المستويات الأربعة: دعم الطاقة والسبيل إلى إصلاحه
ليس هكذا يكون العلاج بالصدمة، وليس هكذا يكون الإصلاح
الاقتصادي! نعم نحن نعاني من مشاكل اقتصادية مزمنة، ونعاني أيضا من فشل الإدارة
الاقتصادية التي تسببت في تفاقم هذه المشاكل، بل وكانت في معظم الأحوال مسئولة عن
وقوعها. وأخشى أن تؤدي قرارات رفع أسعار الطاقة (الكهرباء والمواد البترولية)
بالنسب التي تم الإعلان عنها إلى حدوث شلل جزئي مؤقت في بعض القطاعات خصوصا في
النقل والزراعة والبناء والتشييد والتجارة الداخلية، وهي قطاعات ساعدت الاقتصاد
على الصمود خلال السنوات الثلاث الماضية بفعل قوة المقاومة التي تتمتع بها في
مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية. إنني أتمنى ألا يحدث شيء من هذا القبيل، أتمنى
ألا يتباطأ النمو الاقتصادي وألا تفشل الإدارة الاقتصادية في تحقيق هدف النمو
المعلن للعام الرابع على التوالي، وألا تتسع موجات الإضرابات ومنها الإضراب الضمني
عن العمل الذي يبرع فيه المصريون عندما يشعرون بالظلم. أتمنى ألا يشتعل معدل
التضخم وألا يتسع نطاق معدل البطالة وألا تتراجع التجارة الخارجية! نعم، فكل هذه
مخاوف مشروعة على ضوء القرارات التي تم الإعلان عنها، وكذلك على ضوء البيان المالي
لميزانية السنة الجديدة 2014 /2015.
إن الفقراء ومحدودي الدخل الذين يتم الترويج لقرارات رفع
أسعار الطاقة على أنها لمصلحتهم سيكونون بحق أول الضحايا لمثل هذه القرارات في
صورة ارتفاع عام في الأسعار وتراجع في فرص العمل والكسب وانهيار حاد في جزء من
الخدمات العامة التي اتسع فيها على نطاق كبير دور القطاع الخاص (المنظم أو غير
المنظم) مثل خدمات النقل والعلاج والتعليم والإسكان وغيرها.
فأسعار الطاقة
التي ارتفعت اعتبارا من الشهر الحالي بنسب تتراوح بين 40% إلى 175% (للمواد
البترولية والغاز الطبيعي المدعوم) وبنسبة زيادة تترواح بين 20% إلى أكثر من 100%
في الكهرباء، ستنعكس على أسعار كل السلع والخدمات بدون استثناء، ولا فرق في ذلك
بين سلع الأغنياء وسلع الفقراء. ومن ثم فإن محاولة ترويج الزيادات على أنها تصب في
صالح الفقراء هي مجرد أكذوبة يصدقها فقط من يطلقونها بينما يسخر منها غيرهم.
