التدخل العسكري التركي في ليبيا .. صوره وتداعياته على الجماعات الإرهابية
مع بدء
الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر للعملية العسكرية الأخيرة التي
تستهدف السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، أخذت الأزمة الليبية تطورات متسارعة، ولجأت
حكومة الوفاق إلى نظيرتها التركية للدعم والمساعدة في مواجهة تقدم قوات الجيش، حيث
طلبت حكومة فايز السراج دعماً وتدخلاً تركيا واسع النطاق ليغير من مسارات المعركة.
وقد تلقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذا الطلب، ليعزز من نفوذه داخل الأراضي
الليبية وليستفيد من ذلك على عدة محاور.
ويثير
طلب "الوفاق" وقرار البرلمان التركي بالموافقة على نشر قوات عسكرية
تركية في ليبيا تساؤلات حول طبيعة وحدود التعاون العسكري بين الطرفين، وكذلك حول
الأدوات العسكرية التي تستخدمها أنقرة في الداخل الليبي، كما يثير تساؤلات أيضا
بخصوص آثار هذا التدخل –المستمر- على الجماعات المسلحة والإرهابية في ليبيا.
أولاً- صور التدخل
العسكري التركي في ليبيا
1- التواجد العسكري التركي الرسمي:
تقدم أردوغان
للبرلمان بمذكرة لتفويضه في إرسال قوات عسكرية تركية للأراضي الليبية على غرار
الحالتين السورية والعراقية، وقد وافق البرلمان التركي في جلسته المنعقدة في
الثاني من يناير الجاري على هذا الأمر ولمدة عام قابلة للتجديد(1)، وحيث لا يعد
الدعم التركي لحكومة السراج جديداً، إلا أن التعهد بالتدخل العسكري واتخاذ إجراءات
في هذا الصدد، هو ما مثل معطى جديد للعلاقات بين الحليفين.
ورغم أن
تركيا كانت ولا تزال تمتلك عدة بدائل تتمكن من خلالها من دعم حليفها السراج دون أن
تنقل قوات عسكرية تركية للقتال هناك، إلا أنه يمكن القول أن أردوغان استغل حاجة
السراج إلى مثل هذا الدعم، حتى يحصل على موطئ قدم في ليبيا لعدة اعتبارات منها
علاقته المتوترة مع مصر، ومنها حقول النفط، وكذلك مسألة غاز المتوسط. وقد تكون هذه
الخطوة مقدمة لإقامة قاعدة عسكرية تركية دائمة في ليبيا إذا ما استتب الأمر لحكومة
السراج -كما يراهن الأتراك- وذلك لما لليبيا من موقع جيوستراتيجي. أو على الأقل
بقاء تواجد عسكري رسمي تركي –أياً كان عدده- على الأراضي الليبية.
2- إمدادات التسليح:
تقدم
الحكومة التركية دعماً عسكرياً لقوات السراج والميليشيات المسلحة، عبر إرسال أسلحة
ومعدات عسكرية -تركية ومستوردة- إلى هذه الميلشيات، خارقة بذلك الحظر الأممي
المفروض منذ 2011 والذي كان آخر تجديد له من قبل مجلس الأمن في يونيو 2019(2).
ولعل تركيا بهذا الأمر تهدف إلى تحقيق ثلاثة أمور؛ الأول يتعلق بدعم قوات السراج
والميليشيات في معاركها أمام قوات الجيش الوطني الليبي، أما ثاني الأهداف فيتعلق
بالصناعة العسكرية التركية، وتسويق الأسلحة والمعدات التركية وتجربتها، بالإضافة إلى
المكاسب الاقتصادية المباشرة.
وقد كانت
قوات الجيش الوطني الليبي أعلنت أغسطس الماضي عن استهداف وتدمير طائرة إمداد
عسكرية تركية ضخمة تحمل ذخائر وطائرات مسيّرة وصواريخ متعددة الأغراض(3)، كما تعد
سفينة "أمازون" من أشهر الحوادث على خرق تركيا لحظر التسليح. وتستخدم
تركيا في مسألة إمدادات التسليح الطريقين البحري والجوي. كما أن إسقاط الجيش
الليبي لطائرات مسيرة تركية وتدميره لمدرعات تركية الصنع لدليل على هذا الدعم
التركي وتهريب الأسلحة بالمخالفة للقرار الأممي. لكن يبقى أن هذا الدعم لم يشكل
فارقاً كبيراً في المعارك الجارية، ولم يسهم في تحقيق تقدم للميليشيات على قوات
الجيش، بل ربما يكون كل ما يسهم فيه هو تأخير وتعطيل تقدم قوات الجيش الوطني
الليبي باتجاه العاصمة.
