تداعيات وسيناريوهات: الظهير السياسي للرئيس
الأربعاء 04/مايو/2016 - 11:29 ص
د. يسري العزباوي
تعددت الآراء والمواقف حول ضرورة وجود ظهير سياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي للقيام ليس فقط بمهمة الدفاع عن السياسات التي ينتهجها، ولكن أيضًا لتسويق السياسات المتبعة على مستوى القمة، بين النخبة ووسائل الإعلام، وعلى المستوى القاعدي، بين المواطنين في المحافظات المختلفة. وقد انقسمت هذه الآراء إلى فريقين: الفريق الأول المؤيد لإقامة الظهير السياسي يسوّق جملة من الحجج والأسانيد التي تدعم موقفه، والتي منها على سبيل المثال، أنه لا يوجد نظام حكم في العالم، المتقدم والنامي، بدون مؤسسة أو حزب تساند الرئيس وتدعمه، وهو ما اضطر أن يقوم به الرئيس جمال عبد الناصر بعد فترة من توليه سدة الحكم بعد ثورة 23 يوليو 1952.
أما الفريق الثاني، فهو الرافض لفكرة الظهير السياسي للرئيس، لعدة اعتبارات، منها: أولا، أن الرئيس يتمتع بكاريزما يلفت حولها جميع المواطنين بلا استثناء. ثانيا، أن هناك حالة من التوحد بين المصريين بعد ثورة 30 يونيو، يجب الحفاظ عليها بأي حال من الأحوال. ثالثًا، الخبرة السيئة لتجربة الحزب الوطني المنحل الذي سيطر على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد، وهو ما أدى إلى تشويه حكم الرئيس الأسبق مبارك، وأدى أيضًا إلى مزيد من الاحتكار السياسي والميل إلى حكم الفرد.
وبغض الطرف عن مدى أهمية أو قوة أسانيد كل فريق، إلا أن المؤكد أن هناك مراجعة تتم الآن بين أنصار الفريق الرافض لفكرة الظهير السياسي، خاصة بعد التظاهرات التي جرت يومي ما عرف باسم "جمعة الأرض" وفي أعياد 25 أبريل التي تم التعامل معها بالمنع من الأصل، طبقًا للقانون، والرافضة لعودة الجزر للسعودية.
أما الفريق الثاني، فهو الرافض لفكرة الظهير السياسي للرئيس، لعدة اعتبارات، منها: أولا، أن الرئيس يتمتع بكاريزما يلفت حولها جميع المواطنين بلا استثناء. ثانيا، أن هناك حالة من التوحد بين المصريين بعد ثورة 30 يونيو، يجب الحفاظ عليها بأي حال من الأحوال. ثالثًا، الخبرة السيئة لتجربة الحزب الوطني المنحل الذي سيطر على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد، وهو ما أدى إلى تشويه حكم الرئيس الأسبق مبارك، وأدى أيضًا إلى مزيد من الاحتكار السياسي والميل إلى حكم الفرد.
وبغض الطرف عن مدى أهمية أو قوة أسانيد كل فريق، إلا أن المؤكد أن هناك مراجعة تتم الآن بين أنصار الفريق الرافض لفكرة الظهير السياسي، خاصة بعد التظاهرات التي جرت يومي ما عرف باسم "جمعة الأرض" وفي أعياد 25 أبريل التي تم التعامل معها بالمنع من الأصل، طبقًا للقانون، والرافضة لعودة الجزر للسعودية.
