تداعيات محتملة: الأحداث الإرهابية في فرنسا وقضايا الشرق الأوسط
الثلاثاء 17/نوفمبر/2015 - 10:40 ص
د. إبراهيم منشاوي
لا شك أن الحدود السياسية بين الدول، التي كانت تشكل في الماضي مانعًا حقيقيًا يعوق الانتقال بسبب سيادة المفهوم التقليدي لفكرة السيادة، أضحت الآن عديمة الفائدة في ظل تطور وضع المجتمع الدولي بفعل الثورة العلمية والتكنولوجية، وظهور ما يسمى الفواعل العابرة للقومية وشبكات الإرهاب المنظمة، حيث أصبح تأثير الإرهاب لا يقتصر على مكان واحد، بل يمتد ليشمل كل الدول.
وهذا ما جسدته الأحداث الدامية الأخيرة في فرنسا ومن قبلها أحداث شارلي إبدو، وغيرها من الأمور ذات الصلة، ولا غلو القول إن امتداد تأثير الإرهاب بهذه الطريقة ليشمل دولًا لها ثقل في المجتمع الدولي، إنما ينم عن افتقاد الجماعة الدولية لأداة فاعلة وحقيقية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة والتصدي لها، ويكفينا في هذا الصدد أن نعرف أن الأمم المتحدة حتى الآن لم تتبن تعريفًا محددًا للإرهاب ليكون موضع اتفاق من قبل أعضاء المجتمع الدولي.
وهذا ما جسدته الأحداث الدامية الأخيرة في فرنسا ومن قبلها أحداث شارلي إبدو، وغيرها من الأمور ذات الصلة، ولا غلو القول إن امتداد تأثير الإرهاب بهذه الطريقة ليشمل دولًا لها ثقل في المجتمع الدولي، إنما ينم عن افتقاد الجماعة الدولية لأداة فاعلة وحقيقية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة والتصدي لها، ويكفينا في هذا الصدد أن نعرف أن الأمم المتحدة حتى الآن لم تتبن تعريفًا محددًا للإرهاب ليكون موضع اتفاق من قبل أعضاء المجتمع الدولي.
تسمح حالة الطوارئ بتفتيش المارة وتقييد حركة الأشخاص وغلق الأماكن العامة وفرض حظر التجوال، وفرض إجراءات أمنية احترازية
أولا- تطورات داخلية
أدت الأحداث الإرهابية التي وقعت في العاصمة الفرنسية باريس في 13 نوفمبر 2015، إلى العديد من التداعيات ليس على المستوى الداخلي فقط، بل على المستوى الدولي أيضًا، حيث أعلن عدد من الدول حالة التأهب القصوى مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وهولندا، وكذلك الفلبين لتأمين اجتماع قمة منتدى التعاون لدول آسيا والمحيط الهادي "أبك" فى مانيلا، وفي فرنسا ألقت هذه الأحداث بمجموعة من التداعيات الداخلية على المجتمع الفرنسي.
إعلان حالة الطوارئ: فقد أعلنت السلطات الفرنسية حالة الطوارئ القصوى وإغلاق الحدود وإيقاف التزام باريس بقوانين شنجن إبان هذه الأحداث، التي وصفها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بأنها عمل حربي، يخول لفرنسا اتخاذ كل التدابير الممكنة لحماية مواطنيها. وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إعلان حالة الطوارئ في فرنسا، فقد سبق إعلانها من قبل على إثر أحداث شارلي إبدو في 7 يناير 2015. وقد استمرة لفترة محدودة. وتسمح حالة الطوارئ بتفتيش المارة وتقييد حركة الأشخاص وغلق الأماكن العامة وفرض حظر التجوال، وفرض إجراءات أمنية احترازية. وهذا الحل الأمني السريع قد يفيد على المدى القصير الدولة الفرنسية خاصة أنها مقدمة على تنظيم حدث عالمي عندما تستضيف قمة المناخ في 30 نوفمبر 2015، فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أن القمة ستعقد في موعدها مع زيادة التدابير الأمنية.
