المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

مدخل إلى تجديد الدولة المصرية

الخميس 06/فبراير/2014 - 10:46 ص
هل تدرك النخب السياسية التى أدارت ولاتزال مراحل الانتقال السياسى فى مصر معنى الدولة؟.. 
ما يسوغ السؤال، تحليل وتفكيك الخطابات السياسية والدينية على اختلافها حول إدراكها لمعنى الدولة، بالإضافة إلى الفشل التاريخى فى إدارتها أو تجديدها مؤسسياً وفكرياً طيلة أكثر من ستين عاماً مضت. يمكننا أن نطرح الملاحظات التالية حول إدراك معنى الدولة لدى عديد الجماعات السياسية فيما يلى: 1- النخبة العسكرية، أدركت الدولة ولاتزال حول معنى القوة المرتبط بالقوات المسلحة ثم المؤسسة العسكرية بعد ذلك -، أى أن الدولة تختزل فى أجهزة القوة والقمع المشروع الذى يدور حولها، ومعها الأجهزة الشرطية على اختلافها، وجهاز الدولة البيروقراطى، والنظم القانونية كأدوات لتحقيق الأمن والنظام العام، ومعهم الأجهزة، القضائية من هنا يبدو احتكار القوة والحسم فى لحظات الأزمات، يختصر الدولة ويركزها حول المؤسسة العسكرية، يسوغ هذا الإدراك تاريخ الجيش المصرى فى السياسة منذ 23 يوليو 1952، وحتى المرحلة الانتقالية الثالثة، وآية ذلك عديد الأمثلة، ومنها تمثيلاً لا حصراً ما يلى: أ- رؤساء الجمهوريات الثلاثة العسكريون، من ناصر، والسادات إلى مبارك. ب - نظام التجنيد السياسى للنخب الوزارية والمحافظين، ومصادره وعلى رأسها، الأمن، والقضاء، والتكنقراط، والبيروقراط. ج - اتساع نطاق اختصاص القضاء العسكرى ليشمل عديد الحالات التى يسمح فيها لرئيس الجمهورية إحالة بعضهم لاسيما بعض السياسيين إلى القضاء العسكرى من إسلاميين وشيوعيين وغيرهم - لتحقيق الحسم والردع العام. د - تماسك بنية المؤسسة العسكرية، وانضباطها، وقدرتها على الإنجاز فيما يتصل ببعض المشروعات أو المهام التى يسندها إليها رئيس الجمهورية ذو الأصول العسكرية. هـ- تدخل المؤسسة العسكرية وأجهزتها فى بعض القضايا الأمنية التى تشكل خطراً على النظام، ومن أبرزها قضية الإخوان المسلمين عام 1965 -، وفى مظاهرات يناير 1977 على نحو جزئى وفى ضوء ضوابط وضعها المشير الجمسى رحمه الله، ثم فى تمرد قوات الأمن المركزى 1986، وأخيراً فى ظل الانتفاضة الثورية المجهضة فى 25 يناير وما بعد، وعقب الاحتجاج السياسى الواسع على حكم الرئيس السابق محمد مرسى، ووضع خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية الثالثة، فى ظل الحاضنة الشعبية للمؤسسة العسكرية، هذا المعنى والإدراك السياسى للدولة أداتى بامتياز، ويتمحور حول تجربة نظام يوليو التسلطى، ويخلط بين القوة الصلبة وأدواتها، وبين الدولة ذاتها من خلال اختصار الدولة فى بعض أجهزتها. 2 - النخب «السياسية» الليبرالية، والقومية الناصرية، واليسارية بعد 1952 يختلط لديها الدولة بالنظام السياسى التسلطى، وهو ما يظهر فى خطاباتها، حيث يركز الليبراليون على المفهوم الشكلانى للدولة، والدستور وسلطات الدولة على نمط المقاربات القانونية الشكلانية، ومعهم بعض منظرى جماعة الإخوان المسلمين، الناصريون يركزون على الدولة عطفاً على تجربة الرئيس ناصر ودولة يوليو، ومن ثم يتداخل هذا الفهم مع غالب الإدراك العسكريتارى الشائع للدولة كنظام وتمحوره حول مؤسسات الحسم، الجيش والأمن، بعض الماركسيين على وعى تاريخى بالدولة وأجهزتها وأبنيتها التحتية والفوقية، وقدراتها القمعية إلا أن ذلك الفهم لا يزال يتمحور حول السرديات المؤسسة للماركسية كفلسفة ومنهج وطريقة للتحليل، وتاريخ تطبيقى تمثل فى تجارب الإمبراطورية السوفيتية والدول الأخرى قبل سقوطها، لكن تنظيرات السرديات اللاحقة حول فلسفة الدولة ربما لا يعرفها سوى قلة من بعض مثقفى اليسار المصرى، ثمة آخرون لديهم توجه مضاد لمفهوم الدولة، بوصفها منتجة للتفاوتات الاجتماعية، وللقمع الغشوم.
3 - الجماعات الإسلامية السياسية يدور مفهومها حول دولة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والخلافة الراشدة لدى بعضهم، والآخروين يمتد لديهم هذا الإدراك التاريخى إلى الإمبراطورية الإسلامية، ثم الدولة العثمانية بوصفها دولة الخلافة، ومن ثم كان صعودها مع حركة التبشير، والتغريب، هو أحد أسباب نشأة جماعة الإخوان المسلمين عام 1928. غالب هذا الإدراك لمعنى الدولة يركز على بعض مراحل تطور نماذج الدولة تاريخياً أى ما قبل الدولة الأمة وحركة القوميات، وتشكل النظام الدولى، وتحولاته وصولاً إلى العولمة. بعض هذا الفهم يغفل أن الخطاب حول الدولة القومية وتطوراتها فى ظل تطور بنية الرأسمالية العالمية والعولمية بات أكثر تعقيداً وتركيباً، ومن ثم لايزال إدراكهم خارج نطاق الفهم التاريخى للدولة وحتى اللحظة الراهنة ومآلاتها والمصرية الحديثة والمعاصرة خصوصاً، والحركة القومية الدستورية التحررية من الاستعمار البريطانى، ثم فى إطار حركات التحرر الوطنى فى القارات الثلاث، وصولاً لإعادة دمجها فى الإطار الرأسمالى المعولم، وخضوعها للتبعية للولايات المتحدة الأمريكية. بعضهم أدرك هذه التبعية، وزايد عليها على نحو ما تم فى ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين، وفى نطاق العلاقات المصرية - الإسرائيلية. لا يزال بعض هذا الفهم للدولة الوطنية ينقسم إلى مجموعتين أولاهما: أن الدولة الوطنية هى مرحلة لتأسيس دولة الخلافة الإسلامية، فى إطار الفكرة الإسلامية الجامعة، من هنا يمكن فهم وإدراك بعض مرشدى جماعة الإخوان للدولة - الأمة الأستاذ مهدى عاكف - والمجموعة القطبية المسيطرة على مكتب الإرشاد، وبعض منظرى الجماعة المرحومين المستشار د. مصطفى كمال وصفى وكيل مجلس الدولة الأسبق، والمستشار على جريشة، حيث ذهب الأخير إلى أن جنسية المسلم ديانته، وهو إدراك يختصر الدولة فى الرابطة الدينية الجامعة. وللحديث بقية.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