قراءة تحليلية في نتائج ودلالات الانتخابات الرئاسية
أقام المركز ندوة تحت عنوان ” قراءة تحليلية
في نتائج ودلالات الانتخابات الرئاسية” ناقش فيها العديد من الخبراء ورجال
السياسة والإعلام والاقتصاد التحديات التي قد تواجه الرئيس في فترته الرئاسية
القادمة وتوقعات الشارع المصري لحلها .
أدار الندوة مدير المركز السيد ياسين حيث أكد على أن الحرب التي تواجهها مصر بالأساس حرب إلكترونية ناتجة عن الانفتاح الكبير في عالم الاتصال عبر شبكة الإنترنت. وأضاف أن ذلك وما ينتج عنه يصب في النهاية لصالح دولة إسرائيل مؤكدا أن تلك الحرب تستهدف الأمن القومي بالمقام الأول. إن التحدي الأكبر في خارطة الطريق هو الانتخابات الرئاسية، وعلى الرئيس القادم أن يضع خطة للتقدم بمصر لمصاف الدول المتقدمة في ظل تلك التحديات المحيطة. وجَّه المفكر السيد يسين الكلمة للمتحدثين على النحو التالي.
نورهان الشيخ: السيسي أول رئيس يتكلم عن
أهمية الخطاب الديني في برنامجه
أشادت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم
السياسية بجامعة القاهرة، في بداية كلمتها عن تحديات الأمن القومي أمام الرئيس، ببرنامج
المرشح الرئاسي السيد عبدالفتاح السيسي وخاصة اهتمامه بتحديات الخريطة الإقليمية
لعلاقات مصر في محيطها ” الإقليمي والعربي” وكذلك والأبعاد الأخرى” كـ العلاقات مع
الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والتعامل مع الأزمة الإثيوبية على أن يكون الحل
لا يضر بأمن مصر.
وعن العلاقات الإقليمية تحدثت “الشيخ ” عن
خريطة السيسي في التعامل مع قطر وسوريا وايران مشيرة إلي تركيز السيسي في برنامجه
علي أولوية العلاقة مع دول الخليج معتبراً إياها شريك أساسي في مواجهة التحديات
التي تقف في وجه مصر الفترة القادمة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب .
أما عن العلاقة بإسرائيل فقالت أن السيسي أكد
في برنامجه علي احترام معاهدة السلام واستمراره لدعم القضية الفلسطينية وذلك بخلاف
حمدين صباحي الذي لم يشر الي هذه القضية نهائياً في برنامجه علي حد قولها مما جعل
السيسي أكثر واقعية .
واستكملت الشيخ أن السيسي أعطى اهتماما في
برنامجه بالحديث عن قضايا الأمن القومي و أبعادها الاستراتيجية وضرورة التعامل
الأمني وسيادة القانون والبعد التنموي من خلال تنمية سيناء ونشر الوعي والتعليم
وتصحيح الخطاب الديني موضحة أن السيسي هو أول رئيس يتكلم عن أهمية الخطاب الديني
في برنامجه مما يدلل علي وعيه بالأبعاد الثقافية والتنموية لمكافحة الإرهاب .
وأشارت لأهم القضايا في هذا الصدد؛ ومنها الإرهاب
حيث اعتبرت مصر تقود حرباً شرسة ضد الإرهاب وكذلك الأمن المائي باعتبارها قضية
“حياة أو موت ” وأيضا تهديدات الحدود حيث وصفت مصر بانها محاطة بحلقة من التهديدات
في شكل نصف دائرة خاصة في ظل عدم استقرار الحال في ليبيا .
كما قالت الشيخ أن رؤية المشير السيسي كاملة
ولكن يبقى السؤال عن كيفية توظيف السياسات الخارجية في زيادة الاستثمارات وتقوية
الجانب المصري من الناحية الاقتصادية.
يسري العزباوي : الشباب خذلوا صباحي بعد
الادعاء بأنه مرشحهم
تحدث الدكتور يسري العزباوى، الخبير بمركز
الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في موضوع (الاتجاهات العامة للتصويت)
حيث أكد على أن الشباب المصري خذل المرشح الرئاسى الخاسر حمدين صباحي حينما أظهرت
النتائج النهائية للمؤشرات الأولية للانتخابات الرئاسية عن ارتفاع نسبة الأصوات
الباطلة عن المؤيدة لحمدين صباحي.
وأشار عزباوى إلى أن المرشح الرئاسي الفائز
عبدالفتاح السيسي نجح في مخاطبة العنصر النسائي بالشارع المصري، وظهر ذلك جلياً في
ارتفاع نسبة مشاركة السيدات في الانتخابات الرئاسية، موضحاً ان نسبة مشاركة
السيدات كانت الاعلى على الاطلاق خلال ايام التصويت الثلاثة.
