السيناريوهات السبع: تركيا بعد الانتخابات إلى أين؟
السبت 17/أكتوبر/2015 - 11:16 ص
د. ضياء الدين زاهر
لتركيا موقع بالغ الأهمية بين دول العالم، حيث إنها تقع على بوابة البحر الأسود والذي يمثل الممر الوحيد لروسيا وحلفائها إلى مياه المتوسط، ومن هنا تكتسب وضعًا خاصا لدى "الناتو" كما أن لها خلفية تاريخية تربطها برباط ديني بالمنطقة العربية، حيث إنها تمثل وحدة المنطقة العربية تحت سلطان الخلافة العثمانية القديمة، وأمل من يأملون في عودة الخلافة العثمانية الجديدة المزعومة، كما أنها بذلك إستراتيجية أمريكا خاصة، بقربها من إيران، ولعلاقتها ببلاد فارس في الشرق.
واكتسبت مزيدًا من الأهمية في السنوات الأخيرة بتقدمها الاقتصادي السريع، كنموذج لكثير من دول المنطقة، ولوجودها على الحدود السورية، بما يضطرب في سوريا من أحداث هي بالضرورة شريك فاعل فيها بحكم الجغرافيا، والتي دفعتها لحشد الجيوش على الحدود، وتتفاعل الأحداث بين تركيا والمنطقة بما يلتصق بها من التعاون مع الإرهاب ودعمه والزعم بكونها المنفذة للمخطط الأمريكي الذي يتعهد بتفكيك المنطقة العربية إلى دويلات يمكن السيطرة عليها خدمة لحليفتها إسرائيل، كما كشفت عن ذلك وثائق "ويكيليكس" والتي أبرزت الدور الأعظم لتركيا في تحقيق هذا الهدف، تحت رداء العثمانيين الجدد بما لا يثير الريبة، ويكون له بعض القبول عند بعض الاتجاهات في المنطقة.
أولا- نتائج الانتخابات
مما يستدعي انتباهنا حقًا بخصوص الانتخابات التي أجريت في السابع من يونيه الماضي أن نلاحظ أنه من بين قرابة 56 مليون ناخب تركي لهم حق الاقتراع شارك 88% منهم، وهي نسبة بالغة الارتفاع، مما يدل على الحماسة والدافعية العالية من جانب الناخب التركي لتسجيل آرائه بخصوص أداء الأحزاب السياسية (في الحكومة والمعارضة).
واكتسبت مزيدًا من الأهمية في السنوات الأخيرة بتقدمها الاقتصادي السريع، كنموذج لكثير من دول المنطقة، ولوجودها على الحدود السورية، بما يضطرب في سوريا من أحداث هي بالضرورة شريك فاعل فيها بحكم الجغرافيا، والتي دفعتها لحشد الجيوش على الحدود، وتتفاعل الأحداث بين تركيا والمنطقة بما يلتصق بها من التعاون مع الإرهاب ودعمه والزعم بكونها المنفذة للمخطط الأمريكي الذي يتعهد بتفكيك المنطقة العربية إلى دويلات يمكن السيطرة عليها خدمة لحليفتها إسرائيل، كما كشفت عن ذلك وثائق "ويكيليكس" والتي أبرزت الدور الأعظم لتركيا في تحقيق هذا الهدف، تحت رداء العثمانيين الجدد بما لا يثير الريبة، ويكون له بعض القبول عند بعض الاتجاهات في المنطقة.
أولا- نتائج الانتخابات
مما يستدعي انتباهنا حقًا بخصوص الانتخابات التي أجريت في السابع من يونيه الماضي أن نلاحظ أنه من بين قرابة 56 مليون ناخب تركي لهم حق الاقتراع شارك 88% منهم، وهي نسبة بالغة الارتفاع، مما يدل على الحماسة والدافعية العالية من جانب الناخب التركي لتسجيل آرائه بخصوص أداء الأحزاب السياسية (في الحكومة والمعارضة).
مستقلًا. ولعل التأمل في نتائج هذه الانتخابات يمضي بنا طويلًا، نظرًا واستشرافًا، نحو تحديد مستقبل تركيا الداخلي والخارجي. فقد أوضحت النتائج وجود اهتزاز عنيف في المنظومة السياسية التركية، حيث جاءت نتائجها غير متوقعة على الأقل بالنسبة للحزب الحاكم (العدالة والتنمية AHP) وهو حزب إسلامي محض، وقد راهن زعيمه أردوغان قبل الانتخابات مثلًا على اكتساح الحزب للانتخابات، بل والحصول على (400) مقعد من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 550 مقعدًا وكان يأمل أن يمكنه ذلك من تحقيق أهدافه في الهيمنه والسيطرة على كافة السياسات الداخلية والخارجية لتركيا، سعيًا نحو تمرير مشروعه بشأن صياغة "دستور جديد للبلاد يجعله متملكًا لكافة الصلاحيات المتاحة لكل من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية معًا!! على النحو الذي يتحول فيه أردوغان إلى "سلطان بحق".
ولكن الرياح أتت بمالا تشتهي السفن وخيبت ظنه وطموحه، وذلك بحصول حزبه على أقل من 41% فقط من المقاعد البرلمانية، (252) مقعدًا، مقابل نسبة أعلى سبق للحزب أن أحرزها في انتخابات عام 2011 والتى بلغت 46%، وذلك عندما كان أردوغان رئيسًا للحزب. وهذا يعني انخفاضًا كبيرًا لنصيب الحزب من المقاعد يصل إلى 9%، وبشكل لا يمكنه من تشكيل الوزارة بمفرده.
وبدهي أن مثل هذه النتائج تدل على تراجع قوى للظهير الشعبي لحزب العدالة والتنمية. ومن جهة مقابلة أظهرت النتائج صعود نجم حزب صغير على الساحة الانتخابية كان بمثابة (حصان أسود)، حقق لأول مرة وجودًا لا بأس به، وهو حزب الشعوب الكردي (ديمقراطي – يساري) حيث تجاوز "العتبة الفارقة" (10%) من مجموع الأصوات باستحواذه على 13% من الأصوات، والملفت أن معظم الأصوات ليس بالضرورة من أعضاء هذا الحزب، ولكنها من أصوات حزبية أخرى خارجة عنه، تشترك في رفضها لسياسات حزب العدالة والتنمية. وبذا فقد استطاع حزب الشعوب الديمقراطي أن يخترق المجتمع التركي وخرج عن قاعدته التقليدية الكردية، وأن يتحدث عن قضايا مجتمعية مشتركة تهم المجتمع التركى بأسره، فجذب إليه العلمانيين والأقليات والمقهورين والنساء.
وأما الحزب المناوئ لحزب العدالة والتنمية، وصاحب الخلفية الأتاتركية (الشعب الجمهوري العلماني) فجاء في المرتبة الثانية بعد حزب العدالة والتنمية، بنسبة 25.3% عن انتخابات 2011.
وجاء حزب الحركة القومية (العمل القومي المتشدد) في المرتبة الثالثة نسبة 16%، أما حزب الشعوب الكردي فقد فاز بنسبة 13% في المرتبة الأخيرة إحصائيًا رغم أنه الأول شعبيًا، وبالتالي دخل البرلمان، وخفض من نسبة نجاح حزب العدالة بـ 3%.
أ- وبشكل أكثر تخصيصا فإن حزب العدالة والتنمية بزعامة أحمد داود أوغلو حصل على 18.708.614 صوتا بنسبة 40.86% من جملة الأصوات وهذا يعني أنه فقد بين انتخابات عامي 2011 و 2015 ما يعادل 2.598.212 صوتا حيث كانت أصواته 21.306.826 صوتا ولذا انخفضت نسبته في البرلمان إلى 8.14% من الأصوات (كانت 49%) وهي نسبة مرتفعة للغاية خاصة إذا نظرنا إلى كونه كان يأمل في الوصول إلى 60% على الأقل من جملة الأصوات. كما أنه خسر بذلك 68 مقعدا في البرلمان عن عام 2011 حيث كان له 327 مقعدا.
ب- وجاء حزب الشعب الجمهوري (CHP) في المرتبة الثانية بزعامة كمال كليجدار أوغلو، كما هو متوقع حيث حصل على 25.6% من جملة الأصوات (أينحو 11.474.168 صوتا) بارتفاع 367.372 صوتا عن نتائج انتخابات عام 2011 كما ارتفعت نسبته 0.06% (حيث كانت النسبة 25% فقط) ولكن انخفضت أعداد المقاعد البرلمانية من 138 عام 2011 إلى 132 عام 2015 بانخفاض 6 مقاعد.
ج- وفي المرتبة الثالثة جاء حزب الحركة القومية (MBP)بزعامة (دولت بهشلي) بنسبة 16.37% بعدد أصوات 7.495.150 صوتا بارتفاع 1.924.604 أي 3.37% عن انتخابات عام 2011 التي حصل فيها على 5.570.546 (بنسبة 13%) أي أنه أضاف 30 مقعدا إلى رصيده في البرلمان.
د- أما "الحصان الأسود" في الانتخابات فكان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي(HDP) بزعامة "أوباما تركيا" أو "الشاب صلاح الدين ديميرطاش"وهو الحزب الذي استطاع تجاوز العتبة الفارقة – كما يقال في علم النفس – وهي 10% من الأصوات تلك العقبة التي كان الجنرال "كنعان إيفرين" قد وضعها في دستور 1982 ليمنع أي حراك كردي للمشاركة في الحياة السياسية التركية. وقد حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 5.985.347 صوتا بما يعادل 13.07% وحاز على نحو 79 مقعدا في البرلمان .. ولم يدخل الحزب في انتخابات 2011 كحزب، بل بمشاركة أعضائه في الأحزاب الأخرى. وبذا أتاح هذا الحزب لغيره من الأقليات الدينية الأخرى فرص المشاركة في الحياة السياسية والبرلمانية وقضى على محاولات تغيبهم أو تجاهلهم.
ولكن الرياح أتت بمالا تشتهي السفن وخيبت ظنه وطموحه، وذلك بحصول حزبه على أقل من 41% فقط من المقاعد البرلمانية، (252) مقعدًا، مقابل نسبة أعلى سبق للحزب أن أحرزها في انتخابات عام 2011 والتى بلغت 46%، وذلك عندما كان أردوغان رئيسًا للحزب. وهذا يعني انخفاضًا كبيرًا لنصيب الحزب من المقاعد يصل إلى 9%، وبشكل لا يمكنه من تشكيل الوزارة بمفرده.
وبدهي أن مثل هذه النتائج تدل على تراجع قوى للظهير الشعبي لحزب العدالة والتنمية. ومن جهة مقابلة أظهرت النتائج صعود نجم حزب صغير على الساحة الانتخابية كان بمثابة (حصان أسود)، حقق لأول مرة وجودًا لا بأس به، وهو حزب الشعوب الكردي (ديمقراطي – يساري) حيث تجاوز "العتبة الفارقة" (10%) من مجموع الأصوات باستحواذه على 13% من الأصوات، والملفت أن معظم الأصوات ليس بالضرورة من أعضاء هذا الحزب، ولكنها من أصوات حزبية أخرى خارجة عنه، تشترك في رفضها لسياسات حزب العدالة والتنمية. وبذا فقد استطاع حزب الشعوب الديمقراطي أن يخترق المجتمع التركي وخرج عن قاعدته التقليدية الكردية، وأن يتحدث عن قضايا مجتمعية مشتركة تهم المجتمع التركى بأسره، فجذب إليه العلمانيين والأقليات والمقهورين والنساء.
وأما الحزب المناوئ لحزب العدالة والتنمية، وصاحب الخلفية الأتاتركية (الشعب الجمهوري العلماني) فجاء في المرتبة الثانية بعد حزب العدالة والتنمية، بنسبة 25.3% عن انتخابات 2011.
وجاء حزب الحركة القومية (العمل القومي المتشدد) في المرتبة الثالثة نسبة 16%، أما حزب الشعوب الكردي فقد فاز بنسبة 13% في المرتبة الأخيرة إحصائيًا رغم أنه الأول شعبيًا، وبالتالي دخل البرلمان، وخفض من نسبة نجاح حزب العدالة بـ 3%.
أ- وبشكل أكثر تخصيصا فإن حزب العدالة والتنمية بزعامة أحمد داود أوغلو حصل على 18.708.614 صوتا بنسبة 40.86% من جملة الأصوات وهذا يعني أنه فقد بين انتخابات عامي 2011 و 2015 ما يعادل 2.598.212 صوتا حيث كانت أصواته 21.306.826 صوتا ولذا انخفضت نسبته في البرلمان إلى 8.14% من الأصوات (كانت 49%) وهي نسبة مرتفعة للغاية خاصة إذا نظرنا إلى كونه كان يأمل في الوصول إلى 60% على الأقل من جملة الأصوات. كما أنه خسر بذلك 68 مقعدا في البرلمان عن عام 2011 حيث كان له 327 مقعدا.