ومن المهم أن نعترف أن الاقتصاد المصري يعاني من الكثير
من التشوهات. ومن ضمن هذه التشوهات الدعم الذي تتحمله الميزانية لتغطية الفرق بين
تكاليف الحصول على الطاقة وبين أسعار بيع الطاقة للمستهلك. وطبقا لتقرير أخير
أصدره صندوق النقد الدولي، فإن الإنفاق الحكومي على دعم الطاقة في مصر يعادل أكثر
من ثلاثة أمثال الإنفاق على التعليم، وأكثر من سبعة أمثال الإنفاق على الصحة! وهذا
يعد مؤشرا على تشوه خطير في بلد يعاني كثيرا من تدهور مستويات التعليم والصحة. ومن
المهم كذلك أن نعترف بأن الميزانية تعاني من الكثير من التشوهات الأخرى منها ضخامة
الإنفاق على خدمة الجهاز الإداري للدولة (البنود الأخرى غير بند الأجور والمرتبات)
ومنها التوسع الحاد في الاقتراض من الجهاز المصرفي، ومن ثم الزيادات الفلكية في
عبء خدمة الديون العامة (الحكومة المركزية والمحليات والهيئات العامة)، وتفاقم
العجز الذي وصل إلى أكثر من 100% من إجمالي الناتج المحلي. وأدت هذه التشوهات
وغيرها إلى تدهور القدرة على التوسع الاقتصادي وعلى إقامة استثمارات جديدة، حيث
وجد صانع السياسة الاقتصادية نفسه محشورا في ركن ضيق ومظلم وكئيب، وهو يرى أن بنود
الأجور والدعم ومدفوعات الديون تلتهم وحدها أكثر من 80% من موارد الميزانية! وبعد
أن أصبح الاقتصاد المريض مريضا يعاني الكثير من التشوهات ومن النزيف، فإن أي
محاولة للعلاج يجب أن تبدأ من التشخيص الصحيح، فالخطأ في التشخيص سيكون باهظ
التكلفة وخطير النتائج، وهذا ما يتعين علينا جميعا أن نتجنبه. وأظن أن الحكومة
أخطأت في تشخيص التشوهات كما أخطأت في تقدير أولويات العلاج، وأن عليها أن تراجع
نفسها فيما اتخذته من قرارات.
وأعتقد أنه قبل البدء بإثارة زوبعة إلغاء دعم الطاقة،
كان يتعين على الحكومة أولا أن تعيد النظر في طريقة احتساب هذا الدعم، فالطريقة
الحالية ابتكرها الوزير الفهلوي يوسف بطرس غالي، الذي قرر احتساب كل أسعار منتجات
الطاقة في مصر على أساس الأسعار العالمية، بصرف النظر عما إذا كانت مواد الطاقة
المعنية منتجة محليا (سواء بواسطة شركات وطنية أم ضمن حصة مصر الخالصة من الإنتاج
المحلي بالمشاركة مع شركات أجنبية). وزارتا المالية والبترول تعاملاننا إذن وكأن
كمية إنتاجنا الوطني من البترول والغاز ومشتقاتهما هي صفر، وأننا نستورد كل
احتياجاتنا من الخارج. وإذا كان الأمر كذلك فمن حق الفلاح أن يبيع الخضروات
والفواكه والمحاصيل التي ينتجها في السوق المحلي بالأسعار العالمية! ومن حق العامل
أن يطالب باحتساب أجر ساعة العمل على أساس المتوسط العالمي! أي من حق جميع
المنتجين أن يعاملونا كما يعاملنا أصحاب امتيازات تشغيل مطاعم علامات تجارية دولية
مثل ماكدونالد وكنتاكي وهارديز وغيرها، فهؤلاء يبيعون لنا السندوتشات المنتجة
محليا بمكونات محلية كاملة تقريبا باستثناء العلامة التجارية، وفقا للأسعار
العالمية للسندوتشات في العواصم العالمية مثل نيويورك ولندن وباريس وغيرها. وطالما
أننا نصدر البطاطس والبصل والطماطم والفاصوليا والقطن والقمصان والبنطلونات فمن حق
الفلاحين والعاملين في هذه القطاعات الحصول على أجورهم بالأسعار العالمية، طالما أن
المصدرين أنفسهم يحصلون على عائد صادراتهم بالأسعار العالمية!
إن احتساب أسعار
الطاقة في مصر على أساس الأسعار العالمية هي طريقة فاسدة غير مستقيمة أنتجت نتائج
فاسدة وغير مستقيمة بعيدة عن الحقائق. فالدعم لا يجب أن يحتسب على كل ما تستهلكه
مصر من الطاقة، وإنما يجب احتسابه فقط على الجزء من الموارد أو المشتقات التي يتم
استيرادها من الخارج بما في ذلك ما يتم شراؤه من حصة الشريك الأجنبي من إنتاج
الحقول المحلية. إن ما تحصل عليه شركات البترول المصرية من تعويضات من الخزانة ومن
أسعار مرتفعة من المستهلكين المحليين (ومنها شركات إنتاج الكهرباء) هي أموال باطلة
تحصل عليها شركات البترول بغير وجه حق. وسوف يتعين على الحكومة تغيير طريقة حساب
الدعم الفعلي للطاقة لتوفير القدر الكافي من الشفافية اللازمة لأغراض وضع سياسة
اقتصادية سليمة وفاعلة.
