المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نداء السيد حسن محمد
نداء السيد حسن محمد

أثر الأزمة الليبية على الأمن القومي المصري منذ 2011

الأحد 06/يونيو/2021 - 11:54 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

تشكل الأزمة الليبية خطرًا كبيرًا على الأمن القومي المصري نظراً لتدهور الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا وسيطرة الميليشيات التكفيرية على معظم المدن الليبية، مما شكّل أرضية خصبة لنمو الجماعات الإرهابية، على نحو جعل أنشطتها لا تقتصر فقط على الداخل الليبي، وإنما امتدت إلى دول الجوار وبصورة خاصة مصر من خلال تجارة السلاح واختراق الحدود، والقيام بعمليات إرهابية1. فبعد سقوط نظام القذافي شهدت ليبيا العديد من التغيرات الداخلية والتي أسهمت في وجود حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي داخل المجتمع الليبي ومن أبرزها الفراغ السياسي ووجود حكومة مركزية ضعيفة الامر الذي استغلته بعض الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة لملء الفراغ الأمني والسياسي في ليبيا، بالإضافة إلى التدخل الخارجي من قبل القوى الكبرى، من ثم ظهرت تداعيات ذلك على الأمن الإقليمي للدول التي تشارك في الحدود مع ليبيا وخاصةً مصر.

أولًا- محددات وتداعيات الأزمة الليبية منذ 2011

تعتبر الثورة بالمعنى الواسع هي التغيير الكامل والشامل والجذري الذي يعم كل النواحي، ويقضي على القديم ويأتي بالجديد، كما تعتبر إبدال وتغيير كلي يهم جميع المجالات (الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية والثقافية)، إذ يلعب فيها الوعي الجماعي دورا محوريا، وكان طبيعياً لثورة ناجحة في تونس، وأخرى في مصر أن تتأثر ليبيا بتداعيات الثورتين وهو ما حدث بالفعل ففي الخامس عشر من فبراير 2011 طالبت مجموعة من الشخصيات والفصائل والقوى السياسية والتنظيمات والهيئات الحقوقية الليبية بتنحي الزعيم الليبي ''معمر القذافي''، وقد توسعت الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام في 18 فبراير، وانتقلت إلى غرب البلاد وبعد القمع العنيف والدموي للمتظاهرين، وقعت اشتباكات بين الجانبين أدت إلى خروج المدن تباعاً عن سلطة ''القذافي'' وانضمامها إلى الثوار، وقد تم استخدام القوة العسكرية بالأسلحة الثقيلة ضد الثوار في ليبيا2.

وبالتالي فقد جاء الانشغال الدولي بالملف الليبي منذ بدايته نتيجة لتداعيات هذه الأزمة، مما استدعى تدخلا فجائيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بعملية عسكرية، لإنقاذ بنغازي من السقوط في أيدي جنود كتائب ''القذافي'' واستمر الهجوم الجوي على ليبيا بواسطة التحالف الدولي حتى تمكن الثوار من القبض على ''معمر القذافي'' وإعدامه على في العشرين من أكتوبر 2011، وبعد رحيل القذافي أصبحت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ليبيا شديدة الخطورة بسبب الفراغ السياسي وتدهور الأجهزة الأمنية، وأصبحت ليبيا ملجأ للمليشيات المسلحة3.

وقد شهدت ليبيا في الآونة الأخيرة تدخلًا خارجيا جديدا على أراضيها من جانب تركيا، عقب موافقة البرلمان التركي على تفويض تم في إسطنبول بتاريخ 27 نوفمبر 2019 بين فايز السراج والحكومة التركية حول التعاون الأمني والعسكري يتيح إرسال قوات تركية إلى ليبيا، الأمر الذى شكل تهديداً جديداً لدول الجوار وخاصة مصر4.

-      تداعيات الازمة على المستوى الإقليمي والدولي:

1-     على المستوي الإقليمي:

يخلق الوضع الداخلي الليبي الحالي - نتيجة الحرب القبلية بين مجموعة من القبائل الراغبة في السيطرة على المؤسسات النفطية - بيئة مناسبة لنشاط العديد من الجماعات المتطرفة نتيجة انتشار الأسلحة وتهريبها عبر الحدود، الأمر الذي يشكل تهديداً حقيقياً على مصر التى تعانى من تدفق الأسلحة المهربة وقد سبق وأن ألقت القبض على بعض الجماعات النشطة في هذا المجال، ولا يختلف الحال في الجزائر بحيث سبق لمتشددين إسلاميين الاستيلاء على مجمع (آن أمناس) للغاز الطبيعي، هذا ويشكل السلاح كذلك خطورة على المغرب، بحيث يوجد تخوف من تهريبه نحو الجنوب خاصة في ظل النزاع المفتعل بين المغرب وجبهة البوليساريو، وعليه أصبحت هذه الجماعات تشكل خطرا كبيرًا على دول الجوار، خاصة دول الساحل والصحراء من مصر شرقا إلى سواحل المحيط الأطلسي غربا5.

أ‌-       موقف الدول العربية من الأزمة الليبية:

تباينت ردود الفعل العربية بشأن الأزمة الليبية فقد قاموا بسحب السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام الليبي، منذ بداية الازمة عام 2011، حيث ادانت الدول العربية ما يجري في ليبيا من عدم استقرار سياسي وهشاشة الامن وسوء الأوضاع الاقتصادية وانتشار الميليشيات المسلحة وتهديد حدود الدول المجاورة بالإضافة الى التدخل التركي في ليبيا في الآونة الأخيرة وما عقبه من ردود أفعال الدول المجاورة لليبيا ومن بينها مصر6.

حيث أدانت السعودية والبحرين ومصر قرار البرلمان التركي إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وعدته السعودية "انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الصادرة بشأن ليبيا، وتقويضاً للجهود الأممية الرامية لحل الأزمة الليبية، ومخالفة للموقف العربي الذي تبناه مجلس جامعة الدول العربية بتاريخ 31 ديسمبر 2019"، كذلك رفضت البحرين القرار، وعدته "تدخلاً مرفوضاً في الشأن الداخلي لليبيا، وانتهاكاً لقرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة"7.

أما الجانب القطري فكان يؤيد التدخل العسكري التركي في ليبيا، على الرغم من المخاطر التي ينطوي إليها، إذ يتم في ظل معارضة البرلمان والجيش في ليبيا، ولا يحظى سوى بموافقة حكومة فايز السراج التي تسيطر عليها ميليشيات طرابلس8.

ب_  موقف جامعة الدول العربية من الأزمة:

كان موقف جامعة الدول العربية واضحًا بشأن الأوضاع في ليبيا منذ بداية الازمة الليبية عام 2011 حتى قيام تركيا بالتدخل العسكري في ليبيا، حيث قامت الجامعة العربية بإصدار بيان الأمين تؤكد فيه عن رفضها للتدخلات العسكرية غير العربية في ليبيا، كما أكدت أن "التصعيد العسكري في ليبيا يهدد أمن واستقرار المنطقة ككل بما فيها البحر المتوسط"، في إشارة واضحة إلى تركيا9.

2-     على الصعيد الدولي:

أ‌-       التدخل السلمي لمنظمة الأمم المتحدة لتدبير الأزمة منذ 2011:

يؤكد ميثاق الأمم المتحدة في فصله السادس على مبدأ التدخل السلمي لتدبير الأزمات، وهذا ما قامت به المنظمة الأممية من خلال القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 25 فبراير2011 بما في ذلك قرار إيفاد لجنة دولية مستقلة على وجه الاستعجال للتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان المزعوم ارتكابها في ليبيا، وذلك للوقوف على حقائق وظروف وقوع الانتهاكات والجرائم المرتكبة وتحديد هوية الضالعين فيها10.

ب_  التدخل العسكري للأمم المتحدة (الناتو) لحل النزاع عام 2011:

على الرغم من صدور قراري مجلس الأمن رقمي 1970 و1973 بشأن الحالة الليبية (ومضمونهما إحالة الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وحظر الأسلحة والسفر، وتجميد الأصول الليبية في الدول الغربية، وإقامة منطقة حظر طيران جوي في الأجواء الليبية)، فضلا عن قرار الجامعة العربية رقم 7298 بتاريخ 2 مارس 2011 بشأن الطلب من مجلس الأمن تحمل مسئولياته إزاء تدهور الأوضاع في ليبيا، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بفرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي، وإقامة مناطق آمنة في الأماكن التي تتعرض للقصف، فإن حلف الناتو لم يتدخل كمنظمة سوى في نهاية شهر مارس 2011، أي بعد ما يقرب مما يزيد على شهر من اندلاع الأزمة، حيث بدأ أعضاؤه الرئيسيون في شن هجمات جوية على الكتائب الليبية11.

فقد تم تحويل قيادة العمليات إلى الناتو بعد مفاوضات صعبة في 31 مارس؛ فالولايات المتحدة الامريكية لم تكن ترغب في الظهور على الخط الأول، وكانت تتخوف من انقلاب الرأي العام العربي ففضلت تحويل القيادة للناتو، أما ألمانيا، فلم تكن مستعدة للتورط في تدخل تعارضه من الاساس، بل سحبت سفنها الحربية من عملية مراقبة الملاحة البحرية الأطلسية في المتوسط تجنبًا لاستخدامها في حرب ليبيا، أما تركيا فأدانت منذ البداية التدخل، ولم تقبل نقل قيادة العمليات للناتو إلا مقابل الوعد بالإبقاء على قيادات أطلسية على أراضيها، أما فرنسا التي تفضّل الإبقاء على التنظيم السائد قبلت في نهاية الأمر بنقل القيادة للناتو12.

