مصادر القوة الناعمة ومكانة مصر في العالم
في إطار اللقاءات الثقافية ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي
للكتاب، تحدث الدكتور إبراهيم نوار في ندوة تحت عنوان "مصادر القوة الناعمة
ومكانة مصر في العالم"، مع الأستاذة الدكتورة سهير عبد السلام عميد كلية
الآداب جامعة حلوان.
وكان الدكتور إبراهيم نوار قد قدم دراسة أساسية في هذا الموضوع ضمن ملف العدد الثلاثون من دورية "آفاق سياسية"، والتي حملت عنوان "مصادر القوة الناعمة ومكانة مصر في العالم"، وإليكم نص الدراسة:
مصر في مفترق
طرق. ولذلك فإنها كمجتمع ومؤسسات وجماعات وأفراد يجب أن تحدد بدقة مسارها القادم،
وإلا فإنها قد تضل السبيل ليس لسنوات وإنما لعقود مقبلة، وهو ما لا يجب أن يقبل به
أحد يخلص لهذا البلد، لأن ذلك ينطوي على إهدار للطاقات وللموارد، ويتسبب في ضياع
الفرص المتاحة لاستعادة الدور الذي دأبت مصر على القيام به إنطلاقاً من مقومات
القوة التي تتمتع بها، سواء القوة المادية التقليدية (الصلبة) أو القوة المعنوية
غير المادية (الناعمة). ونتيجة لأن مصر في تاريخها الطويل تمتعت بإمكانات القيام
بدور فاعل سواء على المستوى الاقليمي، أو المستوى العالمي؛ فقد اعتاد بعض
السياسيين أو الأنظمة محاولة "تقمص الدور" أو الإيهام بأنهم يقومون
بدور، بينما هم في الحقيقة يهدرون الوقت والموارد.
ونتيجة للدور
الموهوم فإنهم يتسببون في صدم الوعي والوجدان الوطني بخيبة أمل أو خيبات أمل
متتالية تقود إلى شيوع ظاهرة "الإحباط السياسي"، وهي الظاهرة التي تؤدي
فيما بعد إلى ما أطلق عليه أنا تكريس
الروح المجتمعية المتآكلة depleted
societal spirit وتمثل الروح
المجتمعية المتآكلة الكابح أو (الفرامل) الذي يوقف حتى مجرد التطلع إلى مستقبل
أفضل وبالتالي إلى شلل كل أو معظم محركات القوة في المجتمع، وتكون النتيجة أن دور
القوى الفاعلة في المجتمع يتوقف عند حدود إنتاج ما يساعد على استمرار البقاء ليس
إلا، بعيداً عن أي رغبة أو قدرة على اقتحام ميادين المنافسة المتنوعة على
المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. إن شيوع الروح المجتمعية المتآكلة أو
ظاهرة تآكل الروح المجتمعية لا يعني موت المجتمع أو الدولة، ولكنه يعني خمود
مقومات القوة، وتفكك وتدهور قوة المؤسسات المكونة للدولة.
والحقيقة أن
هذه ليست بظاهرة جديدة على مصر؛ فقد مرت بها في عصور الإنحلال الفرعوني وعصور الانحطاط
المملوكي وهي العصور التي تبع كل منها خضوع مصر للسيطرة الأجنبية بسبب فقدان دور
محركات القوة في المجتمع. ولذلك، فإن حقيقة أن مصر دخلت إلى مفترق طرق استراتيجي
(سياسي واقتصادي واجتماعي) تفرض علينا إعادة دراسة مقومات القوة بجوانبها وأشكالها
المختلفة لغرض فهم إمكانات محركات النمو الكامنة وكيفية تشغيلها وتوظيفها للخروج
من مفترق الطرق إلى طريق صحيح، وبناء الأسس لممارسة دور يتناسب مع إمكانات محركات
القوة، مع العمل في الوقت نفسه على تطوير هذه المحركات وتنمية قدراتها.
وسوف نقتصر في هذه
الدراسة على عرض إطار نظري لفهم موضوع "القوة الناعمة" مدعماً ببعض
الأمثلة التي قد تساعد على هذا الفهم (1).
ما هي القوة؟
يعتبر موضوع "القوة"
واحداً من الموضوعات التي شغلت الفلاسفة والمفكرين في فروع العلوم الاجتماعية منذ
وقت مبكر في تاريخ الفكر البشري. وقد اهتم بهذا الموضوع فلاسفة الإغريق مثل
أفلاطون وأرسطو والفلاسفة العرب وعلى رأسهم عبد الرحمن بن خلدون، كما اهتم بها
مفكرو عصر التنوير والنهضة مثل جون هوبز وفلاسفة عصر الثورة الصناعية وما بعدها
مثل ماكس ويبر وتالكوت بارسونز وصولاً إلى عصر الحرب الباردة مثل جورج كينان وهنري
كيسنجر وروبرت دال حتى عصر ما بعد الحرب الباردة مثل إسهامات جوزيف ناي.