ب- وجاء حزب الشعب الجمهوري (CHP) في المرتبة الثانية بزعامة كمال كليجدار أوغلو، كما هو متوقع حيث حصل على 25.6% من جملة الأصوات (أينحو 11.474.168 صوتا) بارتفاع 367.372 صوتا عن نتائج انتخابات عام 2011 كما ارتفعت نسبته 0.06% (حيث كانت النسبة 25% فقط) ولكن انخفضت أعداد المقاعد البرلمانية من 138 عام 2011 إلى 132 عام 2015 بانخفاض 6 مقاعد.
ج- وفي المرتبة الثالثة جاء حزب الحركة القومية (MBP)بزعامة (دولت بهشلي) بنسبة 16.37% بعدد أصوات 7.495.150 صوتا بارتفاع 1.924.604 أي 3.37% عن انتخابات عام 2011 التي حصل فيها على 5.570.546 (بنسبة 13%) أي أنه أضاف 30 مقعدا إلى رصيده في البرلمان.
د- أما "الحصان الأسود" في الانتخابات فكان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي(HDP) بزعامة "أوباما تركيا" أو "الشاب صلاح الدين ديميرطاش"وهو الحزب الذي استطاع تجاوز العتبة الفارقة – كما يقال في علم النفس – وهي 10% من الأصوات تلك العقبة التي كان الجنرال "كنعان إيفرين" قد وضعها في دستور 1982 ليمنع أي حراك كردي للمشاركة في الحياة السياسية التركية. وقد حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 5.985.347 صوتا بما يعادل 13.07% وحاز على نحو 79 مقعدا في البرلمان .. ولم يدخل الحزب في انتخابات 2011 كحزب، بل بمشاركة أعضائه في الأحزاب الأخرى. وبذا أتاح هذا الحزب لغيره من الأقليات الدينية الأخرى فرص المشاركة في الحياة السياسية والبرلمانية وقضى على محاولات تغيبهم أو تجاهلهم.
تنافست في هذه الانتخابات أحزاب كثيرة بلغت ما يقرب من 20 حزبًا، وضمت 165 مرشحًا مستقلًا
ومن أهم النتائج أن حزب الشعوب الديمقراطي قد ضاعف من أصواته بنسبة تفوق أكثر من 100% عن انتخابات 2014 .. والأهم حصوله على 4 نقاط من حزب (العدالة والتنمية) ونقطتين من الشعب الجمهوري، ونقطة واحدة من الأحزاب الأخرى .. بل حصل على أصوات من بعض ناخبي الحركة القومية الذين صوتوا له من أجل اجتياز العتبة الانتخابية، ونكاية في أردوغان وحزب الحركة القومية، كما ذهبت معظم أصوات الأكراد المحافظين (العلويين) إلى حزب الشعوب بدلا من حزب العدالة والتنمية الذي خسر 9% من الأصوات في إسطنبول.
كما أبرزت الانتخابات قيادة شبابية واعدة بين الزعماء الأتراك كافة وهو الشخصية الكارزمية صاحبة التأثير الشعبي الهائل والتيمثلها زعيم حزب الشعوب الديمقراطي، "صلاح الدين ديميرطاش". أو ما يطلق عليه "أوباما الأتراك" نظرا لمقدرته الخطابية البالغة!
ثانيا- الأسباب الرئيسية لتقهقر حزب العدالة والتنمية:
تتعدد الأسباب التي يمكن الإشارة إليها كمحددات للتراجع الواضح في أعداد الناخبين المؤيدين لسياسات حزب العدالة والتنمية وزعمائه، ويمكن تلخيص هذه الأسباب فيما يلي:
- أردوغان (أو أفول المايسترو).
- التباطؤ الاقتصادي وازدياد نسب البطالة والفساد.
- الصعود المفاجئ للمرأة سياسيًا.
- موقف الحزب من الأكراد والأقليات.
- تصاعد دور المرأة في الانتخابات.
وفيما يلي تحليل موجز لكل سبب من الأسباب السابقة:
1- أردوغان: أو أفول المايسترو
لاعب كرة القدم قلب الهجوم في نادي "جامع التي" ثم في نادي "هيئة الترام والأنفاق بإسطنبول، والذي اشتهر بين زملائه بالإمام "بيكن بور" انطلق يمارس السياسة كما يمارسها في الملاعب، جسور يعرف هدفه، ويخطط له في سرعة وإنجاز، وينطلق إلى تحقيقه، مؤمنا بعمل الفريق ولكن تحت رئاسته أي المايسترو فهو الذي يتقدم الجميع ليس فقط كلاعب، ولكن كتعويض عن انتمائه لأسرة متواضعة عاشت في حي شعبي بإسطنبول.
اكتسب "أردوغان" من ملاعب الكرة القدرة على المناورة، والمراوغة والإصرار، هذا الفتى الذي تمرس بالقدرة على جذب الناس، والتودد إليهم، وحسن المعاملة من "بيعه البطيخ" في إجازته أثناء الدراسة، وبما اكتسبه في دراسته "ثانوية الأئمة والخطباء" من قدرة على الإقناع والسيطرة بأسلوبه الخطابي على الجماهير، بالإضافة إلى ما اكتسبه في الجامعة من دراسة "الإدارة" و"الاقتصاد" بما تتضمنه من تقنيات وأساليب فاعلة في التنظيم والتخطيط والتحسب الاقتصادي والاجتماعي.
كل هذه المكونات أعطت له إمكانيات كبيرة سمحت له بأن يجتاز كثيرًا من الصعاب، خاصة من ممارسة العمل الحزبي في "الاتحاد الوطني للطلبة الأتراك"، ذلك التنظيم الثقافي الذي شكلته حركة الفكر الوطني بزعامة الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا "نجم الدين أربكان" قبل أن ينفصل عنه هو وزميله عبد اللـه أوغلو ليكونا حزب العدالة والتنمية المهادن للمصالح الغربية في تركيا والمرن سياسيا.
ولكن ذلك اللاعب الماهر نسي في غمرة الفرحة بالانتصارات بأنه لابد في يوم من الاعتزال، حيث إن فترة العطاء في الملاعب محدودة بحكم السن والتطور. وأنه من الذكاء أن يعتزل وهو في القمة، وقبل الانحدار على الجبل الذي بناه.
غير أن كيمياء شخصيته رباعية التسلط: العنترية، والغرور وجنون العظمة والتكبر، والانفعالية، والتي تكونت عنده من طبيعة الحياة والتعليم إلى جانب ما اكتسبه من سمات وطبيعة الشخصية التركية المتعالية، والتي نمت في داخله بسرعة وتدفق حتى أصبحت ظواهر تؤذن بانهياره. والذي بدت علاماتها في الانتخابات الأخيرة. حتى إن زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديميرطاش صرح فور نجاح حزبه "بأنه آن الأوان لأردوغان ألا ينظر إلينا بأصابعه إلى أعلى" وخاصة عندما أعلن أردوغان عقب إعلان النتائج أن حزبه لم ينهزم، وأن التراجع الذي حدث لم يكن سوى سلوك الناخب التركي المتردد والذي صوت لعدم الاستقرار.
ومن الشواهد على صدق رؤيتنا لشخصية أردوغان المزدوجة: مواقفه المتكررة من المعارضة، حيث اتسمت بالعنف والنقد والأسلوب " "المتدني" على حد تعبير زعيم حزب الحركة القومية "دولت بهشلي" وذلك عندما اتهمهم أردوغان، حيث وصف حزب السلام الجمهوري بأنه "حزب الكفرة والشواذ". ووصف صحيفة "نيويورك تايمز" بأنها "مجرد خرقة تافهة لا قيمة لها وتسعى دومًا لنشر الفتنة في تركيا". وقمعه للصحفيين والمنتقدين له بشأن حرية التعبير بحجة أنهم جزء من مؤامرة على تركيا، توجيه الاتهامات والإهانات والتهديدات إلى كافة معارضيه، وبالأخص زعماء الأحزاب والنشاطات سواء إعلاميين أو حتى سيدات أو سياسات الإعلاميين وكذا غير المسلمين، وأبناء الأقليات العرقية والثقافية في تركيا، واتهمهم جميعًا بمعاداة الإسلام ومشروع الخلافة العثمانية، الذي يتبناه وتسلطه ضد حرية التعبير في الإنترنت وتويتر، وضد السلطة القضائية.
كما أنه انحاز للأغنياء وسعى للتهميش الاجتماعي والسياسي لمواطنيه وخاصة من الأكراد والطوائف الأخرى. وكان يريد أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه مثل كمال أتاتورك، محمد الفاتح، وسليمان المقدوني.
كما أنه كان يضرب بالقوانين والدستور عرض الحائط مما أفسد "السلام الداخلى" لتركيا سعيًا نحو تحقيق أحلامه وطموحاته. واستعماله القوة المفرطة في فض الاحتجاجات المناهضة لحكومته كما حدث في ميدان "تقسيم"، ومخالفته للدستور باستمرار، والشبهات التي حامت حول عدم نزاهته السياسية والمالية ولعل فضائح بنك خلق وعلاقته هو وابنه بلال بالمليونير الإيراني المشبوه "رضا ضراب" وغيرهم. وخلطه للصراع السياسي بالمصالح الاقتصادية كما حدث عندما أجبر هيئة الأعمال المائية الحكومية في إسطنبول على وقف التعامل مع بنك آسيا التركي التابع للداعية المنافس "فتح اللـه غولن"، بتهمة تمويل محاولة الأخير لتأسيس "كيان موازٍ" في البلاد لحزبه والعمل ضد سلطاته.
الخلاصة .. أن مخططه قام على مشروع ذي جناحين "الاستئثار في الداخل" بتملك كافة الصلاحيات والسلطات كرئيس للجمهورية (على النمط الأمريكي). و"العثمنة في الخارج" بخلق كيان لعثمانية جديدة تهيمن على الدول السابق الهيمنة عليها من قبل تركيا (والتي يكن الأتراك أنفسهم مشاعر التعالي لهم وهم العرب)، ومن مظاهرها إنشاء قصر الخلافة ب 400 مليون يورو من أموال الضرائب, وتوالت الضربات ضده .. حيث إن محاكم تركية قد برأت العديدين مما اتهمهم أردوغان بتنظيم احتجاجات ضد الدولة وتشكيل مجموعات إجرامية، وهذا ما دعا منظمة العفو الدولية إلى وصف ذلك بفضيحة لإدانة أشخاص في تهم ليسوا مسئولين عنها. كما برأت محكمة في إسطنبول أكثر من 200 عسكري أعيدت محاكمتهم بتهمة التآمر في 2003. بهدف إسقاط الحكومة التركية التيكان يرأسها أردوغان. واللافت للنظر أن قرار الاتهام اعتبر أن الأدلة المقدمة ضدهم غير دامغة.
وآخر الضربات كان خلال الأيام القليلة الماضية عندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا التركية قرارا بإلغاء قانون أصدرته الحكومة بإغلاق المؤسسات التعليمية الخاصة التي يتزعمها الداعية الإسلامي "فتح اللـه جولن"، الذي اتهمه أردوغان بقيادة كيان مواز داخل الدولة .. واللافت للنظر أن حزب الشعب الجمهوري هو الذي قدم الطعن للمحكمة ضد أردوغان.
2- التباطؤ الاقتصادي
من المعروف أنه في ظل تعدد الحكومات الائتلافية في تسعينيات القرن الماضي سادت موجه واسعة من "عدم الاستقرار السياسي" كانت لها تداعياتها المباشرة على الاقتصاد التركي، فارتفع الدين المحلي والأجنبي بسبب ارتفاع التضخم (والذي وصل إلى نسبة 55% مع بداية القرن الحادي والعشرين) وحدث عجز في الموازنة، وعجز في الحساب التجاري. ومع صعود حزب العدالة والتنمية عام 2002 ثم وضع إستراتيجية جديدة لإنقاذ الاقتصاد التركي تقوم على هدف طموح أن تصبح تركيا من أكبر عشر اقتصادات في العالم بحلول عام 2024 ومن خلال التركيز على قوامه ثالوث سياسات تركز على الاعتماد على الخصخصة وتحفز الاستثمار الأجنبي، والانضباط المالي، وإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية المختلفة، الأمر الذي قاد إلى خفض معدلات التضخم من 55% عام 2002 إلى أقل من 10% بداية عام 2014.