وبالرغم من مرجعية الناتو للتدخل، فإنها قد أثارت ثلاث إشكاليات أساسية:

-     الأولى: مع أن مضمون القرارات المشار إليها هو "فرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي كإجراء وقائي لتوفير الحماية للشعب الليبي وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة"، فإن مهمة الناتو قد تجاوزت ذلك من خلال قصف مواقع مدنية ومقرات حكومية تابعة للرئيس الليبي.13.

-     الثانية: لم تشر قرارات مجلس الأمن إلى الأطراف المنوطة بالعمليات في ليبيا سوى بالقول "يؤذن للدول الأعضاء التي أخطرت الأمين العام، وهي تتصرف على الصعيد الوطني أو عن طريق منظمات أو ترتيبات إقليمية وبالتعاون مع الأمين العام، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين وإبلاغ الأمين العام بها"14.

وقد تدارك مجلس الأمن الإشكاليات القانونية التي أثارتها قراراته السابقة المماثلة، فكان كل تركيزه في الحالة الليبية على الإعلاء من قضية حماية المدنيين، وهو بدوره تعزيز لقوة "بروتوكول مسئولية الحماية" الذي يخول للدول الأعضاء والمجتمع الدولي مسئولية "المساعدة في حماية الشعوب من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية"، وبموجب ذلك البروتوكول، فقد تمكن مجلس الأمن من سد الفجوة بين "التدخل الشرعي" وهو المبرر أخلاقيا و"التدخل القانوني"15.

-     أما الإشكالية الثالثة: فإنه مع أهمية المرجعية الإقليمية، التي تتمثل في قرار الجامعة العربية وما تلاها من مشاركة دول خليجية، وهي قطر والإمارات والكويت في عمليات الناتو في ليبيا، فإن الحديث عن ازدواجية المعايير الدولية كان حاضرا وبقوة، ففي الوقت الذي تتحدث فيه الدول الغربية عن انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا واستهداف قوات ''القذافي'' للمدنيين، فإن تلك الدول ذاتها هي من قدمت دعماً هائلاً للقوات المسلحة في ليبيا، وهو ما عكسته مشاركة هذه الدول على نطاق واسع في معرض السلاح الذي أقيم في ليبيا (نوفمبر 2010)، وبالتالي فقد تم إثارة عدة تساؤلات حول سبب التدخل في ليبيا، وغض الطرف عن حالات أخرى ربما كانت مماثلة أو أكثر سوءاً (سوريا أو اليمن)، حيث قال أمين عام الحلف: "إن الحلف ليس لديه خططا للقيام بمهمة عسكرية في سوريا"، وأضاف أن: "تحرك الناتو ضد النظام الليبي كان بمقتضى تفويض قوي من مجلس الأمن، ودعم واضح من دول المنطقة، وهو مزيج نادر لم نشهده في مواقف أخرى"، ولا شك في أن السيطرة الأوروبية على المنطقة، إبان أعوام القرنين التاسع عشر والعشرين، من شأنها تعزيز استمرارية مشاعر الشك والريبة في السياسات الغربية عموما اتجاه المنطقة العربية، حتى وإن كانت بغطاء أممي مدعوم بتأييد عربي16.

ثانيًا: انعكاسات الأزمة اللبيبة على تهديد الحدود المصرية منذ 2011:

تمثل التهديدات القادمة من الحدود الغربية لمصر عبر ليبيا واحدة من مصادر التهديد الآخذة في التصاعد للمصالح الوطنية المصرية لاسيما أن ليبيا تمر مثل باقي دول الربيع العربي بمرحلة "ما بعد الثورة"، وهي المرحلة التي تشهد حالة من عدم الاستقرار والتغير العشوائي على الأصعدة السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، ومع دخول الثورة الليبية عامها الرابع بدأت الأزمة السياسية تزداد تعقيداً على الصعيدين المحلي والإقليمي،  فلم تتمكن السلطات التي تعاقبت على حكم ليبيا منذ انهيار نظام القذافي من وضع ليبيا على طريق الاستقرار السياسي، بل ظلت هناك مجموعة من المشكلات الجوهرية التي ازدادت تعقيداً مع مرور الوقت، حتى بدأت عواقبها في تشكيل تهديدات إقليمية لدول جوار ليبيا17.

تزايد القلق المصري والإقليمي والدولي من الوضع في ليبيا فمن ناحية هناك مشكلة أمن الحدود، والتي تشكل ضلعاً أساسياً في التهديدات الأمنية لدول الجوار سواء تعلق الأمر بتهريب السلاح أو تسهيل دخول المخدرات أو المساعدة في الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر،  ومن ناحية أخرى هناك تخوف من تحول ليبيا إلى بؤرة داعمة ومساندة للتهديدات الأمنية التي تواجه دول الجوار كجماعة أنصار بيت المقدس في مصر.

-      المليشيات المسلحة وتأثير تداعياتها الداخلية:

تشكل الجماعات الإسلامية الجهادية في ليبيا، أحد أبرز معضلات المسار الانتقالي في ليبيا بعد إسقاط نظام القذافي، لاسيما أنها تعد بمثابة مرآة عاكسة ليس فقط لمأزق بناء الدولة في هذا البلد، بل لما يمثله تنامي وجودها من تأثيرات ذات طبيعة تهديدية على الأمن القومي لدول الجوار الإقليمي، وخاصة مصر، لاسيما في ضوء الارتباطات العابرة للحدود بين الإسلاميين بأطيافهم المختلفة (المعتدلون، السلفيون المتشددون، الجهاديون المسلحون) الذين استثمروا ما أحدثته ثورات الربيع العربي من نفاذية إقليمية للأفكار والقضايا، وضعف لسلطة الدولة في تعضيد نفوذهم السياسي18.

وبالتالي إذا كان الأمن القومي المصري في مفهومه الواسع يستند على تأمين وجود الدولة وسلامة أركانها وتلبية احتياجاتها، وضمان مصالحها الحيوية، وحمايتها من الأخطار القائمة والمحتملة سواء داخلياً أو خارجياً، فإن ليبيا تشكل في هذا الخصوص نقطة ارتباط استراتيجي لمصر، بحكم مرتكزات الجوار الجغرافي والتاريخ المشترك والاتصالات الاجتماعية، بالتالي يترتب علي ذلك تبعات ومصالح أمنية واقتصادية وسياسية مشتركة، حتى إنه يمكن القول إن البلدين يشكلان "عمقاً استراتيجياً متبادلاً"، وهذا يعني أن عدم استقرار أي منهما يشكل تأثيراً ممتداً ومباشراً على الآخر، ومن هنا، فإن تفكك السلطة، وليس الدولة في ليبيا أحدث أثراً انتشارياً للمكونات الداخلية الليبية المتصارعة، ومنها الجماعات الجهادية المسلحة على الأمن القومي المصري، حيث بدا أن الشرق الليبي يمثل مصدراً للسلاح، وتدريب الإرهابيين المصريين، علاوة على أنه يمثل ملاذاً آمناً لإسلاميين فارين من الحملات الأمنية المصرية بعد 30 يونيو19.

وبالتالي لا يمكن فصل نشأة الجماعات الإرهابية في ليبيا بمعزل عن السياق العام لنشأة تيار الإسلام السياسي، والذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين في العام 1949، كامتداد فكري للجماعة الأم التي أطلقها الشيخ حسن البنا في مصر في العام 1928، بعد قدوم عدد من المعلمين لإخوان مصر للتدريس في ليبيا، إذ مثلت الجماعة، سواء عبر أفكارها أو تقلبات مواجهتها مع نظام القذافي الوعاء الحاضن لنشأة التيارات الجهادية في ليبيا، وخصوصاً في الشرق الذي يملك "بنية تدينية متجذرة" عمّقتها الحركة الصوفية السنوسية وبشكل عام فإن نظام القذافي أسهم أن يصبح المزاج العام للتيار الإسلامي في ليبيا أقرب إلى الشكل الجهادي المسلح منه إلى المعتدل، بسبب السياسات الأمنية العنيفة والاستئصالية، حتى تحوّل الشرق من موطن للإخوان والسنوسية الصوفية المعتدلة إلى حاضنة للجماعات الإرهابية، خاصة في ظل تقارب تلك المنطقة مع الثقافة العربية، بينما مالت جماعة الإخوان إلى إقليم الغرب، وخصوصاً طرابلس الأكثر انفتاحاً بفعل تماسها مع الدول الأوروبية، برغم عدم تخليها عن أنشطتها الاجتماعية في الشرق20.

