تعديلات مطلوبة في الدستور
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:47 م
د. يسري العزباوي
يشهد المجتمع المصري الآن جدلًا واسعًا حول دستور 2012، وتتمثل هذه الجدلية في سؤال جوهري: هل نعدل الدستور أم نضع دستورًا جديدًا؟ على الرغم من أن الدستور الجديد يفتقد إلى “,”نظرية فلسفية“,” واضحة لشكله ومضمونه وروحه، فعندما تم وضع دستور 1971 كانت هناك فلسفة واضحه لتغييره، تتمثل في الانتقال من الاشتراكية إلى الرأسمالية، وفتح الباب أمام الحريات العامة والفردية.
وعلى أرض الواقع، يمثل مجلس النواب التطور الطبيعي للمجالس النيابية المصرية؛ حيث حل محل مجلس الأمة، الذي جرى إلغاء مسماه بعد التعديلات التي طرأت على منظومة الحكم المصرية إثر حسم النزاع بين مراكز القوى المتصارعة على الحكم لصالح رئيس الجمهورية آنذاك، محمد أنور السادات، الذي سعى لاستحداث شرعية جديدة لحكمه بديلاً عن الشرعية الثورية التي استمد منها نظام الحكم بعد ثورة 23 يوليو 1952 مرجعية له، فانطلق بمجموعة من الخطوات إلى الترسيخ للشرعية الدستورية؛ حيث دعا لإقرار دستور دائم للبلاد تم إصداره بموافقة المواطنين عليه في استفتاء عام في 11 سبتمبر 1971، وأعقبه بإجراء انتخابات المجلس التشريعي، الذي أصبح اسمه “,”مجلس الشعب“,”؛ حيث عقد أولى جلساته 11 نوفمبر 1971 بتشكيل مكون من 350 عضوًا يمثلون 175 دائرة، بمعدل نائبين عن كل دائرة، أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين، بالإضافة إلى 10 أعضاء معينين، وهو المجلس الذي انتهت مدته الدستورية في 10 نوفمبر 1976، ليكون أول مجلس يتم مدته التي حددها الدستور (5 سنوات)؛ الأمر الذي مكنه من القيام بكثير من الإنجازات في مجالي التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وغير ذلك من الاختصاصات المقررة له في الدستور.
إلا أن الدورة البرلمانية التالية لم تكتمل؛ إذ تم حل المجلس الذي عقد أولى جلساته 11 نوفمبر 1976 بقرار من الرئيس السادات؛ بسبب ارتفاع أصوات المعارضة داخله، والاستفتاء الشعبي حول قانون “,”حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي“,” رقم 33 لسنة 1978، وهي الخطوة التي تمت في 21 إبريل 1979 مع دعوة الناخبين لانتخاب مجلس الشعب الجديد وفقًا للتعديلات التي تضمنها تعديل قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 1979، وتعديل قانون مجلس الشعب وقانون تحديد الدوائر رقم 205 لسنة 1979؛ حيث تم تقسيم البلاد إلى 176 دائرة انتخابية، يُنتخب عن كل منها عضوان في المجلس، أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين، باستثناء 30 دائرة يمثل كل منها 3 أعضاء، أحدهم على الأقل من النساء (تمت زيادة دائرة واحدة بسبب تقسيم سيناء بعد تحرير الجزء الأكبر منها إلى محافظتين شمالية وجنوبية)، وهو المجلس الذي أتم مدته رغم ما شهدته البلاد من أحداث، أهمها اغتيال رئيس الجمهورية وتولي النائب محمد حسني مبارك للحكم، وهو الخط الذي تخلى عنه المجلس في دورتيه التاليتين 1984/ 1987 لأسباب قانونية اعتمدتها المحكمة الدستورية العليا، ليتم مرة جديدة تعديل قانون المجلس وتقسيم دوائره، لتصبح مصر 222 دائرة، يمثل كلاَّ منها نائبان، أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين، بإجمالي 444 عضوًا، يضاف لهم 10 أعضاء يحق لرئيس الجمهورية تعيينهم، وهو النظام الذي اعتمدت عليه انتخابات المجلس في دورات 1990 / 1995 /2000 /2005.