والحقيقة أن
دراسات القوة في الوقت الحاضر تعتمد إلى حد كبير على الإسهامات التي طورها كل من
روبرت دال Dahl وجوزيف ناي Nye ، فقد استخلص
دال مفهوماً واضحاً ومحدداً للقوة منذ العام 1957، ولم يكتف بذلك، بل إنه استمر في
تطوير هذا المفهوم على ضوء المناقشات وإسهامات غيره من علماء السياسة حتى وفاته
عام 2014. أما جوزيف ناي فإليه يرجع الفضل في سك مفهوم "القوة الناعمة" Soft Power ثم
"القوة الذكية" Smart Power. ولقد أسهمت كل من المناقشات بين علماء السياسة والإضافات التي
أجراها ناي نفسه في تطوير مفهوم القوة الناعمة والقوة الذكية حتى تجاوز كل منهما
الصيغة الأولية التي كان قد نشأ بها.
وتعود أهمية
الدراسات في موضوع "القوة" حالياً إلى التغيرات الشديدة التي تجتاح
العالم والتي أسفرت عن تغييرات في بنية القوة على النطاق العالمي وتوازنات القوى
مقارنة بما كان عليه الحال بعد الحرب العالمية الثانية أو خلال فترة الحرب
الباردة. ويعتبر كتاب ناي الأخير (مستقبل القوة) The Future of Power (2011) من
أهم الإسهامات في ميدان دراسة تلك التغيرات وبيان أثرها على مستقبل السياسات
الخارجية للدول الكبرى القديمة والجديدة.
ومع ذلك، فإن
أهمية دراسات القوة في الوقت الحاضر تمتد كذلك لتغطي أثر التغيرات في موازين القوى
على المستويات الإقليمية خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط التي تحتوي على ثلاثة أنظمة
فرعية مختلفة للقوة على الأقل (شرق البحر المتوسط، والخليج، وشمال أفريقيا) تتداخل
فيها أدوار القوى العالمية والإقليمية وأدوار الحكومات والجماعات غير الحكومية
(المسلحة على وجه الخصوص). ولا تقتصر أهمية دراسات القوة بمعناها الواسع على فهم
التغيرات التي تجري في بنية القوة على المستويين العالمي global والإقليمي regional ، بل إنه
يمتد ليشمل دراسة التغيرات التي تجري في بنية القوة على المستوى الوطني في كل بلد national خصوصاً إذا رجعنا إلى ما توصل إليه روبرت دال
بخصوص العلاقة بين الجماعات والمؤسسات داخل الدول وعلاقات القوة التي تحكم التطور
السياسي الداخلي في كل بلد. إن روبرت دال يعتبر بحق أستاذ دراسات الديمقراطية في
العالم بما أضافه إلى مفاهيم الممارسة السياسية والعلاقات بين الأفراد والجماعات
داخل المجتمع الواحد.
وقد تأثرت
دراسات "القوة" في الوقت الحاضر إلى حد كبير بالتغيرات التي طرأت على
مفاهيم وممارسات القوة في العالم خلال العقود القليلة الماضية، وارتبطت هذه
الدراسات إلى حد كبير بمفهوم ودور القوة في العلاقات بين الدول أو على مستويات
السياسة الخارجية بشكل عام. وفي هذا السياق تم تطوير مؤشرات لقياس القوة، خصوصاً
مكونات القوة الناعمة وذلك بغرض إلقاء الضوء على المؤثرات الفاعلة في صناعة
السياسة الخارجية والعلاقات بين الدول. وتعتبر جداول "القوة الناعمة 30"
Soft Power 30 Index الذي طوره جوناثان ماكلوري Jonathan McClory إضافة
تطبيقية شديدة الأهمية لنظرية جوزيف ناي في القوة الناعمة؛ فهذه الجداول التي بدأ
ماكلوري إصدارها بالتعاون مع مركز دراسات الديبلوماسية العامة في الولايات المتحدة
USC Center on Public Diplomacy منذ العام 2015 ثم انضم إليهما مركز دراسات
الديبلوماسية العامة في جامعة جنوب كاليفورنيا (اعتباراً من العام 2017) تمنح
مفهوم "القوة الناعمة" قوة نظرية وتطبيقية هائلة لأنها توفر اساسا لقياس
تأثير ظواهر صعبة القياس أو غير قابلة للقياس على دور الدولة وقدرتها على تحقيق
النفوذ. وبفضل تقرير القوة الناعمة فإنك تستطيع بنظرة واحدة معرفة ترتيب أكثر 30
دولة تقدما في مؤشرات القوة الناعمة على مستوى العالم.
وبناء على دراسات روبرت دال وفي مقدمتها دراسته الأساسية
عن مفهوم القوة (2) The Concept of
Power فإننا نستطيع أن نستنتج الملامح التالية لمفهوم القوة، فالقوة هي:
- مفهوم نسبي مقارن وبعيد تماما عن المعنى المطلق خصوصا
في الزمن الطويل والمتوسط.
- وهي مفهوم متغير باختلاف مكونات القوة خصوصاً مع
التطور التكنولوجي.
- وهي مفهوم مركب يكتسب طابعاً أكثر تقدما مع مرور الزمن.