التأثير على الرياضة الفرنسية: كما أثرت تلك الأحداث أيضًا على الرياضة الفرنسية، وخاصة كرة القدم، حيث استهدف أحد التفجيرات ملعب سان دو ني الفرنسي، الذي كانت تقام فيه مباراة فرنسا وألمانيا، وكان يحضرها الرئيس الفرنسي. وبسبب هذه الفجوة الأمنية تم إلغاء مباراة ودية أخرى بين فرنسا وإنجلترا، وتعد هذه هي المرة الأولى على حد علمي التي تلغى فيه مباراة لمنتخب فرنسا الأول بسبب التدابير الأمنية وتهديدات الجماعات الإرهابية.
التأثير على وضع مسلمي فرنسا: ولكن الموضوع الأخطر هو المتعلق بتأثير تلك الأحداث على أوضاع المسلمين المقيمين في فرنسا، خاصة أنه بعد أحداث صحيفة شارلي إبدو، تعرض المسلمون لمجموعة من الاعتداءات مثل استهداف عدد من المساجد، وتوجيه عدد من التهديدات والإهانات للمسلمين الفرنسيين. وهذا الهاجس يتصاعد خاصة مع زيادة عدد الضحايا هذه المرة، واستهداف العمليات الإرهابية لتجمعات عامة على عكس ما حدث لصحيفة شارلي، حيث هاجمها الإرهابيون لنشرها صورًا مسيئة للإسلام. فالهجوم في هذه المرة هجومًا موسعًا، ويرتبط بقضية أخرى متعلقة بمشاركة فرنسا في الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط. وهذا التطور الواضح يثير صعوبات عديدة لمسلمي فرنسا، نتيجة للكشف عن هوية أحد الانتحاريين المنتمين للدين الإسلامي ويدعى، عبد السلام صلاح.
أدت الأحداث الإرهابية التي وقعت في العاصمة الفرنسية باريس في 13 نوفمبر 2015، إلى العديد من التداعيات ليس على المستوى الداخلي فقط، بل على المستوى الدولي أيضًا، حيث أعلن عدد من الدول حالة التأهب القصوى مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وهولندا، وكذلك الفلبين لتأمين اجتماع قمة منتدى التعاون لدول آسيا والمحيط الهادي "أبك" فى مانيلا، وفي فرنسا ألقت هذه الأحداث بمجموعة من التداعيات الداخلية على المجتمع الفرنسي.
إعلان حالة الطوارئ: فقد أعلنت السلطات الفرنسية حالة الطوارئ القصوى وإغلاق الحدود وإيقاف التزام باريس بقوانين شنجن إبان هذه الأحداث، التي وصفها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بأنها عمل حربي، يخول لفرنسا اتخاذ كل التدابير الممكنة لحماية مواطنيها. وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إعلان حالة الطوارئ في فرنسا، فقد سبق إعلانها من قبل على إثر أحداث شارلي إبدو في 7 يناير 2015. وقد استمرة لفترة محدودة. وتسمح حالة الطوارئ بتفتيش المارة وتقييد حركة الأشخاص وغلق الأماكن العامة وفرض حظر التجوال، وفرض إجراءات أمنية احترازية. وهذا الحل الأمني السريع قد يفيد على المدى القصير الدولة الفرنسية خاصة أنها مقدمة على تنظيم حدث عالمي عندما تستضيف قمة المناخ في 30 نوفمبر 2015، فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أن القمة ستعقد في موعدها مع زيادة التدابير الأمنية.
التأثير على الرياضة الفرنسية: كما أثرت تلك الأحداث أيضًا على الرياضة الفرنسية، وخاصة كرة القدم، حيث استهدف أحد التفجيرات ملعب سان دو ني الفرنسي، الذي كانت تقام فيه مباراة فرنسا وألمانيا، وكان يحضرها الرئيس الفرنسي. وبسبب هذه الفجوة الأمنية تم إلغاء مباراة ودية أخرى بين فرنسا وإنجلترا، وتعد هذه هي المرة الأولى على حد علمي التي تلغى فيه مباراة لمنتخب فرنسا الأول بسبب التدابير الأمنية وتهديدات الجماعات الإرهابية.
