المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
محمد عبد الهادي
محمد عبد الهادي

البرلمان ودعم السياسات العدوانية للنظام السياسي التركي .. قرار التدخل العسكري في ليبيا نموذجاً

الخميس 19/نوفمبر/2020 - 01:47 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

حصل الرئيس التركي وحكومته في الثاني من يناير 2020 على تفويض من البرلمان لمدة عام واحد، قابل للتمديد، يسمح بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فائز السراج، في مواجهة قوات المشير خليفة حفتر، ويتيح محتوى مذكرة التفويض اتخاذ كافة التدابير، بدءاً من المساعدات الإنسانية وحتى الدعم العسكري، وقد صوتت المعارضة التركية ضد هذا التفويض، كما أن هناك إجماع إقليمي ودولي ضد التدخل العسكري التركي في ليبيا، عبرت عنه جامعة الدول العربية، وأغلبية دولها، خاصة دول الجوار الليبي، والأمم المتحدة وعدة قوى دولية، وعدت هذا القرار تجاوزا وانتهاكا للشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا، وتقويضا للعملية السياسية واتفاق "الصخيرات" الموقع في ديسمبر 2015.

                في هذا الإطار تدور، وبإيجاز غير مخل، هذه الورقة التحليلية حول أسباب الإسراع بالحصول على موافقة البرلمان التركي على قرار التفويض، ونظرا لأن هذا القرار يتعلق بالتدخل في شئون الدول الأخرى خارج تركيا، يتم استعراض المواقف العربية والدولية والأممية الرافضة لهذا التفويض، وذلك من خلال تناول؛ تأثير التمثيل البرلماني على قرارات السلطة التشريعية، والشرعية الدولية للحل السياسي للنزاع الليبي، والتوجهات التركية العدائية إزاء الجوار العربي، وطبيعة العلاقات بين تركيا وحكومة الوفاق الليبي، وموافقة البرلمان على منح تفويض للرئيس لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، والتحركات العربية ضد القرار التركي بشأن ليبيا، والجهود الأممية والدولية لتقويض التدخل التركي في ليبيا، ومستقبل التدخل التركي في شئون الدول العربية.

تأثير التمثيل البرلمانى على قرارات السلطة التشريعية

يتمثل دور السلطة التشريعية، في أحدى أبعاده، في منع السلطان المطلق للحكام ملوكا أو رؤساء، إلا أن خصائص وتركيبة تشكيل البرلمان تنعكس على مخرجات القرارات والتشريعات التى يصدرها، مثل حالة سيطرة أغلبية/ أو أكثرية حزب أو تحالف واحد، بما يعنى تأثير التمثيل على نشاط البرلمان وصنع القرار داخله، والذي ينتهي بصدور قرار لمصلحة السلطة التنفيذية، ويظهر ذلك من حيث أداء الأعضاء والتفاعلات داخل البرلمان في عمليات صنع القرار، من حيث: نوعيته، وعدد الأيام المخصصة للمناقشة، والتفاعل والنقاش بين الكتل البرلمانية والحزبية، ونتيجة التصويت، وهكذا؛ يتقلص دور السلطة التشريعية مقارنة بالسلطة التنفيذية، برغم ذلك يبقى للبرلمان دورا حيويا في تمتين الأساس الشعبي للسياسة والحكم والسياسات(1).

الشرعية الدولية لحل النزاع الليبى

يؤطر الحل السياسي للنزاع الليبي أممياً القرار 1970 لسنة 2011، الذي أنشأ لجنة عقوبات ليبيا، وحظر توريد الأسلحة والتعاون العسكري معها إلا بموافقة لجنة العقوبات، واتفاق "الصخيرات" أو الاتفاق السياسي الليبي الذي شمل أطراف الصراع في ليبيا، وتم توقيعه والتصديق عليه تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة وبإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر في مدينة "الصخيرات" في المغرب بتاريخ 17 ديسمبر 2015 لإنهاء الحرب الأهلية الليبية الثانية التي نشبت منذ 2014، وكان أهم ما تضمنه الاتفاق: منح صلاحيات رئيس الحكومة لمجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني الذي يترأسه رئيس الحكومة نفسه، وبدء مرحلة انتقالية جديدة، وتشكيل المجلس الأعلى للدولة من أعضاء المؤتمر الوطني العام الجديد والإبقاء على مجلس النواب الليبي المنتخب في يونيو 2014، واتخاذ تدابير بناء الثقة بين الأطراف المتحاربة، والترتيبات الأمنية، والالتزامات الاقتصادية والنفطية، وقد بدأ العمل به من معظم القوى الموافقة عليه في 6 أبريل 2016(2).

توجهات الرئيس التركي العدائية إزاء الجوار العربي

لا يخفي حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مرجعيته، ويسعى نحو موائمة جذوره العقدية والتاريخية مع البيئة السياسية في تركيا ومحيطها الإقليمي، مما يفسر المواقف السياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته إزاء القضايا الشائكة في المنطقة العربية وشرق المتوسط، وتوجهاته السياسية تجاههما، وإصرار تركيا على لعب دور الدولة المؤثرة والفاعل الإقليمي، بمعنى إرجاع السياسة التركية الخارجية إلى النسق العقدي للحزب الحاكم وبنيته الثقافية والفكرية، وربطها بالتاريخ التركي وخصوصاً التاريخ السلجوقي والعثماني(3).

                هكذا يمكن فهم تجربة حزب العدالة والتنمية الداخلية والخارجية، ومواقف تركيا في ظل حكم أردوغان من قضايا الجوار العربي، حيث توضع محددات السياسة الخارجية التركية وفق مقاييس المصلحة القومية التركية من منظور الرئيس التركي وحزبه الحاكم، والتغيرات في البيئتين الدولية والإقليمية ومستجداتهما، وتعتمد هذه السياسة القائمة على مركزية الدور التركي، كما يلي:

1.     التوجه الشرقي والتدخل باتجاه دول الجوار التركي والدول العربية الأخرى،

2.     التصور الذاتي التركي للمشكلات في منطقة دول الجوار أو في الدول العربية الأخرى،

3.     الدبلوماسية الاستباقية وتوقع الأزمات العربية وفق التفسيرات التركية، والتدخل فيها قبل تناميها وتدهورها،

4.     العمق الاستراتيجي والبعد الجيوبوليتيكي، في المحيط الجغرافي الشرق الأوسطي،

5.     توظيف القوة الناعمة والمساعدات الإنسانية، بجانب إذكاء قوة خشنة (عسكرية) تحمى المصالح التركية،

6.     دعم نموذج حكم حزب العدالة والتنمية التركي، ومحاولة خلق نموذجٍ/ نماذج حكم إسلامي مشابه وتابع في المنطقة العربية، وحشد حراك شعبي يناصره أو يؤيده(4).

أذن؛ في هذه المرحلة الراهنة، خاصة في ظل حالة الاستقطاب المستحكمة بين حزب العدالة والتنمية والأحزاب المعارضة، لاسيما، بعد فشل الانقلاب العسكري في 15 يوليه ٢٠١٦، وتحول النظام السياسي التركي إلى نظام رئاسي مهيمن، لا يمكن عزل الأزمات الداخلية عن التوجهات الخارجية التركية، حيث يرفض الرئيس التركي الاعتراف بالأزمة الاقتصادية الداخلية، كما يعانى حزب العدالة والتنمية من التشتت بداخله، هذا من ناحية، كما أن هناك ارتداد عن مبدأ تصفير المشكلات مع دول الجوار كسوريا واليونان، وقد ساهمت هذه السياسات والممارسات العدائية في تأجيج أزمات وصراعات داخلية في بعض دول الجوار العربي، وقد تورطت تركيا في ملفات اقليمية عديدة منها التدخل في الشأن السوري، مما أدى إلى تدهور العلاقات التركية مع عدد من الدول العربية، من ناحية أخرى(5).

يمكن أن يؤشر إلى تداعيات هذه الأزمات على وضع الرئيس التركي، من خلال خسارة حزبه لرئاسة بلديات أنقرة، واسطنبول، وأزمير في الانتخابات البلدية التي أجريت في مارس 2019.

البرلمان وتفويض السلطة التنفيذية لإرسال قوات تركية إلى ليبيا

إن عامل دعم الحكومة التركية لحكومة الوفاق الليبي، وطبيعة العلاقات بينهما، وتوقيع اتفاقية المنطقة الاقتصادية بين الطرفين في شرق البحر الأبيض المتوسط، وما أعقبها من توقيع مذكرة التفاهم في مجال التعاون العسكري والأمني بين الطرفين في 27/11/2019، وتصديق البرلمان التركي على هذا الاتفاق في 21/12/2020، يفسر بشكل واضح أسباب تفويض البرلمان للحكومة لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، فبناء على ذلك قد طلبت حكومة فائز السراج  إرسال جنود أتراك إلى ليبيا في مواجهة قوات المشير خليفة حفتر، وقدمت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان مذكرة للبرلمان التركي للحصول على تفويض بإرسال جنود إلى ليبيا، وفقاً للمادة (92) من الدستور التركي، المتعلقة بإرسال قوات عسكرية إلى دول أجنبية.

