مؤيدوهم، ولكن في مصر هناك ظاهرة غريبة، وهي أن هناك تأثيرًا معاكسًا لدور بعض النخب التي ما أن خرجت لتقول “,”لا“,” مثلاً، فيميل البعض للتصويت بنعم والعكس صحيح.
ثالثًا، تأثير المؤسستين الدينيتين عند المسلمين والمسيحيين. لم تزل هاتان المؤسستان تلعبان دورًا كبيرًا في تشكيل وعي الناس بما ينبغي أن يحدث ولماذا. ولا شك أن انسحاب الكنيسة من الجلسات الأخيرة للتأسيسية أعطى رسالة واضحة للأشقاء المسيحيين بالتصويت بـ“,”لا“,”، واستمرار ممثلي الأزهر الشريف حتى اليوم الأخير للتصويت النهائي سيفهمه البعض على أنه إشارة في اتجاه التصويت بـ“,”نعم“,”. رابعًا، فكرة الاستقرار لم تزل حاكمة على عقول كثيرين، والربط بين الاستقرار و“,”نعم“,” لم تزل موجودة؛ لأنه من غير الواضح ما الذي سيترتب على “,”لا“,”. وإن كنت أظن أن الرئيس سيكون أمام اختيارات ثلاثة: إما أن يشكل لجنة (وليس بالضرورة جمعية) لوضع دستور جديد وبعدها استفتاء جديد أو جمعية منتخبة مباشرة من الشعب بلا استفتاء أو إعلان دستوري وانتخابات برلمانية مباشرة.
رابعًا: عوامل التغير والاستمرارية للخرائط التصويتية في مصر
لا شك في أن المجتمع المصري يتميز بتنوع تياراته وأحزابه وأيديولوجيته، من حيث الأفكار والاتجاهات، برغم الأصل المشترك والعادات والتقاليد التي تكاد تكون واحدة دون تفرقة، ولكن التنوع هو سمة المجتمعات. وإن كان هذا من حسن حظ المجتمع المصري، فهو على العكس تمامًا من سوء حظ المرشحين الرئاسيين أو البرلمانيين، فلا يستطيع شخص أن يحوز رضاء جميع الأطراف أو الأحزاب أو الاتجاهات، فمثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية هناك حزبان كبيران، ويكون الرئيس إما جمهوريًّا أو ديمقراطيًّا، وفي فرنسا يكون الرئيس يمينيًّا أو يساريًّا، والمجتمع الفرنسي أو الأمريكي ينقسم على هذا المنوال، ولكن المجتمع المصري على العكس تمامًا، فهو غني بتنوعه وأفكاره واتجاهاته.
وتسعي السطور القادمة إلى محاولة فهم خريطة التصويت المستقبلي في مصر، سواء أكان في الانتخابات البرلمانية، علمًا بأن ثمة صعوبات في التنبؤ بالسلوك التصويتي للمصريين، لا سيما في ظل تعدد انتماءات المرشحين السياسية والحزبية والدينية التي باتت تلعب دورًا كبيرًا في أية عملية انتخابية بعد الثورة، علاوة على حداثة وجود تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر بعد سنوات من الحكم التسلطي، وأداء جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين في البرلمان السابق، وأداء الرئيس محمد مرسي، عضو جماعة الإخوان، في ظل الكثير من المشاكل الحياتية التي تحاصر عموم المصريين من كل صوب وحدب.
ومن ثم فإن احتمالية التصويت لأي تيار سياسي أو حزب سوف يتوقف على عدة عوامل، وهي كما يلي:
أولاً: التغيرات في خريطة المرشحين:
مما لا شك فيه ستحاول كل القوى السياسية والحزبية المختلفة –كما هو حادث حاليًّا- إحداث تغيير كبير في خريطة مرشحيها للانتخابات البرلمانية القادمة، خاصة بعد الأداء الباهت الذي ظهرت به جميع الأحزاب في البرلمان المنحل. وأعتقد أن حزب الحرية والعدالة يقوم حاليًّا بإعداد قائمة مرشحين محتملين لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وهناك بعض التوقعات بأن التغيير فيها سيشمل حوالي 50% من أعضاء مجلس الشعب السابق. أما حزب النور الذي يخطط لخوض الانتخابات على نسبة 100% من المقاعد، والذي أصابته لعنة الأحزاب المصرية من انشقاق وانقسام استطاع أن يتجاوزها، ولكنه لم يُشف منها تمامًا، فقد وضع مجموعة من المعايير والأسس التي سيختار مرشحيه بناءً عليها. وستبقى المشكلة، أمام أغلب الأحزاب المدنية، التي لم تجد في الانتخابات الماضية مرشحين يخوضون غمار سباق التنافس على قوائمها، وهي التي تنادي حاليًّا بإجراء الانتخابات بنظام القائمة فقط؛ ومن ثم ستجد نفسها في ورطة كبيرة إذا لم تعد العدة مبكرًا.
ثانيًا: الانتماءات السياسية للمرشحين:
في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة، كان معيار الانتماء السياسي للمرشحين هو الأصعب بالنسبة للناخبين؛ نظرًا لعدم وضوحه، علاوة على حرص بعض أو معظم المرشحين على عدم الارتباط مباشرة بقوة سياسية أو تيار سياسي معين، وسينقسم المرشحون في المستقبل وفقًا لمعايير الانتماء السياسي والأيديولوجي إلى ما يلي:
(أ) المرشحون المحسوبون على التيار الإسلامي : ويمثل قاعدة عريضة من المجتمع المصري، وله قواعد كبيرة وعميقة داخل وجدان المصريين والمجتمع المعروف بنزعاته الدينية، وهي صاحبة العدد الأكبر من مقاعد البرلمان المنحل، فضلاً عن امتلاكها آلة تنظيمية ومؤسسية ضخمة، وتتركز قاعدته في الأحياء الفقيرة، وخاصة العشوائيات، وبين بسطاء الفلاحين من المصريين، وخاصة في الدلتا وضواحي القاهرة الفقيرة. وينقسم هذا التيار على نفسه إلى ثلاث فرق وتيارات: “,”الإخوان المسلمون، التيار السلفي، الجماعة الإسلامية“,”، وفي داخل هذه التقسيمة تتداخل بعض الفرق الأخرى، وقد انقسمت إلى أحزاب: “,”حزب الحرية والعدالة، حزب النهضة، حزب النور، البناء والتنمية، حزب الوسط، حزب الفضيلة، حزب الأصالة، حزب الإصلاح والنهضة، حزب العمل الجديد“,”، وأخيرًا الوافد الجديد والمنشق عن حزب النور (حزب الوطن).
وعلى مستوى الانتخابات البرلمانية، ستكون هناك محاولات للتحالف بين التيارات أو الأحزاب ذات المرجعية الدينية لمنافسة ما يطلقون عليها التحالفات المدنية الجديدة، أو على الأقل التنسيق فيما بينها.
(ب) المرشحون من أعضاء الحزب الوطني السابق أو من عمل مع النظام السابق، وهي كتلة لها ثقلها العددي السكاني، وثقلها من حيث النظام المؤسسي والآلة الإعلامية والثروة، فجماعات الثروة تتركز في أصحاب المصالح والتي لا تريد أن يتغير النظام؛ للحفاظ على مكاسبها التي حصلت عليها من النظام السابق، وهم لهم تواجد داخل كل الطبقات المصرية سواء العاملة أو أصحاب الثروة، ويكفي أن نعرف أن الحزب الوطني المنحل كان به 3 ملايين عضو، وهي كتلة ضخمة ولهم مصالح ومكتسبات يريدون أن يحافظوا عليها على الأقل، أو يرجعوا مجدهم ونظامهم القديم. وهناك محاولات من بعض رموز الحزب الوطني لجمع الشمل مرة أخرى تحت اسم “,”تحالف نواب الشعب“,”، وإن كان بعضهم أعضاء لم يخوضوا غمار الانتخابات في عام 2010 على قوائم الحزب الوطني، إلا أن بعضهم أعضاء بارزون فيه. وفي الحقيقة، هم الفئة الوحيد القادرة على مواجهة التيارات والأحزاب ذات المرجعية الدينية؛ لأنهم يمتلكون نفس الأدوات من الوجود في الشارع من خلال عائلاتهم وانتمائاتهم القبلية والمال، ولكنهم يختلفون في استعمال الدين في الانتخابات.
(ج) المرشحون المنتمون للتيارات الثورية، وتتنوع أفكارهم ما بين اليسار ويسار الوسط وبعض الأفكار الليبرالية. ويعبر هؤلاء عن رغبة شرائح شبابية وقطاعات في المجتمع المصري في التغيير. فالتيار الليبرالي، تيار النخبة، هو تيار قديم داخل المجتمع المصري، والذي يقدم مشروع الدولة المدنية والديمقراطية والإطار القانوني للدولة، ومن التيارات الفاعلة داخل النخبة والطبقة الحاكمة المصرية، وهو التيار الوحيد الذي يمتلك عملاً مؤسسيًّا ضخمًا وقديمًا، وغالبًا هو تيار النخبة والطبقة المثقفة، وهو مذاهب وفرق داخلة وأيديولوجيات مختلفة، وله ثقله بين الطبقة المثقفة المصرية والطبقة المتعلمة، ولكن يعيبه التفتت والتشرذم داخل أحزاب وأيديولوجيات كثيرة ومتناحرة.
أما التيار الاشتراكي واليساري والقومي، فإن حظه يتوقف على مدى ما يقدمونه من مشاريع، أو تعاطف طبقة العمال والبسطاء التي هي الطبقة التي يتكلم باسمها هذا التيار الذي يهتم بـ“,”البروليتاريا“,” أو الطبقة الكادحة، من العمال في المصانع أو العمال من الفلاحين أو البسطاء في الحواري والعشوائيات، والحقيقة أن اليسار في مصر ليس في أفضل أحواله، خصوصًا في ظل الأمية السائدة وانتشار التيار الديني المضاد لهم والذي يتهمه باتهامات كثيرة.
ثالثًا: احتمالات التصويت الجغرافي للمرشحين:
فمن خلال جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية 2012 يمكن ملاحظة ما يلي: أولاً، في محافظات الدلتا، على عكس نتائج الانتخابات البرلمانية، حصل المرشح المدني على الأغلبية وليس المرشح الإخواني، فقد حصد المرشح أحمد شفيق أغلب أصوات هذه المحافظات، حيث حصل على أعلى الأصوات في محافظات (القاهرة والشرقية والدقهلية والغربية والمنوفية والقليوبية)؛ ومن ثم فإن الإخوان أو أي مرشح ذي انتماء دينيي سوف يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد للحصول على أغلبية أصوات ناخبي هذه المحافظات.
ثانيًا، توقع الجميع بأن المحافظات والمناطق التي تعتمد في دخلها ونشاطاتها وحركة قاطنيها على السياحة، مثل الأقصر، وأسوان، وشمال سيناء، وجنوب سيناء، والبحر الأحمر، مطروح، ربما يكون تصويتها لصالح المرشح المدني، وبنسبة كبيرة ستكون أصوات هذه المحافظات، خاصة المرتبطين بالسياحة ارتباطًا كليًّا وجزئيًّا ضد المرشحين المنسوبين للتيار الديني، خشية من احتمالات تضرر السياحة، في حالة وصولهم، رغم رسائل التطمينات العديدة التي أرسلوها. إلا أن كل هذه المحافظات –ماعدا الأقصر والبحر الأحمر- جاءت لصالح مرشح جماعة الإخوان المسلمين. واللافت أيضًا أن أغلب المقاعد البرلمانية في هذه المحافظات حصل عليها مرشحون ينتمون للتيار الإسلامي السياسي، خاصة السلفيون والإخوان.
ثالثًا، محافظات القناة، ماعدا بور سعيد، احتل فيها مرشح الحرية والعدالة المركز الأول وبفارق كبير جدًّا عن منافسه. رابعًا، محافظات الصعيد، باستثناء الأقصر، حصد فيها مرشح الإخوان على أعلى الأصوات وبفارق كبير في مفارقة كبيرة لجميع المحللين.
ومن خلال هذه الخريطة الجغرافية لتصويت المصريين في الانتخابات البرلمانية والرئاسة 2012، وإذا استمر الحال كما هو عليه من ضعف الأحزاب المدنية؛ فسوف يحصل أي مرشح ذي خلفية إسلامية على أغلبية ساحقة في نفس المحافظات، بل على العكس تحاول حاليًّا جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية بذل المزيد من الجهد في المحافظات والدوائر التي لم تحصل فيها على نسبة تأييد في الانتخابات السابقة، في محاولة منها لإحكام سيطرتها على جميع مقاعد البرلمان المقبل.
وبناء عليه، سيشتد التنافس الانتخابي ، برلمانيًا، بين مرشحي جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة من ناحية، وحزب النور والجماعات السلفية المختلفة من ناحية أخرى؛ حيث يسعى كل طرف من الطرفين لحصد أغلبية في البرلمان المقبل تمكنه من فرض خططه في رسم السياسة العامة لمصر في المستقبل. ويضاف إلى هذه المعادلة طرف ثالث سيكون المنافس الحقيقي لجماعات الإسلام السياسي، وهم الأعضاء السابقون في الحزب الوطني؛ حيث بدأت تتبلور كتلة كبيرة منهم في تحالف واحد ويستعدون حاليًّا لهذه الانتخابات، ويملكون أيضًا المال السياسي والنفوذ العائلي والوجود في الشارع، ربما يختلفون فقط مع الأحزاب ذات المرجعية الدينية في سلاح الجوامع والمساجد، كما سبق القول، ولكنهم لن يتلكأوا في استخدام هذا السلاح أيضًا حينما تأتي إليهم هذه الفرصة.