3- علاقات تركيا مع
ميليشيات مسلحة ليبية:
يتمتع
أردوغان وحكومته بعلاقات قوية مع ميليشيات مسلحة ليبية تتراوح ما بين الدعم
والتنسيق إلى الإمداد بالمعدات والأسلحة العسكرية. وعلى رأس هذه الميليشيات
المجموعات التابعة لجماعة الإخوان، وكتائب مصراتة، فضلا عن العلاقات الوثيقة مع
قادة الجماعة الليبية المقاتلة، وكتيبة النواصي، ولواء الحلبوصي، وميلشيات أسامة
الجويلي، وقوة الردع والتدخل المشتركة محور أبو سليم، وميليشيات فجر ليبيا، وغيرها
من الميليشيات التي تقاتل ضد قوات الجيش الوطني الليبي بدعم تركي وقطري(4).
وتستهدف
تركيا من علاقتها مع هذه الكتائب والميليشيات الحرب بالوكالة، حيث تدعم حكومة
أردوغان الميليشيات الليبية المسلحة لتحقيق أهدافها، فهي من جهة تسعى إلى أن تكون
أحد الفاعلين السياسيين في الأزمة الليبية، ومن جهة أخرى تحاول قدر الإمكان البعد
عن تحمل الخسائر البشرية للمعارك.
4- إعادة توظيف
المقاتلين السوريين:
لا يعتبر
التوظيف التركي للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية النشطة بسوريا في ليبيا
جديداً، وربما كل ما يختلف الآن هو التوسع في هذا التدفق، بجانب التواجد العسكري
التركي النظامي المتوقع.
ففي
يونيو 2019 عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من تدفق الإرهابيين إلى
ليبيا من إدلب السورية، وذلك على ضوء تقارير ومعلومات كانت قد تحدثت عن نقل الأمير
السابق للجماعة الليبية المقاتلة، عبد الكريم بلحاج، عبر شركة "الأجنحة
الليبية" لعناصر إرهابية مسلحة من إدلب إلى ليبيا، وأشارت عدة تقارير غربية
إلى عمل حكومة الوفاق على استجلاب ما تبقى من إرهابيين في سوريا عبر تركيا، كما
أكدت لجنة الدفاع والأمن القومي، بمجلس النواب بطبرق، مايو 2019، وصول إرهابيين
تابعين لجبهة النصرة من إدلب السورية ينتمون للقتال إلى جانب قوات الوفاق، بجهود
تركية(5).
وبدأت
تركيا منذ 25 ديسمبر 2019 بدأت في تسيير رحلات يومية ليلية من إسطنبول إلى ليبيا
بمعدل رحلتين إلى أربع رحلات تابعة لشركات طيران ليبية هي (الأفريقية – الأجنحة
الليبية – البراق) في اتجاه طرابلس ومصراتة وذلك لنقل عناصر مسلحة وإرهابية من تلك
التي كانت تقاتل الجيش السوري إلى حيث تدعم حكومة الوفاق وتعوض خسائرها البشرية
وتقاتل الجيش الليبي(6).
وفي هذا
السياق فقد كانت أنباء تحدثت عن عقد اجتماعات بين عدد من كبار الضبّاط الأتراك
عقدوا مع ضبّاط تابعين لرئاسة أركان حكومة الوفاق في طرابلس، تلتها اجتماعات بين
ضبّاط من المخابرات التركية وقياديين من أبرز الفصائل المسلّحة الموالية لتركيا في
الشمال السوري(7).
وتعد
غالبية هذه العناصر من القومية التركمانية وأفراد من الجيش السوري الحر المدعوم من
تركيا، وقد اختاروا الذهاب للقتال في ليبيا مقابل وعود بمرتبات شهرية مجزية، وخدمات
الإعاشة والسَكن التي ستقدّمها لهم حكومة الوفاق في طرابلس، بالإضافة إلى منحهم الجنسية
التركية(8).
وتشير
تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن 300 من المرتزقة وصلوا بالفعل إلى
الأراضي الليبية فيما وصل 1600 مرتزق إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريبات
والتجهيز للسفر، وهؤلاء المقاتلين من فصائل "السلطان مراد"
و"سليمان شاه" و"لواء المعتصم". وهو ما يعد جريمة طبقا
للقانون الدولي الذي يمنع تجنيد المرتزقة واستخدامهم في القيام بأعمال مسلحة أو
إرهابية(9)، وذلك في ضوء الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم
وتدريبهم.
ويحقق
هذا الأمر لتركيا هدفين الأول يتمثل في حل مشكلة تدفق هذه العناصر المسلحة لتركيا
إذا ما نجح الجيش السوري في إكمال سيطرته على أراضي الشمال مما يخلق عبئاً على
الداخل التركي، وثاني الأهداف هو دعم حكومة السراج وتحقيق نفوذ تركي أكبر في
ليبيا.
ثانياً- تداعيات التدخل التركي على
الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في ليبيا.
1- تحويل ليبيا إلى
بؤرة إرهابية:
تكمن
خطورة نقل مسلحين سوريين إلى ليبيا في استقرار هؤلاء الإرهابيين هناك، وإقامة
منطقة تجمع لهم على الأراضي الليبية، لتمثل ليبيا ما كانت تمثله سوريا كقاعدة تمركز
وانطلاق للجماعات الإرهابية. وفي هذه الحالة فإن هذه البؤرة ستهدد دول شمال
أفريقيا وعلى رأسها مصر، حيث ستصبح الدولة الليبية نقطة انطلاق لعناصر إرهابية إلى
داخل الأراضي المصرية عبر الصحراء الغربية. ويمثل النموذج السوري والأفغاني من
قبله ما يدلل على خطورة نقل عناصر مسلحة وإقامة مناطق تجمع لها في دولة أخرى.
2- فتح الباب أمام
تنظيمات إرهابية جديدة:
ارتباطا
بالنقطة السابقة فإن نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا يمكن أن يحمل معه نقل
تنظيمات وليس أفراد. حيث قد تشكل هذه المجموعات تشكيلات جديدة في ليبيا استغلالاً
لحالة السيولة الأمنية ولحالة العسكرة وتعدد الميليشيات الموجودة، وهو نمط شائع.
حيث ستكون الخيارات أمام هؤلاء المسلحين أما الانضمام إلى جماعات موجودة بالفعل،
أو تشكيل جماعات إرهابية جديدة، أو تشكيل أفرع لجماعات كانت فاعلة في سوريا.
3- تحول ليبيا إلى بيئة جاذبة للمرتزقة:
في سياق نقل الحكومة التركية للمقاتلين من سوريا إلى
ليبيا، ومع استمرار حالة القتال في ليبيا، فقد لا يقتصر الأمر على المقاتلين
السوريين فقط. بل ربما يطمح مسلحين من جنسيات مختلفة عربية وغربية إلى الاستفادة
من المميزات التي تقدمها حكومتي أردوغان والسراج إلى المرتزقة للقتال في صفوفهم في
ليبيا. وفي ظل وجود شركة "سدات" الأمنية التركية وشركة الطيران التابعة لبلحاج
وغيرها من الشركات، ومع العوامل الجاذبة لانتقال المسلحين إلى ليبيا، فإن كل ذلك
قد يدفع مقاتلين من جنسيات مختلفة سواء من داخل سوريا أو خارجها إلى السعي نحو
الانتقال للقتال في ليبيا، لتصبح الأخيرة مركزاً للمرتزقة.
4- ميليشيات برعاية حكومية:
يهدف التدخل التركي -الرسمي وغير الرسمي- إلى تمكين
قوات حكومة الوفاق من صد تقدم قوات الجيش الوطني الليبي. ويعني هذا ضمن ما يعني
استمرار سيطرة حكومة السراج على العاصمة الليبية، واستمرار الاعتماد على
الميليشيات المسلحة، وزيادة نفوذها. حيث من المعروف أن السراج يعتمد على عدد من
الميليشيات الإسلاموية سبق
ذكرها. وبالتالي فإن استمرار سيطرة السراج على مناطق نفوذه أو التوسع فيها يجعل
هذه المناطق تحت سيطرة الميليشيات المسلحة دون أطر مؤسسية ونظامية، أو على أقل
تقدير سوف يضفي الشرعية وغض الطرف عن عمل هذه الميليشيات.
5- زيادة خطورة وفعالية الميليشيات المسلحة:
كما ذكرنا فإن أحد اشكال التدخل العسكري التركي هو عبر
إمداد الميليشيات بالأسلحة والمعدات، وهو ما يزيد من درجة نشاطها وفعاليتها، ويمدد
بقائها. وهذا الأمر يدخل تحت ما يسمى بتمويل وإمداد جماعات إرهابية مسلحة بالسلاح
والمعدات، في محاولة تركية لدعم بقاء وأنشطة هذه الجماعات، وتمددها. هذا بالإضافة
إلى تدريب وتأهيل هذه الميليشيات عبر قادة القوات العسكرية التركية التي ستتواجد
في ليبيا، أو عبر الخبراء العسكريين الأتراك المتواجدين بالفعل(10). ويمكن القول
أن الدعم التسليحي التركي للميليشيات الليبية كان من ضمن العوامل التي أسهمت في
بقاء هذه الميليشيات.
