إرسال دبابات أوروبية وأمريكية لأوكرانيا.. تطور ملموس في الحرب الأوكرانية
وافق جو بايدن على ارسال 31 دبابة ابرامز أم 1
إلى أوكرانيا، وهو تصعيد كبير في الجهود الأمريكية لمواجهة الغزو الروسي حيث
يتلاشى التردد الدولي في إرسال الدبابات إلى جبهة القتال. من الجدير بالذكر أن
أوروبا والولايات المتحدة تفكر منذ فترة بإرسال الدبات إلى أوكرانيا لمساعدتها على
تحسين قدراتها الدفاعية، لكن الناتو كان مترددا نوعا ما خوفا من حدوث مواجهات
مباشرة مع روسيا، أو خوفا من أن تدفع هذه الخطوة روسيا للقيام بهجمات ضد دول
الحلف، خاصة بولندا التي يستخدمها الحلف كمحطة لنقل الأسلحة إلى أوكرانيا. وقد جاء
التراجع عن الموقف الأمريكي السابق بعد أن أكدت ألمانيا أنها ستوفر 14 من دباباتها
من طراز ليوبارد للجهود الحربية الأوكرانية، كما منحت ألمانيا الإذن للدول التي
تمتلك هذا النوع من الدبابات الإذن بتصديرها لأوكرانيا. وكانت ألمانيا قد ترددت في
اتخاذ هذه الخطوة وأصرت أنها لن تقوم بإرسال دباباتها إلا بعد أن تقوم واشنطن
بإرسال دباباتها أولا.
قال بايدن في غرفة روزفلت بالبيت الأبيض أن بوتين
قد توقع أن تضعف عزيمة أوروبا والولايات المتحدة وأن ينهار دعمنا لأوكرانيا مع
مرور الوقت، لكنه كان على خطأ. كما أكد بايدن أن هذه الدبابات هي دليل إضافي على
التزام واشنطن الدائم والثابت تجاه أوكرانيا وثقتنا في مهارة القوات الأوكرانية.
وفي أول رد فعل أوكراني على هذا الدعم، أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
ببايدن "لقراره القوي بتوفير أبرامز"، معلنا على تويتر أن "العالم
الحر متحد كما لم يحدث من قبل". وفي تصريحات عامة، نفت واشنطن وبرلين أي صلة
بين قرارات كل منهما بشأن الدبابات، على الرغم من أن تقارير إعلامية ذكرت أن
المسؤولين الألمان أوضحوا في جلسات خاصة أن الفهود كانت مشروطة بتعهد الولايات
المتحدة بالتزام مماثل.
أثار موقف برلين المتردد بشأن مسألة دبابات
القتال قلق حلفائها الغربيين، وحيرة في ألمانيا في الأيام الأخيرة. واتهم النقاد
في الائتلاف الحاكم بزعامة شولز مستشارته بأنها أصيبت بالشلل بسبب صراعات داخل
الحزب. لكن شولز أكد أن البلاد ستزود في البداية 14 دبابة ليوبارد مع
الذخيرة والدعم اللوجستي والصيانة. وفي محاولة منه لحشد الدعم الشعبي، أكد أن هذه
الخطوة تتناسب مع سياسات ألمانيا الخارجية التي تقوم بدورها للحفاظ على أمن
أوروبا. و للحفاظ على فعالية الدعم، قررت ألمانيا السماح لبعض الدول الشريكة، خاصة
بولندا، باعادة تصدير الدبابات لأوكرانيا. كما أعلنت النرويج أيضا أنها سوف ترسل
دبابات ليوبارد الألمانية التي تمتلكها إلى أوكرانيا كجزء من المساعدات الغربية.
وقد أكد وزير الدفاع النرويجي هذا الأمر في تصريحات تلفزيونية، لكنه لم يحدد عدد
الدبابات التي سوف ترسلها أوسلو إلى أوكرانيا.
