المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

اتجاهات المصالحة: السودان ومسارات الوصول إلى اتفاق سلام داخلي

الإثنين 15/يناير/2024 - 11:28 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

اتفقت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية "تقدم" مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" على بلورة خارطة طريق لوقف الحرب الحالية المستمرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ نحو 9 أشهر. كما وافقت قوات الدعم السريع على إطلاق سراح أكثر من أربعمائة شخص من الأسرى والمحتجزين وتسهيل وصول المساعدات للمتضررين في المناطق التي تسيطر عليها بالإضافة إلى التعاون مع هيئة وطنية معنية بحماية المدنيين.

وطبقا لبيان مشترك، فإن قوات الدعم السريع وافقت أيضًا على التعاون مع لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بشأن الانتهاكات التي رافقت الحرب وتسهيل عودة المواطنين إلى مناطقهم مع توفير حماية لهم من قبل قوات الشرطة. وفيما يتعلق بقضايا إنهاء الحرب اتفقا على تشكيل جيش قومي يتكون من كل الفصائل بما فيها قوات الدعم السريع مع عدم مشاركة القوات الأمنية في العمل السياسي. ونص الاتفاق الذي أطلق عليه اتفاق أديس ابابا على إطلاق عملية سياسية عقب نهاية الحرب تشارك فيها كل القوى السياسية ما عدا حزب الرئيس المعزول عمر البشير (المؤتمر الوطني).

وعلى الرغم من ذلك، رفض قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الاتفاق الذي تم توقيعه بين قوات الدعم السريع وقوى مدنية، وتعهد بمواصلة الحرب. وقال البرهان إن الجيش سيقاتل قوات الدعم السريع حتى تنتهي أو ننتهي.

اتجاهات عديدة

اقترحت مجموعة دول الإيجاد عقد لقاء بين قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) وكان مقررًا أن يتم الخميس الماضي. لكن هذا اللقاء المقترح أثار جلبة وارتباكاً كبيرين

وعلى الرغم من ذلك، أعلن مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، إن الاجتماع المرتقب بين قائدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جيبوتي كان من المفترض تنفيذ ما تم التوصل إليه في اتفاق جدة.

 

وأضاف أن ذلك يشمل خروج قوات الدعم السريع من المدن والمساكن والمقرات المتواجدة فيها، على أن تلي ذلك مراحل تفاوضية أخرى لوقف الحرب، كما اعتبر الاتفاق الذي وقعه قائد الدعم السريع مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، اتفاقًا بين شريكين.

وقد جاءت هذه التطورات بعدما سيطرت قوات الدعم السريع قبل أيام على ولاية الجزيرة، وعاصمتها ود مدني، ، وأحكمت قبضتها على أربع ولايات في إقليم دارفور غرب السودان من أصل خمس ولايات بما في ذلك فِرق ومقرات الجيش، إلى جانب سيطرتها على أجزاء واسعة من الخرطوم وإقليم كردفان.

وكانت التنسيقية التي يرأسها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك طرحت رؤية من 4 محاور لحل الأزمة المستفحلة في البلاد؛ تبدأ بوقف لإطلاق النار وفتح مسارات آمنة للسكان ومعالجة الأزمة الإنسانية والدخول في عملية سياسية تشمل الإصلاح الأمني والعسكري وقضايا العدالة الانتقالية وإعادة البناء المؤسسي لأجهزة الدولة. كما أعلنت التنسيقية دعمها لمنبر جدة التفاوضي ومبادرة الاتحاد الأفريقي التي طرحها في الخامس والعشرين من يونيو 2023 والتي تتبنى خطة تدمج بين رؤية منبر جدة ومقترحات الهيئة الحكومية للتنمية "إيجاد" والتي تنص على إجراءات تؤدي لوقف الحرب وإطلاق عملية سياسية تفضي لانتقال السلطة من المؤسسة العسكرية للمدنيين. وتستند خطة الحل على 6 نقاط أساسية تشمل: وقف إطلاق النار الدائم وتحويل الخرطوم إلى عاصمة منزوعة السلاح، وإخراج قوات طرفي القتال إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم، ونشر قوات أفريقية لحراسة المؤسسات الإستراتيجية في العاصمة، ومعالجة الأوضاع الإنسانية السيئة الناجمة عن الحرب، وإشراك قوات الشرطة والأمن في عملية تأمين المرافق العامة، والبدء في عملية سياسية لتسوية الأزمة بشكل نهائي.