 وفي هذا السياق يمكن القول أن مرحلة إسقاط القذافي شهدت إحياءً للتيارات الإسلامية بشقيها المعتدل والمتشدد، لاسيما نتيجة مشاركتهم بفاعلية في محاربة قواته خاصة في الشرق التي انطلقت منه ثورة الـ17 من فبراير احتجاجاً على التهميش السياسي والتنموي، ومع سقوط النظام، وانفتاح المجال السياسي في المرحلة الانتقالية، ورخاوة السلطة الانتقالية، وطغيان حالة توزان الضعف على البلاد، حيث لا توجد قوة مركزية تدير الساحة السياسية، بدأت تحدث تغيرات على خريطة التيارات الإسلامية بشكل عام والجهادية خصوصاً، فقد سعت جماعة "الإخوان المسلمون" إلى تكريس دورها السياسي وذلك عبر إعادة ترتيب قواعدها الشعبية مع مؤتمرها الشعبي الأول في نوفمبر 2011، حيث تم اختيار بشير الكبتي مراقباً عاماً جديداً لها، كما أسست الجماعة حزب البناء والعدالة كذراع لها في الحياة السياسية، مستغلة حالة الصعود السياسي للإسلاميين في المنطقة بعد ثورات الربيع العربي، حيث كان لها حضور في المجلس الوطني الانتقالي الذي تأسس في أعقاب الثورة، كما استطاع الحزب أن يحل ثانياً في انتخابات المؤتمر الوطني العام في يوليو 2012 بعد تحالف القوى الوطنية ذي التوجهات الليبرالية والذي  كان يتزعمه محمود جبريل30.

-      اثر تهديد الميليشيات المسلحة على الأمن القومي المصري:

تعد مصر أحد أبرز دول الجوار الإقليمي لليبيا تأثراً بتنامي الجماعات الجهادية وخاصة المسلحة في شرق ليبيا، لاسيما في ضوء وجود مجموعة من خطوط التشابك الجغرافي والسياسي والأيديولوجي بين التيارات الإسلامية في البلدين، برغم اختلاف الخصوصية المجتمعية بينهما، وتعمقت تلك الخطوط إثر صعود التيار الإسلامي بشقيه المعتدل والمتشدد في مصر بعد ثورة 25 يناير، وزادت مخاطرها بعد الموجة الثورية التي أسقطت حكم جماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو، إذ انعكس ذلك على الوضع السياسي الليبي في مجموعة من المؤشرات مثلت نقاط تماس مباشرة حملت في طياتها تأثيرات مباشرة من قبل الجماعات الجهادية الليبية على الأمن القومي المصري، ومن أبرزها40:

-      التغذيات المتبادلة بين الجماعات الجهادية في مصر وليبيا:

فبالرغم من أن خطوط التشابك والخبرات المتبادلة تكاد تكون محدودة نسبياً بين الأحزاب السلفية في مصر وليبيا (كالنور  والأمة والوطن)، وذلك بسبب الاختلافات النسبية في الروافد والرؤى، فإن التشابك بدا أكثر فعالية على صعيد الجماعات الإسلامية المسلحة التي رفضت الانخراط في العمل السياسي في مصر وليبيا وتحديداً في الشرق، إذ بدا أن الأخيرة (خاصة جماعة أنصار الشريعة وألوية عمر عبد الرحمن كروافد للقاعدة) تشكل مصنعاً لتدريب متشددين، وتصدير السلاح إلى مصر وتحديدا للجماعات النظيرة في سيناء، ولقد ظهر ذلك في مؤشرات تراكمت منذ الثورة في البلدين، بدءاً من تقارير أمنية تحدثت عن مشاركة مصريين في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي والتي أسفرت عن مقتل السفير الأمريكي، ومروراً بتفجير القنصلية المصرية في بنغازي كرد فعل على فض اعتصامات الإخوان، كما نظمت جماعات جهادية ليبية عرضاً عسكرياً على الحدود مع مصر باعثة برسالة تهديد غير مباشرة للسلطات المصرية بعد فض اعتصامات الإخوان41.

-      نمو الجريمة المنظمة نتيجة لضعف السيطرة الأمنية على حدود البلدين:

أدت الرخاوة التي شهدتها الأجهزة الأمنية المصرية بعد الثورة، وتشظي المؤسسات الأمنية الليبية إلى مليشيات مسلحة بعد سقوط القذافي إلى عدم سيطرة مشتركة على حدود البلدين، وهذا الأمر لعب دوراً في نمو الجريمة المنظمة بأشكالها المختلفة من تهريب سلاح وتجارة مخدرات وبشر وغيرها، مما شكّل بنية اقتصادية للجماعات الجهادية سواء في مصر وليبيا لتمويل عملياتها، وفي هذا السياق، تبدو عمليات تهريب السلاح ومستلزمات العمليات الانتحارية هو الشكل الأخطر الذي ينتقل من ليبيا إلى مصر، لاسيما أن الأسلحة المتبقية بعد سقوط القذافي، وجدت سوقاً إقليمية "مضطربة" تستوعبها، وتقدرها الأمم المتحدة بـ 12 دولة ومنها مصر، وتقدر جهات رسمية حجم السلاح في مصر بعشرة ملايين قطعة غالبيتها قادمة من ليبيا والسودان، وبينما سعت الأجهزة الأمنية المصرية لضبط حركة الحدود ومنع تهريب السلاح، فإن إجراءاتها أثارت حفيظة جماعات مسلحة في الشرق ضغطت على القاهرة بمنع عبور الشاحنات إلى ليبيا واعتقال مصريين42.

-      استهداف المليشيات المسلحة للمصالح المصرية في ليبيا:

وفي هذا السياق وفي ظل عدم قدرة السلطات الانتقالية على السيطرة الأمنية في الشرق خصوصاً، حيث تعرضت كنيسة مصرية في بنغازي للحرق بعد اتهامات لها بتأسيس شبكة للتبشير بالمسيحية، كما تعرض العمال المصريون إلى عدة حوادث اختطاف في العام 2013 من قبل جماعات مسلحة، ولعل ذلك يحدث تأثيراً في أحد أبرز القضايا الاقتصادية التي تشتبك فيها البلدان وهي العمالة التي تشير بعض التقديرات إلى بلوغها نصف مليون مصري بعد الثورة ينتشرون في  أرجاء ليبيا حيث تعمدت المنظمات الإرهابية في ليبيا، خاصة المنضوية تحت جناح جماعة الإخوان في بنغازي ومصراتة وطرابلس توجيه ضربات ضد تجمعات المصريين في المدن الليبية بهدف إجبارهم على ترك ليبيا والعودة إلى مصر بأعداد كبيرة تفوق قدرة وسائل النقل الجوي والبري والبحري على نقلهم في وقت محدد، بما يسبب أزمة سياسية وأمنية واقتصادية للنظام الجديد في مصر، حيث بلغ عدد العائدين جوًا وبحرًا من ليبيا حتى الأسبوع الثاني من أغسطس الحالي إلى نحو 12000 مصري43.

وبالتالي يعد مسلسل استهداف المصريين في ليبيا مسلسلاً مستمرًا لا نهاية له، فقد احتجزت الميليشيات المسلحة في مصراته التابعة لجماعة الإخوان مئات المصريين وأجبرتهم على القتال في صفوفها ومن يرفض فإن مصيره القتل أو التعذيب وهو ما يفسر فقدان عشرات المواطنين المصريين المتواجدين في ليبيا، ولا أحد يعرف مصيرهم الحقيقي حتى الآن، حيث قُتل مواطنان مصريان مؤخرًا جراء سقوط قذيفة صاروخية على منزلهما بمنطقة بوعطني في بنغازي بالإضافة الي الحادث الإرهابي الذي تعرض له المصريين في ليبيا من قبل داعش وهو مقتل 21 مصرياً من المقيمين في ليبيا، وقد جاءت زيارة مسئولين أمنين ليبيين لمصر– رئيس الأركان ورئيس المخابرات – خلال أسبوع واحد كدليل على مدى الخطر الداهم الذي يهدد الحدود المصرية، وضرورة التنسيق الأمني بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالمعابر الحدودية المشتركة، ومنع تسلل عناصر إرهابية إلى داخل العمق المصري، والسيطرة على علميات تهريب الأسلحة إلى الميليشيات المتناحرة في ليبيا، فضلاً عن حركة التجارة والاستثمارات بين البلدين44.

تحول بعض مناطق شرق ليبيا التي تسيطر عليها جماعات جهادية إلى ملاذ أو معبر آمن لبعض المنتمين للتيارات الإسلامية المعارضة للسلطة في مصر بعد 30 يونيو:

وفي هذا السياق، يمكن فهم التقارير التي تشير إلى أن هروب القيادي الإسلامي المصري عاصم عبد الماجد المطلوب أمنياً إلى قطر تم عبر ليبيا، كما أنه تم القبض على القيادي صفوت حجازي في مرسى مطروح قبل الهروب إلى ليبيا، ومن هنا فإن الشرق الليبي مرشح ليكون مخزناً جهادياً ومصباً للتيارات الجهادية يعمّق الأزمات الأمنية في مصر والمنطقة ككل خاصة في ظل تورط الجماعات الجهادية في تدريب عناصر متشددة للجهاد في سوريا، وشمالي مالي، وإقامة تشابكات مع حركات جهادية في مصر والمغرب العربي ومنطقة الساحل والصحراء بشكل عام45.