كما ارتفع معدل الدخل السنوي للفرد إلى نحو 11 ألف دولار عام 2014 بعد أن كان 3500 دولار عام 2002. وكذلك سددت تركيا كل ديونها لصندوق النقد الدولى عام 2013 وأصبحت نموذجًا اقتصاديًا يحتذى به عندما تعافت سريعًا من الأزمة العالمية عام 2008.
على أنه مع قدوم عام 2012 انخفض نسبة النمو إلى 2.2% نتيجة لعامل خطير هو انتشار معدلات الفساد الذي قاد إلى حدوث تراجع ثم انحدار اقتصادي عام 2014. كما تراجع النمو المحلي ليسجل 1.7% على أساس سنوي في الربع الثالث من 2014 بدلًا من توقعات لنموه بنسبة 3%.
أما في هذا العام (عام 2015) تراجع النمو إلى 2.9% بحسب بيانات "رويترز" ووصل معدل البطالة إلى 11.2% في المتوسط خلال الفترة من يناير إلى مارس، مقارنة مع 10.2% في نفس الفترة من عام 2014. الأمر الذي حتم على وزير الاقتصاد التركي "نهاد زيبكس" للتصريح "بأنه من الصعب أن تصبح بلاده ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2025"! لتنتهي بذلك مرحلة "المعجزة" ويصبح التعامل مع الواقع المؤلم حتميًا.
ولعل من أهم أسباب هذا التراجع هو اختلال السياسات الخارجية التركية وخاصة الموقف مع كل من سوريا ومصر، وتدخلها في الشأن السياسي المصري خاصة، ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين وضعها في صدام مباشر مع القاهرة. وغير مباشر مع دول الخليج .. مما أفقد تركيا استثمارات بالمليارات، وحد من قدرتها التصديرية خلال العامين الأخيرين. ولعل من أبرز مظاهر هذا الفقد .. إلغاء مصر لاتفاقية "الرورو" التجارية التي تمنح لتركيا العديد من المزايا الخاصة بتجارتها المارة بالموانئ المصرية (الخط الملاحي للخليج أو إفريقيا) وكذلك استحواذ الإمارات على مهمة تطوير مطار بلجراد بصربيا مما أفقد تركيا مظاهر مركزيتها.
وقد كان لتطبيق سياسة الخصخصة المندفعة التي انطلقت منها تركيا من أجل حصد نمو سريع آثار على مستوى الإنتاج الصناعي، فقد تراجع النشاط عمومًا، وكثرت الاحتجاجات العمالية المطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل.
وطرح أردوغان مخططه عن سلطنة تركيا الجديدة، أي في ظل خلافته العثمانية المفترضة المتوقعة عام 2023 أن جعل الاقتصاد التركي واحدا من عشرة اقتصادات عالمية عام 2024.
وتوقعه رفع دخل الفرد إلى 25.000 دولار، مع الوصول بحجم الصادرات التركية إلى 500 مليار دولار ضمن تجارة حجمها يبلغ تريليون دولار كما ضمن مشروعه لتركيا عام 2023 أن يجعل السياحة التركية واحدة من بين الدول الخمس الأولى عالميا بعائد قدره 50 مليار دولار !!
وكذلك أن تصبح الخدمات اللوجستية التركية ضمن الأهم عالميا، وأن تتركز الصناعات الدفاعية على صناعات وطنية كاملة للطائرات والسفن والدبابات. وأن ترتقي الزراعة لتحتل مكانها ضمن الدول الخمس الأوائل عالميا وأن تدعم الطاقة بتشغيل ثلاثة مفاعلات نووية.
وقد تراجعت كل هذه الأحلام وليس بنتائج الانتخابات ولكن قبلها في السنوات القليلة الماضية.
3- انتشار الفساد
مثلت فضيحة "بنك خلق" التي تورط فيها عدد غير قليل من المسئولين الحكوميين والمقربين من أردوغان، في تقديم رشاوى وظهور حلقات من الفساد المالى، الأمر الذي جعل مؤير الفساد الدولى لتركيا يتراجع من المركز 53 عام 2013 إلى المركز 64 عالميًا ضمن 175 دولة (كما أشار لذلك مؤشر الفساد الدولي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية).
وبحسب صحف معارضة، رصد البنك المركزي تدفق تحويلات مالية وصلت عام 2014 إلى تسعة مليارات دولار، لكن دون الإفصاح عن مصادرها، مما يزيد الشكوك بشأن ممارسات فاسدة، كما أن الأمر تكرر بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة، حيث خرجت أكوام من النقود السائلة والذهب والألماس دون مراقبة. كما كان للصراع السياسي مع حركة "فتح اللـه جولن" الأثر الأكبر في التأثير السياسى على الاقتصاد والخلط بينهما .. حيث فرضت حكومة أردوغان حمايتها على بنك "آسيا الإسلامي" المملوك "لجولن". كما سبق وأشرنا.
وبدأت "فضيحة الفساد" تهز ثقة المستثمرين في وقت تشهد فيه الليرة التركية هبوطًا نحو مستويات قياسية، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم وتباطؤ النمو، ويعتمد تأييد حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية على التزامه المعلن بمكافحة الفساد وعلى سجله الاقتصادي.
وأدت هذه الفضيحة التي تفجرت في 17 ديسمبر 2013 باعتقال رجال أعمال قريبين من الحكومة وأبناء ثلاثة وزراء في الحكومة مما أدى إلى استقالة ثلاثة منهم (وزراء الدفاع، والبيئة، والاقتصاد). كما وجهت اتهامات لوزراء آخرين ومسئولين عديدين بقبول رشى بشأن مشروعات لتنمية مناطق حضرية ومنح ترخيص بناء وأودع 20 آخرون من كبار المسئولين في الحكومة التركية في السجن.
ومن أحدث ما نشر عن استشراء الفساد في أنحاء تركيا هو تقرير نشرته مؤسسة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التركية في نهاية عام 2014، والذي أكد على أن نحو 20 مليون تركي يتقاضون الرشوة سنويا، وأن 53% ممن يشتغلون كأفراد شرطة مرور يتقاضون الرشوة، وأن 59% من العاملين يرتشون أيضا، و33% من أفراد الشرطة العامة، و11% من العاملين في السلك القضائي، و59% من العاملين في شركات الكهرباء العامة جميعهم مرتشون!
وأضاف التقرير: أن هناك هيئات ومصالح الجمارك في تركيا احتلت المرتبة الأولى في إجمالي حجم المبالغ المتقاضون سنويا على سبيل الرشوة، بنحو 634 مليون دولار سنويا، وتليهم المديريات والبلديات العامة بنحو 380 مليون دولارا سنويا، ثم السلك القضائي 350 مليون دولار سنويا، وأخيرا الهيئات الضريبية بنحو 137 مليون دولار سنويا.
هذا وكان وزير العدل التركي قد صرح أن "عدد القضايا التي تم البت في جرائم الفساد خلال عام 2012 قد وصلت إلى 84 ألف قضية، بعد أن كانت 50 ألف قضية خلال عام 2009 كما أن جرائم التهريب وصلت إلى 22 ألف قضية بعد أن كانت 13 ألفا وذلك خلال الثلاثة أعوام الأخيرة.
يبدو أن السياسات المرتبكة لرئيس الوزراء التركي رجب أردوغان على المستويين الداخلي والخارجي كانت بمثابة المعول الذي وجهت به ضربه قوية لحائط الاقتصاد التركي. فباتت تهدده بالانهيار. حيث إنه في الوقت الذي تزداد فيه الخلافات السياسية الداخلية والخارجية بتركيا تزيد تراجعات اقتصاد أنقرة، ويرتفع مؤشره عجز الموازنة بشكل غير مسبوق (كما أشارت صحيفة كاش نيوز، 11 ديسمبر 2014).
وكذلك ما أثير عن مدى قرب رجل الأعمال الشاب الإيراني الأصل التركي الجنسية "رضا ضراب" من أردوغان وابنه بلال بعد القبض على رضا في 17 ديسمبر 2013 والذي كشف مسألة تزاوج السلطة مع رأس المال خاصة عقب اتهامه بالعديد من قضايا الرشوة وتحويل أموال واستثمارات غير مشروعة والفساد، وتقديم رشى لوزير الداخلية للحصول على الجنسية التركية، ووزير الاقتصاد للتستر على مخالفاته في تجارة الذهب، ووزير البيئة والتخطيط العمراني للحصول على مخالفات أعمال مخالفة للقانون، ووزير شئون الاتحاد الأوربي لتسهيل أعماله، وتوزيعه رشاوى على موظفي القطاع العام التركي من أجل تسهيل غسيل 87 مليار دولار، واللافت للنظر أن أردوغان قد دافع (عندما كان رئيس الوزراء) أثناء تحقيقات الفساد في تركيا، والتي تم القبض على رضا ضراب .. وقال "إنه رجل يفعل الخير" كما أن المسئولين في حكومته أزالوا كل العناصر التي قد تؤدي إلى حبس ضراب حتى لا يحبس ويضطر لإفراج أردوغان، فأفرج عنه ومعه عدد من أبناء الوزراء والشخصيات الرفيعة لعدم كفاية الأدلة وكذلك فإنه من ناحية أخرى فإن "ضراب"، كما كشفت تحقيقات مجلس الشورى الإيراني في قضايا الفساد، قد تورط في وقائع اختلاس ضخمة في إيران، بل أبرزت هذه التحقيقات بأن ضراب هو "مفتاح اختلاس 2.7 مليار دولار في إيران"!
كما أبرزت الانتخابات قيادة شبابية واعدة بين الزعماء الأتراك كافة وهو الشخصية الكارزمية صاحبة التأثير الشعبي الهائل والتيمثلها زعيم حزب الشعوب الديمقراطي، "صلاح الدين ديميرطاش". أو ما يطلق عليه "أوباما الأتراك" نظرا لمقدرته الخطابية البالغة!
ثانيا- الأسباب الرئيسية لتقهقر حزب العدالة والتنمية:
تتعدد الأسباب التي يمكن الإشارة إليها كمحددات للتراجع الواضح في أعداد الناخبين المؤيدين لسياسات حزب العدالة والتنمية وزعمائه، ويمكن تلخيص هذه الأسباب فيما يلي:
- أردوغان (أو أفول المايسترو).
- التباطؤ الاقتصادي وازدياد نسب البطالة والفساد.
- الصعود المفاجئ للمرأة سياسيًا.
- موقف الحزب من الأكراد والأقليات.
- تصاعد دور المرأة في الانتخابات.
وفيما يلي تحليل موجز لكل سبب من الأسباب السابقة:
1- أردوغان: أو أفول المايسترو
لاعب كرة القدم قلب الهجوم في نادي "جامع التي" ثم في نادي "هيئة الترام والأنفاق بإسطنبول، والذي اشتهر بين زملائه بالإمام "بيكن بور" انطلق يمارس السياسة كما يمارسها في الملاعب، جسور يعرف هدفه، ويخطط له في سرعة وإنجاز، وينطلق إلى تحقيقه، مؤمنا بعمل الفريق ولكن تحت رئاسته أي المايسترو فهو الذي يتقدم الجميع ليس فقط كلاعب، ولكن كتعويض عن انتمائه لأسرة متواضعة عاشت في حي شعبي بإسطنبول.
اكتسب "أردوغان" من ملاعب الكرة القدرة على المناورة، والمراوغة والإصرار، هذا الفتى الذي تمرس بالقدرة على جذب الناس، والتودد إليهم، وحسن المعاملة من "بيعه البطيخ" في إجازته أثناء الدراسة، وبما اكتسبه في دراسته "ثانوية الأئمة والخطباء" من قدرة على الإقناع والسيطرة بأسلوبه الخطابي على الجماهير، بالإضافة إلى ما اكتسبه في الجامعة من دراسة "الإدارة" و"الاقتصاد" بما تتضمنه من تقنيات وأساليب فاعلة في التنظيم والتخطيط والتحسب الاقتصادي والاجتماعي.
كل هذه المكونات أعطت له إمكانيات كبيرة سمحت له بأن يجتاز كثيرًا من الصعاب، خاصة من ممارسة العمل الحزبي في "الاتحاد الوطني للطلبة الأتراك"، ذلك التنظيم الثقافي الذي شكلته حركة الفكر الوطني بزعامة الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا "نجم الدين أربكان" قبل أن ينفصل عنه هو وزميله عبد اللـه أوغلو ليكونا حزب العدالة والتنمية المهادن للمصالح الغربية في تركيا والمرن سياسيا.
