إن أي ازمة مستجدة في
العالم تقابلها مجموعة من التوجهات والتفسيرات والنظريات التي تحاول تفسيرها
وتوضيح غموضها لوضع الأسس العلمية والحقيقية لمواجهتها والتغلب عليها ومنع تكرارها،
ولكن هناك نظريات تفرض نفسها بقوة في تفسير جائحة كورونا (كوفيد19) التي غزت
العالم بأسره ولم توقفها حدود الدول القومية ولا القدرات التكنولوجية، أبرزها
النظرية الدينية ونظرية الحرب البيولوجية .
النظرية الدينية
إن فحوى النظرية الدينية
ينطلق من إن ديننا الإسلامي الحنيف قد وضع الخطوط العريضة لحياة البشر وإنتدبنا لأمور
ونهانا عن أمور وهي كلها من اجل مصلحة البشر وحفظ النفس البشرية والعيش بكرامة بلا
ضرر أو ضرار، فنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئاً ينفع أمته إلا
ودلهم عليه، ولم يترك شراً إلا وحذرهم منه، وهنا نستشهد بحديث كريم جامع لأسباب
هلاك الأمم فقد حذرنا نبينا الكريم من خمس خصال مهلكة فعن عبدالله بن عمر رضي الله
عنهما قال : أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( يا معشر المهاجرين
خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله ان تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى
يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والاوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم
ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم
يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم
ينقضوا عهد الله ورسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في
أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم
بينهم ) رواه أبن ماجه في سننه، هذا الحديث العظيم الجامع يتضمن أوصافاً خمسة إذا
وقعت فيها الامة أتاها العذاب من الله عز وجل معجلاً في الدنيا بالإضافة الى ما
ينتظرها في الآخرة من الوعيد والعذاب الشديد، أولى هذه الخصال هو التحذير من
الفاحشة و الوقوع فيها وإظهارها والتمادي بها لأن ذلك ينتج عنه عقاب رباني أليم
شديد يتمثل في انتشار الطاعون والامراض الفتاكة التي لم تشهدها البشرية سابقاً، وقد
ظهر تصديق ذلك بظهور طاعون العصر مرض نقص
المناعة المكتسبة (الايدز) والامراض الجنسية الفتاكة، بسبب ممارسة العلاقات
المحرمة من زنا وشذوذ وغير ذلك، وكثير من الامراض ظهرت بفعل أكل الميته والخبائث
التي نهى الله عنها فضلاً عن الكفر والشرك الذنوب والفواحش ويدخل في هذا الجانب
فيروس كورونا الذي ربما أسبابه هذه المباشرة .
الحرب البيولوجية
إن الحرب
البيولوجية هي الحرب الصامتة الباردة دون سلاح مادي ظاهري، حرب لا تخلف وراءها
آثار تدمير مادي في المنشآت والمباني حرب بلا انفجارات ولا شظايا ولا دخان فهي
تهدف الى فناء البشر في دولة معينة، فيمكن من خلالها تهديد وإبتزاز وكسر إرادة دول
والتحكم فيها بالتهديد به تارة أو إستخدامه
جزئياً أو كليا ً تارة أخرى، فالحرب البيولوجية او الجرثومية هي الاستخدام المتعمد
للجراثيم او الفايروسات بهدف نشر الامراض والأوبئة الفتاكة مما يقتل أعداد كبيرة
من البشر وتدمير الحياة في نطاق معين، وهي بذلك تعد أحد أنواع أسلحة الدمار الشامل،
إن الحرب البيولوجية استخدمت منذ القدم ويعتقد إن أول من استخدم هذا السلاح هو
القائد اليوناني (سولون) عام 600 ق.م إذ استخدم جذور نبات (هيليوروس) في تلويث
مياه النهر الذي يستخدمه أعداءه للشرب مما سهل إلحاق الهزيمة بهم، وهكذا لجأت
الجيوش المعادية الى تسميم مياه الأنهار والآبار والينابيع وحتى الطعام وكذلك
إلقاء الجثث المتعفنة للجنود القتلى والحيوانات النافقة في الانهار والآبار ومعسكرات
أعداءهم حتى تنتشر الأوبئة بين صفوف أعدائهم محاولين الإبادة الجماعية بالعوامل
البيولوجية وأستخدمت الحرب البيولوجية من
قبل المهاجرين الاوربيين في أمريكا الشمالية ضد السكان الأصليين الهنود الحمر إذ
قاموا بوضع الأغطية والمنسوجات المصابة بمرض الجدري والحصبة على الحمير وأرسلوها
الى الهنود الحمر الذين تعجبوا من منظر الاغطية والمنسوجات التي لم تكن لديهم بفعل
الفارق التقني بينهم آنذاك، وأنتشرت فيهم الفيروسات وقضت على أعداد كبيره منهم وسهلت
هزيمتهم وسيطرة المهاجريين الأوربيين عليهم .