عمد الرئيس التركي إلى التسريع بتمرير المذكرة، واستعجلت حكومته البرلمان لعقد جلسة طارئة للتصويت عليها، وقطع الإجازة البرلمانية التي كان مقررا أن تستمر حتى السابع من يناير (حتى بعد عقد الجلسة الطارئة بخمسة أيام) من أجل الحصول على التفويض، اعتمادا على أغلبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، ودعم حليفه في تحالف الجمهور حزب الحركة القومية.

وأبرزت مذكرة التفويض المقدمة للبرلمان أن من الاعتبارات التي تدفع تركيا إلى إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، هى: "حماية المصالح الوطنية التركية"، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية في ليبيا، إلى جانب الحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل تيارات الهجرة الجماعية، فضلا عن تقديم المساعدات الإنسانية، وتوفير الدعم اللازم لحكومة فائز السراج (المعترف بها دوليا) في ليبيا.

كما لفتت المذكرة إلى أن تقدير زمن إرسال قوات تركية إلى ليبيا ومكان انتشارها، سيكون في عهدة رئيس الجمهورية، وفقاً للمبادئ التي حددها الرئيس بشأن اتخاذ جميع أنواع التدابير للقضاء على المخاطر والتهديدات، مبرزة أن يتم إرسال القوات في التوقيت وبالقدر اللازم، وهكذا؛ تشكل مذكرة التفويض هذه، أداة ضغط يستطيع الرئيس التركي استخدامها أو تجميدها(6).

وافق البرلمان التركي في جلسة طارئة، يوم 2/1/2020، على مذكرة التفويض المقدمة من حكومة أردوغان لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وقد صوت نواب تحالف الجمهور المكون من حزبى العدالة والتنمية، والحركة القومية لصالح المذكرة بأغلبية (325) صوتا، فيما صوت نواب تحال الأمة المعارض، والذي يضم حزبى الشعب الجمهوري، والجيد، فضلا عن حزب الشعوب الديمقراطي بالرفض ضد المذكرة بعدد (184) صوتا، وذلك إجمالا من أصل 600 نائبا برلمانيا، وقد سمح هذا التفويض لتركيا بإرسال قوات غير قتالية كمستشارين ومدربين لقوات حكومة الوفاق الوطني في مواجهة قوات المشير خليفة حفتر(7).

ورأت أحزاب المعارضة التركية أنه يتعين على تركيا القيام بلعب دور الوساطة بين طرفي الصراع الليبى والمساهمة في إحلال السلام، بدلا عن التورط في الحرب الدائرة لصالح أحدى الطرفين الليبيين(8).

التحركات العربية ضد القرار التركي بشأن ليبيا

اعتمد مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، قرار استباقي في 1/1/2020، بما يعكس وحدة الموقف العربي، الرافض لأية تدخلات خارجية تُفاقم الوضع المتأزم، وتؤدي إلى تعقيد وإطالة أمد النزاع في ليبيا، وتهدد أمن واستقرار دول الجوار الليبي، والمنطقة كلها، بما فيها  جنوب وشمال المتوسط، وبالتأكيد على دعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لبنود اتفاق "الصخيرات" باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية، والحيلولة دون التصعيد العسكري بين الأطراف المتحاربة في ليبيا(9).

وفيما يتعلق بمواقف الدول العربية المجاورة لليبيا، والأكثر تأثرا بتطورات الصراع الليبي الداخلي، أو يمكنها أن تمارس تأثيرا في اتجاه الحل السياسي للأزمة الليبية، يمكن ذكر ما يلي:

·       حذرت مصر من خطورة تحركات تركيا على أمن ومستقبل ليبيا، وطالبت تركيا بوقف الدعم العسكري خارج حدودها، وضرورة التوصل لحل سياسي يمهد لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا، ودعم جهود إيجاد تسوية شاملة تتعامل مع كافة جوانب الأزمة الليبية، وذلك عبر دفع مساعي المبعوث ألأممي، والانخراط في ترتيبات مؤتمر وقمة برلين للتوصل إلى عملية تسوية شاملة، وقابلة للتنفيذ، تقوم على معالجة كل جوانب الأزمة الليبية من خلال المسار الأممي(10).

