المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

أشباح التسلطية ومخاطرها‏!‏

الخميس 23/يناير/2014 - 11:01 ص
هل تعود مصر إلي معتقلات اللاسياسة‏,‏ أو إلي بعض مظاهر موت السياسة الذي شهدته منذ تأسيس السلطوية السياسية والثقافية والدينية منذ‏23‏ يوليو‏1952‏ وحتي الآن‏..
يبدو هذا السؤال ملحا في اللحظة الحالية عقب وضع التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها من خلال تحليل البيئة السياسية التي يحاول بعضهم في السلطة الانتقالية, وأجهزة الدولة الأيديولوجية والأمنية أن يستعيدوا بعضا من سمات الدولة التعبوية, لاسيما في مرحلة الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر, وسعي بعض رجال المال والأعمال والحزب الوطني في عهد حسني مبارك إلي العودة مجددا إلي المشاهد السياسية, ومن خلال أساليب الفكر والعمل السياسي نفسها التي سادت في كلتا المرحلتين, وآية ذلك ما يلي:-
محاولة نسيان الانتفاضة الثورية في25 يناير, وكيل الاتهامات لشباب الطبقة الوسطي الوسطي المدينية في القاهرة, والإسكندرية, وبعض المدن الأخري, ونسبة الفوضي والاضطراب السياسي والأمني لهم, وأنهم يفتقدون للقدرات والمهارات القيادية, بالإضافة إلي التشكيك في ذمم بعضهم المالية, وأنهم مرتبطون بمصادر دعم خارجي غربي وأمريكي بالأساس. وهذا التوجه ليس جديدا, وإنما استعادة الإرث السلطوي والاتهامي للدولة التسلطية التي عاشت علي أسطورة المؤامرة الخارجية, والاتهامات المرسلة إلي المعارضين لها, والمطالبين بتجديد الدولة والنظام السياسي, وذلك من خلال الديمقراطية الكاملة, واحترام حقوق الإنسان. من ناحية أخري النظر إلي الانتقادات الموجهة إلي أجهزة الدولة الأمنية والاستخباراتية, وكأنها محاولة لهدم الدولة, والسعي إلي انهيارها. هذا التوجه يعكس أن نخبة الدولة والسلطة الانتقالية لا تزال تعيد إنتاج ذاتها, وأفكارها وأساليب عملها العتيقة التي تجاوزها الواقع الموضوعي ولم تعد تقنع أحدا بعد25 يناير2011 وبما بعد..
استمرارية ظاهرة الشيخوخة السياسية المرتبطة بدولة العواجز كما يقول غالب الشباب الناشط من أجل التغيير الثوري للدولة وسلطاتها وأجهزتها. عودة العقل والأداء التعبوي لجهاز الدولة, وكأننا لا نزال نستنتج اللغة والبرامج التعبوية نفسها التي كانت سائدة في العهود السياسية السابقة, وكأن الاستفتاء علي الدستور, هو استفتاء علي الميثاق الوطني, ودساتير مصر السابقة, حيث التمجيد, والرأي الواحد عموما والاستثناءات قليلة ومحدودة الإقصاء السياسي والفكري لعديد من المواقف والآراء المعارضة. لغة التبرير والمدح لا التحليل والتفسير والنقد.
إعادة إنتاج المنطق والأدوات واللغة الأمنية التسلطية والقمعية, وذلك تحت سطوة فكرة هاجسية, إما الأمن وفق هذا المنطق, أو انهيار الدولة, وكأن الدولة تختصر في الأمن, والجيش, وليست كائنا معقدا ومركبا, وتتجاوز أجهزتها القمعية بل وسلطاتها الثلاث. صحيح أن الأداء الأمني نجح إلي حد ما في كبح جماح بعض الخارجين علي القانون, ومواجهة بعض أشكال العنف السياسي ذي الوجوه الدينية والطائفية, إلا أن السياسة الأمنية وأساليب العمل تحتاج إلي إعادة نظر عقب مرحلة ما بعد الاستفتاء علي الدستور, وضرورة التمييز في عمليات القبض والاعتقال بين الفاعلين الإجراميين, وبين بعض العناصر الاحتجاجية الذين لم يرتكبوا أعمال عنف وسلوكا مؤثما قانونا. من ناحية أخري يتعين علي الجهات القضائية المختصة أن تعيد تقييم المواقف القانونية لعديد من المقبوض عليهم والمحبوسين احتياطيا, وذلك لحصر دائرة الغضب السياسي والاجتماعي والديني, وهو أمر يمثل جزءا من تقاليد القضاء والنيابة العامة الراسخة.
محاولة تقديم وزير الدفاع كمرشح رئاسي محتمل, وكأنه المخلص, وهي سياسة إعلامية بالغة الخطورة, لأنها تعيد أجواء الاستفتاء علي رئيس الجمهورية بوصفه البطريرك السياسي للأمة والدولة في ظل نظام تسلطي وثقافة سياسية طغيانية. الأخطر أن هذا الاتجاه الخطير يبدو وكأنه يريد إعادة إنتاج دولة ونظام يوليو1952 وهو ما ثار عليه أجيال السبعينيات وما بعد, وأدي إلي انتفاضة25 يناير.2011 من ثم سيواجه من يتم انتخابه مشاكل هيكلية خطيرة تحتاج إلي الديمقراطية بقيمها وسلوكها ومؤسساتها وآلياتها, وأن العودة إلي منطق أن المعركة الانتخابية الرئاسية محسومة لصالح مرشح واحد, سيدفع شرائح جيلية شابة إلي العزوف عن المشاركة السياسية, بدعوي أن النتائج معروفة سلفا. إن هذا التوجه السابق بالغ الخطورة لأنه يمثل عودة إلي النظام القديم وآليات عمله, وهو ما سوف يفاقم من الغضب السياسي ويؤدي إلي انفجارات تبدو جاثمة في الأفق القريب, كنتائج لهذا الأداء التسلطي والإعلامي المتردي.
استمرارية الأداء الثقافي الاستعراضي الذي ساد طيلة ثلاثين عاما مضت, في العاصمة, وبعض المهرجانات والاحتفالات, وقص الأشرطة والأبسطة الحمراء, ولا توجد سياسة ثقافية تتعامل وتواكب المرحلة الانتقالية, ولا تزال المؤسسات الثقافية الرسمية تعمل وكأن شيئا لم يحدث في البلاد, وتحولت إلي أداء وظيفة أساسية هي النشر بينما أدوارها الأساسية تبدو غائبة أو غائمة علي أقل تقدير.
لا شك أن الملامح السابقة تشير إلي ضرورة أن تكون انتخابات الرئاسة ومرشحيها أيا كانوا علي دراية بأن العودة إلي دولة العواجيز التسلطية مجددا يشكل خطورة كبيرة علي الدولة ذاتها مع ضعف أداء الدولة المؤسسي, وارتباكها, وتراجع مستويات حضورها, بالإضافة إلي أن نخب السلطة الانتقالية, وفي الأحزاب السياسية يشكلون أحد مصادر إنتاج عدم الاستقرار السياسي والأمني, لأن فجوة الثقة والمصداقية فيهم تتراجع علي نحو متسارع, وخطير. ومن ثم نحن أمام مفترق طرق بالغ الحرج.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