وبعد عامين من تولي الرئيس السيسي سدة الحكم، أن البيئة السياسية والاقتصادية الآن اختلفت كلية عن تلك التي تولى فيها الحكم في عام 2014
الأسباب والتداعيات
لا يستطيع أحد أن ينكر، وبعد عامين من تولي الرئيس السيسي سدة الحكم، أن البيئة السياسية والاقتصادية الآن اختلفت كلية عن تلك التي تولى فيها الحكم في عام 2014. وقد نجح النظام الجديد في كسر الطوق الخارجي الذي فرض على مصر بعد 30 يونيو باقتدار، على الرغم من استمرار بعض المشكلات الناشئة مع بعض الدول الصديقة مثل إيطاليا على سبيل المثال، فإن وحدة الصف على المستوى الداخلي ما زالت تعج باختلاف الرؤى لحل المشكلات الداخلية، خاصة مع موجات متتالية من ارتفاع الأسعار وبرلمان لا أستطيع أن أجزم بأنه قادر على المساعدة في إدارة عملية التحول الديمقراطي المرغوبة في البلاد، بل العكس هو الصحيح. بمعنى آخر بأن المشكلات السياسية الداخلية تتزايد، فضلا عن تبلور قوى معارضة جديدة من داخل ما عرف باسم قوى تحالف 30 يونيو، وفي ظل عدم قدرة البرلمان على إعطاء صورة إيجابية عن نفسه للمواطنين، حتى وصل الأمر بأن البرلمان أصبح عبئًا في إدارته على مؤسسات الدولة الأخرى، والتي بات تدخلها لمساندة البرلمان واضحا للقاصي والداني في الداخل والخارج.
وبناء عليه، هناك جملة من العوامل والأسباب التي تجعل هناك ضرورة ملحة لقيام الرئيس بعمل ظهير سياسي له، أو الحكومة إن أردنا الدقة في التعبير، وذلك لأن الرئيس طبقًا للدستور لن يستطيع الانتماء إلى أي حزب.
أولا، المعارضة من الداخل: بمعنى الانقسام بين ما عرف إعلاميًا بقوى 30 يونيو، حيث ظهر هذا جليًا مع اتساع الفجوة بين هذه القوى، والتي انقسمت على نفسها، وظهر التناطح بينها تدريجيًا بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية في نهاية عام 2015، خاصة بعد خسارة بعضها وخروجها خالية الوفاض من العملية الانتخابية، مما جعلها تشعر بأنها باتت مستبعدة من العملية السياسية. وهو ما جعل بعض هذه القوى تنتقد السياسات القائمة من قبل الدولة، بعدما كانت تؤيدها، بل وتقوم بتسويقها في أحيانا كثيرة. وقد ساعدتها على ذلك السياسات الاقتصادية المتخبطة من قبل الحكومة، والتي أثرت بالسلب على حياة المواطنين. فضلا عن أن المشروعات القومية الكبرى التي يقوم بها الرئيس لم يشعر بها المواطن حتى الآن، وأن أثرها الاقتصادي سوف يجنَى ولكن ربما بعد فترة زمنية. وما زاد الطين بلة، حالة عدم استقرار سعر الصرف وبلوغ سعر الدولار ما يقرب من 11 جنيها الآن، وهو ما جعل المواطن يشعر بأن الحكومة عاجزة تمامًا عن مواجهة هذه المشكلات.
وعلى الرغم من نجاح (مصر – السيسي) في ملف السياسة الخارجية والانفتاح على الخارج، فإن الدولة لم تنجح – حتى الآن- في إدارة الملف الأكثر أهمية، والذي يتوسّم المصريون أن يسمعوا فيه أمرًا يثلج صدورهم، ألا وهو ملف سد النهضة والعلاقة مع إثيوبيا، خاصة أن كل الأخبار في هذا الملف ليست في صالح الدولة المصرية على الرغم من أن النظام الجديد قدم كل المبادرات التي كان يصعب على غيره أن يقدمها، وبدا أن النظام قد استسلم للسياسات الإثيوبية القادمة.
ثانيا، محدودية دوائر صنع القرار: أو الاعتماد على النخبة العسكرية فقط، حيث يوجد شعور يتزايد لدى قطاع واسع من المصريين بأن الرئيس يعتمد على النخبة العسكرية فقط، دون غيرها، وهو ما يتضح جليًا من خطب وأحاديث الرئيس، وآخرها خطابه بمناسبة الذكرى الـ 34 لتحرير سيناء حينما أكد أن على الحكومة وعلى المؤسسة العسكرية أن تقوما معًا بتخفيف العبء عن محدودي الدخل. واللافت للنظر هنا أن الأمر يظهر بأننا أمام أكثر من حكومة، حكومة أقرب للسكرتارية الإدارية، حكومة شريف إسماعيل، وحكومة تنفيذية تقوم بالعبء الأكبر ويثق فيها الرئيس، والشعب أيضًا، وهي المؤسسة العسكرية بقيادة الهيئة الهندسية، التي تتولى ليس فقط التنفيذ والإشراف على كل المشروعات الكبرى القائمة الآن، ولكن أيضًا تخطط للمستقبل، وهو أمر يثير حفيظة بعض قطاعات المثقفين وما يعرف بدعاة الدولة المدنية.