رابعًا: علاقات المرشحين بالقوي السياسية الداخلية :
في ظل حالات التشرذم بين الأحزاب المدنية على الرغم من التحالفات والاندماجات بين الكثير من الأحزاب، ستكون الفرصة مواتية مرة أخرى للأحزاب ذات المرجعية الدينية لكي تحصد أكبر عدد من المقاعد، خاصة إذا قاطعت جبهة الإنقاذ العملية الانتخابية.
خامسًا: التصويت القبطي :
مما لا شك فيه أنه بعد ثورة 25 يناير أصبحنا أمام كتلة تصويتية مهمة في الانتخابات المصرية، برلمانية ورئاسية. وربما تكون أهمية هذه الكتلة في الانتخابات الرئاسية أكبر بكثير؛ حيث تعتبر مصر دائرة انتخابية واحدة؛ ومن ثم يظهر تأثيرها بشكل أكبر من الانتخابات البرلمانية التي تقسم فيها مصر إلى دوائر انتخابية متعددة (222 دائرة في انتخابات 2012).
وعلى الرغم من أن طرح كتلة تصويتية (قبطية) واحدة هي بمثابة “,”تصويت طائفي“,”، خاصة أنه يعني إهدار الجهود التي تكرس للاختيار بين المرشحين على أساس الهوية الوطنية. ومن ثم فإن ما جرى خلال الانتخابات الماضية أكد على طريقة “,”الحشد“,” مقابل “,”الحشد“,”، وبذلك يؤكد الأقباط على مبدأ (الجيتو) الطائفي لجماعة دينية لها توجهات وتفضيلات سياسية تختلف عن تفضيلات (الطوائف) الأخرى، بدلاً من كون الأقباط فصيلاً اجتماعيًّا رئيسيًّا له تفضيلات سياسية متباينة.
وعلى مستوى الانتخابات البرلمانية 2011 – 2012، ظهرت بوضوح إشكالية اختيار الأقباط في انتخابات مجلس الشعب؛ حيث تفتتت أصواتهم، وفشلوا في تكتيل أصواتهم خلف مرشح أو اتجاه سياسي بعينه؛ بسبب تعدد مستوياتهم المادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك نجاح التيارات السياسية، وبخاصة الإسلامية، في حشد الناخبين لمرشحيهم؛ مما ساهم في إقصاء أصواتهم من إحداث أي تأثير في نتائج الانتخابات البرلمانية التي تخص دوائر عديدة.
وقد تبلورت هذه الإشكالية في موقف قيادات الكنيسة من المرشحين، حيث فضلت قيادات الكنيسة الصمت في هذه المرحلة، وأعلنت أنها تقف على الحياد تجاه كافة المرشحين، ولكن الناشطين السياسيين الجدد من الأقباط كان لهم موقف آخر؛ حيث أعلنوا موقفهم من انتخابات الرئاسة، وحددوا ملامح الرئيس الذي سيعطونه أصواتهم، والذي يريدونه لمصر.
ولعل أهم محددات دعم الأقباط لأي مرشح، رئاسيًا وبرلمانيًا، لا تختلف كثيرًا عن تلك المحددات التي يؤيدها أغلب المصريين، سوى أن المرشح الذي سيحظى بدعم الأقباط هو الأكثر دراية بمشاكلهم، وله فكر وطني يدعم الدولة المدنية، وليس الدولة الدينية. كما أن المرشح مُطالب من الأقباط بحل مشكلات التمييز بينهم وبين المسلمين مع تحقيق العدالة، وتبني قضايا المواطنة والوحدة الوطنية؛ حفاظًا على وحدة الوطن. فاختيار أي مرشح من قبل المواطنين الأقباط يتوقف على برنامج المرشح ومدى تحقيقه للشروط السابقة. فإذا كان برنامج المرشح سوف يحقق طموحات ومتطلبات القبطي كمواطن؛ فسيقوم بانتخاب ذلك المرشح، كونه الأنسب له.
ملاحظات ختامية
يبقى في النهاية أن نُقر بصعوبة وتعقد الخريطة الانتخابية المستقبلية، وهذا التداخل يلقي بظلاله على السلوك التصويتي للمواطن المصري، غير أن هناك ملاحظات أساسية، وهي كما يلي:
1) رغم وضوح مواقف بعض الأحزاب والقوى السياسية وجماعات المصالح، من تأييد أو مساندة مرشح بعينه، فإنه لا يمكن القطع بذهاب الكتل التصويتية لهذه الأحزاب باتجاه هذا المرشح؛ نظرًا لصعوبة ضمان مدى الالتزام الحزبي، على المستوى القاعدي، بأية قرارات فوقية تتخذ من قيادات الأحزاب، خاصة الأحزاب المدنية، وربما يكون ذلك أيسر في حالة الأحزاب ذات المرجعية الدينية التي تعتبر في بعض الأحيان كتلة تصويتية صماء.
2) أن محاولة تحديد الكتلة التصويتية لأي مرشح بناءً على النطاق الجغرافي صعبة للغاية؛ نظرًا لطبيعة التداخل والتنوع الديموغرافي الذي تتميز به معظم محافظات الجمهورية، باستثناء ربما المحافظات التي يغلب عليها الطابع البدوي والقبلي (سيناء والبحر الأحمر والوادي الجديد)؛ وبالتالي قد يكون من المستبعد التوصل إلى إجماع لمنطقة، أو مدينة، أو حتى قرية من القرى المصرية على مرشح بعينه.
3) إذا حدث تداخل وانقسامات بين التيارات السياسية في تأييد شخصيات مرشحة للانتخابات، خاصة الرئاسية، فسيعقّد ذلك الخريطة التصويتية لكل مرشح على حدة.
4) على الرغم من أن الصوت القبطي ليس كتلة واحدة متجانسة، لكنه لن يذهب إلى أي مرشح ذي انتماء ديني.
في النهاية، ستكون هناك حالة من حالات الحركة الدائمة والمستمرة في الخرائط التصويتية في مصر. ولكن استنادًا إلى متابعة تطور الاتجاهات التصويتية خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة، يمكن القول إن حصة القوى الدينية في الانتخابات القادمة قد تتراوح إجمالاً بين 45 – 55% من الأصوات. بمعنى آخر، فإن أحزاب الإخوان والسلفيين ستنجح في إعادة حصد أصوات الوجه القبلي على أساس طائفي ومحافظات الحدود، مع تقاسم لأصوات محافظات الوجه البحري مع التيار المدني. فيما ستجد هذه الأحزاب صعوبة بالغة في اختراق القاهرة والإسكندرية. كما أن نجاح التيار المدني في كسب أصوات الصعيد سيعتمد بالأساس على اللعب على وتر القبلية والعصبيات كبديل للطائفية، حيث لا يوجد مكان للخطاب المدني في الوقت الراهن بمحافظات الوجه القبلي. هذا بالإضافة إلى مدى قدرة التيار المدني على حشد واستقطاب أصوات المليون ونصف من الشباب الذين انضموا خلال العام المنصرم لجداول الناخبين.
وأخيرًا، تدلل خريطة الديموجرافية في مصر على وجود انقسام جغرافي واجتماعي وطائفي في مصر ما بين حضر وريف، وطبقة وسطى متعلمة وفقراء أميين، ومسلمين ومسيحيين، وهي انقسامات ستعكس نفسها على النتائج النهائية للانتخابات التشريعية القادمة؛ وهو ما يعني – في حالة مشاركة جبهة الإنقاذ- أن حصول أي من القوى السياسية على أغلبية واضحة بمثابة سيناريو شبه مستحيل.
في إطار ذلك، تميزت المرحلة الانتقالية، التي بدأت مع تولي المجلس الأعلى لمقاليد السلطة في 11 فبراير 2011، بدرجة عالية من الاستقطاب بين القوى السياسية المختلفة. وبدأت بإصرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة على التمسك بالمسار الذي وضعه الرئيس السابق حسني مبارك للإصلاح السياسي، وهو تعديل بعض مواد دستور 1971. فشكَّل المجلس العسكري لجنة لتعديل بعض مواد الدستور برئاسة المستشار طارق البشري. تناولت التعديلات والشروط الواجب توافرها في رئيس الجمهورية، وكيفية قبول الترشح لهذا المنصب، وإجراءاته، ومدة الرئاسة، وكذلك شروط الترشح لعضوية مجلس الشعب، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية وشروط إعلان حالة الطوارئ ومدتها.
كما رسمت التعديلات الدستورية مسارًا للمرحلة الانتقالية، يبدأ بالانتخابات التشريعية ليختار النواب المنتخبون من مجلسي الشعب والشورى أعضاء الجمعية التأسيسية التي ستكتب الدستور، ثم الانتخابات الرئاسية.
وفي الوقت الذي عارضت فيه القوى المدنية المسار الذي رسمته التعديلات الدستورية، ودعت إلى التصويت بـ“,”لا“,” على التعديلات، مؤكدة أن دستور 1971 سقط مع سقوط مبارك، أيدت جماعة الإخوان المسلمين التعديلات، واستطاعت أن تحشد حولها باقي التيارات الإسلامية، لا سيما الجماعات السلفية، فيما شكَّل بداية لظاهرة التصويت على أساس الاستقطاب “,”الديني“,”، والتي استمرت بعد ذلك خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ثم إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية في بيئة من الانقسامات السياسية والدينية الحادة، فوافق 77.3% على التعديلات، بينما رفضها 22.7%.
حاول بعض الباحثين والمحللين المصريين تفسير السلوك التصويتي للمصريين في انتخابات واستفتاءات ما بعد ثورة 25 يناير؛ بحثًا عن إجابة بشأن المستقبل السياسي لواحدة من أهم دول الشرق الأوسط. وقد طُرحت الكثير من الفرضيات أو المداخل لتفسير بعض جوانب السلوك التصويتي للمصريين في مجموعة الانتخابات والاستفتاءات التي أجريت خلال الفترة من 19 مارس 2011 إلى 22 ديسمبر 2012. في هذا الإطار طُرحت فرضية مفادها أن صعود التيار الإسلامي هو نتيجة للصعود المتنامي لجماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين، وتمدد الحركة السلفية خلال أكثر من أربعة عقود، منذ حكم الرئيس الأسبق أنور السادات، والتسييس الذي حدث لها في أعقاب انهيار المنظومة الأمنية في ليل 28 يناير 2011، ثم رحيل الرئيس السابق عن سدة السلطة.
من ناحية أخرى، سرعة التفاهمات بين السلطة الفعلية في البلاد وجماعة الإخوان المسلمين، بوصفها القوة المنظمة الرئيسية؛ وهو ما أدى إلى شحذها لقدراتها التنظيمية وماكيناتها الانتخابية والتعبوية لإنجاز أهم أهدافها، وهو الوصول إلى السلطة عبر الآليات الانتخابية، وفي ضوء أطر قانون لا تحوز على الإجماع بين كافة القوى السياسية والدينية في بلد متعدد.
من ناحية ثانية، أساليب التأثير الانتخابي الإخواني والسلفي على بعض القطاعات الاجتماعية المقهورة، وبعض الفئات الوسطى الفقيرة، والوسطى الوسطى في بعض المناطق الريفية، لا سيما في محافظات الوجه القبلي، التي عانت كثيرًا من بعض التهميش التاريخي على مستوى التنمية.
لا شك أن القدرات الخطابية السياسية والدينية أثرت على بعض الناخبين في هذه المناطق، مع دور الشبكات الاجتماعية والخدمات الإنمائية وغيرها، التي كانت تقدمها -ولا تزال- لبعض المواطنين الفقراء. بالإضافة إلى تقديم بعض العطايا العينية من المواد التموينية.
على الرغم من دور الشبكات الاجتماعية والماكينة الانتخابية لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى التمدد السلفي لها وآثاره السياسية، فإن أداء كليهما داخل البرلمان، سواء في مناقشة التشريعات، أو في ممارسة الأدوار الرقابية على أعمال السلطة التنفيذية، وهو ما كان مقيدًا، ينم عن ضعف في الخبرات والمهارات السياسية والتشريعية، وتحول بعض الأداء البرلماني الإخواني والسلفي إلى ساحة اتسمت بالخروج على بعض قواعد العمل وفق مبدأ الفصل بين السلطات؛ وذلك بالهجوم المتكرر على السلطة القضائية، والنائب العام.
من ناحية أخرى بروز بعض الممارسات غير المألوفة في التقاليد البرلمانية؛ ومنها اللامبالاة بالنشيد الوطني، أو محاولة إضافة بعض الجمل الدينية الأصولية إلى نص حلف العضو لليمين القانونية بإضافة جملة “,”فيما لا يخالف شرع الله“,”.
من هنا لم يحصل مرشحو التيار الإسلامي سوى على 42.2% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، بينما حصل مرشح الإخوان في الجولة الثانية على أقل من 52% من الأصوات. وذهب آخرون إلى أن حالة التباين في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بين الريف والحضر تفسر السلوك التصويتي لكل منهما.
ويذهب هؤلاء إلى أن الريف يميل للتيار الإسلامي، بينما ينزع الحضر للتصويت للتيار المدني. لكن هذه الوجهة من النظر فشلت هي الأخرى في تفسير اختراق التيار المدني لمحافظات ريفية مثل المنوفية وكفر الشيخ في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة.
كما ذهب رأي ثالث مفاده أنه يجب فهم نتائج هذه الانتخابات والاستفتاءات في ضوء الصراع بين نخبة قديمة تحاول إعادة إنتاج النظام السابق، وأخرى جديدة تحاول بناء نظامها الجديد وعمل قطيعة مع النظام السابق. وفي هذه الإطار يمكن فهم نتائج التصويت في محافظة المنوفية باعتبارها إحدى القواعد التصويتية المؤيدة لبعض الأطراف السياسية قبل 25 يناير 2011.
وعلى الرغم من أن نتيجة التصويت في معظم المحافظات جاءت لصالح التصويت بـ “,”نعم“,” على مسودة الدستور، إلا أن قراءة نسب التصويت على مستوى المحافظات لا زالت تدعم فرضية فهم اتجاهات التصويت على أساس ثنائية الريف والحضر، والوجه القبلي والبحري، حيث كشفت النتائج النهائية عن ميل المدن للتصويت بنسب أقل لصالح تمرير الدستور، بينما ارتفعت النسب بشكل كبير في محافظات الصعيد على حساب محافظات الوجه البحري.
إن سكان المدن والمناطق التي تقل فيها التوترات الطائفية وسكان المناطق الريفية الميسورة نسبيًّا، وأبناء الطبقة الوسطى، الأكثر تعليمًا، يميلون للتصويت لصالح التيارات المدنية على حساب التيار الإسلامي. فيما يتزايد نفوذ التيار الإسلامي في الأرياف الأكثر فقرًا، وبين أبناء الطبقة الأكثر عسرًا، والشرائح الأقل تعليمًا، وسكان المناطق التي تتزايد فيها حدة التوترات الطائفية. مع الأخذ في الاعتبار أن البيئة السياسية، وخطاب النخب، القضايا الرئيسة للناخب في لحظة الانتخابات، تؤثر هي الأخرى على السلوك التصويتي.
ووفقًا لهذه الفرضية، وبحسب المشهد السكاني لمصر، فإن تيار الإسلام السياسي لديه جمهور تصويتي محتمل بنحو 40% من الناخبين، وهم إجمالي سكان الريف الفقير والمحافظات الحدودية ومناطق التوتر الطائفي في الصعيد، مقابل قوة تصويتية تصل لنحو 40% للتيار المدني تتمثل في سكان الحضر والريف الميسور وأبناء الطبقة الوسطي. فيما تظل هناك نسبة في حدود 20% من الناخبين هي “,”كتلة الأصوات العائمة“,” التي تتأرجح تصويتيًّا بسبب وجودها في المنطقة الوسطي بين المعاملات السابقة، مثل سكان المناطق الفقيرة التي تتمتع بنسب تعليم مرتفعة وتوترات طائفية متقطعة. وربما تمثل محافظة دمياط نموذجًا لهذه الفئة. ويتضح من الفرضية الأساسية أن هناك تداخلاً واضحًا بين هذه المعاملات، فسكان المحافظات الغنية هم في الأغلب من سكان الحضر، وينتمون للطبقة الوسطى والأقل تعرضًا للتوترات الطائفية .
أولاً: الخرائط التصويتية في الانتخابات البرلمانية (2011 / 2012)
في أول اختبار حقيقي للفرضية السابقة، خاض ما يقرب من 38 حزب سياسي العملية الانتخابية، التي بدأت أولي جولاتها يوم الاثنين 28 نوفمبر 2011، وانتهت ثالث جولاتها 11 يناير 2012. وتعد هذه الانتخابات التي تنافس فيها ما يقرب من عشرة آلاف وستمائة مرشح نقطة فارقة، ليس فقط في تحديد ملامح ومستقبل الدولة المصرية الحديثة، ولكن في مدى استمرار هذه الأحزاب كقوى فاعلة وناشطة في المجتمع أو تحويلها إلى أحزاب كارتونية غير فاعلة، سواء على مستوى المنافسة السياسية والانتخابية أو حتى اختفاء هذه الأحزاب من الخريطة الحزبية برمتها.
فالمناخ السياسي الذي جرت فيه الانتخابات يعد الأكثر تنافسية، مع خروج الحزب الوطني “,”المنحل“,” من العملية السياسية، ككيان تنظيمي مهيمن على مختلف السلطات، هذا من جانب. ومن جانب ثان توافر ضوابط مهمة لنزاهة العملية الانتخابية، مثل تحجيم القيود الأمنية، والإشراف القضائي الكامل، وتنقية الجداول الانتخابية. ومن جانب ثالث وجود إطار قانوني جديد ناظم للعملية الانتخابية على الرغم من الكثير من التحفظات عليه. خاصة أن الانتخابات كشفت عن الحاجة الملحة إلى تعديل بعض القوانين، مثل تلك المتعلقة بتقسيم الدوائر الانتخابية والإشراف القضائي على العملية الانتخابية.
و على الرغم من أن الانتخابات البرلمانية جرت باستخدام قاعدة بيانات الرقم القومي (أكثر من خمسين مليونًا كان لهم حق التصويت) في مناخ ساده درجة كبيرة من التفاؤل، فإن تلك الانتخابات ظلت تتسم ببعض المثالب إلى جانب إيجابياتها الكثيرة. فقد اتسمت كشوف أو سجلات الناخبين، التي كانت قائمة قبل ثورة يناير، بمثالب كثيرة ارتبطت بوجود مشكلة تتعلق بأسماء الناخبين المدرجة في السجلات، سواء بإدخال أسماء على السجل بطريقة غير مشروعة، أو وجود مشكلة في كتابة الاسم صحيحًا، أو سقوط الاسم من السجل. كما كان هناك تكرار لأسماء الناخبين في أكثر من سجل انتخابي، أو تعدد السجلات في ذات الدائرة الانتخابية.
وقد بلغ عدد الأحزاب والتكتلات الانتخابية، التي تقدم لها نحو 49 من الأحزاب والقوى السياسية المختلفة بالترشيح في هذه الانتخابات، منها 45 حزبًا، إضافة إلى المستقلين، وثلاثة أحزاب تحت التأسيس، وذلك كله مقابل مشاركة 20 و 22 من الأحزاب والقوى السياسية في الترشيح في انتخابات 2005 و 2010 على الترتيب.
وتقدمت التحالفات الانتخابية بترشيحاتها للانتخابات، فقدم التحالف الديمقراطي 498 مرشحًا في جميع الدوائر بنسبة 100%، وقدم تحالف الكتلة المصرية 332 مرشحًا في 46 دائرة. وقدم تحالف الثورة مستمرة 330 مرشحًا في 33 دائرة.
وأسفرت نتائج الانتخابات عن تمثيل 21 حزبًا سياسيًّا في مجلس الشعب الجديد، وكان نصيب الأحزاب الدينية مجتمعه حوالي 70% من مقاعد مجلس الشعب، وتوزعت النسبة الباقية على الأحزاب الليبرالية والقومية واليسارية والمستقلين.
جداول يوضح النتائج التي حققتها التحالفات الانتخابية لعام 2012
اسم التحالف
عدد المقاعد التي حصل عليها
1
التحالف الديمقراطي
(228)
حزب الحرية والعدالة
218
حزب الكرامة
6
الحضارة
2
العمل
1
مستقل
1
2
تحالف الأحزاب السلفية
(127)
حزب النور
111
حزب البناء والتنمية
13
الأصالة
3
3
تحالف الكتلة المصرية
(34)
حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
17
حزب المصريين الأحرار
14
حزب التجمع
3
4
تحالف الثورة مستمرة
(8)
حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
6
حزب مصر الحرية
1
مستقل
1
ومن الأهمية القول إن كل تحالف كان يعتمد بالدرجة الأولى على إمكانيات أحد أحزابه والذي ساهم بقدراته على جذب الناخبين، وإمكانياته المالية التي خصصها للدعاية الانتخابية، وكان الفوز بأكبر عدد من المقاعد التي حصل عليها التحالف من نصيب هذا الحزب. ففي التحالف الديمقراطي فاز حزب الحرية والعدالة بالعدد الأكبر من المقاعد، وفي التحالف السلفي فاز حزب النور بالعدد الأكبر من المقاعد. وفي تحالف الكتلة المصرية فاز كل من الحزب المصري الديمقراطي وحزب المصريين الأحرار بعدد متقارب من المقاعد، وفي تحالف الثورة مستمرة فاز حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بكل المقاعد.
إن الأحزاب الصغيرة حصلت على عدد من المقاعد يتناسب مع حجمها وإمكانياتها بالمقارنة بأكبر الأحزاب في كل تحالف، وفي التحالف الديمقراطي لم تحصل ثمانية أحزاب (من 12 حزبًا) على أي مقعد، وفي تحالف الثورة مستمرة لم تحصل أربعة أحزاب على أي مقعد.
الجدير بالذكر أن حزب الوفد قد حصد 38 مقعدًا، منها 36 مقعدًا على القوائم ومقعدان للفردي. وبذلك يأتي الوفد في المرتبة الثالثة من حيث عدد المقاعد. كما حصل حزب الوسط على 10 مقاعد جميعها للمنتمين لقوائم الحزب في عدة محافظات على مستوى الجمهورية. وحصد حزب الإصلاح والتنمية، على 9 مقاعد منها 8 للقوائم، وواحد فقط للفردي، هو لمحمد أنور السادات. كما حصل حزب العدل، على مقعد واحد على المستوى الفردي، وهو للنائب مصطفى النجار عن دائرة مدينة نصر.
ولأننا نتحدث عن الخرائط التصويتية المستقبلية، فيجب ألا ننكر أن أهم أسباب نجاح الحرية والعدالة في تلك الانتخابات أنه اعتمد بشكل رئيس على تأييد جماعة الإخوان المسلمين، بل لا نبالغ القول إن الدقة تعوز كل من يفصل بين الحزب والجماعة؛ فعلى الرغم من أن الحزب هو الذراع السياسية للجماعة، فإن الجماعة لا زالت مهيمنة بشكل كامل على الحزب، بما يطمس أية هوية مستقلة للحزب.
من ناحية أخرى، فإن لجماعة الإخوان باعًا طويلاً في التعامل الاقتصادي والاجتماعي مع المواطن المصري في ربوع مصر، وذلك عبر الجهود التي تقدمها الجماعة من خلال ثلة السلع والخدمات المقدمة بأسعار اقتصادية ومجانية أحيانًا للمواطن؛ الأمر الذي أكسبها تعاطفًا شعبيًّا إضافيًّا. ومن ناحية أخرى، فإن التنظيم الكبير والعمل الدقيق المتسم بالتعقيد والبناء الهيرالكي الواضح من القمة إلى القاع لدى جماعة الإخوان المسلمين، هو أمر يحسب إلى رصيد الجماعة، ومن ثم لرصيد الحرية والعدالة.
فهذا التنظيم تُرجم إبان الانتخابات، فجعل مقرات الجماعة، ومن ثم الحزب، في المحليات أشبه بخلايا النحل، كما ترجم إلى لجان تنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية، واجتماعات دورية بين قيادات المركز وقواعد المحليات.. إلخ. ومما لا شك فيه أن تنظيمًا بهذا الشكل يدرك قواعد اللعبة السياسية، ولديه خبرة في إدارة المطابخ الانتخابية، هو قادر بالتأكيد على تحقيق نجاحات على مستوى العمل الانتخابي في أرض الواقع.
أما بالنسبة للسلفيين، وهم جماعات غير منظمة سياسيًّا، فإن الحديث عن أسباب تنظيمية لفوز هذا التيار يعد نوعًا من المجازفة. لكن ما يميز السلفيين عن جماعة الإخوان المسلمين، هو أنه رغم وفرة التمويل لدى جماعة الإخوان المسلمين، فإن بروز السلفيين السياسي بدا وكأنه ظاهرة استثنائية لدى عديد من المراقبين السياسيين. في حين أن متابعة الحالة الدينية السياسية كانت تشير إلى تمدد التيار السلفي في الحياة الاجتماعية والدينية المصرية طيلة أكثر من أربعة عقود، وذلك في عديد الأوساط الاجتماعية المتوسطة والفقيرة في الريف وبعض المناطق الحضرية؛ وذلك لعدد من الأسباب، على رأسها:
1. عدم تعرض أجهزة الأمن للمشايخ والجماعات السلفية؛ لأنها لم تقدم وجوهًا سياسية، واقتصر عملها على الجوانب الدعوية والإفتاء في الأمور والمشاكل الاجتماعية والدنيوية دون الانخراط في القضايا السياسية والأمور المتصلة بشئون الحكم وشرعيته.
2. استقطاب الحركة السلفية وجماعاتها للتجار وبعض التكنوقراط من الأطباء والمهندسين والمحامين.. إلخ، وبعض الحرفيين. فبعض الجمعيات الأهلية السلفية كانت قادرة على تعبئة فائض من الأموال لدعم أنشطتها الخيرية والدعوية، وبعض هذا التمويل جاء من منظمات وتبرعات وهبات من بعض دول النفط العربي.
