اتجاهات جديدة: مسارات فوز مكارثي برئاسة مجلس النواب وموقف بايدن من الترشح لولاية جديدة؟
انتخب الجمهوري كيفن مكارثي رئيسًا لمجلس النواب
الأمريكي، بعد تقديم تنازلات واسعة لمجموعة من المنتمين لأقصى اليمين أثارت
تساؤلات حول قدرة الحزب على الحكم. وأدى فوز مكارثي في الاقتراع الخامس عشر إلى وضع
حد لأعمق خلل وظيفي في الكونجرس منذ أكثر من 160 عامًا، لكنه ألقى الضوء بوضوح على
الصعوبات التي سيواجهها في قيادة أغلبية طفيفة ومستقطبة بشدة. وفاز مكارثي بعد حصوله على 216 صوتا مقابل 212.
ووافق
مكارثي على مطالبة المنتمين لأقصى اليمين بأن يتمكن أي مشرع من المطالبة بإقالته
في أي وقت. وسيؤدي ذلك إلى تقليص حاد في السلطة التي سيحتفظ بها عند محاولة تمرير
تشريعات بشأن القضايا الحاسمة بما في ذلك تمويل الحكومة، ومعالجة سقف الدين الذي
يلوح في الأفق في البلاد والأزمات الأخرى التي قد تنشأ.
كما أنه
وبانتخاب مكارثي ينتهي فصل شهد حتى نهايته توترات شديدة في صفوف الحزب الجمهوري
وبخاصة من جانب النواب المؤيدين لترامب. ويعد منصب رئيس مجلس النواب ثالث أهم منصب
سياسي في الولايات المتحدة بعد الرئيس ونائب الرئيس.
وقد كشفت
عملية انتخاب كيفن مكارثي رئيسًا لمجلس النواب الأمريكي، عن انقسام واضح في صفوف
الحزب الجمهوري، كما ألقى الضوء بدوره على توجهات الرئيس الأمريكي السابق دونالد
ترامب السياسية والحزبية، لا سيما أنه يتمتع بثقل سياسي كبير في الحزب الجمهوري.
مسارات عديدة
فاز
الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس الشيوخ في انتخابات منتصف الولاية في 8 نوفمبر
2022، بينما نجح الجمهوريون في انتزاع الأغلبية بمجلس النواب. وأدى ضعف أداء
الجمهوريين في الانتخابات إلى إضعاف مكارثي أيضًا؛ حيث لم تتحقق "الموجة
الحمراء" التي تنبأ بها المحافظون، كما أنه عام 2015 فشل مكارثي بفارق ضئيل
في محاولته ليصبح رئيسا لمجلس النواب في الكونجرس حيث تم انتخاب بول رايان حينها.
ومن ناحية أخرى، نجح عضو الكونجرس
في كاليفورنيا في إقناع ما يكفي من الجمهوريين العشرين الرافضين لدعمه أو على
الأقل عدم معارضة محاولته صراحة في الفوز بمنصب رئيس مجلس النواب. ولكن لم تكن مهمة الحصول
على أصوات هؤلاء الجمهوريين المتمردين سهلة؛ حيث كان على مكارثي تقديم وعود
وتنازلات كبيرة تحد من سلطته وتزيد من نفوذ وتأثير المحافظين في مجلس النواب، وقد كان أحد المطالب الرئيسية
للجمهوريين الرافضين هو قدرة مشرع واحد فقط على إجراء تصويت على ما إذا كان ينبغي
عزل رئيس مجلس النواب من منصبه أم لا.
وفيما يتعلق بترشح بايدن لولاية
ثانية، أعلن مصدر مقرب إن بعض الأعضاء المؤثرين في الدائرة المقربة من بايدن، بما
في ذلك أحد أعضاء الكونجرس كانوا مترددين في التأثير على الخطوات التالية للرئيس
حتى انتهاء سباق رئيس البرلمان مما يشير إلى الطبيعة الحساسة للاستعدادات الجارية. فبينما يتصارع الجمهوريون،
ينصب تركيز الديمقراطيون في مكان آخر وهو الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكان كبار مساعدي بايدن، بمن فيهم
مايك دونيلون وبروس ريد، يعملون على خطاب "حالة الاتحاد" منذ أسابيع
بينما أمضى الرئيس وقتًا في الترويج للمشاريع التشريعية، بما في ذلك حزمة البنية
التحتية الخاصة به.
وقال الرئيس في بيان "أنا مستعدٌّ للعمل مع الجمهوريين عندما يكون ذلك ممكنًا والناخبون أشاروا بشكل واضح إلى أنهم ينتظرون من الجمهوريين أن يكونوا مستعدّين للعمل معي". وأضاف "حان وقت الحكم بشكل مسؤول". ولم يخجل بايدن من رغبته في السعي لإعادة انتخابه، خاصة إذا تحولت إلى مباراة العودة ضد الرئيس السابق دونالد ترمب حيث غالبًا ما ردد مساعدوه وحلفاؤه حرصه على هذه المسألة. كما أنه قد تكون مواجهة برلمان معادٍ لكن فوضوي بمثابة فرصة سياسية لجو بايدن، إذا أكد نيته الترشح مجددًا للانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2024، وهو قرار يتوقع أن يعلنه قريبًا.
