المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

وجهة نظر: امتحان الثانوية العامة وطريقة تنسيق القبول بالجامعات‎

الأربعاء 29/يونيو/2016 - 11:53 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. محمد صفى الدين خربوش
تطبق مصر منذ أكثر من نصف القرن نظاماً لامتحان الثانوية العامة يقوم على عقد امتحان موحد لجميع الطلاب والطالبات في جميع محتفظات الجمهورية. وارتبط بهذا النظام في الامتحان تطبيق طريقة قبول بالجامعات شديدة المركزية، حيث يتنافس جميع الطلاب الناجحون على جميع الفرص المتاحة في الجامعات الحكومية، من خلال مكتب تنسيق مركزي.
  وربما كان هذا النظام في الامتحان والطريقة في التنسيق مقبولين، عندما كان العدد الاجمالي للطلاب المتقدمين لامتحان الثانوية العامة يعد بعشرات الآلاف، وكان عدد الجامعات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولم تكن هذه الجامعات محدودة العدد تضم جميع الكليات الأساسية التي قد يرغب الطلاب في الالتحاق بها.
أن تغييرات عديدة قد لحقت بنظام الثانوية العامة وبطريقة تنسيق القبول على مدى الخمسين عاماً الماضية؛ لكن ظل نظام الامتحان الموحد ومكتب التنسيق المركزي عصيين على التغيير
أولا: تطور نظام الثانوية العامة في مصر
   ومن المثير للدهشة أن تغييرات عديدة قد لحقت بنظام الثانوية العامة وبطريقة تنسيق القبول على مدى الخمسين عاماً الماضية؛ لكن ظل نظام الامتحان الموحد ومكتب التنسيق المركزي عصيين على التغيير. فقد لحقت بنظام الامتحان تغيرات جوهرية من امتحان على مرحلة واحدة في نهاية عام دراسي واحد، إلى آخر على مرحلتين في عامين دراسيين، ثم العودة مرة أخرى إلى امتحان العام الوحيد؛ ومن السماح بعقد امتحان إضافي لتحسين الدرجات ثم العودة عنه؛ ومن استحداث دور ثان للراسبين في عدد محدود من المواد بدلاً من إعادة العام الدراسي في حالة الرسوب في مادة واحدة؛ ومن الانتقال في تقسيم الطلاب بين مجموعتين فقط هما المجموعة الأدبية والعلمية إلى ثلاث مجموعات بإضافة مجموعة ثالثة  للرياضيات.
   وارتبط بما سبق إجراء تعديلات تفصيلية في طريقة تنسيق القبول بالجامعات من خلال تطبيق ما يسمى بقواعد التوزيع الجغرافي بين الكليات المتناظرة، والتي لم تمنع الطلاب من التقدم للقبول بكليات خارج نطاق التوزيع الجغرافي. كما تم تطبيق طريقة لتحويل الطلاب بين الكليات المتناظرة أدى في بعض الحالات إلى نقص شديد في أعداد الطلاب المقبولين في بعض الكليات مقابل تكدس في كليات أخرى يفوق قدراتها.
   لقد ظل نظام الامتحان الموحد ومكتب التنسيق المركزي صامدين أمام أي تغييرات، وكأنهما من المقدسات التي لا يجوز المساس بها. فقد تزايدت أعداد الطلاب والطالبات فأضحت تعد بمئات الآلاف؛ بل لقد اقتربت من المليون وتجاوزته أحياناً، إبان الدفعة المزدوجة وخلال تطبيق نظام الامتحان على عامين دراسيين. وانتشرت الجامعات في جميع المحافظات تقريباً، وضم كل منها عدداً وافراً من الكليات. فعلى سبيل المثال، كانت جامعة أسيوط هي الجامعة الوحيدة في محافظات الصعيد من بني سويف حتى أسوان منذ خمسين عاماً مضت. وتوجد الآن جامعات في كل من بني سويف والفيوم والمنيا وسوهاج وقنا (جنوب الوادي)، إلى جانب جامعة أسيوط العريقة وجامعة قيد الإنشاء في أسوان. وتضم معظم هذه الجامعات كليات الطب وطب الأسنان والهندسة والصيدلة والعلوم والطب البيطري والزراعة والحقوق والآداب والتجارة، مثلها مثل جامعات القاهرة وعين شمس وحلوان والإسكندرية والمنصورة، وباقي جامعات الدلتا (الزقازيق وبنها وشبين الكوم وطنطا وكفر الشيخ ودمياط ودمنهور) ومنطقة القناة (قناة السويس وبورسعيد والسويس).