ولكن ذلك اللاعب الماهر نسي في غمرة الفرحة بالانتصارات بأنه لابد في يوم من الاعتزال، حيث إن فترة العطاء في الملاعب محدودة بحكم السن والتطور. وأنه من الذكاء أن يعتزل وهو في القمة، وقبل الانحدار على الجبل الذي بناه.
غير أن كيمياء شخصيته رباعية التسلط: العنترية، والغرور وجنون العظمة والتكبر، والانفعالية، والتي تكونت عنده من طبيعة الحياة والتعليم إلى جانب ما اكتسبه من سمات وطبيعة الشخصية التركية المتعالية، والتي نمت في داخله بسرعة وتدفق حتى أصبحت ظواهر تؤذن بانهياره. والذي بدت علاماتها في الانتخابات الأخيرة. حتى إن زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديميرطاش صرح فور نجاح حزبه "بأنه آن الأوان لأردوغان ألا ينظر إلينا بأصابعه إلى أعلى" وخاصة عندما أعلن أردوغان عقب إعلان النتائج أن حزبه لم ينهزم، وأن التراجع الذي حدث لم يكن سوى سلوك الناخب التركي المتردد والذي صوت لعدم الاستقرار.
ومن الشواهد على صدق رؤيتنا لشخصية أردوغان المزدوجة: مواقفه المتكررة من المعارضة، حيث اتسمت بالعنف والنقد والأسلوب " "المتدني" على حد تعبير زعيم حزب الحركة القومية "دولت بهشلي" وذلك عندما اتهمهم أردوغان، حيث وصف حزب السلام الجمهوري بأنه "حزب الكفرة والشواذ". ووصف صحيفة "نيويورك تايمز" بأنها "مجرد خرقة تافهة لا قيمة لها وتسعى دومًا لنشر الفتنة في تركيا". وقمعه للصحفيين والمنتقدين له بشأن حرية التعبير بحجة أنهم جزء من مؤامرة على تركيا، توجيه الاتهامات والإهانات والتهديدات إلى كافة معارضيه، وبالأخص زعماء الأحزاب والنشاطات سواء إعلاميين أو حتى سيدات أو سياسات الإعلاميين وكذا غير المسلمين، وأبناء الأقليات العرقية والثقافية في تركيا، واتهمهم جميعًا بمعاداة الإسلام ومشروع الخلافة العثمانية، الذي يتبناه وتسلطه ضد حرية التعبير في الإنترنت وتويتر، وضد السلطة القضائية.
كما أنه انحاز للأغنياء وسعى للتهميش الاجتماعي والسياسي لمواطنيه وخاصة من الأكراد والطوائف الأخرى. وكان يريد أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه مثل كمال أتاتورك، محمد الفاتح، وسليمان المقدوني.
كما أنه كان يضرب بالقوانين والدستور عرض الحائط مما أفسد "السلام الداخلى" لتركيا سعيًا نحو تحقيق أحلامه وطموحاته. واستعماله القوة المفرطة في فض الاحتجاجات المناهضة لحكومته كما حدث في ميدان "تقسيم"، ومخالفته للدستور باستمرار، والشبهات التي حامت حول عدم نزاهته السياسية والمالية ولعل فضائح بنك خلق وعلاقته هو وابنه بلال بالمليونير الإيراني المشبوه "رضا ضراب" وغيرهم. وخلطه للصراع السياسي بالمصالح الاقتصادية كما حدث عندما أجبر هيئة الأعمال المائية الحكومية في إسطنبول على وقف التعامل مع بنك آسيا التركي التابع للداعية المنافس "فتح اللـه غولن"، بتهمة تمويل محاولة الأخير لتأسيس "كيان موازٍ" في البلاد لحزبه والعمل ضد سلطاته.
الخلاصة .. أن مخططه قام على مشروع ذي جناحين "الاستئثار في الداخل" بتملك كافة الصلاحيات والسلطات كرئيس للجمهورية (على النمط الأمريكي). و"العثمنة في الخارج" بخلق كيان لعثمانية جديدة تهيمن على الدول السابق الهيمنة عليها من قبل تركيا (والتي يكن الأتراك أنفسهم مشاعر التعالي لهم وهم العرب)، ومن مظاهرها إنشاء قصر الخلافة ب 400 مليون يورو من أموال الضرائب, وتوالت الضربات ضده .. حيث إن محاكم تركية قد برأت العديدين مما اتهمهم أردوغان بتنظيم احتجاجات ضد الدولة وتشكيل مجموعات إجرامية، وهذا ما دعا منظمة العفو الدولية إلى وصف ذلك بفضيحة لإدانة أشخاص في تهم ليسوا مسئولين عنها. كما برأت محكمة في إسطنبول أكثر من 200 عسكري أعيدت محاكمتهم بتهمة التآمر في 2003. بهدف إسقاط الحكومة التركية التيكان يرأسها أردوغان. واللافت للنظر أن قرار الاتهام اعتبر أن الأدلة المقدمة ضدهم غير دامغة.
وآخر الضربات كان خلال الأيام القليلة الماضية عندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا التركية قرارا بإلغاء قانون أصدرته الحكومة بإغلاق المؤسسات التعليمية الخاصة التي يتزعمها الداعية الإسلامي "فتح اللـه جولن"، الذي اتهمه أردوغان بقيادة كيان مواز داخل الدولة .. واللافت للنظر أن حزب الشعب الجمهوري هو الذي قدم الطعن للمحكمة ضد أردوغان.
2- التباطؤ الاقتصادي
من المعروف أنه في ظل تعدد الحكومات الائتلافية في تسعينيات القرن الماضي سادت موجه واسعة من "عدم الاستقرار السياسي" كانت لها تداعياتها المباشرة على الاقتصاد التركي، فارتفع الدين المحلي والأجنبي بسبب ارتفاع التضخم (والذي وصل إلى نسبة 55% مع بداية القرن الحادي والعشرين) وحدث عجز في الموازنة، وعجز في الحساب التجاري. ومع صعود حزب العدالة والتنمية عام 2002 ثم وضع إستراتيجية جديدة لإنقاذ الاقتصاد التركي تقوم على هدف طموح أن تصبح تركيا من أكبر عشر اقتصادات في العالم بحلول عام 2024 ومن خلال التركيز على قوامه ثالوث سياسات تركز على الاعتماد على الخصخصة وتحفز الاستثمار الأجنبي، والانضباط المالي، وإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية المختلفة، الأمر الذي قاد إلى خفض معدلات التضخم من 55% عام 2002 إلى أقل من 10% بداية عام 2014.
كما ارتفع معدل الدخل السنوي للفرد إلى نحو 11 ألف دولار عام 2014 بعد أن كان 3500 دولار عام 2002. وكذلك سددت تركيا كل ديونها لصندوق النقد الدولى عام 2013 وأصبحت نموذجًا اقتصاديًا يحتذى به عندما تعافت سريعًا من الأزمة العالمية عام 2008.
على أنه مع قدوم عام 2012 انخفض نسبة النمو إلى 2.2% نتيجة لعامل خطير هو انتشار معدلات الفساد الذي قاد إلى حدوث تراجع ثم انحدار اقتصادي عام 2014. كما تراجع النمو المحلي ليسجل 1.7% على أساس سنوي في الربع الثالث من 2014 بدلًا من توقعات لنموه بنسبة 3%.
أما في هذا العام (عام 2015) تراجع النمو إلى 2.9% بحسب بيانات "رويترز" ووصل معدل البطالة إلى 11.2% في المتوسط خلال الفترة من يناير إلى مارس، مقارنة مع 10.2% في نفس الفترة من عام 2014. الأمر الذي حتم على وزير الاقتصاد التركي "نهاد زيبكس" للتصريح "بأنه من الصعب أن تصبح بلاده ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2025"! لتنتهي بذلك مرحلة "المعجزة" ويصبح التعامل مع الواقع المؤلم حتميًا.
ولعل من أهم أسباب هذا التراجع هو اختلال السياسات الخارجية التركية وخاصة الموقف مع كل من سوريا ومصر، وتدخلها في الشأن السياسي المصري خاصة، ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين وضعها في صدام مباشر مع القاهرة. وغير مباشر مع دول الخليج .. مما أفقد تركيا استثمارات بالمليارات، وحد من قدرتها التصديرية خلال العامين الأخيرين. ولعل من أبرز مظاهر هذا الفقد .. إلغاء مصر لاتفاقية "الرورو" التجارية التي تمنح لتركيا العديد من المزايا الخاصة بتجارتها المارة بالموانئ المصرية (الخط الملاحي للخليج أو إفريقيا) وكذلك استحواذ الإمارات على مهمة تطوير مطار بلجراد بصربيا مما أفقد تركيا مظاهر مركزيتها.
وقد كان لتطبيق سياسة الخصخصة المندفعة التي انطلقت منها تركيا من أجل حصد نمو سريع آثار على مستوى الإنتاج الصناعي، فقد تراجع النشاط عمومًا، وكثرت الاحتجاجات العمالية المطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل.
وطرح أردوغان مخططه عن سلطنة تركيا الجديدة، أي في ظل خلافته العثمانية المفترضة المتوقعة عام 2023 أن جعل الاقتصاد التركي واحدا من عشرة اقتصادات عالمية عام 2024.
وتوقعه رفع دخل الفرد إلى 25.000 دولار، مع الوصول بحجم الصادرات التركية إلى 500 مليار دولار ضمن تجارة حجمها يبلغ تريليون دولار كما ضمن مشروعه لتركيا عام 2023 أن يجعل السياحة التركية واحدة من بين الدول الخمس الأولى عالميا بعائد قدره 50 مليار دولار !!
وكذلك أن تصبح الخدمات اللوجستية التركية ضمن الأهم عالميا، وأن تتركز الصناعات الدفاعية على صناعات وطنية كاملة للطائرات والسفن والدبابات. وأن ترتقي الزراعة لتحتل مكانها ضمن الدول الخمس الأوائل عالميا وأن تدعم الطاقة بتشغيل ثلاثة مفاعلات نووية.
وقد تراجعت كل هذه الأحلام وليس بنتائج الانتخابات ولكن قبلها في السنوات القليلة الماضية.
3- انتشار الفساد
مثلت فضيحة "بنك خلق" التي تورط فيها عدد غير قليل من المسئولين الحكوميين والمقربين من أردوغان، في تقديم رشاوى وظهور حلقات من الفساد المالى، الأمر الذي جعل مؤير الفساد الدولى لتركيا يتراجع من المركز 53 عام 2013 إلى المركز 64 عالميًا ضمن 175 دولة (كما أشار لذلك مؤشر الفساد الدولي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية).
وبحسب صحف معارضة، رصد البنك المركزي تدفق تحويلات مالية وصلت عام 2014 إلى تسعة مليارات دولار، لكن دون الإفصاح عن مصادرها، مما يزيد الشكوك بشأن ممارسات فاسدة، كما أن الأمر تكرر بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة، حيث خرجت أكوام من النقود السائلة والذهب والألماس دون مراقبة. كما كان للصراع السياسي مع حركة "فتح اللـه جولن" الأثر الأكبر في التأثير السياسى على الاقتصاد والخلط بينهما .. حيث فرضت حكومة أردوغان حمايتها على بنك "آسيا الإسلامي" المملوك "لجولن". كما سبق وأشرنا.
وبدأت "فضيحة الفساد" تهز ثقة المستثمرين في وقت تشهد فيه الليرة التركية هبوطًا نحو مستويات قياسية، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم وتباطؤ النمو، ويعتمد تأييد حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية على التزامه المعلن بمكافحة الفساد وعلى سجله الاقتصادي.
وأدت هذه الفضيحة التي تفجرت في 17 ديسمبر 2013 باعتقال رجال أعمال قريبين من الحكومة وأبناء ثلاثة وزراء في الحكومة مما أدى إلى استقالة ثلاثة منهم (وزراء الدفاع، والبيئة، والاقتصاد). كما وجهت اتهامات لوزراء آخرين ومسئولين عديدين بقبول رشى بشأن مشروعات لتنمية مناطق حضرية ومنح ترخيص بناء وأودع 20 آخرون من كبار المسئولين في الحكومة التركية في السجن.
ومن أحدث ما نشر عن استشراء الفساد في أنحاء تركيا هو تقرير نشرته مؤسسة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التركية في نهاية عام 2014، والذي أكد على أن نحو 20 مليون تركي يتقاضون الرشوة سنويا، وأن 53% ممن يشتغلون كأفراد شرطة مرور يتقاضون الرشوة، وأن 59% من العاملين يرتشون أيضا، و33% من أفراد الشرطة العامة، و11% من العاملين في السلك القضائي، و59% من العاملين في شركات الكهرباء العامة جميعهم مرتشون!