رد فعل روسي
شجبت روسيا المبادرات الأمريكية والألمانية
ووصفتها بأنها "خطة كارثية إلى حد ما". قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم
الكرملين أن الغرب يبالغ تماما حينما يعتقد أن ارسال الدبابات سوف يحسن من القدرات
الدفاعية لكييف. كما أكدت موسكو أن إرسال الولايات المتحدة لدبابات إلى أوكرانيا
قد يستغرق أكثر من عام خاصة بعد قيام موسكو باستهداف خطوط النقل اللوجيستي التي
يقوم الغرب من خلالها بمنح أوكرانيا المزيد من الدعم العسكري. وتراهن موسكو على
قدرتها على استهداف هذه الدبابات قبل أن تخط رحالها في الأراضي الأوكرانية. لكن
موسكو في الوقت ذاته لا تنكر أن مجرد الإعلان عن إرسال دبابات لأوكرانيا يشكل دفعة
كبيرة لها بكل تأكيد. وتقول أوكرانيا إن دبابات القتال الغربية المدرعة ستمنح
قواتها مزيدا من الحركة والحماية قبل الهجوم الروسي الذي تتوقعه كييف في المستقبل
القريب. يمكنهم أيضًا مساعدة أوكرانيا في استعادة بعض الأراضي التي سقطت في يد
روسيا.
دعم غربي متواصل منذ بداية الحرب
تم إرسال الكثير من المساعدات الأمريكية حتى الآن
في الحرب المستمرة منذ 11 شهرًا من خلال برنامج منفصل يعتمد على مخزونات البنتاغون
لإيصال الأسلحة بسرعة أكبر إلى أوكرانيا. ولكن سيستغرق الأمر شهورًا لإرسال
الدبابات إلى أوكرانيا وتدريب القوات الأوكرانية عليها. علاوة على ذلك، تنوي
الولايات المتحدة إرسال مساعدات جديدة تقدر قيمتها بنحو أكثر من 2 مليار دولار إلى
أوكرانيا.
تحديات تقنية متوقعة
إرسال الدبات إلى أوكرانيا سوف يشهد العديد من
التحديات المتوقعة، لعل أهمها هو آلية ارسال الدبابات خاصة أن روسيا تستهدف خطوط
الإمداد التي تربط بولندا بأوكرانيا، كما ترفض المجر أن يمر أي دعم غربي لأوكرانيا
من خلالها. إضافة إلى ذلك، سوف تحتاج الدبابات صيانة دورية معقدة، وسوف يحتاج
الأمر لعدة شهور من أجل تدريب القوات الأوكرانية على القيام بهذا الأمر. ولذلك، من
المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بإرسال فنيين عسكريين لديها لمساعدة القوات
الأوكرانية على القيام بهذا الأمر. جادلت واشنطن بأنه سيكون من الأفضل إرسال
الفهود الألمانية لأن العديد من الحلفاء لديهم بالفعل وأن القوات الأوكرانية
ستحتاج إلى تدريب أقل من تدريب أبرامز الأكثر صعوبة.كما أكدت الولايات المتحدة أن
إرسال الدبابات يتعلق بمساعدة كييف على الدفاع عن أراضيها، ولا يتعلق بتشكيل تهديد
هجومي على روسيا.
محليا، تقدم خطوة بايدن اختبارًا جديدًا لدعم الحزبين في الكونغرس
لالتزام أوكرانيا المفتوح. وقد رحب به ميتش مكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في
مجلس الشيوخ، الذي قال: "ستوفر دبابات القتال الرئيسية الحديثة قوة نيران
مدرعة عالية المناورة ستساعد أوكرانيا على تحرير الأراضي ومواصلة الضغط على
المعتدين الروس ، لكن الوقت جوهري".
في النهاية، يعد ارسال الدبابات إلى كييف تطور
عسكري ملموس من المتوقع أن يساعد كييف على صد الهجمات الروسية، لكنه في الوقت ذاته
يمنح اشارة أن الدعم العسكري الغربي يتزايد بمرور الوقت، ما يفتح الباب لارسال
مقاتلات جوية غربية إلى كييف، وهو الأمر الذي يؤكد أن كل أنواع الدعم مفتوحة أمام
أوكرانيا. ويراهن الغرب من خلال تلك الخطوة أن يتكرر سيناريو أفغانستان مرة أخرى
في أوكرانيا، حيث قدمت الولايات المتحدة دعما عسكريا كبيرا للمجموعات المسلحة التي
تقال موسكو، ما أدى في النهاية إلى خروج الاتحاد السوفيتي مهزوما من الأراضي
الأفغانية. بالمقابل، لا زالت موسكو تراهن على قدراتها العسكرية والنووية على
إنهاء الحرب لصالحها، أو على الأقل إجبار الغرب على تقديم تنازلات تسمح لموسكو
بالاحتفاظ بمنطقة القرم فضلا عن الأجزاء الشرقية من أوكرانيا.