6- عودة الإخوان إلى الساحة السياسية
بشمال أفريقيا:
يهدف التدخل العسكري التركي ضمن ما يهدف إلى دعم حكومة
الوفاق، المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين(11)، وتحاول تركيا أن تحافظ على
تواجد للمشروع الإخواني في شمال أفريقيا، خاصة بعد تراجعه في تونس والجزائر ومصر.
فيمكن في تلك الحالة أن تصبح ليبيا تحت رئاسة الوفاق، مرتكز للإخوان في الإقليم
ونقطة لإعادة الانطلاق بعد خسارة نفوذهم السياسي.
أخيرا
يبدوا واضحاً وجلياً أن تركيا تسعى لتحقيق تواجد في شمال أفريقيا، وأن ليبيا هي الموقع
المثالي الآن لهذا التواجد لعدة عوامل بعضها يتعلق بإمكانات ليبيا وموقعها ومواردها
من جهة، وبعضها يتعلق بالميزة النسبية التي تراها الحكومة التركية لنفسها هناك،
ومدى قدرتها على تحقيق تواجد في ليبيا مقارنة بأماكن أخرى. وفي سبيل ذلك فإن من الواضح
أن أردوغان لا يتعامل مع السراج كحليف عادي، بل يتعامل مع "الوفاق" على أنها
فرصته الوحيدة حتى لا يلاقي ذات المصير الذي لاقاه في سوريا. وبالتالي فهي معركة مصير
بالنسبة لأردوغان لحسم مسألة النفوذ والتواجد التركي في ليبيا وشمال أفريقيا، وهو بذلك
لا يكتفي بأشكال الدعم الاقتصادي والسياسي المختلفة، بل يستخدم عدة أشكال من الدعم
العسكري تتراوح ما بين الدعم والحرب بالوكالة والحرب المباشرة.
وهذا
الدعم والتدخل لا يؤثر فقط على الأزمة السياسية الليبية، بل يلقي بظلاله على
انتشار ودرجة قوة التنظيمات الإرهابية المسلحة في ليبيا وشمال أفريقيا، وتبقى هذه
الآثار والتداعيات مرتبطة بمدى تغلغل التدخل التركي العسكري والصور التي سيركز
عليها هذا التدخل، ومدى نجاحه، وموقف الأطراف الأخرى لمحاولة منع ذلك، أو الحد من
آثاره.
الهوامش
(1) البرلمان التركي يقرّ بالأغلبية
مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا، روسيا اليوم، 2 يناير 2020، متاح على
الرابط التالي: http://cutt.us.com/sHoE
(2) عبد الهادي ربيع، بعد طوفان
الكرامة.. كيف دعمت تركيا الإرهاب في طرابلس؟، العين الإخبارية، 31 مايو
2019، متاح على الرابط التالي: https://al-ain.com/article/dignity-turkey-terrorism-tripoli
(3) خالد محمود، استهداف إمدادات
تركية للسراج، الشرق الأوسط، 7 أغسطس 2019، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us.com/S30Ra5
(4) لطفى سالمان، تعرف على
أبرز الميليشيات الموجودة في ليبيا، الوطن، 7 أبريل 2019، متاح على الرابط التالي:
https://www.elwatannews.com/news/details/4102368
(5) بوتين يعرب عن مخاوفه من
تدفق الميليشيات الإرهابية على ليبيا من إدلب السورية عبر تركيا، سكاي نيوز
عربية (يوتيوب)، 5 يوليو 2019، متاح على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=0tqCgfGuk6E
(6) محمد منصور، الخيارات التركية
والمصرية في ليبيا.. حرب إقليمية على الأبواب؟، الميادين، 30 ديسمبر 2019،
متاح على الرابط التالي: http://cutt.us.com/15WwPUa
(7) المصدر السابق
(8) المصدر السابق
(9) المرصد السوري لحقوق الانسان:
تركيا جندت 1600 مرتزق تمهيدا لإرسالهم إلى ليبيا، المرصد السوري لحقوق الإنسان،
4 يناير 2020، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us.com/7mWIL
(10) حسن الورفلي، قائد عسكري
ليبي لـ "الاتحاد": خبراء أتراك يدربون الميليشيات في طرابلس، الاتحاد،
1 يونيو 2019، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us.com/QKxBTmN
(11) Leela JACINTO, Between Ankara and Athens, the eastern
Mediterranean is simmering with tensions, france24, 02/01/2020,
Available at: https://www.france24.com/en/20200102-between-ankara-athens-eastern-mediterranean-simmering-with-tensions-turkey-greece