الحركة السلفية والمشاركة السياسية بعد 25 يناير
مما لا شك فيه أن ظاهرة اختلاط الدين بالسياسة
متعارف عليها منذ العصور الوسطى في أوروبا حيث تعاظم دور الكنيسة في مختلف
المجالات، ولقد اتخذت تلك الظاهرة موقعها في النظم العربية، وتزايدت، خاصة بعد
ثورات الربيع العربي حيث أدخلت ثورة 25 يناير معطيات جديدة على المعادلة السياسية
أبرزها انخراط الحركات الإسلامية عموماً، والحركة السلفية خصوصاً، في الحياة
السياسية مما أدى إلى تغيير في المسار المتوقع للثورة المصرية. وفي هذا السياق سعت رسالة
ماجستير بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية للباحثة منى الشورى، دراسة نشأة التيار
السلفي للوقوف على أسباب ارتباط المشاركة السياسية لذلك التيار والحراك الديمقراطي
الحادث في ثورة 25 يناير.
أولاً- ضبط المفاهيم
عرفت الدراسة في بادئ
الأمر مفهوم الحركات الإسلامية فهى تلك الحركة التي تشارك في الساحة السياسية
وتنادي بتطبيق الإسلام وشرائعه في المجال العام لتحقيق أهداف وغايات استناداً إلى
دلالات واستراتيجيات بعينها. واستناداً إلى ذلك فهي حركات سياسية بلا زيادة ولا
نقصان وبهذا تستقيم العلاقة بين الحدين مع أنها تذهب إلى أبعد من ذلك حيث يقال بأن
هذه الحركات لا تشكل إمتداد للفكر الإسلامي. لأنها تسعى لتحقيق مكاسب سياسية.
وأشارت الباحثة أيضاً إلى تعريف يوسف القرضاوي حين حددها بأنها ذلك العمل الشعبي
المنظم للعودة بالإسلام لقيادة المجتمع اعتباراً من أن الإسلام جاء لكل زمان
ومكان.
وقد أشارت الدراسة إلى
إشكالية تصنيف تلك الحركات الإسلامية حيث اختلفت الدراسات حيث يميل فريق من
الباحثين لاعتبارها حركات سياسية أو اجتماعية وهناك فريق آخر يرى أنه من الممكن
إلصاق وصف حركة احتجاج على جميع تلك الحركات لانها تعبر عن خصائص عامة للاحتجاج.
أما الإشكالية الأخرى التي تناولتها الدراسة تجلت في أن هذه الحركات تتأثر بعامل
التقويم الشخصي حيث أنه بجانب العوامل الأجتماعية والسياسية والثقافية يؤثر البعد
النفسي لكل شخصية منتمية لتلك الحركات على مسار الحركة.
وقد بينت الدراسة في
الإطار النظري لها إلى مفهوم السلفية حيث عرفته كاصطلاح على أنه السلف من الصحابة
والتابعين للإسلام من أهل القرون الأولى. أما من حيث المضمون فهو منهج الإسلام في
قمته وذروته الحضارية. لذلك يمكن القول أن التعريف الإجرائي للسلفية هي الرجوع إلى
الأصول والجذور في الاعتقاد والتوحيد والتمسك بالكتاب والسنة النبوية.
وقد فرقت الدراسة بين
السلفية والمفاهيم ذات الصلة:-
المنهج السلفي: من أبرز معالمه هو
تقديم الشرع على العقل ورفض التأويل والاعتماد على السنة والكتاب.
المجال السلفي العام: هو المجال الذي يتحرك
فيه كافة الكيانات المنتمية للسلفية لذلك فهو كيان غير محدد المعالم بل هو المحرك
الأساسي لكل الفاعليات المصبوغة بالسلفية.
أما الحركة السلفية
فكما ميزتها الدراسة هي الإطار الذي تتخذه هذه المعالم وتتحرك هذه الحركات تحت
رايته.