التأثير على وضع مسلمي فرنسا: ولكن الموضوع الأخطر هو المتعلق بتأثير تلك الأحداث على أوضاع المسلمين المقيمين في فرنسا، خاصة أنه بعد أحداث صحيفة شارلي إبدو، تعرض المسلمون لمجموعة من الاعتداءات مثل استهداف عدد من المساجد، وتوجيه عدد من التهديدات والإهانات للمسلمين الفرنسيين. وهذا الهاجس يتصاعد خاصة مع زيادة عدد الضحايا هذه المرة، واستهداف العمليات الإرهابية لتجمعات عامة على عكس ما حدث لصحيفة شارلي، حيث هاجمها الإرهابيون لنشرها صورًا مسيئة للإسلام. فالهجوم في هذه المرة هجومًا موسعًا، ويرتبط بقضية أخرى متعلقة بمشاركة فرنسا في الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط. وهذا التطور الواضح يثير صعوبات عديدة لمسلمي فرنسا، نتيجة للكشف عن هوية أحد الانتحاريين المنتمين للدين الإسلامي ويدعى، عبد السلام صلاح.
أن الأحداث الإرهابية الأخيرة في باريس سوف تزيد من انخراط الدولة الفرنسية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي
ثانيا- تداعيات محتملة على قضايا الشرق الأوسط
عقب الأحداث الإرهابية الأخيرة في فرنسا، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" مسئوليته عن ذلك الحادث، مما أثار إلى الذهن عدد من التساؤلات حول الموقف الفرنسي من الحرب على الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، والتأثير على قضايا اللاجئين وظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب. حيث دارت تصريحات المسئوليين الرسميين الفرنسيين حول ضرورة اجتثاث الإرهاب من جذوره، وضرورة تدميره. وهذه التصريحات تؤشر وبقوة على عزم باريس على توسيع مشاركتها في الحرب على الإرهاب.
• الحرب على الإرهاب: يشير العديد من المحللين إلى أن الأحداث الإرهابية الأخيرة في باريس سوف تزيد من انخراط الدولة الفرنسية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وفي هذا الصدد أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أن بلاده تعتزم الاستمرار في غاراتها الجوية على ذلك التنظيم. ومما يزيد من احتمالات انخراط فرنسا في محاربة داعش ما صرح به الرئيس الفرنسي، هولاند، من أن بلاده تواجه حالة حرب حقيقية، مما يستدعي القضاء على ذلك التنظيم وتدميره. ومن الملاحظ في هذا الصدد أن فرنسا شاركت في التحالف الدولي لمحاربة داعش الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية منذ سبتمبر 2014، وشاركت في الغارات الجوية على ذلك التنظيم الإرهابي منذ ما يقرب من شهرين فوق الأراضي السورية، وقد سعت إلى تعزيز وضعها في محاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط من خلال عدد من الآليات كان من أهمها: تجديد اتفاقية التعاون العسكري مع الأردن، في سياق محاربة "داعش" في سوريا، في 11 أكتوبر 2015، التي تشمل تنظيم عمل القاعدة الجوية العسكرية المشتركة الموجودة على الأراضي الأردنية. كما أرسلت فرنسا حاملة الطائرات "شارل ديجول" للمشاركة في العمليات العسكرية ضد التنظيم، من أجل تقليص الوقت الذي تستغرقه المقاتلات الفرنسية في تحضير وتنفيذ ضرباتها الجوية،حيث تستخدم فرنسا في عملياتها ضد داعش ست طائرات ميراج متمركزة في الأردن، وست طائرات رافال متمركزة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبواسطة حاملة الطائرة هذه يمكن لفرنسا استخدام 40 طائرة ودعم 100 غارة يوميًا. وهذا المؤشرات تدلل على عزم فرنسا على زيادة وتيرة عملياتها في العراق وسوريا، ومما زاد من هذه التوقعات تعرضها لهذا الحدث الإرهابي الضخم.