وأضاف التقرير: أن هناك هيئات ومصالح الجمارك في تركيا احتلت المرتبة الأولى في إجمالي حجم المبالغ المتقاضون سنويا على سبيل الرشوة، بنحو 634 مليون دولار سنويا، وتليهم المديريات والبلديات العامة بنحو 380 مليون دولارا سنويا، ثم السلك القضائي 350 مليون دولار سنويا، وأخيرا الهيئات الضريبية بنحو 137 مليون دولار سنويا.
هذا وكان وزير العدل التركي قد صرح أن "عدد القضايا التي تم البت في جرائم الفساد خلال عام 2012 قد وصلت إلى 84 ألف قضية، بعد أن كانت 50 ألف قضية خلال عام 2009 كما أن جرائم التهريب وصلت إلى 22 ألف قضية بعد أن كانت 13 ألفا وذلك خلال الثلاثة أعوام الأخيرة.
يبدو أن السياسات المرتبكة لرئيس الوزراء التركي رجب أردوغان على المستويين الداخلي والخارجي كانت بمثابة المعول الذي وجهت به ضربه قوية لحائط الاقتصاد التركي. فباتت تهدده بالانهيار. حيث إنه في الوقت الذي تزداد فيه الخلافات السياسية الداخلية والخارجية بتركيا تزيد تراجعات اقتصاد أنقرة، ويرتفع مؤشره عجز الموازنة بشكل غير مسبوق (كما أشارت صحيفة كاش نيوز، 11 ديسمبر 2014).
وكذلك ما أثير عن مدى قرب رجل الأعمال الشاب الإيراني الأصل التركي الجنسية "رضا ضراب" من أردوغان وابنه بلال بعد القبض على رضا في 17 ديسمبر 2013 والذي كشف مسألة تزاوج السلطة مع رأس المال خاصة عقب اتهامه بالعديد من قضايا الرشوة وتحويل أموال واستثمارات غير مشروعة والفساد، وتقديم رشى لوزير الداخلية للحصول على الجنسية التركية، ووزير الاقتصاد للتستر على مخالفاته في تجارة الذهب، ووزير البيئة والتخطيط العمراني للحصول على مخالفات أعمال مخالفة للقانون، ووزير شئون الاتحاد الأوربي لتسهيل أعماله، وتوزيعه رشاوى على موظفي القطاع العام التركي من أجل تسهيل غسيل 87 مليار دولار، واللافت للنظر أن أردوغان قد دافع (عندما كان رئيس الوزراء) أثناء تحقيقات الفساد في تركيا، والتي تم القبض على رضا ضراب .. وقال "إنه رجل يفعل الخير" كما أن المسئولين في حكومته أزالوا كل العناصر التي قد تؤدي إلى حبس ضراب حتى لا يحبس ويضطر لإفراج أردوغان، فأفرج عنه ومعه عدد من أبناء الوزراء والشخصيات الرفيعة لعدم كفاية الأدلة وكذلك فإنه من ناحية أخرى فإن "ضراب"، كما كشفت تحقيقات مجلس الشورى الإيراني في قضايا الفساد، قد تورط في وقائع اختلاس ضخمة في إيران، بل أبرزت هذه التحقيقات بأن ضراب هو "مفتاح اختلاس 2.7 مليار دولار في إيران"!
إن محاكم تركية قد برأت العديدين مما اتهمهم أردوغان بتنظيم احتجاجات ضد الدولة وتشكيل مجموعات إجرامية
4- الموقف من الأكراد والأقليات
اتسم موقف حزب العدالة والتنمية بالتعالي تجاه كل الأقليات غير التركية ولاسيما الأكراد والعرب واليهود والتركمان وغيرهم. وقد جاء حصول حزب الشعوب الديمقراطى المؤيد لحقوق الأكراد على 13% بـ 79 مقعدًا.. ليتجاوز العتبة الفارقة لدخول البرلمان وهي 10% وبالتالي سيكون أول تكتل أو حزب سياسى كردي يدخل البرلمان.
وبالتالي صار الأكراد هم اللاعب الأقوى في تركيا بعد هذه الانتخابات وصاحب الدور الأكبر في تشكيل خريطة سياسية مغايرة في تركيا وهو بمثابة "الحصان الأسود في الانتخابات التركية"، وهم يعتبرون ثاني أكبر قومية في تركية (التي تضم 32 قومية) ونتيجة لذلك فد تم تدبير هجوم دموي في "دياره بكر" معقل الأكراد على تجمع لحزب الشعب الديمقراطي قبل الانتخابات بيومين وخلف قتيلين وعشرات الجرحى وأثيرت أقاويل حول دور حزب العدالة والحرية في هذا الهجوم.
ومن زاوية أخرى يجب الإشارة إلى أن الملف الكردي لا ينحصر في تركيا فحسب، بل يمتد إلى العراق وسوريا المجاورتين وكذا إيران بدرجة أقل. وإذا عدنا لخلفيات حزب الشعوب الديمقراطي نجد أنه قد دخل انتخابات عام 2002 (وإن كان تحت اسم آخر هو السلام والديمقراطية) وحصل على 6.22% من أصوات الناخبين والتي ضمت بحكم الدستور إلى حزب العدالة والتنمية (لعدم تجاوز الحاجز الانتخابي). وفي الوقت الذي نجد أن انتخابات عام 2007، لم يشارك كحزب، لكنه تنافس فيها بمرشحين مستقلين وجعل منهم 22 نائبا عام 2007.. ثم وصل عددهم في الانتخابات 2011 إلى 35 نائبًا بنسبة 6.57%.
وإجمالًا فإنه يمكن القول إذن إن هذا الحزب قد تمكن من منع أردوغان من تغيير الدستور لزيادة صلاحياته فيه بعد ضم صلاحيات رئيس الوزراء إليها كما فعل "كنعان إيفرين".
5- تصاعد دور المرأة في الانتخابات
وكان من أكثر الظواهر التي جاءت بها الانتخابات، والتي سيكون لها دور مؤثر وبارز صعود دور المرأة في الانتخابات حيث حققت نسبة ملحوظة، فمجموع النساء الداخلات البرلمان صار 96 سيدة، أي بنسبة عامة 17.4% (هناك صوتان لأحزاب صغيرة)، نجد فمن هذا العدد منهن 15.9% لحزب العدالة والحرية (حزب الأكثرية)، و 84.1% لأحزاب المعارضة. ففي حزب الشعب الديمقراطي (مؤيد للأتراك) حصلت المرأة على 31 مقعدًا من جملة 80 مقعدًا حققها الحزب، وهي نسبة تسترعي الانتباه، خاصة مع وجود ابنة شقيق عبد الله أوجلان بينهن، خاصة إذا التفتنا إلى دور الأكراد وموقف تركيا، في الأزمة السورية الحالية، ودور الأكراد فيها وقبل ذلك في العراق.
اللافت للنظر أن النتائج قد أظهرت ظاهرة بالغة الوضوح فحواها أن المرأة التركية قد اتجهت للسياسة باهتمام بالغ، وأن أغلب النائبات الجدد هن من أحزاب المعارضة، فبينما حاز حزب العدالة على 258 مقعدًا منها 41 مقعدًا للمرأة (وهي المحجبات غالبًا) أي بنسبة 15.9%.
في حين نجد أن أحزاب المعارضة استحوذت على نسب عالية من السيدات، فحزب الشعوب الديمقراطي الكردي حاز على 80 مقعدًا منها 31 مقعدًا للمرأة، أي بنسبة 38.8% وحزب الشعب الجمهوري على 135 مقعدًا منها 20 مقعدًا للمرأة أي بنسبة 14.8%، بينما حزب الحركة القومية اليميني على 80 مقعدًا منها أربعة مقاعد للنساء بنسبة 5%. أي أن مجموع النساء الداخلات البرلمان صارت 96 سيدة أي بنسبة 17.4% (هناك صوتان لأحزاب صغيرة) منهم 15.9% لحزب الأكثرية و84.1% لأحزاب المعارضة.
ثالثا- سيناريوهات متوقعة
في ضوء ما كشفت عنه نتائج الانتخابات التركية نستطيع أن نلملم الصور المستقبلية للقيادة المتوقعة للدولة التركية. على أنه ينبغي لنا أن نتوقف عند نقاط أساسية ومصيرية مهمة في تحديد شكل وجوهر هذه الصور ومفرداتها. أهمها:
- أن النتائج العامة لا تسمح بقيام أي حزب من الأحزاب الأربعة الفائزة بتشكيل حكومة مستقلة بمفرده، إنما تشير إلى حتمية تشكيل حكومة ائتلافية: (الواقع أن وقع مصطلح حكومة ائتلافية يحمل في تداعياته الكثير من الذكريات السيئة، ففي فترات الثمانينيات والتسعينيات جاءت هذه الحكومة بحالات متكررة من عدم الاستقرار السياسي مصحوبًا بتراجعات اقتصادية متلاحقة.
- أن معظم أحزاب المعارضة تتجنب من الأساس فكرة التحالفات، ولاسيما المتجهة إلى حزب العدالة والتنمية. ليقينهم أن هذا الحزب يتبع سياسات تسلطية استقطابية تشعل الصراع السياسي، وتكرس لإستراتيجيات الاستقطاب (العلماني – الإسلامي) وتستهدف التهميش الاجتماعي السياسي للمواطنين من القوميات والطوائف الأخرى).
وأخيرًا، فإن حزب العدالة يتوق لتحسين وضعه واستعاده مكانته بين الناخبين، ويرمي إلى التركيز على تشكيل حكومة بمفرده. حيث يتيح له إمكانات وجوده في الحكومة استغلال كافة المتاح من الإمكانات لتدعيم موقفه الانتخابي في أكتوبر أو نوفمبر القادم.
النقطة الرابعة: أن المعارضة تستطيع مجتمعة الاستحواذ على الأغلبية البرلمانية بقدرتها على تشكيل حكومة ائتلافية قادرة على الحصول على دعم الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة.. على أن يكون بينها توافق واضح. وهو أمر مشكوك فيه.
إذن فلنبدأ بطرح السيناريوهات الممكنة بهذا الخصوص.
السيناريو الأول: تحالف الغريمين
هو أقوى التحالفات جلبًا لمقاعد أكثر في البرلمان نحو 394 عضوًا، أي تحقيق أغلبية شبه مطلقة. وفي نفس الوقت هو أصعب ائتلاف يمكن أن يقوم به حزب العدالة نظرًا لوجود خلافات جوهرية واسعة بين الحزبين فحزب الشعب علمانى التوجه وسعيه نحو إعادة إنتاج نظام كمال أتاتورك، وإذا تحالفا فسوف يشوه هذا كلا الحزبين، ولكن العدالة أكثر من حيث كونه حزبًا إسلاميًا. كما أن أردوغان سبق أن شتم زعيم حزب الشعب ووصم الحزب كله بأنه حزب الكفرة والمثليين.
ولكن هذا الائتلاف إن حدث يضمن استقرارًا ديمقراطيًا لتركيا، وسوف ينال دعمًا دوليًا واسعًا، وتأييدًا من رجال الأعمال، كما يمكن أن يتمخض عنه تقدم مسيرة السلام مع الأكراد، وتطبيق توجهات حزب الشعب الرامية إلى إعادة النظر في المنظومة القضائية وفق معايير الجودة والجدارة.
ومن ناحية أخرى فإن مثل هذا التحالف يمكن أن يوفر لحزب العدالة غطاءً لمواجهة جماعة فتح اللـه غولن ... فاللافت للنظر أن حزب الشعب ومعه حزب الحركة رغم علمانيته قد رشح كمال الدين إحسان أوغلو الشخصية الإسلامية المحترمة والمقدرة دوليًا ومحليًا لرئاسة الجمهورية في مواجهة أردوغان، وهو ما يدل على استعداد كامل من حزب الشعب لتقديم تنازلات مقابل حصوله على السلطة.
ويرى الصحفي "علي بيرم أوغلو" في صحيفة ينى شفق (فجر جديد) أنه لنجاح هذا السيناريو يلزم توافر ستة شروط هي:
1- على حزب الشعب الجمهوري التخلص من هواجس الانتقام أو محاسبته العدالة على 13 عامًا سابقة.
2- عدم إصرار حزب الشعب الجمهوري على رئاسة الحكومة أو شرط ترأسها فيما بعد.