3. تعاطف بعض الفئات الفقيرة والوسطى الفقيرة الريفية مع السلفيين بسبب الهجوم الإعلامي عليهم. من ناحية أخرى الدور الذي لعبته الفضائيات ومشايخ السلفية في التعبئة وحشد الكتل التصويتية الريفية في عدد المحافظات لصالح مرشحي الجماعات السلفية، أو في الاستفتاء الأول على التعديل الدستوري.
وبناء عليه، يمكن القول إن الخرائط التصويتية للبرلمان القادم ربما لن تتغير كثيرًا عن الوضع الحالي، على الرغم من الأداء السيئ لبرلمان 2012، مع استمرار حالة ضعف وجود الأحزاب المدنية في الشارع، ومحاولات الإخوان والسلفيين في كسب مزيد من تأييد المواطنين عبر إنشاء جمعيات أهلية تقوم بأعمال البر والإحسان، بالإضافة إلى وضعهم لقانون الانتخابات وتوزيع الدوائر الانتخابية. ومن ناحية أخرى استخدام أدوات التأثير الانتخابي الحالية، وخدمات بعض المحافظين في بعض المناطق الريفية على نحو يصب في مصالح الجماعة وحزبها الحرية والعدالة.
ثانيًا: الخرائط التصويتية في الانتخابات الرئاسية
منذ أن نجحت “,”ثورة“,” 25 يناير 2011 في إزاحة الرئيس السابق عن منصب رئيس الجمهورية؛ فإن اسم الرئيس الجديد كان مثار جدل واهتمام جل المصريين. فخلال 3 عقود من حكم مبارك، و6 عقود منذ إعلان النظام الجمهوري، كان لمنصب الرئيس دائمًا سلطات واسعة في صياغة سياسات وتوجهات الدولة، حتى إن الحقب التاريخية المختلفة للجمهورية عرفت باسم الرئيس. وقد خرج المصريون في 23 و24 مايو 2012 لأول مرة في تاريخ الأمة المصرية ليختاروا رئيسهم في انتخابات تميزت إلى حد كبير بالحرية والنزاهة. تنافس خلال الجولة الأولى 13 مرشحًا من مختلف التيارات السياسية، وجاءت نتيجة الجولة الأولى لتدفع بمحمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمين، وبالفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء مبارك، إلى جولة الإعادة قبل أن يحسمها محمد مرسي لصالحه؛ ليصبح أول رئيس لمصر ما بعد الثورة.
ورغم المنافسة الشديدة بين مرسي وشفيق على مقعد الرئاسة، ومحاولة البعض قراءة هذا التنافس في إطار الصراع بين ثورة 25 يناير 2011 ونظام مبارك؛ فإن صعود كل من أحمد شفيق ومحمد مرسي إلى جولة الإعادة، وهزيمة المرشحين الآخرين، هو بمثابة إعادة إنتاج لثنائية نظام يوليو 1952: الصراع ما بين نخبة عسكرية وإن ارتدت زيًّا مدنيًّا وجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يعني فشل ثورة 25 يناير في تخطي ثنائية الإخوان والنظام، وعجزها عن إرساء قواعد جديدة للعبة السياسية في نظام ما بعد مبارك.
وللاقتراب أكثر من فهم الخرائط التصويتية في الانتخابات الرئاسية نلقي الضوء فيما يلي على الهيئة الناخبة في مصر ، والتي تعتبر الركيزة الأساسية للعملية الانتخابية. ويمثل إعداد قوائم الناخبين (الهيئة الناخبة) أحد أهم الإجراءات التمهيدية للانتخابات، فليس من العملية في شيء الانتظار إلى يوم الانتخابات للتحقق من توافر الشروط السابقة في كل فرد يريد الإدلاء بصوته، بل يلزم التحقق سلفًا من توافر هذه الشروط عن طريق إعداد قوائم أو جداول تُدرج فيها أسماء المواطنين الذين لهم حق الانتخاب، وتقوم بتحرير هذه الجداول لجان خاصة يحددها القانون، ويعد شرط القيد في هذه الجداول شرطًا ضروريًّا لممارسة حق الانتخاب. وتتضمن القوانين الانتخابية مجموعة من الضمانات التي تكفل للأفراد مراقبة أعمال هذه اللجان، ومثال ذلك وجوب نشر أو عرض الجداول السنوية؛ حتى يتسنى لأي مواطن الاطلاع عليها أو الطعن بعدم صحة تحريرها.
شهد حجم الهيئة الناخبة ارتفاعًا كبيرًا في انتخابات الرئاسية المصرية 2012 مقارنة بآخر انتخابات رئاسية عام 2005، وكذلك الانتخابات البرلمانية عام 2010، حيث بلغ من لهم حق التصويت في انتخابات الرئاسة 2012 حوالي 51 مليون و111 ألفًا و797 ناخبًا، مقارنة بـ31 مليون و826 ألفًا و284 ناخبًا في انتخابات الرئاسة المصرية عام 2005، و40 مليونًا في انتخابات مجلس الشعب 2010، بزيادة تقارب عشرين مليونًا بالنسبة لانتخابات الرئاسة 2005، ونحو أكثر من 11 مليونًا و111 ألفًا و797 ناخبًا عن الانتخابات البرلمانية، وبنسبة زيادة بلغت 28%.
ترجع تلك الزيادة إلى عملية التسجيل التلقائي للمواطنين البالغين 18 استنادًا إلى بيانات سجل الأحوال المدنية بوزارة الداخلية، وهو ما أعطى الفرصة لعدد كبير من المواطنين للتصويت في الانتخابات. ويضاف إلى ذلك ما شهدته الانتخابات الحالية من منح المصريين بالخارج حق التصويت في الانتخابات؛ حيث بلغ عددهم 586 ألفًا و804 ناخبين.
شكلت الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية 2012 حوالي 62% من إجمالي عدد السكان، البالغ 82 مليونًا و336 ألف نسمة، وذلك وفقًا للبيان الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمناسبة اليوم العالمي للسكان في 17 يوليو 2012.
ووفقًا للنوع: بلغ عدد الذكور الذين لهم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية 26 مليونًا و388 ألفًا و250 ناخبًا، وبنسبة بلغت 52%، بينما بلغ عدد الإناث الذين لهن حق التصويت 24 مليونًا و136 ألفًا و743 ناخبة، وبنسبة بلغت 48%.
أما توزيع الهيئة الناخبة وفقًا للمحافظات: فقد بلغ إجمالي من لهم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية وفقًا لمحافظات الجمهورية 50.524.993 مواطنًا. وقد جاءت محافظة القاهرة في المرتبة الأولى، كأكبر كتلة تصويتية على مستوى الجمهورية، بعدد ناخبين يصل إلى 6 ملايين و497 ألف ناخب، يمثلون 11% تقريبًا من إجمالي الناخبين المقيدة أسماؤهم في كشوف اللجنة العليا المشرفة على انتخابات رئاسة الجمهورية.
يتوزع الناخبون في القاهرة على 498 مركزًا انتخابيًّا، تضم 1326 لجنة فرعية، أكبرها في المطرية، التي تضم 35 مركزًا انتخابيًّا تضم 90 لجنة فرعية، منها 48 للرجال و42 للسيدات، بإجمالي أصوات 458 ألفًا و23 صوتًا، تليها حلوان التي تضم 38 مركزًا انتخابيًّا، بها 89 لجنة فرعية بإجمالي أصوات 440 ألفًا و75 ناخبًا، ثم قسم أول مدينة نصر الذي يضم 27 مركزًا انتخابيًّا، بإجمالي ناخبين يصل إلى 366 ألفًا و458 ناخبًا، وبعده بفارق بسيط تأتي منطقة الساحل التي تضم 30 مركزًا انتخابيًّا، موزعة على 71 لجنة فرعية، بإجمالي 349 ألفًا و589 ناخبًا.
وفي المرتبة الثانية، تأتي محافظة الجيزة بإجمالي ناخبين يصل إلى 4 ملايين و289 ألفًا و421 مواطنًا، بما يمثل نحو 8.7% من إجمالي الناخبين، وتضم 484 مركزًا انتخابيًّا بها 888 لجنة فرعية منها 337 للرجال و304 للسيدات و247 لجنة مشتركة. وتتصدر منطقة إمبابة الكتل التصويتية لمحافظة الجيزة بـ500 ألف و702 ناخب، موزعين على 98 لجنة فرعية، لتصبح أكبر دائرة انتخابية من حيث عدد الأصوات ليس على مستوى الجيزة فقط، لكن على مستوى الجمهورية، فكتلتها التصويتية تساوي مجموع أصوات مطروح وشمال سيناء وجنوب سيناء والوادي الجديد.
ونجد أن المركز الثاني لتجمع الكتلة التصويتية، حسب كشوف اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة، يوجد في منطقة بولاق الدكرور الشعبية، حيث توجد 78 لجنة فرعية، مقيد بجداولها الانتخابية 476 ألفًا و460 ناخبًا، ثم منطقة الهرم، التي تضم 300 ألف و932 ناخبًا، يدلون بأصواتهم في 59 لجنة فرعية منها 22 لجنة مشتركة، و17 لجنة للسيدات و20 للرجال. وتشكل مناطق إمبابة وبولاق الدكرور والهرم مناطق الثقل الانتخابي في الجيزة، تليها مباشرة منطقة الوراق التي تضم 47 لجنة انتخابية، منها 16 لجنة للرجال و18 للسيدات و13 لجنة مشتركة، وتضم 257 ألفًا و283 صوتًا، ثم منطقة الجيزة، التي تضم 48 لجنة فرعية، منها 10 للرجال و14 للسيدات و24 لجنة مشتركة، بإجمالي ناخبين 247 ألفًا و270 ناخبًا. وتمثل هذه المناطق الخمس نحو 30% من إجمالي أصوات المحافظة.
في محافظات الدلتا تتصدر الدقهلية بعدد ناخبين يبلغ 3 ملايين و675 ألف ناخب، بنسبة تصل إلى 7.5% من إجمالي أصوات الناخبين في الجمهورية. وتضم المحافظة 3 مناطق انتخابية حاسمة، هي مركز المنصورة الذي يضم 325 ألفًا و586 ناخبًا، ويليه من حيث الكتلة التصويتية مركز السنبلاوين بـ319 ألفًا و639 ناخبًا، ثم مركز بلقاس الذي يضم 314 ألفًا و501 ناخب مقيدين بكشوف الناخبين.
بعد الدقهلية تأتي محافظة الشرقية في المركز الثاني بين محافظات الوجه البحري ، بعدد ناخبين يصل إلى 3 ملايين و499 ألف ناخب، ويتصدر مناطق الثقل الانتخابي في المحافظة مركز الزقازيق بـ419 ألفًا و889 ناخبًا، بعده يأتي منيا القمح بـ377 ألفًا و606 ناخبين، ثم مركز بلبيس بـ381 ألفًا و862 ناخبًا، وبعده مركز فاقوس بـ 317 ألفًا و228 ناخبًا.
وبفارق بسيط تأتي محافظة البحيرة في المركز الثالث، حيث تضم 3 ملايين و277 ألف ناخب، يصوتون في 916 لجنة، ويتصدر مركز كفر الدوار الكتل التصويتية في المحافظة بـ316 ألفًا و43 ناخبًا، موزعين على 78 لجنة انتخابية، ويأتي بعد كفر الدوار مركز دمنهور، بإجمالي ناخبين 292 ألفًا و147 ناخبًا، يدلون بأصواتهم في 87 لجنة، منها 34 للرجال ومثلها للسيدات و19 لجنة مختلطة. أما ثالث مراكز الكتل التصويتية بمحافظة البحيرة، فيوجد في مركز أبو حمص، حيث 82 لجنة انتخابية، مقيد بكشوف ناخبيها 279 ألفًا و363 ناخبًا لهم حق التصويت.
حسب كشوف الناخبين، تأتي الغربية في المركز الرابع، حيث تضم 2 مليون و914 ألفًا و418 ناخبًا، تتصدرها منطقة المحلة الكبرى بـ404 آلاف و482 صوتًا، بينهم 207 آلاف و570 رجلاً، و196 ألفًا و912 سيدة وفتاة، موزعين على 68 مركزًا انتخابيًّا تضم 102 لجنة انتخابية تحوي 29 لجنة مشتركة “,”سيدات ورجال“,”، و37 لجنة للرجال و36 للسيدات.
بعد المحلة، ذات الكتلة العمالية الضخمة، يأتي مركز طنطا كثاني أكبر كتلة تصويتية في المحافظة، بإجمالي ناخبين يصل إلى 365 ألفًا و931 ناخبًا، موزعين على 116 لجنة انتخاب فرعية. أما المركز الثالث في المحافظة فيحتله مركز زفتي بـ305 آلاف و846 ناخبًا، موزعين على 100 لجنة فرعية، مقسمة إلى 32 لجنة للرجال و31 لجنة للسيدات و37 لجنة مشتركة. والمركز الرابع في المحافظة نفسها يحصده مركز كفر الزيات بـ281 ألفًا و778 صوتًا.
وحسب الكشوف، تعد القليوبية ، وهي جزء من إقليم القاهرة الكبرى أيضًا، خامس أكبر كتلة تصويتية في الدلتا ، بعدد ناخبين مسجلين يصل إلى 2 مليون و606 آلاف و58 ناخبًا، بينهم مليون و277 ألفًا و938 من الإناث، ومليون و328 ألفًا و120 من الذكور.
