يحق لإيران الحصول على تكنولوجيا نووية لكن بغرض مدني فقط أي بنسبة
تترواح (ما بين 3 و5٪)، ما يكفي لإحداث تفاعل انشطاري في مفاعلات محطة الطاقة
النووية. وتمتلك إيران محطة طاقة نووية للاستخدام المدني على أراضيها
تسمي بوشهر، في جنوب إيران وتخطط لبناء محطة ثانية
بالقرب من الحدود العراقية، لكن في الوقت الراهن تسعى إيران لإستخدام الطاقة
النووية في المجال العسكري عن طريق رفع نسبة تخصيب اليورانيوم أو مايسمي بالكعكة
الصفراء منتهكة بذلك بنود الإتفاق النووي، والذي يستند إلى ثلاث نقاط رئيسة
: تقييد البرنامج النووي الإيراني بمدة زمنية أقلها 10 سنوات، ورفع العقوبات عن
طهران وتشديد ضوابط الرقابة على منشآتها النووية.
وفي هذا السياق، أشار المحلل السياسي الإيراني "علي حيدري
"في مقال له بعنوان"ماذا تهدف الولايات المتحدة الأمريكية بعد إلغاء بعض
الإعفاءات النووية" موقع" ايران
انترنشنال"،إلي أن الولايات المتحدة الامريكية قامت بإلغاء بعض الإعفاءات
النووية الإيرانية في "14 مايو 2019 " وعليه، تم حظر إيران من نقل الماء
الثقيل ومبادلة اليورانيوم المخصب باليورانيوم الطبيعي ومنذ تاريخ إلغاء هذه
الإعفاءات يجب أن تكون قد توقفت جميع أنشطة اليورانيوم المخصب وكذلك الدول التي
تعمل في تتطوير مدينة بوشهر ستخضع للعقوبات
الامريكية، وبالتالي، تم تمديد الاعفاءات لمدة 90 يومًا. لذلك ستقتصر
التفتيشات والأبحاث المدنية على مدينة
أراك، بوشهر و فردو .
هذا في حين أن، أساس
الإستراتيجية الأمريكية الشاملة: هي حظر أي نوع من تخصيب اليورانيوم، وقد أسفر هذا
الأمر عن وجود شكوك تحوم حول استمرار الاتفاق النووي من عدمه!.
وعلية، يشير المحلل السياسي " حيدري" أنه من المؤكد
أن الولايات المتحدة الأمريكية، ستعلن عن تمديد بعض الإعفاءات مجددًا، لكن
هذه المرة ستقلص مدة الإعفاءات من 4 إلي 3
شهور. وستضع الولايات المتحدة الإمريكية في اعتبارها أن ممارسة سياسية الضغط
الأقصي علي إيران وإعادة النظر في
الاعفاءات سيتم في وقت قصير، وفي حالة اللزوم، سيتم الغاء هذه الإعفاءات.
هذا الأمرفي طياته يحاكي عملية الاعفاءات
النفطية، لذلك من المحتمل إلغاء الإعفاءات النووية المتبقية في حالة تصعيد
المواجهة وامتناع إيران عن إعادة النظر في موقفها الحالي .
أولاً- تكثيف الضغط الأقصى على إيران
ويؤكد "حيدري" أن إلغاء بعض الإعفاءات النووية مقابل
ممارسة سياسية الضغط الأقصى على إيران وكذلك الدول التي تتعاون مع إيران في مجال النووي سيسيطر عليها الشك والريبة حول بقاء استمرارهم في التعاون مع
إيران. وهذه الخطوة الأمريكية ستزيد من الضغط على إيران وكذلك من انزواءها، وسيصبح
إنقاذ واستمرار الإتفاق النووي أمرًا صعبا للغاية .
وفي مثل هذه الأحوال، أضحي لعب إيران بكارت الإتفاق النووي مقابل
الترويكا الأوروبية ( مصطلح سياسي يشير إلى اجتماع ثلاث دول على رأي سياسي واحد
تجاه قضية معينّة، وأشهر الترويكا الدولية هي دول الترويكا الأوروبية:
"بريطانيا وفرنسا وألمانيا"،)لمواجهة الضغوط الدبلوماسية أمرًا صعبا
بالنسبة لها، ولهذا إلغاء الإعفاءات النووية جاء بالتزامن مع إلغاء الإعفاءات
النفطية سيكون ضغط مضاعفًا على إيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وستخسر
إيران الفرص المحتملة للاستفادة من هذه الإعفاءات.
وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور صلاح الدين هرسني في مقال له بعنوان"
أربع سنوات على الإتفاق النووي" في صحيفة "همدلي " الإيرانية
الإصلاحية ،علي أن الإتفاق النووي خلال أربع سنوات المنصرمة كانت حياته تحاكي جسد
يعيش بنصف روح، بمعني لم بتذل أي
مساعي من جانب الأعضاء في الإتفاق النووي، وحال لسانهم لا يوجد أمل في تفعيل وإنقاذ
الإتفاق النووي الإيراني ولاسيما بعد خروج الولايات المتحدة منه.
ثانيًاً- أهمية الوقت في الاستراتيجية الأمريكية
ويشير المحلل السياسي "حيدري" إلي أن عامل تقليص مدة
الإعفاءات النووية من 180 يوم إلي 90 يوم هو مؤشر على أهمية الوقت في الإستراتيجية
الأمريكية حيال إيران، وهذا العامل تم مشاهدته بشكل جلي وواضح لاسيما في الإجراءات
الأمريكية الأخيرة.فلقد تمت في عدة الأشهر الأخيرة إجراءات عقوبية وأخري اخطارية
ضد إيران في أوقات قصيرة للغاية من ضمن هذه الإجراءات إدراج الحرس الثوري
على قائمة الإرهاب بتاريخ "12 أبريل 2019"، وإلغاء الإعفاءات النفطية
كانت في الثاني من مايو 2019، عقوبات على المعادن الصناعية في" 18 من مايو
2019" فضلًا عن ذلك، جاء تعزيز القوات العسكرية الأمريكية، وخاصة نشر حاملة
الطائرات الأمريكية أبراهام لينكولن في المنطقة، إرسال 4 قاذفات طويلة المدى، من طراز "B52"بالتزامن مع إلغاء
الإعفاءات النفطية والنووية، ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية لاستغلال عامل
التهديد العسكري لأجل السيطرة والتحكم في عامل الوقت، وزيادة الضغط علي إيران .
ثالثاً- احتمالية إلغاء الاتفاق النووي
وتطرق المحلل السياسي "حيدري" إلى أن إلغاء بعض الإعفاءات
النووية واستغلال إيران المزايا الدبلوماسية السياسية جعل حفظ الإتفاق النووي أمرًا صعبا للغاية، وهذه العقوبات شملت كذلك
علاقة إيران مع الدول الأعضاء في الاتفاق
النووي في الإطار الفني ،وأصبح يسيطر علي
الدول الأعضاء الشك في استمرار التعاون مع
إيران أم لا ! وهذه المسألة أثارت رد فعل إيران لذلك قامت بخرق الإتفاق النووي وتم توجيه تهمة عقب هذه الخطوة
بعدم رعاية البنود التي نص عليها الإتفاق النووي، على الجانب الآخر، قالت
السلطات الأمريكية بصدد هذا الأمر أن إيران تتابع برنامجها العسكري من خلال
خرق الإتفاق النووي ناهيك عن زيادة تخصيب
اليورانيوم هدفه الوحيد عسكري .
إن خطوة خرق الإتفاق النووي من الممكن أن تحشد منافسين إقليميين
وعالميين ضد البرنامج النووي والصاروخي ومن المحتمل أن يزيد من رجوع
العقوبات الدولية علي إيران .
رابعاً- تبني إيران أسلوب الاستفزاز
بناءً علي ما جاء في الإتفاق النووي، يسمح لإيران أن تمتلك 300 كيلو
غرام من اليورانيوم المخصب بنقاء 67%3 أما عن المياه الثقيلة 300 كيلو غرام
أيضا.لذلك إن إلغاء الإعفاءات النووية وضع إيران في الموقف الذي تحتم عليها أن تتغاضى
عن تخصيب اليورانيوم بشكل كامل أو العبور لمقاومة ومواجهة عقوبات جديدة.
لذلك من المتوقع أن تُصعد إيران تخصيب اليورانيوم للتخلص من
السلطوية الأمريكية وتحدي الإعفاءات، وفي
الاتجاه الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تدعو إليه، وعليه ستبرر الولايات المتحدة باظهار
الكثير من العقوبات وكذلك ستتبني أسلوب الضغط على الرأي العام العالمي لتبالغ في
خطر التهديدات النووية الإيرانية لتهيئة الأجواء لعودة العقوبات الدولية مرة أخرى
على إيران .
وتوقع المحلل السياسي "حيدري" أن الولايات المتحدة الأمريكية
تستخدم أسلوب الحرب النفسية من خلال تعميق أزمات إيران الداخلية. بالتزامن مع، فشل الإدارة الأمريكية بشكل كامل لانقاذ
الإتفاق النووي واستمراره، ولاسيما دول الاتحاد الأوروبي، حتى الآن لم تتهيأ بعد لتسهيل آلية العلاقات الإقتصادية
بينهم وبين إيران أو تنفيذ تعهداتهم.