وبغض النظر عن دقة هذا الأمر من عدمه، إلا أن الأمر المؤكد، بأن هذه الرؤية تأكدت لدي البعض، حيث لم تفصح مؤسسة الرئاسة حتى الآن عن كامل هيكلها الإداري. بمعنى آخر، لا يعلم أحد، حتى الآن، من هو المستشار السياسي للرئيس، وعلى من يعتمد الرئيس في أمور السياسة الداخلية. وبناء عليه، فإن الظهير السياسي للرئيس سوف يجيب عن مثل هذه التساؤلات للمواطنين.
ثالثا، تعثر التواصل المباشر: أو فتور تأثير اللقاءات المباشرة بين الرئيس والمواطنين، وذلك لعدة أسباب منها عدم الانتظام والاستمرارية في مواعيد مثل هذه اللقاءات من ناحية، وطبيعة ونوعية المشاركين فيها، والذين يحملون أكثر من صفة ووظيفة، وهو ما يجعلهم أعضاء دائمين فيها، من ناحية ثانية. وهنا لابد أن يعي القائمون على الاختيار على ضرورة التنوع والتعدد في أسماء المشاركين، وتمثيل القوى المعارضة أيضًا. وأخيرًا، أن أغلب لقاءات الرئيس مع المواطنين بدأت تأتى بعد نشوب أزمات، وهو ما يفقدها القدرة على التأثير، وذلك بسبب بلورة كل مواطن موقفه من الأزمة أو الحدث طبقًا لنسقه الفكري، وبالتالي تكون هناك صعوبة في القدرة على تغييره، وهو ما يتطلب من الرئيس أو الدولة جهدًا مضاعفًا.
لا يستطيع أحد أن ينكر، وبعد عامين من تولي الرئيس السيسي سدة الحكم، أن البيئة السياسية والاقتصادية الآن اختلفت كلية عن تلك التي تولى فيها الحكم في عام 2014. وقد نجح النظام الجديد في كسر الطوق الخارجي الذي فرض على مصر بعد 30 يونيو باقتدار، على الرغم من استمرار بعض المشكلات الناشئة مع بعض الدول الصديقة مثل إيطاليا على سبيل المثال، فإن وحدة الصف على المستوى الداخلي ما زالت تعج باختلاف الرؤى لحل المشكلات الداخلية، خاصة مع موجات متتالية من ارتفاع الأسعار وبرلمان لا أستطيع أن أجزم بأنه قادر على المساعدة في إدارة عملية التحول الديمقراطي المرغوبة في البلاد، بل العكس هو الصحيح. بمعنى آخر بأن المشكلات السياسية الداخلية تتزايد، فضلا عن تبلور قوى معارضة جديدة من داخل ما عرف باسم قوى تحالف 30 يونيو، وفي ظل عدم قدرة البرلمان على إعطاء صورة إيجابية عن نفسه للمواطنين، حتى وصل الأمر بأن البرلمان أصبح عبئًا في إدارته على مؤسسات الدولة الأخرى، والتي بات تدخلها لمساندة البرلمان واضحا للقاصي والداني في الداخل والخارج.
وبناء عليه، هناك جملة من العوامل والأسباب التي تجعل هناك ضرورة ملحة لقيام الرئيس بعمل ظهير سياسي له، أو الحكومة إن أردنا الدقة في التعبير، وذلك لأن الرئيس طبقًا للدستور لن يستطيع الانتماء إلى أي حزب.