- وهي مفهوم يحتوي على عدة أوجه مجتمعة في وقت واحد،
يمكن تجميعها في مجموعتين: القدرات capabilities والممارسات أو السلوك behavior
ويعرِّف روبرت
دال القوة على أنها قدرة طرف أو لاعب على التأثير في أفعال غيره من الأطراف
واللاعبين بما لم يكن يمكن تحقيقه بشكل آخر. وهذا التعريف الذي أطلقه دال يمكن أن
ينطبق في حال استخدام وسائل قوة الترهيب والإجبار coercive power كما يمكن أن ينطبق أيضاً في حال تحقيق تغيير في
سلوك الآخرين بوسائل قوة الترغيب persuasive power ولذلك، فإن
جوزيف ناي (3) في تعريفه للقوة يبني على المفهوم الذي صاغه دال مع فارق
جوهري ألا وهو التأكيد على تحقيق النفوذ بواسطة الترغيب وقوة الجذب المعنوية وليس
عن طريق قوة الضغط والإكراه ولا حتى عن طريق الترغيب باستخدام وسائل مالية.
وقد استمر
جوزيف ناي في تطوير مفهومه عن "القوة الناعمة" ليفارق بمفهومه ما استقر
عليه مفهوم القوة لدى روبرت دال. ومنذ نشر ناي كتابه الأول عن القوة الناعمة (4)
فإنه لم يتوقف عن الاشتباك مع غيره من علماء السياسة بشأن طبيعة ذلك المفهوم وأيضاً
بشأن إضفاء أكبر قدر من المرونة عليه بحيث يكون قادراً على تجنب الجمود أو العجز
عن تفسير أوجه القوة في الوقت الحاضر. وقد بلغ الجدل بشأن مفهوم "القوة
الناعمة" حد أن ناي نفسه وجد نفسه غريباً على المفهوم كما يجري تداوله بين
علماء السياسة. (5)
ما هي القوة
الناعمة؟
القوة الناعمة
إذن تعتمد على إحراز النفوذ بواسطة الإقناع والترغيب وتوفير مقومات التقدم والرقي
وتقديم النموذج الجذاب الذي يغري الآخرين بالحذو حذوه وتقليده، بينما القوة الصلبة
(المادية) تعتمد على فرض النفوذ بواسطة القوة المسلحة والعقوبات المادية، وقد ينتج
عن استخدامها في معظم الأحوال الكثير من الدمار والخراب والتأخر. إن القوة الناعمة
بتعبير آخر هي القدرة على خلق حوافز لتشجيع إقامة شبكات من العلاقات التعاونية
التي تعود بالفائدة على أطرافها، بصرف النظر عن معايير المكاسب أو المنافع النسبية
لكل طرف والتي قد تختلف بالنسبة لطرف عن غيره
من الأطراف. إنها علاقة win-win بين طرفين أو أكثر في سياق سلمي ينتج وفرة للجميع في
الآثار الكلية الناجمة عنه.
وبسبب طبيعتها
التي تختلف عن القوة الصلبة (المادية)، فإن القوة الناعمة تعتمد أكثر ما يكون على
مقومات تختلف عن تلك التي تعتمد عليها القوة الصلبة. إن استخدام القوة العسكرية
وهي الأداة المطلقة لفرض النفوذ يتطلب قرارات من مؤسسات رسمية مثل البرلمانات
والحكومات وقيادات الجيوش، لكن استخدام القوة الناعمة لم يعد يحتاج للإعتماد على
الحكومات والمؤسسات الرسمية، وإنما يعتمد أكثر ما يكون على الهيئات والمؤسسات غير
الحكومية مثل منظمات المجتمع المدني والشركات المتعددة الجنسية وحتى الأفراد. فقد
أدى انتخاب إيمانويل ماكرون في فرنسا إلى صعود بلاده في عام 2017 إلى قمة جدول
القوة الناعمة على مستوى العالم، بينما هبطت الولايات المتحدة إلى المركز الثالث
بسبب انتخاب دونالد طرامب! ولا شك أن شعار الحملة الإنتخابية لطرامب "أمريكا
أولاً" قد ترك صورة سيئة عن الولايات المتحدة في الخارج، وتأكدت هذه الصورة
عندما أعلن طرامب خروج بلاده من معاهدة باريس للمناخ. كذلك فقد أدى عزل الرئيسة
ديلما روسيف من كرسي الرئاسة في البرازيل عام 2016 إلى تراجع موقع البرازيل على
جدول القوة الناعمة العالمي لتهبط إلى المركز 29
مقارنة بالمركز 23 قبل عزل روسيف (6).
وقد ساعدت
تكنولوجيا الإتصالات الحديثة الأفراد على كسر الحواجز الجغرافية التي كانت تقوم
حائلاً بينهم وبين القدرة على التواصل، وهكذا نشأت شبكات وغرف تعارف ومحادثات بين
أفراد من بلدان ومناطق جغرافية مختلفة، ومن ثم فقد أصبح وعي الأفراد يتشكل بعيداً
عن وسائل الإعلام الرسمية التي تكرس بشكل أو بآخر نفوذ المؤسسات الرسمية مهما قيل
عن استقلال مؤسسات الإعلام التقليدي. وبذلك أصبح للأفراد دور أكثر أهمية في
التأثير على نظرة الآخرين إلى السياسات المحلية في بلدانهم، وهذه النظرة أو الصورة
التي تتكون لدى الآخرين تسهم بقوة في تشكيل مفهوم الآخرين عن قوة البلد أو حكومته
أو مدى رشاد وصلاح سياسته.
ومع ذلك، فإن
المؤسسات التقليدية تظل جزءاً من مقومات القوة الناعمة من حيث كفاءة وفاعلية
الأداء، وليس من حيث الحجم أو الثروة. ومن أهم مقومات القوة الناعمة التي ترتبط
بالمؤسسات الرسمية كفاءة وفاعلية ومهارة الديبلوماسية، وكفاءة ومهارة وفاعلية
السياسات العامة التي تعتمدها المؤسسات الرسمية وتعمل طبقاً لها في ميادين التجارة
والثقافة والرياضة والعلاقات العامة مع المجتمعات الأخرى بما في ذلك تنظيم
المهرجانات والمعارض والمسابقات وتشجيع الإبتكار والإختراع والدراسات والتطبيقات
التكنولوجية المتقدمة. إن جزءاً مهماً من نجاح مفاوضات إيران مع الدول الكبرى على
سبيل المثال يعود إلى "المهارة الديبلوماسية"، وهو ما ساعد على التوصل
إلى إبرام اتفاق يضمن حق إيران في مواصلة برنامجها النووي باستثناء مكونه العسكري
المتعلق بإنتاج سلاح نووي. في حين أن دولاً أخرى مثل ليبيا وسورية اضطرت إلى
التسليم في الجولة الأولى وتخلت عن برامجها في إنتاج أسلحة متطورة بدون مفاوضات
تقريباً.
كذلك، فإن
مصادر القوة الناعمة تتضمن مقومات تاريخية، مثل التاريخ والحضارة الفرعونية في حالة
مصر، ومثل مثيلاتها في بلدان مثل اليونان والصين والهند. ومن مصادر القوة الناعمة
كذلك مقومات جغرافية وهبات طبيعية مثل الموقع كما هو الحال في مصر التي تقع في
ملتقى طرق التجارة العالمية بين الشرق والغرب، ومثل الشواطئ المشمسة الخلابة على
شواطئها المطلة على البحرين الأبيض المتوسط والأحمر.
وعلى ذلك، فإن
مصادر القوة الناعمة تنقسم بين مقومات نوعية بشرية مثل المهارة والميل للتعارف مع
الآخرين والإختلاط بهم، وبين مقومات نوعية مؤسسية، وبين مقومات تكنولوجية ومقومات
ثقافية ومقومات تاريخية ومقومات طبيعية. التجسس السياسي والعسكري والصناعي
والتكنولوجي من مصادر القوة الناعمة.
ويحتاج استخدام
القوة الناعمة عموماً إلى الصبر وإلى الاتصال في التخطيط والتنفيذ وليس الانقطاع؛
فبسبب طبيعة مصادر القوة الناعمة، يحتاج الحصول على نتائج استخدامها أو توظيفها
إلى وقت أطول. وفي هذه الحالة، فإن نوعية الإدارة أو السياسة وطبيعة الإجراءات
التنفيذية للحصول على النفوذ من استخدام مصادر القوة الناعمة تحكم إنتاجية استخدام
مصادر القوة الناعمة. أما بالنسبة للقوة الصلبة، فإن استخدامها لفرض النفوذ لا
يحتاج للأجل الطويل، وإنما يتحقق ذلك أو يفشل مباشرة بعد توظيف واستخدام مصادر
القوة الصلبة في الأجل القصير. فالحروب قد تستغرق أياماً أو حتى سنوات، لكنها
تنتهي في أغلب الأحوال إلى نتائج مادية واضحة ومكشوفة، وذلك على العكس من استخدام
القوة الناعمة الذي لا تظهر نتائجه إلا عبر الزمن ومن خلال تراكمات بطيئة. فإذا لم
تتوفر شروط الصبر والاتصال والاستدامة، فإن استخدام مصادر القوة الناعمة يفشل في
تحقيق الأهداف المرجوة.
لقد سك جوزيف
ناي Joseph Nyeتعريف "القوة الناعمة" لكنني أعتقد أن ناي استفاد كثيراً من
كتابات جورج كينان George
Kennan (1904- 2005) الذي وضع أسس سياسة الإحتواء containment ضد الإتحاد
السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية، وأدرك بسرعة قوة القيود المفروضة على
استخدام القوة العسكرية بعد أول حرب نووية يشهدها التاريخ. لقد أدرك كينان أن
استخدام القوة ضد الإتحاد السوفييتي الذي يملك هو الآخر أسلحة نووية يمكن أن يؤدي
إلى دمار العالم. ومن ثم، فإنه دعا بدلاً من ذلك إلى استخدام أسلوب "الحرب
السياسة الشاملة" ضد الإتحاد السوفييتي والتركيز على ضرب "الأيديولوجية
السياسية" التي يقوم على أساسها الإتحاد السوفييتي. ومن ثم فقد وضع كينان
اللبنة الأولى لاستراتيجية التحول من الإعتماد على القوة الصلبة إلى الإعتماد على
القوة الناعمة، وكانت بداية الحرب الباردة تعتمد على إقامة علاقة توحد أو تخلق
تشابها وتطابقا بين "الشيوعية" التي تروجها موسكو وبين
"النازية" التي هزمتها الدول الحليفة بما فيها الاتحاد السوفييتي.
وباستمرار ترويج هذه المطابقة بين "الشيوعية" و"النازية" تحولت العقيدة السياسية
التي يقوم عليها النظام السوفييتي بعد فترة من الوقت إلى عقيدة مكروهة تدريجياً في
العالم الغربي، فتم وقف تقدم الحزب الشيوعي الإيطالي، ثم وقع الزلزال الكبير في
دول أوروبا الشرقية بسقوط سور برلين ومن بعده سقوط نفوذ الحزب الشيوعي داخل
الإتحاد السوفييتي نفسه حتى سقط النظام بأكمله بدون استخدام للقوة الصلبة.
لكن كتابات
جوزيف ناي لعبت بلا شك دوراً مهما في تطوير أسلحة المواجهة باستخدام مصادر القوة
الناعمة في السنوات الأخيرة بعد سقوط النظام السياسي في الاتحاد المسوفييتي وفي
دول المعسكر الاشتراكي. وتنامى تأثير أفكار جوزيف ناي بتأثير العولمة وانتصار
التكنولوجيا وفتح الأسواق على سياسات الحماية والإحتكار.
وفي كتابه
مستقبل القوة The Future of Power (2011) عرض
ناي لتفاصيل اثنين من أكبر وأعمق التغيرات التي تعصف بالنظام العالمي وبهياكل
القوة في دول العالم بسبب التحولات المصاحبة لعصر المعرفة والتجديد التكنولوجي،
هذه التغيرات التي يجب أن تؤدي إلى إعادة النظر في مفهوم القوة وفي خريطة توزيع
القوة في العالم. وقد استنتج ناي أن محور القوة يشهد حالياً انتقالاً من الغرب إلى
الشرق power shift كما يشهد في الوقت نفسه تغييراً عميقاً في طبيعة
توزيع القوة من التركز إلى الإنتشار power
diffusion مما ينقل القوة من مراكزها
التقليدية في المؤسسات الحكومية إلى وحدات غير حكومية وهو ما يكرس مظهراً جديداً
من مظاهر العولمة حيث تتكاثر تلك القوى التي تأكل من دور الدولة القومية التقليدية
nation state وتقلل من
قوتها داخلياً وخارجياً.
هل يمكن قياس
القوة الناعمة؟
تحيط بدراسة
القوة الناعمة صعوبات شتى من أخطرها صعوبة القياس، وذلك على العكس من القوة
المادية التقليدية التي يسهل قياسها بمؤشرات مادية قابلة للقياس. ومن ثم، فإن إدراك
مقومات القوة الناعمة باعتبارها مفهوماً مقارناً يتوقف على سلامة قياس مؤشراتها
المختلفة. وتعتبر المنهجية المستخدمة في تحديد وقياس مؤشرات القوة الناعمة في
تقرير (القوة الناعمة العالمي) من أفضل ما تم إنجازه حتى الآن على هذا الصعيد.
ويقسم التقرير مؤشرات القوة الناعمة إلى مجموعتين مختلفتين من حيث طبيعة كل منهما
ومن حيث طريقة قياسها:
-
المجموعة الأولى، عبارة عن مقومات موضوعية يبلغ وزنها النسبي 70% على
المؤشر العام للقوة الناعمة، وتشمل: الحكومة Government، المقومات
الرقمية Digital، الثقافة Culture ، المبادرة في
المشروعات Enterprise ، والتفاعل والإشتباك Engagement، والتعليم Education.
-
أما المجموعة الثانية فهي عبارة عن مقومات ذات طابع معنوي يتم تقديرها بناء
على استطلاع آراء خبراء في كل مجال منها، ويبلغ وزنها النسبي على المؤشر العام
للقوة الناعمة 30% وتشمل: مقومات معنوية مبنية على آراء واستطلاعات (وزنها النسبي
30%) وتشمل: المطبخ والأطباق الوطنية Cuisine والمنتجات التكنولوجية ذات المنشأ الوطني Tech Products والثقافة Culture ووفرة سلع
الرفاهية Luxury Goods والسياسة
الخارجية Foreign Policy والقابلية
للمعيشة Liveability.
ما هي مصادر
القوة الناعمة في مصر؟
يربط مفهوم
القوة الذكية smart power بين مكونات
ووسائل وأدوات توظيف القوة بمعناها الشامل (الصلبة والناعمة). وتتكون القوة
المادية الصلبة أساساً من الخصائص الديموجرافية للسكان والإنتاج الإقتصادي المادي
والقوة العسكرية. أما القوة الناعمة فإنها تشمل الثقافة (منتجات اللغة العربية)
ومنها الفكر الديني ومؤسساته والفنون والألعاب الرياضة والتعليم والعلم
والتكنولوجيا والمهارات الديبلوماسية والتاريخ والموقع والإعلام وغيرها. كما تشمل
القوة الناعمة جودة مؤسسات الدولة والمجتمع وأدوات إنتاج وتوظيف القوة وأدوات
إنتاج وتتنمية وتوظيف القوة ووسائل تعبئة نتائجها.
إن مصر من
الناحية الاقتصادية هي مجتمع زراعي بالأساس، ولم تتحول بعد إلى مجتمع اقتصاد صناعي
متشابك وقادر على الاستمرار. هذا المجتمع الزراعي الذي نشأ في مصر منذ قديم الزمان
كان يعتمد على وفرة الأرض ووفرة المياه، لهذا فإن هذا المجتمع أصبح الآن مهدداً،
لماذ؟ لأن مصادر قوته كمجتمع زراعي تحللت، فلا المياه وفيرة ولا الأرض خصبة، حيث
يميل المصريون إلى زيادة معدل التصحر عمداً بتبوير الأراضي الخصبة بقصد السكنى
والتوسع في الخدمات. لهذا، فإن الاقتصاد المصري يواجه "مشكلة بقاء" survival problem ، وهذه
المشكلة قد تحولت بالفعل إلى أزمة تتخذ وجوها متعددة مثل أزمة المياه وأزمة الأمن
الغذائي وأزمة انتشار المساكن العشوائية وأزمة تلوث الهواء والتربة والمياه. ومن
ثم، فإن وصولها إلى هذا المستوى في الظروف التي نعيشها يخلق وضعاً أشد تعقيداً
يصعب فيه تحقيق الخروج "تلقائياً" من الأزمة.
ومن الصعب هنا الحديث
عن استخدام القوة المادية التقليدية (العسكرية و/أو الإقتصادية) لتحقيق أهداف
خارجية بينما الاقتصاد يواجه مشكلة بقاء. ليس ذلك فقط، بل إن ديبلوماسية التعامل
مع الأزمة الناتجة عن بناء سد النهضة في إثيوبيا تشير إلى نقص شديد في المهارات
الديبلوماسية العامة التي تعتبر واحداً من أهم مصادر القوة الناعمة. ويعتبر تهديد
مصدر المياه الرئيسي لمصر واحداً من التحديات الخطيرة التي تمثل اختباراً للمصريين
(الحكومة والمجتمع والأفراد) فيما يتعلق باستخدام أو توظيف إمكانات القوة الناعمة
لتحقيق هدف تأمين إمدادات موارد المياه كأحد أهداف الأمن القومي المصري.
وتستمد مصر
قوتها الناعمة من المجموعتين السابقتين من مصادر القوة الناعمة حسبما يحددها تقرير
قياس القوة الناعمة على مستوى العالم وهو التقرير الأكثر مصداقية حتى الآن. وإذا
بدأنا بالمجموعة الثانية من المصادر التي تترك أثراً معنوياً على الآخرين والتي
تشمل الأطباق الوطنية والمنتجات التكنولوجيا المتطورة والثقافة وسلع الرفاهية
والسياسة الخارجية والقابلية للمعيشة، فسوف نجد أن لمصر مزايا قوية في بعضها مثل
الثقافة والأطباق الغذائية الوطنية بينما تقل هذه المزايا إلى حد كبير في منتجات
التكنولوجيا المتقدمة ووفرة سلع الرفاهية والسياسة الخارجية وكذلك في القابلية
للمعيشة. والأمر لا يتعلق هنا بأن يمنح المصريون لأنفسهم درجة في هذه المكونات،
لأن ذلك يتوقف على تقدير الآخرين. إن إحدى خصائص هذه المجموعة من المكونات أنها
تتوقف على أذواق وتفضيلات الآخرين.
أما المجوعة
الأولى والتي تستحوذ على 70% من مؤشر القوة الناعمة فإنها تعتمد على خمسة مكونات
رئيسية هي الحكومة، المقومات الرقمية، الثقافة، المبادرة في المشروعات، والتفاعل
والإشتباك، والتعليم.
وأستطيع أن
أقرر هنا بناء على بيانات تقرير التنافسية الدولية 2017 أن مؤشرات القوة الناعمة
لمصر تتسم بالضعف بشكل عام، إذ أن الترتيب العام لمصر على مؤشر التنافسية يضعها في
الثلث الأخير من دول العالم التي يشملها التقرير (مركز مصر هو رقم 100 من بين 137
دولة يشملها التقرير العالمي للتنافسية.(7)
السؤال الذي
يواجهنا هنا هو: هل تملك مصر مقومات للقوة الناعمة؟
الإجابة نعم.
مصر تملك الكثير من مقومات القوة الناعمة، لكن ممارسة القوة الناعمة يتطلب مهارة
شديدة في استخدام هذه المقومات. إن مقومات القوة الناعمة مثلها مثل جهاز الكمبيوتر
الذي يحتاج تشغيله إلى مصدر للطاقة، وإلى برامج تشغيل متعددة الأغراض. فإذا توفر
لديك جهاز الكمبيوتر فهذا شيئ جيد لكنه ليس كافياً على الإطلاق لممارسة القوة
الناعمة. فما هي إذن أهم مصادر القوة الناعمة في مصر؟
1- التاريخ، التاريخ ليس من صنع جيل واحد من البشر، وفي مصر
فإن أجيالاً طويلة صنعت تاريخ هذا البلد الذي ما تزال آثاره دليلاً عليه، سواء في
والمرحلة الفرعونية أو اليونانية/الرومانية أو الإسلامية أو في العصر الحديث.
ويعتبر تاريخ مصر وآثارها أحد أهم مقومات القوة الناعمة لمصر. ولهذا، فإن صناعة
السياحة ليست مجرد مورد للنقد الأجنبي بل إنها مصدر من مصادر تقديم صورة عظيمة
لمصر تتبادر إلى ذهن من يقرأ عنها أو يهتم بزيارتها أو يفكر في إنشاء مشروع فيها.