تشكل القليوبية مع القاهرة والجيزة نحو 14 مليون صوت، كإجمالي ناخبين في إقليم القاهرة الكبرى، وبهذا يمثل الإقليم نحو 25% من أصوات الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية في مصر.
في القليوبية، يتصدر مركز شبرا الخيمة بنحو 30% من أصوات المحافظة، حيث يتقدم قسم شبرا الخيمة ثان بـ346 ألفًا و734 صوتًا، يليه قسم شبرا الخيمة أول بـ336 ألفًا و963 صوتًا، ويتوزع الناخبون في شبرا الخيمة على 129 لجنة انتخاب فرعية. بعد شبرا الخيمة، يأتي مركز طوخ كثالث أكبر كتلة تصويتية في المحافظة، ممثلا بـ309 آلاف و632 ناخبًا، موزعين على 84 لجنة فرعية. وفي المركز الرابع داخل المحافظة نفسها يأتي مركز شبين القناطر بـ269 ألفا و943 ناخبًا، فيما تتراجع عاصمة المحافظة لمرتبة متأخرة بـ88 ألفًا و661 ناخبًا، وكذلك منطقة العبور التي تعد أقل منطقة من حيث عدد الناخبين المقيدين، حيث تؤكد الكشوف أن عددهم 14 ألفًا و855 ناخبًا فقط.
في المركز السادس وقبل الأخير، بين محافظات الدلتا، تأتي محافظة المنوفية بـ2 مليون و221 ألفًا و441 ناخبًا، فيما تتوزع كتلتها التصويتية بين مركز أشمون الذي يضم 410 آلاف و125 نسمة، موزعين على 101 لجنة فرعية، ومركز قويسنا الذي يليه في الكتلة التصويتية بـ253 ألفًا و399 نسمة، ثم مركز شبين الكوم بـ 249 ألفًا و480 نسمة.
وفي ذيل قائمة الدلتا، تأتي محافظة كفر الشيخ بمليون و863 ألف ناخب إجمالاً، يتركز غالبيتهم في مركز كفر الشيخ بـ251 ألفًا و288 صوتًا، موزعين على 78 لجنة، ويليه في الترتيب مركز دسوق بـ235 ألفًا و408 أصوات، فيما يحل ثالثًا مركز سيدي سالم بـ232 ألفا و944 صوتًا، لتشكل المراكز الثلاثة نحو 62% من أصوات المحافظة.
وخارج الدلتا، تظل كتلة محافظة الإسكندرية لافتة ؛ حيث تمثل بـ3 ملايين و291 ألفًا و734 نسمة، موزعين على 692 لجنة انتخاب فرعية و348 مركزًا انتخابيًّا، ودون احتساب كتلة الإسكندرية الساحلية، تظل الدلتا ممثلة بنحو 21.5 مليون ناخب، بما يوازي نحو 40% من الأسماء المقيدة في الكشوف.
وفي الوجه القبلي تبرز المنيا كأكبر المحافظات من حيث عدد الناخبين في الصعيد بـ2 مليون و668 ألفًا و655 ناخبًا، يتصدرها مركز ملوي بـ346 ألفًا وناخب واحد، ويليه مركز المنيا بـ324 ألفًا و395، ثم بني مزار بـ301 ألف و565 ناخبًا. وتتميز المنيا بانتشار اللجان المشتركة، حيث تمثل 662 لجنة من أصل 664 لجنة انتخاب فرعية؛ حيث لا توجد في المحافظة سوى لجنتين، واحدة للذكور والثانية للإناث، منفصلتين في مدينة المنيا.
تليها محافظة سوهاج ، في ترتيب الكتلة التصويتية بـ2 مليون و247 ألفًا و958 صوتًا، تتقدمها أصوات مركز البلينا بـ244 ألفًا و470 ناخبًا، ثم مركز سوهاج بـ243 ألفًا و20 ناخبًا، وبعدهما يأتي مركز طما بـ201 ألف و154 ناخبًا. ومثلها مثل محافظة المنيا، تندر اللجان المنفصلة المخصصة للرجال فقط أو النساء فقط، ففي المحافظة كلها لا توجد إلا 4 لجان مخصصة للنساء فقط في مركزي سوهاج وطهطا.
تحل محافظة أسيوط في المركز الثالث على مستوى الصعيد بـ2 مليون و87 ألفا و308 ناخبين، بينما يتصدرها مركز ديروط بـ 66 ألفًا و230 صوتًا، ثم مركز أسيوط بـ 238 ألفًا و312 صوتًا، يليه مركز منفلوط، حيث يوجد به 238 ألفًا و253 ناخبًا.
أما محافظة قنا فتتراجع إلى المركز الرابع في الصعيد بمليون و604 آلاف و713 ناخبًا، وعلى عكس سوهاج والمنيا فجميع اللجان مقسمة حسب النوع «326 رجال- 301 سيدات»، باستثناء لجنة مشتركة واحدة في مركز قوص.
وتحل الفيوم في المركز الخامس على مستوى الصعيد بمليون و554 ألفا و788 صوتًا، موزعة على 380 لجنة، منها 92 للرجال و78 للسيدات و210 لجان مشتركة. ويتصدر مركز إطسا الكتلة التصويتية للمحافظة بـ302 ألف و726 ناخبًا، ثم مركز سنورس بـ265 ألفًا و27 ناخبًا، تليه مدينة الفيوم بـ230 ألفًا و954 ناخبًا.
وتحتل محافظة بني سويف المركز السادس على مستوى الصعيد بمليون و427 ألفًا و545 ناخبًا، حيث تمثل الإناث بلجنتين فقط في بني سويف ومركز ناصر من أصل 443 لجنة انتخاب فرعية في المحافظة. وتتصدر مدينة الواسطى الكتلة التصويتية في المحافظة بـ215 ألف صوت، يليها مركز ببا بـ205 آلاف و319، ثم مركز الفشن بـ199 ألفًا و478.
وفي المرتبة السابعة وقبل الأخيرة، تأتي محافظة أسوان بـ 859 ألفًا و278 فقط، تتصدرها أصوات مركز إدفو بـ260 ألفًا و459 صوتًا، يليه مركز كوم أمبو بـ204 آلاف و194 صوتًا، بما يعادل نحو 47% من الكتلة التصويتية للمحافظة. ولا تشهد أسوان أزمات في اللجان المخصصة للسيدات؛ حيث يبلغ عددها 85 لجنة مقابل 107 لجان مشتركة من إجمالي 229 لجنة انتخاب فرعية في المحافظة.
وفي المركز الثامن من قائمة الصعيد، تأتي محافظة الأقصر بإجمالي ناخبين 673 ألفًا و986 ناخبًا، موزعين على 188 لجنة، منها 48 لجنة للسيدات و64 للرجال. ويتوزع الثقل الانتخابي لمحافظة الأقصر على مركزين فقط، الأول إسنا بـ225 ألفًا و872 ناخبًا، ثم مدينة الأقصر التي تضم 138 ألفًا و981 ناخبًا فقط، فيما لم تتجاوز باقي مراكز المحافظة حاجز الـ100 ألف أصلاً.
تأتي محافظة البحر الأحمر في المركز الأخير من محافظات الجنوب بـ225 ألف صوت فقط، وتعود أزمة لجان النساء للظهور من جديد، حيث توجد لجنة واحدة فقط مخصصة للسيدات، من إجمالي 64 لجنة انتخابات فرعية.
أما محافظات القناة فتأتي في مرتبة متأخرة من حيث قوة التأثير في الانتخابات الرئاسية، حيث تمثل نحو 3.1% فقط من إجمالي أصوات الناخبين في الجمهورية.
و تتصدر محافظة الإسماعيلية محافظات القناة بـ700 ألف و515 ناخبًا، تتركز كتلتهم الأكبر في قسم الإسماعيلية ثان، حيث يوجد 148 ألفًا و437 ناخبًا، ثم مركز التل الكبير بـ110 آلاف، و346 ناخبًا، فيما تتراوح باقي مراكز المحافظة بين 27 و83 ألف ناخب.
في المركز الثاني من محافظات القناة تأتي محافظة بورسعيد بـ436 ألفًا و703 ناخبين مقيدين في الجداول الانتخابية، ويتركز الناخبون في منطقة الزهور، حيث يوجد 136 ألفًا و780 ناخبًا، يصوتون في 30 لجنة فرعية، وبعد الزهور تأتي منطقة المناخ كثاني أعلى كتلة تصويتية في المحافظة بـ 76 ألفًا و842 ناخبًا فقط، ليشكل الاثنان معا نحو 50% من أصوات المحافظة، التي يتساوى فيها عدد لجان الإناث مع الذكور بواقع 50 لجنة لكل منهما.
وفي آخر القائمة تأتي محافظة السويس بإجمالي ناخبين 381 ألفًا و783 ناخبًا فقط، موزعين على 86 لجنة بالمحافظة، منها 41 لجنة للذكور و38 للإناث.. وتنفرد منطقة الأربعين بأكبر كتلة تصويتية في المحافظة بـ166 ألفًا و911 ناخبًا، بما يعادل نحو 32% من كتلة المحافظة التصويتية.
وبالقرب من القناة، تأتي محافظة دمياط بعدد أصوات مقارب لعدد الناخبين في أسوان مثلاً، حيث تبلغ الكتلة التصويتية للمحافظة 852 ألفًا و249 ناخبًا فقط، تتركز غالبيتهم في مدينة دمياط بـ220 ألفًا و572 ناخبًا، ثم فارسكور بـ158 ألفًا و934 صوتًا.
وتتراجع بشدة كتلة المحافظات الحدودية، “,”شمال سيناء وجنوب سيناء ومطروح والوادي الجديد“,”، لتمثل نحو 1.5% فقط من إجمالي الناخبين في مصر، حيث تضم محافظة شمال سيناء 207 آلاف و906 ناخبين فقط، دون أي لجان للنساء من أصل 96 لجنة جميعها لجان مشتركة، بينما تضم محافظة جنوب سيناء 62 ألفًا و759 ناخبًا فقط، بـ9 لجان مخصصة للناخبات، بينما يرتفع عدد لجان النساء إلى 47 في الوادي الجديد، من أصل 98 لجنة فرعية، بينما تضم المحافظة ككل 141 ألفًا و959 ناخبًا فقط، أما محافظة مطروح فعدد الناخبين فيها 204 آلاف و733 شخصًا، موزعين على 81 لجنة، بينها 6 لجان للنساء.
بناء عليه ما سبق؛ فيمكن القول إن الخرائط التصويتية للمحافظات المختلفة ستظل ثابتة على الأقل في العشر سنوات القادمة، خاصة وأن معدل الزيادة السكانية خلال السنوات الأخيرة ظل ثابتًا وقدر بنحو 1.3%. وربما يحدث تغيير في الكتلة التصويتية لبعض المحافظات في حالة واحدة فقط، ألا وهي إعادة تقسيم المحافظات في مصر مرة أخرى، وذلك عن طريق استحداث محافظات جديدة تضم أجزاء من محافظات مختلفة.
“,” “,”
وقد جرت انتخابات الجولة الأولى يومي 23 و 24 مايو 2012؛ حيث وجهت الدعوة لــ50,996,746 ناخبًا، لم يشارك منهم سوى 23,672,236 ناخبًا بنسبة بلغت 46,42%. وقد بلغ عدد الأصوات الصحيحة 23,265,516 صوتًا بنسبة بلغت 45,6% من إجمالي أعداد الناخبين و98,3% من إجمالي من حضروا الانتخابات، وبلغ عدد الأصوات الباطلة 406,720 صوتًا، وبنسبة بلغت 1,7% ممن حضروا للانتخاب، وبلغ عدد من لم يشاركوا في الانتخابات 27,324,510 ناخبًا، بنسبة بلغت 53,58% من إجمالي أعداد الناخبين.
إجمالي عدد الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية
50.996.746
إجمالي الناخبين الذين حضروا وصوّتوا
23.672.236
نسبة الحضور
46.42%
إجمالي عدد الأصوات الصحيحة
23.265.516
إجمالي عدد الأصوات الباطلة
406.720
وقد تنافس في هذه الجولة 13 مرشحًا، وجاء محمد مرسي في المرتبة الأولى؛ حيث حصل على 5,764,952 صوتًا، وبنسبة بلغت 24,78% من إجمالي الأصوات، تلاه أحمد شفيق بـ5,505,327 صوتًا وبنسبة بلغت 23,66%، تلاه حمدين صباحي بـ4,820,273 صوتًا، وبنسبة بلغت 20,72%، وجاء عبد المنعم أبو الفتوح رابعًا بــ4,065,239 صوتًا وبنسبة 17,47%، وحل عمرو موسى خامسًا حيث حصل على 2,588,850 صوتًا وبنسبة بلغت 11,13%، ولم يحصل باقي المرشحين الثمانية سوى على 520,875 صوتًا وبنسبة بلغت 2,24%.
وكما كان متوقعًا؛ لم تشهد هذه الجولة حسم مقعد الرئاسة، حيث لم يحصل أيّ من المرشحين على الأغلبية المطلوبة (50% +1)؛ لذا فقد أُجريت جولة إعادة بين أعلى مرشحين حصلا على نسبة تصويت، وهما: محمد مرسي، وأحمد شفيق.