أولا، المعارضة من الداخل: بمعنى الانقسام بين ما عرف إعلاميًا بقوى 30 يونيو، حيث ظهر هذا جليًا مع اتساع الفجوة بين هذه القوى، والتي انقسمت على نفسها، وظهر التناطح بينها تدريجيًا بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية في نهاية عام 2015، خاصة بعد خسارة بعضها وخروجها خالية الوفاض من العملية الانتخابية، مما جعلها تشعر بأنها باتت مستبعدة من العملية السياسية. وهو ما جعل بعض هذه القوى تنتقد السياسات القائمة من قبل الدولة، بعدما كانت تؤيدها، بل وتقوم بتسويقها في أحيانا كثيرة. وقد ساعدتها على ذلك السياسات الاقتصادية المتخبطة من قبل الحكومة، والتي أثرت بالسلب على حياة المواطنين. فضلا عن أن المشروعات القومية الكبرى التي يقوم بها الرئيس لم يشعر بها المواطن حتى الآن، وأن أثرها الاقتصادي سوف يجنَى ولكن ربما بعد فترة زمنية. وما زاد الطين بلة، حالة عدم استقرار سعر الصرف وبلوغ سعر الدولار ما يقرب من 11 جنيها الآن، وهو ما جعل المواطن يشعر بأن الحكومة عاجزة تمامًا عن مواجهة هذه المشكلات.
وعلى الرغم من نجاح (مصر – السيسي) في ملف السياسة الخارجية والانفتاح على الخارج، فإن الدولة لم تنجح – حتى الآن- في إدارة الملف الأكثر أهمية، والذي يتوسّم المصريون أن يسمعوا فيه أمرًا يثلج صدورهم، ألا وهو ملف سد النهضة والعلاقة مع إثيوبيا، خاصة أن كل الأخبار في هذا الملف ليست في صالح الدولة المصرية على الرغم من أن النظام الجديد قدم كل المبادرات التي كان يصعب على غيره أن يقدمها، وبدا أن النظام قد استسلم للسياسات الإثيوبية القادمة.
ثانيا، محدودية دوائر صنع القرار: أو الاعتماد على النخبة العسكرية فقط، حيث يوجد شعور يتزايد لدى قطاع واسع من المصريين بأن الرئيس يعتمد على النخبة العسكرية فقط، دون غيرها، وهو ما يتضح جليًا من خطب وأحاديث الرئيس، وآخرها خطابه بمناسبة الذكرى الـ 34 لتحرير سيناء حينما أكد أن على الحكومة وعلى المؤسسة العسكرية أن تقوما معًا بتخفيف العبء عن محدودي الدخل. واللافت للنظر هنا أن الأمر يظهر بأننا أمام أكثر من حكومة، حكومة أقرب للسكرتارية الإدارية، حكومة شريف إسماعيل، وحكومة تنفيذية تقوم بالعبء الأكبر ويثق فيها الرئيس، والشعب أيضًا، وهي المؤسسة العسكرية بقيادة الهيئة الهندسية، التي تتولى ليس فقط التنفيذ والإشراف على كل المشروعات الكبرى القائمة الآن، ولكن أيضًا تخطط للمستقبل، وهو أمر يثير حفيظة بعض قطاعات المثقفين وما يعرف بدعاة الدولة المدنية.
وبغض النظر عن دقة هذا الأمر من عدمه، إلا أن الأمر المؤكد، بأن هذه الرؤية تأكدت لدي البعض، حيث لم تفصح مؤسسة الرئاسة حتى الآن عن كامل هيكلها الإداري. بمعنى آخر، لا يعلم أحد، حتى الآن، من هو المستشار السياسي للرئيس، وعلى من يعتمد الرئيس في أمور السياسة الداخلية. وبناء عليه، فإن الظهير السياسي للرئيس سوف يجيب عن مثل هذه التساؤلات للمواطنين.