وبموجب المادة 114 في دستور 2012 يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوًا، يُنتخبون بالاقتراع العام السري المباشر. ويشترط في المترشح لعضوية مجلس النواب أن يكون مصريًّا، متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسي على الأقل، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية. ويبين القانون شروط العضوية الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات.
قضايا محل إجماع
في هذا الإطار، وبغض النظر عما إذا كان سيُؤخذ بتعديل الدستور أو وضع دستور جديد؛ فإن هناك بعض المواد المتعلقة بالنظام الانتخابي لابد من تغييرها أو تعديلها:
1 – إلغاء الغرفة الثانية للبرلمان؛ نظرًا إلى أن مصر دولة بسيطة وغير مركبة، وأن هناك رغبة في تيسير عملية سن التشريعات، كما أن هناك أهمية في ضغط النفقات، كما أن وجود مجلسين كان يُستغل كثيرًا من قبل النظم الحاكمة لمكافأة البعض، خاصة عبر وسيلة تعيين بعض أعضائه. وفي هذا الشأن تم تحصين مجلس الشعب أو النواب من الحل إلا في أضيق الحدود؛ حتى لا يحدث فراغ تشريعي، وهنا يتحتم التأكيد على أنه في حال حل هذا المجلس لأي سبب وإحلال رئيس الجمهورية محله في مسألة التشريع؛ أن يُدعى لانتخابات برلمانية في أسرع وقت ممكن، وأن لا يتم الحل وقت الطوارئ، وأن يراجع المجلس التالي قرارات رئيس الجمهورية بقوانين.
2 - تحديد النظام الانتخابي في الدستور؛ حتى لا يثير الأمر أي نوع من اللبس في القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وحتى نبتعد عن أزمات حل البرلمان بين الحين والآخر، بما يدعم استقرار المؤسسة التشريعية. وقد صدر هذا الرأي رغم التباين في الآراء حول طبيعة النظام الانتخابي. وكانت حجة الجميع في هذا الشأن أن معظم دساتير العالم الحديثة تحدد هذا النظام لذات السبب.
3 - إلغاء نسبة العمال والفلاحين؛ وذلك نظرًا لما تشكله من خلل واضح لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص القائم في الدستور، إضافة إلى أن المبرر لوجودها منذ عام 1964 تم انتفاؤه، ناهيك عن أنها تربك كلاًّ من الناخب والمرشح والإدارة الانتخابية، إضافة إلى أن الكثير من المرشحين استغلوها لإثبات صفة غير صفتهم، كما أنه تم استغلالها استغلالاً سلبيًّا من جانب النظم الحاكمة على مر الحقب السابقة.
4 – إلغاء العزل السياسي، الوارد في باب المواد الانتقالية في دستور 2012، وكان مبرر ذلك الإلغاء هو ضرورة ترك الحرية للناخب في اختيار من يمثله إبان عملية الاقتراع، وكذلك ضرورة الاهتمام بالمصالحة الوطنية بين جميع أطياف الشعب المصري؛ الأمر الذي يتحتم معه ضرورة مشاركة الجميع في العملية السياسية دون استثناء أو إقصاء أي طرف، اللهم إلا من ارتكب أفعالاً يحاكم عليها القانون، وصدر بشأنها أحكام باتة ونهائية من قبل القضاء الطبيعي.
5 – التمييز الإيجابي للمرأة، وذلك من خلال وضع كوته “,”جندرية“,” أو نوعية، تحدد ألا يزيد تمثيل الجنس الواحد في البرلمان والمجالس المحلية عن نسبة محددة، ولتكن 30% من إجمالي المقاعد.