-       الارتباطات الإخوانية – الجهادية للضغط على السلطات في البلدين:

نتيجة إسقاط إخوان مصر في الموجة الثورية لـ30 يونيو خلفت اتجاهاً لدى جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا وذراعها السياسي العدالة والبناء إلى تأمين نفسها عبر  صياغة تحالفات مع مليشيات مسلحة خاصة في مصراته لكسر معادلة توازن الضعف مع الزنتان والليبراليين والسيطرة على طرابلس، هذا من جانب، ومن جانب أخر، ممارسة تأثير غير مباشر أو تحريضي للجهاديين المسلحين في الشرق لمواجهة معارضي المشروع الإسلامي خاصة بعد تنامي ظاهرة الاغتيال للمعارضين لحزب العدالة والبناء (نموذج اغتيال عبد السلام المسماري)، والضغط في الوقت نفسه على المصالح المصرية لتحجيم امتداد نموذج إسقاط إخوان مصر إلى ليبيا، خاصة أن المسئول العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بشير الكبتي حذر من محاولة استدعاء المشهد المصري إلى ليبيا حيث ستكون له نتائج كارثية، لأن الشعب في ليبيا مسلح، ولعل ذلك الارتباط الإخواني  مع مليشيات مسلحة لتأمين موقف الأولى سياسياً، يشير إلى التطور الذي طرأ على الفكر الإخواني أيضاً في مصر عبر ممارسة تحريضية للجماعات الجهادية لشن عمليات إرهابية ضد السلطات المصرية في سيناء46.

كما رصدت أيضًا أجهزة المخابرات المصرية تشكيل مجموعات إرهابية جديدة في ليبيا بالقرب من الحدود مع مصر تحت إشراف أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، بهدف اقتحام الحدود المصرية ومحاربة الجيش المصري، وتسعى هذه المجموعات لزيادة عناصرها إلى 15 ألف مسلح منها مجموعة إرهابية مصرية تابعة لجماعة الإخوان تتلقى تدريبات عسكرية في منطقة «الخبطة»، التابعة لمدينة درنة، وقد حصلت أجهزة المخابرات على رسائل الظواهري للمجموعات الإرهابية التي أطلق عليها «الجيش الفاتح» تحثهم على «تجهيز أنفسهم لغزو مصر وتحريرها من السلطة الكافرة، وقال في إحداها إن هناك العديد من الجهات تدعم الجيش الفاتح بالمال وأحدث الأسلحة، وأن عمليتهم الأولى ستكون تهريب قيادات الإخوان وفي مقدمتهم مرسي ومحمد بديع مرشد تنظيم الإخوان السابق، كما كشفت هذه الرسائل عن أن أكثر من 500 مسلح ينضمون الآن تحت مسمى (الجيش الفاتح) أغلبهم من عناصر الإخوان والجماعات التكفيرية التي هربت من مصر عبر الحدود بعد عزل محمد مرسي، إضافة إلى عناصر من دول عربية، وهو الأمر الذي أدى إلى تعزيز قوات الجيش المصري على الشريط الحدودي الغربي، فضلًا عن الاستعانة بالقوات الخاصة وطائرات الاستطلاع والدوريات المكثفة47.

وبالتالي فإن مدى الحدة التي تأخذها تلك التأثيرات والتفاعلات على الأمن القومي المصري ستحدد في ضوء المسارات المحتملة التي تأخذها الدولة الليبية نفسها بعد الثورة، والتي تتراوح ما بين فيدرالية مناطقية ( فزان، طرابلس، بنغازي)، أو مركزية هشة تكرس وضعية توازن الضعف القائمة في ليبيا أو دولة منزوعة السيطرة على مناطقها، وهو السيناريو الأخطر الذي قد يرفع من مخاطر تهديد الأمن القومي المصري ويفرض على السلطات المصرية مجموعة من التحركات الأساسية بخلاف الإجراءات الأمنية الحالية لضبط الحدود ومنع تسرب السلاح خاصة إلى سيناء، وأولها التأكيد على أهمية حماية الدولة الليبية من التفكك، لاسيما أن بقاء ليبيا موحدة دون تفكك يقلل من المخاطر المحتملة على الأمن القومي المصري، وثانيها الدخول المصري كطرف فاعل في توازنات الشرق الليبي، بما يحجم من قدرة الجماعات الجهادية على التأثير على المصالح المصرية، وثالثها دعم السلطات الانتقالية، خاصة فيما يتعلق ببناء أجهزة أمنية مركزية تحد من تأثير الجهاديين المسلحين48.

ثالثًا: الموقف المصري تجاه الازمة الليبية منذ 2011:

يقوم الموقف المصري الراهن من الأزمة الليبية على ثلاثة عناصر أساسية:

أولًا: أن ليبيا تشكِّل مصدر خطر وتهديد ليس للأمن القومي المصري فحسب بل للمنطقة كلها وللمجتمع الدولي بالنظر إلى أنها تواجه مخاطر سقوط الدولة ما قد يحولها إلى بؤرة للتطرف والإرهاب، ثانيًا: أن مواجهة هذا الخطر يتطلب دعم المؤسسات الليبية الشرعية ومساعدتها للوقوف في وجه تنامي الجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة ومنها ولاية طرابلس التي أصبحت واقعًا في ليبيا، ثالثًا: أنه لا يوجد تعارض بين دعم الحل السياسي للأزمة الليبية ودعم وبناء قدرات المؤسسات الشرعية للدولة من خلال تسليح القوات التابعة لحكومة الثني لتكون أكثر قدرة على مواجهة خطر تنظيمات الدولة والقاعدة49.

وبالرغم من أن هذا الموقف ينطلق من رؤية تبدو منطقية ولاسيما فيما يتعلق بصعوبة المراهنة فقط على الحل السياسي دون اتخاذ خطوات عاجلة لمواجهة تنامي خطر ولاية طرابلس في ليبيا، فإنه يصطدم بمعارضة وتحفظ دوليين؛ فالقوى الدولية من ناحية تتفق مع القاهرة في أن الوضع الراهن في ليببا يشكِّل خطرًا أمنيًّا متزايدًا لكنها ترى من ناحية أخري أن مواجهة ذلك يكون عبر الحل السياسي للأزمة وليس تسليح أي من طرفي الصراع، كما تطالب مصر، لأن ذلك لا يساعد على حل الأزمة بقدر ما يطيل من أمدها، وبالتالي فإن هذا الوضع يفرض قيودًا وكوابح أمام الدور المصري في ليبيا، فمن ناحية لا تملك مصر، رفاهية الابتعاد عما يجري على الساحة الليبية أو اتخاذ موقف المتفرج من هذه التطورات، ومن ناحية أخرى لا تملك الكثير من الأوراق التي تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها وحماية مصالحها الأمنية والاستراتيجية بدون توافق دولي وإقليمي لاسيما أن التحرك المنفرد يحمل مخاطر لا تقل أثرًا عن التهديدات المباشرة التي يشكِّلها الوضع الراهن50.

                لا يمكن تصور غياب مصر عن الساحة الليبية بالنظر إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ والمصالح المشتركة بين البلدين والشعبين، وكلها حقائق تفرض أن تظل القاهرة لاعبًا أساسيًّا في ليبيا دفاعًا عن مصالحها الحيوية وتأثيرًا فيما تراه عمقها الاستراتيجي الذي تؤثر فيه وتتأثر به، ومن هنا فإن الجدل لا ينصب على أن يكون لمصر دور في الأزمة من عدمه، بل يتمحور حول طبيعة هذا الدور والمقاربة التي تعتمدها القيادة المصرية حاليًا في تعاطيها مع هذا الملف بكل تعقيداته السياسية ومخاطره الأمنية، وفي هذا السياق فإن مصر بقدر ما لديها من أوراق وفرص للتأثير في الملف الليبي فإن هذه الفرص قد تتحول لمخاطر وأعباء وخاصةً اذا تم إساءة استغلالها، هذا بالإضافة الي أن الرؤية المصرية للوضع الليبي تصطدم بعدد من التحديات51.

ويمكن التوقف عند عدد من نقاط القوة التي يستند إليها الموقف المصري في ليبيا:

-     عامل الجغرافيا الذي يجعل من مصر لاعبًا أساسيًّا في كل ما يجري على الساحة الليبية تأثيرًا وتأثرًا؛ فمصر بحكم عوامل الجغرافيا والجوار والعلاقات التاريخية بين الشعبين والمصالح المشتركة تملك أوراقًا كثيرة للتأثير في الساحة الليبية بقدر ما تجعلها عرضة للتأثر بما يجري فيها52.

-     يحظى الدور المصري بمباركة ومساندة وتأييد مؤسسات الدولة الليبية المعترف بها دوليًّا والمتمثلة في برلمان طبرق والحكومة الليبية المنبثقة عنه، وهو تأييد بالغ الأهمية ويسمح لمصر بالتحرك على الساحة الليبية بشكل أكبر وقد ظهر ذلك بوضوح في التنسيق العسكري بين الطرفين لاسيما خلال الغارة الجوية التي شنَّها الطيران المصري على ليبيا والتي تمت بتنسيق كامل مع قيادة القوات التابعة للحكومة الليبية والتي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر قائد عملية الكرامة، كما أن القاهرة تراهن على قدرة القوات التي يقودها حفتر على حسم الصراع عسكريًّا في مواجهة الجماعات المسلحة الأخرى وخصوصًا قوات فجر ليبيا التابعة للحكومة الموجودة في طرابلس53.

-     تملك مصر ورقة مهمة على الساحة الليبية وهي ورقة العمالة التي يمكن أن تستخدمها مبررًا مشروعًا للتدخل في ليبيا دفاعًا عن مصالح وأرواح مواطنيها هناك والذين يزيد عددهم عن المليون عامل في مواجهة التهديدات والمخاطر، وهي مخاطر حقيقية بالنظر لتكرار حوادث الاعتداء التي يتعرض لها هؤلاء العُمَّال نتيجة الأوضاع الأمنية الخطيرة في ليبيا54.

-     ورقة الحرب على تنظيم الدولة في ليبيا وما يشكِّله من خطر داهم على المنطقة والمصالح الغربية والأوروبية بشكل خاص، وبالتالي ستتضاعف أهمية هذه الورقة إذا ما تصاعدت عمليات التنظيم في الأراضي الليبية أو استهدفت مصالح دول غربية أخرى إذ إن ذلك سيصب في صالح تدعيم الموقف المصري55.

-     تملك مصر أحد أكبر الجيوش في المنطقة وبإمكانيات قتالية ضخمة ما يتيح له فرصة التدخل على الساحة الليبية إذا ما تفاقمت الأوضاع بشكل خطير.

-     رأي عام محلي مؤيد يمكن أن يشكِّل غطاء شعبيًّا تستخدمه السلطة في حربها على تنظيم الدولة في ليبيا؛ حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بصيرة أن 85% من المصريين يؤيدون الضربة الجوية التي وجَّهتها مصر لمواقع تنظيم الدولة، وأن 76% يؤيدون مواصلة الضربات للقضاء على خطر هذا التنظيم56.

وفي هذا السياق تحمل كل هذه الفرص في طياتها مخاطر بذات القدر لاسيما وأن المقاربة المصرية تجاه الأزمة بالإضافة إلى عوامل خارجية أخرى قد تحوِّل هذه الفرص لمخاطر؛ فاعتبارات الجغرافيا وإن كانت تصب في مصلحة الدور المصري في ليبيا فإنها تصبح عبئًا لاسيما إذا استمر التدهور الأمني والسياسي وما يشكِّله ذلك من تحد أمني لمصر بالنظر للحدود المشتركة والممتدة بين البلدين والتي قد تتحول مصدر تهديد مباشر ليس فقط كممر لتهريب السلاح الليبي إلى داخل الأراضي المصرية، بل قد تشهد موجات نزوح لليبيين نحو مصر في حال استعرت نار المواجهة والاقتتال بين الأطراف الليبية خصوصًا في المناطق الشرقية وما يعنيه ذلك من أعباء إضافية على الجانب المصري، أما تأييد ودعم الحكومة الليبية الشرعية للدور المصري فإنه بقدر ما يمنح القاهرة نقطة قوة فإنه يخصم منها نقاطًا أخرى إذ يجعلها، في نظر الطرف الآخر من طرفي الأزمة، خصمًا ويُفقدها القدرة على أن تكون وسيطًا مقبولًا وقادرًا على فتح قنوات اتصال مع الجميع57.

وفضلًا عن أن الرهان على قدرة قوات حفتر على حسم الموقف عسكريًّا يتغافل حقيقة أن ميزان القوى بين حفتر وخصومه من قوات فجر ليبيا يكاد يكون متعادلًا، فإن هذا الموقف قد تكون له تأثيراته السلبية على مصالح مصر في ليبيا على المدى البعيد، لاسيما إذا استمرت موازين القوى على حالها أو إذا ما تغيرت موازين القوى لصالح الطرف الذي تناصبه مصر العداء، وحتى ورقة العمالة بقدر ما تسوِّغ لمصر الحق في التدخل دفاعًا عن أبنائها، فإن الاندفاع والتدخل غير المحسوب قد يفاقم التهديدات التي يتعرض لها هؤلاء العمال والذين قد يصبحون هدفًا لعمليات انتقامية متزايدة من جانب الأطراف الساخطة أو الرافضة للتدخل المصري في ليبيا.

 أما ورقة الحرب على تنظيم الدولة، على أهميتها وخطورتها بالفعل، فإنها لم تفلح حتى الآن على الأقل، في إقناع المجتمع الدولي بالاستجابة لمطالبة مصر بالتدخل لمواجهة خطر التنظيم على الساحة الليبية، أو حتى الموافقة على رفع حظر السلاح المفروض على القوات التابعة لحكومة طبرق، وإذا كانت الحرب على تنظيم الدولة قد تتيح للقاهرة فرصة للتحرك على الساحة الليبية فإن تصاعد خطر هذا التنظيم واحتمالات انتشاره وجذبه لمزيد من العناصر الخارجية سيشكِّل تحديًا أمنيًّا كبيرًا لمصر ومصالحها، أما القدرات العسكرية فإنها لا تبدو حاسمة في هذا الملف لأن الوضع في ليبيا ومع تنامي خطر الجماعات الجهادية لا تفيد معه كثيرًا الحروب النظامية ولا القدرات العسكرية التقليدية بقدر ما يتطلب خبرات في العمليات القتالية غير النظامية في المدن والشوارع، أما الرأي العام المحلي المؤيد فإنه قد يتغير بل وربما ينقلب في حال تصاعدت عمليات تنظيم الدولة ضد العمال والمصالح المصرية في ليبيا ولم تستطع السلطة في مصر اتخاذ مزيد من الإجراءات والخطوات لمنع هذا الخطر.

وبالتالي أصبحت التطورات الأخيرة على الساحة الليبية باتت تشكِّل تهديدًا أمنيًّا لمصر على مستويات متعددة خاصة بعد التدخل العسكري التركي في ليبيا:

أولها: الجماعات الجهادية المنتشرة في شرق ليبيا المتاخم للحدود المصرية وخصوصًا تنظيم الدولة الإسلامية. والثاني: السلاح المنتشر في ليبيا والذي يتم تهريب كميات كبيرة منه لداخل الأراضي المصرية.

أما التهديد الثالث: فيتمثل في المخاطر التي باتت تحيط بالعمالة المصرية والتي يفوق تعدادها المليون عامل ينتمون في معظمهم للطبقات الفقيرة وهؤلاء يتعرضون للتهديد بالانتقام والخطف على يد الجماعات الجهادية بالإضافة إلى احتمال تجنيد بعضهم من قبل هذه الجماعات للقيام بأعمال مسلحة داخل الساحة المصرية.

-      الرد العسكري المصري وما بعده من دلالات وأهداف:

وفي هذا السياق قد شكلت الغارات الجوية المصرية في درنة شرقي ليبيا في السادس عشر من فبراير 2015- بعد ساعات من بث تنظيم "داعش" تسجيل فيديو يُظهر ذبح 21 عاملا مصريّا مسيحيّا- تطورا ًنوعياً في نمط المواجهة المصرية للتهديدات المتصاعدة من الجوار الليبي، إذ انتقلت القاهرة بهذا الرد إلى مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة للتهديدات الليبية خاصةً أن عملية ذبح الأقباط المصريين في ليبيا على يد ولاية طرابلس شكَّلت الاختبار الأهم والأصعب ربما للسلطة الحالية في مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي فيما يخص سياستها الخارجية في المنطقة عمومًا وتجاه ليبيا بشكل خاص، فإنها لم تكن الأولى التي تستهدف العمال والمصالح المصرية في ليبيا حيث كانت المرة الأولى في عام 1977، عندما تدخلت مصر عسكريا بشكل محدود شرقي ليبيا، على خلفية محاولات نظام القذافي آنذاك اقتحام الحدود الغربية المصرية. وقد اعقبها عمليات خطف وقتل طالت عددًا منهم فضلًا عن خطف عدد من الدبلوماسيين بالسفارة المصرية في طرابلس، كما سبقتها عملية الهجوم على نقطة لحرس الحدود المصري في منطقة الفرافرة في شهر أكتوبر من العام الماضي والتي قُتل خلالها أكثر من عشرين جنديًّا مصريًّا، وهي العملية التي تحدثت مصادر أمنية عن أن منفذيها جاؤوا من الأراضي الليبية.

 خريطة رقم (1) توضح نجاح القوات المسلحة المصرية في شن هجوم على تنظيم داعش

المصدر: www.youm7.com   

وهذه الخريطة تعبر عن  نجاح القوات المسلحة المصرية في شن هجوم شرس لدك معاقل تنظيم داعش الإرهابي المتمركزة داخل الأراضي الليبية، وذلك بعدما بث التنظيم مقطعا لفيديو أظهر ذبح 21 مصريا على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مدينة سرت الليبية، وبالتالي أجريت اتصالات مكثفة بين الرئيس "عبد الفتاح السيسي" وخلية الأزمة المشكلة لمتابعة الموقف، وكانت المهمة هي وضع سيناريوهات التعامل مع هذا الحادث الإرهابي الخسيس، وتم تنفيذ الضربة الجوية وذلك من قبل مقاتلات طراز إف 16 بلوك 52  وهى من أحدث الطائرات الموجودة في صفوف القوات الجوية المصرية، حيث هبطت 6 مقاتلات من طراز إف 16 بلوك 52 في مطار مطروح العسكري، وصدرت تعليمات بالتحرك لإجراء العملية العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي، وصلت المقاتلات المصرية إلى مدينة درنة الليبية، حيث وجهت ضربات عنيفة لمعاقل البؤر الإرهابية الموجودة على الأراضي الليبية، ونجحت بنسبة 100%.