كذلك أوضحت الدراسة ضرورة التمييز بين السلفية والأصولية:
حيث أوضحت الدراسة أن السلفية تهدف إلى تطهير المجتمع من البدع والعادات و تتجاوز
كل المذاهب الإسلامية التي سبقتها فتدعو إلى الاجتهاد من الكتاب والسنة فقط فهي ضد
التأويل، أما الأصولية كما حددتها الدراسة فهي التي ظهرت في المجتمعات المتقدمة
نسبياً وهي تهدف إلى تقويض دور الدولة الوطنية.
ثانياً- عوامل ظهور الحركات الإسلامية
أشارت الدراسة الي العوامل التي ساعدت علي ظهور الحركات الاسلامية
في العالم العربي:
أبرز العوامل الداخلية:-
1-
العوامل السياسية: والتي يتفرع منها عدة عوامل هي سقوط الخلافة
العثمانية، فشل الأنظمة في تحقيق الوعود، ضعف مؤسسات المجتمع المدني وضئالة قدرته
على التأثير.
2-
العوامل الاجتماعية: فكما أوضحت الدراسة
أنها تنقسم إلى عدة عوامل منها التخلف الحضاري للدول العربية والإسلامية وزيادة
التكدس في المدن نتيجة الهجرة من الريف وأخيراً ظهور مجموعة من المفكرين مثل سيد
قطب وحسن البنا كل هذا كان داعماً لظهور فكراً سياسياً إسلامياً يتطور مع مرور
الزمن.
3-
العوامل الاقتصادية: ربطت الدراسة بين
إنتشار الحركات الإسلامية وزيادة الالتزام الديني بالأزمات الاقتصادية حيث أنه لم
يكن هناك أمام العامة من الشعب سوى الرجوع للدين. وقد ساعد ذلك عوامل أخرى:
·
العائدات النفطية بعد عام 1976: فقد كان للارتفاع
القياسي في أسعار النفط تأثيرات اقتصادية؛ حيث ازداد نفوذ البلدان النفطية وقاموا
بحملات إعلامية لضرورة الرجوع إلى الإسلام الصحيح والتمسك بالهوية الإسلامية.
·
فشل إيديولوجيات التنمية: أشارت الدراسة أن
اليأس الذي لحق بالعرب بشكل عام نتيجة تطبيق أو اتباع ممارسات سياسية جاءت من خلال
إنقلابات وهذا أفضى لتفضيل العرب للحل الإسلامي لحل الأزمات التي نتجت من أتباع
إيديولوجيات أخرى.
·
الفقر والتخلف والبطالة: حيث أن هناك علاقة
وثيقة بين ضغوط الفقر والتخلف وظهور الحركات الإسلامية كملاذ.
ثالثاً- الجذور التاريخية للسلفية
مرحلة السلفية الأولي: كان المسلمون في هذه المرحلة على دين واحد حيث كانت مرجعيتهم
واحدة وهي الرسول الذي يرجعون إليه في حل مسائلهم وفض نزاعاتهم، وبعد الرسول
تتابعت الفتن والخلافات السياسية والمسائل العقائدية التي بدأت بجدل الخلافة وأي
من الصحابة أحق بالخلافة، وتزامن مع ذلك الفتوحات الإسلامية والتي أدخلت شعوب ذات
ثقافات وديانات مختلفة، ثم ظهر الإمام أحمد بن حنبل الذي تبلورت السلفية الأولى
علي يده وامتازت تلك الفترة باستخدام العنف والقوة لكل ما لا يسير على نهجه حتى أنه
عندما توفى الإمام الطبري حالوا دون دفنه لأنه صنف كتاباً للفقهاء ولم يذكر فيه
أحمد بن حنبل. وبالغ إتجاه السلفية الأولي في إقصاء العقل والحرفية في التعامل مع
النص.
أما عن الظهور الثاني للسلفية الأولى على يد أحمد بن تيمية الذي أحيا السلفية الأولى وكانت في أوج نضوجها واكتمالها على يد ابن تيمية ومعه اتخذ المنهج السلفي صورته البنيوية.