وبناء على ذلك، فإن الأرقام الواردة في الميزانية بشأن
دعم الكهرباء (27.2 مليار جنيه) ودعم المواد البترولية (100.2 مليار جنيه) هي أرقام
غير صحيحة ومحسوبة على أسس خاطئة، ولا تصلح أساسا لصنع سياسة اقتصادية سليمة. يضاف
إلى ذلك ضرورة دراسة وتشريح هيكل دعم الطاقة، لحساب نسبة ما تحصل عليه الصناعات
كثيفة الاستهلاك للطاقة من الدعم.
ومن المعروف أن نسبة كبيرة من إنتاج هذه الصناعات
(الأسمدة والبتروكيماوت والحديد والصلب والإسمنت والنحاس والألومنيوم والسيراميك
والزجاج والطوب الحراري) يتم تصديرها للخارج بالأسعار العالمية، مع أنها تدفع
فواتير استهلاك الطاقة المستخدمة في الإنتاج على أساس جدول الأسعار المحلية! وإذا
كنا نريد فعلا أن نتصدى لظاهرة دعم الطاقة فالأوْلى أن نتعامل بطريقة صحيحة مع
الدعم الموجه للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، والتي تحقق أرباحا فاحشة مستفيدة
من رخص أسعار الطاقة المحلية مما يمنحها ميزات نسبية وسعرية كبيرة في مواجهة
منافسيها في الأسواق الخارجية. ومن هذه الشركات على وجه الخصوص شركات إنتاج
الأسمدة الآزوتية التي يمثل الغاز المستخدم فيها ما يقرب من نصف تكلفة الإنتاج.
ويجب الإشارة هنا إلى أن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة تحصل على دعم غير مبرر
إطلاقا يعادل 70% من الدعم الموجه لاستخدام الغاز، وما يزيد على 80% من الدعم
الموجه لاستخدام المازوت (بعد إضافة قمائن الطوب) كما أن نسبة كبيرة من دعم
الكهرباء تذهب أيضا إلى هذه الصناعات.
وطبقا لتقديرات ميزانية السنة المالية الجارية
(2014/2015) فإن ما يقرب من نصف الدعم المخصص للمواد البترولية (45%) يذهب لتغطية
فروق أسعار المازوت، يليه البنزين بنسبة 20.1% والبوتاجاز بنسبة 19.1% ثم السولار
بنسبة 16% من الدعم الإجمالي المخصص للمواد البترولية البالغ نحو 100 مليار جنيه.
إن هذا التوزيع النسبي لدعم المواد البترولية يعني أننا
نستطيع توفير أكثر من 45 مليار جنيه إذا انتقلنا بالكامل من الاعتماد على المازوت
إلى الاعتماد على الغاز أو على الفحم النظيف في صناعات مثل الإسمنت والطوب، مع
تحويل كل المخابز إلى الاعتماد على الغاز. كما أننا أيضا نستطيع توفير أكثر من 10
مليارات جنيه إذا استطعنا تحويل نسبة 50% من السيارات العاملة في مصر إلى استخدام
الوقود البديل من الغاز. ونستطيع توفير عشرات المليارات من الجنيهات إذا بادرنا
بسرعة إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة خصوصا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في
توليد الكهرباء. إن مثل هذه المحطات التي تستخدم طاقة الرياح والطاقة الشمسية
يمكنها أن تعمل كوحدات إنتاج مستقلة قائمة بذاتها، بدون الارتباط بالشبكة القومية،
ومن ثم فإنها تصلح في توفير إمدادات الطاقة إلى مناطق التعمير والتنمية النائية
بدون الحاجة إلى أبراج وكابلات نقل الكهرباء المرتبطة بالشبكة القومية، وهذا يعني
توفير تكاليف إقامة هذه الأبراج وتجنب خطورة سرقتها أو تدميرها، حيث إنها تمر في
الغالب في أماكن بعيدة غير مأهولة مثل خط أسوان/حلايب/شلاتين الذي يتعرض للتخريب
والسرقة. إن إحدى مزايا السياسة الاقتصادية اليقظة يتمثل في القدرة على توقع
المشكلات قبل وقوعها وعلاجها قبل تراكمها. ولكن بما إننا نفتقر إلى مثل هذه
السياسة اليقظة في ميدان الطاقة وفي غيره فإننا ندفع ثمنا باهظا. الفقراء على
التحديد هم الذين يدفعون بالأساس هذا الثمن، لأن ارتفاع الأسعار يبتلع نسبة أعظم
من دخلهم المخصص للإنفاق على حاجاتهم الأساسية.