ثالثا، تعثر التواصل المباشر: أو فتور تأثير اللقاءات المباشرة بين الرئيس والمواطنين، وذلك لعدة أسباب منها عدم الانتظام والاستمرارية في مواعيد مثل هذه اللقاءات من ناحية، وطبيعة ونوعية المشاركين فيها، والذين يحملون أكثر من صفة ووظيفة، وهو ما يجعلهم أعضاء دائمين فيها، من ناحية ثانية. وهنا لابد أن يعي القائمون على الاختيار على ضرورة التنوع والتعدد في أسماء المشاركين، وتمثيل القوى المعارضة أيضًا. وأخيرًا، أن أغلب لقاءات الرئيس مع المواطنين بدأت تأتى بعد نشوب أزمات، وهو ما يفقدها القدرة على التأثير، وذلك بسبب بلورة كل مواطن موقفه من الأزمة أو الحدث طبقًا لنسقه الفكري، وبالتالي تكون هناك صعوبة في القدرة على تغييره، وهو ما يتطلب من الرئيس أو الدولة جهدًا مضاعفًا.
لا يعلم أحد، حتى الآن، من هو المستشار السياسي للرئيس، وعلى من يعتمد الرئيس في أمور السياسة الداخلية. وبناء عليه، فإن الظهير السياسي سوف يجيب عن مثل هذه التساؤلات للمواطنين
رابعًا، المعارضة البرلمانية: حيث بدأ تحالف (25 -30) يلعب دور قوى المعارضة داخل البرلمان، وإن كان تأثيره في عملية التصويت أو صنع القوانين محدودا، إلا أنه يتزايد تدريجيًا، وربما ينجح في لعب دور مجموعة الـ 88 في برلمان 2005. وعلى الرغم من أن أعضاء هذا التحالف ينتمون إلى أحزاب وقوى سياسية متنوعة، وليست تكتل متماسك مثل الإخوان، فإن تنوعهم الحزبي أعطاهم ميزة ومصداقية أكبر. خاصة أنه بدأ يتخذ ويتبنى مواقف قوى المعارضة السياسية مثل التيار الشعبي وزعيمه وبعض الأحزاب الاشتراكية وبعض السياسيين المستقلين.
خامسًا، فقدان المصداقية للإعلام المؤيد للرئيس: حيث نرى بعض البرامج الحوارية تعرض وجهة نظر واحدة فقط في أغلب الأحيان، سواء أكان بالتأييد أم المعارضة، وهو ما يؤثر بالسلب في شعبية الرئيس. ومن الأهمية الإشارة إلى وجود بعض القنوات والإعلاميين أصبحوا عبئا على الرئيس والحكومة معًا، خاصة وأن أدائهم بات منفر للمواطنين، وأن شعبيتهم تنحصر فقط في المؤيدين بالضرورة للرئيس والحكومة.
وبناء عليه، فإننا أمام سيناريوهين لا ثالث لهم، يقعان على طرفي نقيض، ومع ذلك هما غير متعارضين مع بعضهما بعضا، لأن حدوث كليهما لا يعنى نفي الآخر. بمعنى أن الرئيس قد يؤسس ظهيرا سياسيا ما ولكنه لن يستطيع أن يعلن بأنه ينتمي إليه، كما قد يستعين الرئيس بأحد الأحزاب القائمة بالفعل، مثل حزب مستقبل وطن، لكي يقوم هو بتسويق سياسات الحكومة، بدون إعلان رسمي عن ذلك. وربما هناك فريق من الدولة يؤيد ذلك وبدأت مؤشرات تظهر مع تنظيم حزب مستقبل وطن احتفالية عابدين للاحتفال بعيد تحرير سيناء في ظل دعوات كانت ترجو عدم العودة لظاهرة الحشد والحشد المضاد.
خامسًا، فقدان المصداقية للإعلام المؤيد للرئيس: حيث نرى بعض البرامج الحوارية تعرض وجهة نظر واحدة فقط في أغلب الأحيان، سواء أكان بالتأييد أم المعارضة، وهو ما يؤثر بالسلب في شعبية الرئيس. ومن الأهمية الإشارة إلى وجود بعض القنوات والإعلاميين أصبحوا عبئا على الرئيس والحكومة معًا، خاصة وأن أدائهم بات منفر للمواطنين، وأن شعبيتهم تنحصر فقط في المؤيدين بالضرورة للرئيس والحكومة.
