هل يمكن أن تحدث انفراجة بين واشنطن وطهران بعد فوز جوبايدن؟
يأمل فريق السياسة الخارجية التابع للمرشح الديمقراطى للانتخابات
الرئاسية الأمريكية المقرر إقامتها في نوفمبر 2020 جوبايدن في استخدام خفض التصعيد
النووي مع طهران كنقطة انطلاق لتعزيز "تسوية مؤقتة" بين إيران وخصومها
الإقليميين، وهو نهج أكثر واقعية قد يتماشى مع توجه المرشد الأعلى "آية الله
خامنئي" والحرس الثوري.
وعليه، أشار الكاتب حميد رضا عزيزي زميل المعهد الألمانى
للشؤون الدولية والأمنية في برلين، والباحثة في شركة استشارات المخاطر الجيوسياسية
في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أنه بعد مرور أكثر من عامين على انسحاب واشنطن
من الاتفاق النووي الإيراني - المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) - في مايو 2018، يُعتقد أن مصير
الاتفاقية ومستقبل العلاقات بين طهران وواشنطن تعتمد بشكل عام على نتائج
الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر انعقادها في نوفمبر2020.
تنبثق
وجهة النظر هذه من فكرة أن إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب سيعني استمرار حملة
"الضغط الأقصى" الأمريكية ضد إيران والانهيار الكامل لخطة العمل الشاملة
المشتركة في نهاية المطاف، في حين أن رئاسة بايدن يمكن أن تحدث تغييرًا كبيرًا في
سياسة واشنطن تجاه إيران؛ هناك أمل قوي في
أن فوزه المحتمل على ترامب قد يفتح نافذة جديدة من الفرص للحد من التوترات مع
الجمهورية الإسلامية الإيرانية بما يمكن أن يؤدى لإنقاذ الاتفاق النووي.
ومع ذلك، يبدو أن هناك قلة من المسؤولين الإيرانيين
ستوافق على خطة بايدن هذه؛ نظرًا لما تطلق عليه بالتجربة الفاشلة للمفاوضات الكبرى
مع الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس باراك أوباما، فمن المرجح أن تمارس
القيادة الإيرانية العليا أقصى درجات الحذر عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع رئيس
أمريكي مؤيد للدبلوماسية. بعبارة أخرى، من المرجح أن يكون التعامل مع إيران ما بعد
ترامب أكثر تعقيدًا من هذه الفترة، حتى مع
رغبة طهران في رفع العقوبات الاقتصادية من
قبل واشنطن.
كما يبدو وأن حُجة
خامنئي لرفض المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد الرغبة الإيرانية في الاستفادة من برنامج السياسة الخارجية للحزب
الديمقراطي الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا، والذي يُنظر إليه على أنه خارطة طريق
للدبلوماسية الأمريكية في عهد بايدن. كما ينتقد نهج ترامب تجاه الجمهورية
الإسلامية، لاسيما فيما يتعلق بخطة العمل المشتركة الشاملة، والسعي إلى تغيير
النظام في إيران، داعيًا بدلاً من ذلك بالعودة
إلى الامتثال المتبادل للاتفاق النووي. ومع ذلك، مع التأكيد على أن خطة العمل
الشاملة المشتركة كان من المفترض أن تكون بداية وليس نهاية الدبلوماسية الأمريكية
مع إيران، تدعم الوثيقة الجهود الرامية إلى تشديد القيود على برنامج إيران النووي
ومعالجة القضايا الأخرى المتعلقة بطهران، بما في ذلك دورها الإقليمي، برنامج
الصواريخ الباليستية، فضلاً عن وضع حقوق الإنسان داخل إيران.
واللافت للانتباه في هذا السياق، هو أن نفس هذه القضايا
أثارها خامنئي في حجته لإثبات الضرر الذي يلحق بالمسار الدبلوماسي الجديد مع
الولايات المتحدة الأمريكية. وبمعنى أخر، يبدو أن كلا الجانبين قد بدأ بالفعل في
الإشارة إلى النقاط الإيجابية لهذه الإستراتجية في محاولة لكسب الود لخوض صفقة مستقبلية محتملة. على الرغم من أن
خامنئي نفسه لم يذكر بايدن أو الديمقراطيين الأمريكيين بشكل مباشر، إلا أن المتشددين
المقربين منه كانوا أكثر صراحة؛ حيث اشارت صحيفة كيهان التى تتبع التيار المحافظ
والتابعة لمكتب المرشد الأعلى، أن شروط بايدن للعودة إلى خطة العمل الشاملة
المشتركة لا تختلف عن مطالب ترامب.
حيث يزعم بعض المسؤولين الأمريكيين أن الديمقراطيين
يعتزمون الاستفادة من إعادة خطة العمل الشاملة المشتركة كمصدر للضغط على الجمهورية
الإسلامية لإقناعها بالتفاوض حول صفقة أكبر مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو
الأمر الذى أشار إليه موقع رجا نيوز
المقرب من الحرس الثوري مؤكداً أن انسحاب
ترامب من الصفقة النووية كان قائمًا على الأسس السياسية والقانونية التي قالها
الديمقراطيون في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
في الواقع، في حين رحبت بعض وسائل الإعلام الإصلاحية
والمعتدلة باستراتجية الحزب الديمقراطي أبدت شخصيات إصلاحية أخرى انتقادات كبيرة
لخطة بايدن للدبلوماسية مع إيران، واستئناف الالتزام الأمريكي بخطة العمل الشاملة
المشتركة على وجه الخصوص. كما أشار الصحفي الإصلاحي البارز والسجين السياسي السابق
أحمد زيد أبادي في مقال رأي بعنوان "الوهم"، إلى إن استراتيجية
الديمقراطيين ليست عودة غير مشروطة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، لكنها مشروطة
بتغيير في السياسة الداخلية والخارجية للجمهورية الإسلامية، على هذا النحو، فإن
التصور الحذر للغاية، لجدوى المحادثات ومعقولية التغيير الجوهري في ظل إدارة بايدن
المحتملة هو ما تتلاقى عليه المعسكرات السياسية الرئيسية في إيران بشكل متزايد.
كما
تقلل بعض الرؤى السياسية الأخرى من احتمالية التخفيف في موقف إيران من مفاوضات خطة
العمل الشاملة المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية لتغيير قواعد اللعبة، حتى
لو فاز الديمقراطيون في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2020.
ففي
9 أغسطس 2020، أرسل أعضاء مجلس التعاون الخليجي المكونة من ست دول رسالة إلى مجلس
الأمن الدولي، يؤيدون فيها مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية لتمديد حظر الأسلحة
الذي منع طهران من استيراد وتصدير الأسلحة التقليدية والذي سينتهي في أكتوبر2020،
في مواجهة حق النقض المحتمل من جانب الصين وروسيا، اللتين تسعيان إلى إقامة شراكات
أوثق مع الجمهورية الإسلامية.
ومن المحتمل أن تبدأ
إدارة ترامب في تنفيذ الخطة" ب" القاضية بتفعيل آلية snapback وإعادة فرض جميع
قرارات عقوبات الأمم المتحدة السابقة ضد طهران والتي تم إلغاؤها بموجب الاتفاق
النووي، وهو الأمر الذى أدى بإيران لاتخاذ خطوات مهمة لتطوير العلاقات مع الصين
وروسيا من خلال شراكات شاملة فيما يُنظر
إليه على نطاق واسع على أنه تحول استراتيجي نحو الشرق.
Hamidreza
Azizi Maysam Behravesh, Why an Iran-U.S. Detente Could Still Occur Under Joe
Biden, The National Interest, August 11, 2020, available at: