المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

تجديد الخطاب الدينى.. أم إصلاح الفكر الاسلامى

الخميس 19/يونيو/2014 - 11:01 ص
منذ أول استخدام لنا لمصطلح الخطاب الدينى، وسماته، وبنيته، ومرجعياته ولغته والخطابات التى تجرى داخل وما وراء الخطاب الدينى الإسلامى،
والمسيحى، تحول الحديث عن الخطاب الإسلامى إلى جزء من نظام «الموضة» اللغوية، وإلى إنشاء ركيك، وجزء من اللغو والثرثرة فى غالب دوائر الخطاب الرسمى السياسى، والدينى المؤسسى، لأن بعضهم يستخدم المصطلح على نحو أقرب إلى «الماكياج اللغوى» منه إلى مفهوم واصطلاح ومقاربة لأزمة الفكر الإسلامى المصرى على وجه الخصوص.
ما يناهز ثلاثة عقود والمصطلح يعاد إنتاجه وتوزيعه فى أسواق اللغة والبحث الاجتماعى و«السياسة المعتقلة»، ونادراً ما تجد استخداما دقيقا للمصطلح وتوظيفا له فى كشف التغيرات فى أنماط التدين الرسمى، والشعبى، والراديكالى ذى الطبيعة العنيفة والنزعة «الإرهابية»، أو لدى بعض الجماعات الإسلامية السياسية.. قلة من الباحثين المصريين والعرب التى درست هذه الخطابات الدينية، وميزت بينها، أو حاولت السعى إلى تحديد مصادر الاختلال فى بنياتها ومرجعياتها ومنطوقها وموضوعاتها.
يبدو أن أزمة استخدام مفهوم ومقاربة الخطاب الدينى السائدة تعود إلى عديد الأسباب نذكر منها ما يلى:
الاستخدام اللفظى للمفهوم/ المصطلح فى اللغة الإعلامية والسياسية والدينية دون استيعابه فى إطار تطور الألسنيات ونظرياتها ومدارسها و الخلط بين مفهوم النص والخطاب واعتبار بعضهم أنها مترادفان و استخدام أداتى تحليل المضمون الكمى والكيفى وكأنهما تحليل للخطاب الدينى عموماً، والإسلامى خصوصاً، وغيره من الخطابات السياسية والاجتماعية والثقافية والجمود فى مناهج البحث الاجتماعى فى الجامعات المصرية، وتراجعها، وعدم تطورها مع تطور العلوم الاجتماعية الغربية، وفى المدارس التى سادت فى الهند وبعض البلدان الأخرى. وضعف وقلة الترجمات عن منهجية تحليل الخطاب وقلة الدراسات حول تحليل الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى المصرى مع بعض الدراسات حول تحليل الخطاب السياسى حول مفهوم البناء العقيدى للزعامة السياسية ومثالها الأشهر الخطابين الناصرى والساداتى وغالب الدراسات المحدودة حول الخطاب الإسلامى، كانت أقرب إلى الوصف والسرد لمقولات وبعض كتابات حسن البنا وعبد القادر عودة وسيد قطب وسواهم، أو منظرى وشيوخ الجماعة الإسلامية، أو تنظيم الجهاد، أو جماعة المسلمين، ومؤخراً سرود وصفية لبعض كتابات وآراء مشايخ السلفية عموماً، ومصادرها، وحول سلفيى الإسكندرية، أو سلفيى القاهرة وآخرين، وذلك فى عقب الظهور الكثيف للحركة السلفية فى المجال السياسى عقب انتفاضة 25 يناير «الثورية». من هنا يبدو استخدام تجديد الخطاب الدينى أو إصلاحه مجدداً لا يعدو أن يكون جزءاً من مظلة لغوية وشعاراتية تستخدم فى الحرب اللغوية مع الجماعات الدينية السياسية، والراديكالية، ودعاة الطرق- وفق العميد طه حسين-وبعض الفتاوى والآراء الدينية «الغرائبية»، أو التى تنطوى على الغلو والتزمت والمحافظة الشديدة، جزء من مفردات حرب لغوية من مثيل التطرف والإرهاب وغيرها من الصفات السياسية ذات المحمولات السلبية.
