الفرص والتحديات .. مستقبل بريكس بعد توسيع العضوية
يُعاني العالم مُنذ زمن بعيد بتوغل القوى القطبية التقليدية،
المنفردة بهيمنتها الاقتصادية، والتدخل المُستَميت في شئون الدول النَّامية؛ لطالما
أرادتا الصين وروسيا كسر تلِك الشوكة للوصول الى عالم مُنصف عادل للجميع في ظل
تعدد القوى، والاستحواذ على شركات العديد من الدول ليس قهرًا وإنَّما من أجل فائدة
الجميع؛ ليشهد العالم ترسيخًا لأول خطوات عَلَنيَّة لقهر القوى القطبية الواحدة، والتَّخلِي
كلياً عن رابطة عنق الجميع الدولار الأمريكي.
أُعلَنَّ رَسميًا
الموافق 24-8 من قبِل مجموعة البريكس عن استقبال عضوية 6 دول
ليكون أول استقبال يتم تَّدشينه مُنذ 2010 بقبول جنوب أفريقيا؛ حيث تم إنشاء
البريكس بدعوة روسية من الرئيس_ فلاديمير بوتين_ 2006 لينضم إليه ثلاثة أخرى وانطّلقت أولي قممه 2009؛
لتَّدعو إلى نظام اقتصادي مُتعدد القطبية ذات أبعاد سياسيه أمنية؛ ليُصبح تكّْتل اقتصاديًا
يحوي مورد بشري هائل يُقدر 40% من أجمالي
سكان العالم بِناتج محلي يوازي النَّاتج
المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بِما يُقدر 25% من الناتج المحلي الإجمالي
العالمي، ليدعو الرئيس الصيني _شيشينغ بينغ _في ظل الأحداث التي
تكَّتظ بالتَّنافسية والاضطرابات الدولية إلى
بِدأ استقبال أعضاء جدد؛ لتوسع البريكس والعمل على تحقيق العديد مِن الأهداف
بالتوافق مع الدول الصَاعِدة وتوسِيع الدائرة الجيوسياسية والتركيز علي الدول ذات أدوار
إقليمية، وعالمية لِيقع الاختيار على ثلاثة عربية مصر، السعودية ، الإمارات بالإضافة الي إثيوبيا، والأرجنتين.
كسر قبضة الولايات المتحدة
لطالما كان التنافس التجاري الحاد والجيوسياسية بين الولايات وكبرى أسيا؛ سبباً في تشكيل تكتلات
كالآسيان و شنغهاي كَنوع مِن التوازن الإقليمي
في منطقة الإندو- باسفيك؛ لمواجهة تدخلات أمريكيا
بعد وضْع الباسفيك ضمن مناطق المستقبل لتزداد استفزازات أمريكيا للحدود الصينية
سواء بأيد يابانية أو بِعثات إلى تايوان؛ لتَكنّ تهديدًا للصين في ظل عدم قدره
الصين الحالية للحرب من ناحية البحر مع إنهاك روسيا عسكريًا بعد إعلان أوكرانيا انضمامها
لحلف الناتو، لتخوض روسيا قدرُها في حماية حدودها؛ لتظل الولايات هي الصقر المُحلق
دائمًا لقيادة العالم وهذا ما يتعارض دائمًا وأبدًا مع التطلعات الروسية الصينية لمستقبل متَعدد؛ لذلك كان الحل الأمثل
والأكثر سلمية في ظل اضطرابات عالميه تنافسية توسيع البريكس؛ ليكون حائط صد
لمشروعات التجارية، والاقتصادية، والتكنولوجية
لدَّي الصين بعد فرض حظر تجارة
التكنولوجيا الغربية علي الصين، وسياسات الإغراق داخل الولايات فيكون التوسع لمساعدة الصين علي خلق أسواقًا جديدة في مناطق مختلفة،
فيصبح البريكس ثاني تجمع في العالم بعد الاتحاد الاوربي ممثلاً