السلفية الوهابية: أما المرحلة الثانية للسلفية فهي السلفية الوهابية وهي حركة إصلاحية تنسب إلى محمد عبد الوهاب وركزت تلك الحركة على الجانبين السياسي والديني؛ فأكد الجانب الديني على ضرورة العودة إلى أصول الدين وممارسات المسلمين الأوائل بعيداً عن الإضافات العقلية والتأويلات. أما الجانب السياسي فهو ثورة على الخلافة العثمانية. أكدت الدراسة أن السلفية والوهابية وجهان لعملة واحدة، فلديهما ذات المعتقدات والأفكار مع اختلاف المسميات حسب الإطار المكاني؛ فداخل جزيرة العرب تسمى وهابية أما عدا ذلك فيطلق عليها السلفية.
السلفية المتأخرة:
وتنقسم إلى:
أ- السلفية الإصلاحية: هي حركة سياسية تهدف إلى تخليص العالم
الإسلامي من المستعمرين وتدعو إلى توحيد العالم الإسلامي تحت راية الإسلام
والخلافة. وتؤكد السلفية الإصلاحية أنه لا تعارض بين الدين والعقل، والتأكيد على
أهمية العقل في إدراك الشريعة وذلك محاولة منها لتجديد وتنشيط الحضارة الإسلامية
لتتماشي مع كل عصر. من أهم رواد تلك الحركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
ب- السلفية الجهادية: أشارت الدراسة أن مؤسس السلفية الجهادية هو
سيد قطب وأن كتابه "معالم في الطريق" بمثابة الدستور والبيان الذي ترتكز
عليه هذه الحركة في مجمل أطروحاتها في آلية العمل والتغيير، وهو مصطلح يطلق على
الجماعات الإسلامية الحديثة المتبنية الفكر الجهادي والمؤمنة بجدوى العنف
كالقاعدة.
رابعاً-
المدارس السلفية في مصر
أشارت الدراسة أن من
الصعب التعامل مع السلفيين ككتلة واحدة وفي الوقت ذاته من العسير وضع الإطار
التصنيفي لمكونات التيار السلفي، ولحل تلك الإشكالية استعانت الباحثة بالتصنيف
الأقرب إلى الواقع المعاش بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير:
أ- السلفية العلمية
(التقليدية): فهي كما أوضحت الدراسة أنها السلفية القديمة والتي تركز على العلم
الشرعي وترفض الإلتحاق بأي عمل تنظيمي حتى عضوية الجمعية الشرعية، وتتجلي في شكل
مدارس علمية ولكل مدرسة شيخ وله عدد من الطلاب يتبعونه في كافة آرائه وأفكاره
ويفوق ولائهم للشيخ والمدرسة أي ولاء آخر ويتفرع من السلفية العلمية عدة مدارس،
أهمهم هي الدعوة السلفية:
· الدعوة السلفية: بدأ عملهم في عام 1980 عندما
قرر الشباب السلفيون العمل بطريقة منظمة واشتهروا إعلامياً وفي أوساط الجماعات
الإسلامية بسلفية الإسكندرية، يقوم اعتقادهم بشكل أساسي على العودة إلى أخذ
الإسلام من أصله من الكتاب والسنة ويهتمون بمسائل التوحيد وتصحيح العقيدة والنهي
عن البدع والخرافات ويعطون اهتماماً كبيرا للتراث ومقولات الأئمة، ودخلت الجماعة
السلفية العمل السياسي بإنشاء حزب النور وتعتبر الإسكندرية المعقل الرئيسي لهم ومن
أبرز شيوخها ياسر برهامي ونادر بكار و عماد عبد الغفور.
ب- السلفية الحركية: يتطابق منهج السلفية
الحركية مع منهج الدعوة السلفية (الإسكندرية) إلا أن السلفية الحركية تفوق عن
الدعوة السلفية في تكفيرها للحاكم الذي يحيد عن الشرعية علناً ويجهرون في خطابهم
الدعوي ويحرمون المشاركة السياسية ومع ذلك انشأوا حزب الأصالة كذراع سياسي لهم،
تعد القاهرة الكبرى المعقل الرئيسي للسلفية الحركية ومن أبرز مشايخها محمد عبد
المقصود وفوزي سعيد وحسن الأشبال الذي أفتى بتكفير المجلس العسكري.