2- الموقع، موقع مصر هبة من الله تعالى، لم يصنعه المصريون
ولم يختاروه هو سابق لوجودهم، وهو أسهم في تشكيل حضارتهم وثقافتهم. وعلى مر
التاريخ كان موقع مصر سبباً من أسباب بلائها وأطماع الأعداء فيها. ومع ذلك فقد آن الأوان
لاستخدام الموقع كواحد من مصادر القوة الناعمة، فليست هناك دولة تتمتع بهذا الموقع
المركزي تجاريا وجيوستراتيجيا في العالم كله. هذا رأسمال غير مادي لم نبرع في
استثماره بعد.
3- الثقافة والفنون، تعتبر الثقافة من أهم مصادر القوة
الناعمة للدول والجماعات في العالم. وتقدم الثقافة في العادة صورة عن الجماعة
المعنية لدى الآخرين. وهناك دول برعت حتى الآن في تقديم ثقافتها إلى العالم بقصد
اكتساب حب الآخرين وتقديم صورة إيجابية إلى الخارج. وفي مصر توجد مصادر مهمة
للثقافة بوسعها أن تقدم صورة أفضل للعالم كله منها الدين الإسلامي والدين المسيحي
وفنون السينما والتليفزيون والفنون التشكيلية. وتعتبر تجربة الصين في تطوير
المعاهد الكونفوشيوسية على مستوى العالم تجربة رائدة في ميدان توظيف الثقافة كمصدر
من مصادر القوة الناعمة. المعاهد الكونفوشيوسية هي معاهد تشرف عليها وتضع برامجها
وزارة التعليم في الصين. ويبلغ عدد هذه المعاهد في الوقت الحاضر نحو 500 معهد في
125 دولة تقوم جميعها بتعليم اللغة الصينية ونشر ثقافتها في الخارج ورعاية الصينين
المقيمين في الخارج وتقديم الخدمات التعليمية إلى أبنائهم. وتتولى وزارة التعليم
الصينية تطوير برامج هذه المعاهد ووضع خطط لزيادة عددها وتوسيع نطاق أنشطتها في كل
أنحاء العالم. (8)
وتوجد لدى مصر مصادر أخرى مثل الألعاب الرياضية والتنوع البيئي تستطيع مصر تنميتها أو إحياءها للإسهام في بناء توليفة من القوة الناعمة تتكامل مع بقية متغيرات القوة لتحقيق أهداف الأمن القومي، وتعزيز القدرات التنافسية ورفع مستوى رفاهية المواطنين.
خاتمة
القوة الناعمة
هي السهل الممتنع في العلاقات الدولية وسياسات الأمن القومي. إنها سهلة لأنها
معنوية وهي صعبة للسبب نفسه؛ فإدراك القوة المعنوية قد يحتاج لأجيال بينما تحقيق
القوة المادية قد يحتاج سنة واحدة أو أقل. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية
والدمار الذي شهدته اليابان مع ضرب مدينتي هيروشيما ونجازاكي بالقنابل النووية،
أدرك كثير من علماء السياسة وصناعها في العالم أن استخدام الأسلحة النووية لتحقيق
النفوذ أو توسيع نطاقه على النطاق العالمي أصبح شبه مستحيل. ومع إن الولايات
المتحدة تدرس الآن تحديث ترسانتها النووية بإنتاج سلة من الأسلحة النووية الصغيرة
أو المتناهية الصغر، فإن صناع السياسة في واشنطن ربما يدركون في وقت قريب أن هذا
الخيار سيؤدي إلى إدانة عالمية واسعة النطاق، لأنه سيفتح الباب لموجة جديدة من
تدمير البشرية، لا يختلف فيها من يدمرها بقنابل صغيرة عمن يدمرها بقنابل كبيرة.
لقد أصبح إنتاج الأسلحة النووية خارج حدود المعايير الأخلاقية منذ نهاية الحرب
العالمية الثانية، ولا أظن إن هذا الوضع سيتغير.
ولذلك، فقد حث
علماء السياسة وصناعها على دراسة استخدام وسائل أخرى لتحقيق النفوذ والسيطرة. في
البداية قدم جورج كينان نظرية الإحتواء، وبعد نحو ربع قرن قدم جوزيف ناي نظرية
القوة الناعمة، وهي النظرية التي تقضي بتحقيق النفوذ أو التوسع فيه بطرق الترغيب
وليس بوسائل الحرب والتهديد والإجبار. ومنذ قدم ناي للعالم نظريته عن القوة
الناعمة (1991) حتى الآن تطورت هذه النظرية بشكل كبير وتفاعلت مع التغيرات التي
تجتاح العالم. وقد استنتج ناي أن موازين القوة في العالم تشهد اليوم تغيرات عميقة
أهمها تحول محور القوة إلى الشرق، وتحول مصادر القوة تدريجيا عن الدولة إلى شركاء
جدد لها في العلاقات الدولية أهمهم الشركات المتعددة القومية والمنظمات غير
الحكومية الوطنية أو الإقليمية أو العالمية المسلحة أو غير المسلحة، والمنظمات غير
الحكومية ذات الطابع العالمي مثل أمنستي إنترناشيونال وجرين بيس وغيرهما.
