محفزات عديدة ...التحذيرات الإيرانية لأوروبا من عرقلة مكاسب رفع حظر السلاح
وجهت السلطات الإيرانية في 6 أكتوبر 2020 تحذيرات شديدة
اللهجة للدول الأوروبية من أي خطوات من شأنها عرقلة مكاسب رفع حظر السلاح، وهو الأمر الذى جاء رداً
على تصريح لوزير الخارجية الألماني هايكو ماس حول استمرار القيود الأوروبية على
الأسلحة الإيرانية حتى عام 2023. ومن هنا، نجد أن طهران ترغب من وراء رفع هذا
الحظر إلى كسر هيكل العقوبات الاقتصادية، فضلاً عن أن شراء وبيع الأسلحة سيسهل
التجارة في مناطق أخرى أيضًا، الأمر من شأنه مساعدة طهران في تخطى بعض عقبات
التدهور الاقتصادى الحالى، وخاصًة بالتزامن مع تفشي فيروس كورونا.
فعلى الرغم من إعلان طهران أن أهدافها فيما يتعلق بقرار
رفع حظر الأسلحة المقرر انقضاءه في 18 أكتوبر الجارى تتجاوز نطاق شراء الأسلحة أو
بيعها، بل يتمحور الغرض الأساسي حول إحباط استراتيجية "الضغوط القصوى"
المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث ترى طهران بأن نجاح واشنطن في
تمديد قرار الحظر كان سيعني أيضًا نجاح تلك الاستراتيجية، في حين أن فشلها سيظهر
ضعفها، إلا أن هناك بعض الأهداف الخفية وراء هذه الرغبة الإيرانية.
أولاً-
تعزيز مستوى التعاون مع الصين وروسيا
من المتوقع أن تلجأ طهران بعد رفع حظر السلاح إلى تطوير
الشراكة الاقتصادية والتعاون السياسي والعسكري مع كل من موسكو وبكين؛ حيث تعتمد
إيران عليهما بشدة، وهو الأمر الذى اتضح
من خلال معارضة كل منهما للرغبة الأمريكية في تمديد حظر السلاح. كما حاولت روسيا
والصين مساعدة طهران على تخطى أزمة العقوبات الأمريكية، ولاسيما بكين التى قدمت
مقترح بعقد اتفاقية الـ 25 عامًا مع طهران والتى تقضي باستثمار حوالى 400 مليار
دولار في أبرز قطاعات الاقتصاد الإيراني، فضلاً عن أنه لن يكون من السهل على
الولايات المتحدة الامريكية مواجهة هذين البلدين مع إيران(1).
وفي هذا السياق، يمكن القول أن روسيا ستكون أكثر فائدة
بالنسبة لإيران أكثر من الصين على خلفية معارضة المسؤولون الروس رفيعى المستوى
مرارًا وتكرارًا الضغط الأمريكي على إيران، فضلاً عن تأكيد بيان الخارجية الروسية
الصادر في 3 مارس الماضي، على عدم وجود سبب لإثارة موضوع تمديد حظر السلاح على
إيران في مجلس الأمن. كما أن لدى إيران
وروسيا تاريخ طويل فيما يتعلق بالتعاون العسكري؛ حيث تلقت إيران في السابق أنواع مختلفة من الأسلحة الروسية مثل
أنظمة S-300، كما يجمع كلا البلدين اتفاقيات
أمنية وعسكرية مختلفة في سوريا، بما يتضمن مكافحة الإرهاب، التعاون الإقليمي،
المناورات المشتركة في بحر قزوين وخليج عمان، الأمر الذى يظهر استعداد كلا الطرفين
لتطوير العلاقات. وسيؤدي شراء إيران للأسلحة الروسية إلى تحقيق منفعة اقتصادية
كبيرة بالنسبة للطرفين، كما يمكن لروسيا
التى تعتبر ثاني أكبر مُصدر للأسلحة في العالم، استغلال هذه الفرصة لتحسين
وضعها في سوق السلاح العالمى(2).