وبالرغم من تباين السياقات الداخلية والخارجية في حالتي اللجوء للخيار العسكري المباشر في العلاقات المصرية-الليبية، فإن استخدامه ارتبط بفترات التأزم الشديد في توجهات النظامين الحاكمين، وتصاعد التهديدات للأمن القومي، ففي الحالة الأولى فقد جاء الرد العسكري المصري لنظام السادات، وذلك بعد قصف القذافي مناطق حدودية في غرب مصر في سياق الاستقطابان الإقليمية والدولية، عقب الحرب الباردة، بينما الأخيرة، وبالرغم من أن الحادث تعلق باستهداف مصريين داخل ليبيا، فإن طبيعته الطائفية، وما أثاره من غضب داخلي يتعلق بالنسيج الوطني، دفعا القاهرة للنظر له كـ"تهديد حاد" لأمنها القومي يستوجب ردا عسكريا فوريا.

وفي هذا السياق اختلف الرد العسكري المصري الأخير من حيث فحواه وحدوده، بل وردود الفعل حوله فلقد اقتصر على هجمات جوية مصرية –وذلك بالتنسيق مع القوات الجوية الليبية الموالية لحكومة طبرق- على مدينة درنة التي تعد معقلاً للجماعات الدينية المسلحة في شرقي ليبيا، مع التلويح بعدها بحق مصر في "التصدي بكل حسم لأي محاولات تستهدف أمنها القومي"، وقد تبع ذلك تحرك مصري على صعيد مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة الأربعاء 18 فبراير 2015 لطلب رفع حظر السلاح عن حكومة طبرق، ومساعدتها في بناء جيشها، حتى تتمكن من التعامل مع الجماعات المتطرفة، بخلاف طلب آخر يتعلق بتشديد الرقابة البحرية والجوية على منع وصول السلاح إلى كافة الميليشيات غير الحكومية، والأطراف غير المنتمية للدولة الليبية58.

وقد تم ملاحظة أن الطلبين المصريين -اللذين عبر عنهما وزير خارجية مصر في ذلك الوقت، "سامح شكري" في مجلس الأمن- لم يتضمنا ما طرحه الرئيس السيسي مع بداية الأزمة، عندما دعا بعد القصف الجوي، في مقابلة بثتها إذاعة أوروبا 1 الفرنسية، الثلاثاء 17 فبراير 2015، إلى استصدار قرار من الأمم المتحدة يمنح تفويضًا بتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا، وبالرغم من الإدانات الإقليمية والدولية لمقتل المصريين في ليبيا، فإن الطلبات المصرية لم تلقَ استجابة القوى الكبرى، والأمم المتحدة التي اتخذت اتجاهًا مغايراً يفضل الحوار السياسي على الحل العسكري، كمدخل لمعالجة الأزمة الليبية، وهو ما يضع تحديات أمام السياسة المصرية تجاه ليبيا في المرحلة المقبلة.

-      االتدخل العسكري التركي في ليبيا:

أصبحت السياسة الخارجية التركية متخمة بالعديد من الأزمات المتشابكة اقليمياً ودولياً فاستراتيجية القوة الناعمة التي كانت تتبعها السياسة التركية وفقاً لنظرية "صفر مشاكل" التي ابتكرها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو تحولت الى قوة خشنة تسببت في الكثير من الأزمات وبالتالي لم يكن مستغرباً اتهام تركيا في تقرير الأمم المتحدة في نوفمبر 2019 بانتهاك حظر السلاح المفروض على ليبيا اذ أعقب ابرام مذكرتي تفاهم بين تركيا وحكومة الوفاق في اواخر نوفمبر 2019 حول التعاون الأمني والحدود البحرية وكان قد سبق ذلك بعدة أشهر اعلان الرئيس رجب طيب أردوغان في يونيو من هذا العام تقديم مساعدات عسكرية لحكومة الوفاق الليبي برئاسة فايز السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي خلال معركة طرابلس منذ نشوبها في ابريل 2019 وذلك بهدف خلق توازن عسكري وبرر حينها أردوغان ذلك الأمر بأنه نتاج اتفاق عسكري مع تلك الحكومة الليبية المعترف بها أممياً.

وفي هذا السياق وحتى قبل هذا الاعتراف العلني لأردوغان بدت الشواهد متواترة على الدعم العسكري التركي الكثيف لحكومة الوفاق عندما تم رصد العديد من شحنات السلاح التركي في الموانئ الليبية خلال عامي 2018 و 2019 وهو ما برز جلياً في استخدام الميليشيات المسلحة في معركة طرابلس المدرعات التركية والطائرات بدون طيار بل ان ثمة تقارير تشير الى وجود مستشارين عسكريين أتراك يوجهون العمليات العسكرية في معركة العاصمة التي أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن هدفه هو تحريرها من الميليشيات وجماعات الارهاب.

كما يتمتع أردوغان وحكومته بعلاقات قوية مع ميليشيات مسلحة ليبية تتراوح ما بين الدعم والتنسيق إلى الإمداد بالمعدات والأسلحة العسكرية وعلى رأس هذه الميليشيات المجموعات التابعة لجماعة الإخوان وكتائب مصراتة، فضلا عن العلاقات الوثيقة مع قادة الجماعة الليبية المقاتلة وكتيبة النواصي ولواء الحلبوصي وميلشيات أسامة الجويلي وقوة الردع والتدخل المشتركة محور أبو سليم وميليشيات فجر ليبيا وغيرها من الميليشيات التي تقاتل ضد قوات الجيش الوطني الليبي بدعم تركي وقطري، تستهدف تركيا من علاقتها مع هذه الكتائب والميليشيات الحرب بالوكالة حيث تدعم حكومة أردوغان الميليشيات الليبية المسلحة لتحقيق أهدافها فهي من جهة تسعى إلى أن تكون أحد الفاعلين السياسيين في الأزمة الليبية ومن جهة أخرى تحاول قدر الإمكان البعد عن تحمل الخسائر البشرية للمعارك.

·       قيام تركيا بإعادة توظيف المقاتلين السوريين:

لا يعتبر التوظيف التركي للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية النشطة بسوريا في ليبيا جديداً وربما كل ما يختلف الآن هو التوسع في هذا التدفق بجانب التواجد العسكري التركي النظامي المتوقع، ففي يونيو 2019 عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من تدفق الإرهابيين إلى ليبيا من إدلب السورية وذلك على ضوء تقارير ومعلومات كانت قد تحدثت عن نقل الأمير السابق للجماعة الليبية المقاتلة عبد الكريم بلحاج عبر شركة "الأجنحة الليبية" لعناصر إرهابية مسلحة من إدلب إلى ليبيا، وأشارت عدة تقارير غربية إلى عمل حكومة الوفاق على استجلاب ما تبقى من إرهابيين في سوريا عبر تركيا كما أكدت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب بطبرق مايو 2019 وصول إرهابيين تابعين لجبهة النصرة من إدلب السورية ينتمون للقتال إلى جانب قوات الوفاق بجهود تركية.

وقد بدأت تركيا منذ 25 ديسمبر 2019 بدأت في تسيير رحلات يومية ليلية من إسطنبول إلى ليبيا بمعدل رحلتين إلى أربع رحلات تابعة لشركات هي (الأفريقية – الأجنحة الليبية – البراق) في اتجاه طرابلس ومصراتة وذلك لنقل عناصر مسلحة وإرهابية من تلك التي كانت تقاتل الجيش السوري إلى حيث تدعم حكومة الوفاق وتعوض خسائرها البشرية وتقاتل الجيش الليبي، وفي هذا السياق فقد كانت أنباء تحدثت عن عقد اجتماعات بين عدد من كبار الضبّاط الأتراك عقدوا مع ضبّاط تابعين لرئاسة أركان حكومة الوفاق في طرابلس تلتها اجتماعات بين ضبّاط من المخابرات التركية وقياديين من أبرز الفصائل المسلّحة الموالية لتركيا في الشمال السوري، كما تعد غالبية هذه العناصر من القومية التركمانية وأفراد من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا وقد اختاروا الذهاب للقتال في ليبيا مقابل وعود بمرتبات شهرية مجزية وخدمات الإعاشة والسَكن التي ستقدّمها لهم حكومة الوفاق في طرابلس بالإضافة إلى منحهم الجنسية التركية.

تشير تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن 300 من المرتزقة وصلوا بالفعل إلى الأراضي الليبية فيما وصل 1600 مرتزق إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريبات والتجهيز للسفر وهؤلاء المقاتلين من فصائل "السلطان مراد" و"سليمان شاه" و"لواء المعتصم" وهو ما يعد جريمة طبقا للقانون الدولي الذي يمنع تجنيد المرتزقة واستخدامهم في القيام بأعمال مسلحة أو إرهابية وذلك في ضوء الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، بالتالي يحقق هذا الأمر لتركيا هدفين يتمثل الهدف الأول في حل مشكلة تدفق هذه العناصر المسلحة لتركيا إذا ما نجح الجيش السوري في إكمال سيطرته على أراضي الشمال مما يخلق عبئاً على الداخل التركي، يتمثل الهدف الثاني في دعم حكومة السراج وتحقيق نفوذ تركي أكبر في ليبيا.