جدول يوضح عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح في الجولة الأولي
م
اسم المرشح
الأصوات التي حصل عليها
النسبة المئوية من الأصوات الصحيحة
1
محمد محمد مرسي العياط
5.764.952
24.77%
2
أحمد محمد شفيق زكي
5.505.327
23.66%
3
حمدين صباحي
4.820.273
20.72%
4
عبد المنعم أبو الفتوح
4.065.239
17.47%
5
عمرو موسي
2.588.850
11.13%
6
محمد سليم العوا
235.374
1.01%
7
خالد علي
134.056
0.58%
8
أبو العز الحريري
40.090
0.17%
9
هشام البسطويسي
29.189
0.13%
10
محمود حسام
23.992
0.1%
11
محمد فوزي عيسي
23.889
0.1%
12
حسام خير الله
22.036
0.09%
13
عبد الله الأشعل
12.249
0.05%
المصدر: اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية 2012.
وقد شهدت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية إقبالاً متوسطًا من الناحية الرقمية، لكنه ذو دلالة جيدة من الناحية التحليلية، فعلى الصعيد الرقمي، صوت في جولة الإعادة ما يربو بقليل عن 25 مليون مواطن من إجمالي ما يزيد على 50 مليونًا ممن لهم حق التصويت، بنسبة تعدت حاجز الـ50% من الناخبين المصريين، وهي نسبة متوسطة، ولكنها تفوقت على نسبة التصويت في الجولة الأولى، والتي لم تتعد 46% فقط من إجمالي الناخبين؛ ما يدل على أن ثمة أصواتًا جديدة نزلت السوق التصويتية في جولة الإعادة لم تنزل في الجولة الأولى، وهو أمر يبدو منطقيًّا في إطار حالة الاستقطاب الشديد التي علت وجه المشهد السياسي والمجتمعي المصري خلال الفترة الزمنية ما بين الجولتين الانتخابيتين.
ومن المفارقة -إذن- أن تزيد نسبة الإقبال في جولة الإعادة عنها في الجولة الأولى، فدائمًا ما تقل نسبة التصويت في جولات الإعادة في التجارب الدولية المختلفة، وفي الحالة المصرية أيضًا، وفق ما كان عليه الحال في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة.
ولعل تلك الزيادة تعكس حالة من الاستقطاب “,”الصفري“,” لمباراة الرئاسة المصرية، والتي تعني أن أي مكسب لأحد المرشحين يقابله خسارة للمرشح الآخر؛ ما يجعل المحصلة النهائية للمباراة صفرًا. أما في الجولة الأولى فيمكن النظر إلى مباراة الرئاسة باعتبارها مباراة غير صفرية ( Non Zero-Sum Game ) بين المرشحين المتنافسين، الذين يعكسون صراعًا نخبويًّا بين ثلاثة أطراف رئيسة هي: القوى الإسلامية، والقوى المدنية، والقوى المحسوبة على النظام السابق، حيث إن نجاح أحد مرشحي المعسكرات الثلاثة وبلوغه جولة الإعادة يعد فوزًا ضمنيًّا لمنافسيه من نفس المعسكر.
وفي الواقع، جرت الإعادة بين المرشحين محمد مرسي وأحمد شفيق يومي 16 و 17 يونيو 2012، حيث وجهت الدعوة لــ50,958,794 ناخبًا للإدلاء بأصواتهم في هذه الجولة، وبلغ عدد المشاركين فيها 26,420,763 ناخبًا بنسبة مشاركة بلغت 51.85%، وبلغ إجمالي الأصوات الصحيحة 25,577,511 صوتًا بنسبة بلغت 96.8% من إجمالي الحاضرين، في حين بلغ عدد الأصوات الباطلة 843,252 صوتًا بنسبة بلغت 3.2 % من إجمالي الحاضرين.
إجمالي عدد الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية
50.958.794
إجمالي الناخبين الذين حضروا وصوّتوا
26.420.763
نسبة الحضور
51.85%
إجمالي عدد الأصوات الصحيحة
25.577.511
إجمالي عدد الأصوات الباطلة
843.252
جدول يوضح نتائج الجولة الثانية
اسم المرشح
الأصوات التي حصل عليها
النسبة المئوية من الأصوات الصحيحة
أحمد محمد شفيق زكي
12.347.380
48.27%
محمد محمد مرسي عيسي
13.230.131
51.73%
وقد أسفرت نتائج الجولة الثانية عن فوز محمد مرسي؛ حيث حصل على 13,230,131 صوتًا وبنسبة بلغت 51.73%، بينما حصل منافسه أحمد شفيق على 12,347,380 صوتًا، وبنسبة بلغت 48.27%. وقد بلغت عدد الأصوات الصحيحة بمحافظات الوجه البحري 11,346,900 صوتًا، مثلت حوالي 22%، وشكلت محافظات الوجه القبلي 8,038,032 صوتًا، بنسبة بلغت 31.8%، وشكلت المحافظات الحضرية 5,532,111 صوتًا بنسبة بلغت 21.9%، وجاءت محافظات الحدود أخيرًا ب358,748 صوتًا بنسبة بلغت 1.4%.
“,” “,”
من الجدول السابق، نلاحظ تفوق المرشح محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق بشكل كبير في محافظات الوجه القبلي والحدود، حيث حصل مرسي على 62% من إجمالي أصوات محافظات الوجه القبلي والحدود، بينما حقق المرشح أحمد شفيق تقدمًا ملحوظًا في محافظات الوجه البحري والمحافظات الحضرية، حيث حصد 55% من أصوات محافظات الوجه البحري، و51% من المحافظات الحضرية.
وضمت المحافظات الحضرية أربع محافظات هي: القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والسويس، وقد تفوق المرشح أحمد شفيق على منافسه محمد مرسي في محافظتي القاهرة وبورسعيد بنسبة 56% و 54% على التوالي من إجمالي الأصوات الصحيحة بالمحافظتين، بينما تفوق محمد مرسي في محافظتي الإسكندرية والسويس حيث حصل على 58% و63% على التوالي من إجمالي الأصوات الصحيحة بالمحافظتين، إلا أن المرشح أحمد شفيق نجح في حسم المحافظات الحضرية لصالحه، حيث حصد 51% من إجمالي الأصوات الصحيحة لهذه المحافظات.
تشتمل محافظات الوجه البحري على تسع محافظات، وقد تفوق المرشح أحمد شفيق على منافسه محمد مرسي في خمس محافظات، حيث حقق نجاحًا كبيرًا في محافظة المنوفية بحصوله على 72% من أصوات المحافظة، تلتها محافظة الغربية بـ63%، تلتها محافظة القليوبية بـ58%، وحقق 56% و54% من أصوات محافظتي الدقهلية والشرقية على التوالي. ومن ناحية أخرى تقدم محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق في أربع محافظات بالوجه البحري؛ حيث حصل على 59% من الأصوات الصحيحة لمحافظة البحيرة، و56% بمحافظة دمياط، 55% و54% بمحافظتي كفر الشيخ والإسماعيلية على التوالي. وقد جاء حسم محافظات الوجه البحري لصالح أحمد شفيق، حيث حصل على 55% من إجمالي الأصوات الصحيحة لهذه المحافظات.
وأما في محافظات الوجه القبلي التسع فقد حقق محمد مرسي فوزًا كاسحًا على منافسه أحمد شفيق، حيث حصل على 62% من إجمالي أصوات تلك المحافظات، وجاءت أعلى نسبة تصويت لصالح مرسي بمحافظة الفيوم، حيث حصل على 78% من أصواتها، وحلت محافظة بني سويف في المركز الثاني بنسبة بلغت 66%، ثم المنيا في المركز الثالث بنسبة 64%، وجاءت أسوان في المؤخرة بنسبة تأييد بلغت52%، أما محافظة الأقصر فقد شهدت تفوقًا طفيفًا لصالح أحمد شفيق الذي حصد 53% من أصواتها.
وفي محافظات الحدود، حقق محمد مرسي فوزًا كبيرًا أيضًا على منافسه أحمد شفيق في محافظات الحدود الخمس؛ حيث حصل على 62% من إجمالي أصوات تلك المحافظات، وحقق مرسي أعلى نسبة تصويت له على مستوى الجمهورية بمحافظة مرسى مطروح حيث حصد 80.1% من أصواتها، تلتها محافظة الوادي الجديد بـ63.4%، ثم شمال سيناء بـ61.5%، وحقق أحمد شفيق تفوقًا طفيفًا بمحافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء؛ حيث حصل على 50.6% و50.3% على التوالي.
ونافلة القول: لم تعبر النتائج النهائية لجولة الإعادة عن الأوزان الحقيقية لكلا المرشحين في الشارع، فإضافة إلى وزن المرشح وتياره السياسي، حصل كل مرشح على تأييد العديد من الناخبين -سواء كانوا أفرادًا أو قوى سياسية- نظرًا للتخوف من المرشح الآخر.
وكانت هذه هي حصيلة استقطاب بين اتجاهات عريضة في الشارع السياسي المصري، وحتى في المجتمع عمومًا، وهو ما أدى إلى آثار سلبية على المشهد المصري عقب الانتخابات. فقد اتضح من نتائج الجولة الأولى الوزن الحقيقي لكل مرشح من المرشحين اللذين تجاوزا الجولة الأولى إلى جولة الإعادة، إذ حصل كل منهما على ما يقارب الخمسة ونصف المليون صوت؛ وهو ما يعكس التأييد الحقيقي الذي يحوزه التيار الاجتماعي-السياسي لكل منهما في الشارع المصري. وفي جولة الإعادة، انقسمت الكتلة الباقية من الأصوات التي فاز بها بقية المرشحين في الجولة الأولى بين المرشحين الباقيين بالتساوي تقريبًا مع وجود قسم اختار المقاطعة.
وقد اختلف تصنيف مرشحي الإعادة عن تصنيفهما في الجولة الأولى، فقد أصبح لكل منهما تصنيفان، أحدهما يحاول المرشح ذاته أن ينسبه لنفسه، والآخر يفرضه عليه قطاع ليس بصغير من القوى السياسية إضافة إلى منافسه. فالدكتور مرسي سعى إلى تقديم نفسه على أنه مرشح الثورة في مقابل مرشح النظام السابق، وهو ما يستدعي أن تصطف خلفه القوى الثورية كافة، بينما الفريق شفيق سعى إلى طرح نفسه على أنه مرشح الدولة المدنية في مقابل الدولة الدينية التي يمثلها الدكتور مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. وقد انقسمت مواقف القوى السياسية أو السياسيين البارزين تجاه كلا المرشحين بين تأكيد ما يطرحه عن نفسه أو نفيه.
فبتأييدها للدكتور محمد مرسي، أكدت حركة شباب 6 إبريل تقديمه نفسه على أنه مرشح الثورة مقابل مرشح النظام السابق، بينما جاء تأييد بعض رموز التيار الليبرالي للفريق شفيق من أمثال الدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتور سعد الدين إبراهيم، ليؤكد ما يطرحه الفريق شفيق من أنه مرشح الدولة المدنية في مواجهة مرشح الدولة الدينية.
وفي النهاية، أكدت نتيجة الانتخابات الرئاسية رؤية نظام مبارك في أن البديل الوحيد القادر على السيطرة على الحكم في حال رحيله هو قوى الإسلام السياسي متمثلة -في الأساس- في جماعة الإخوان المسلمين، والتي ربما تستمر في الحكم لفترة لا يعلم مداها أحد في ظل الضعف الشديد للتيارات المدنية.
ثالثًا: الاستفتاء على الدستور
كشفت المؤشرات النهائية لنتائج الاستفتاء عن ارتفاع نسبة الموافقين على الدستور في محافظات الوجه القبلي، حيث جاءت نتائجها لصالح الموافقة على الدستور بنسبة مرتفعة، متفوقة على محافظات الوجه البحري التي صوتت أيضًا بنعم بالغالبية ما عدا محافظة المنوفية.
وفي المحصلة الأخيرة للنتائج، صوتت 24 محافظة لصالح الدستور، مقابل محافظات القاهرة والمنوفية والغربية التي صوتت ضده. وبينما اكتسحت “,”نعم“,” المرحلة الثانية بـ70.9% مقابل “,”لا“,” بنسبة 29.1%، أظهرت المرحلة الأولى تقاربًا في النتائج بين 56.3% “,”نعم“,” و43.7% “,”لا“,”. أما أصوات الخارج فتفوقت “,”نعم“,” بـ67.5% مقابل 32.5% لـ“,”لا“,”.
وهناك العديد من المفارقات طبعت الاستفتاء على مسودة الدستور المصري الجديد بمرحلتيه، فالأولى التي تظهر نتائجها أن الفارق كان بسيطًا بين المؤيدين والمعارضين للدستور (57% مقابل 43%) توسع الفارق بالثانية بشكل كبير وبلغت نسبة الموافقين نحو 70% مقابل 30% لرافضيه.
ويعود الفضل في الفارق الكبير في المرحلة الثانية إلى محافظة مطروح التي حصلت على لقب المحافظة الأولى من حيث نسبة تأييد مشروع الدستور (91.66%)، وكما كانت بيضة القبان في الانتخابات الرئاسية قادت محافظات الصعيد التي تجاوزت معظمها نسبة 80% (كالمنيا وقنا وبني سويف والوادي الجديد والفيوم)، مسيرة “,”نعم“,” للدستور.
