الرئيس الأمريكي من إقرار قوانين أخرى، وسواء أدين في محاكمة عزله المعلقة أم لا؟ فلن يكون قادرًا على تحمل نتائج ما شهدته الولايات المتحدة، وعلى الرغم من وجود تقارير استطلاعات الرأي العام التي لا تزال تُظهر أنه يتمتع بشعبية بين ناخبي الحزب الجمهوري، إلا أن هذه الشعبية ستتغير.

وفي غضون أيام سيكون الرئيس السابق ترامب متورطًا في قضايا قضائية يقاتل فيها للحفاظ على السيطرة على ممتلكاته وتوجهاته؛ حيث لن يكون لديه القدرة على الحشد الكبير بالإضافة إلى عدم وجود طاقم العمل لمساعدته، كما لن يكون لديه سياسيين بارزين يهدفون إلى مشاركة هذه الأعمال معه، ومن جهة أخرى هناك بعض التضيقات التي بدأت تظهر لمواجهة الاضطرابات التي يخلقها ترامب مثل إيقاف حساباته الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم قدرته على الوصول إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

ثانيًا - أزمات ممتدة

ستواجه إدارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مجموعة كبيرة ومتعددة من التحديات الداخلية والخارجية وبالإضافة إلى انتشار فيروس كورونا المستجد وتراجع معدلات النمو الاقتصادي فهناك انقسام كبير في الداخل الأمريكي، وزيادة في مستوى العنف على أساس العرق واللون، ومن الواضح أن شغب ترامب أعاد ضبط الحياة السياسية لكن ليس إلى الأبد؛ حيث تم تأجيل هذه الصراعات ولم يتم إلغاؤها؛ حيث سيرث بايدن نظامًا سياسيًا منقسمًا على نفسه ويسعى كل طرف إلى محاصرة الطرف الآخر وتقييد حركته.

لكن هناك نوع من التفاؤل بأن الوضع السياسي الفعلي ليس رديئًا كما هو معتاد في ظل الاعتقاد بأن مجريات الأوضاع السياسة في الولايات المتحدة ستصبح قريبًا لما كانت عليه من قبل، وأن هذا الوضع يخفف من حقيقة أنه من نواحي كثيرة يتم تفاقم المشكلات داخل الولايات المتحدة بما يتجاوز قدرة السياسيين على تسويتها، وبرغم هذه النظرة هناك خلافات بين المواطنيين وانقسام حاد بينهم. وعلى المدى المتوسط فقد صرفت أعمال الشغب التي شهدتها الولايات المتحدة بسبب دعوات الرئيس ترامب الانتباه عن مشاكل الديمقراطيين الداخلية خاصة تلك المتعلقة بالتنافس بين التقدميين والوسطيين داخل الحزب الديموقراطي، بالإضافة إلى اتساع دائرة الحشد والحشد المضاد بينهما بالصورة التي ساهمت في تهديد الاستقرار الداخلي للولايات المتحدة.

ومن الصعب معرفة الجزء الأكثر تعثرًا على الحل في الأزمة الأمريكية والتي تحدد مستقبل الدولة بطرق واضحة في لحظة تشبه إلى حد ما عام 1957، عندما أدركت القيادة الأمريكية بعد أزمة سبوتنيك أنه يتعين على البلاد أن تصبح أكثر ذكاءً للتنافس مع الاتحاد السوفيتي السابق.

وفيما يتعلق بالصين فإن قدرتها على احتواء عدوى فيروس كورونا وإعادة فتح اقتصادها في ظل الفشل النسبي للولايات المتحدة دونما الاعتبار لأسبابه سوف يتردد صداها في جميع أنحاء العالم لعقود قادمة، فبدون العلم وبدون احترام المعايير الفكرية لن يكون أمام الولايات المتحدة فرصة للتنافس بنجاح مع الصين في القرن الحالي. إذا كان المتابع لمجريات الأوضاع الداخلية الأمريكية فيما يتعلق بهذا التراجع فالأسباب متواجدة ولا علاقة لها بفشل دونالد ترامب في جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، وإذا كانت مشكلة ترامب في الحزب الجمهوري ستذهب بسرعة أكبر مما يعتقده الكثيرون، فلا يوجد أساس واضح بما يعنيه ذلك بالنسبة للقضايا التي أثارها ترامب وناخبيه خلال رئاسته أو بعد فوز بايدن.

في الختام: لقد أوجد ترامب مجموعة من المشكلات الداخلية الممتدة لما بعد انتهاء فترة رئاسته والتي سوف يعاني منها النظام الأمريكي على مدار سنوات قادمة خاصة وأن هذه المشكلات ترتبط في أغلبها بالأوضاع الداخلي ورؤية كل حزب للآخر، وبالضرورة فسوف تنعكس هذه القضايا على مسار السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبرغم عدم تأثير الرأي العام الأمريكي على حركة الإدارة الأمريكية الخارجية إلا أن ستجد الإدارة الجديدة نفسها أمام مجموعة من التحديات التي ستقوض قدرتها على معالجة هذه الأزمات، وقد كانت الأحداث التي شهدتها واشنطن من اقتحام مبنى الكونجرس واحتلاله وتصاعد أعمال الشغب من المحتجين تجاه السلطات أبرز الأمثلة على ذلك.                                                                                                                                                     

Scott McConnell, Trump May Be Gone Soon, but America’s Problems Won’t, January 17, 2021, at: https://nationalinterest.org/feature/trump-may-be-gone-soon-america%E2%80%99s-problems-won%E2%80%99t-176640