تحديات ممكنة
استغرق انتخاب الجمهوري كيفن
مكارثي رئيسا لمجلس النواب بالكونغرس الأمريكي 15 جولة تصويت، في معركة طويلة
الأمد لم يشهد المجلس لها مثيلا منذ حقبة ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية. وقد استعاد الجمهوريون
السيطرة على المجلس للمرة الأولى منذ عام 2019.
لكن انتخاب رئيس للمجلس - رغم أنه
كان مهمة شاقة - ربما يكون في نهاية المطاف هو الجزء الأسهل عندما يبدأ عمل
المجلس، إذ تلوح في الأفق معارك كبيرة سوف تضع وحدة الحزب على المحك. ومن ثم فإن مناورات انتخاب مكارثي ربما تكون
قد انتهت، لكن التحديات التي تنتظره بدأت لتوها، إذ سيجد نفسه في مواجهة مع البيت
الأبيض، والكونغرس المنقسم، فضلًا عن الانشقاق داخل حزبه؛ إذ فشل زعيم الجمهوريين
في المجلس كيفن مكارثي في إقناع رفاقه في الحزب بالتصويت له.
ومن ثم فإن مشهد حزب غير قادر حتى
على تحديد من يجب أن يقوده يكشف الكثير للناخبين، وينبغي على الديمقراطيين
بالتأكيد الاحتفال بإخفاقات الجمهوريين هذه. كما أن وجود أغلبية ضئيلة للجمهوريين
في مجلس النواب يعني أن مكارثي يمكن أن يكون رهينة لأعضاء حزبه الأكثر تطرفًا. ولا
يعد هذا شكلًا جيدًا لحزب يعاني بالفعل من وصف أنه متطرف وبعيد عن الواقع.
وبالتالي فإن الخطوة الأولى التي
سيتعين على مكارثي اتخاذها هي إتمام مهمة أساسية تتمثل في أن يبدأ عمله بطريقة
منظمة. يشمل ذلك تمرير مجموعة من القواعد التي ينبغي أن تحكم كيفية عمل المجلس. خاصة
وأت التنازلات التي اضطر مكارثي إلى تقديمها لهؤلاء الأعضاء قد تؤثر على طريقة عمل
المجلس. فقد تعين على رئيس المجلس الجديد إعطاء ثلاثة مقاعد من إجمالي 13 مقعدًا
في لجنة القواعد ذات النفوذ الكبير - والتي تقرر توقيت وشروط كل تصويت مهم في
المجلس - لنواب محافظين ينتمون إلى ما يعرف بـ "تجمع الحرية" الذي عارض
انتخابه. كما أن هناك الآن شروطا جديدة للسماح لنائب واحد فقط بإجبار المجلس على
التصويت حول ما إذا كان يجب عزل رئيسه من منصبه، وإعطاء وقت أطول لدراسة مشروعات
القوانين قبل إجراء تصويت نهائي عليها.
وقد ظهرت لمكارثي اتجاهات فيما
يتعلق بعلاقته بالبيت الأبيض؛ حيث طلب رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري كيفن
مكارثي الكونجرس التحقيق مع الرئيس جو بايدن بعد العثور على وثائق سرية في منزله
في ويلمنغتون في ولاية ديلاوير. واعتبر مكارثي انه «على الكونجرس التحقيق في هذا
الأمر»، مشيرًا إلى «التحقيق الذي تجريه وزارة العدل بشأن الرئيس السابق دونالد
ترامب لاحتفاظه بأكثر من مئة وثيقة سرية في دارته في بالم بيتش في ولاية فلوريدا».
واعلن البيت الأبيض الخميس إنه
عثر على «عدد صغير» من الوثائق السرية في منزل جو بايدن الخاص في ويلمنغتون في
ولاية ديلاوير، يعود تاريخها إلى فترة توليه منصب نائب الرئيس خلال عهد باراك
أوباما.
وعثر على وثائق أخرى في مركز بحوث
في واشنطن حيث كان يملك بايدن مكتبًا، ما يشكّل إحراجا للبيت الأبيض في وقت تحقّق
السلطات في فضيحة أكبر بكثير ترتبط بإساءة استخدام الرئيس السابق دونالد ترامب
وثائق سرية.
في
الختام: يتعين على رئيس مجلس النواب الجديد كيفن مكارثي العمل على إرضاء الكثير من
الاتجاهات والموائمات داخل المجلس بعدما فشل أكثر من مرة في الحصول على أغلبية وهي
التفاهمات التي ستظهر بصورة كبيرة خلال أداء المجلس لمهام عمله وطبيعة القضايا
المطروحة بداخله.