6 – إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، بحيث يراعى في هذا التقسيم الشروط التالية: التمثيل المتساوي للسكان، التكامل الجغرافي، التماشي مع التقسيم الإداري، مراعاة التوافق مع قاعدة بيانات الرقم القومي، والتجانس السكاني بين الريف والحضر والبدو، بمعنى أن تكون الدوائر قدر الإمكان من ريف فقط أو حضر فقط أو بدو فقط؛ حتى لا تتضارب المصالح بين الناخبين عند اختيار ممثليهم.
7- إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات ؛ وذلك بعد أن تخلص الشعب من مخاوف تزوير الانتخابات بوضع ضمانات عملية لنزاهتها وحيدتها. على أن تشكل المفوضية العليا للانتخابات جهازًا إداري كفئًا يتكون من خبرات متنوعة، إعلامية وسياسية وإدارية مستقلة، وأن يكون لها ميزانية مستقلة، على أن تتمتع بصلاحيات كاملة في إدارة العملية الانتخابية، بدءًا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وحتى إعلان نتائج الانتخابات. ويمتنع على القضاة أن ينضموا إلى تلك المفوضية؛ للنأي بالقضاء عن المشاركة في العملية الانتخابية.
القضايا محل الاختلاف
هناك عدة قضايا ما زالت محل خلاف ومثار جدل كبير في المجتمع المصري، بمعنى آخر، ما زال المجتمع المصري لم يحسم أمره كاملاً إزاء بعض القضايا الملحَّة التي يجب أن يتضمنها الدستور الجديد أو التعديل الدستوري، وهي ما يلي:
1 – النظام الانتخابي: لا بد من حسم مسألة الجمع بين النظامين الفردي والقوائم؛ لما يسببه من إرباك للناخب والمرشح والإدارة الانتخابية. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض ضرورة الأخذ بنظام نظام القوائم غير الحزبية والمنقوصة، طالب البعض الآخر بالعودة للنظام الفردي.
2- سلطات المفوضية العليا للانتخابات: يرى البعض أن تكون سلطة الفصل في الطعون الانتخابية بشكل خالص ضمن اختصاصات للمفوضية العليا للانتخابات، في حين رأى البعض أن يكون الطعن على الانتخابات الرئاسية فقط أمام المحكمة الدستورية العليا، وأن ينقل إلى المفوضية سلطة لجنة شئون الأحزاب، فيما يتعلق بتأسيس الأحزاب السياسية وضوابط عملها.
3- تصويت أفراد وضباط الجيش والشرطة: تباينت الآراء حول هذه القضية؛ حيث يرى البعض ضرورة منح التصويت لأفراد الجيش والشرطة، بينما رأى البعض الآخر حتمية عدم تسييس أو تحزب الجيش والشرطة، ومن ثم ضرورة النص على إعفائهم من هذا الحق طوال فترة خدماتهم، وإن لزم الأمر فيصوت هؤلاء في الدوائر المنتمين إليها وفق قاعدة بيانات الناخبين.
4- تصويت وترشيح المصريين في الخارج: على الرغم من وجود حكم قضائي؛ يرى البعض أن يكون حق التصويت لهؤلاء قاصرًا على الانتخابات الرئاسية والاستفتاءات فقط؛ نظرًا للتكلفة العالية لتصويتهم في الانتخابات البرلمانية، وعدم جدوى منحهم حق الاختيار لممثلين في دوائر داخل القطر. بينما يرى البعض الآخر منح هؤلاء حق التصويت في كافة الانتخابات، إما مع منعهم من حق الترشيح، أو مع تخصيص دوائر انتخابية لترشيح هؤلاء يتم من خلالها اختيار ممثلين مغتربين يمثلونهم. ونظرًا للتكلفة العالية لعملية الإشراف على الانتخابات في الخارج؛ طرح البعض أن ينص الدستور على أن يشرف السفراء والقناصل وأعضاء البعثات الدبلوماسية على العملية الانتخابية في الخارج.
5 – رقابة المحكمة الدستورية العليا على قوانين الانتخابات: يرى فريق في المجتمع ضرورة الإبقاء على الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، بينما رأى البعض أن تكون الرقابة لاحقة، أو أن تجمع بين النوعين؛ لأن ظروف العملية الانتخابية على الأرض قد تشي بالطعن في دستورية القوانين الانتخابية.
وعلى أرض الواقع، يمثل مجلس النواب التطور الطبيعي للمجالس النيابية المصرية؛ حيث حل محل مجلس الأمة، الذي جرى إلغاء مسماه بعد التعديلات التي طرأت على منظومة الحكم المصرية إثر حسم النزاع بين مراكز القوى المتصارعة على الحكم لصالح رئيس الجمهورية آنذاك، محمد أنور السادات، الذي سعى لاستحداث شرعية جديدة لحكمه بديلاً عن الشرعية الثورية التي استمد منها نظام الحكم بعد ثورة 23 يوليو 1952 مرجعية له، فانطلق بمجموعة من الخطوات إلى الترسيخ للشرعية الدستورية؛ حيث دعا لإقرار دستور دائم للبلاد تم إصداره بموافقة المواطنين عليه في استفتاء عام في 11 سبتمبر 1971، وأعقبه بإجراء انتخابات المجلس التشريعي، الذي أصبح اسمه “,”مجلس الشعب“,”؛ حيث عقد أولى جلساته 11 نوفمبر 1971 بتشكيل مكون من 350 عضوًا يمثلون 175 دائرة، بمعدل نائبين عن كل دائرة، أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين، بالإضافة إلى 10 أعضاء معينين، وهو المجلس الذي انتهت مدته الدستورية في 10 نوفمبر 1976، ليكون أول مجلس يتم مدته التي حددها الدستور (5 سنوات)؛ الأمر الذي مكنه من القيام بكثير من الإنجازات في مجالي التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وغير ذلك من الاختصاصات المقررة له في الدستور.
إلا أن الدورة البرلمانية التالية لم تكتمل؛ إذ تم حل المجلس الذي عقد أولى جلساته 11 نوفمبر 1976 بقرار من الرئيس السادات؛ بسبب ارتفاع أصوات المعارضة داخله، والاستفتاء الشعبي حول قانون “,”حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي“,” رقم 33 لسنة 1978، وهي الخطوة التي تمت في 21 إبريل 1979 مع دعوة الناخبين لانتخاب مجلس الشعب الجديد وفقًا للتعديلات التي تضمنها تعديل قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 1979، وتعديل قانون مجلس الشعب وقانون تحديد الدوائر رقم 205 لسنة 1979؛ حيث تم تقسيم البلاد إلى 176 دائرة انتخابية، يُنتخب عن كل منها عضوان في المجلس، أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين، باستثناء 30 دائرة يمثل كل منها 3 أعضاء، أحدهم على الأقل من النساء (تمت زيادة دائرة واحدة بسبب تقسيم سيناء بعد تحرير الجزء الأكبر منها إلى محافظتين شمالية وجنوبية)، وهو المجلس الذي أتم مدته رغم ما شهدته البلاد من أحداث، أهمها اغتيال رئيس الجمهورية وتولي النائب محمد حسني مبارك للحكم، وهو الخط الذي تخلى عنه المجلس في دورتيه التاليتين 1984/ 1987 لأسباب قانونية اعتمدتها المحكمة الدستورية العليا، ليتم مرة جديدة تعديل قانون المجلس وتقسيم دوائره، لتصبح مصر 222 دائرة، يمثل كلاَّ منها نائبان، أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين، بإجمالي 444 عضوًا، يضاف لهم 10 أعضاء يحق لرئيس الجمهورية تعيينهم، وهو النظام الذي اعتمدت عليه انتخابات المجلس في دورات 1990 / 1995 /2000 /2005.