• أزمة اللاجئين السوريين: حيث تثير أزمة اللاجئين السوريين إلى أوربا العديد من الإشكاليات والصعوبات الحقيقية، حيث وصل أوربا منذ بداية يناير 2015 وحتى أكتوبر من نفس العام ما يقارب 681 ألف لاجئ، وقد خرجت العديد من التحذيرات من قبل المسئوليين الأوربيين حول الخوف من تأثير تلك الأزمة على دول الاتحاد، وبالتالي تفكك منطقة "شنجن"، كما اتخذ عدد من الدول بعض الإجراءات الوقائية للحد من هذه الأزمة، مثل غلق الحدود المشتركة لمنع تدفق اللاجئين، ومطالبة المجر بضرورة التوزيع العادل لأعداد اللاجئين على دول الاتحاد الأوربي. ولهذا تم عقد قمة أوربية طارئة في بروكسل في 25 أكتوبر 2015 لمناقشة أزمة اللاجئين، وقد دعا إلى تلك القمة رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، رؤساء دول وحكومات ألمانيا والنمسا وبلغاريا وكرواتيا والمجر ومقدونيا ورومانيا وصربيا وسلوفينيا واليونان، إلى جانب مشاركة المكتب الأوروبي لدعم اللجوء (EASO) ووكالة الاتحاد الأوربي لشئون أمن الحدود الخارجية (Frontex) والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ومن ضمن الإجراءات التي تم الاتفاق عليها تعزيز وكالة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الحدود (فرونتيكس) نشاطها على الحدود بين اليونان ومقدونيا، لضمان تسجيل الأشخاص الذين يحاولون العبور. وتعد أزمة اللاجئين من أبرز الأمور التي تواجه الدول الأوربية في الوقت الحالي، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الربط بين أزمة اللاجئين والعمليات الإرهابية التي تحدث في أوربا، حيث خرج عدد من التقارير الغربية التي ربطت بين أحداث فرنسا الإرهابية وتدفق الإرهابين من مناطق القتال بين صفوف اللاجئين إلى أوربا، وهذه النتيجة إذا تم التأكد منها فإنها سوف تزيد أمور اللاجئين سوءًا، خاصة في ظل عدم القبول الأوربي لهؤلاء على أراضيهم.
• تعميق ظاهرة الأسلاموفوبيا: وهذه الظاهرة السياسية متجذرة في الغرب منذ فترة طويلة، حيث تنظر إلى الإسلام على أنه دين يحض على العنف والعدوانية والإرهاب والصدام، وقد تعمقت هذه الظاهرة في الفترة الحالية نتيجة لصعود التيارات اليمينية المتطرفة في أوربا، وكان من مظاهرها التهديدات والاعتداءات الموجهة إلى مسلمي أوربا، وإضرام النيران في بيوت اللاجئين، وكذلك محاولة اغتيال السياسيين الداعمين لأزمة اللجوء. وبالتالي فإن تزايد أحداث العنف والإرهاب في أوربا وربطها بالإرهاب القادم من بلاد الإسلام سوف يزيد من اشتعال هذه الظاهرة وتأكيدها في أوساط المجتمع الغربي، وهذا بالطبع سوف يكون له بالغ الأثر والتأثير على كل من يعتنق الدين الإسلامي في الدول الأوربية، وهذا كان شديد الوضوح عقب أحداث شارلي إبدو، حيث تم التضييق على مسلمي فرنسا وتوجيه الإهانات والتهديدات لهم. وقد تقود تلك الظاهرة في المستقبل القريب مثلما حدث في الماضي "احتلال العراق"، إلى زيادة التدخل الغربي في المنطقة العربية وإعادة احتلال أماكن أخرى ينظر إليها على أنها تفرخ الإرهاب والمتشددين إلى الغرب.