وبالرغم مما شهدته الخمسون عاماً الماضية من تزايد غير مسبوق في أعداد الطلاب والطالبات في جميع المحافظات، ومن تطور مذهل في أعداد الجامعات والكليات وانتشارها الجغرافي؛ ما يزال نظام الثانوية العامة الموحد صامداً إلى جانب توأمه مكتب التنسيق العتيد. وما فتئت الاستعدادات تتم قبل عدة أشهر من عقد الامتحان المصيري، وتشكل لجان عدة  لوضع الامتحانات الموحدة في كل مادة ولطباعتها ولتوزيعها على اللجان المنتشرة في أنحاء الجمهورية، ولتصحيح عينات أوراق الإجابة، ثم لتصحيح جميع الأوراق، ثم لإعلان النتائج.
  وفور إعلان النتائج، بعد هذا "الماراثون" الطويل والمرهق للطلاب وللمدرسين وللأسر المصرية ولجميع أجهزة الدولة؛ يبدأ "ماراثون" آخر أشد ضراوة، وهو توزيع الناجحين على الكليات المختلفة. يجتمع المجلس الأعلى للجامعات لكي يحدد أعداد المقبولين في كليات الجامعات المختلفة، وفقاً لأعداد الناجحين، وليس بناء على قدرة هذه الجامعات على تقديم تعليم يتسم بالجودة؛ أو وفقاً لاحتياجات سوق العمل. وعادة ما يكون المجلس الأعلى للجامعات قد حدد  أعداد المقبولين المقترحين وفقاً للمعايير الموضوعية قبل إعلان نتيجة امتحان الثانوية العامة؛ وعادة ما تتم زيادة هذه الأعداد بعد إعلان النتيجة، على أسس أو معايير لا علاقة لها بالموضوعية. وفي معظم الأحوال، تتم هذه الزيادة في الكليات الموسومة بالنظرية مثل الحقوق والتجارة والآداب، والتي تضم العدد الأكبر من طلاب الجامعات المصرية.
ثمة حاجة ماسة إلى إعادة النظر في هذين "الصامدين" اللذين استعصيا على التغيير حتى الآن ، حيث أن استمرارهما لا يتسق مع أي منطق ولا يحقق أي تطور مأمول
ثانيا: الحاجة إلى التغيير
  وبغض النظر عما شهدته امتحانات هذا العام، وامتحانات السنوات الأخيرة، من تسريب لأسئلة أو لأجوبة امتحانات بعض المواد، قبل موعد الامتحان أو بعده؛ فإن ثمة حاجة ماسة إلى إعادة النظر في هذين  "الصامدين" اللذين استعصيا على التغيير حتى الآن ، حيث أن استمرارهما لا يتسق مع أي منطق ولا يحقق أي تطور مأمول.
ويتلخص المقترح في النقاط الآتية:
أولاً- تقسيم محافظات الجمهورية إلى عدد من "الأقاليم التعليمية "إذا جاز التعبير"؛ ويضم كل إقليم عدداً محدوداً من المحافظات المتجاورة، وفقاً لعدد الطلاب أو السكان أو لكليهما؛ بحيث يضم كل منها أعداداً متقاربة من الطلاب قدر الإمكان يتراوح بين خمسين ألف إلى مائة ألف طالب وطالبة في كل إقليم.
ثانياً- يُعقد امتحان موحَّد لطلاب مدارس كل من هذه الأقاليم، بحيث يتنافس طلاب محافظات كل إقليم مع أقرانهم داخل هذا الإقليم فقط.