كما أكد على أن وسائل الإعلام وقعت في خطأ
تقييم نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية حيث ربطت المشاركة في الانتخابات
بالمشاركة في ثورة 30/6 كما أن المشاركة الانتخابية هي معيار ضئيل في المشاركة
السياسية مؤكداً أن نسبة التصويت الحالية مناسبة جدا بالنسبة لعمليات التصويت
الماضية وتماثل نفس المعدل بعد ثورة 25 يناير كما وضح أن الشباب خذلوا المرشح
حمدين صباحي بعد ادعاء البعض انه مرشح الشباب فيما رأينا أن أغلب أصوات الشباب
ذهبت للسيسي .
عبد الغفار سليمان: أداء اللجنة العام كان
مقنعاً .. ومد الانتخابات خطأ كبير
وفي سياق متصل أشاد المستشار عبد الغفار سليمان
، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، في كلمته عن تقييم أداء اللجنة العليا
للانتخابات الرئاسية بدور اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية مرجعاً ذلك إلى
التزام اللجنة بنصوص القانون ووضع برنامجاً منظماً والالتزام به وإنشاء موقعاً
إلكترونياً لها والتواصل المستمر مع وسائل الإعلام.
وأضاف سليمان أن كلا المرشحين وقعوا في مخالفات
بدءا من المرشح حمدين صباحي الذي قم بإجراء الدعاية قبل الفترة المسموح بها كما
وقعت حملة السيسي إلى توزيع حملته للمبات الموفرة وهو ما نفته حملته بشكل رسمي،
لافتا إلي أن الاعلام لم يقم بدوره في توعية المواطنين حيث ركز فقط علي حشد الناس
بكلمة “انزل ” دون شرح ماذا يفعل المواطن عندما ينزل مما سبب للمواطن حالة من عدم
المعرفة فهو يذهب دون أن يدري ماذا يريد وماذا يفعل بالورقة.
كما أبدى أسفه لما وقعت فيه اللجنة العليا
للانتخابات من خطأ فادح -على حد وصفه- وذلك لمد فترة الانتخاب وهي بذلك القرار
خالفت القانون حيث أن القانون ينص علي نشر قرارات اللجنة في الجريدة الرسمية
للدولة وليس علي الراديو والتليفزيون كما فعلت اللجنة وكذلك خالفت المعايير
الدولية التي تنص علي أنه يجب الاستقرار علي قواعد العملية الانتخابية قبل إجراء
الانتخابات بمدة طويلة ولكن في المجمل لم تكن السلبيات لتؤثر في نتيجة الانتخابات
.
كما
أكد على أن الرقابة على الإنفاق الانتخابي بالنسبة لحملتي المرشحين لم تكن موجودة
على أرض الواقع، متابعًا أن الآليات للرقابة لم تكون متوافرة في تلك الفترة. وانتقد تدريب عدد محدود من رؤساء اللجان وغياب توعية
المواطنين، ولفت إلى أنه فيما يتعلق بالإعلام المصري
فإن الإعلام ركّز على كلمة انزل وشارك ولم يركز على آليات للقيام بتلك المشاركة
وماذا يفعله في الورقة الانتخابية.
اللبَّان: الانتخابات كانت تفويضا للسيسي
ليكون رئيسا للشعب في المستقبل
وطرح الدكتور شريف اللبان ، أستاذ الإعلام
بجامعة القاهرة، في تقييمه لأداء الإعلام في الانتخابات سؤالاً هاماً علي الحضور ألا
وهو “هل كنا في حاجة إلى هذه الانتخابات الرئاسية على الرغم من تفويض الشعب المصري
للمشير وثقتهم الشديدة به - على حد تعبيره - ؟
وكان جوابه عن هذا السؤال بأننا لم نكن نحتاج إليها
داخلياً فهذه الانتخابات، في تقديره، لم
تعدو كونها تفويضا للسيسي ليكون رئيسا للشعب في المستقبل ولكنها مهمة للخارج لتعيل
صورة مصر التي تأذت بعد ثورة 30 يونيو وكذلك تأكيد قدرتنا علي اقامة انتخابات
نزيهة .
ووصف “اللبان” العملية الانتخابية بالجادة حيث
مورست فيها مختلف أساليب الانتخابات القديمة والحديثة معدداً الأساليب الحديثة
التي تم ممارستها أثناء فترة الدعاية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وفكرة
الهاشتاج عبر فيسبوك وفكرة المناظرات الافتراضية وتطبيق الألعاب ذات الهوى السياسي
كـ (سوبر سيسي – ودوس على حمدين تكسب) والـ vedio conference واستحداث أساليب دعايا بالمراكب النيلية
والغواصات وكذلك الطائرات للترويج للمرشح الرئاسي .
ومن جهة أخرى قال اللبان أن اتحاد الإذاعة
والتليفزيون قدم الطريقة المثلى في الحياد أثناء فترة الانتخابات الرئاسية على عكس
الفضائيات الخاصة التي تحيزت بشكل كبير لمرشح دون أخر معتبرة نفسها شريكاً في 30
يونيه وبالتالي فهي متحيزة للسيسي لأنه سينفذ خارطة الطريق في نظرها .