ثُقل في عالم الطاقة: فَبعد انضمام المملكة العربية السعودية يشكل البريكس حوالي 44% من الاقتصاد العالمي بِحلول 2040، ليخرُج العالم متسللاً من تحت وطأة هيمنة
الغرب كبديل للنظام العالمي، وتكتل مجموعة السبع لخدمة مصالح الدول النامية للحصول علي أقصى معدلات
التنمية الاقتصادية، وزيادة صوت أعضائها في المنتديات الدولية العالمية، وتصبح من
الضربات القاضية فيما يتعلق بالتنكيل بالمؤسسات
العالمية والمطالبة بإصلاحها جذريًا أو خلق مواجهة جماعية لإسقاطها أرضًا؛ لِجعلها
أكثر تمثيلاً لتحديات البشرية التي عانت تحت شعائرها أمدًا طويلاً بدعم من بنك التنمية
الجديد لمجموعة البريكس، الذي يهدف لتقديم
خيارات بعيدة عن البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي و التَّخلي عن الدولار كليًا، ونتائجه السلبية
التي طفقت علي العالم في أحداثه الأخيرة؛ لتكون التسويات في البريكس بالعملات المحلية
او إنشاء عملة موحدة لَتعامل بِها، مع الاستفادة بالتحكم في سوق الطاقة العالمي
بدعم من السعودية والسيطرة علي أهم المضائق وطرق التجارة.
منافع على المستوى الاقليمي
تتطلع كل دولة داخل التكتل علي تحقيق مكاسب تصب داخل
المصالح القومية، وتختلف من دولة إلى أخرى فتسعى البرازيل إلى إطلاق عملة خاصة بالبريكس موحدة لمحاولة لحل المشكلات الاقتصادية،
ومشاكل الديون بداخلها وأن يَحظى الرئيس_ لولا دي سيلفيا _بتأييد شعبي يمكنه من فرض الضرائب علي شعبه، بينما فرضت عقوبات
الغرب بعد الحرب الأوكرانية علي الرئيس_
فلاديمير بوتين_ رغبته في التوسع؛ لتوسيع دائرة علاقاته مع دول الجنوب، وتقليل هيمنة
الدولار الأمريكي، فتختلف نظرة الهند لتكون نظرة توسعية كمحاول لترسيخ دوراً في العالم الثالث التي لطالما ربطتها
علاقات سلمية مع تِلك الدول، مع محاولات للخروج من مشكلات التضخم الذي يُعاني منه البلد،
فأما الصين أرادت أن تشن حربًا تجارية في مقابل الولايات المتحدة، والتَغلب على مشكلات
التباطؤ الاقتصادي، والركود وارتفاع معدلات البطالة، بينما الأخيرة جنوب أفريقيا رغبت
في لعب دور فعال بِمصاف الدول الكبرى، ومعالجة الركود على المستوى القومي، ومشاكل
انقطاع الكهرباء، والفقر مع محاولة إلى كسب الانتخابات القادمة لصالح رئيسها
الحالي.
تضارب توجهات البريكس
أرادت الصين فكرة التوسع بدعم من قِبل روسيا وجنوب أفريقيا
للحد من اليد العليَا لهيمنة الولايات، وسلوك
مستقبل دولي يتبنى الإنصاف والعدالة، بينما توجست كلاً من الهند، والبرازيل فالأولى
خوفًا وقلقًا من التمدد الصيني في المنطقة و توجساً من ريادة الصين للبريكس
وتوجيهه؛ نظراً لتاريخ النزاعات الحدودية
بين الصين والهند في منطقة الهيمالايا "التبت"، بينما توجست تِلك الأخرى من استفزاز الولايات؛ نظرًا لتاريخ المشترك بينها وبين الولايات ووجودها
ضمن تكتلات غربية عدَّة كمجموعة العشرين بالإضافة
الي اعتبرها ضمن مناطق المجال الحيوي
للولايات.