السيناريوهات المحتملة
إن تعقد المشهد الداخلي ربما يدفع الرئيس لإعادة النظر في مسألة تشكيل الظهير السياسي، وبالتالي سوف يظل السؤال المطروح: ما الشكل المرغوب به لهذا الظهير السياسي؟ وربما يستطيع الرئيس موجها النصائح المتتالية له ويظل ممسكًا برأيه بعدم الرغبة في تأسيس مثل هذه الظهير، وأن الشعب هو الداعم له. وبناء عليه، فإننا أمام سيناريوهين لا ثالث لهم، يقعان على طرفي نقيض، ومع ذلك هما غير متعارضين مع بعضهما بعضا، لأن حدوث كليهما لا يعنى نفي الآخر. بمعنى أن الرئيس قد يؤسس ظهيرا سياسيا ما ولكنه لن يستطيع أن يعلن بأنه ينتمي إليه، كما قد يستعين الرئيس بأحد الأحزاب القائمة بالفعل، مثل حزب مستقبل وطن، لكي يقوم هو بتسويق سياسات الحكومة، بدون إعلان رسمي عن ذلك. وربما هناك فريق من الدولة يؤيد ذلك وبدأت مؤشرات تظهر مع تنظيم حزب مستقبل وطن احتفالية عابدين للاحتفال بعيد تحرير سيناء في ظل دعوات كانت ترجو عدم العودة لظاهرة الحشد والحشد المضاد.
أن الرئيس قد يؤسس ظهيرا سياسيا ما ولكنه لن يستطيع أن يعلن بأنه ينتمي إليه، كما قد يستعين الرئيس بأحد الأحزاب القائمة بالفعل
السيناريو الأول، نشأة الظهيرة السياسي: وهو الأقرب للواقع، فربما لن يقتنع الرئيس بوجود حزب له في ظل اعتماده على القوات المسلحة لإنجاز خططه للتنمية، وفي ظل قرب موافقة البرلمان على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وفي ظل فشل المظاهرات التي تمت الدعوة إليها أخيرًا. إلا أن الواقع الفعلي يقول ما يلي:
أولا: العودة إلى غياب ظاهرة الاصطفاف الوطني، خاصة تلك التي تجسدت بعد ثورة يونيو. فقد حدث شرخ في العلاقة بين الرئيس وبعض القوى السياسية المؤثرة في المجتمع، وأنه ليس بالضرورة أن كل السياسات التي سوف يتخذها الرئيس سوف تنال التأييد أو الرضا من القوى الشعبية، وبالتالي فإن الرئيس بحاجة إلى أنصار سياسيين يقومون بشرح سياساته، والاشتباك المباشر في التعاطي مع وسائل الإعلام لتوضيح أهمية هذه السياسات على المدى القريب والبعيد.
ثانيا: عودة ظاهرة المظاهرات، السياسية منها والفئوية، وبالتالي توفير البيئة الملائمة التي ستعمل جماعات الإسلام السياسي على استغلالها خلال المرحلة المقبلة، وبل والعمل على تغذيتها بين المواطنين.
ثالثا: الانقسام الطبقي حول السياسات الجديدة، حيث ما زال هناك قطاع واسع في الرأي العام بأن الدولة غير جادة في مواجهة رجال الأعمال، الذين ما زالوا يتمتعون بالكثير من المميزات التي كانت ممنوحة لهم في عهد مبارك من ناحية. كما أن رجال الأعمال ما زالت لديهم تخوفات بتكرار التجربة الناصرية من إجراءات تأميم أو تضيق عليهم في ظل قيادة القوات المسلحة مجالات التنمية الاقتصادية.
رابعًا: ضعف البرلمان، حيث لم يظهر البرلمان للرأي حتى الآن كمؤسسة تشريعية مستقلة منضبطة ملتزمة في أدائها، وهو ما يوجد ضرورة أن يكون هناك تيار أكثر تماسكًا داخل البرلمان، ليس فقط لتمرير القوانين ولكن يساعد على إدارة العمل داخل المؤسسة التشريعية.
خامسًا: الفترة الثانية المتوقعة للرئيس، فإذ ما قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي الترشح لفترة ثانية بعد انتهاء مدة رئاسة الأولى، فمن سوف يقوم بالحملة الانتخابية، والتسويق السياسي له.