·       رفضت الجزائر التدخلات الخارجية ووجود أي قوة أجنبية في ليبيا، وتحرص على الحفاظ على مسافة واحدة من طرفي النزاع، تسعى في اتجاه الحل السلمي للأزمة الليبية ما بين الليبيين فقط، في هذا الإطار جاء لقاء الرئيسين الجزائري والتركي في الجزائر العاصمة، وبالتأييد لاتفاق مؤتمر برلين بشأن اتخاذ تدابير استعجالية وأخرى احترازية لحلحة الأزمة الليبية وعدم إطالة أمدها، وتغليب الحل السياسي والحوار، وتثبيت وقف إطلاق النار جديا، والذي تم التوصل إليه ودخل حيز التنفيذ عند أبواب طرابلس في 12/1/2020 بمبادرة روسية وتركية، عقب التصعيد الأخير بين الأطراف المتحاربة في ليبيا. كما استضافت الجزائر (العاصمة) في 23/1/2020 اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي، بمشاركة كل من تونس، مصر، السودان، تشاد والنيجر(11).

الجهود الأممية والدولية وتقويض التدخل التركي في ليبيا

وعدت أحدى عشر دولة معنية بالنزاع الليبي في 19/1/2020 في مؤتمر برلين الدولي، والذي انعقد برعاية أممية، باحترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011 على ليبيا، وبعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتشكيل لجنة تتكون من خمسة ممثلين عسكريين عن كلا من الطرفين بهدف تحويل التهدئة العسكرية إلى وقف إطلاق نار دائم، سعيا إلى الوصول إلى بناء السلام، وقد وقعت جميع الدول المشاركة بما فيها تركيا على اتفاق مؤتمر برلين حول الملف الليبي، وبالرغم من ذلك، ما زالت تستمر هشاشة الهدنة، ويوجد فجوة تفاهم واسعة بين طرفي النزاع الليبي، وقد أعربا رئيسا الوزراء الإيطالي والبريطاني عن استعداد بلادهما للمساهمة في مراقبة وقف إطلاق نار دائم في ليبيا في حال تم التوصل إليه(12).

ونتيجة لذلك تعهدت تركيا بعدم إرسال المزيد من المستشارين والمدربين العسكريين إلى ليبيا، طالما كان وقف إطلاق النار ساريا. وقد مثل ذلك تقويض للتدخل التركي في ليبيا، وفيما يعد تراجعا للدور التركي في دعم حكومة الوفاق الوطني، طلب رئيس الحكومة الليبية فائز السراج إرسال "قوة عسكرية دولية" برعاية الأمم المتحدة لحماية المدنيين في ليبيا، في حال استأنفت قوات المشير خليفة حفتر القتال، إلا أن قد استمرت السياسات العدوانية التركية وتهديد الأمن القومي العربي ومحاولة نهب غاز إقليم شرق المتوسط (13).

خاتمة: مستقبل التدخل التركي في شئون الدول العربية

التزم جميع المشاركون في مؤتمر برلين، وضمنهم تركيا التي تدعم أحد الطرفين الليبيين، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم تأجيج الصراع المسلح في ليبيا، وفيما يمثل ذلك تحجيم للنفوذ التركي، ومحاولات التمدد في ليبيا، في ظل نظام الحكم الرئاسي لرجب طيب أردوغان، وحزب العدالة والتنمية الذي يسيطر على أكثرية مقاعد البرلمان التركي، والتوجهات التركية التي تتجاوز مصالحها الإقليمية حدودها السياسية، وتنظر للجوار العربي على أنه يمثل عمقا استراتيجيا لنفوذها، وترسم سياساتها  مواقف عدائية تجاه القوى الإقليمية المحورية خاصة مصر.

توظف تركيا بُعد القوة بوجهيها الخشن والناعم، لمد النفوذ والتأثير بوصفها وسيلة لتحقيق مصالحها القومية، خاصة إزاء الدول العربية التي تشهد حالة نزاع مستحكمة، وتهديدات لانهيار الدولة مثل سوريا وليبيا، ويرتبط ذلك الدور بفكرة "العثمانية الجديدة"، خاصة نحو الجوار العربي ككل، في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.

هكذا وفرت البيئة العربية الإقليمية عددًا من المعطيات، لتتمكن تركيا من مد تواجدها في بعض ملفات القضايا العربية، خاصة الملفين السوري والليبي، مع اختلاف طبيعتهما، وفي ظل استمرار الأوضاع الهشة وحالة الصراع، وكون أقصى ما توصلت إليه كافة مساعي ومبادرات الحل في كلا الدولتين، هو تحسين ظروف الحرب والاقتتال الداخلي، دون التسوية السياسية المستدامة، وتمتع الرئيس التركي بصلاحيات النظام الرئاسي، وتمتع حزبه العدالة والتنمية بالأكثرية البرلمانية، مما يعنى امتلاك الرئيس التركي القوة السياسية لفرض وتنفيذ توجهاته الخارجية إزاء دول الجوار العربي، واستصدار تفويضات عسكرية مماثلة من البرلمان التركي للتدخل في الصراعات في بعض الدول العربية كلما اقتضى ذلك.

