المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

استعادة التأثير: القمة الأفريقية الثانية والمحاولات الأمريكية للعودة مجددًا

الأحد 18/ديسمبر/2022 - 11:32 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

بعد 8 سنوات من انعقاد أول قمة أمريكية أفريقية عام 2014. انطلقت القمة "الأمريكية - الأفريقية" الثانية في واشنطن بحضور قادة من جميع أنحاء القارة الأفريقية وتستمر لمدة 3 أيام في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر 2022؛ حيث ودعا الرئيس بايدن 49 رئيس دولة أفريقية، في حين تستثني الولايات المتحدة 4 دول معلقة حاليا من قبل الاتحاد الأفريقي، ويشارك في القمة – الثانية من نوعها بعد قمة أوباما 2014 - ممثلون عن نحو 50 دولة إفريقية، من رؤساء الدول والحكومات، والمجتمع المدني والقطاع الخاص، فضلا عن مسؤولي الإدارة الأمريكية ومفوضية الاتحاد الإفريقي.

أهداف متعددة

ستدعم القمة الأمريكية الإفريقية فرص أفريقيا في الحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي، الذي يؤيده الرئيس جو بايدن باعتبار أن العقد الجاري، سيكون حاسمًا وسيعاد خلاله تنظيم العالم في إطار استراتيجية "إفريقيا" الجديدة التي كشفها عنها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في أغسطس الماضي؛ التي تشمل إصلاحًا للتحركات الأمريكية في البلدان الإفريقية، لاسيما، جنوب الصحراء، وكرد فعل على تصاعد النفوذ الصيني والروسي.

وضمن السياق ذاته، تناقش القمة ضخ استثمارات أمريكية جديدة في القارة السمراء، وبحث الأمن الغذائي الذي تراجع جراء الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى أزمة المناخ وقضايا الديمقراطية والحوكمة، وفقًا لكبير مستشاري مجلس الأمن القومي الأمريكي للقمة القادة الأمريكية الأفريقية دانا بانكس ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية روبرت سكوت.

كما يهدف التجمع في العاصمة الأمريكية إلى دفع الأولويات المشتركة وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإفريقيا، كما سيوفر فرصة لتعزيز تركيز إدارة بايدن على التجارة والاستثمار في إفريقيا، وتسليط الضوء على التزام أمريكا بأمن إفريقيا، وتطورها الديمقراطي، وشعبها، وكذلك التأكيد على عمق واتساع التزام الولايات المتحدة تجاه القارة الإفريقية.

 

مخاوف متصاعدة

إن تعزيز التحركات الأمريكية في البلدان الإفريقية، لاسيما، جنوب الصحراء، ويتصاعد النفوذ الصيني والروسي؛ إذ أصبحت الصين، أول دائن عالمي للدول الفقيرة والنامية بالقارة السمراء، إذ تستثمر بمبالغ طائلة في القارة الأفريقية الغنية بالموارد الطبيعية، كما عززت وجودها العسكري في القارة بما يشمل إرسال مرتزقة. وما بين قمتي 2014 واليوم، تحركت تحالفات وتبدلت أحوال، حيث استمرت التجارة الصينية مع أفريقيا في النمو مسجلة رقما قياسيا العام الماضي بلغ 261 مليار دولار. في المقابل، تضاءلت التجارة الأمريكية مع أفريقيا إلى 64 مليار دولار. كذلك، برزت روسيا كقوة عضلية شديدة في أفريقيا، فاتحة باب السباق نحو تنافس محموم في القارة السمراء.

وقد كشفت بيانات خدمة أبحاث الكونجرس عن أن الصين أبرمت في عام 2020 وحده اتفاقيات بقيمة 735 مليار دولار مع 623 شركة، فيما بلغت قيمة 800 صفقة تجارية واستثمارية مع 45 دولة أفريقية أكثر من 50 مليار دولار العام الماضي. وأفادت البيانات بأن الولايات المتحدة استثمرت 22 مليار دولار في 80 شركة فقط في أفريقيا خلال نفس الفترة.

وكان لجوء بعض بلدان القارة الأفريقية إلى الصين وروسيا، قد أثار مخاوف الولايات المتحدة التي دعت بلدان القارة إلى توخي الحذر من تعزيز الاعتماد على موسكو أو بكين، ومن المتوقع أن تتطرق القمة إلى هذا الأمر. وفي هذا السياق، فإن الصين تفوقت على أمريكا (في أفريقيا) والآن تحاول البلدان الغربية بقيادة الولايات المتحدة إيجاد طريقة للعودة إلى أفريقيا لتعزيز النفوذ الغربي.

رؤية واشنطن

تتمثل الرؤية الأمريكية في الاعتراف بأن أفريقيا "هي لاعب جيوسياسي رئيسي ستؤثر في مصالحها وستشكل ملامح المستقبل، وهو ما يعني التزام بتوسيع وتحديث شراكات الولايات المتحدة في أفريقيا، وهو ما عبّر عنه البيت الأبيض بالالتزام بالعمل مع دول القارة لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات الجديدة والقديمة، وتسخير الأبحاث والتقنيات، والاستثمار في مصادر القوة طويلة الأجل مع تلبية الاحتياجات العاجلة.

وفي هذا السياق، يشار إلى أن اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية دخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير/ كانون الثاني عام 2021 بهدف إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم. وقد تزامن ذلك مع نمو النفوذ الصيني في أفريقيا خاصة في الشق التجاري والاقتصادي الذي تجاوز المعدل الأمريكي.

فالشراكة القوية بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية، ينظر لها المسؤولون الأمريكيون، بأنها أمر حيوي لتحقيق أولوياتهم المشتركة، وفي مقدمتها التعافي من تداعيات وباء كورونا أو الاستعداد للمستقبل من خلال تعزيز النظم الصحية، وخلق فرص اقتصادية واسعة النطاق لدى كل من الطرفين، ومعالجة أزمة المناخ، وتوسيع الوصول إلى الطاقة والانتقال العادل لها، وتنشيط الديمقراطيات، وتقوية النظام الدولي الحر والمفتوح.

في الختام: تحتل هذه القمة أهمية كبيرة لاعتبارين أساسيين أولهما الظروف الدولية التي يشهدها العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والخلل الكبير في سلاسل الامدادات الغذائي حول العالم، وثانيهما هو الاهتمام الأمريكي والغربي باستعادة النفوذ من خلال إحياء الشراكات مع الدول الأفريقية بعد أن غابت الولايات المتحدة لفترة كبيرة وهو ما دفع كل من الصين وروسيا وغيرها من الدول المناهضة للغرب بتعزيز تواجدها هناك.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