3- تغيير سياسة حزب العدالة في مكافحة الفساد وقبوله بتحويل الوزراء الأربعة المتهمين بقضايا فساد إلى الديوان الأعلى في البرلمان لمحاسبتهم إن ثبتت عليهم التهمة.
4- أن تحل الأزمات التي تحدث في أى مكان ضمن المؤسسة دون تدخل من الأطراف الخارجية، وهذا يضع رئيس الجمهورية في مكانه الأصلي ويكشف عن نيته الإصلاحية.
5- أن تحافظ هذه الحكومة الائتلافية على سير عملية السلام.
6- يجب صياغة السياسة الخارجية لتركيا بأسلوب جديد، ولكي تصل إلى التوازن المعقول لابد من البحث عن النقاط المشتركة بدلًا من نقاط الاختلاف.
والواقع أن حزب الشعب الجمهوري بوضعيته الحالية أصبح مفلسًا نسبيًا من حيث الرؤى والسياسات الحقيقية الجديدة، لذا فقد بريقه السابق عندما كان حامي حمى العلمانية .. كما أن زعيمه كمال أوغلو تراجعت مكانته بشكل كبير .. كما تراجعت قواعده الشعبية وانحصرت تقريبًا في مدن الغرب التركي على نحو لا يسمح لها بالتوسع في شرق البلاد (حزب الحركة القومية) أو جنوب شرقها (معقل حزب الشعوب الديمقراطي).
ويمكن أن ينجح هذا السيناريو في إعادة الحيوية لحزبه بإعادة تعميق البرامج الإصلاحية والاقتصادية التي سبق وقدمها والتي تتشابه مع توجهات حزب العدالة والتنمية الإصلاحية.
ومن أهم تداعيات هذا السيناريو – إن حدث – تغيير مؤثر في السياسة الخارجية التركية لا سيما مع الشرق الأوسط. لهم موقف من اللاجئين السوريين ويرفضون بقاءهم في تركيا. الموقف مع النظام السوري محاولة تطبيع العلاقات .. ولعل. ويبدو أن العديد من داخل حزب العدالة ما زالوا يراهنون على ضرورة وجود ائتلاف مع حزب الشعب الجمهوري لأنه سيحقق عدديا أغلبية خطيرة..
وأن الخلافات بينهما مهما كانت سوف يتم التغلب عليها. خاصة وأن تيار الحمائم داخل حزب الشعب يقبلون بالمرونة في مواقفهم الحزبية لا سيما تلك التي تتعلق بالمصلحة العامة لتركيا، ويرون أن ذلك قد يعزز مكانة حزبهم ويحصلون على شرعية شعبية أوسع في ضوء بعض التنازلات التي يقدمونها.
اتسم موقف حزب العدالة والتنمية بالتعالي تجاه كل الأقليات غير التركية ولاسيما الأكراد والعرب واليهود والتركمان وغيرهم. وقد جاء حصول حزب الشعوب الديمقراطى المؤيد لحقوق الأكراد على 13% بـ 79 مقعدًا.. ليتجاوز العتبة الفارقة لدخول البرلمان وهي 10% وبالتالي سيكون أول تكتل أو حزب سياسى كردي يدخل البرلمان.
وبالتالي صار الأكراد هم اللاعب الأقوى في تركيا بعد هذه الانتخابات وصاحب الدور الأكبر في تشكيل خريطة سياسية مغايرة في تركيا وهو بمثابة "الحصان الأسود في الانتخابات التركية"، وهم يعتبرون ثاني أكبر قومية في تركية (التي تضم 32 قومية) ونتيجة لذلك فد تم تدبير هجوم دموي في "دياره بكر" معقل الأكراد على تجمع لحزب الشعب الديمقراطي قبل الانتخابات بيومين وخلف قتيلين وعشرات الجرحى وأثيرت أقاويل حول دور حزب العدالة والحرية في هذا الهجوم.
ومن زاوية أخرى يجب الإشارة إلى أن الملف الكردي لا ينحصر في تركيا فحسب، بل يمتد إلى العراق وسوريا المجاورتين وكذا إيران بدرجة أقل. وإذا عدنا لخلفيات حزب الشعوب الديمقراطي نجد أنه قد دخل انتخابات عام 2002 (وإن كان تحت اسم آخر هو السلام والديمقراطية) وحصل على 6.22% من أصوات الناخبين والتي ضمت بحكم الدستور إلى حزب العدالة والتنمية (لعدم تجاوز الحاجز الانتخابي). وفي الوقت الذي نجد أن انتخابات عام 2007، لم يشارك كحزب، لكنه تنافس فيها بمرشحين مستقلين وجعل منهم 22 نائبا عام 2007.. ثم وصل عددهم في الانتخابات 2011 إلى 35 نائبًا بنسبة 6.57%.
وإجمالًا فإنه يمكن القول إذن إن هذا الحزب قد تمكن من منع أردوغان من تغيير الدستور لزيادة صلاحياته فيه بعد ضم صلاحيات رئيس الوزراء إليها كما فعل "كنعان إيفرين".
5- تصاعد دور المرأة في الانتخابات
وكان من أكثر الظواهر التي جاءت بها الانتخابات، والتي سيكون لها دور مؤثر وبارز صعود دور المرأة في الانتخابات حيث حققت نسبة ملحوظة، فمجموع النساء الداخلات البرلمان صار 96 سيدة، أي بنسبة عامة 17.4% (هناك صوتان لأحزاب صغيرة)، نجد فمن هذا العدد منهن 15.9% لحزب العدالة والحرية (حزب الأكثرية)، و 84.1% لأحزاب المعارضة. ففي حزب الشعب الديمقراطي (مؤيد للأتراك) حصلت المرأة على 31 مقعدًا من جملة 80 مقعدًا حققها الحزب، وهي نسبة تسترعي الانتباه، خاصة مع وجود ابنة شقيق عبد الله أوجلان بينهن، خاصة إذا التفتنا إلى دور الأكراد وموقف تركيا، في الأزمة السورية الحالية، ودور الأكراد فيها وقبل ذلك في العراق.
اللافت للنظر أن النتائج قد أظهرت ظاهرة بالغة الوضوح فحواها أن المرأة التركية قد اتجهت للسياسة باهتمام بالغ، وأن أغلب النائبات الجدد هن من أحزاب المعارضة، فبينما حاز حزب العدالة على 258 مقعدًا منها 41 مقعدًا للمرأة (وهي المحجبات غالبًا) أي بنسبة 15.9%.
في حين نجد أن أحزاب المعارضة استحوذت على نسب عالية من السيدات، فحزب الشعوب الديمقراطي الكردي حاز على 80 مقعدًا منها 31 مقعدًا للمرأة، أي بنسبة 38.8% وحزب الشعب الجمهوري على 135 مقعدًا منها 20 مقعدًا للمرأة أي بنسبة 14.8%، بينما حزب الحركة القومية اليميني على 80 مقعدًا منها أربعة مقاعد للنساء بنسبة 5%. أي أن مجموع النساء الداخلات البرلمان صارت 96 سيدة أي بنسبة 17.4% (هناك صوتان لأحزاب صغيرة) منهم 15.9% لحزب الأكثرية و84.1% لأحزاب المعارضة.
ثالثا- سيناريوهات متوقعة
في ضوء ما كشفت عنه نتائج الانتخابات التركية نستطيع أن نلملم الصور المستقبلية للقيادة المتوقعة للدولة التركية. على أنه ينبغي لنا أن نتوقف عند نقاط أساسية ومصيرية مهمة في تحديد شكل وجوهر هذه الصور ومفرداتها. أهمها:
- أن النتائج العامة لا تسمح بقيام أي حزب من الأحزاب الأربعة الفائزة بتشكيل حكومة مستقلة بمفرده، إنما تشير إلى حتمية تشكيل حكومة ائتلافية: (الواقع أن وقع مصطلح حكومة ائتلافية يحمل في تداعياته الكثير من الذكريات السيئة، ففي فترات الثمانينيات والتسعينيات جاءت هذه الحكومة بحالات متكررة من عدم الاستقرار السياسي مصحوبًا بتراجعات اقتصادية متلاحقة.
- أن معظم أحزاب المعارضة تتجنب من الأساس فكرة التحالفات، ولاسيما المتجهة إلى حزب العدالة والتنمية. ليقينهم أن هذا الحزب يتبع سياسات تسلطية استقطابية تشعل الصراع السياسي، وتكرس لإستراتيجيات الاستقطاب (العلماني – الإسلامي) وتستهدف التهميش الاجتماعي السياسي للمواطنين من القوميات والطوائف الأخرى).
وأخيرًا، فإن حزب العدالة يتوق لتحسين وضعه واستعاده مكانته بين الناخبين، ويرمي إلى التركيز على تشكيل حكومة بمفرده. حيث يتيح له إمكانات وجوده في الحكومة استغلال كافة المتاح من الإمكانات لتدعيم موقفه الانتخابي في أكتوبر أو نوفمبر القادم.
النقطة الرابعة: أن المعارضة تستطيع مجتمعة الاستحواذ على الأغلبية البرلمانية بقدرتها على تشكيل حكومة ائتلافية قادرة على الحصول على دعم الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة.. على أن يكون بينها توافق واضح. وهو أمر مشكوك فيه.
إذن فلنبدأ بطرح السيناريوهات الممكنة بهذا الخصوص.
السيناريو الأول: تحالف الغريمين
هو أقوى التحالفات جلبًا لمقاعد أكثر في البرلمان نحو 394 عضوًا، أي تحقيق أغلبية شبه مطلقة. وفي نفس الوقت هو أصعب ائتلاف يمكن أن يقوم به حزب العدالة نظرًا لوجود خلافات جوهرية واسعة بين الحزبين فحزب الشعب علمانى التوجه وسعيه نحو إعادة إنتاج نظام كمال أتاتورك، وإذا تحالفا فسوف يشوه هذا كلا الحزبين، ولكن العدالة أكثر من حيث كونه حزبًا إسلاميًا. كما أن أردوغان سبق أن شتم زعيم حزب الشعب ووصم الحزب كله بأنه حزب الكفرة والمثليين.
ولكن هذا الائتلاف إن حدث يضمن استقرارًا ديمقراطيًا لتركيا، وسوف ينال دعمًا دوليًا واسعًا، وتأييدًا من رجال الأعمال، كما يمكن أن يتمخض عنه تقدم مسيرة السلام مع الأكراد، وتطبيق توجهات حزب الشعب الرامية إلى إعادة النظر في المنظومة القضائية وفق معايير الجودة والجدارة.
ومن ناحية أخرى فإن مثل هذا التحالف يمكن أن يوفر لحزب العدالة غطاءً لمواجهة جماعة فتح اللـه غولن ... فاللافت للنظر أن حزب الشعب ومعه حزب الحركة رغم علمانيته قد رشح كمال الدين إحسان أوغلو الشخصية الإسلامية المحترمة والمقدرة دوليًا ومحليًا لرئاسة الجمهورية في مواجهة أردوغان، وهو ما يدل على استعداد كامل من حزب الشعب لتقديم تنازلات مقابل حصوله على السلطة.
ويرى الصحفي "علي بيرم أوغلو" في صحيفة ينى شفق (فجر جديد) أنه لنجاح هذا السيناريو يلزم توافر ستة شروط هي:
1- على حزب الشعب الجمهوري التخلص من هواجس الانتقام أو محاسبته العدالة على 13 عامًا سابقة.
2- عدم إصرار حزب الشعب الجمهوري على رئاسة الحكومة أو شرط ترأسها فيما بعد.
3- تغيير سياسة حزب العدالة في مكافحة الفساد وقبوله بتحويل الوزراء الأربعة المتهمين بقضايا فساد إلى الديوان الأعلى في البرلمان لمحاسبتهم إن ثبتت عليهم التهمة.
4- أن تحل الأزمات التي تحدث في أى مكان ضمن المؤسسة دون تدخل من الأطراف الخارجية، وهذا يضع رئيس الجمهورية في مكانه الأصلي ويكشف عن نيته الإصلاحية.
5- أن تحافظ هذه الحكومة الائتلافية على سير عملية السلام.
6- يجب صياغة السياسة الخارجية لتركيا بأسلوب جديد، ولكي تصل إلى التوازن المعقول لابد من البحث عن النقاط المشتركة بدلًا من نقاط الاختلاف.
والواقع أن حزب الشعب الجمهوري بوضعيته الحالية أصبح مفلسًا نسبيًا من حيث الرؤى والسياسات الحقيقية الجديدة، لذا فقد بريقه السابق عندما كان حامي حمى العلمانية .. كما أن زعيمه كمال أوغلو تراجعت مكانته بشكل كبير .. كما تراجعت قواعده الشعبية وانحصرت تقريبًا في مدن الغرب التركي على نحو لا يسمح لها بالتوسع في شرق البلاد (حزب الحركة القومية) أو جنوب شرقها (معقل حزب الشعوب الديمقراطي).