إن بعض الاستخدام الدينى الرسمى لتجديد أو إصلاح الخطاب الدينى لا يعدو أن يكون تغيير موضوعات الخطب الدينية الرسمية لوعاظ وأئمة وزارة الأوقاف فى صلاة الجمعة أساساً، وهى سياسة مستمرة ومتغيرة فى موضوعاتها منذ عقد الستينيات من القرن الماضى، وتحددها وزارة الأوقاف، وكبار مشايخ الأزهر الشريف، ومع ذلك لم يحدث تغير فى عمق بنية الخطاب الدينى ومرجعياته، ومنطوقه، وتوظيفاته إلا قليلاً لدى بعض الوسطيين أو الأشعريين، أو المعتدلين على قلتهم، إن تجديد الخطاب الدينى يعنى لدى بعضهم-وهو الشائع إعلامياً-، هو تحديد رأى المؤسسة الدينية الرسمية فى بعض المشكلات الراهنة، من قبيل مواجهة الإرهاب، والتطرف الدينى، وبعض آراء الإخوان، وفتاوى مشايخ السلفية التى تبدو غريبة من منظور ثنائية الحلال والحرام، كالقول مثلاً بحرمة مشاهدة مباريات كأس العالم.. الخ، أو بعض حقوق المرأة أو الطفل والعنف ضدهما.. من ناحية أخرى مساندة الخطاب الدينى الرسمى السلطة الحاكمة فى سياساتها الاجتماعية، أو مواجهة ظواهر البلطجة والجريمة والأشكال الأخرى للخروج على القانون فى جرائم الوظيفة العامة، أو الاستيلاء على المال العام.. الخ!.
والسؤال هنا هل هذا الفهم الشائع لدى بعضهم لمفهوم ومعنى تجديد الخطاب الدينى الإسلامى جديد وصحيح؟، أم أن هذا الفهم قديم ومستمر؟!.
أذن لا جديد فى معنى واستخدامات مصطلح الخطاب الدينى وتجديده وإصلاحه وتطويره وتحديثه إلى آخر هذه المفردات السائلة والغامضة فى الأسواق اللغوية والسياسية والإعلامية والدينية، ومن ثم لن يحدث أى تغيير حقيقى أو جدى فى مواجهة الجماعات المتطرفة وفى أنماط التدين الرسمى والشعبى والراديكالى الشائعة فى بلادنا، وفى تدريس العلوم الدينية بل أن النزوع نحو الأشعرية كمذهب ومنحى فى الكتابة والإفتاء والخطابة الدينية لن يجد صدى كبيراً، بعد شيوع الفكر السلفى والوهابى، وتغير بعض الوسطية الاعتدالية فى أفكار وتوجهات بعض أساتذة وأعضاء الجماعة الأزهرية! هل تمت دراسة حول الخطابات الدينية السائدة، ومكامن الأزمة فيها حتى يمكن وضع استراتيجيات لتجديد الخطاب؟هل يتم تجديد الخطاب دون تجديد الفكر الدينى حول أصول الفقه ومدارس التفسير والتأويل الدينى، وعلم الكلام ومقارنات الأديان، وإدخال مناهج التفكير النقدى فى العلوم الاجتماعية والفلسفات المعاصرة، والمناهج الجديدة؟ وهل هناك دراسات تاريخية نقدية حول تطور الفكر الدينى المصرى وهل هناك دراسة موضوعية ووصفية وتحليلية للمدارس السائدة فى الأزهر الشريف والأوقاف، ومصادرها التاريخية ومرجعياتها الفقهية والكلامية والتفسيرية وذلك على نحو نقدى وموضوعى؟...
أسئلة وهناك أخرى على طريق تجديد الخطاب الدينى.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