ثالثاً- يلتحق الطلاب والطالبات الناجحون في كل من هذه الأقاليم إلى الجامعات التي تقع في نطاق إقليمهم .
رابعا : يظل مجموع الدرجات هو المعيار الوحيد لتنافس الطلاب، تحقيقا للعدالة.

فور إعلان النتائج، بعد هذا "الماراثون" الطويل والمرهق للطلاب وللمدرسين وللأسر المصرية ولجميع أجهزة الدولة؛ يبدأ "ماراثون" آخر أشد ضراوة، وهو توزيع الناجحين على الكليات المختلفة
ثالثا: طرق التغيير
ويمكن تطبيق هذا المقترح خلال العام الدراسي القادم من خلال ما يلي:
أولاً:تقسيم الجمهورية إلى سبعة أقاليم تعليمية على النحو التالي:
1. إقليم القناة: ويضم  طلاب محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء والشرقية. ويلتحق الطلاب الناجحون في هذا الإقليم بكليات جامعات الزقازيق وقناة السويس وبورسعيد والإسماعيلية وفروعها.
2. إقليم شرق الدلتا: ويضم طلاب محافظات دمياط والدقهلية والقليوبية. ويلتحق الطلاب الناجحون في هذا الإقليم بكليات جامعات المنصورة وبنها ودمياط.
3. إقليم وسط الدلتا: ويضم طلاب وطالبات محافظات كفر الشيخ والغربية والمنوفية. ويلتحق الطلاب الناجحون في هذا الإقليم بكليات جامعات طنطا وشبين الكوم وكفر الشيخ.
4. إقليم غرب الدلتا: ويضم طلاب وطالبات محافظات البحيرة والإسكندرية ومطروح. ويلتحق الناجحون في هذا الإقليم بكليات جامعات الإسكندرية ودمنهور ومطروح ( قيد الإنشاء).
5. إقليم القاهرة الكبرى: ويضم محافظتي القاهرة والجيزة. ويلتحق الناجحون في هذا الإقليم بكليات جامعات القاهرة وعين شمس وحلوان.
6. إقليم شمال ووسط الصعيد: ويضم طلاب محافظات بني سويف والفيوم والمنيا وأسيوط. ويلتحق الطلاب الناجحون بكليات جامعات أسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم.
7. إقليم وسط وجنوب الصعيد: ويضم طلاب محافظات سوهاج وقنا والأقصر وأسوان والوادي الجديد والبحر الأحمر. ويلتحق الناجحون في هذا الإقليم بكليات جامعات سوهاج وجنوب الوادي (قنا) وفروعهما وأسوان ( قيد الإنشاء).
ثانياً: قد يكون من الملائم للطلاب إجراء بعض التعديلات على تبعية بعض المحافظات أو المراكز والأقسام، لاعتبارات وجود وسائل انتقال أفضل، على أن يتم ذلك بعد استطلاع رأي الطلاب المعنيين. ومن أمثلة ذلك:
1. نقل تبعية شبرا الخيمة (التابعة لمحافظة القليوبية) من إقليم شرق الدلتا إلى إقليم القاهرة الكبرى. حيث قد يكون انتقال الطلاب إلى القاهرة (جامعة عين شمس مثلاً) أكثر يسراً من جامعة بنها.
2. نقل تبعية المراكز الجنوبية من محافظة الجيزة (البدرشين والعياط) من إقليم القاهرة الكبرى إلى إقليم شمال ووسط الصعيد، حيث قد تكون جامعة بني سويف أقرب إليهم من جامعة القاهرة.
3. نقل تبعية مراكز شمال البحر الأحمر إلى إقليم القناة، حيث قد تكون جامعة السويس أقرب إليهم من أي جامعة في إقليم جنوب الصعيد.
ثالثاً: تحدد جامعات كل إقليم أعداد الطلاب المقبولين في كلياتها، وفقاً لقدراتها على الاستيعاب وتقديم تعليم ذي جودة، ولاحتياجات المجتمع المحلي.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