وقال
إن أداء الإعلام خلال الانتخابات الرئاسية تميز بالانفتاح والحرية، خاصة فيما يتعلق بالفضائيات الخاصة
التي اعتبرت أنها شريكة في 30 يونيو وبالتالي يجب تحيزها إلى المشير
عبد الفتاح السيسي،
ولكنه في الأساس ينبغي محاسبة تلك الفضائيات على
ما قامت به فيما يتعلق بالمهنية الإعلامية. وأضاف أنه من غير الصحيح أن يتم إجراء كثير من
الحوارات مع مرشح بعينه وتجاهل آخر.
وأكد أنه على الرغم من اشادة المنظمات الدولية
بنزاهة العملية الانتخابية الا أن أداء الفضائيات الخاصة انتقص من زخم العملية
الانتخابية والصراخ والضجيج التي قامت به مما سبب في التشكيك في نزاهة الانتخابات
واستطلاعات الرأي الغير موضوعية والغير دقيقة تماماً مناشدا الرئيس الحالي بأن
يكون تطبيق ميثاق الشرف الاعلامي أول اهتماماته .
نوَّار: معدلات الفقر خلال السنوات
الأخيرة زادت من 16% إلي 26%
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوَّار في
معرض حديثه عن التحديات الاقتصادية التي تواجه الرئيس القادم أن التحدي الأساسي،
بجانب تحقيق الأمن، هو دعم وتنمية الاقتصاد، باعتباره القضية رقم واحد أمام الرئيس الجديد.
وأكد
نوار أن غياب الأمن أسفر
إلى وجود غياب مخيف لنسبة السياحة ومازال
ينخفض بنسبة مخيفة، مشيرًا إلى أن السياحة مرتبطة
بالسياسة الخارجية لأنه عندما تصدر دولة ما بيانًا
بحظر السفر فإن غياب السائح هنا مرتبط بالسياسة الخارجية.
وتابع
أن هناك قضية السلع
المهربة إلى السوق المصري أيضًا، بسبب المنافذ غير الشرعية مثل الملابس الجاهزة
والأحذية وهو ما أثر بشكل كبير على الصناعات المصرية.
وأشار
إلى أن غياب الأمن كان سببًا في البناء على الأراضي الزراعية ما يعد تعديًا على
ملكية الدولة، مشددًا على أن أهم تحدٍ أمام الرئيس الجديد هو وقف النزيف الاقتصادي
المستمر من 3 سنوات، الذي ينبغي أن تبدأ معالجته أولًا بإعادة تشغيل 5 آلاف مصنع
متوقف، مشيرا إلي أن معدلات الفقر خلال السنوات
الأخيرة زادت من 16% إلي 26% مما يمثل تهديدا يضر بأمة عظيمة مثل مصر.
وطالب
نوار، بوضع خطط لحل المشكلات التي تحتاج إلى حلول عاجلة وأخرى لتلك التي تتطلب
حلًا على المدى الزمني البعيد، منتقدًا سياسة الحكومة الحالية لاستخدامها سياسة
انكماشية في قلة الاستثمار،
مؤكدًا أن ذلك لن يجعلها تستطيع الوصول إلى معدل نمو يعادل نصف النمو المستهدف.
وقال:
إن الرئيس القادم لديه مشكلة في التعامل مع التحديات الاقتصادية باستخدام سياسات
غير تقليدية، حيث نطمح لتحقيق معدل نمو يصل إلى 4%، مضيفًا أن من ضمن التحديات
زيادة الادخار، وهو ما يجعله مضطرًا للاعتماد على المساعدات الخارجية.
عبد الفتاح: قضايا الحريات والعدالة الاجتماعية ستكون الاختبار الحقيقي
للرئيس
وفي
النهاية ختم الندوة الدكتور نبيل عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات
السياسية والاستراتيجية، والذي تحدث عن عملية التحول الديمقراطي والتحديات التي
تواجه الرئيس القادم في ظل ثورة التوقعات الاقتصادية والاجتماعية لاسيما لدي
الشرائح الوسطي والفقيرة وكذلك تحدي تزايد معدلات الفساد وعدم وجود جهات تتصدي لها .
وأشار
إلى أن السيسي إذا لم يحقق خطوات سريعة في التوازن بين الأمن العام والعدالة
الاجتماعية خاصة خلال الثلاث أشهر الأولى لحكمه سيجد نفسه أمام اعتصامات وإضرابات
قد تؤدي إلى كسر هيبة الرئيس مناشداً إياه بوجوب إيجاد خطاب سياسي جاد لكسب الشباب
وإيجاد حوار حقيقي وليس مصطنع خاصة في ظل تزايد الأنا مالية واللامبالاة السياسية .