المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

مخاوف متصاعدة...لماذا ترفض إيران مشاركة العرب في مفاوضتها النووية؟

الأربعاء 05/مايو/2021 - 11:59 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
سعيد جفارى- عرض: مرﭬت زكريا

كشف الكاتب عن أنه عندما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أواخر يناير 2021 إن أي محادثات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني يجب أن تشمل المملكة العربية السعودية ، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ذكر بعض الدول العربية في إطار المحادثات النووية مع إيران.  ففي عامي 2014 و 2015، طالبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة  بالتدخل المباشر  في هذا الأمر، مما أثار رد فعل سلبي من قبل طهران وبعض القوى العالمية. ومع ذلك، فإن تعليق ماكرون كان المرة الأولى التي تدفع فيها دولة غربية شاركت في اتفاق 2015 بالمشاركة العربية. وعليه، استجابت إيران بشكل سريع وسلبي لتصريحات الرئيس الفرنسي؛ حيث قال  المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في مقابلة مع قناة العربية 29 يناير الفائت" إن خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 هي اتفاقية دولية متعددة الأطراف صادق عليها قرار مجلس الأمن رقم 2231، ولا يمكن إعادة التفاوض بشأنها بأي حال من الأحوال، فضلاً عن أن  الأطراف فيها واضحة وغير قابلة للتغيير".

وبعد أيام قليلة، شدد الرئيس حسن روحاني على ذلك، قائلاً:" لن يتغير أي بند من بنود خطة العمل الشاملة المشتركة ولن يتم إضافة أي شخص جديد... ستبقى خطة العمل الشاملة المشتركة كما هي، وهناك وثيقة لمجلس الأمن مرفقة بها من أجل الأسوأ أو الأفضل". مضيفًا:" تفاوضت إيران على الاتفاقية مع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا بالإضافة إلى ألمانيا - المعروفة باسم مجموعة 5 + 1.

ومن هنا، أكد الكاتب على أنه  رغم استناد إيران إلى سابقة قانونية بشأن معارضتها لإشراك الدول العربية في محادثات نووية جديدة محتملة، إلا أن الأمر لا يخلو من بعض الأبعاد السياسية والأمنية، فدمج أعضاء مجلس التعاون الخليجي في محادثات جديدة سيعني إنشاء جبهة إقليمية جديدة واحتمال رفع مطالب غير نووية، مثل الحد من القدرات العسكرية لإيران أو تدخلاتها الإقليمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن قبول مشاركة دول الخليج العربي يعني الاعتراف بالمخاوف السعودية بشأن برنامج إيران النووي والصواريخ الباليستية مع تجاهل مخاوف إيران الإقليمية، ولاسيما فيما يتعلق بالتهديدات المحتملة التي تشكلها الولايات المتحدة - عبر قواعدها العسكرية في المنطقة – وإسرائيل، ففي الوقت الذى تؤكد فيه إيران على إن برنامجها الصاروخي موجه بدقة نحو الدفاع ترى المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في الصواريخ الباليستية الإيرانية تهديدًا لها. وفي السياق ذاته، تضخمت مخاوف إيران بسبب اتفاقيات إبراهيم، التي قامت بموجبها كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

فالقلق الذي تعيشه إسرائيل بسبب وجود الميليشيات المدعومة من إيران على حدودها مع سوريا يشبه مخاوف إيران فيما يتعلق باحتمال فتح إسرائيل جبهة جديدة مع إيران عبر الإمارات؛ حيث تمثل اتفاقات إبراهيم تحولاً في القلق الإقليمي من إسرائيل، بما يعنى أنها باتت تمثل التهديد الأكبر بالنسبة لإيران. كما أن مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي في أي ترتيبات نووية يعني تشكيل تحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران، وهو أمر سعت إليه إدارة ترامب أيضًا من خلال تحالفها الأمني ​​في الشرق الأوسط. لقد ساهمت المملكة العربية السعودية بالفعل في تكوين جبهة معادية لإيران من خلال التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق  بزيادة إنتاج النفط حتى لا يؤدي نقص النفط الإيراني من الأسواق العالمية إلى زيادة الأسعار. ومع ذلك ، فإن الخلافات داخل دول مجلس التعاون الخليجي بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر، بالإضافة إلى مخاوف الكويت وسلطنة عمان بشأن الانجرار إلى تحالف مناهض لإيران، منعت  التحالف الذى كان يريد تكوين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن يؤتى ثماره.

ومن ناحية أخرى، يشير الكاتب إلى أن إيران ستكون منفتحة على المحادثات الإقليمية التي تستبعد القوى الأجنبية؛ حيث شددت عقيدة السياسة الخارجية والإقليمية للجمهورية الإسلامية - خاصة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 - على حاجة القوى الدولية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ليس فقط للبقاء بعيدًا عن الشؤون الإقليمية ولكن للخروج من الشرق الأوسط، ولاسيما من منطقة الخليج العربي؛ فكثيراً ما ذكّرت إيران هذه الدول بأن الأمن لا يمكن شراؤه من خارج المنطقة وأن السلام والاستقرار لن يتحقق ما لم يتم إجراء محادثات إقليمية. ومن المفارقة أن إيران رحبت في الوقت نفسه، بالمساعدة الروسية في إنقاذ نظام بشار الأسد في سوريا، ودافعت عن هذا الموقف باعتباره دعمًا لنظام قائم ضد التهديدات المدعومة من الخارج. ودعت إيران دولًا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وحلفائها، لإجراء مناقشات حول القضايا الأمنية، وهو ما تم على سبيل المثال في  عام 2019، عندما أجرت إيران والإمارات العربية المتحدة محادثات حول الأمن البحري في الخليج العربي بعد سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط. ومن هنا، يؤكد الكاتب على أن العائق الرئيسي أمام الحوار بين طهران والرياض متجذر في المخاوف السعودية من أن ميزان القوى بين الأطراف الإقليمية قد تحول لصالح إيران بعد سقوط صدام حسين في عام 2003. لذا، لا يبدو أن المملكة العربية السعودية تميل إلى الانضمام إلى محادثات مباشرة مع إيران، بينما تفضل الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع وجود قوة عظمى إلى جانبها.

وفي النهاية: يؤكد الكاتب على أن إيران ستواصل السعي لحل التوترات مع الدول العربية في الشرق الأوسط في إطار الآليات الإقليمية، لكنها لن تمنح دورًا أكبر لجيرانها ولن تقبل بالمشاركة العربية في أىة تفاهمات نووية خاصة بها. فحتى هذه الرغبة في الانخراط في حوار إقليمي قد تتبخر بمجرد رحيل حكومة روحاني، إذا فاز المتشددون في الانتخابات الرئاسية في يونيو القادم، ومن المحتمل أن يفضلوا تعزيز التحالفات مع الشركاء الإقليميين، مثل جماعة حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين ، بدلاً من السعي لوقف التصعيد مع الخصوم.

Saeid Jafari, Why Iran will not let Arab states join nuclear talks, Atlantic Council, MAR 25, 2021, available at https://www.atlanticcouncil.org/blogs/iransource/why-iran-will-not-let-arab-states-join-nuclear-talks/?fbclid=IwAR0b0fTIlBk8Ouf0sZiDLcDjPqDertdF491I1t6kxF6fGBF6Ts_YakmXAMI

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