-      الموقف المصري من التدخل العسكري التركي في ليبيا:

تحاول تركيا حصار مصر ومصالحها بالوكلاء أو بالتحالفات ويتجلى ذلك في محاولة اردوغان استخدام ما يسمي بحكومة الوفاق المداعاة  في غرب ليبيا من خلال الاتفاقيتين التي وقعتهما تركيا مع حكومة طرابلس سواء فيما يتعلق بالتعاون الأمني والتي تعتبر استباحة لأراضي الدولة الليبية وأجواءها وموانئها ومياهها الاقليمية من قبل الجيش التركي، اما فيما يتعلق  بترسيم الحدود البحرية والتي اعتبرها رئيس البرلمان الليبي باطلة لعدة أسباب منها أن ليبيا وتركيا لا تربطهما حدود بحرية مشتركة ونلاحظ ان هذا الاتفاق يمثل مشكلة جسيمة لمصر لان ليبيا دولة جوار بالنسبة لمصر وتربطهما حدود طويلة وبالتالي تواجد شخص مثل أردوغان وتوجهاته المضادة لمصر سيكون لها تأثير علي الأمن القومي المصري لاسيما ان الرئيس التركي يساعد المليشيات ويقوم بتسليح جماعات معادية لمصر وهو يعلم ان مصر هي مركز الثقل بالنسبة للدول العربية، بالتالي فإن الهدف من هذه الاتفاقية هو التنقيب عن الغاز في البحر الابيض المتوسط وتقويض النظام القانوني الذي تسعى مصر الى ارسائه في المنطقة فضلا عن محاولة حصار المصالح المصرية من خلال ادعاء نطاق حاجز بين المنطقتين الخالصتين لكل من مصر وقبرص والمنطقة الخالصة لتركيا.

وفي هذا السياق ادانت مصر بأشد العبارات 9/1/2020، خطوة تمرير البرلمان التركي المذكرة المقدمة من الرئيس التركي بتفويضه لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، واعتبرت أن هذه الخطوة "تأسيس على مذكرة التفاهم الباطلة الموقعة في إسطنبول بتاريخ 27 نوفمبر 2019 بين فايز السراج والحكومة التركية حول التعاون الأمني والعسكري" 72.

وأكد بيان للخارجية المصرية أن خطوة البرلمان التركي انتهاك لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ، وبالأخص القرار (1970) لسنة 2011 الذي أنشأ لجنة عقوبات ليبيا وحظر توريد الأسلحة والتعاون العسكري معها إلا بموافقة لجنة العقوبات.

وجددت مصر اعتراضها على مذكرتي التفاهم الباطلتين الموقعتين مؤخراً بين الجانب التركي والسراج، وعدم الاعتراف بأي إجراءات أو تصرفات أو آثار قانونية قد تنشأ عنهما، نتيجة مخالفة إجراءات إبرامهما للاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات في ديسمبر 2015، وبالأخص المادة الثامنة التي لم تخول السراج صلاحية توقيع الاتفاقيات بشكل منفرد، وخولت في ذلك المجلس الرئاسي مجتمعاً، واشترطت مصادقة مجلس النواب على الاتفاقيات التي يبرمها المجلس الرئاسي، كما قامت مصر بالتحذير من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وتؤكد أن مثل هذا التدخل سيؤثر سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسؤولية ذلك كاملة.

وفي هذا السياق قد شدد بيان الخارجية المصرية على وحدة الموقف العربي الرافض لأي تدخل خارجي في ليبيا، والذي اعتمده مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه يوم 31 ديسمبر 2019، وتذكر بالدور الخطير الذي تلعبه تركيا بدعمها للتنظيمات الإرهابية وقيامها بنقل عناصر متطرفة من سوريا إلى ليبيا، مما يُبرز الحاجة المُلحة لدعم استعادة منطق الدولة الوطنية ومؤسساتها في ليبيا مقابل منطق الميليشيات والجماعات المسلحة الذي تدعمه تركيا ويعوق عودة الاستقرار في هذا البلد العربي، فضلاً عن أي احتمال للتدخل العسكري التركي في ليبيا باعتبار أن هذا التطور إنما يهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة، والأمن القومي المصري بصفة خاصة، مما يستوجب اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء مثل هذه التهديدات75.

كما قامت مصر بدعوة المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته بشكل عاجل في التصدي لهذا التطور، المنذر بالتصعيد الإقليمي، وآثاره الوخيمة على جهود التوصل عبر عملية برلين لتسوية شاملة وقابلة للتنفيذ تقوم على معالجة كافة جوانب الأزمة الليبية من خلال المسار الأممي.

·       اعلان القاهرة لتسوية الازمة الليبية:

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن مبادرة جديدة تحت اسم "إعلان القاهرة" لحل الأزمة الليبية، التي تم التوصل إليها مع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح خاصة بعد تحول نظام القوة في ليبيا في غير صالح الخليفة حفتر وسيطرة حكومة الوفاق بدعم من تركيا على كافة الاراضي الليبية، قد تم وصف المبادرة الجديدة بأنها "سياسية ومشتركة وشاملة"، وقد شدد الرئيس السيسي على أنه "إذا صدقت نوايا الجميع ستكون بداية مرحلة جديدة لعودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا"، وأضاف: "لا يممكن أن يكون هناك استقرار في ليبيا إلا إذا وحدنا تسوية سلمية للأزمة، تتضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية، وتكون قادرة على الاطلاع بمسؤولياتها تجاه الشعب الليبي"، كما أكد على أنه من الضروري أن "تتيح التسوية السلمية توزيعا عادلا وشفافا للثروات الليبية على كافة المواطنين، وتحول دون تسربها لأيدي من يستخدمونها ضد الدولة الليبية".

وفيما يلي البنود التي شملها "إعلان القاهرة" لحل الأزمة الليبية:

-     التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن، والتزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من 8 يونيو الجاري.

-     ارتكاز المبادرة على مخرجات مؤتمر برلين، التي نتج عنها حلا سياسيا شاملا يتضمن خطوات تنفيذية واضحة (المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية)، واحترام حقوق الإنسان، واستثمار ما انبثق عن المؤتمر من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية.

-     استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، وقيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، حتى تتمكن القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها ومهامها العسكرية والأمنية في البلاد.

·       الموقف الدولي والعربي من "اعلان القاهرة":

-     بالنسبة للموقف الدولي: قامت كلا من (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، اليونان، بريطانيا، مجلس الامن القومي الامريكي، ايطاليا، النرويج، المانيا) بإعلان دعمهم للمبادرة المصرية التي تهدف الى وقف اطلاق النار، انهاء الصراع المسلح في ليبيا.

-     بالنسبة للموقف العربي: قامت كلا من (السعودية، الامارات، الكويت، الاردن، البرلمان العربي، البحرين، الجامعة العربية) بإعلان دعمهم ايضًا للمبادرة المصرية التي تهدف الى وقف اطلاق النار، انهاء الصراع المسلح في ليبيا59.

خاتمة

تشكل الأزمة الليبية المضطربة، منذ سقوط نظام القذافي حتى التدخل العسكري التركي في ليبيا، قلقا أمنيا متصاعدا لمصر، لاسيما في ضوء بزوغ مجموعة من التهديدات ذات الطابع الممتد والمتداخل على جانبي الحدود، مثل وجود بؤر "جهادية" مسلحة في شرق ليبيا، فضلا عن تصاعد معدلات الجريمة المنظمة (تهريب سلاح، هجرة غير شرعية، غيرها)، ونشوء نزعات انفصالية في الشرق الليبي.

ويظل التعاطي المصري مع التهديدات الليبية ينبغي أن ينطلق من الموازنة بين عدة أمور، أولها المصالح داخل هذا البلد، ثانيها طبيعة التهديدات، ونطاق انتشارها، وآخرها إعادة رسم السياسة المصرية بشكل عام تجاه دول الجوار، بما يضمن تأثيراً مصرياً في التفاعلات الداخلية لهذه الدول، قبل التفكير في اللجوء إلى التدخل العسكري.

وبالتالي فهناك مجموعة من السيناريوهات المحتملة للتحرك المصري في مواجهة التحدي الأمني [1]والسياسي الذي تشكِّله الأزمة الليبية:

-     أولاً: الحل السياسي وذلك من خلال العمل على إعادة صياغة مقاربة جديدة للتعاطي مع الأزمة الليبية تتفادى الأخطاء السابقة والسعي لفتح قنوات تواصل مع مختلف الأطراف الليبية بما يدعم جهود الحل السياسي للأزمة وهذا ما قامت به الحكومة المصرية من خلال مبادرة اعلان القاهرة لحل الازمة الليبية.

