آفاق السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المفاوضات النووية
كما كان متوقعًا، لم تنجح جولة المفاوضات العاشرة التي عقدت بين إيران ومجموعة "5+1" على مدار ستة أيام كاملة في الخروح بالاتفاق النووي النهائي بين الجانبين، والذي كان قد حدد له يوم 24 نوفمبر 2014، إذ ظلت أطراف التفاوض تشير - وحتى الساعات الأخيرة قبل الإعلان عن تأجيل المفاوضات - إلى صعوبة المسار وكبر حجم فجوة الخلافات حول قضايا الاتفاق الأساسية التي تمثلت في نسبة تخصيب اليورانيوم ووتيرة رفع العقوبات.
وحيث تمسكت إيران بضرورة أن ترفع العقوبات كاملة ومباشرة حال التوصل إلى اتفاق، فيما أصر الجانب الغربي على ضرورة أن تؤكد إيران أولًا التزامها بعدم التوسع في تخصيب اليورانيوم والحد مما تمتلكه من أجهزة الطرد المركزي ومما تخزنه من اليورانيوم، بجانب الاتفاق حول الأنشطة النووية الأخرى المثيرة للجدل بمفاعلي "آراك" و"فوردو" وفي موقع "بارشين"، وكذلك التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بكل شفافية.
وليتم الاتفاق على تمديد أجل المفاوضات إلى الأول من يوليو 2015، وبعد التوصل إلى اتفاق سياسي في مارس من العام ذاته، وليثير هذا التمديد الكثير من التساؤلات حول الدور الأوربي المتنامي في تحديد مسار المفاوضات مع إيران، والانعكاسات المتوقعة في حال تعثر المفاوضات، وحيث يرجح المحللون تقارب أكثر بين واشنطن ودول الخليج على حساب التحسّن المحتمل في العلاقات مع طهران، التي ستلجأ غالبًا إلى محاولة تخفيف حدة الحصار الاقتصادي المفروض عليها بتدعيم علاقتها بكل من موسكو وبكين، مع توقع أن يضغط أعضاء الكونجرس لعدم تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، بل تكثيفها إن اقتضت الضرورة ذلك.
أولاً- الاتفاق على تمديد المفاوضات بين إيران و"5+1"
على الرغم من الإصرار الذي أعلنه طرفي التفاوض في فيينا على التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي في الميعاد الذي كان قد حدد له الرابع والعشرين من نوفمبر 2014، ولكن بدا أن المشاورات في العاصمة النمساوية فيينا لم تنجح في تقليص التباعد في المواقف بين الجانبين، وبما يضع حدًا لـ12 عامًا من التوتر الدبلوماسي بين إيران والقوى الدولية. وحيث تم الاتفاق في جولة المفاوضات النووية العاشرة على تمديد أجل التفاوض حتى الأول من يوليو 2015، على أن يعاود انعقاد المفاوضات قبل نهاية 2014، وليكون هذا التمديد هو الثاني منذ انتهاء التمديد الأول في صيف 2014، والذي كان بعد التوصل إلى اتفاق "العمل المشترك" المؤقت بجنيف في نوفمبر 2013.
وقد أقر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، في أعقاب جولة المفاوضات الأخيرة، أن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق في المهلة المحددة يعتبر "خيبة أمل"، مضيفًا أن من الأفضل "تلمس الحقائق بدل المضي دون بصيرة"، منوهًا بما تحقق من تقدم حافظ على إمكانية الاستمرار في المفاوضات، وحيث حدد موعد للتوصل إلى اتفاق سياسي تكتمل كل تفاصيله بحلول الأول من يوليو، مع توضيح هاموند، أن إيران طيلة فترة التمديد ستحصل شهريًا على مبلغ 700 مليون دولار من أرصدتها المجمدة، وعلى أن تُبقي طهران على نسبة 5% من تخصيب اليورانيوم، إضافة الى وقف العمل بمعمل "آراك" للماء الثقيل وعدم زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي، مع تعهد الغرب بعدم فرض إي إجراءات حظر جديدة على إيران.
ورغم محدودية ما تم التوصل إليه، والإخفاق في الاتفاق حتى على إطار سياسي عام، فقد حاولت جميع الأطراف فرض حالة من الإيجابية على النتائج، وحيث أشاد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بما وصفه بنجاح كبير حققته عملية التفاوض من أجل الوصول لحل دبلوماسي لقضية الملف النووي الإيراني، موضحًا أن "العالم اليوم أكثر اطمئنانًا عما كان عليه من قبل فيما يختص هذه القضية"، مبررًا عدم التوقيع على اتفاق في المهلة التي تم تحديدها للحاجة إلى مزيد من العمل، وحتى يتسنى التوصل إلى "اتفاق صحيح عميق وقوي" بدلًا من "اتفاق سيئ" لا يعالج مخاوف القوى الدولية.
وكذلك أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، عن تحقيق "تقدم مهم" في المفاوضات النووية، مؤكدًا أن اتفاقية جنيف الموقعة في نوفمبر 2013 ستبقى قائمة، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقية تتضمن المبادئ التي لم يتم التشكيك فيها، وقال: "لقد تحقق تقدم ملموس. ونأمل في أن نتمكن في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر من وضع وثيقة تتضمن كل المبادئ الأساسية التي سيكون تنفيذها في وقت لاحق موضوع مشاورات وصيغ تقنية"، مضيفًا أن منسقة السداسية كاثرين آشتون ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سيعلنان عن ذلك بدورهم في وقت لاحق.
وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أن جولة جديدة من المفاوضات النووية بين السداسية وإيران على مستوى المدراء السياسيين (نواب وزراء الخارجية) ستجري في القريب العاجل، مؤكدًا على دور هؤلاء المدراء في تحقيق النتائج الحالية. فيما أشار وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، إلى أن "أفكارًا جديدة وضعت على الطاولة مع إيران ولن نقبل بغير اتفاق يضمن الأمن والسلام".
ويذكر أن إيران ومجموعة "5+1" كانت قد نجحت بجنيف نهاية العام الماضي في عقد اتفاق مرحلي حددته بـ6 أشهر قابلة للتمديد، يقضي بأن تحد إيران من نشاطها النووي الذي قد يكون له أبعاد عسكرية مقابل رفع محدود للعقوبات الدولية المفروضة عليها لعدم امتثالها باتفاقات الضمان التابعة لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، وكانت أطراف جنيف قد مددت الاتفاق في 20 يوليو الماضي بعد الإخفاق في التوصل إلى اتفاق نهائي، ولإتاحة مزيد من الوقت لإيران والدول الكبرى من أجل التوصل إلى اتفاق شامل بحلول 24 نوفمبر 2014، لكن بعد أيام من المفاوضات المكثفة كان أن تم الاتفاق على تمديد أجل المفاوضات مرة أخرى.
ثانيًا- القضايا الخلافية بين إيران و"5+1"
لم يكن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق بين إيران ومجموعة "5+1" مفاجئًا للمراقبين، إذ ظلت أطراف الاتفاق تشير وحتى الساعات الأخيرة قبل الإعلان عن تأجيل المفاوضات، إلى صعوبة المسار وكبر حجم الفجوة بسبب الاختلاف حول القضايا الأساسية التي تمثلت في نسبة تخصيب اليورانيوم ووتيرة رفع العقوبات.
وحيث تمسكت إيران بضرورة أن ترفع العقوبات كاملة ومباشرة حال التوصل إلى اتفاق، فيما أصر الجانب الغربي على ضرورة أن تؤكد إيران أولًا التزامها بعدم التوسع في تخصيب اليورانيوم والحد مما تمتلكه من أجهزة الطرد المركزي ومما تخزنه مما خصبته من يورانيوم، بجانب أهمية الاتفاق حول الأنشطة النووية الأخرى بمفاعلي "آراك" و"فوردو" وفي موقع "بارشين" العسكري، وكذلك التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بكل شفافية، والسماح للمفتشين الدوليين القيام بما يطلبونه من زيارات وعمليات مراقبة. وعليه، فقد تمثلت الخلافات الرئيسية في الآتي:
1- نسبة تخصيب اليورانيوم المسموحة لإيران:
إذ تسعى الدول الست الكبرى إلى اقناع إيران بخفض قدراتها على تخصيب اليورانيوم الأمر الذي من شأنه أن يطيل المدة التي قد تستغرقها لإنتاج مواد قابلة للانشطار تصلح لصنع قنبلة نووية، وقد رضخت إيران لهذا الشرط في نوفمبر 2013، فوافقت على تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى 5% والتقليل من مخزونها من اليورانيوم.
إلا أن الدول الكبرى تشدد على ضرورة وقف التخصيب بهذه النسبة لفترة 10 أعوام، وهو ما ترفضه إيران، مؤكدة أنه بالرغم من أنها خصبت اليورانيوم بنسبة 20% للاستفادة منه في مفاعل طهران للبحوث النووية إلا أنها ترفض وقف التخصيب لفترة زمنية طويلة. وقد شدد مساعد وزير الخارجية وكبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، على أن "إيران ستواصل عمليات تخصيب اليورانيوم بالتأكيد.. لكن التساؤل هو عن حجم هذا التخصيب"، وأضاف أن "حجم التخصيب يجب أن يكون على أساس حاجاتنا العملية".
2- التقليل من عدد أجهزة الطرد المركزي
إن مجموعة "5+1" قلقة أيضًا من العدد الكبير لأجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران بعدد يقدر بأكثر من 19 ألف جهاز طرد مركزي للتخصيب، فيما تقدر الدول الغربية حاجة إيران بنحو تسعة آلاف جهاز طرد مركزي فقط لاحتياجاتها المحلية.
ولكن تسعى إيران في المفاوضات إلى الاحتفاظ بعدد أجهزة الطرد المركزي لديها -وهي عبارة عن 9 آلاف جهاز نشط و10 آلاف جهاز غير نشط- وأوضح دبلوماسيون غربيون أن اقتراحًا صاغته الولايات المتحدة الأمريكية وعرض على إيران في محادثات تمهيدية في سلطنة عمان في 8 نوفمبر 2014، يدعو إلى أن تخفض الجمهورية الإسلامية عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم لديها إلى 4500، وهو ما يقل كثيرًا عن العدد الحالي الذي تملكه طهران.
3- تحديد أنشطة مفاعلي "ناتنز" و"فوردو"
يذكر أن مفاعل "ناتنز" في محافظة أصفهان هو أول معمل نووي لتخصيب اليورانيوم أنشأته إيران والثاني هو مفاعل "فوردو" في محافظة قم، حيث تم إنشاء الأخير في عمق الجبال تحسبًا لأي هجوم عسكري محتمل من قِبل الولايات المتحدة أو إسرائيل ضد هذه المنشأة، وتحوّل "فوردو" لاحقًا إلى المنشأة الإيرانية الأساسية لتخصيب اليورانيوم.
ويخضع النشاط في "فوردو" إلى النقاش في المفاوضات حيث تضغط الدول الكبرى على إيران لتغيير طبيعة عمل تلك المنشأة من التخصيب إلى البحوث النووية ونقل أجهزة الطرد المركزي المستخدمة إلى منشأة "ناتنز"، وهذا ما أشار إليه المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في كلمة ألقاها في مطلع صيف 2014 حين قال: "علينا الاحتفاظ بالمنشأة التي يصعب على العدو تدميرها ولهذا السبب يبدو هناك حساسية بالغة تجاهها"، موضحًا أنهم يتحدثون عن "فوردو" لأنه من الصعوبة بمكان توجيه أي ضربة لهذه المنشأة أو تدميرها.
4- الحد من البحوث والتجارب النووية
المطلب الرابع الذي تصر عليه دول "5+1" هو، الحد من البحوث والتجارب النووية المخبرية التي تجريها إيران، والأمر يتعلق تحديدًا بمنشأة بحوث نووية موجودة في العاصمة طهران تأسست في زمن الرئيس الأمريكي الأسبق آيزنهاور في خمسينيات القرن الماضي تحت شعار "النووي للسلم"، وحيث تؤكد إيران أن البحوث النووية التي تقوم بها هي بغية تحسين وتطوير أجهزة الطرد المركزي والقدرة على التخصيب.
وتم التوافق مبدئيًا في جنيف في نوفمبر 2013 حول أنشطة هذه المنشأة وسمح لها بممارسة نشاطها، ولكن على أن تخضع المنشأة للتفتيش تحسبًا لإمكانية استفادة إيران منها للحصول على نسبة تخصيب اليورانيوم اللازمة لصنع السلاح النووي.
ولكن أعلنت إيران مؤخرًا اختبار نوع جديد من أجهزة الطرد المركزي قد يجعلها قادرة على تخصيب اليورانيوم بوتيرة أسرع، لكنها رفضت تلميحات بأن الخطوة قد تشكل انتهاكًا لاتفاق عام 2013. وتطوير إيران لأجهزة طرد مركزي متقدمة مسألة حساسة، لأنها إذا نجحت في ذلك فقد يصبح بمقدورها إنتاج المادة المحتملة لصنع قنبلة نووية بوتيرة أسرع بضع مرات من النموذج القديم لأجهزة الطرد المركزي الذي تستخدمه الآن.
ونقلت وكالة "ارنا" الإيرانية للأنباء عن المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، قولها إن أجهزة "آي آر- 5" هي ضمن الأجهزة العادية لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية، وقالت "أُجريت مثل هذه الاختبارات قبل اتفاق جنيف واستمرت بعد التوصل للاتفاق.. يجرى اختبار الأجهزة ويتوقف حسب الحاجة". و"آي آر- 5" هو واحد من عدة نماذج جديدة للطرد المركزي تسعى إيران الآن إلى تطويرها لتحل محل نموذج "آي آر- 1" العتيق الذي يرجع إلى عقد السبعينيات من القرن الماضي وتستخدمه إيران الآن لإنتاج اليورانيوم المنقى.
وينص اتفاق جنيف بين طهران والقوى العالمية الـ6 في 2013، على أن طهران بإمكانها مواصلة "أنشطة البحث والتطوير الحالية"، وهي صياغة تشير ضمنيًا ألا توسع إيران تلك الأنشطة.
5- الحد من إعادة معالجة اليورانيوم
معلوم أن الوقود النووي المستخدم في مفاعل "بوشهر" تؤمنه موسكو في الوقت الراهن ويتم إعادة اليورانيوم المستخدم للمعالجة إلى روسيا، وتعد عملية إعادة تدوير الوقود النووي عملية كيمياوية يطلق عليها تسمية "إعادة معالجة اليورانيوم"، حيث يتم في هذه العملية فرز قشرة قضبان الوقود ثم تذويبها في حامض النيتريك الساخن ونتيجة لهذه العملية يمكن الحصول على 1% من البلوتونيوم و3% مواد زائدة مشعة جدًا و96% من اليورانيوم الذي يمكن إعادة استخدامه في المفاعل خاصة في العسكرية منها.
ويمكن إخفاء أي منشأة تعمل في مجال إعادة معالجة البلوتينيوم في أي بناية عادية الأمر الذي يسهل صنع السلاح النووي بشكل سري. ومن هذا المنطلق تصرّ دول "5+1" على تحديد إعادة معالجة اليورانيوم خارج إيران، إلا أن طهران تؤكد على الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، وترى أن لا داعي للقلق بهذا الخصوص.
6- وقف أنشطة مفاعل "آراك" للماء الثقيل
إن البلوتونيوم الذي ينتجه مفاعل "آراك" العامل بالماء الثقيل له استخدام مزدوج مدني عسكري، لهذا السبب تتعامل الدول الكبرى بحساسية بالغة مع تلك المسألة، في حين ترفض إيران تحويل "آراك" إلى مفاعل يعمل بالماء الخفيف. وهذا المفاعل الذي لا يزال قيد البناء مخصص لمعالجة البلوتونيوم الذي بدوره يمكن أن يفضي إلى تصنيع القنبلة النووية، وتريد الدول الغربية وقفه والتخلص منه، بينما يبدي الجانب الإيراني "بعض الليونة" بشأنه بتجميد أعماله بصورة مؤقتة، من غير أن يعني ذلك النزول عند رغبة الدول الست.
7- إجراء عمليات تفتيش طبقا لمعاهدة "إن بي تي"
تؤكد الدول الكبرى على ضرورة التنفيذ المؤقت للبرتوكول الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية "إن بي تي" من قِبل إيران، حيث تسمح هذه المعاهدة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارات مباغتة للمنشآت النووية الإيرانية. واستجابة إيران لتلك الشروط يعني فتح الباب واسعًا لإعادة النظر في إسقاط العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قِبل الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، بالإضافة للعقوبات المفروضة عليها من قِبل مجلس الأمن.
ولكن تبقى هناك شكوك لدى الوكالة الدولية بسبب رفض إيران المستمر منع دخول مفتشيها لموقع "بارشين" العسكري، والذي تثار شكوك حول استخدامه من قِبل ايران لإجراء تجارب على أسلحة نووية، كما عبرت الوكالة عن قلقها بسبب امتلاك إيران لصواعق تفجير متطورة تحمل بُعدًا عسكريًا، إذ أن هذه الصواعق غالبًا ما ترتبط بالأسلحة النووية.
وفي سياق ذي صلة، نفت إيران على لسان سفيرها وممثلها الدائم لدى الوکالة الدولیة للطاقة الذرية رضا نجفي، ما أوردته الوكالة عن "وجود موقع نووي سري في منطقة مريوان غرب إيران"، قائلًا إن هذا "ادعاء مزيف"، وقال ممثل إيران في الوکالة خلال الاجتماع الفصلي لمجلس الحكام إن "إیران من أجل أن تثبت زيف المزاعم الواردة في تقریر الوکالة لشهر نوفمبر فإنها جاهزة للسماح بتفتيش استثنائي وطوعي ولمرة واحدة وبصورة مبرمجة للتحقق من عدم صحة وجود مثل هذا الموقع المزعوم في منطقة مريوان"، بحسب قوله.
وكان المدير العام للوكالة يوكيا أمانو، قد أكد في 20 نوفمبر 2014، أن إيران أخفقت مرة أخرى في تقديم تفسيرات، ردًا على مزاعم عن إجراء أبحاث محتملة خاصة بالقنبلة الذرية، وقال أمانو خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة "إن إيران لم تقدم تفسيرات تمكن الوكالة من توضيح الإجراءات العملية المهمة"، وكان يشير إلى خطوتين اتفقت إيران على تنفيذهما بحلول أواخر أغسطس، بتقديم معلومات للوكالة بخصوص مزاعم عن إجراء اختبارات على متفجرات وأنشطة أخرى قد تستخدم لتطوير قنابل نووية.
ثالثًا- الانعكاس المتوقع على محاور القوى والتأثير
لعلّ التساؤل الأهم هو ما يرتبط بالانعكاسات المتوقعة في حال تعثر المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة "5+1" خلال فترة التمديد، ولا سيما أن جولة المفاوضات الأخيرة أبانت عن تغير محتمل في الأدوار والتوازنات، وذلك على النحو التالي:
1- صعود الدور الأوربي (الفرنسي)
فبعد أن كانت واشنطن تلعب الدور الأكبر في المفاوضات مع إيران منذ تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرئاسة في عام 2009، فإن الملاحظ أن الدور الأوربي عاد للبروز خلال جولة المفاوضات الأخيرة، وحيث تمسكت باريس على نحو خاص بـ4 شروط أساسية اعتبرتها "خطوطًا حمراء" في أي اتفاق مع طهران، وهي خفض قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم، وتشديد عمليات المراقبة على أنشطتها النووية، وتعطيل مفاعل "آراك" للماء الثقيل, وأن توفر طهران الشفافية التامة حول الجوانب العسكرية المتعلقة بأنشطتها النووية السابقة.
وحيث تؤكد باريس أنها تريد اتفاقًا نهائيًا مع إيران و"لكن ليس أي اتفاق"، كما أنها تطالب بتوفير ضمانات كافية بشأن كل تفاصيل الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه معها.
وكان من دلالات تأثير هذا الدور، حرص وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على زيارة باريس في 20 نوفمبر 2014، بالتوازي مع انعقاد المفاوضات النووية في فيينا، حيث عقد اجتماعين مهمين، الأول مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل، والثاني مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، وحيث تشير المصادر الدبلوماسية في أوربا إلى وجود "تناغم" بين باريس والرياض اللتين يتشكل منهما المحور المتمسك بحل سياسي للمعضلة النووية الإيرانية، ولكنه من جهة أخرى يريد أن يكون واثقًا تمامًا أن طهران لن تتحول إلى قوة نووية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وأنها لن تكون قادرة على التحايل على بنود الاتفاق المرتقب.
وفيما تشدد المصادر الفرنسية على أن انضمام طهران للنادي النووي يعني "نهاية" معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وإطلاق سباق ذري في الخليج والشرق الأوسط، فإن الجانب السعودي يعتبر أن تطورًا كهذا يعني حصول تغيير استراتيجي أساسي و"إعادة توزيع الأوراق" في الخليج والمنطقة بأسرها.
وإن كانت باريس تعي أن المفاوضات في الأساس تدور بين وزيري الخارجية الأمريكي والإيراني، وهذا ما حصل في العاصمة العمانية مسقط قبل أسبوع من مفاوضات فيينا، ومن قبل في ربيع عام 2013، ولكنها على الجانب الآخر بيدها مجموعة من الأوراق التي تجيد استغلالها لعرقلة اتفاق لا يرضيها أو لا يستوفي كل الشروط التي تضعها، إذ إنه من المفترض أن يتم ما بين الـ6 الكبار وإيران وفق قاعدة الإجماع المتبعة داخل المجموعة، وأبعد من ذلك يحتاج رفع العقوبات الاقتصادية والمالية والعسكرية المفروضة على إيران في إطار الاتحاد الأوربي وفي إطار مجلس الأمن إلى قرار جديد داخل هاتين المنظمتين، وفي الحالتين تستطيع فرنسا عرقلة صدورهما.
واستغلالًا لهذا التأثير، تنسق باريس مع واشنطن بشأن شروط التفاوض مع إيران، وهي قد نجحت في الحصول على دعم الوزير كيري للنقاط الأساسية الـ4 التي شدد عليها نظيره فابيوس للتوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران.
2- تقوية علاقات واشنطن بدول الخليج
يتوقع في حال عدم التزام إيران بالشفافية التامة بشأن كل ما هو متعلق ببرنامجها النووي خلال الأشهر القليلة المقبلة، وحتى الميعاد النهائي للتوصل إلى الاتفاق النووي النهائي، أن يتدعم التقارب الأمريكي ناحية دول الخليج، وعلى حساب التحسن المحتمل في العلاقات مع إيران، وحيث أجرى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في 22 نوفمبر 2014، سلسلة مباحثات هاتفية مع نظرائه الخليجيين في الإمارات والكويت وقطر والبحرين إلى جانب تركيا، غداة لقائه نظيريه السعودي والعماني في باريس ولندن على الترتيب، للتباحث بشأن الملف النووي الإيراني، وحيث أكد على التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار المنطقة.
وقد أطلع كيري وزير الخارجية السعودي على آخر التطورات بخصوص المفاوضات النووية، فيما أكد مصدر دبلوماسي أمريكي رفيع أن اللقاءات تمت ويمكن أن تتكرر ضمن اهتمام الولايات المتحدة بالتشاور والأخذ في الاعتبار مصالح حلفائها بالمنطقة. وربما الأهم كان تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في 23 نوفمبر، حيث صرّح بأن: "المجتمع الدولي كله إلى جواري، وهم (الإيرانيون) بمفردهم"، مشددًا على قوة موقف الدول الست في التفاوض مع إيران.
وذلك فضلًا عن الرهان على أن الإدارة الأمريكية لا يمكنها اليوم أن تقبل اتفاقًا مع إيران يستطيع الكونجرس الطعن به، حيث فقد الرئيس أوباما الأكثرية الديمقراطية ومن غير المرجح أن يسهل الجمهوريون الذين يطالبون بفرض عقوبات جديدة على إيران أمر التصديق على الاتفاق، وبالمقابل فإن المفاوض الإيراني لا يستطيع قبول اتفاق لا يوفر الحد الأدنى من الحقوق التي تطالب بها طهران لأن ذلك يعني تهديد موقع الرئيس روحاني والمعتدلين، وفقدان دعم المرشد علي خامنئي واستفزاز المعسكر المحافظ، وكلها عوامل تدعم تقارب واشنطن ودول الخليج.
3- تحول إيران ناحية روسيا والصين
وذلك أمر تحدث عنه المسئولون الإيرانيون بوضوح في حال تعثر المفاوضات مع القوى الغربية، موضحين أنه بوسعهم في تلك الحالة التحول إلى بكين أو موسكو للحصول على دعم دبلوماسي واقتصادي بهدف إنهاء العقوبات المفروضة على بلادهم. وقال أحد المسئولين بهذا الشأن: "لا يمكننى الكشف عن مزيد من التفاصيل، لكن تربطنا دائمًا علاقات طيبة مع روسيا والصين، ومن الطبيعى إذا أخفقت المحادثات النووية أن نزيد من تعاوننا مع أصدقائنا، وأن نقدم لهم فرصًا أكبر فى السوق الإيرانية ذات الإمكانيات المتميزة"، وأضاف "لدينا آراء مشتركة مع روسيا والصين فيما يخص العديد من القضايا ومنها سوريا والعراق".
والصين هي أكبر مشتر للنفط الإيراني وإحدى الدول القليلة التي لا تزال تستوعب كميات ضخمة من الصادرات الإيرانية دون أي نقصان كبير منذ أن شددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوباتهما في السنوات الثلاث الأخيرة على طهران، وكذلك باعت روسيا أسلحة لإيران، وبنت لها محطة نووية وربما زودتها بقدرات تكنولوجية، وبإمكان كل من روسيا والصين أن يوفرا غطاءً دبلوماسيًا لإيران في مجلس الأمن، حيث تتمتعان بحق النقض الذي يمكن أن يساعد في عرقلة توسيع نطاق العقوبات على إيران، ولكن لا تبدو خطة طهران حلًا مثاليًا مع انخفاض أسعار النفط وتباطؤ اقتصاد الصين وتأثر روسيا بالعقوبات المفروضة عليها هي الأخرى.