ج- السلفية المدخلية: توصف تلك السلفية
بسلفية السلطان أو الطاعة. لا تختلف المدخلية عن باقي التيارات المحسوبة على
السلفية في اعتقادهم بعدم الخروج علي الحاكم المسلم وإن كان فاسقاً، إلا أن
المدخلية تضيف على ذلك أنه لا يجوز معارضة الحاكم إطلاقاً أو حتى تقويمه علناً وعدا
ذلك يعد خروجاً عن الحاكم المسلم. كما تتميز السلفية المدخلية في اعتبارها الجماعة
المسلمة هي الدولة والسلطان؛ ولذلك فهي اعتادت أن تشن هجوماص على الجماعات
الإسلامية لأنهم خوارج على النظام. ويعد التواجد الأكبر لهم في القاهرة وأبرز
مشايخها محمود لطفي عامر و محمد سعيد رسلان.
د- السلفيون المستقلون: يعتبر السلفيون
المستقلون إمتداداً للتيار السلفي الدعوي فهم يرفضون الدخول في حلبة السياسة وإن
كانوا يبدون آرائهم في الشأن السياسي عن طريق الخطب الدينية في المساجد أو وسائل
الإعلام ولا يتعدى كلامهم السياسي شرح المشهد السياسي، ويتميزون بالهدي الظاهر في
المسائل ذات الصلة بالملابس واللحية وشعر الرأس والحجاب. وللسلفيون المستقلون
تأثير إيجابي في أوساط الشباب والفتيات وليس لهم واقع جغرافي معين فهم ينتشرون في
جميع المحافظات ومن أبرز شيوخها محمد حسان وأبو إسحاق الحوينى.
أهداف السلفية :-
تعتبر
الدعوة السلفية أن دعوتها هي الدعوة الإسلامية ذاتها لذلك فإن أهداف أحدها هي
أهداف الأخرى، وتتمثل تلك الأهداف في
إيجاد المسلم الحقيقي، فأشارت الدراسة إلى أن المسلم الحق هو ذلك الذي يؤمن
بالوحدانية وتنفيذ أوامر الله والبعد عن نواهيه وبالتالي إيجاد المجتمع المسلم،
وقد أكدت الدراسة أن إيجاد المجتمع المسلم من أسمى الأهداف التي تسعى اليها
السلفية، فالمجتمع المسلم هو الذي تكون فيه كلمة الله هي العليا ويحكم عادة تلك
المجتمع.
موقف السلفيين من الآخر:-
أشارت
الدراسة إلى موقف السلفين المتشابك مع الأقباط والكنيسة، وظهر ذلك جلياً من خلال
تصريحات ممثلي حزب النور حيث اشترط الحزب على ضرورة البقاء على المادة الثانية
وعدم المساس بها إبان كتابة الدستور، وكذلك أكد على إلزامية جعل الشريعة الإسلامية
كمرجعية حاكمة بكل شيء حتى تلك الأمور الخاصة بالحرية الدينية للأقباط. أما عن موقفهم
إزاء الأحداث الطائفية الواقعة بعد ثورة 25 يناير مثل هدم كنيسة أطفيح وقطع أُذن
الشاب المصري، فقد أنكروا صلتهم بتلك الأحداث، كما أنهم اتخذوا موقفاً معادياً
إزاء تعيين مسيحي محافظاً لقنا وقاموا باعتصام وذلك استناداً إلى أنه لا ولاية
لكافر على مسلم، كما كان لهم العديد من المظاهرات التي تستدعي أحداث سابقة خاصة
بالفتاتين اللتين دخلتا الإسلام، وهما وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة.
خامساً- المشاركة السياسية للسلفيين:
إن مفهوم المشاركة
السياسية، حسب الدراسة، يشمل كل الأنشطة التي يقوم بها الفرد ويشارك من خلالها في
اختيار النخبة الحاكمة وصياغة السياسات العامة للدولة بقصد التأثير في عملية صنع
القرار الحكومي. وربطت الدراسة بين مستوى المشاركة السياسية والديمقراطية
باعتبارها من أهم مؤشرات الديمقراطية حيث تقاس مدى ديمقراطية دولة ما من خلال حجم
المشاركة السياسية بها.