شهد القرن
الحادي و العشرين أزمة بايولوجية وبائية خطيرة بظهور خمسة أوبئة خطيرة هي فايروس
السارس عام 2002 وأنفلونزا الطيور عام 2003 و أنفلونزا الخنازير عام 2009 وفايروس
إيبولا عام 2013 وخاتمتها فايروس كورونا كوفيد 19عام 2020 وهي كلها متقاربة ومتشابهة
وتوصف بأنها ضمن قائمة فايروس كورونا، وظهرت نظريات تعرض نفسها بقوه لتفسير جائحة
كورونا منها النظرية الدينية كما أشرنا ونظرية الحرب البيولوجية فهناك معطيات كشف
عنها خبير الأسلحة البيولوجية الامريكية (فرانسيس بويل) والتي تشير بأن فيروس
كورونا جزء من مجموعة فيروسات او ما يسمى
بالعملاء البايولوجيين الذين يتم تطويرهم من خلال أنشطة الحرب البايولوجية، وأضاف
ان تطوير هذه الفيروسات يتم في مختبرات جامعة كارولينا الشمالية وتجري الاختبارات
و التجارب على هذه الفايروسات في مختبرات تعرف بإسم مستوى السلامة البايولوجية ((Bio safety level المستوى الرابع Bsl4، ويذكر ان الولايات المتحدة الامريكية تمتلك
إثنتا عشر مختبراً من مستوى السلامة البيولوجية الرابع، وبصرف النظر عن الحرب
البيولوجية ومصدرها وأسبابها والمستفيد منها الا ان الإنسانية هي المتضرر الأول عندما تتهاوى قيمة الحياة الإنسانية
من منظور طرف يأبى إلا ان يحقق مصالحه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بأي وسيلة
وثمن حتى لو كانت نتيجته هلاك البشرية .
إن مصطلح الحرب البايولوجية مطروح بقوه في حالة فايروس كورونا كوفيد 19يؤكد ذلك تصريحات رسمية لمسؤولين في الصين أتهموا الولايات المتحدة بتصنيع هذا الفايروس ونقله عبر الجيش الأمريكي الى مدينة ووهان الصينية التي شكلت بيئة إنتشاره قبل أن يتحول الى وباء وينتشر عالمياً ويتحول الى جائحه وبذلك يمكن ان يكون هذا الفايروس من سلالة الفايروسات السابقة وأولها السارس لكنه معدل بايولوجياً ويمكن وصفه بالسلاح الهجومي البايولوجي في المقابل توجد إتهامات أمريكية غربية للصين بأنها هي من صنعت هذا الفايروس في مختبراتها البيولوجية وعن طريق الخطأ أنتقل الى أحد العلماء البايولوجيين الصينين في أحد مختبرات مدينة ووهان ليتفشى بعدها في تلك المدينة وينتشر صينياً وعالمياً، والبعض يشير أنه انتقل عن طريق أكل الخفافيش والكلاب والثعابين في مدينة ووهان لتلتقي هذه المعتقدات مع النظرية الدينية التي تحرم أكل الخبائث، وربما الإرادة الألهية وبفعل الذنوب والمعاصي عاقبت البشرية بهذا الوباء الذي لم يكن في أسلافهم او دفعت هذا الطرف او ذاك في انتاج هذا الفايروس ونشره عالمياً عمداً او عن طريق الخطأ ، كل هذه الاسباب والنظريات وارده في تفسير هذا الوباء الذي أرعب البشرية جميعاً وأثر اقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً , وستبقى آثاره السلبية واضحة على أغلب الدول لسنوات.