أولا: طبيعة أزمة الطاقة في مصر
استهلاك الصناعة من الغاز في مصر يعادل نحو 37% من الاستهلاك
الإجمالي للغاز بكميات تتراوح بين 21 إلى 22 مليون طن من الغاز سنويا. لكن بسبب
النقص في إنتاج الغاز فإن الصناعة تحصل منها بالفعل على 13 مليون طن ويتم تعويض
الكمية المتبقية عن طريق استخدام المازوت. وتشمل الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة إنتاج الحديد والصلب
والنحاس والألومنيوم والإسمنت والأسمدة والبتروكيماويات (133 مصنعا) تستهلك وحدها
ما يقرب من 68.7% من استهلاك الصناعة من الغاز الطبيعي. وفي هذا السياق فإن صناعة
الأسمدة (18 مصنعا) تستهلك وحدها 28.1% من استهلاك الصناعة من الغاز. أما الصناعات
الأخرى بما فيها صناعات الطوب فإن عددها يصل إلى نحو 1846 مصنعا تستهلك ما يقرب من
25% من استهلاك الصناعة من الغاز. وهناك صناعات تستخدم كميات أقل من الطاقة مثل
صناعة الزجاج المسطح والبورسلين والسيراميك (64 مصنعا تقريبا) كان يتم معاملتها
على أساس واحد مع الصناعات كثيفة الاستهلاك، لكنها تعامل حاليا كصناعات متوسطة الاستهلاك
وليس كثيفة.
وقد حاولت حكومات متعاقبة التدخل لتصحيح منظومة دعم الطاقة
الموجهة للصناعات كثيفة الاستهلاك، لكن جماعات الضغط التي تمثل أصحاب هذه الصناعات،
بمن فيهم أفراد وجماعات يعملون في السياسة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كانوا
دائما قادرين على إفشال أي خطة للتصحيح. وفي عام 2007 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء
(أحمد نظيف) رقم 1914 لسنة 2007 والذي نص على تعديل أسعار الطاقة الكهربائية
والغاز الطبيعي المستخدمة في شركات الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة حتى إلغائها
تماما بعد ثلاث سنوات. لكن جماعات الضغط وأصحاب الشركات مارسوا دورا ثقيلا في
الضغط على الحكومة لوقف تنفيذ القرار ثم نجحوا فعلا بعد ذلك في إلغاء القرار
تماما، حيث أصدر رئيس الوزراء نفسه القرار رقم 446 لسنة 2009 والذي يقضي بتثبيت
أسعار الطاقة المباعة إلى المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة. ومع ذلك فإن مسالة
أسعار الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك ظلت محل جدل في السنوات التالية حتى قامت
ثورة يناير 2011.