"وطبقا لقول ظريف حول "عدم الرضا عن الغرب" هو إحساس باليأس
والإحباط من جانبنا"
وبالتأكيد هذا اليأس لن يشمل فقط المسؤولين الرسميين؛بل الجميع
ناهيك عن أنه انعكاس لعدم الوفاء ببنود
الإتفاق النووي من قبل مسؤولي الإتحاد الأوروبي، وزاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية
في إيران داخل جميع الطبقات وتصاعد ملف الاستياء والتذمر من الحكومة
الإيرانية وعدم الرضا عنها .
خامساً- الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية
قبل زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، نشرت الوكالة الدولية للطاقة
الذرية 16 تقريرًا ينم علي التزام إيران ببنود الإتفاق النووي؛ لكن بالنظر
إلى التطورات الأخيرة وخرق بنود الإتفاق النووي من قبل إيران، بلا شك ستعترف
الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن إيران لم تلتزم ببنود هذا الإتفاق وقامت
بانتهاكه،على الجانب الآخر، الولايات المتحدة ستمارس الضغط المضاعف على الوكالة
الدولية حتى تزيد من رقابتها علي إيران و كذلك عقوباتها، ومن الممكن أن تطلب
الولايات المتحدة الأمريكية من الوكالة الدولية أن تقلص الفواصل الزمانية في عملية
التفتيش على المؤسسات النووية .
وأشار المحلل السياسي "حيدر" إلى أن إيران سيتم حرمانها من
الدعم العالمي، بالنظر إلى تجربة إلغاء الإعفاءات النفطية وعدم إبداء اعتراض فعلي
من الدول المعافاه، ولم يوجد رد فعل دولي من الدول التي هي في الأساس عضوًا في
الإتفاق النووي، علي النقيض ،وقتما أعلنت إيران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم وخرق
شروط الإتفاق النووي انتقدت الدول الأوربية موقف إيران ولاسيما دول التروبيكانا، ففي
صدد هذا الأمر أعلنت بريطانيا في حالة خرق إيران
الإتفاق النووي ستواجه نتائج خرقها، وعقَب وزير خارجية ألمانيا على ذلك
" ترغب ألمانيا في حفظ الإتفاق النووي وهو مهم بالنسبة لها في حالة التزام
إيران ببنوده، أما عن موقف فرنسا فلم يختلف كثيرًا عن بريطانيا ناهيك عن روسيا
والصين طالبوا أن تلتزم إيران ببنود الإتفاق النووي .
وعليه، جميع الدول التي هي عضو في الإتفاق النووي، بعد إلغاء بعض
الإعفاءات النووية لم تبدِ أي اعتراض مقابل الإرادة الأمريكية لأنهم لم يرغبوا أن
تشملهم العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلي ذلك، هذه الدول لم تبدِ أي مقاومة عن
نفسها،لأنها لاتريد أن تُضحي بمصالح إيران
المحدودة مقابل مصالحها الكثيرة مع
الولايات المتحدة الأمريكية .
على الرغم من أن، هذه الدول الأعضاء في الإتفاق النووي بعد خروج الولايات
المتحدة الامريكية منه ظلت في الاتفاق؛ لكن لم تستطع أن تلعب دورًا مؤثرًا في
تنشيط الإتفاق والالتزام ببنوده، وفي الحقيقة يعتبر الإتفاق النووي هذا لاغيًا منذ
خروج الولايات المتحدة الأمريكية منه، ونتيجة لذلك تم حرمان إيران من مزايا هذا الإتفاق
ولايستطيع أي طرف أن يسد فراغ الولايات المتحدة الأمريكية الذي خلفته في هذا
الإتفاق.
وختامًا، يمكن القول إن إيران ستبرر بأن عملية انتهاك الإتفاق النووي
وزيادة تخصيب اليورانيوم، جراء خروج الولايات المتحدة الامريكية من هذا الإتفاق
وهي بذلك هي من بدأ باللعب وانتهاك بنود الإتفاق وأنها تعتبر أن العودة لتطبيق العقوبات أو إعادة
فرضها ... أو فرض عقوبات جديدة تتصل بالمسألة النووية لاتمثل شئ بالنسبة لها.
وأن الرئيس الأمريكي"ترامب" في الوقت الراهن ليس أمامه سوى تصعيد ملف الضغط علي إيران؛لأنه يرغب في الفوز في الإنتخابات الأمريكية المقبلة، لذلك سيمتنع عن تصعيد حدة اندلاع مواجهة عسكرية مع إيران مكتفيا بالتصريحات!!.