وتتفوق محافظة القاهرة من حيث نسبة رفضها للدستور (56.93% نعم) تليها الغربية (52.13%)، والمنوفية (51.25%)، وهي المحافظات الثلاث التي رفضت الدستور من أصل 27 أجريت فيها عملية الاستفتاء.
أما المحافظات التي وافقت بنسبة تأييد أقل من 60% أي فوق النسبة الإجمالية التي حصل عليها الدستور فهي الدقهلية (55.12%) والإسكندرية (55.63%) والقليوبية (59.83%) وبورسعيد (51.14%).
ومن المفارقات البارزة أيضًا، موافقة سبع محافظات على الدستور من عشر وقفت ضد مرسي في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، هي الشرقية والدقهلية وجنوب سيناء والقليوبية وبورسعيد، والبحر الأحمر والأقصر.
كما وافقت على الدستور بنسبة 63% مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ، وهي مسقط رأس حمدين صباحي، رئيس التيار الشعبي وأحد أبرز قيادات جبهة الإنقاذ الوطني. كما كان لافتًا أن مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والتي تعد أبرز معاقلهم بالمحافظة، كانت من أبرز المناطق الرافضة للدستور بنسبة 60%، رغم أن النتيجة في عموم المحافظة جاءت مؤيدة للدستور بنسبة 75.74%.
أما قرية العدوة بمحافظة الشرقية مسقط رأس الرئيس محمد مرسي فاكتسحت “,”نعم“,” فيها الاستفتاء على الدستور بنسبة 95%، أما المحافظة فكانت نسبة تصويتها قريبة من النسبة الإجمالية (65.95%).
ورغم تركيز المعارضة المتكرر على أن الدستور سيؤدي بالبلد إلى عدم الاستقرار والتقسيم، صوتت المحافظات التي تعتمد بشكل كبير على السياحة (الأقصر والبحر الحمر وشمال سيناء وجنوب سيناء والجيزة) بنعم بنسبة فاقت 60%.
وقد شهدت الفترة الماضية قبيل بدء الاستفتاء على مسودة الدستور وأثناءه تجاذبات سياسية واسعة، وبدا أن هذا الاستفتاء بمثابة استفتاء على حكم الرئيس محمد مرسي نفسه بعد نحو خمسة أشهر من توليه منصبه، حتى قال البعض إن التصويت لصالح الدستور يعني التصويت لصالح مرسي والتيار الإسلامي، أما رفضه فيعني عكس ذلك. وإذا كانت نسبة الموافقة على الدستور قد بلغت نحو 64% في حين رفضه نحو 36%، فإن ذلك يؤشر لارتفاع ملحوظ عن النسبة التي تخطى بها مرسي جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة بنحو 52% في مقابل 48% للمرشح الخاسر أحمد شفيق.
فقد تراجعت شعبية مرسي بنسبة 1% عما حصده من نسبة الأصوات في الرئاسة بمحافظتي القاهرة والإسكندرية، بينما زادت شعبيته في 25 محافظة. ولم يشذ عن ذلك إلا القاهرة والإسكندرية. ففي القاهرة حصل الرئيس مرسي على 44% في انتخابات الرئاسة، وانخفضت نسبة المؤيدين للاستفتاء على الدستور إلى 43%. أما في الإسكندرية فجاءت نسبة المؤيدين بانتخابات الرئاسة 58%، ثم انخفضت إلى 56% مرة أخرى بالاستفتاء.
أما محافظة المنوفية، فعلى الرغم من أنها لم تُصوت إجمالاً لصالح الدستور بفارق ضئيل، فإن نسبة المؤيدين للدستور ارتفعت بشكل ملحوظ، فبعد أن أيدت مرسي بـ18% فقط، إذا بها توافق على الدستور بنسبة 49.1%. أما محافظة الغربية فقد ظلت على موقفها الرافض وإن تغير الفارق بشكل كبير من 37% صوتوا للرئيس مرسي إلى نسبة 48% صوتوا بنعم للدستور.
وكذلك محافظة القليوبية التي حصل مرسي فيها على 42% فقط، نال الدستور موافقة بنحو60%. وفي الشرقية التي لم يحصل مرسي إلا على 46% بانتخابات الرئاسة، ارتفعت نسبة الموافقين على الدستور إلى 66%. وكذلك الدقهلية ارتفعت من 44% بانتخابات الرئاسة إلى 55% بالموافقة على الدستور.
أما محافظات الوجه القبلي فقد حافظت على نسب التأييد المرتفعة، وكان أعلاها في الفيوم (90%) وبني سويف (85%) والمنيا (83.2%) وسوهاج (78.8) وأسيوط (78.4%)، وكل هذه المحافظات ارتفعت فيها نسب التأييد بما يتراوح بين 10% و20%.
جدول يوضح نتائج استفتاء ديسمبر 2012
“,” “,”
جدول يوضح نتائج استفتاء مارس 2011
“,” “,”
مما سبق يمكن القول إن هناك عدة متغيرات رئيسية حسمت القضية. وهذا ليس مدحًا أو ذمًا في هذه المتغيرات، لكن هذا ما يبدو من واقع الناس. أولاً، التصويت بحكم العادة بمعنى من كانوا تاريخيًا يميلون للتصويت بنعم سيميلون للتصويت بنعم أيضًا في المستقبل. ثانيًا، تأثير النخب السياسية وأداتها الأساسية الإعلام، وهؤلاء لهم مؤيدوهم، ولكن في مصر هناك ظاهرة غريبة، وهي أن هناك تأثيرًا معاكسًا لدور بعض النخب التي ما أن خرجت لتقول “,”لا“,” مثلاً، فيميل البعض للتصويت بنعم والعكس صحيح.
ثالثًا، تأثير المؤسستين الدينيتين عند المسلمين والمسيحيين. لم تزل هاتان المؤسستان تلعبان دورًا كبيرًا في تشكيل وعي الناس بما ينبغي أن يحدث ولماذا. ولا شك أن انسحاب الكنيسة من الجلسات الأخيرة للتأسيسية أعطى رسالة واضحة للأشقاء المسيحيين بالتصويت بـ“,”لا“,”، واستمرار ممثلي الأزهر الشريف حتى اليوم الأخير للتصويت النهائي سيفهمه البعض على أنه إشارة في اتجاه التصويت بـ“,”نعم“,”. رابعًا، فكرة الاستقرار لم تزل حاكمة على عقول كثيرين، والربط بين الاستقرار و“,”نعم“,” لم تزل موجودة؛ لأنه من غير الواضح ما الذي سيترتب على “,”لا“,”. وإن كنت أظن أن الرئيس سيكون أمام اختيارات ثلاثة: إما أن يشكل لجنة (وليس بالضرورة جمعية) لوضع دستور جديد وبعدها استفتاء جديد أو جمعية منتخبة مباشرة من الشعب بلا استفتاء أو إعلان دستوري وانتخابات برلمانية مباشرة.
رابعًا: عوامل التغير والاستمرارية للخرائط التصويتية في مصر
لا شك في أن المجتمع المصري يتميز بتنوع تياراته وأحزابه وأيديولوجيته، من حيث الأفكار والاتجاهات، برغم الأصل المشترك والعادات والتقاليد التي تكاد تكون واحدة دون تفرقة، ولكن التنوع هو سمة المجتمعات. وإن كان هذا من حسن حظ المجتمع المصري، فهو على العكس تمامًا من سوء حظ المرشحين الرئاسيين أو البرلمانيين، فلا يستطيع شخص أن يحوز رضاء جميع الأطراف أو الأحزاب أو الاتجاهات، فمثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية هناك حزبان كبيران، ويكون الرئيس إما جمهوريًّا أو ديمقراطيًّا، وفي فرنسا يكون الرئيس يمينيًّا أو يساريًّا، والمجتمع الفرنسي أو الأمريكي ينقسم على هذا المنوال، ولكن المجتمع المصري على العكس تمامًا، فهو غني بتنوعه وأفكاره واتجاهاته.
وتسعي السطور القادمة إلى محاولة فهم خريطة التصويت المستقبلي في مصر، سواء أكان في الانتخابات البرلمانية، علمًا بأن ثمة صعوبات في التنبؤ بالسلوك التصويتي للمصريين، لا سيما في ظل تعدد انتماءات المرشحين السياسية والحزبية والدينية التي باتت تلعب دورًا كبيرًا في أية عملية انتخابية بعد الثورة، علاوة على حداثة وجود تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر بعد سنوات من الحكم التسلطي، وأداء جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين في البرلمان السابق، وأداء الرئيس محمد مرسي، عضو جماعة الإخوان، في ظل الكثير من المشاكل الحياتية التي تحاصر عموم المصريين من كل صوب وحدب.
ومن ثم فإن احتمالية التصويت لأي تيار سياسي أو حزب سوف يتوقف على عدة عوامل، وهي كما يلي:
أولاً: التغيرات في خريطة المرشحين:
مما لا شك فيه ستحاول كل القوى السياسية والحزبية المختلفة –كما هو حادث حاليًّا- إحداث تغيير كبير في خريطة مرشحيها للانتخابات البرلمانية القادمة، خاصة بعد الأداء الباهت الذي ظهرت به جميع الأحزاب في البرلمان المنحل. وأعتقد أن حزب الحرية والعدالة يقوم حاليًّا بإعداد قائمة مرشحين محتملين لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وهناك بعض التوقعات بأن التغيير فيها سيشمل حوالي 50% من أعضاء مجلس الشعب السابق. أما حزب النور الذي يخطط لخوض الانتخابات على نسبة 100% من المقاعد، والذي أصابته لعنة الأحزاب المصرية من انشقاق وانقسام استطاع أن يتجاوزها، ولكنه لم يُشف منها تمامًا، فقد وضع مجموعة من المعايير والأسس التي سيختار مرشحيه بناءً عليها. وستبقى المشكلة، أمام أغلب الأحزاب المدنية، التي لم تجد في الانتخابات الماضية مرشحين يخوضون غمار سباق التنافس على قوائمها، وهي التي تنادي حاليًّا بإجراء الانتخابات بنظام القائمة فقط؛ ومن ثم ستجد نفسها في ورطة كبيرة إذا لم تعد العدة مبكرًا.
ثانيًا: الانتماءات السياسية للمرشحين:
في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة، كان معيار الانتماء السياسي للمرشحين هو الأصعب بالنسبة للناخبين؛ نظرًا لعدم وضوحه، علاوة على حرص بعض أو معظم المرشحين على عدم الارتباط مباشرة بقوة سياسية أو تيار سياسي معين، وسينقسم المرشحون في المستقبل وفقًا لمعايير الانتماء السياسي والأيديولوجي إلى ما يلي:
(أ) المرشحون المحسوبون على التيار الإسلامي : ويمثل قاعدة عريضة من المجتمع المصري، وله قواعد كبيرة وعميقة داخل وجدان المصريين والمجتمع المعروف بنزعاته الدينية، وهي صاحبة العدد الأكبر من مقاعد البرلمان المنحل، فضلاً عن امتلاكها آلة تنظيمية ومؤسسية ضخمة، وتتركز قاعدته في الأحياء الفقيرة، وخاصة العشوائيات، وبين بسطاء الفلاحين من المصريين، وخاصة في الدلتا وضواحي القاهرة الفقيرة. وينقسم هذا التيار على نفسه إلى ثلاث فرق وتيارات: “,”الإخوان المسلمون، التيار السلفي، الجماعة الإسلامية“,”، وفي داخل هذه التقسيمة تتداخل بعض الفرق الأخرى، وقد انقسمت إلى أحزاب: “,”حزب الحرية والعدالة، حزب النهضة، حزب النور، البناء والتنمية، حزب الوسط، حزب الفضيلة، حزب الأصالة، حزب الإصلاح والنهضة، حزب العمل الجديد“,”، وأخيرًا الوافد الجديد والمنشق عن حزب النور (حزب الوطن).
وعلى مستوى الانتخابات البرلمانية، ستكون هناك محاولات للتحالف بين التيارات أو الأحزاب ذات المرجعية الدينية لمنافسة ما يطلقون عليها التحالفات المدنية الجديدة، أو على الأقل التنسيق فيما بينها.
(ب) المرشحون من أعضاء الحزب الوطني السابق أو من عمل مع النظام السابق، وهي كتلة لها ثقلها العددي السكاني، وثقلها من حيث النظام المؤسسي والآلة الإعلامية والثروة، فجماعات الثروة تتركز في أصحاب المصالح والتي لا تريد أن يتغير النظام؛ للحفاظ على مكاسبها التي حصلت عليها من النظام السابق، وهم لهم تواجد داخل كل الطبقات المصرية سواء العاملة أو أصحاب الثروة، ويكفي أن نعرف أن الحزب الوطني المنحل كان به 3 ملايين عضو، وهي كتلة ضخمة ولهم مصالح ومكتسبات يريدون أن يحافظوا عليها على الأقل، أو يرجعوا مجدهم ونظامهم القديم. وهناك محاولات من بعض رموز الحزب الوطني لجمع الشمل مرة أخرى تحت اسم “,”تحالف نواب الشعب“,”، وإن كان بعضهم أعضاء لم يخوضوا غمار الانتخابات في عام 2010 على قوائم الحزب الوطني، إلا أن بعضهم أعضاء بارزون فيه. وفي الحقيقة، هم الفئة الوحيد القادرة على مواجهة التيارات والأحزاب ذات المرجعية الدينية؛ لأنهم يمتلكون نفس الأدوات من الوجود في الشارع من خلال عائلاتهم وانتمائاتهم القبلية والمال، ولكنهم يختلفون في استعمال الدين في الانتخابات.