وقال الإعلان إن مشروع خارطة الطريق وإعلان المبادئ يشكل أساسًا جيدًا لعملية سياسية تنهي الحرب في السودان"، مضيفًا أن (تقدم) ستطرح التفاهمات المتفق عليها مع قوات الدعم السريع على الجيش السوداني لتكون أساسًا للوصول لحل سلمي ينهي الحرب.

تطورات جديدة

 

اندلع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين بسبب خلافات حول خطط لدمج الدعم السريع في الجيش، في الوقت الذي كانت فيه الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليًا، كما أن  الهوة الكبيرة في مواقف طرفي القتال ساهمت في تعقد أفق حل الأزمة التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وتشرد قرابة الـ 7 ملايين شخص.

ويمكن الإشارة هنا إلى أنه هناك حالة من عدم اليقين لدى أطراف ذلك الاتفاق الإطاري الذي حمل مضامين فضفاضة تسمح لكل طرف بهامش عريض من التفسيرات التي يظن كل طرف من خلاله أنه حقق مكاسب سياسية على حساب الطرف الآخر. ولذلك أعلن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن الاتفاق الإطاري يظل مفتوحًا للنقاش والمشاركة من الأطراف الأخرى المتفق عليها لتطويره في المرحلة الثانية لاتفاق نهائي وترتيبات دستورية انتقالية وهو ما لم يحظ بقبول مجموعة (قحت) ومن خلفها قائد مليشيا الدعم السريع وهددوا بأن يبقى الاتفاق مقصورًا عليهم أو الاستمرار في الحرب. فكانت أهم نقاط ضعف الاتفاق الإطاري أنه لم يكن يمثل كل السودانيين ولا قضايا الهوية ولم يتجاوز كونه اتفاقًا سياسيًا لتقاسم السلطة بين عسكريين يواجهون ضغوطًا داخل المؤسسة العسكرية ومدنيين منقسمين وغير مفوضين ويسعون إلى السلطة. ولذلك كان ذلك الاتفاق لا يؤسس لديمقراطية تقوم على الفصل بين السلطات؛ إذ إن مجلس العدل الانتقالي الذي تعينه قوى سياسية هو الذي يختار رئيس القضاء ونوابه والنائب العام ومساعديه ورئيس المحكمة الدستورية وأعضاءها والمراجع العام.

بالإضافة إلى ذلك، فإن رؤية الجيش السوداني تتمثل في أن التحالف الذي يضم مليشيا الدعم السريع وبعض القوى المدنية (قحت) أو (تقدم) فضلًا عن دعم بعض القوى الخارجية، يهدف في المقام الأول إلى ضرب الجيش السوداني لتستباح البلاد في كيانها الجيوسياسي ومقدراتها الاقتصادية.

وفي إطار محاولة الوصول إلى صيغة مقبولة للتوافق السياسي الداخلي، برزت اتجاهات حول إمكانية التوصل لاتفاق مبدئي لتوسعة الآلية الرباعية الخاصة برعاية المباحثات بين أطراف الصراع في السودان، والتي تتكون من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، لتضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومصر وليبيا وروسيا وقطر والصين ومبعوث خاص من هيئة إيجاد وآخر من الاتحاد الإفريقي. وإنه تم التوصل إلى هذا الاتفاق في القمة 41 لدول "الهيئة الحكومية للتنمية" (الإيجاد) المنعقدة في جيبوتي، لمناقشة الصراع في السودان، والتي شارك فيها دول المجموعة، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة، والمبعوث الأميركي للقرن الأفريقي مايك هامر، ومبعوثة الاتحاد الأوروبي لمنطقة القرن الإفريقي أنيت ويبر، وممثلون عن دول الجوار والصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الإفريقي.

في الختام: من الملاحظ أن الهوة واضحة بعد التزام قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" في إعلان مبادئ وقعه مع تنسيقية القوى المدنية "تقدم" في العاصمة الإثيوبية، بوقف الأعمال العدائية بشكل فوري وغير مشروط عبر تفاوض مباشر يفضي إلى التزام مماثل من الجيش؛ في حين أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أنه لن يتفاوض مع الدعم السريع. إلا أن التوصل لاتفاق خارجي وتوسيع دائرة الوسطاء يمكن أن يؤدي الرضوخ للضغوط الإقليمية والدولية وعقد اللقاء بين قائدي الجيش والدعم السريع والتوصل إلى توافق بينهما يؤدي إلى وقف القتال والبدء في إنهاء المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحرب.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