وإن كان مساعد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمال وندي، قد أوضح في نوفمبر 2014 أن "إيران ستبني 8 محطات نووية في منطقة "بوشهر" المطلة على الخليج بالتعاون مع روسيا"، مشيرًا إلى أن "الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية علي أكبر صالحي إلى موسكو – في الشهر ذاته - كانت حصيلة أشهر من المباحثات بين البلدين، بحيث أبرمت خلال الزيارة ثلاث وثائق استراتيجية تدخل العلاقات الثنائية في منعطف تاريخي".
وقال: "إننا بصدد بناء 60% من أجهزة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في الداخل، خلال الأعوام القادمة وهذا بمعنى أن إيران ستصبح من الدول المنشئة للمحطات النووية في العالم"، وتابع: "إن صالحي أجرى مباحثات مع المسؤولين الروس بشأن إنشاء 4 محطات نووية بإمكانها أن ترتفع إلى 8 محطات"، موضحًا أنه "وفقًا للاتفاق المبرم مع روسيا فإن حصة الشركات الإيرانية في مجال الخدمات وإنتاج الأجهزة وعمليات التصميم في المحطتين الثانية والثالثة ستزداد تدريجيًا بحيث ستصل إلى 35 و40%".
رابعا- مآل العقوبات المفروضة على إيران
رافق قرار تمديد المحادثات النووية مع إيران تأجيل رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة عليها، وفيما سعى مفاوضو طهران إلى إنهاء فترة العقوبات التي كلفت بلادهم عشرات المليارات من الدولارات، فمن غير المرجح أن تتمكن إيران من زيادة صادراتها النفطية في الأسواق العالمية أو استئناف علاقات مصرفية عادية مع الغرب في الفترة المقبلة.
وتعد وتيرة رفع العقوبات من أهم العوامل التي عرقلت المحادثات النووية وأدت إلى تمديد فترة المفاوضات، وحيث تصر بعض الجهات الإيرانية المتشددة على رفع العقوبات الاقتصادية والمتعلقة بمجال الطاقة بشكل فوري وكامل، كدليل على حسن نية الدول الـ6 الكبرى المتفاوضة معها، لكن دبلوماسيي الدول الـ6 فضلوا رفع العقوبات تدريجيًا لضمان التزام طهران بجانبها من الصفقة.
وليتم الاتفاق على استفادة طهران من تخفيف نسبي في العقوبات بما يقارب 700 مليون دولار شهريًا خلال "الفترة الانتقالية" المقبلة. وكانت الولايات المتحدة قد رفعت تجميد ما يقارب 7 مليارات دولار خلال الصفقة الأولية التي أبرمت في نوفمبر من عام 2013 بين أعضاء الدول الـ6 وإيران. ولكن مع ذلك ليس بمستبعد تكثيف العقوبات المفروضة على إيران، أو حتى التوقف عن تخفيف العقوبات المفروضة عليها، في حال تعثر المفاوضات معها خلال الفترة الانتقالية، الأمر الذي يمكن الاستدلال عليه بأربعة مؤشرات رئيسية.
الأول: وفيما أعلن البيت الأبيض أنه يجب إتاحة مزيد من الوقت لإيران للرد على المخاوف بشأن برنامجها النووي، معتبرًا أن فرض مزيد من العقوبات على طهران قد يكون ضارًا وسط المحادثات، ولكن الرئيس باراك أوباما كان قد وجّه رسالة إلى الكونجرس في 12 نوفمبر 2014، يبلغ أعضاؤه فيها بتمديد العقوبات ضد إيران لعام آخر. وجاء في الرسالة: "لم يجر تطبيع علاقاتنا مع إيران حتى الآن"، ولذلك قرر الرئيس إبقاء القرار التنفيذي الصادر في 1979 والذي يقضي بإعلان "حالة طارئة" في العلاقات مع طهران وفرض عقوبات عليها.
يذكر أن قرار عام 1979 صدر بعد حادث اختطاف الرهائن الأمريكيين في طهران، وجاء هذا القرار على خلفية استمرار المفاوضات المكثفة بين إيران ودول "5+1" بشأن التوصل إلى اتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني.