ويعد الإنتقال من الإطار النظري لدراسة القوة الناعمة إلى التطبيق أشد تعقيداً عما نتصور بسبب ما فيها وما يحيط بها من الصراعات ذات الطابع السياسي والإقتصادي والعسكري. وتتمتع مصر بالكثير من مقومات القوة الناعمة، خصوصاً القوة الناعمة الثقافية (الآثار والمتاحف والتاريخ والآداب والمسرح والموسيقى وفنون السينما والتليفزيون وغيرها)، كما تتمتع بمصادر قوة ناعمة في مجالات السياحة الشاطئية والألعاب الرياضية والوجبات الشعبية التقليدية (يمكن هنا تفسير استماتة إسرائيل من أجل تسجيل الفلافل كوجبة شعبية إسرائيلية). لكن مصر لأسباب كثيرة ما تزال عاجزة عن توظيف هذه المصادر بسبب ضعف المؤسسات وتشتت أهداف العمل على تنمية مصادر القوة. وتحتاج مصر إلى إعادة ترتيب أولوياتها فيما يتعلق بتنمية مصادر القوة واستخدامها على الوجه الأحسن، كما تحتاج إلى تطوير كفاءة المؤسسات المعنية ببناء القدرات وتوظيف واستثمار مصادر القوة الناعمة بحيث تتناسب مخرجات القوة الناعمة مع الموارد أو المصادر المتاحة لها.
هوامش وملاحظات
(1) يعود اهتمام الكاتب
بدراسات القوة إلى مطلع الثمانينات. وتضم كتاباته في هذا المجال عدداً من الدراسات
منها: - "ميزان القوة الإقتصادية بين مصر وإسرائيل: دراسة مقارنة للحالة
الإقتصادية عشية التطبيع" مجلة شؤون عريية، نوفمبر 1981 (منشورة باسم مستعار:
د. عثمان خليل، باحث اقتصادي مختص بالدراسات الإسرائيلية بسبب قيود إدارية على
النشر في ذلك الوقت). – "السياسة الخارجية العمانية من العزلة إلى ديبلوماسية
الوساطة" (مجلة السياسة الدولية – أكتوبر 1992)، ودراسات عن قوة مصر الإقتصادية
مقارنة بجيرانها (مجلة آفاق سياسية- المركز العربي للبحوث والدراسات) ودراسة عن القوة
الذكية في مصر (مجلة أحوال مصرية- أكتوبر 2017)، ثم دراسة أخيرة عن ميزان القوى في
الشرق الأوسط (المركز العربي للبحوث والدراسات) في كتاب تحت النشر (تحرير الدكتور
محمد السعيد إدريس) يتناول التوازن في الشرق الأوسط من جوانبه المختلفة.
(2) نشر روبرت دال دراسته عن
مفهوم القوة في مجلة (العلوم السلوكية) وطورها فيما بعد في دراسات لاحقة، لكن هذه
الدراسة ما تزال حتى الآن أحد الأركان الفلسفية والتحليلية لمفهوم القوة. انظر:
Dahl, Robert
A., “The Concept of Power”. Behavioral Science, 2:3 July 1957. pp.
201-215
(3) يعرف جوزيف ناي القوة
الناعمة على الوجه التالي:
“…the ability
to get what you want through attraction rather than coercion or payment” (Nye,
2004, p. x) which included “culture, values and foreign policies” (Nye, 2004,
p. 11).
- Nye, Jr.,
Joseph. “Soft Power: The Means to Success in World Politics”. New York. Public
Affairs. (2004)
(4) درس جوزيف ناي في كتابه
الأول التحديات التي أصبحت تواجهها السياسة الخارجية الأمريكية بعد انتصار
الولايات المتحدة على الإتحاد السوفييتي في الحرب الباردة. وأثار الكتاب قدراً
كبيراً من الإهتمام خصوصاً مع صياغة مفهوم "القوة الناعمة". انظر:
-
Nye,
Jr., Joseph. “Bound to Lead: The Changing Nature of American Power”. 1990.
(5) اعترف جوزيف ناي في محاضرة
له في معهد تشاتهام هاوس في لندن عام 2011
أن المفهوم المتداول لمصطلح "القوة الناعمة" الآن يختلف عما طرحه للمرة
الأولى في كتابه (1991) وكذلك عن التعديلات التي أدخلها هو عن المفهوم. بمعنى آخر
إعترف ناي أن مفهوم "القوة الناعمة" أصبح الآن ملكاً لعلم السياسة يصنع
به ما يشاء.
(6) راجع تقرير القوة الناعمة،
جامعة جنوب كاليفورنيا- الولايات المتحدة- 2017
-
The
Soft Power 30: A Global Ranking of Soft Power 2017. Portland. USC Center on
Public Diplomacy (CPD). 2017 وانظر أيضا
-
http://plus55.com/brazil-culture/2017/07/brazil-soft-power-falling
(7) تقرير التنافسية العالمي
-
World Economic Forum, "The
Global Competitiveness Report (2017-2018)
(8) على الرغم من أن الصين لم
تستخدم بعد قوتها الناعمة بما يعادل قدراتها في هذا المجال، فإن علماء السياسة
يهتمون إلى حد كبير بدراسة جهود الصين في استخدام قوتها الناعمة ومحاولة قياس تأثير
ذلك على سياستها الخارجية. انظر:
-
https://chinapower.csis.org/is-chinas-soft-power-strategy-working/
-
Nye, Joseph S. Jr. The Olympics
and Chinese Soft Power. / The Huffington Post. Mode of access: http://www.huffingtonpost.com/joseph-nye/the-olympics-and-chinese_b_120909.html