كما أوضحت الدراسة أن
أشكال المشاركة السياسية تختلف تبعاً لاختلاف طبيعة النظام السياسي السائد فقد تكون
المشاركة السياسية إيجابية بصورة سلمية مثل التصويت في الإنتخابات أو الانضمام إلى
أحد الأحزاب السياسية أو النقابات العمالية والمهنية. وقد تتخذ المشاركة السياسية
طابع سلمي آخر لممارسة الضغط على السلطة لتلبية مطالبهم مثل الاضطرابات أو
المظاهرات. ومن الممكن أن تكون المشاركة السياسية سلبية بصورة غير سلمية أو شرعية
منها استعمال العنف أو إتلاف الممتلكات العامة أو إهانة رموز الدولة. وعلى الرغم
من أن تلك المشاركة تصنف سلبية من جانب النظام السياسي إلا أنها قد تؤتي بثمارها
بالنسبة للعملية السياسية.
وللمشاركة السياسية
تأثير عظيم سواء على حياة الأفراد أو على السياسة العامة للدولة، فعلى صعيد حياة
الفرد فالمشاركة السياسية تشعره بالكرامة فتضع تلك المشاركة الخط القاسم بين
واجبات ومسؤليات كلاً من الحاكم والمحكوم. أما على مستوى السياسة العامة للدولة
فالمشاركة السياسية تجعل الحاكم على وعي بأنه مراقب مما يساعد على رفع كفاءة
النخبة الحاكمة حيث لا تستأثر تلك الطبقة بالمشاركة وبالتالي تصبح حكراً عليهم.
وأوضحت الدراسة أن
للعزوف عن المشاركة السياسية أسباب عدة منها المناخ السياسي العام، أي طبيعة
النظام السياسي ونسقه الأيديولوجي فمن المحتمل أن تضع النخبة الحاكمة العديد من
العوائق أمام مشاركة المواطنين في العمل السياسي كقمع المعارضة وضرب إرهاصات
الديمقراطية أو الشعور بالاغتراب على أرض الوطن مما ينمي لديهم الإحساس باللامبالاة
والسلبية وبالتالي فقدان الجماهير الثقة في المعتقدات السياسية حيث يشعرون بمدي
الفجوة بين ما تعلنه الحكومة وما تشعر به من ضغوط على أرض الواقع. وكذلك الأعباء
الملقاة على كاهل المواطن وزيادة الضغوط الاقتصادية بما تجعله أكثر اهتماماً
بتدبير شئونه الحياتية وبالتالي يعزف عن المشاركة السياسية.
وقد تجلت المشاركة
السياسية للتيار السلفي بعد 25 يناير من خلال محطات فاصلة في تاريخهم :-
· المشاركة السلفية في إعداد
دستور 2012 والاستفتاء عليه
بدأت المشاركة السياسية الفعلية للتيار السلفي
بحشد الناخبين للتصويت بنعم على التعديلات الدستورية والتي عُرفت بغزوة الصناديق
ونجحوا في تحقيق هدفهم وتمرير التعديلات بنسبة 77% وذلك لقدرة السلفيين على حشد كل
قواتها وأفرادها وشيوخها. وطبقاً لخطة تداول السلطة التي رسمها المجلس الأعلى
للقوات المسلحة تم اختيار مائة عضو من مجلس الشعب والشورى لكتابة دستور جديد. ثم عقب
ذلك المشاحنات التي تمت داخل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور والتي افتقدت
التوافق السياسي المطلوب لخلق دستور معبراً عن الثورة ومطالبها وضامناً لحقوق كافة
الشعب المصري. حيث تمسك التيار السلفي بفرض إيديولوجيته وضرورة تطبيق الشريعة
الإسلامية وجعلها المرجع الأساسي للتشريع مما دفع ممثلو التيارات الأخرى للانسحاب،
كما أشارت الدراسة إلى رؤي السلفيين للقضايا المثيرة للجدل فندد برهامي بالمطالبة
بحذف خانة الديانة وخانة النوع كما اعترض على استبدال عبارة "أحكام الشريعة
الاسلامية" بـ "مبادئ الشريعة الإسلامية".