عقب الأحداث الإرهابية الأخيرة في فرنسا، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" مسئوليته عن ذلك الحادث، مما أثار إلى الذهن عدد من التساؤلات حول الموقف الفرنسي من الحرب على الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، والتأثير على قضايا اللاجئين وظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب. حيث دارت تصريحات المسئوليين الرسميين الفرنسيين حول ضرورة اجتثاث الإرهاب من جذوره، وضرورة تدميره. وهذه التصريحات تؤشر وبقوة على عزم باريس على توسيع مشاركتها في الحرب على الإرهاب.
• الحرب على الإرهاب: يشير العديد من المحللين إلى أن الأحداث الإرهابية الأخيرة في باريس سوف تزيد من انخراط الدولة الفرنسية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وفي هذا الصدد أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أن بلاده تعتزم الاستمرار في غاراتها الجوية على ذلك التنظيم. ومما يزيد من احتمالات انخراط فرنسا في محاربة داعش ما صرح به الرئيس الفرنسي، هولاند، من أن بلاده تواجه حالة حرب حقيقية، مما يستدعي القضاء على ذلك التنظيم وتدميره. ومن الملاحظ في هذا الصدد أن فرنسا شاركت في التحالف الدولي لمحاربة داعش الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية منذ سبتمبر 2014، وشاركت في الغارات الجوية على ذلك التنظيم الإرهابي منذ ما يقرب من شهرين فوق الأراضي السورية، وقد سعت إلى تعزيز وضعها في محاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط من خلال عدد من الآليات كان من أهمها: تجديد اتفاقية التعاون العسكري مع الأردن، في سياق محاربة "داعش" في سوريا، في 11 أكتوبر 2015، التي تشمل تنظيم عمل القاعدة الجوية العسكرية المشتركة الموجودة على الأراضي الأردنية. كما أرسلت فرنسا حاملة الطائرات "شارل ديجول" للمشاركة في العمليات العسكرية ضد التنظيم، من أجل تقليص الوقت الذي تستغرقه المقاتلات الفرنسية في تحضير وتنفيذ ضرباتها الجوية،حيث تستخدم فرنسا في عملياتها ضد داعش ست طائرات ميراج متمركزة في الأردن، وست طائرات رافال متمركزة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبواسطة حاملة الطائرة هذه يمكن لفرنسا استخدام 40 طائرة ودعم 100 غارة يوميًا. وهذا المؤشرات تدلل على عزم فرنسا على زيادة وتيرة عملياتها في العراق وسوريا، ومما زاد من هذه التوقعات تعرضها لهذا الحدث الإرهابي الضخم.
• أزمة اللاجئين السوريين: حيث تثير أزمة اللاجئين السوريين إلى أوربا العديد من الإشكاليات والصعوبات الحقيقية، حيث وصل أوربا منذ بداية يناير 2015 وحتى أكتوبر من نفس العام ما يقارب 681 ألف لاجئ، وقد خرجت العديد من التحذيرات من قبل المسئوليين الأوربيين حول الخوف من تأثير تلك الأزمة على دول الاتحاد، وبالتالي تفكك منطقة "شنجن"، كما اتخذ عدد من الدول بعض الإجراءات الوقائية للحد من هذه الأزمة، مثل غلق الحدود المشتركة لمنع تدفق اللاجئين، ومطالبة المجر بضرورة التوزيع العادل لأعداد اللاجئين على دول الاتحاد الأوربي. ولهذا تم عقد قمة أوربية طارئة في بروكسل في 25 أكتوبر 2015 لمناقشة أزمة اللاجئين، وقد دعا إلى تلك القمة رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، رؤساء دول وحكومات ألمانيا والنمسا وبلغاريا وكرواتيا والمجر ومقدونيا ورومانيا وصربيا وسلوفينيا واليونان، إلى جانب مشاركة المكتب الأوروبي لدعم اللجوء (EASO) ووكالة الاتحاد الأوربي لشئون أمن الحدود الخارجية (Frontex) والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ومن ضمن الإجراءات التي تم الاتفاق عليها تعزيز وكالة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الحدود (فرونتيكس) نشاطها على الحدود بين اليونان ومقدونيا، لضمان تسجيل الأشخاص الذين يحاولون العبور. وتعد أزمة اللاجئين من أبرز الأمور التي تواجه الدول الأوربية في الوقت الحالي، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الربط بين أزمة اللاجئين والعمليات الإرهابية التي تحدث في أوربا، حيث خرج عدد من التقارير الغربية التي ربطت بين أحداث فرنسا الإرهابية وتدفق الإرهابين من مناطق القتال بين صفوف اللاجئين إلى أوربا، وهذه النتيجة إذا تم التأكد منها فإنها سوف تزيد أمور اللاجئين سوءًا، خاصة في ظل عدم القبول الأوربي لهؤلاء على أراضيهم.
