تواصلت الجهود الدولية والإقليمية
الرامية للوصول إلى اتفاق هدنة جديد في اليمن، وكشفت مصادر يمنية أن سبب تأخير
إعلان اتفاق الهدنة بين الحكومة اليمنية والحوثيين هو خلافات "حوثية –
حوثية" حول البنود التي تم التفاهم حولها. ومن المتوقع إعلان اتفاق هدنة
جديدة، تتضمن وقف شامل لإطلاق النار، وصرف المرتبات، وتوسيع وجهات السفر عبر مطار
صنعاء الدولي، وتوسيع الملاحة للموانئ اليمنية، وفتح طرق تعز والمدن الأخرى.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص
لليمن، هانس غروندبرغ، إن البلاد لم تشهد فرصة كهذه المتاحة الآن، خلال الأعوام
الثمانية الماضية لإحراز التقدم من أجل إنهاء النزاع، إلا أنه حذر من أنه "لا
يزال من الممكن أن يتحول المسار ما لم تتخذ الأطراف خطوات أكثر جرأة نحو
السلام". وإن كانت الغاية من الهدنة أن تكون تدبيراً مؤقتاً لإفساح المجال
للمحادثات السياسية لإنهاء الحرب بشكل مستدام. إلا أنه لا يمكن أبداً الاعتماد
عليها لتحقيق مستقبل سلمي لليمن". ونوه بالحوار البناء
الجاري بين الأطراف واللاعبين الإقليميين، كما رحب بالاتفاق الأخير بين السعودية
وإيران لتعزيز تعاونهما في الأمور التي من شأنها تحسين الأمن والاستقرار في
المنطقة؛ حيث أعلن وزيرا خارجية المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران
الإسلامية، في اجتماع وزاري عقد في بكين، بشأن التعهد بتعزيز تعاونهما في الأمور
التي من شأنها دعم الأمن والاستقرار في المنطقة. وجود بيئة إقليمية داعمة يعزز من
جهود السلام في اليمن".
جهود التسوية
إن هناك الكثير من العمل الذي لا
يزال يتعين القيام به لبناء الثقة والوصول إلى التسويات. وأن جهود الوساطة سوف
تتكيف وتتطور على الدوام. لكن على الأطراف ألّا تسمح لهذه اللحظة بالمرور دون
التوصل إلى اتفاق". بجانب إن روح التفاؤل تسود البلاد مرة أخرى مع تصاعد
الزخم الدبلوماسي "حيث باتت الأجواء مهيئة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق السلام،
وبالتالي نثق أمام اختبار حقيقي لمدى جدية الميليشيات الحوثية في تحقيق السلام
وإنهاء المعاناة الإنسانية التي تسببت بها".
وفي دلالة على إمكانية تحقيق
التهدئة الشاملة للأوضاع في اليمن، بدأت الأطراف المتحاربة هناك في إطلاق سراح
مئات الأسرى والمحتجزين، في ثاني أكبر عملية تبادل بين التحالف الحكومي وجماعة
الحوثيين منذ اندلاع النزاع الدامي في البلاد قبل 8 سنوات. بعدما أعلنت أطراف
الصراع الشهر الماضي في جنيف الاتفاق على تبادل 887 أسيرا ومحتجزا، بينهم 706
أسيرا من الحوثيين و181 أسيرا من التحالف الحكومي بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة
واللجنة الدولية للصليب الأحمر بين الطرفين.
ومن المقرر أن تستمر عملية
التبادل لمدة 3 أيام عبر 6 مطارات محلية وخارجية. وبموجب الخطة يتم، الجمعة، نقل 250 أسيرا من الحوثيين من مطار عدن إلى
مطار صنعاء، في مقابل نقل 72 أسيرا من حلفاء الحكومة من مطار صنعاء إلى مطار عدن،
بينهم وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي وشقيق الرئيس السابق اللواء ناصر
منصور هادي.
اتجاهات الاختراق
قدمت سلطنة عُمان مبادرة لتمديد
الهدنة ودعمتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة، لتحويل الهدنة لوقف دائم لإطلاق
النار والبدء في عملية تسوية سياسية شاملة بين الأطراف اليمنية. ورغم الصعوبات إلا أن
جماعة الحوثي أبدت قبولاً بخفض التصعيد ورحبت بوصول السفير السعودي لدى اليمن محمد
آل جابر، مما رفع منسوب الآمال بإمكانية تمديد الهدنة على الأقل وإتمام عملية
تبادل الأسرى مما يمكن أن يبنى على الثقة بين اليمنيين.