الثاني: دعوة بعض الأعضاء في الكونجرس للتصويت على عقوبات جديدة ضد طهران، ردًا على تمديد المحادثات بشأن برنامجها النووي. وقال السيناتور الجمهوري مارك كيرك: "من الضروري أكثر أن يفرض الكونجرس عقوبات لا تعطي خيارات أخرى للإيرانيين لتفكيك برنامجهم النووي غير القانوني"، واعتبر الجمهوري اد رويس، رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب، أنه يتوجب على الرئيس أوباما فرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية، وقال أن "هذا التمديد لسبعة أشهر يجب استخدامه لتضييق الخناق حول طهران التي تعاني من تدهور في أسعار مواد الطاقة، لفرض التنازلات التي ترفض القيام بها".
فيما عرض السيناتور بوب كوركر، الذي سيحل محل روبرت ميننديز في رئاسة لجنة الشؤون الخارجية عندما يتولى الجمهوريون السيطرة الكاملة على مجلس الشيوخ في يناير 2015، حلًا أكثر دبلوماسية، عبر التلويح بالتهديد بفرض عقوبات جديدة في حال فشل التوصل إلى اتفاق نهائي. وعلى نحو عام يتوقع أن يعارض الجمهوررين الذين سيحظون بأغلبية الكونجرس خلال الفترة المقبلة، أي توجه لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران.
الثالث: قرار مجلس الاتحاد الأوربي في 25 نوفمبر 2014، تمديد تجميد مفعول العقوبات المفروضة على إيران إلى 30 يونيو 2015. وأوضح بيان للمكتب الإعلامي للمجلس أنه "تم تمديد تجميد التدابير المقيدة التي نصت عليها خطة العمل المشتركة والتي أقرتها السداسية وإيران في 24 نوفمبر 2013 إلى 30 يونيو 2015. ويأتي ذلك تبعًا لقرار السداسية وإيران تمديد مهلة خطة العمل المشتركة حتى التاريخ المذكور".
وتشمل عقوبات الاتحاد الأوربي ضد إيران بالخصوص، حظر تمويل الصفقات مع طهران وحظر الاستثمار في الصناعات النفطية الإيرانية، وحظر تأمين ناقلات النفط الإيرانية وحظر التجارة مع إيران في مجال الأحجار والمعادن الثمينة.
الرابع: وفيما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن عدم التوصل لاتفاق مع إيران "هو أمر جيد"، معتبرًا ذلك فرصة لمواصلة الضغط على إيران، لكنه انتقد الاتفاق معها بتحرير 700 مليون دولار كل شهر من الأموال الإيرانية المجمدة، وقال "إن المفترض أن يتم تشديد العقوبات وليس تخفيفها"، مشددًا في إطار ذلك على أن "الاتفاق السليم الضروري هو تفكيك قدرة إيران على صنع قنابل نووية ثم تفكيك العقوبات عندئذ.. بما أن هذا لا يلوح في الأفق فان هذه النتيجة أفضل.. أفضل بكثير".
وقد وجه نتنياهو رسالة إلى دول الغرب عشية استئناف المفاوضات مع إيران بشأن مشروعها النووي، تخلى خلالها عن التهديدات السابقة بشن الحرب، وقال إنه يقترح أن يستبدل بالاتفاق المفترض إبرامه مع طهران خطة لتشديد العقوبات، وأكد أن مثل هذه العقوبات وحدها هي التي تضمن تراجع النظام الإيراني عن مشروعه المدمر.
وجاءت تصريحات نتنياهو هذه، في رسالة عممها مكتبه، اقتبس فيها من أقواله أمام وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الذي غادر إسرائيل في 17 نوفمبر 2014، وحيث حاول نتنياهو اللعب أكثر على وتر الأمن الأوربي، فقال لضيفه إن إسرائيل ليست الجهة التي تهدد بتوريط الغرب في حرب مع إيران، وأن "البديل عن الاتفاق السيئ ليس الحرب بل مواصلة العقوبات التي تجعل إيران تنزع قدرتها على إنتاج السلاح النووي، ناهيك عن تخصيب اليورانيوم الذي يشكل محورًا أساسيًا للسلاح النووي".
وأضاف نتنياهو: "إنني أذكّر أوربا كلها بأن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي طوّرتها إيران، لا تستهدف إسرائيل بل أوربا والولايات المتحدة، علمًا بأن هدفها الوحيد هو حمل الشحنة النووية. وعليه، لا يجوز أن تملك إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم وتطويره نحو القنبلة النووية أو قدرة إنتاج الوسائل القادرة على حمل القنبلة".
* مدرس العلوم السياسية المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة.
** مدرس العلوم السياسية المساعد بمعهد أكتوبر العالي للاقتصاد – جامعة 6 أكتوبر