ويمكن أن ينجح هذا السيناريو في إعادة الحيوية لحزبه بإعادة تعميق البرامج الإصلاحية والاقتصادية التي سبق وقدمها والتي تتشابه مع توجهات حزب العدالة والتنمية الإصلاحية.
ومن أهم تداعيات هذا السيناريو – إن حدث – تغيير مؤثر في السياسة الخارجية التركية لا سيما مع الشرق الأوسط. لهم موقف من اللاجئين السوريين ويرفضون بقاءهم في تركيا. الموقف مع النظام السوري محاولة تطبيع العلاقات .. ولعل. ويبدو أن العديد من داخل حزب العدالة ما زالوا يراهنون على ضرورة وجود ائتلاف مع حزب الشعب الجمهوري لأنه سيحقق عدديا أغلبية خطيرة..
وأن الخلافات بينهما مهما كانت سوف يتم التغلب عليها. خاصة وأن تيار الحمائم داخل حزب الشعب يقبلون بالمرونة في مواقفهم الحزبية لا سيما تلك التي تتعلق بالمصلحة العامة لتركيا، ويرون أن ذلك قد يعزز مكانة حزبهم ويحصلون على شرعية شعبية أوسع في ضوء بعض التنازلات التي يقدمونها.
مثلت فضيحة "بنك خلق" التي تورط فيها عدد غير قليل من المسئولين الحكوميين والمقربين من أردوغان، في تقديم رشاوى وظهور حلقات من الفساد المالى
السيناريو الثاني: القمة والقاع
ويؤسس هذا السيناريو على قيام ائتلاف بين الحزب الأكبر (حزب العدالة) والحصان الأسود (حزب الشعوب الديمقراطي الكردي) وفي حالة قيام هذا السيناريو سيصبح مجموعة المقاعد 339 مقعدًا.
– سيزيد من أزمات الهوية داخل تركيا.
– سيحدث تعقيد في الحوار بينهما .. باعتبار أن المعارضة القومية (حزب العدالة) واليسارية (حزب الشعب الجمهوري) سوف تصعد من رفضها لهذا الحوار في الشارع قبل البرلمان.
مما "يجذر الاستقطاب القومي" واضطرار حزب العدالة إلى المضي قدمًا مع حزب الشعوب الديمقراطي في محادثات السلام المفجرة للاستقطاب.
ومن جانب آخر يمكن تصور حدوث صراعات داخلية غير محسوبة بين "ديكة الحزبين" أي بين أردوغان (ذي الكاريزما الطاغية)، وديميرطاش الفصيح اللبق والشاب المتمرد (أوباما تركيا).. الأمر الذي قد يقود إلى صراع لا ينهيه سوى انتخابات مبكرة.
تزايد الصراعات في العلاقات الخارجية لتركيا، وفي مقدمتها: القضية السورية وما يتصل بها من لاجئين، ومسألة التدخل التركي في سياسات الدول المحيطة بدءًا من سوريا عبورًا بالعراق وانتهاءً بمصر.
وجود اتفاق شبه كامل بين الحزبين فيما عدا رفض حزب الشعوب لدكتاتورية أردوغان ومسألة الأكراد، ومحاولة حزب الشعوب إعادة فتح موضوع الفضيحة المالية لحزب العدالة (1913) من جديد كما صرح بذلك ديميرطاش الأسبوع الماضي خشية تفجير حزب الشعوب للفضيحة المالية لحزب العدالة، وكذلك لموقفه في الانتخابات من حزب الشعوب وسياساته المدعمة والمعادية للاعتداء على أعضائه أهالي ديار بكر...
وسوف تكون مشاركة حزب الشعوب الديمقراطية في هذه الحكومة من باب محاولة إنقاذ تركيا من أزمتها. وسوف يتعارض حزب الشعوب مع سياسات حزب العدالة في دعم داعش مقابل العلويين وسعيه لإدماج القوميات الأخرى من العلويين والأرمن واليهود إلى جانب الأكراد ضمن الحياة السياسية.
وسيناريو مثل هذا سوف يدعم العلاقات بين الاتحاد الأوربي وتركيا نظرًا لأنه يعطي صورة عن التفات حزب العدالة للأقليات.
ومن تداعيات هذا السيناريو .. العمل على وقف التمرد الإقليمي لتركيا في دول الجوار (حيث الوقوف مع العلويين والأكراد وتقليل مواجهة النظام السوري). وإن كانت هناك إرهاصات من قبل الحكومة التركية للتخلص من الوجود الكردي في شمال سوريا ويبدأ هذا بالتوافق مع الولايات المتحدة والنظام السوري نفسه.
ومن المنتظر في حالة قيام هذا السيناريو أن تحدث التفافات واضحة في قضايا مثل "العدالة الاجتماعية" التي لم يلتفت إليها حزب العدالة كثيرًا، وكذلك تحقيق "المساواة الدستورية" بين المواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم وعقائدهم.
تفجر استقطاب من نوع جديد في الصراع السياسى التركي مؤسس على الصراع بين اليسار واليمين، وبين الأكراد والأقليات العرقية والطائفية من جهة، والأتراك الموالين لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية من جهة أخرى.
هذا السيناريو لن يكون إذن وسيلة لفض الصراع الطائفي العرقي والحصول على توافق شعبي كبير عن حزب العدالة. خشية حزب العدالة من شخصية ديميرطاش.
من تداعياته أن ينسى حزب الشعوب حلمه بإقامة دولة كردية ويكتفي بمجرد المشاركة البرلمانية والحكومية. وقد يكون من أهم نتائج هذا الائتلاف إلى جانب تعزيز السلام الداخلي، واحتمالية جعل اللغة الكردية اللغة الثانية في البلاد بعد اللغة التركية.
ومن أهم سلبيات هذا الائتلاف .. تصاعد الخلاف بين الحزبين بشأن المسألة السورية، وكذا موقف تركيا من حزب العمال الكردستاني، ولعل ما يحدث الآن من قصف وتدمير لمواقع الأكراد في سوريا ومواقع حزب العمال الكردستاني وموقف تركيا من مدينة عين العرب (كوباني) والتراخي تجاه تنظيم الدولة الإسلامية يهدد هذا الائتلاف بالخطر .. بل قد يدفع الأكراد الأتراك دفعا لعدم القبول أساسا بالائتلاف مع حزب العدالة ومعاداته. وهذا ما صرح به "صلاح الدين ديميرطاش" عدة مرات بعد إعلان فوز حزبه في الانتخابات بنسبة تسمح له بدخول البرلمان.
سينتهي هذا السيناريو بدعوة حزب العدالة إلى انتخابات مبكرة حتى لا يقود هذا التحالف الحزب إلى تحمل أعبائه ودفع ثمنه وحده في ظل شخصية ديميرطاش.
السيناريو الثالث: ائتلاف مع الحركة القومية
في حالة هذا السيناريو يصبح مجموع مقاعد الائتلاف (311) مقعدًا بما يضمن ترسيخ العديد من السياسات المتفق عليها بين الحزبين ويتمركز حزب العدالة في شرق تركيا. وقد فاز بـ 16% وللحزب موقف واضح برفض مشاركة الأكراد في البرلمان من منطلق قومي. واللافت للنظر أن هناك عديدين من القواعد الشعبية لحزب العدالة والتنمية يتطلعون للتحالف مع حزب الحركة القومية، وتأسيس الحكومة الائتلافية معه والأمر نفسه من جانب أعضاء حزب الحركة القومية.
على أن رئيس الحزب "دولت بهجلي" صرح مبكرًا بشأن احتمالات دخول حزبه في ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة الجديدة قائلًا: "على الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) التحالف مع الشعوب الديمقراطي أو الشعب الجمهوري أو كليهما معًا، ويبقى لنا شرف المعارضة".
كما أنه فسر هزيمة أردوغان في الانتخابات الأخيرة بأنها تعود إلى عقليته غير الديمقراطية، وأسلوبه غير الأخلاقي فتراجع حزب العدالة راجع أيضًا لإصرار أردوغان على فرض إستراتيجية الاستقطاب والضرب بالقوانين والدستور عرض الحائط. لذا فهناك نقاط اختلاف تدور حول الدستور الجديد فالقوميين يركزون على ضرورة الحفاظ على أسس الجمهورية التركية وخصائصها ويعارضون بشدة التحول للنظام الرئاسي الذي يتبناه حزب العدالة.
وقد حاول حزب العدالة مرات عديدة جذب حزب الحركة القومية ولم ينجح في ذلك. رغم أنه ما زال الشريك المرجح رغم كل الخلافات بينهما. ومن مثالب هذا السيناريو أن "حزب الشعوب الكردي" يمكن أن يتوجه للبرلمان الأوربي لعرض مظالمه والحصول على اعتراف دولي واسع بتمثيله للأكراد في تركيا.
وكذا فإن رفض الحركة القومية لعملية السلام مع المسلحين الأكراد سوف يولد مَدَّ. ومن التداعيات منها رفض الحركة لوجود السوريين في تركيا رفضا تاما .. حيث إنهم في الأصل لا يحبون العرب عموما ويرونهم أقل منهم.
السيناريو الرابع: تكتل المعارضة: (الغرماء)
وهو ائتلاف يقوم على تحالف من أجل مواجهة حزب العدالة، وحجمه إن تحقق يصبح 298 مقعدًا بما يتفق مع شرط الدستور بأن أي جهة تحصل على 59% لها حق تأليف الحكومة. وإن كان يضم شتاتًا من أحزاب المعارضة التي تجمعها رؤى متعارضة ومتصادمة أحيانًا ولا يجمعها سوى شيء واحد هو السخط على حزب العدالة والتنمية ومحاولة الانتقام منه عامة، ومن زعيمه الديكتاتور أردوغان خاصة. فلكل واحد منهم مواقف مع هذا الحزب.
ولعل قيام هذا الائتلاف يمكن أن يحوز رضا الدول الأوربية والولايات المتحدة ويحصل على موافقة صريحة ودعم واضح. وفي التحليل النهائي نجد رغم التعارض – وجود تقارب ما يجمع هذه الأحزاب. فكما أشرنا فإن حزبي السلام الجمهوري والحركة القومية توافقا على ترشيح مفكر إسلاميسعيًا لضمان موافقة الناخب التركي...
ويؤسس هذا السيناريو على قيام ائتلاف بين الحزب الأكبر (حزب العدالة) والحصان الأسود (حزب الشعوب الديمقراطي الكردي) وفي حالة قيام هذا السيناريو سيصبح مجموعة المقاعد 339 مقعدًا.
– سيزيد من أزمات الهوية داخل تركيا.
– سيحدث تعقيد في الحوار بينهما .. باعتبار أن المعارضة القومية (حزب العدالة) واليسارية (حزب الشعب الجمهوري) سوف تصعد من رفضها لهذا الحوار في الشارع قبل البرلمان.
مما "يجذر الاستقطاب القومي" واضطرار حزب العدالة إلى المضي قدمًا مع حزب الشعوب الديمقراطي في محادثات السلام المفجرة للاستقطاب.
ومن جانب آخر يمكن تصور حدوث صراعات داخلية غير محسوبة بين "ديكة الحزبين" أي بين أردوغان (ذي الكاريزما الطاغية)، وديميرطاش الفصيح اللبق والشاب المتمرد (أوباما تركيا).. الأمر الذي قد يقود إلى صراع لا ينهيه سوى انتخابات مبكرة.
تزايد الصراعات في العلاقات الخارجية لتركيا، وفي مقدمتها: القضية السورية وما يتصل بها من لاجئين، ومسألة التدخل التركي في سياسات الدول المحيطة بدءًا من سوريا عبورًا بالعراق وانتهاءً بمصر.
وجود اتفاق شبه كامل بين الحزبين فيما عدا رفض حزب الشعوب لدكتاتورية أردوغان ومسألة الأكراد، ومحاولة حزب الشعوب إعادة فتح موضوع الفضيحة المالية لحزب العدالة (1913) من جديد كما صرح بذلك ديميرطاش الأسبوع الماضي خشية تفجير حزب الشعوب للفضيحة المالية لحزب العدالة، وكذلك لموقفه في الانتخابات من حزب الشعوب وسياساته المدعمة والمعادية للاعتداء على أعضائه أهالي ديار بكر...