وخلال فترة حكومة الدكتور هشام قنديل تم الاتفاق (اجتماعات
مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للطاقة) على رفع أسعار الغاز تدريجيا إلى الصناعات
كثيفة الاستهلاك للطاقة. وتم رفع الأسعار في المرحلة الأولى إلى 6 دولارات للمليون
وحدة حرارية بينما يتم محاسبة الصناعات الأخرى على أساس 3 دولارات للمليون وحدة
حرارية. وقد تبنت الحكومة خلال فترة توليها خطة تقضي بإلغاء الدعم عن الطاقة
تدريجيا خلال 4 سنوات. وطبقا للتقديرات التي بنيت عليها خطة الحكومة في ذلك الوقت
فإن:
- دعم الطاقة الموجه للصناعة
يبلغ نحو 1.4 مليار دولار (يتكلف استيراد طن المازوت نحو 4000 جنيه (2013) بينما
يباع للمستهلك بسعر 1600 جنيه (1620 شاملا تكاليف النقل)، وهو ما يعني تحميل
الخزانة العامة للدولة بأعباء ثقيلة تزداد كلما ارتفعت الأسعار في الأسواق
العالمية. وبعد الإجراءات الأخيرة التي أعلنتها حكومة المهندس إبراهيم محلب، فقد
أصبح للمازوت المباع في السوق المحلي أربعة أسعار، واحد لشركات إنتاج الكهرباء (2300
جنيه للطن) وآخر لصناعة الإسمنت (2250 جنيها للطن) وثالث لمصانع الطوب (1950
جنيها) ورابع للصناعات الغذائية (1400 جنيه)! وهذا التعدد السعري يعتبر خللا في حد
ذاته سوف يتعين على الحكومة علاجه. وقد كانت الاقتراحات السابقة تتضمن توحيد سعر
المازوت لكل الصناعات باستثناء الصناعات الغذائية مع إلغاء الدعم تدريجيا عن السعر
الموحد الجديد على مدار فترة زمنية. ويعتبر المازوت المسئول الأول عن تضخم عبء دعم
الطاقة، إذ يستحوذ وحده على نحو 44.8% من إجمالي دعم المواد البترولية في موازنة
السنة المالية 2014/2015.
- الصناعات كثيفة الاستهلاك
للطاقة (الحديد والنحاس والألومنيوم والأسمدة والسيراميك) تستخدم نحو 1% فقط من
القوة العاملة، بينما تسهم بنسبة تعادل نحو 6% من الإنتاج الصناعي، وتستفيد وحدها
بنسبة 75% من دعم الطاقة الموجه للصناعة. عدد المصانع المصنفة كثيفة الاستهلاك
للطاقة يبلغ نحو 133 مصنعا تحصل وحدها على نحو75% من الدعم، مقابل نحو 100,000 مصنع
في القطاعات الصناعية المختلفة تستفيد بنسبة 25% من دعم الطاقة الموجه للصناعة.
- المسار السريع لإلغاء دعم
الطاقة للصناعة يتضمن خطوتين: الأولى تقليل دعم الطاقة بنسبة 50% والثانية إتاحة
نسبة 50% من الطاقة المستخدمة بأسعار السوق مع السماح للقطاع الخاص (خصوصا شركات
إنتاج الإسمنت والحديد) باستيراد الطاقة من الخارج. (طبعا هناك مشكلات إنشاء محطات
توليد الكهرباء وسياسة التسعير وتأمين الإمدادات وتأمين تسويق الإنتاج والعلاقة مع
الشبكة القومية والشركة المصرية القابضة لإنتاج الكهرباء).
- التكاليف المقارنة لإنتاج
كل مليون وحدة حرارية بريطانية (BTU) باستخدام المازوت 18 دولارا، باستخدام الغاز الطبيعي من
10 إلى 12 دولارًا، باستخدام الفحم من 4
إلى 5 دولارات، باستخدام السولار 20 دولارًا.
- ينبغي دراسة حزمة من
المحفزات لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة(renewables)
وتجهيزات
نقل وتوزيع الطاقة وإعادة تدوير المخلفات.
- تكنولوجيات إنتاج الكهرباء
في المحطات الجديدة (توربينات صينية على مستوى تكنولوجي متقدم تستخدمها حاليا شركة
جنرال إليكتريك الأمريكية) تخفض تكلفة إنتاج الكهرباء بنسبة 20% تقريبا عن متوسط
التكاليف العالمية حاليا.