-     ثانيًا: التدخل الجوي عبر شن مزيد من الضربات الجوية ضد معسكرات ومواقع تنظيم الدولة المفترضة في ليبيا، لاستهداف العناصر الجهادية، لكن هذا السيناريو يبدو مكلفًا ماديًّا وسياسيًّا ولا تستطيع مصر أن تقوم به وحدها، فالتدخل المصري بشكل منفرد، حتى وإن كان محدودًا، وبدون غطاء ودعم دولي أو إقليمي من شأنه أن يضع السلطة في مصر في مواجهة المجتمع الدولي في ظل رفض التدخل الأجنبي في ليبيا، ومع ذلك لا يمكن استبعاد هذا السيناريو خصوصًا إذا ما تكررت عمليات تنظيم الدولة ضد المصالح المصرية خاصة بعد التدخل التركي الأخير في ليبيا وما سيعقبه من تهديدات للأمن القومي المصري.

-     ثالثًا: التدخل العسكري الواسع بما فيه التدخل البري وهو سيناريو مستبعد في الوقت الراهن نظرًا لعدم توفر العوامل اللازمة له، وفضلًا عن أنه يتطلب غطاءً دوليًّا غير متوفر وتنسيقًا إقليميًّا يبدو غائبًا، فإن هذا الخيار قد يؤدي لتوريط الجيش المصري في المستنقع الليبي وما قد يشكِّله من استنزاف لموارد وجهود البلد المحدودة خصوصًا أن الجيش يخوض مواجهة لا تقل خطورة مع الجماعات المسلحة في سيناء وفي ظل أزمة اقتصادية متفاقمة.

-     رابعًا: العمل على تشكيل جبهة عربية مصغرة تضم مصر وعددًا من الدول العربية الداعمة لموقفها في المسألة الليبية خاصًة بعد التدخل التركي في ليبيا، وربما بدعم غير معلن من دول مثل إيطاليا وفرنسا وروسيا بما يمنح مصر غطاء دوليًّا وعربيًّا مهمًّا للعمليات العسكرية المصرية المتوقعة، لكن هذا السيناريو تعوقه عقبات كثيرة؛ فالسعودية في ظل قيادتها الجديدة تبدو مشغولة في الملف اليمني، ولا يُتوقع أن تكون الجزائر جزءًا من هذا التحالف، كما لا يُنتظر أن تتحرك إيطاليا وفرنسا في الأزمة دون موافقة أميركية.

وفي هذا السياق يبقى نجاح السيناريو الاول ويشمل اعلان القاهرة واحتمالية نجاحه كبيرة نظرًا لدعم القوى الدولية والعربية له.



 

قائمة المراجع

 

1-      إيهاب شوقي، "الخطر القادم من ليبيا على الامن القومي المصري والعربي"، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، متاح على الرابط التالي:www.ncmes.org,

2-      محمد عاشور مهدي،" قراءة في أسباب الصراع المسلح في ليبيا ومساراته المحتملة "، ( جامعة القاهرة، معهد الدراسات والبحوث الافريقية، 2011)، ص ص 25:30. متاح علي الرابط: www.sis.gov.eg/Newvr/34/9.htm.   

3-           IvoH. Daalder and James G. Stavridis," NATO's Victory in Libya", March/ April 2012, available at: www.foreignaffairs.com

4-      "إردوغان يعلن بدء التدخل العسكري في ليبيا"، متاح على الرابط التالي: https://aawsat.com/home/article/206801

5-      محمد عاشور مهدي، مرجع سبق ذكره.

6-      "أردوغان يعلن بدء التدخل العسكري في ليبيا"، مرجع سبق ذكره.

7-      المرجع السابق.

8-      "قطر تخالف العرب.. وتدعم التدخل التركي بليبيا"، متاح على الرابط www.skynewsarabia.com

9-      المرجع السابق.

10-  جون فلوري،" الأزمة الليبية: معطى جيوبوليتكي جديد"، مركز الجزيرة للدراسات، 2012، متاح على الرابط التالي: www.studies.aljazeera.net

11-  أشرف محمد كشك،" حلف الناتو: من "الشراكة الجديدة" إلى التدخل في الأزمات العربية"، مجلة السياسة الدولية، متاح علي الرابط التالي: www.siyassa.org.eg  

12-  المرجع السابق.

13-   IvoH. Daalder and James G. Stavridis, NATO's Victory in Libya, March/ April 2012, available at: www.foreignaffairs.com

14-   Ibid.

15-   Ibid.

16-  جون فلوري، مرجع سبق ذكره.

17-  زياد عقل،" الأزمة الليبية والتحرك المصري في ظل الأبعاد الإقليمية والدولية"، المعرفة للدراسات الأمنية والاستراتيجية والسياسية، متاح على www.almarefa.strategyboards.com   

18-  خالد حنفي علي، " تأثير الجماعات الجهادية الليبية على الامن القومي المصري"، مجلة أوراق الشرق الاوسط، (العدد 62، يناير-مارس 2014.

19-  المرجع السابق.

20-  المرجع السابق.

21-  زياد عقل، "عسكرة الانتفاضة الفشل الداخلي والتدخل الخارجي في ليبيا"، مجلة السياسة الدولية، (عدد 185، إبريل 2011).

22-  خالد حنفي علي، "تأثير السيناريو المصري على الداخل الليبي بعد 30 يونيو"، مرجع سبق ذكره.

23-  المرجع السابق.

24-  خالد حنفي علي، " تأثير الجماعات الجهادية الليبية على الامن القومي المصري"، مرجع سبق ذكره.

25-  إيهاب شوقى، "الخطر القادم من ليبيا على الامن القومي المصري والعربي، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط"، متاح على الرابط التالي:www.ncmes.orgm

26-  المرجع السابق.

27-  خالد حنفي علي، "تأثير السيناريو المصري على الداخل الليبي بعد 30 يونيو"، مرجع سبق ذكره.

28-  شحاتة عوض، "معاداة الإخوان المسلمين عقبة أمام دور مصر الإقليمي"، مركز الجزيرة للدراسات، 22 أكتوبر 2014، متاح علي الرابط التالي:www.studies.aljazeera.net 

29-  المرجع السابق.

30-  المرجع السابق.

31-  شحاتة عوض،" تواجه مصر وضعًا بالغ التعقيد والصعوبة في تعاطيها مع الأزمة الليبية"، مركز الجزيرة للدراسات، مارس 2015، متاح علي الرابط التالي: www.studies.aljazeera.net 

32-  المرجع السابق، ص3.

33-  خالد حنفي علي،" ما بعد الهجوم الجوي: إلى أين يتجه الدور المصري في الأزمة الليبية"، مجلة السياسة الدولية، متاح علي الرابط التالي: www.elsiyassa.org,

34-  المرجع السابق.

35-  المرجع السابق.

36-  شحاته عوض، مرجع سبق ذكره.

37-  المرجع السابق.

38-  "85 في المائة من المصريين يوافقون على الضربة الجوية ضد داعش في ليبيا"، صحيفة اليوم السابع، 17 فبراير 2015، متاح علي الرابط التالي: www.youm7.com,

39-  الورقة الجزائرية لحل الأزمة الليبية في مواجهة أزمة الشرعية والاندفاع المصري، صحيفة الشروق الجزائرية، 21 فبراير 2015، متاح علي الرابط التالي: www.echoroukonline.com.

40-  خالد حنفي علي، "هل تحتاج مصر إلى تدخل عسكري في ليبيا؟"، مجلة السياسة الدولية، متاح علي الرابط التالي:www.siyassa.org.eg

41-  خالد حنفي علي، ما بعد الهجوم الجوي: إلى أين يتجه الدور المصري في الأزمة الليبية، مرجع سبق ذكره.

42-  حسام سويلم، مرجع سبق ذكره.

43-  مصادر عسكرية للمصري اليوم: الهجوم على الفرافرة نفَّذته عناصر جهادية متسللة من ليبيا، صحيفة المصري اليوم، 8 أكتوبر 2014، متاح علي الرابط التالي  www.elmasryelyoum.com     

44-  خليل العناني، "معضلة السيسي في ليبيا"، صحيفة العربي الجديد، 21 فبراير 2015، متاح علي الرابط التالي www.alaraby.co.uk   

45-  أميرة البربري، "مسارات الخروج من الأزمة الليبية الراهنة"، مجلة السياسة الدولية، متاح على الرابط التالي:           www.siyassa.org.eg

46-  شحاته عوض، مرجع سبق ذكره.

47-  أبو بكر الدسوقي، "تركيا بين الإرث العثماني والعباءة الأيديولوجية"، مجلة السياسة الدولية، (العدد 219،2020)، ص 110.

48-  المرجع السابق.

49-  المرجع السابق.

50-  جاد مصطفى البستاني واخرون، " التدخل التركي في ليبيا وأثره على الأمن القومي المصري"، المرز العربي للبحوث والدراسات، متاح على الرابط التالي: http://www.acrseg.org/

51-  المرجع السابق.

52-  المرجع السابق.

53-  المرجع السابق.

54-  "مجلس الأمن القومي المصري يبحث تهديدات التدخل العسكري التركي في ليبيا"، متاح على الرابط التالي: https://arabic.cnn.com

55-  المرجع السابق.

56-  "مصر: إرسال قوات تركية إلى ليبيا يهدد أمننا القومي"، متاح على الرابط التالي: https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/egypt/2020/01/02

57-  المرجع السابق.

58-  سمير عمر، " بنود إعلان القاهرة لحل الأزمة الليبية سكاي نيوز عربية، متاح علي الرابط التالي: https://www.skynewsarabia.com

59-  المرجع السابق.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