المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

انتخابات رئاسية فى بيئة مضطربة

الخميس 27/مارس/2014 - 11:25 ص
هل نشهد ـ فى إطار الحملات الانتخابية للمرشحين لموقع رئيس الجمهورية القادم ـ تطوراً فى الحياة السياسية المصرية الجديدة
ـ القديمة من حيث تطور أساليب الدعاية الانتخابية، والأداء السياسى للمرشحين من حيث قدرتهم على مخاطبة مجموع الأمة المصرية؟
هل سينتقل الخطاب السياسى للمرشحين من مجال اللغة الشعاراتية الجوفاء حول تمجيد مصر والمصريين ،أم أننا سنشهد خطابات عقلانية تتوافر فى بنياتها ومرجعياتها وضوح الانتماء السياسى والدفاع عن مصالح قوى اجتماعية وسياسية محددة المعالم؟ أم أنها ستعيد إنتاج خطابات رؤساء الجمهوريات السابقين، من حيث البلاغة الخشبية، أى استعادة اللغة الميتة الصاخبة بالضجيج والغائمة المعانى، والمضطربة الدلالات، على نحو ما شاهدنا فى السرديات الإنشائية التى شاعت فى خطابات السادات ومبارك، وكذلك البلاغة الدينية القديمة المخلطة ببعض من الشعارات العامة على نحو ما كان عليه خطاب الرئيس السابق محمد مرسى؟
هل ستشهد المعركة صراعا أو تنافسا يتسم بالحد الأدنى من الرشد السياسى بين برامج انتخابية تتسم بالجدية، والدرس الموضوعى للمشكلات البنائية التى تواجه الدولة والنظام السياسى، والاقتصاد، والثقافة والإعلام والقوى الاجتماعية الرئيسة.. الخ؟ أم أننا سنواجه موضوعات إنشائية أعدت على عجل بمناسبة الحملة الانتخابية على نحو ما نرى من بعض الشواهد؟
إن نظرة طائر على البيئة الانتخابية، تشير إلى بروز بعض المؤشرات التى قد تساعدنا على الإجابة عن الأسئلة السابقة، ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر ما يلى:
1- الانقسام السياسى والاجتماعى بين القوى السياسية «الليبرالية» و«الديمقراطية»، و«اليسارية» و«القومية»، وبين جماعة الإخوان المسلمين، والقوى السلفية، والجماعات الإسلامية السياسية وأحزابها. ترفع القوى الأولى شعارات الدولة «المدنية»، والديمقراطية الغامضة المعانى والدلالات والسياقات والأبنية وقواعد التنافس والعلاقة مع الزمن السياسى الكونى الراهن وتغيراته المتلاحقة. ومن ناحية أخرى تطرح أفكارا عامة أقرب إلى الشعارات حول مفاهيم المشاركة والعدالة الاجتماعية وتمكين الشباب والمرأة، والاهتمام بالقطاعات الاجتماعية والمناطق المهمشة.. إلى آخر شعارات الخطابات السياسية لهذه الأحزاب التى تفتقر إلى العمق والأصالة والبحوث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العميقة حول الدولة والمجتمع والإقليم والعالم.
وتذهب القوى الإسلامية، إلى التركيز على ضرورة تطبيق نظام الشريعة ومفهوم الهوية - ذى الطابع الدينى المغلق والساكن والمؤسس على سرديات تاريخية منتقاة ومجتزأة من سياقاتها التاريخية والنازعة إلى الإقصاء للآخر الدينى والنوعى والجندرى - والمذهبى والقوى السياسية الأخرى - وإلى نظام الفتاوى وإلى هيمنة دينية ورمزية - تأويلية ومحافظة - على عمل مؤسسات الدولة وسياساتها بالإضافة إلى وهن مفهوم المصرية - كقومية وأمة شبه مكتملة - إلى مفهوم الجماعة الإسلامية الانقسامى داخلياً فى إطار المفهوم العام للفكرة الإسلامية الجامعة حول الخلافة.
إن الصراع بين القيم السياسية العامة والرؤى المؤسسة لكل تيار «ديمقراطى» أو«إسلامى»، والتى يعاد إنتاجها وغموضها بل وركاكة بعضها ليس أمراً عارضاً أو مستجداً، وإنما هو نتاج لظاهرة موت السياسة أو «السياسة المعتقلة» لدى الدولة والنخبة التسلطية الحاكمة ذات الجذور البيروقراطية والأمنية والتكنوقراطية والعسكرية لكافة تشكيلات الحكم منذ ثورة يوليو 1952، وحتى سقوط شرعية النظام فى أعقاب هزيمة يونيو 1967، ثم تجديدها الجزئى بعد حرب أكتوبر، ثم انهيارها بعد 25 يناير 2011، والسعى إلى استعادتها من المجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية الأولى، وفشل الشرعية الثورية فى المرحلة الانتقالية الثانية، ثم السعى إلى إعادة تأسيسها فى ظل ما سمى بتحالف 30 يونيو 2013 الذى انكسرت قوادمه سريعاً بعدئذ؟!.
2- بيئة سياسية من السيولة والغموض وعدم اليقين وتشوش الآمال الجماعية حول مستقبل الدولة والمجتمع والاقتصاد والثقافة والأمن فى ظل حالة من العنف السياسى والاجتماعى، الذى يتسم بالانسيابية والدينامية، والتطور فى موجات العنف ذات المحمولات الإرهابية وامتداد جغرافيا العنف وزحفها إلى غالب مناطق الدولة، وعلى نحو ينطوى على تجريح ورفض فى العمق للدولة وللسلطة الانتقالية ولخارطة طريق المرحلة الثالثة، و«للشرعية» التى تنهض عليها فى ظل اقتصاد ينوء بمشكلات واختلالات هيكلية ضخمة تؤشر بالإفلاس، والدخول إلى دائرة الدولة الفاشلة.
3 - ثورة من التوقعات والمطالب الاجتماعية المتصاعدة والمتلاحقة التى تبتدى بوضوح فى الاضرابات والاعتصامات والاحتجاجات العمالية، والمهنية، والصاعدة من أصلاب الفشل، وضعف الإنجاز والخسائر، وغياب الالتزام بقيمة العمل والكفاءة والأداء الكفء كما وكيفاً، وذلك دونما مراعاة المصالح العامة للأمة والدولة فى وضع بالغ الحرج.
4 - الضعف التكوينى السياسى للنخب القديمة التى تأكل الرأسمالى الخبراتى والمهنى والثقافى لها، بالإضافة إلى ضحالة حسها وخيالها السياسى، وشيخوختها الذهنية وانفصالها عن زمن العالم والإقليم المتغيرين.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