وفي هذا الإطار، يثور تساؤل حول أيهما الأفضل: منظمة أم حزبًا؟ وهنا يمكن القول إنه حتى ولو تم تأسيس منظمة شبابية، فإنها سوف تتحول في النهاية إلى حزب، خاصة أن الخبرة المصرية تؤكد على هذا. حيث تحولت منظمة الشباب، التي بدأت عام 1963 واستمرت رسميًا حتى 1976، إلى منابر ثم إلى أحزاب سياسية. كما أن المنظمة ربما لن تستطيع توفير الظهير البرلمان للحكومة.
السيناريو الثاني، بقاء الحال كما هي عليها، بمعنى استمرار الرئيس بدون ظهير سياسي محدد، وبالتالي يعتمد الرئيس على شعبيته فقط، وعلى ما يعرف باسم "شرعية الإنجاز" لإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية يشعر بها المواطن العادي. ولكنه سيظل الرئيس تحت ضغط تقلب الرأي العام.
أولا: العودة إلى غياب ظاهرة الاصطفاف الوطني، خاصة تلك التي تجسدت بعد ثورة يونيو. فقد حدث شرخ في العلاقة بين الرئيس وبعض القوى السياسية المؤثرة في المجتمع، وأنه ليس بالضرورة أن كل السياسات التي سوف يتخذها الرئيس سوف تنال التأييد أو الرضا من القوى الشعبية، وبالتالي فإن الرئيس بحاجة إلى أنصار سياسيين يقومون بشرح سياساته، والاشتباك المباشر في التعاطي مع وسائل الإعلام لتوضيح أهمية هذه السياسات على المدى القريب والبعيد.
ثانيا: عودة ظاهرة المظاهرات، السياسية منها والفئوية، وبالتالي توفير البيئة الملائمة التي ستعمل جماعات الإسلام السياسي على استغلالها خلال المرحلة المقبلة، وبل والعمل على تغذيتها بين المواطنين.
ثالثا: الانقسام الطبقي حول السياسات الجديدة، حيث ما زال هناك قطاع واسع في الرأي العام بأن الدولة غير جادة في مواجهة رجال الأعمال، الذين ما زالوا يتمتعون بالكثير من المميزات التي كانت ممنوحة لهم في عهد مبارك من ناحية. كما أن رجال الأعمال ما زالت لديهم تخوفات بتكرار التجربة الناصرية من إجراءات تأميم أو تضيق عليهم في ظل قيادة القوات المسلحة مجالات التنمية الاقتصادية.
رابعًا: ضعف البرلمان، حيث لم يظهر البرلمان للرأي حتى الآن كمؤسسة تشريعية مستقلة منضبطة ملتزمة في أدائها، وهو ما يوجد ضرورة أن يكون هناك تيار أكثر تماسكًا داخل البرلمان، ليس فقط لتمرير القوانين ولكن يساعد على إدارة العمل داخل المؤسسة التشريعية.
خامسًا: الفترة الثانية المتوقعة للرئيس، فإذ ما قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي الترشح لفترة ثانية بعد انتهاء مدة رئاسة الأولى، فمن سوف يقوم بالحملة الانتخابية، والتسويق السياسي له.
وفي هذا الإطار، يثور تساؤل حول أيهما الأفضل: منظمة أم حزبًا؟ وهنا يمكن القول إنه حتى ولو تم تأسيس منظمة شبابية، فإنها سوف تتحول في النهاية إلى حزب، خاصة أن الخبرة المصرية تؤكد على هذا. حيث تحولت منظمة الشباب، التي بدأت عام 1963 واستمرت رسميًا حتى 1976، إلى منابر ثم إلى أحزاب سياسية. كما أن المنظمة ربما لن تستطيع توفير الظهير البرلمان للحكومة.
السيناريو الثاني، بقاء الحال كما هي عليها، بمعنى استمرار الرئيس بدون ظهير سياسي محدد، وبالتالي يعتمد الرئيس على شعبيته فقط، وعلى ما يعرف باسم "شرعية الإنجاز" لإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية يشعر بها المواطن العادي. ولكنه سيظل الرئيس تحت ضغط تقلب الرأي العام.