لذا، ليس بديلا عن، محاولة تعديل موازين القوى الاقليمى لصالح العرب، وأن تلعب الدول العربية المحورية دورا فاعلا ووسيطا بين أطراف النزاع في الدول العربية التي تشهد صراعات مسلحة، واحتوائها في سياق عربي عربي، والتحوط للسياسات التركية، أو ممارسات أي دول أخرى تهدد الأمن الإقليمي العربي.

هوامش البحث

1.      كمال المنوفي، أصول النظم السياسية المقارنة، (الكويت: شركة الربيعان للنشر والتوزيع، ط1، 1987)، ص 239، وص 244.

2.      هل يشكل اتفاق الصخيرات آخر فرصة لإنقاذ ليبيا؟، BBC News Arabic، 22/12/2015، وصول: 7/2/2020، في الرابط التالى:

www.bbc.com/arabic/interactivity/2015/12/151215_comment_libya_agrrement

3.      أنظر:

Athanasios Manis, A Transitioning Turkey: out with the Old, in with the New?, MERI Policy Brief, vol. 3, N.o. 21, 2016, accessed on 27/ 1/ 2020, Available online at: http://www.meri-k.org/wp-content/uploads/2016/12/Arabic-MERI-Policy-Brief-vol.3-no.21.pdf

4.      صوفيا بوعلي، ووفاء طوالبية، الدور الإقليمي التركي في ظل المتغيرات الدولية الراهنة (2010-2015)، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في العلوم السياسية، الجزائر (تبسة): جامعة العربي التبسي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2016، ص ص 31-33.

5.      سردار غولنر، نبي ميش، صلاحيات السلطة التشريعية في رقابة السلطة التنفيذية في النظام الرئاسي من النمط التركي، مجلة رؤية تركية، السنة 6، العدد 2، يونيو 2017، ص ص 51-53، وصول: 27/1/‏2020، في الرابط التالى:

 https://rouyaturkiyyah.com/issues/2017/22/2

6.      سعيد عبد الرازق، البرلمان التركي يوافق بالأغلبية على مشروع قانون يسمح بإرسال قوات إلى ليبيا، جريدة الشرق الأوسط، العدد 15011، 3/1/2020، وصول: 28/1/2020، في الرابط التالى:

 https://aawsat.com/pdf/issue15011/index.html

7.      البرلمان التركي يوافق على طلب أردوغان إرسال قوات إلى ليبيا، BBC News Arabic، 2/1/2020، وصول: 28/1/2020، في الرابط التالى:

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-50976352#

8.      المعارضة التركية تواصل انتفاضتها ضد قرار إرسال قوات لليبيا، العين الإخبارية، 3/1/2020، وصول: 28/1/2020، في الرابط التالى:

 https://al-ain.com/tag/turkish-affairs/

9.      مصر: تركيا تحركها أطماع في ثروات ليبيا، جريدة زمان التركية، 1/1/2020، وصول: 28/1/2020، في الرابط التالى:

 https://www.zamanarabic.com/2020/01/28/

10.  جمال جوهر، وسوسن أبو حسين، ولطيفة العروسني، وأمير نبيل، قلق عربي ودولي بعد إجازة البرلمان التركي التدخل في ليبيا، جريدة الشرق الأوسط، 3/1/2020، وصول: 28/1/2020، في الرابط التالى:

https://aawsat.com/pdf/issue15036/index.html

11.  فاطمة عاشورى، الرئيس التركي أردوغان ينهى زيارته للجزائر، توافق حول حل الأزمة الليبية، جريدة الجمهورية الجزائرية، العدد 7007، 28/1/2020، ص 3.

12.  اتفاق دولي في برلين على استئناف جهود السلام بشأن ليبيا، DW، 19/1/2020، وصول: 7/2/ 2020، في الرابط المختصر التالى:

https://p.dw.com/p/3WRkr

13.  تركيا ملتزمة بمقررات مؤتمر برلين حول ليبيا طالما وقف النار ساريا،DW ، 23/1/2020/ وصول: 7/2/2020، في الرابط المختصر التالى:

https://p.dw.com/p/3WfxK

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