- تم حساب أثر زيادة سعر
الطاقة في صناعة الإسمنت ووجدت التقديرات إنه سيكلف الصناعة ما يترواح بين 50 إلى
60 جنيها زيادة في تكلفة إنتاج الطن.
-- الصناعات متوسطة الاستهلاك
للطاقة: الزجاج المسطح- البورسلين (64 مصنعا)
- الصناعة وحدها تستهلك ما
يعادل 37% من إجمالي استهلاك مصر من الطاقة
- الصناعة تحتاج سنويا (2013)
إلى ما يتراوح بين 21 مليونا إلى 22 مليون طن غاز، وتحصل بالفعل على 13 مليون طن
غاز وتستعوض بالمازوت بقية احتياجاتها. (متوسط السعر العالمي للمازوت 640 دولارا
للطن – متوسط السعر العالمي للسولار 940 دولارا للطن(.
- صناعة الأسمدة في مصر (18
مصنعا) تستهلك وحدها 28.1% من استهلاك الصناعة من الغاز.
- الصناعات الأخرى تضم نحو
1846 مصنعا تستهلك نحو 25% من استهلاك الصناعة من الغاز (ما يعادل نحو 12% من
استهلاك البلاد من الغاز).
متوسط استهلاك المصنع الواحد من مصانع الحديد القائمة يتراوح بين 29 مليونا إلى 60 مليون متر مكعب من الغاز.
- الإنتاج الحالي (2013)
لمحطات الكهرباء في مصر 29000 مليون ميجا وات (29 جيجا وات) وهناك تعاقدات
ومشروعات قائمة من المتوقع دخولها في الإنتاج قريبا بطاقة إنتاج 3000 مليون ميجا
وات.
- مشكلة نقص إمدادات الغاز
اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. اتفقت الحكومة مبدئيا مع الشركاء الأجانب العاملين
في إنتاج الغاز على سداد أكثر من 2 مليار
دولار من المتأخرات المستحقة للشركاء (15 مليار جنيه) وتم فعلا سداد ما يترواح بين
8 إلى 9 مليارات جنيه بالعملة المحلية. كذلك تبحث الحكومة في خطوتين أخريين هما:
السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي والتفاوض مع الشركاء لشراء حصة الشريك
الأجنبي (gas swaps)
- 80% من صناعة الإسمنت في العالم
تعتمد على الفحم وليس على الغاز الطبيعي. وفي حين أعدت وزارة الصناعة 11 رخصة
جديدة لمصانع إسمنت فإن منح هذه الرخص متوقف بسبب مشكلة توفير إمدادات الطاقة
اللازمة لتشغيل المصانع الجديدة.
- الصناعات التي لن تطبق
عليها معايير إعادة تسعير الطاقة: الصناعات الغذائية- المخابز- الصناعات كثيفة
العمل بشكل عام مثل صناعات الغزل والنسيج والملابس االجاهزة.
- ضرورة إنشاء مصانع لإنتاج
الخلايا الشمسية.
- العمل على إعادة هيكلة خليط
الطاقة (الوقود) في مصر: الفحم الأرخص (اقتراح إنشاء ميناء متخصص في تسلم الفحم
المستورد في سفاجا) مع الرياح (مناطق الزعفرانة وشرم الشيخ) في المرتبة الثانية من
حيث التكلفة ثم الطاقة الشمسية (مناطق العلمين وسيناء) في المرتبة الثالثة.
- شركات الأسمدة تحصل على
الغاز بأسعار متدنية حيث تحصل الشركة المصرية (السويس) على الغاز بسعر 1.25 دولار
للمليون وحدة حرارية. وتحصل شركات الأسمدة الأخرى على الغاز بسعر يترواح بين 3 إلى
4 دولارات للمليون وحدة حرارية. (المفترض أن يتدفق الغاز بضغط مقداره 17 بار لكن
انخفاض الضغط يؤدي إلى توقف خطوط الإنتاج) وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر من الناحية
الاقتصادية. وقد تم
مرارا منذ قيام ثورة يناير حتى الآن تخفيض إمدادات الغاز إلى المصانع وتوجيه نسبة
متزايدة من إنتاج الغاز إلى محطات الكهرباء، بغرض تقليل أوقات حدوث انقطاع في
التيار أو تخفيف الأحمال، وجاء هذا على حساب الصناعة التي تعاني من أسباب كثيرة
للتعثر.
ثانيا: ضرورة إقامة صناعة حديثة للطاقة
في اعتقادي أنه من الضروري في حال استمرار الأسعار المتدنية
للغاز للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة يجب فرض رسم صادر على الصادرات إلى الأسواق
الخارجية يعادل الفرق بين السعر العالمي للطاقة وبين السعر المحلي الذي تدفعه هذه
الشركات للموردين المحليين للطاقة (الحكومة حاليا) على أن يعقب ذلك إنهاء التزام
الدولة بعقود مؤقتة لتوفير الطاقة للمصانع وتحرير سوق الطاقة تدريجيا مع وضع قواعد
بيئية وتكنولوجية وتجارية ومالية صارمة لضمان حرية المنافسة في سوق الطاقة وعدم
قيام احتكارات أو اتفاقات احتكارية تضر بمصالح المستهلكين. وفي اعتقادي أيضا أنه من
الضروري تنويع الشركاء في مجال إنتاج النفط والغاز بإضافة شركات روسية وصينية
وغيرها إلى المستفيدين من امتيازات التنقيب عن النفط والغاز. وكان وفد من شركة غاز
بروم الروسية قد قام بزيارة مصر في شهر مارس 2013 بصحبة نائب وزير التنمية الروسي
يفجيني بوبوف وسعى الوفد إلى عقد لقاءات بهذا الخصوص مع وزارة البترول والشركة
القابضة للبترول.
إن التعامل مع مشكلة دعم الطاقة في مصر
يجب أن يتم على أربعة مستويات:
المستوى الأول: يتمثل في إعادة تقدير القيمة الحقيقة للدعم تبعا لما يتم استيراده (سواء
من الخارج أو من حصة الشريك الأجنبي محليا) وحساب توزيع هذا الدعم على المواد
والمشتقات المختلفة بما يسهل عملية صياغة سياسة واضحة للتخلص من الدعم نهائيا خلال
فترة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات.
المستوى الثاني: زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة التقليدي وتنويع الشركاء الأجانب وإضافة
شركاء جدد للعمل مع الشركات المصرية بما في ذلك شركاء من روسيا والصين وشركاء من
الدول النامية مثل الهند وفنزويلا وجنوب أفريقيا والجزائر ودول الخليج العربية.
ويرتبط بذلك أيضا وضع جدول زمني ملزم لتسوية مستحقات شركات البترول الأجنبية
ومستحقات شركات البترول المحلية لدى الشركة القابضة للكهرباء، بما يشجع هذه
الشركات على زيادة استثماراتها.
المستوى الثالث: دراسة إمكانات التوسع في استيراد الغاز وتجهيز بنية أساسية ملائمة لاستيراد
الفحم بما يقلل الاعتماد على النفط ومشتقاته ويقلل تكاليف الحصول على الطاقة من
الخارج.
المستوى الرابع: التوسع في
خيارات إنشاء محطات للطاقة من المصادر المتجددة، مع العمل على إنتاج نسبة متزايدة
من مستلزمات هذه المحطات محليا، بما يرسخ العمل على إقامة وتطوير صناعة حديثة
للطاقة في مصر. وتتمتع مصر بوفرة مواد إنتاج مستلزمات هذه الصناعات مثل السيليكا
والألومنيوم والنحاس والبلاستيك اللازمة لإنتاج التوربينات الهوائية وألواح الطاقة
الشمسية والخلايا الكهروشمسية وغيرها.
إن خير ختام القول هنا؛ هو التأكيد على أن إقامة صناعة متطورة للطاقة في مصر يمثل فرصة واعدة لمصر على المستوى العالمي.