(ج) المرشحون المنتمون للتيارات الثورية، وتتنوع أفكارهم ما بين اليسار ويسار الوسط وبعض الأفكار الليبرالية. ويعبر هؤلاء عن رغبة شرائح شبابية وقطاعات في المجتمع المصري في التغيير. فالتيار الليبرالي، تيار النخبة، هو تيار قديم داخل المجتمع المصري، والذي يقدم مشروع الدولة المدنية والديمقراطية والإطار القانوني للدولة، ومن التيارات الفاعلة داخل النخبة والطبقة الحاكمة المصرية، وهو التيار الوحيد الذي يمتلك عملاً مؤسسيًّا ضخمًا وقديمًا، وغالبًا هو تيار النخبة والطبقة المثقفة، وهو مذاهب وفرق داخلة وأيديولوجيات مختلفة، وله ثقله بين الطبقة المثقفة المصرية والطبقة المتعلمة، ولكن يعيبه التفتت والتشرذم داخل أحزاب وأيديولوجيات كثيرة ومتناحرة.
أما التيار الاشتراكي واليساري والقومي، فإن حظه يتوقف على مدى ما يقدمونه من مشاريع، أو تعاطف طبقة العمال والبسطاء التي هي الطبقة التي يتكلم باسمها هذا التيار الذي يهتم بـ“,”البروليتاريا“,” أو الطبقة الكادحة، من العمال في المصانع أو العمال من الفلاحين أو البسطاء في الحواري والعشوائيات، والحقيقة أن اليسار في مصر ليس في أفضل أحواله، خصوصًا في ظل الأمية السائدة وانتشار التيار الديني المضاد لهم والذي يتهمه باتهامات كثيرة.
ثالثًا: احتمالات التصويت الجغرافي للمرشحين:
فمن خلال جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية 2012 يمكن ملاحظة ما يلي: أولاً، في محافظات الدلتا، على عكس نتائج الانتخابات البرلمانية، حصل المرشح المدني على الأغلبية وليس المرشح الإخواني، فقد حصد المرشح أحمد شفيق أغلب أصوات هذه المحافظات، حيث حصل على أعلى الأصوات في محافظات (القاهرة والشرقية والدقهلية والغربية والمنوفية والقليوبية)؛ ومن ثم فإن الإخوان أو أي مرشح ذي انتماء دينيي سوف يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد للحصول على أغلبية أصوات ناخبي هذه المحافظات.
ثانيًا، توقع الجميع بأن المحافظات والمناطق التي تعتمد في دخلها ونشاطاتها وحركة قاطنيها على السياحة، مثل الأقصر، وأسوان، وشمال سيناء، وجنوب سيناء، والبحر الأحمر، مطروح، ربما يكون تصويتها لصالح المرشح المدني، وبنسبة كبيرة ستكون أصوات هذه المحافظات، خاصة المرتبطين بالسياحة ارتباطًا كليًّا وجزئيًّا ضد المرشحين المنسوبين للتيار الديني، خشية من احتمالات تضرر السياحة، في حالة وصولهم، رغم رسائل التطمينات العديدة التي أرسلوها. إلا أن كل هذه المحافظات –ماعدا الأقصر والبحر الأحمر- جاءت لصالح مرشح جماعة الإخوان المسلمين. واللافت أيضًا أن أغلب المقاعد البرلمانية في هذه المحافظات حصل عليها مرشحون ينتمون للتيار الإسلامي السياسي، خاصة السلفيون والإخوان.
ثالثًا، محافظات القناة، ماعدا بور سعيد، احتل فيها مرشح الحرية والعدالة المركز الأول وبفارق كبير جدًّا عن منافسه. رابعًا، محافظات الصعيد، باستثناء الأقصر، حصد فيها مرشح الإخوان على أعلى الأصوات وبفارق كبير في مفارقة كبيرة لجميع المحللين.
ومن خلال هذه الخريطة الجغرافية لتصويت المصريين في الانتخابات البرلمانية والرئاسة 2012، وإذا استمر الحال كما هو عليه من ضعف الأحزاب المدنية؛ فسوف يحصل أي مرشح ذي خلفية إسلامية على أغلبية ساحقة في نفس المحافظات، بل على العكس تحاول حاليًّا جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية بذل المزيد من الجهد في المحافظات والدوائر التي لم تحصل فيها على نسبة تأييد في الانتخابات السابقة، في محاولة منها لإحكام سيطرتها على جميع مقاعد البرلمان المقبل.
وبناء عليه، سيشتد التنافس الانتخابي ، برلمانيًا، بين مرشحي جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة من ناحية، وحزب النور والجماعات السلفية المختلفة من ناحية أخرى؛ حيث يسعى كل طرف من الطرفين لحصد أغلبية في البرلمان المقبل تمكنه من فرض خططه في رسم السياسة العامة لمصر في المستقبل. ويضاف إلى هذه المعادلة طرف ثالث سيكون المنافس الحقيقي لجماعات الإسلام السياسي، وهم الأعضاء السابقون في الحزب الوطني؛ حيث بدأت تتبلور كتلة كبيرة منهم في تحالف واحد ويستعدون حاليًّا لهذه الانتخابات، ويملكون أيضًا المال السياسي والنفوذ العائلي والوجود في الشارع، ربما يختلفون فقط مع الأحزاب ذات المرجعية الدينية في سلاح الجوامع والمساجد، كما سبق القول، ولكنهم لن يتلكأوا في استخدام هذا السلاح أيضًا حينما تأتي إليهم هذه الفرصة.
رابعًا: علاقات المرشحين بالقوي السياسية الداخلية :
في ظل حالات التشرذم بين الأحزاب المدنية على الرغم من التحالفات والاندماجات بين الكثير من الأحزاب، ستكون الفرصة مواتية مرة أخرى للأحزاب ذات المرجعية الدينية لكي تحصد أكبر عدد من المقاعد، خاصة إذا قاطعت جبهة الإنقاذ العملية الانتخابية.
خامسًا: التصويت القبطي :
مما لا شك فيه أنه بعد ثورة 25 يناير أصبحنا أمام كتلة تصويتية مهمة في الانتخابات المصرية، برلمانية ورئاسية. وربما تكون أهمية هذه الكتلة في الانتخابات الرئاسية أكبر بكثير؛ حيث تعتبر مصر دائرة انتخابية واحدة؛ ومن ثم يظهر تأثيرها بشكل أكبر من الانتخابات البرلمانية التي تقسم فيها مصر إلى دوائر انتخابية متعددة (222 دائرة في انتخابات 2012).
وعلى الرغم من أن طرح كتلة تصويتية (قبطية) واحدة هي بمثابة “,”تصويت طائفي“,”، خاصة أنه يعني إهدار الجهود التي تكرس للاختيار بين المرشحين على أساس الهوية الوطنية. ومن ثم فإن ما جرى خلال الانتخابات الماضية أكد على طريقة “,”الحشد“,” مقابل “,”الحشد“,”، وبذلك يؤكد الأقباط على مبدأ (الجيتو) الطائفي لجماعة دينية لها توجهات وتفضيلات سياسية تختلف عن تفضيلات (الطوائف) الأخرى، بدلاً من كون الأقباط فصيلاً اجتماعيًّا رئيسيًّا له تفضيلات سياسية متباينة.
وعلى مستوى الانتخابات البرلمانية 2011 – 2012، ظهرت بوضوح إشكالية اختيار الأقباط في انتخابات مجلس الشعب؛ حيث تفتتت أصواتهم، وفشلوا في تكتيل أصواتهم خلف مرشح أو اتجاه سياسي بعينه؛ بسبب تعدد مستوياتهم المادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك نجاح التيارات السياسية، وبخاصة الإسلامية، في حشد الناخبين لمرشحيهم؛ مما ساهم في إقصاء أصواتهم من إحداث أي تأثير في نتائج الانتخابات البرلمانية التي تخص دوائر عديدة.
وقد تبلورت هذه الإشكالية في موقف قيادات الكنيسة من المرشحين، حيث فضلت قيادات الكنيسة الصمت في هذه المرحلة، وأعلنت أنها تقف على الحياد تجاه كافة المرشحين، ولكن الناشطين السياسيين الجدد من الأقباط كان لهم موقف آخر؛ حيث أعلنوا موقفهم من انتخابات الرئاسة، وحددوا ملامح الرئيس الذي سيعطونه أصواتهم، والذي يريدونه لمصر.
ولعل أهم محددات دعم الأقباط لأي مرشح، رئاسيًا وبرلمانيًا، لا تختلف كثيرًا عن تلك المحددات التي يؤيدها أغلب المصريين، سوى أن المرشح الذي سيحظى بدعم الأقباط هو الأكثر دراية بمشاكلهم، وله فكر وطني يدعم الدولة المدنية، وليس الدولة الدينية. كما أن المرشح مُطالب من الأقباط بحل مشكلات التمييز بينهم وبين المسلمين مع تحقيق العدالة، وتبني قضايا المواطنة والوحدة الوطنية؛ حفاظًا على وحدة الوطن. فاختيار أي مرشح من قبل المواطنين الأقباط يتوقف على برنامج المرشح ومدى تحقيقه للشروط السابقة. فإذا كان برنامج المرشح سوف يحقق طموحات ومتطلبات القبطي كمواطن؛ فسيقوم بانتخاب ذلك المرشح، كونه الأنسب له.
ملاحظات ختامية
يبقى في النهاية أن نُقر بصعوبة وتعقد الخريطة الانتخابية المستقبلية، وهذا التداخل يلقي بظلاله على السلوك التصويتي للمواطن المصري، غير أن هناك ملاحظات أساسية، وهي كما يلي:
1) رغم وضوح مواقف بعض الأحزاب والقوى السياسية وجماعات المصالح، من تأييد أو مساندة مرشح بعينه، فإنه لا يمكن القطع بذهاب الكتل التصويتية لهذه الأحزاب باتجاه هذا المرشح؛ نظرًا لصعوبة ضمان مدى الالتزام الحزبي، على المستوى القاعدي، بأية قرارات فوقية تتخذ من قيادات الأحزاب، خاصة الأحزاب المدنية، وربما يكون ذلك أيسر في حالة الأحزاب ذات المرجعية الدينية التي تعتبر في بعض الأحيان كتلة تصويتية صماء.
2) أن محاولة تحديد الكتلة التصويتية لأي مرشح بناءً على النطاق الجغرافي صعبة للغاية؛ نظرًا لطبيعة التداخل والتنوع الديموغرافي الذي تتميز به معظم محافظات الجمهورية، باستثناء ربما المحافظات التي يغلب عليها الطابع البدوي والقبلي (سيناء والبحر الأحمر والوادي الجديد)؛ وبالتالي قد يكون من المستبعد التوصل إلى إجماع لمنطقة، أو مدينة، أو حتى قرية من القرى المصرية على مرشح بعينه.
3) إذا حدث تداخل وانقسامات بين التيارات السياسية في تأييد شخصيات مرشحة للانتخابات، خاصة الرئاسية، فسيعقّد ذلك الخريطة التصويتية لكل مرشح على حدة.
4) على الرغم من أن الصوت القبطي ليس كتلة واحدة متجانسة، لكنه لن يذهب إلى أي مرشح ذي انتماء ديني.
في النهاية، ستكون هناك حالة من حالات الحركة الدائمة والمستمرة في الخرائط التصويتية في مصر. ولكن استنادًا إلى متابعة تطور الاتجاهات التصويتية خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة، يمكن القول إن حصة القوى الدينية في الانتخابات القادمة قد تتراوح إجمالاً بين 45 – 55% من الأصوات. بمعنى آخر، فإن أحزاب الإخوان والسلفيين ستنجح في إعادة حصد أصوات الوجه القبلي على أساس طائفي ومحافظات الحدود، مع تقاسم لأصوات محافظات الوجه البحري مع التيار المدني. فيما ستجد هذه الأحزاب صعوبة بالغة في اختراق القاهرة والإسكندرية. كما أن نجاح التيار المدني في كسب أصوات الصعيد سيعتمد بالأساس على اللعب على وتر القبلية والعصبيات كبديل للطائفية، حيث لا يوجد مكان للخطاب المدني في الوقت الراهن بمحافظات الوجه القبلي. هذا بالإضافة إلى مدى قدرة التيار المدني على حشد واستقطاب أصوات المليون ونصف من الشباب الذين انضموا خلال العام المنصرم لجداول الناخبين.
وأخيرًا، تدلل خريطة الديموجرافية في مصر على وجود انقسام جغرافي واجتماعي وطائفي في مصر ما بين حضر وريف، وطبقة وسطى متعلمة وفقراء أميين، ومسلمين ومسيحيين، وهي انقسامات ستعكس نفسها على النتائج النهائية للانتخابات التشريعية القادمة؛ وهو ما يعني – في حالة مشاركة جبهة الإنقاذ- أن حصول أي من القوى السياسية على أغلبية واضحة بمثابة سيناريو شبه مستحيل.