وبناء عليه، تتواصل في العاصمة
اليمنية صنعاء الجهود السعودية لاستثمار الفرصة المتاحة لتمديد الهدنة بين أطراف النزاع،
بعد أن استطاعت الوساطة العُمانية تحقيق اختراق سياسي، يمكن أن ينهي 8 سنوات من
الحرب الأهلية. فمنذ إعلان السعودية وإيران توصلهما إلى اتفاق سياسي عبر الوساطة
الصينية طرحت الأزمة اليمنية على اعتبارها نقطة اختبار لنوايا التسوية السياسية
بين الرياض وطهران، وتبدو هذه التطورات هي نتيجة سريعة تعكس ما توصلت له الأطراف
الإقليمية. وتسعى السعودية لاستغلال
الفرصة بتقديم جهدها بتقديم ما يمكن لدفع اليمنيين إلى الوصول لحل شامل للأزمة،
لذلك قامت بتبادل أول للأسرى الحوثيين.
على الجانب الآخر، أعلن المتحدث
باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: "إننا نشهد تحركات جديدة في
الشأن اليمني ومنذ بداية هذه الأزمة، أكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي
كان وما زال لديها موقف مبدئي واضح ومعلن فيما يتعلق باليمن، أن الحل الوحيد
للأزمة هو الحل السياسي بحيث تجلس جميع الأطراف اليمنية للتفاوض والتباحث مرتكزة
على ضمان مصالح الأمة اليمنية لتقرير مصير هذا البلد ولتشكيل حكومة فيه".
أن الخلافات الحوثية تركزت حول صرف المرتبات، والفترة الزمنية
للانتقال إلى مشاورات سياسية، وفتح طرق تعز، وتسليم الأسلحة، والانتقال إلى العمل
السياسي.
اتجاهات متعددة
بالتوازي مع جهود إقليمية ودولية
لعودة العمل بالهدنة والتوقيع على وقف دائم لإطلاق النار، تمهيدا لإجراء عملية
تفاوضية سياسية شاملة لتحقيق سلام مستدام في اليمن. فهناك دعم إقليمي ودولي للجهود
السعودية لإنهاء معاناة الشعب اليمني، والتوصل إلى وقف إطلاق النار وإلى حل سياسي
شامل ومستدام يحقق تطلعاته في استعادة مؤسسات الدولة، واحياء العملية السياسية على
أساس المرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً وتحت إشراف الأمم المتحدة. ويأتي
ذلك، فيما أعلنت الحكومة اليمنية موافقتها على جميع بنود الهدنة، ودعم الجهود
الإقليمية والدولية الرامية لوقف الحرب وتحقيق تطلعات اليمنيين وفقاً للمرجعيات
الثلاث.
وضمن سياق داعم رحب مجلس التعاون
الخليجي، ببدء عملية تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين، في اليمن. وأوضح جاسم محمد البديوي،
الأمين العام للمجلس، أن هذا الاتفاق بارقة أمل جديدة تعطي الزخم للجهود الهادفة
لوضع الأزمة اليمنية على طريق الحل، وخطوة مشجعة تدعم السلام لليمن وشعبه من خلال
هدنة دائمة وحل سياسي يرسم ملامح الاستقرار في اليمن والمنطقة، وفقاً للمبادرة
الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات المؤتمر الوطني اليمني وقرارات مجلس الأمن
الدولي، بما في ذلك القرار 2216 و2624.
كما أنه يمكن الاستفادة من هذا
الزخم والعمل على ضمان اتفاق جديد أكثر شمولية يمهد الطريق لعملية سياسية
يمنية-يمنية بوساطة الأمم المتحدة. هذه هي الطريقة الوحيدة لحل النزاع بطريقة
دائمة وعكس الأزمة الإنسانية والضغط الاقتصادي على اليمنيين.
في
الختام: ساهم الاتفاق السعودي الإيراني بالتزامن مع الجهود
الإقليمية والدولية في تعزيز فرص تحقيق الاستمرار في عودة المفاوضات بين الأطراف
اليمنية المتصارعة، وهذا الزخم جعل من السهولة بمكان الاتجاه نحو الانخراط في حوار
داخلي مباشر برعاية إقليمية ودولية لرفع المعاناة عن الشعب اليمني والوصول إلى وضع
خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة وتداعياتها على مستقبل اليمن والمنطقة برمتها،
خاصة وأنه لا يزال من الممكن أن يتحول المسار ما لم تتخذ الأطراف خطوات أكثر جرأة
نحو السلام، وأن التصعيد العسكري بين القوى اليمنية أو الأطراف الخارجية المنخرطة
في الأزمة يمكن أن يعكس بسرعة المكاسب التي تحققت بشق الأنفس، وأنه للتغلب على
ذلك، يجب العمل على مسارات متعددة للبناء على مكاسب الهدنة والتقدم نحو عملية تجمع
اليمنيين للاتفاق على كيفية إنهاء النزاع بشكل مستدام. وقال: "يمكن لليمنيين
فقط أن يناقشوا ويقرروا في نهاية المطاف ترتيبات الحكم السياسي والاقتصادي والأمني
المستقبلية لليمن.