· إنشاء
الأحزاب السلفية
بعد ثورة يناير ظهر ما يقرب من 6 أحزاب محسوبة
على التيار السلفي، وهنا تجلت المفارقة بين منهج المدارس السلفية واتجاه كل منها
للانخراط في العمل السياسي. ركزت الدراسة على قراءة برامج الأحزاب المحسوبة على
التيار السلفي والتي قررت الانخراط في السياسة والمعروفة باسم التحالف السلفي الذي
يسعى إلى إنشاء دولة إسلامية، ومنها حزب النور، حزب الأصالة، وحزب البناء والتنمية.
وقد أشارت الدراسة أن
الاستراتيجية الانتخابية للتحالف السلفي اعتمدت على عدة محاور:
· الاستفادة من أعداد السلفيين المنتشرين في مصر وتحويلهم
إلى أصوات انتخابية واستثمار شعبية الشيوخ السلفيين في الدعاية الانتخابية لمرشحي
التيار السلفي وأيضاً اعتماد التيار السلفي على ظهور نفسه كفصيل ثالث يقف في الوسط
بين الاستقطاب الليبرالي والإسلامي.
· نجاح السلفيين وانخراطهم في
تلك الانتخابات يرجع إلى عدة أسباب جوهرية منها استطاعة السلفيين أن يحشدوا جمهورهم
الدعوي الضخم وذلك باللعب على أوتار الجنة والنار وإقحام السياسة في المساجد، وكذلك
التشوهات التي تعرض لها التيار السلفي أدت إلى تعاطف الشعب المصري معهم وبذلك لم
يعد فصيل الإخوان المسلمين في أذهان المصريين هو الممثل الوحيد لتيار الإسلام
السياسي.
· أشارت
الدراسة أن انتخابات مجلس الشورى من إحدى المشاركات الفاصلة للسلفيين، حيث اتسمت
تلك الانتخابات بمستوى متدني من المشاركة والاهتمام، وأرجعت الدراسة ذلك الافتقار
إلى الأبعاد السياقية البيئية وأيضاً إلى الإجهاد الذي أصاب الناخب من كثرة الاستحقاقات
الديمقراطية آنذاك وأخيراً إلى نقص الثقافة السياسية للمصريين.
· أثار نجاح حزبي الحرية
والعدالة والنور في انتخابات مجلس الشعب القلاقل وأثر على الحسابات السياسية
للتيار الليبرالي والعلماني في انتخابات مجلس الشورى التي أوضحت اكتساح الإسلاميين.
والمتفحص في هذه النتائج يمكن أن ينتهي إلى عدة أنه كان هناك ميلاً لدى الناخبين إلى
دعم التوجهات الإسلامية سواء إتباعاً للدين أو من منطلق تجربة الأيديولوجية
الإسلامية وذلك لتراجع الأحزاب الليبرالية
وفشلها في تكوين تحالف باسمها كما أن الإنتخابات لم تكن معبرة عن إرادة
سياسية حقيقية وذلك لضعف الإقبال عليها بل كانت انتخابات شكلية استطاع فيها التيار
الإسلامي إثبات قدرته على التعبئة والحشد.
ختاماً،
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها:
- أن الحركة السلفية رغم
اختلافها إلا أنها تتفق في قاسم واحد، فجميعها ينادي بتطبيق الإسلام وشرائعه في
مختلف مجالات الحياة وذلك استناداً أن الإسلام دين وسياسة. واستخدمت الحركات
السلفية كافة الأساليب للوصول إلى أهداف بداية وسائل الإعلام التي نجحت في
استغلالها لتحقيق أهدافها السياسية.
- اعتبار الفكر الإسلامي
نتاج حراك مجتمعي فهو ليس نتاجا ثقافياً موروثاً.
- كان هناك تحول واضح في
خطاب الأحزاب الإسلامية وفي تعاطيها مع المتغيرات السياسية، فهناك ميل إلى
الانتقال من الهامش الأيديولوجي إلى المركز السياسي.
ومع
ذلك، فقد أكدت الدراسة أن الفكر السلفي يحتاج إلى مرجعيات أكثر تطوراً خاصة بعد التطورات
التي لحقت به عقب 25 يناير، وبعد 30 يونيه بعد ذلك.