وسوف تكون مشاركة حزب الشعوب الديمقراطية في هذه الحكومة من باب محاولة إنقاذ تركيا من أزمتها. وسوف يتعارض حزب الشعوب مع سياسات حزب العدالة في دعم داعش مقابل العلويين وسعيه لإدماج القوميات الأخرى من العلويين والأرمن واليهود إلى جانب الأكراد ضمن الحياة السياسية.
وسيناريو مثل هذا سوف يدعم العلاقات بين الاتحاد الأوربي وتركيا نظرًا لأنه يعطي صورة عن التفات حزب العدالة للأقليات.
ومن تداعيات هذا السيناريو .. العمل على وقف التمرد الإقليمي لتركيا في دول الجوار (حيث الوقوف مع العلويين والأكراد وتقليل مواجهة النظام السوري). وإن كانت هناك إرهاصات من قبل الحكومة التركية للتخلص من الوجود الكردي في شمال سوريا ويبدأ هذا بالتوافق مع الولايات المتحدة والنظام السوري نفسه.
ومن المنتظر في حالة قيام هذا السيناريو أن تحدث التفافات واضحة في قضايا مثل "العدالة الاجتماعية" التي لم يلتفت إليها حزب العدالة كثيرًا، وكذلك تحقيق "المساواة الدستورية" بين المواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم وعقائدهم.
تفجر استقطاب من نوع جديد في الصراع السياسى التركي مؤسس على الصراع بين اليسار واليمين، وبين الأكراد والأقليات العرقية والطائفية من جهة، والأتراك الموالين لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية من جهة أخرى.
هذا السيناريو لن يكون إذن وسيلة لفض الصراع الطائفي العرقي والحصول على توافق شعبي كبير عن حزب العدالة. خشية حزب العدالة من شخصية ديميرطاش.
من تداعياته أن ينسى حزب الشعوب حلمه بإقامة دولة كردية ويكتفي بمجرد المشاركة البرلمانية والحكومية. وقد يكون من أهم نتائج هذا الائتلاف إلى جانب تعزيز السلام الداخلي، واحتمالية جعل اللغة الكردية اللغة الثانية في البلاد بعد اللغة التركية.
ومن أهم سلبيات هذا الائتلاف .. تصاعد الخلاف بين الحزبين بشأن المسألة السورية، وكذا موقف تركيا من حزب العمال الكردستاني، ولعل ما يحدث الآن من قصف وتدمير لمواقع الأكراد في سوريا ومواقع حزب العمال الكردستاني وموقف تركيا من مدينة عين العرب (كوباني) والتراخي تجاه تنظيم الدولة الإسلامية يهدد هذا الائتلاف بالخطر .. بل قد يدفع الأكراد الأتراك دفعا لعدم القبول أساسا بالائتلاف مع حزب العدالة ومعاداته. وهذا ما صرح به "صلاح الدين ديميرطاش" عدة مرات بعد إعلان فوز حزبه في الانتخابات بنسبة تسمح له بدخول البرلمان.
سينتهي هذا السيناريو بدعوة حزب العدالة إلى انتخابات مبكرة حتى لا يقود هذا التحالف الحزب إلى تحمل أعبائه ودفع ثمنه وحده في ظل شخصية ديميرطاش.
السيناريو الثالث: ائتلاف مع الحركة القومية
في حالة هذا السيناريو يصبح مجموع مقاعد الائتلاف (311) مقعدًا بما يضمن ترسيخ العديد من السياسات المتفق عليها بين الحزبين ويتمركز حزب العدالة في شرق تركيا. وقد فاز بـ 16% وللحزب موقف واضح برفض مشاركة الأكراد في البرلمان من منطلق قومي. واللافت للنظر أن هناك عديدين من القواعد الشعبية لحزب العدالة والتنمية يتطلعون للتحالف مع حزب الحركة القومية، وتأسيس الحكومة الائتلافية معه والأمر نفسه من جانب أعضاء حزب الحركة القومية.
على أن رئيس الحزب "دولت بهجلي" صرح مبكرًا بشأن احتمالات دخول حزبه في ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة الجديدة قائلًا: "على الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) التحالف مع الشعوب الديمقراطي أو الشعب الجمهوري أو كليهما معًا، ويبقى لنا شرف المعارضة".
كما أنه فسر هزيمة أردوغان في الانتخابات الأخيرة بأنها تعود إلى عقليته غير الديمقراطية، وأسلوبه غير الأخلاقي فتراجع حزب العدالة راجع أيضًا لإصرار أردوغان على فرض إستراتيجية الاستقطاب والضرب بالقوانين والدستور عرض الحائط. لذا فهناك نقاط اختلاف تدور حول الدستور الجديد فالقوميين يركزون على ضرورة الحفاظ على أسس الجمهورية التركية وخصائصها ويعارضون بشدة التحول للنظام الرئاسي الذي يتبناه حزب العدالة.
وقد حاول حزب العدالة مرات عديدة جذب حزب الحركة القومية ولم ينجح في ذلك. رغم أنه ما زال الشريك المرجح رغم كل الخلافات بينهما. ومن مثالب هذا السيناريو أن "حزب الشعوب الكردي" يمكن أن يتوجه للبرلمان الأوربي لعرض مظالمه والحصول على اعتراف دولي واسع بتمثيله للأكراد في تركيا.
وكذا فإن رفض الحركة القومية لعملية السلام مع المسلحين الأكراد سوف يولد مَدَّ. ومن التداعيات منها رفض الحركة لوجود السوريين في تركيا رفضا تاما .. حيث إنهم في الأصل لا يحبون العرب عموما ويرونهم أقل منهم.
السيناريو الرابع: تكتل المعارضة: (الغرماء)
وهو ائتلاف يقوم على تحالف من أجل مواجهة حزب العدالة، وحجمه إن تحقق يصبح 298 مقعدًا بما يتفق مع شرط الدستور بأن أي جهة تحصل على 59% لها حق تأليف الحكومة. وإن كان يضم شتاتًا من أحزاب المعارضة التي تجمعها رؤى متعارضة ومتصادمة أحيانًا ولا يجمعها سوى شيء واحد هو السخط على حزب العدالة والتنمية ومحاولة الانتقام منه عامة، ومن زعيمه الديكتاتور أردوغان خاصة. فلكل واحد منهم مواقف مع هذا الحزب.
ولعل قيام هذا الائتلاف يمكن أن يحوز رضا الدول الأوربية والولايات المتحدة ويحصل على موافقة صريحة ودعم واضح. وفي التحليل النهائي نجد رغم التعارض – وجود تقارب ما يجمع هذه الأحزاب. فكما أشرنا فإن حزبي السلام الجمهوري والحركة القومية توافقا على ترشيح مفكر إسلاميسعيًا لضمان موافقة الناخب التركي...
اتسم موقف حزب العدالة والتنمية بالتعالي تجاه كل الأقليات غير التركية ولاسيما الأكراد والعرب واليهود والتركمان وغيرهم
السيناريو الخامس: تشكيل حكومة أقلية
وهذا السيناريو مؤسس على إصرار حزب العدالة والتنمية على كونه الفائز في الانتخابات ولا يعلم أنه نصر بطعم الهزيمة على أن وجود حكومة أقلية من حزب واحد مهما كان سيزيد من طلبات حجب الثقة عليها وتعطيل قدرتها على إدارة الأمور والشئون العامة ويجعل الحكومة غير مستقرة ومستهدفة بشكل علني من جانب أحزاب المعارضة .. مما يهدد بسقوطها سريعًا وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو حدوث انزلاقات فوضوية تشابه ما حدث في العقود الأخيرة من القرن الماضي والمؤشرات تدل على رغبة الحزب في هذا السيناريو رغم إدراكه لمخاطر هذا البديل.
السيناريو السادس: الانتخابات المبكرة
سيكون حزب العدالة هو المرشح للدعوة إليها حتى يكسب بهذه المبادرة فكرة خطأ المواطن التركي لتسرعه في الاقتراع لحزب المعارضة على حساب الاستقرار الاقتصادى والسياسى الذي ضمنه الحزب لمدة 11 سنة تقريبًا (وإن كانت هذه حقيقة تآكلت كما أوضحنا في تحليلنا السابق في الجزء الأول). فالهدف يصبح محاولة تحميل أحزاب المعارضة مسئولية عدم تشكيل حكومة خلال المهلة الدستورية المقررة (45 يومًا.. وعلى أقل جعل الناخب التركي يستعيد وعيه ويدرك خطأه ويعود إلى صوابه ويدعم حزب العدالة (الحكومة الحالية) من أجل الخروج من أزمة اقتصادية قادمة).
وأخيرًا إدراك حزب الحرية أن باقى الأحزاب المعارضة لن تمتلك القوة الاقتصادية والزمنية لحملة انتخابية جديدة في حين أن حزب العدالة يستخدم إمكانات الدولة في الدعاية. وهذا السيناريو هو رهان حزب العدالة حيث يمهد لذلك بقبول تشكيل حكومة أقلية ثم يصدر من خلالها قرار الانتخابات البرلمانية المبكرة وإجراء الانتخابات من جديد .. وأن تقوم حكومة حزب العدالة بتسيير مهامها خلال الفترة حتى إجراء الانتخابات.
السيناريو السابع
وهو سيناريو مستبعد في الوقت الحاضر ولكن هناك احتمالية لحدوثه في حالة حدوث انزلاقات فوضوية نتيجة الائتلافات الحزبية والتي قد تأتي بتصدامات مقلقة كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي. وفي هذا السيناريو نرجح قيام قادة الجيش، كما حدث أثناء الحكومات الائتلافية بالقيام بانقلابات عسكرية وتعود تركيا لوضع الأزمة من جديد واحتمالات هذا السيناريو رغم تواضعها فإنها ممكنة ولاسيما بعد التحولات الأخيرة في المنطقة.
وهذا السيناريو مؤسس على إصرار حزب العدالة والتنمية على كونه الفائز في الانتخابات ولا يعلم أنه نصر بطعم الهزيمة على أن وجود حكومة أقلية من حزب واحد مهما كان سيزيد من طلبات حجب الثقة عليها وتعطيل قدرتها على إدارة الأمور والشئون العامة ويجعل الحكومة غير مستقرة ومستهدفة بشكل علني من جانب أحزاب المعارضة .. مما يهدد بسقوطها سريعًا وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو حدوث انزلاقات فوضوية تشابه ما حدث في العقود الأخيرة من القرن الماضي والمؤشرات تدل على رغبة الحزب في هذا السيناريو رغم إدراكه لمخاطر هذا البديل.
السيناريو السادس: الانتخابات المبكرة
سيكون حزب العدالة هو المرشح للدعوة إليها حتى يكسب بهذه المبادرة فكرة خطأ المواطن التركي لتسرعه في الاقتراع لحزب المعارضة على حساب الاستقرار الاقتصادى والسياسى الذي ضمنه الحزب لمدة 11 سنة تقريبًا (وإن كانت هذه حقيقة تآكلت كما أوضحنا في تحليلنا السابق في الجزء الأول). فالهدف يصبح محاولة تحميل أحزاب المعارضة مسئولية عدم تشكيل حكومة خلال المهلة الدستورية المقررة (45 يومًا.. وعلى أقل جعل الناخب التركي يستعيد وعيه ويدرك خطأه ويعود إلى صوابه ويدعم حزب العدالة (الحكومة الحالية) من أجل الخروج من أزمة اقتصادية قادمة).
وأخيرًا إدراك حزب الحرية أن باقى الأحزاب المعارضة لن تمتلك القوة الاقتصادية والزمنية لحملة انتخابية جديدة في حين أن حزب العدالة يستخدم إمكانات الدولة في الدعاية. وهذا السيناريو هو رهان حزب العدالة حيث يمهد لذلك بقبول تشكيل حكومة أقلية ثم يصدر من خلالها قرار الانتخابات البرلمانية المبكرة وإجراء الانتخابات من جديد .. وأن تقوم حكومة حزب العدالة بتسيير مهامها خلال الفترة حتى إجراء الانتخابات.
السيناريو السابع
وهو سيناريو مستبعد في الوقت الحاضر ولكن هناك احتمالية لحدوثه في حالة حدوث انزلاقات فوضوية نتيجة الائتلافات الحزبية والتي قد تأتي بتصدامات مقلقة كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي. وفي هذا السيناريو نرجح قيام قادة الجيش، كما حدث أثناء الحكومات الائتلافية بالقيام بانقلابات عسكرية وتعود تركيا لوضع الأزمة من جديد واحتمالات هذا السيناريو رغم تواضعها فإنها ممكنة ولاسيما بعد التحولات الأخيرة في المنطقة.