• تعميق ظاهرة الأسلاموفوبيا: وهذه الظاهرة السياسية متجذرة في الغرب منذ فترة طويلة، حيث تنظر إلى الإسلام على أنه دين يحض على العنف والعدوانية والإرهاب والصدام، وقد تعمقت هذه الظاهرة في الفترة الحالية نتيجة لصعود التيارات اليمينية المتطرفة في أوربا، وكان من مظاهرها التهديدات والاعتداءات الموجهة إلى مسلمي أوربا، وإضرام النيران في بيوت اللاجئين، وكذلك محاولة اغتيال السياسيين الداعمين لأزمة اللجوء. وبالتالي فإن تزايد أحداث العنف والإرهاب في أوربا وربطها بالإرهاب القادم من بلاد الإسلام سوف يزيد من اشتعال هذه الظاهرة وتأكيدها في أوساط المجتمع الغربي، وهذا بالطبع سوف يكون له بالغ الأثر والتأثير على كل من يعتنق الدين الإسلامي في الدول الأوربية، وهذا كان شديد الوضوح عقب أحداث شارلي إبدو، حيث تم التضييق على مسلمي فرنسا وتوجيه الإهانات والتهديدات لهم. وقد تقود تلك الظاهرة في المستقبل القريب مثلما حدث في الماضي "احتلال العراق"، إلى زيادة التدخل الغربي في المنطقة العربية وإعادة احتلال أماكن أخرى ينظر إليها على أنها تفرخ الإرهاب والمتشددين إلى الغرب.
تعمقت ظاهرة الأسلاموفوبيا في الفترة الحالية نتيجة لصعود التيارات اليمينية المتطرفة في أوربا
ثالثا- رؤية مستقبلية
هذا الوضع بالتالي يقودنا إلى إعادة التفكير في الدور الفرنسي المنتظر في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في ظل محاربة الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش، الذي أعلن مسئوليته عن تلك الأحداث الإرهابية، وفي هذا الإطار فإن تتبع تصريحات المسئولين الفرنسين ينم عن سعي باريس لتكثيف جهودها لمحاربة الإرهاب في المنطقة، ويمكن في هذا الصدد طرح السيناريوهات الآتية:
• تزايد الدور الفرنسي في المشاركة في الحرب على الإرهاب: وهذا هو ما تسير عليه التحليلات جميعها، وما تعكسه التصريحات الرسمية الفرنسية، وهذا السيناريو هو الأقرب لأرض الواقع نتيجة لتعرض فرنسا لعملين إرهابين في نفس العام (حادث شارلي إبدو والأحداث الإرهابية الأخيرة)، بالإضافة إلى التطور النوعي للعمليات الإرهابية في الحالة الأخيرة من استهداف أماكن عامة، ولعل هذا التطور الخطير سيؤثر على توجهات فرنسا تجاه مشكلة الإرهاب، ومن الممكن أن يدفعها إلى المزيد من الانخراط في مكافحة تلك الظاهرة، وقد يمتد الأمر إلى إرسال قوات برية إلى مناطق تمركز الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط.