وبموجب المادة 114 في دستور 2012 يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوًا، يُنتخبون بالاقتراع العام السري المباشر. ويشترط في المترشح لعضوية مجلس النواب أن يكون مصريًّا، متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسي على الأقل، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية. ويبين القانون شروط العضوية الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات.
قضايا محل إجماع
في هذا الإطار، وبغض النظر عما إذا كان سيُؤخذ بتعديل الدستور أو وضع دستور جديد؛ فإن هناك بعض المواد المتعلقة بالنظام الانتخابي لابد من تغييرها أو تعديلها:
1 – إلغاء الغرفة الثانية للبرلمان؛ نظرًا إلى أن مصر دولة بسيطة وغير مركبة، وأن هناك رغبة في تيسير عملية سن التشريعات، كما أن هناك أهمية في ضغط النفقات، كما أن وجود مجلسين كان يُستغل كثيرًا من قبل النظم الحاكمة لمكافأة البعض، خاصة عبر وسيلة تعيين بعض أعضائه. وفي هذا الشأن تم تحصين مجلس الشعب أو النواب من الحل إلا في أضيق الحدود؛ حتى لا يحدث فراغ تشريعي، وهنا يتحتم التأكيد على أنه في حال حل هذا المجلس لأي سبب وإحلال رئيس الجمهورية محله في مسألة التشريع؛ أن يُدعى لانتخابات برلمانية في أسرع وقت ممكن، وأن لا يتم الحل وقت الطوارئ، وأن يراجع المجلس التالي قرارات رئيس الجمهورية بقوانين.
2 - تحديد النظام الانتخابي في الدستور؛ حتى لا يثير الأمر أي نوع من اللبس في القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وحتى نبتعد عن أزمات حل البرلمان بين الحين والآخر، بما يدعم استقرار المؤسسة التشريعية. وقد صدر هذا الرأي رغم التباين في الآراء حول طبيعة النظام الانتخابي. وكانت حجة الجميع في هذا الشأن أن معظم دساتير العالم الحديثة تحدد هذا النظام لذات السبب.
3 - إلغاء نسبة العمال والفلاحين؛ وذلك نظرًا لما تشكله من خلل واضح لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص القائم في الدستور، إضافة إلى أن المبرر لوجودها منذ عام 1964 تم انتفاؤه، ناهيك عن أنها تربك كلاًّ من الناخب والمرشح والإدارة الانتخابية، إضافة إلى أن الكثير من المرشحين استغلوها لإثبات صفة غير صفتهم، كما أنه تم استغلالها استغلالاً سلبيًّا من جانب النظم الحاكمة على مر الحقب السابقة.
4 – إلغاء العزل السياسي، الوارد في باب المواد الانتقالية في دستور 2012، وكان مبرر ذلك الإلغاء هو ضرورة ترك الحرية للناخب في اختيار من يمثله إبان عملية الاقتراع، وكذلك ضرورة الاهتمام بالمصالحة الوطنية بين جميع أطياف الشعب المصري؛ الأمر الذي يتحتم معه ضرورة مشاركة الجميع في العملية السياسية دون استثناء أو إقصاء أي طرف، اللهم إلا من ارتكب أفعالاً يحاكم عليها القانون، وصدر بشأنها أحكام باتة ونهائية من قبل القضاء الطبيعي.
5 – التمييز الإيجابي للمرأة، وذلك من خلال وضع كوته “,”جندرية“,” أو نوعية، تحدد ألا يزيد تمثيل الجنس الواحد في البرلمان والمجالس المحلية عن نسبة محددة، ولتكن 30% من إجمالي المقاعد.
6 – إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، بحيث يراعى في هذا التقسيم الشروط التالية: التمثيل المتساوي للسكان، التكامل الجغرافي، التماشي مع التقسيم الإداري، مراعاة التوافق مع قاعدة بيانات الرقم القومي، والتجانس السكاني بين الريف والحضر والبدو، بمعنى أن تكون الدوائر قدر الإمكان من ريف فقط أو حضر فقط أو بدو فقط؛ حتى لا تتضارب المصالح بين الناخبين عند اختيار ممثليهم.
7- إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات ؛ وذلك بعد أن تخلص الشعب من مخاوف تزوير الانتخابات بوضع ضمانات عملية لنزاهتها وحيدتها. على أن تشكل المفوضية العليا للانتخابات جهازًا إداري كفئًا يتكون من خبرات متنوعة، إعلامية وسياسية وإدارية مستقلة، وأن يكون لها ميزانية مستقلة، على أن تتمتع بصلاحيات كاملة في إدارة العملية الانتخابية، بدءًا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وحتى إعلان نتائج الانتخابات. ويمتنع على القضاة أن ينضموا إلى تلك المفوضية؛ للنأي بالقضاء عن المشاركة في العملية الانتخابية.
القضايا محل الاختلاف
هناك عدة قضايا ما زالت محل خلاف ومثار جدل كبير في المجتمع المصري، بمعنى آخر، ما زال المجتمع المصري لم يحسم أمره كاملاً إزاء بعض القضايا الملحَّة التي يجب أن يتضمنها الدستور الجديد أو التعديل الدستوري، وهي ما يلي:
1 – النظام الانتخابي: لا بد من حسم مسألة الجمع بين النظامين الفردي والقوائم؛ لما يسببه من إرباك للناخب والمرشح والإدارة الانتخابية. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض ضرورة الأخذ بنظام نظام القوائم غير الحزبية والمنقوصة، طالب البعض الآخر بالعودة للنظام الفردي.
2- سلطات المفوضية العليا للانتخابات: يرى البعض أن تكون سلطة الفصل في الطعون الانتخابية بشكل خالص ضمن اختصاصات للمفوضية العليا للانتخابات، في حين رأى البعض أن يكون الطعن على الانتخابات الرئاسية فقط أمام المحكمة الدستورية العليا، وأن ينقل إلى المفوضية سلطة لجنة شئون الأحزاب، فيما يتعلق بتأسيس الأحزاب السياسية وضوابط عملها.
3- تصويت أفراد وضباط الجيش والشرطة: تباينت الآراء حول هذه القضية؛ حيث يرى البعض ضرورة منح التصويت لأفراد الجيش والشرطة، بينما رأى البعض الآخر حتمية عدم تسييس أو تحزب الجيش والشرطة، ومن ثم ضرورة النص على إعفائهم من هذا الحق طوال فترة خدماتهم، وإن لزم الأمر فيصوت هؤلاء في الدوائر المنتمين إليها وفق قاعدة بيانات الناخبين.
4- تصويت وترشيح المصريين في الخارج: على الرغم من وجود حكم قضائي؛ يرى البعض أن يكون حق التصويت لهؤلاء قاصرًا على الانتخابات الرئاسية والاستفتاءات فقط؛ نظرًا للتكلفة العالية لتصويتهم في الانتخابات البرلمانية، وعدم جدوى منحهم حق الاختيار لممثلين في دوائر داخل القطر. بينما يرى البعض الآخر منح هؤلاء حق التصويت في كافة الانتخابات، إما مع منعهم من حق الترشيح، أو مع تخصيص دوائر انتخابية لترشيح هؤلاء يتم من خلالها اختيار ممثلين مغتربين يمثلونهم. ونظرًا للتكلفة العالية لعملية الإشراف على الانتخابات في الخارج؛ طرح البعض أن ينص الدستور على أن يشرف السفراء والقناصل وأعضاء البعثات الدبلوماسية على العملية الانتخابية في الخارج.
5 – رقابة المحكمة الدستورية العليا على قوانين الانتخابات: يرى فريق في المجتمع ضرورة الإبقاء على الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، بينما رأى البعض أن تكون الرقابة لاحقة، أو أن تجمع بين النوعين؛ لأن ظروف العملية الانتخابية على الأرض قد تشي بالطعن في دستورية القوانين الانتخابية.