الحل لمواجهه التشتت
بعد تسارع الأحداث المنهمرة على النظام العالمي بوجه عام
والأزمة الروسية الأوكرانية بشكل خاص أصيب العالم بالتشتت واتجه إلى الانضمام نحو
تكتلات جيوسياسية، واقتصادية؛ لضمان الحماية وقت السقوط والأزمات وخاصة الدول النامية
التي تُعاني من الهشاشة والتأثر بمستجدات العالم، فدعوة البريكس إلى تلك الدول كان
بمثابة اليد المنقذة من الاستمرار في التأثر بتداعيات الدولار في ظل أهدافها التنموية،
فكان تقديم الدعم الصيني في مختلف المجالات
الزراعية، والتكنولوجية، والصناعية لدول الحليفة
من أجل إنشاء تحالف صناعي للتنمية المستدامة،
مع إعادة توجيه التدفقات داخل قطاعات النقل والخدمات إلى شركاء موثوقين من داخل مجموعة
البريكس، والعمل علي تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية،
كما دَعت الصين إلى توسيع نطاق هندسية السلام والتنمية بعيدًا عن شعائر الهيمنة الغربية
الجوفاء وتدخلاتها بالقروض المجحفة لمساعدة
الدول الأعضاء داخل مجموعة البريكس بالدعم لما تعانيه تلك الدول من تراجع في مصادر
الدولار في الاحتياطي النقدي الخاص، والعمل علي معالجة عجز الموازنة العامة كما
يمكن مبادلة العملة المحلية بعملات صعبة إذا كانت تعاني من نقص العملات والعمل علي
أن يتم دعم مشاريع البنية التحتية من قبل بنك التنمية الجديد بشروط أقل، وتمويل أسرع
لزيادة الاستثمارات داخل البلد الواحد وبث الرواج التجاري والاستثمارات.
تخوفات فشل البريكس
من أبرز التخوفات توسع البريكس أن يسلك التكتل مصير
التكتلات التي برزت في السابق ثم فقدت مصداقيتها
مثل الكوميسا، والاتحاد الإفريقي وغيرها
من التكتلات التي كان أساسها دول نامية، وجود
العداءات التاريخية بين أعضاء البريكس ونزاعات
تنافسية كنزاعات الصينية الهندية كما يزيد علي ذلك تواجد الهند ضمن تحالف الكواد؛
مما يعني وجود تعارضات لمصالح الحلفين كما أن في ظل توسع الصين تجاريًا وعالميًا إلا
إنها من أكثر الدول شراًء لسندات الأمريكية بما يقدر ب3 تريليون دولار، ولا يمكن إغفال أنَّ
التجارة التي تعتمد علي الدولار تستحوذ علي 80% من اجمالي التجارة العالمية، ويعتبر
الدولار هو البنية التحتية الأساسية للنظام العالمي الجديد ؛ مما يؤدي إلى صعوبة
تبني عملة موحدة لتعامل بها داخل مجموعة البريكس، ولنكون أكثر واقعية الدول المنضمة
هي دول مفتقدة لترابط الجغرافي مع اختلاف أنظِمتها السياسية مما يمكن استغلال تلك
الدول لمصالح وأهداف الدول الكبرى كالصين، وتسخيرها لخدمة حربها التجارية ودعمًا لمشروع
" طريق الحرير "؛ مما يؤدي إلى خلق حرب باردة داخل المناطق النامية مقابل المعسكر الغربي.
قائمة المصادر: -
Jolian Borger, The Guardian, Thu24, Brics to
more than double with a dmission of six
new countries, at:
عبدالله، ميشلب، بريكس تعلن انضمام 6 دول جديدة
للمنظمة بينها 3 عربية، الثلاثاء 24, investing.
https://sa.investing.com/news/economy/article-2453681د
د. ن، جنوب افريقيا: مجموعة البريكس اتفقت بشأن مسألة
التوسع، sputnik
https://cutt.us/mHpQf
محمد خالد، الطريق نحو رسم خريطة سياسية واقتصادية
جديدة للعالم، البيان
https://www.albayan.ae/world/political-issues/2023-05-07-1.4658958