• ثبات هذا الدور: أي اقتصار الدور الفرنسي على الغارات الجوية التي تشنها على تنظيم داعش الإرهابي، وعدم الزج بالمزيد من قواتها لمواجهة ذلك التنظيم، مع اتخاذ خطوات أخرى تدعم من دورها بصورة غير مباشرة مثل مساعدة دول المواجهة فنيًا ولوجستيًا وتقنيًا، أو من خلال تعزيز الاتفاقيات العسكرية معهم، مثلما حدث مع الأردن.
• تراجع هذا الدور: ويرتبط ذلك التصور بالخوف من تعرض فرنسا للمزيد من الهجمات وتوسع نطاقها الجغرافي، نتيجة للتهديدات المتكررة من الجماعات الإرهابية إذا أقدمت فرنسا على محاربة تلك التنظيمات، ولكن هذا السيناريو مستبعد لعدة اعتبارات، وهي أن فرنسا دولة كبرى قادرة على مواجهة الجماعات المتطرفة والراديكالية، بالإضافة إلى امتلاكها لأدوات القوة اللازمة، ورغبتها في تأكيد هذه المكانة والقدرة خصوصا في ظل تعرضها لهجمات إرهابية متكررة.
هذا الوضع بالتالي يقودنا إلى إعادة التفكير في الدور الفرنسي المنتظر في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في ظل محاربة الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش، الذي أعلن مسئوليته عن تلك الأحداث الإرهابية، وفي هذا الإطار فإن تتبع تصريحات المسئولين الفرنسين ينم عن سعي باريس لتكثيف جهودها لمحاربة الإرهاب في المنطقة، ويمكن في هذا الصدد طرح السيناريوهات الآتية:
• تزايد الدور الفرنسي في المشاركة في الحرب على الإرهاب: وهذا هو ما تسير عليه التحليلات جميعها، وما تعكسه التصريحات الرسمية الفرنسية، وهذا السيناريو هو الأقرب لأرض الواقع نتيجة لتعرض فرنسا لعملين إرهابين في نفس العام (حادث شارلي إبدو والأحداث الإرهابية الأخيرة)، بالإضافة إلى التطور النوعي للعمليات الإرهابية في الحالة الأخيرة من استهداف أماكن عامة، ولعل هذا التطور الخطير سيؤثر على توجهات فرنسا تجاه مشكلة الإرهاب، ومن الممكن أن يدفعها إلى المزيد من الانخراط في مكافحة تلك الظاهرة، وقد يمتد الأمر إلى إرسال قوات برية إلى مناطق تمركز الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط.
• ثبات هذا الدور: أي اقتصار الدور الفرنسي على الغارات الجوية التي تشنها على تنظيم داعش الإرهابي، وعدم الزج بالمزيد من قواتها لمواجهة ذلك التنظيم، مع اتخاذ خطوات أخرى تدعم من دورها بصورة غير مباشرة مثل مساعدة دول المواجهة فنيًا ولوجستيًا وتقنيًا، أو من خلال تعزيز الاتفاقيات العسكرية معهم، مثلما حدث مع الأردن.
• تراجع هذا الدور: ويرتبط ذلك التصور بالخوف من تعرض فرنسا للمزيد من الهجمات وتوسع نطاقها الجغرافي، نتيجة للتهديدات المتكررة من الجماعات الإرهابية إذا أقدمت فرنسا على محاربة تلك التنظيمات، ولكن هذا السيناريو مستبعد لعدة اعتبارات، وهي أن فرنسا دولة كبرى قادرة على مواجهة الجماعات المتطرفة والراديكالية، بالإضافة إلى امتلاكها لأدوات القوة اللازمة، ورغبتها في تأكيد هذه المكانة والقدرة خصوصا في ظل تعرضها لهجمات إرهابية متكررة.