ثانيًا – دعم الوكلاء التابعين لإيران في المنطقة
يشير بعض المحللين إلى أن دعم إيران للميليشيات التابعة
لها في المنطقة يعتبر الدافع الرئيسي وراء الرغبة الإيرانية في رفع حظر السلاح
يتمثل في تطوير نفوذها الإقليمي من خلال دعم الوكلاء التابعين لها في المنطقة،
الاعتماد على الأسلحة المتقدمة المشتراة وبيع أسلحتها الخاصة، فبشكل عام سيكون
تحسين القدرات العسكرية الإيرانية والردع باستخدام أسلحة وتقنيات عسكرية جديدة
فعالًا بدرجة أكبر في تعزيز موقعها الإقليمي، وكلائها ومواقع حلفائها في المنطقة.
يأتى ذلك في خضم حملة كبيرة من التطويق والضغوط تفرضها
كل من الولايات المتحدة الأمريكية وتل أبيب على إيران، ويتوازى ذلك مع التهديدات
التى تواجهها طهران جراء اتفاقات السلام التى عقدتها كل من الإمارات العربية
المتحدة والبحرين مع تل أبيب، لذا، سيُمكن حظر السلاح إيران من دعم الوكلاء
التابعين لها في المنطقة، الأمر الذى من شأنه خفض حدة المخاطر التى تتعرض لها(3).
ثالثًا – تطوير الوضع التسليحى في الداخل
على الرغم من إنه من غير أن تكون هناك قدرة للنظام على
شراء أعداد كبيرة من أنظمة الأسلحة الرئيسية، على خلفية الأوضاع الاقتصادية الصعبة
التى تمر بها البلاد، فضلاً عن عدم سعى كل من روسيا والصين لفتح خطوط ائتمانية
كبيرة مع طهران خشية الوقوع تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، إلا أن
الأولوية في التسليح ستتركز على تحديث مقاتلاتها وقوّاتها الجوية، وبالفعل تلقّت
طهران عروضًا روسية وصينية لتزويد طهران بمقاتلات من طراز سوخوي 27/ سوخوي 30 الروسية، أو ميج 31
الروسية، أو جي 10 الصينية.
وقد تكون هناك بعض الاحتياجات الأخرى التي قد تسعى إيران
لتأمينها بعد رفع الحظر وتشمل شراء منظومات دفاع جوية أكثر تطورًا من قبيل (S-400 الروسية) ومنظومة الدفاع المتحركة
K-300P Bastion-P)) ودبابات تي 90 الروسية. كما أن
طهران قد تكتسب التكنولوجيا اللازمة لتحويل قذائفها بعيدة المدى إلى صواريخ،
وتحسين دقة صواريخها البالستية القصيرة والمتوسطة المدى، واستحداث تدابير مضادة
ووسائل اختراق (سحابات تغشية، أجهزة تشويش، أجهزة تمويه، ورؤوس حربية) لصد
الدفاعات الصاروخية(4).
الهوامش:
1-
Sheng Zhang, The
25-Year Agreement between China and Iran: A Continuation of Previous Policy, The
Washington Institute For Near East policy, 3/8/2020, available at:
https://www.washingtoninstitute.org/fikraforum/view/25-year-agreement-china-and-iran-foreign-policy
.
2-
Michelle Nichols,
Gabrielle Tétrault-Farber, U.S. loses Iran arms embargo bid as Putin pushes
summit to avoid nuclear deal showdown, Reuters, 14/8/2020, available at:
https://www.reuters.com/article/us-iran-arms-putin-idUSKCN25A1Z5 .
3-
Hamidreza Azizi,
Israel’s Peace Deals Are a Strategic Nightmare for Iran, Foreign Policy,
14/9/2020, available at:
https://foreignpolicy.com/2020/09/14/israels-peace-deals-are-a-strategic-nightmare-for-iran/
.
4- أحمد فاروق، مرﭬت زكريا، ضغوط متفاقمة.. حظر السلاح
والتصعيد الأمريكي- الإيراني، جادة إيران، 13/8/2020، متا ح على الرابط
التالى: