أطر مؤسسية: السعى لبناء ثقافة التعايش المشترك
الأحد 12/يونيو/2016 - 12:14 م
بقلم: نبيل عبد الفتاح
فى دول ومجتمعات تعددية، تسودها الانقسامات الدينية والمذهبية والطافية والعرقية واللغوية والقومية، وهو ما يطلق على بعضها المجتمعات الانقسامية عادة ما تثور النزاعات فيما بين مكوناتها الأولية حول الأدوار النسبية لها فى الدولة وأجهزتها، وصلاحياتها، ومستويات التمثيل السياسى فى إطارها. تمتد بعض هذه النزاعات حول المواطنة وحقوقها، والحيف والظلم الاجتماعى والسياسى والاقتصادى لبعض هذه المكونات لاسيما الأقليات الأقل عدداً فى تكوينها كما حدث ولا يزال فى العالم العربى قبل بناء دولة ما بعد الاستقلال أو بعدها. بعض الأكثريات الدينية هيمنت على عمليات بناء الدولة وأجهزتها وسيطرت عليها فى ظل أنظمة تسلطية أو شمولية أو عائلية أو قبلية.
بعض هذه الأنظمة كانت الغلبة فيها لبعض الأقليات الدينية المذهبية، من هنا شهدت بعض هذه الدول ومجتمعاتها أشكال مروعة من القمع المؤسسى الممنهج فى ظل انتهاكات للحريات العامة والشخصية، ولحقوق مكونات أساسية فيها، وظلت التوترات مكتومة حيناً، ومنفلتة حينا آخر فى ظل انتهاكات لحقوق المواطنة كلها أو بعضها. لا شك أن تراكم عنف هذا النمط الانقسامى الدولتى، أدى إلى نزاعات وتوترات بين المكونات الأساسية وانتماءاتها الأولية، ومن ثم إلى اعتماد سياسة بوتقة الصهر القمعية عبر أدواتها الدولتية والنظامية العنيفة والممنهجة، وهو ما لم يؤدى إلى إنتاج موحدات وطنية طوعية ومؤسسية وقانونية، ومن ثم أثرت بنيويا على عمليات بناء الدولة الوطنية.
فى أعقاب ما سمى مجازاً بالربيع العربى، وانتفاضاته الثورية حدث انكشاف لعديد من دول ما بعد الاستقلال، وإنهار بعضها كما فى اليمن، وليبيا، واجتاحت الصراعات الحادة سورية، وقبلها العراق، وأصبحت دولة ما بعد الاستقلال عارية تماماً، والأخطر تفاقم النزاعات الدينية والمذهبية، بل وبروز ما نطلق عليه الصراعات المذهبية المسيسة داخل هذه الدول والمجتمعات وفيما بين بعضها بعضاً، ومن ثم أعيد مجدداً طرح موضوع ثقافة التعايش المشترك، وذلك لمعالجة المشكلات الدينية والمذهبية والعرقية والقومية.. الخ داخل هذه المجتمعات العربية وغيرها، ومن بينها مصر فى أعقاب التوترات والاحتقانات الدينية والمذهبية قبل وبعد 25 يناير، و 30 يونيو 2013، فى ظل تحول بعض النزاعات الاجتماعية العادية –مشاجرات، وخلافات الجيرة، والرى، والمرور، والعلاقات الشخصية والحميمة بين متعددى الأديان، والتحول الدينى- إلى نزاعات طائفية، أثرت سلباً على الموحدات الوطنية والجوامع المشتركة بين أبناء الأمة المصرية.
فى هذه الدراسة الوجيزة نحاول مقاربة هذا المفهوم وتاريخه، وتغيراته، وذلك على النحو التالى: أولاً: التعايش محاولة فى ضبط مفهوم سائل وغامض. ثانياً: المتغيرات على الصعيد الدولى المعلوم وما بعده. ثالثاً: التغيرات على الصعيد الإقليمى. رابعاً: التغيرات الداخلية فى مصر. خامساً: التحديات التى تعوق ترسيخ التعايش المشترك. سادساً: فى الفرص المتاحة إزاء المخاطر المحدقة على التعايش والمواطنة. سابعاً: الفرص المتاحة إقليمياً. ثامناً: الفرص المتاحة مصرياً. تاسعاً: الأسباب الدافعة لتفعيل أطر مؤسسية للتعايش. عاشراً: ماهية الأطر المؤسسية المطلوبة على المستوى القانونى والسياسى والثقافى لتفعيل التعايش والمواطنة؟
بعض هذه الأنظمة كانت الغلبة فيها لبعض الأقليات الدينية المذهبية، من هنا شهدت بعض هذه الدول ومجتمعاتها أشكال مروعة من القمع المؤسسى الممنهج فى ظل انتهاكات للحريات العامة والشخصية، ولحقوق مكونات أساسية فيها، وظلت التوترات مكتومة حيناً، ومنفلتة حينا آخر فى ظل انتهاكات لحقوق المواطنة كلها أو بعضها. لا شك أن تراكم عنف هذا النمط الانقسامى الدولتى، أدى إلى نزاعات وتوترات بين المكونات الأساسية وانتماءاتها الأولية، ومن ثم إلى اعتماد سياسة بوتقة الصهر القمعية عبر أدواتها الدولتية والنظامية العنيفة والممنهجة، وهو ما لم يؤدى إلى إنتاج موحدات وطنية طوعية ومؤسسية وقانونية، ومن ثم أثرت بنيويا على عمليات بناء الدولة الوطنية.
فى أعقاب ما سمى مجازاً بالربيع العربى، وانتفاضاته الثورية حدث انكشاف لعديد من دول ما بعد الاستقلال، وإنهار بعضها كما فى اليمن، وليبيا، واجتاحت الصراعات الحادة سورية، وقبلها العراق، وأصبحت دولة ما بعد الاستقلال عارية تماماً، والأخطر تفاقم النزاعات الدينية والمذهبية، بل وبروز ما نطلق عليه الصراعات المذهبية المسيسة داخل هذه الدول والمجتمعات وفيما بين بعضها بعضاً، ومن ثم أعيد مجدداً طرح موضوع ثقافة التعايش المشترك، وذلك لمعالجة المشكلات الدينية والمذهبية والعرقية والقومية.. الخ داخل هذه المجتمعات العربية وغيرها، ومن بينها مصر فى أعقاب التوترات والاحتقانات الدينية والمذهبية قبل وبعد 25 يناير، و 30 يونيو 2013، فى ظل تحول بعض النزاعات الاجتماعية العادية –مشاجرات، وخلافات الجيرة، والرى، والمرور، والعلاقات الشخصية والحميمة بين متعددى الأديان، والتحول الدينى- إلى نزاعات طائفية، أثرت سلباً على الموحدات الوطنية والجوامع المشتركة بين أبناء الأمة المصرية.
فى هذه الدراسة الوجيزة نحاول مقاربة هذا المفهوم وتاريخه، وتغيراته، وذلك على النحو التالى: أولاً: التعايش محاولة فى ضبط مفهوم سائل وغامض. ثانياً: المتغيرات على الصعيد الدولى المعلوم وما بعده. ثالثاً: التغيرات على الصعيد الإقليمى. رابعاً: التغيرات الداخلية فى مصر. خامساً: التحديات التى تعوق ترسيخ التعايش المشترك. سادساً: فى الفرص المتاحة إزاء المخاطر المحدقة على التعايش والمواطنة. سابعاً: الفرص المتاحة إقليمياً. ثامناً: الفرص المتاحة مصرياً. تاسعاً: الأسباب الدافعة لتفعيل أطر مؤسسية للتعايش. عاشراً: ماهية الأطر المؤسسية المطلوبة على المستوى القانونى والسياسى والثقافى لتفعيل التعايش والمواطنة؟
أن التعايش يعنى التعلم للعيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر
أولاً: التعايش: محاولة فى ضبط مفهوم سائل وغامض
ما معنى التعايش على الصعيد اللغوى؟
يشير المعجم الوسط، إلى أن التعايش من العيش، والعيش الحياة.
ويمكن أن تتساءل أى نمط من الحياة هل الحياة الفيزيقية هل الحياة الاجتماعية ومحمولاتها وتأسيسها السوسيو- ثقافى؟ هل الحياة الدينية؟ هل الحياة السياسية والاقتصادية؟ هل التعايش هو الحياة القيمية، بين أنساق قيمية متعارضة وغير مؤتلفه؟
فى معجم المعانى الجامع تعايش (فعل) تعايش يتعايش، تعايشاً، فهو متعايش.
تعايشوا: عاشوا على الألفة والمودة تعايش الناس: وجدوا فى نفس الزمان والمكان.
متعايش: فاعل من تعايش
فى قاموس المعانى:
1- تعايش: تعايش يتعايش، تعايشًّا، فهو متعايش.
2- تعايش الجيران عاشوا على المودة والعطاء وحسن الحوار:- تعايش الرفيقان فى غربتهما على الألفة، تعايشت الدولتان تعايشَّا سلمياً: الاتفاق على عدم الاعتداء.
- تعايش النّاسُ: وجدوا فى نفس الزَّمان والمكان.
عَّيشَِ: عَّيشَِ يعيش، تعيشَّا، فهو يعيش، والمفعول تعيش. عيشك الله عيشة رضيَّه أعاشك، أحياك وجعلك تعيش:- عَّيشك الله فى فرح وسعادة،- عيشه ولده فى ضيق وألم،- عيشنا فى رضَّى.
تعيش: تعيش متعيش، تعيشًا، فهو متعيش:-
- تعيش الشخص سعى وراء أسباب المعيشة:- تعيش من الزراعة/ حرفة بسيطة/ عمل يده.
تعايش الجيران: عاشوا على المودة والعطاء وحسن الجوار:
تعايش: الرفيقان فى غربتهما على الألفة- تعايشت الدولتان تعايشا سلمياً:
تعايش: سلمى: العبارة استعملت بكثرة خلال الحرب الباردة للدلالة على أن الاتحاد السوفيتى السابق والولايات المتحدة رغم فوارق نظاميها يمكنكهما أن يتعايشا دون اللجوء إلى الحرب. وقد تستعمل العبارة أيضا بمعنى حاجة خصمين إلى التفكير فى حل سلمى يرضى الطرفين والعيش بسلام.
مصطلحات سياسية
- تعايش (ع ى ش) (مصدر تعايش).
1- مجتمع طائفى يعيش أهله فى تعايش ووئام:- يعيشون فى تساكن وتوافق داخل المجتمع على الرغم من اختلافهم الدينى والمذهبى.
2- تعايُش:
1- مصدر تعايش
2- عيش مشترك بين أقوام يختلفون مذهبا أو ديناً أو بين دول ذات مبادئ مختلفة:
3- الأحياء: اعتماد متبادل بين الكائنات الحيَّة، من النبات أو الحيوان، فى الغذاء والنمو والإعانة.
(المعجم: اللغة العربية المعاصر)
من مجمل هذه التعريفات اللغوية السابقة يبين أننا أمام مفردة/ فعل ومشتقاتها اللغوية تتسم بالغموض الشديد، وحتى فى استخداماتها فى المجالين الاجتماعى والسياسى، تشير إلى العمومية والسيولة وعدم الانضباط الدلالى.
يبدو لى من خلال متابعة بعض أدبيات الحوار الدينى والطائفى واستطلاع قاموس خطاباته السائلة والغامضة، أن هذا المفهوم استعير من مجال العلاقات الدولية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وهو مفهوم التعايش السلمى الذى كان جزءاً من مصطلحات ما بعد الحرب من مبادرة تقدم بها خروتشوف عام 1956 فى محاولة للقفز على التباينات الإيديولوجية والتناقضات بين الكتلة السوفيتية والكتلة الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال:
1- قبول تعدد المذاهب الإيديولوجية.
2- اللجوء إلى المفاوضات لحل النزاعات الدولية.
3- تجنب التدخل فى الشئون الداخلية للدول.
4- تجنب الديبلوماسية السرية أو التجسس الهدام.
أذن هذا المصطلح من أبناء اللغة السياسية الدولية أثناء الحرب الباردة وتبنته بعض دول حركة عدم الانحياز، ويعنى التعايش بين الكتلتين الرأسمالية والاشتراكية. أى التعايش على التناقضات وفى ظلها والقبول بها رغم الاختلاف فى الأنظمة الإيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمصالح، من خلال اللجوء إلى آليات التفاوض الدولى لحل النزاعات الدولية، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.
ويبدو لى أن هذا المصطلح قد انتقل من مجال العلاقات الدولية والحرب الباردة إلى مجال النزاعات الدينية البينية، والمذهبية والطائفية فى المجتمعات الانقسامية حول الولاءات والانتماءات الأولية حول الطائفة والدين والمذهب والعرب واللغة.. الخ.
ترددت كلمات التعايش، والعيش المشترك في أدبيات الحوار الطائفى والدينى فى لبنان على الغموض فيما بينها، وربما استعارة من مجال المصطلح الأساسى التعايش السلمى إلى المجال الدينى/ الطائفى/ المذهبى الانقسامى فى لبنان، ثم تمدد إلى الفريق العربى للحوار، وجُله لبنانيون أساساً، وهم مُحركيه مع بعض من أعضاءه فى الدول العربية- سوريا والعراق، والأردن وفلسطين، ومصر والسودان- وهى مجتمعات انقسامية أساساً، ولم تترسخ فيها الدولة القومية، أو مفهوم الأمة الواحدة. من ثم نحن إزاء مصطلح لا يتلائم مع مفاهيم الدولة الحديثة والآلة الاصطلاحية لها فى إدارة المجتمعات الموحدة أو الانقسامية.
السمة الرئيسة فى تعريف كلمة التعايش –لدى جماعات الحوار الدينى- هو علاقتها بكلمة "الآخرين" والاعتراف بأن "الآخرين" موجودون. وأن التعايش يعنى التعلم للعيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر".
ووفق –كوما ربسنكة - فى ما هو التعايش؟ ترجمة ذاكر آل حبيل "فلقد عرفت هوياتنا العلاقة مع الآخر، فعندما تكون العلاقات إيجابية وعلى قدم المساواة معه، فإن ذلك سوف يعزز الكرامة والحرية والاستقلال، وعندما تكون العلاقات سلبية ومدمرة فإن ذلك سيقوض الكرامة الإنسانية وقيمتنا الذاتية.(ص1).
نحن إذن إزاء مفهوم مراوغ على الرغم من أنه يتوجه إلى التعايش فى المجالات الاجتماعية والدينية والمذهبية والطائفية واللغوية والقومية والمناطقية، ويعنى تعايش كافة المكونات على الرغم من اختلافاتها فى الأديان والمعتقدات والمذاهب والطوائف.. الخ، وبين المكونات الاجتماعية والإيديولوجية والجنوسية (الجندرية).
1- من هنا لا يقصد بالتعايش المكونات الدينية والمذهبية والطائفية فقط على نحو ما يطرح غالبا فى الخطاب اللبنانى الطائفى وإنما يمتد إلى عديد المكونات الأخرى.
2- أن مجال التعايش متعدد وظيفياً.
3- التعايش قد تتحقق بعض شرائطه على الرغم من استقواء بعض المكونات –الطائفية أو الدينية والعرقية- على مكونات أخرى فثمة تعايش مع الهيمنة.
4- ثمة تعايش فى ظل عدم توافر شرط المواطنية وحقوقها وأجيالها المتعددة كاملة غير منقوصة.
5- التعايش بالمعانى الواردة فى خطاب الحوار بين الأديان والطوائف والمذاهب يحملُ حكماُ قيمياً قد يتجاوز واقع هذا التعايش من حيث الهيمنة والخضوع والقبول النسبى به، أو التمييز بين المجموعات التكوينية الأساسية أو الفرعية فى مجتمع ما.
من هنا لابد من التمييز بين مصطلحى التعايش الغامض، وبين المواطنة، هو الأمر الجدير بالاستخدام لأنه الأكثر دقة ووضوحًا دلالياً وحقوقياً، وعلى الصعيد الدولى.
6- ما هى معطيات الواقع الراهن التى يراد للتعايش فيها أن يتحقق وما هى الفرص والإمكانات؟
أن نظرة على معطيات الواقع الراهن تشير إلى عديد المتغيرات:
أولاً: على الصعيد الدولى وثانياً: على المستوى الإقليمى.
وثالثاً: على الصعيد الوطنى المصرى.
يمكن رصد هذه المتغيرات على النحو التالى على سبيل التمثيل لا الحصر:
ثانيًا: المتغيرات على الصعيد الدولى المعلوم وما بعده
نستطيع وصف حالات عالمنا الراهن بأنه عالم المابعديات وما بعدها أى أن التطورات على الصعد السياسية وتوازنات النظام ومؤشرات تحوله تتم فى عالم ما بعدى حيث تتداخل المتغيرات والظواهر القديمة والجديدة، الما قبل والما بعد، تداخل يصعب معه إطلاق وصف أو تسمية على السمات الرئيسة للعالم المابعدى، كان يقال أننا فى عصر العولمة وما بعد الحداثة، والآن بات توضع المفردة ما بعد على العولمة فيقال ما بعد العولمة، ويقال ما بعد بعد.. الحداثة، وهى توصيفات تعكس صعوبة وصف وتكييف الأحوال التقنية، والسياسية، والثقافية والتغير الكبير فى الإدراك، والروئ، والنفسيات، والتفاعلات الاجتماعية، وفى الأفراد والمجموعات والمكونات المجتمعية المختلفة والعلاقات الدولية المتغيرة.
عصر ما بعدى مترع بمخاطر الإرهاب والعنف، واحتمالات تغير الخرائط الجيو سياسية، والجيو دينية فى بعض أقاليمه. عصر يتداخل فيه التعصب والكراهية الدينية والمذهبية وسواهما، وبين التسامح والحرية الدينية، والمواطنة، والمساواة بين الجنسين، عصر حرية الإبداع والعلاقات، وعصر لا تزال بعض مجتمعاته تعانى من العنف ضد المرأة والمختلفين دينياً ومذهبياً، والحجر على الأفكار وانتهاكات حقوق الإنسان كافة. عصر مأزق الرأسمالية الغربية التاريخى، وعصر البحث عن بدائل أو مخارج لها، عصر من الاضطرابات، عصر الانتقال الاستراتيجى إلى آسيا الناهضة، والإرهاب والعنف باسم الدين والمذهب فى الإقليم الشرق أوسطى والإقليم العربى.
عصر الثورات الرقمية، والمجالات الافتراضية وقدراتها على أحداث التغييرات فى المجالات الفعلية، عصر التغير السريع المتلاحق واللاهث. عصر صعود أدوار المجتمعات المدنية ومواثيق الحقوق والحريات، وميلاد أدوار ضاغطة لجماعات الضغط الافتراضية والواقعية على دوائر صناعة القرارات السياسية فى النظم الأكثر تطوراً فى عالمنا، ومن ثم على دول الجنوب ... الخ.
ما معنى التعايش على الصعيد اللغوى؟
يشير المعجم الوسط، إلى أن التعايش من العيش، والعيش الحياة.
ويمكن أن تتساءل أى نمط من الحياة هل الحياة الفيزيقية هل الحياة الاجتماعية ومحمولاتها وتأسيسها السوسيو- ثقافى؟ هل الحياة الدينية؟ هل الحياة السياسية والاقتصادية؟ هل التعايش هو الحياة القيمية، بين أنساق قيمية متعارضة وغير مؤتلفه؟
فى معجم المعانى الجامع تعايش (فعل) تعايش يتعايش، تعايشاً، فهو متعايش.
تعايشوا: عاشوا على الألفة والمودة تعايش الناس: وجدوا فى نفس الزمان والمكان.
متعايش: فاعل من تعايش
فى قاموس المعانى:
1- تعايش: تعايش يتعايش، تعايشًّا، فهو متعايش.
2- تعايش الجيران عاشوا على المودة والعطاء وحسن الحوار:- تعايش الرفيقان فى غربتهما على الألفة، تعايشت الدولتان تعايشَّا سلمياً: الاتفاق على عدم الاعتداء.
- تعايش النّاسُ: وجدوا فى نفس الزَّمان والمكان.
عَّيشَِ: عَّيشَِ يعيش، تعيشَّا، فهو يعيش، والمفعول تعيش. عيشك الله عيشة رضيَّه أعاشك، أحياك وجعلك تعيش:- عَّيشك الله فى فرح وسعادة،- عيشه ولده فى ضيق وألم،- عيشنا فى رضَّى.
تعيش: تعيش متعيش، تعيشًا، فهو متعيش:-
- تعيش الشخص سعى وراء أسباب المعيشة:- تعيش من الزراعة/ حرفة بسيطة/ عمل يده.
تعايش الجيران: عاشوا على المودة والعطاء وحسن الجوار:
تعايش: الرفيقان فى غربتهما على الألفة- تعايشت الدولتان تعايشا سلمياً:
تعايش: سلمى: العبارة استعملت بكثرة خلال الحرب الباردة للدلالة على أن الاتحاد السوفيتى السابق والولايات المتحدة رغم فوارق نظاميها يمكنكهما أن يتعايشا دون اللجوء إلى الحرب. وقد تستعمل العبارة أيضا بمعنى حاجة خصمين إلى التفكير فى حل سلمى يرضى الطرفين والعيش بسلام.
مصطلحات سياسية
- تعايش (ع ى ش) (مصدر تعايش).
1- مجتمع طائفى يعيش أهله فى تعايش ووئام:- يعيشون فى تساكن وتوافق داخل المجتمع على الرغم من اختلافهم الدينى والمذهبى.
2- تعايُش:
1- مصدر تعايش
2- عيش مشترك بين أقوام يختلفون مذهبا أو ديناً أو بين دول ذات مبادئ مختلفة:
3- الأحياء: اعتماد متبادل بين الكائنات الحيَّة، من النبات أو الحيوان، فى الغذاء والنمو والإعانة.
(المعجم: اللغة العربية المعاصر)
من مجمل هذه التعريفات اللغوية السابقة يبين أننا أمام مفردة/ فعل ومشتقاتها اللغوية تتسم بالغموض الشديد، وحتى فى استخداماتها فى المجالين الاجتماعى والسياسى، تشير إلى العمومية والسيولة وعدم الانضباط الدلالى.
يبدو لى من خلال متابعة بعض أدبيات الحوار الدينى والطائفى واستطلاع قاموس خطاباته السائلة والغامضة، أن هذا المفهوم استعير من مجال العلاقات الدولية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وهو مفهوم التعايش السلمى الذى كان جزءاً من مصطلحات ما بعد الحرب من مبادرة تقدم بها خروتشوف عام 1956 فى محاولة للقفز على التباينات الإيديولوجية والتناقضات بين الكتلة السوفيتية والكتلة الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال:
1- قبول تعدد المذاهب الإيديولوجية.
2- اللجوء إلى المفاوضات لحل النزاعات الدولية.
3- تجنب التدخل فى الشئون الداخلية للدول.
4- تجنب الديبلوماسية السرية أو التجسس الهدام.
أذن هذا المصطلح من أبناء اللغة السياسية الدولية أثناء الحرب الباردة وتبنته بعض دول حركة عدم الانحياز، ويعنى التعايش بين الكتلتين الرأسمالية والاشتراكية. أى التعايش على التناقضات وفى ظلها والقبول بها رغم الاختلاف فى الأنظمة الإيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمصالح، من خلال اللجوء إلى آليات التفاوض الدولى لحل النزاعات الدولية، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.
ويبدو لى أن هذا المصطلح قد انتقل من مجال العلاقات الدولية والحرب الباردة إلى مجال النزاعات الدينية البينية، والمذهبية والطائفية فى المجتمعات الانقسامية حول الولاءات والانتماءات الأولية حول الطائفة والدين والمذهب والعرب واللغة.. الخ.
ترددت كلمات التعايش، والعيش المشترك في أدبيات الحوار الطائفى والدينى فى لبنان على الغموض فيما بينها، وربما استعارة من مجال المصطلح الأساسى التعايش السلمى إلى المجال الدينى/ الطائفى/ المذهبى الانقسامى فى لبنان، ثم تمدد إلى الفريق العربى للحوار، وجُله لبنانيون أساساً، وهم مُحركيه مع بعض من أعضاءه فى الدول العربية- سوريا والعراق، والأردن وفلسطين، ومصر والسودان- وهى مجتمعات انقسامية أساساً، ولم تترسخ فيها الدولة القومية، أو مفهوم الأمة الواحدة. من ثم نحن إزاء مصطلح لا يتلائم مع مفاهيم الدولة الحديثة والآلة الاصطلاحية لها فى إدارة المجتمعات الموحدة أو الانقسامية.
السمة الرئيسة فى تعريف كلمة التعايش –لدى جماعات الحوار الدينى- هو علاقتها بكلمة "الآخرين" والاعتراف بأن "الآخرين" موجودون. وأن التعايش يعنى التعلم للعيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر".
ووفق –كوما ربسنكة - فى ما هو التعايش؟ ترجمة ذاكر آل حبيل "فلقد عرفت هوياتنا العلاقة مع الآخر، فعندما تكون العلاقات إيجابية وعلى قدم المساواة معه، فإن ذلك سوف يعزز الكرامة والحرية والاستقلال، وعندما تكون العلاقات سلبية ومدمرة فإن ذلك سيقوض الكرامة الإنسانية وقيمتنا الذاتية.(ص1).
نحن إذن إزاء مفهوم مراوغ على الرغم من أنه يتوجه إلى التعايش فى المجالات الاجتماعية والدينية والمذهبية والطائفية واللغوية والقومية والمناطقية، ويعنى تعايش كافة المكونات على الرغم من اختلافاتها فى الأديان والمعتقدات والمذاهب والطوائف.. الخ، وبين المكونات الاجتماعية والإيديولوجية والجنوسية (الجندرية).
1- من هنا لا يقصد بالتعايش المكونات الدينية والمذهبية والطائفية فقط على نحو ما يطرح غالبا فى الخطاب اللبنانى الطائفى وإنما يمتد إلى عديد المكونات الأخرى.
2- أن مجال التعايش متعدد وظيفياً.
3- التعايش قد تتحقق بعض شرائطه على الرغم من استقواء بعض المكونات –الطائفية أو الدينية والعرقية- على مكونات أخرى فثمة تعايش مع الهيمنة.
4- ثمة تعايش فى ظل عدم توافر شرط المواطنية وحقوقها وأجيالها المتعددة كاملة غير منقوصة.
5- التعايش بالمعانى الواردة فى خطاب الحوار بين الأديان والطوائف والمذاهب يحملُ حكماُ قيمياً قد يتجاوز واقع هذا التعايش من حيث الهيمنة والخضوع والقبول النسبى به، أو التمييز بين المجموعات التكوينية الأساسية أو الفرعية فى مجتمع ما.
من هنا لابد من التمييز بين مصطلحى التعايش الغامض، وبين المواطنة، هو الأمر الجدير بالاستخدام لأنه الأكثر دقة ووضوحًا دلالياً وحقوقياً، وعلى الصعيد الدولى.
6- ما هى معطيات الواقع الراهن التى يراد للتعايش فيها أن يتحقق وما هى الفرص والإمكانات؟
أن نظرة على معطيات الواقع الراهن تشير إلى عديد المتغيرات:
أولاً: على الصعيد الدولى وثانياً: على المستوى الإقليمى.
وثالثاً: على الصعيد الوطنى المصرى.
يمكن رصد هذه المتغيرات على النحو التالى على سبيل التمثيل لا الحصر:
ثانيًا: المتغيرات على الصعيد الدولى المعلوم وما بعده
نستطيع وصف حالات عالمنا الراهن بأنه عالم المابعديات وما بعدها أى أن التطورات على الصعد السياسية وتوازنات النظام ومؤشرات تحوله تتم فى عالم ما بعدى حيث تتداخل المتغيرات والظواهر القديمة والجديدة، الما قبل والما بعد، تداخل يصعب معه إطلاق وصف أو تسمية على السمات الرئيسة للعالم المابعدى، كان يقال أننا فى عصر العولمة وما بعد الحداثة، والآن بات توضع المفردة ما بعد على العولمة فيقال ما بعد العولمة، ويقال ما بعد بعد.. الحداثة، وهى توصيفات تعكس صعوبة وصف وتكييف الأحوال التقنية، والسياسية، والثقافية والتغير الكبير فى الإدراك، والروئ، والنفسيات، والتفاعلات الاجتماعية، وفى الأفراد والمجموعات والمكونات المجتمعية المختلفة والعلاقات الدولية المتغيرة.
عصر ما بعدى مترع بمخاطر الإرهاب والعنف، واحتمالات تغير الخرائط الجيو سياسية، والجيو دينية فى بعض أقاليمه. عصر يتداخل فيه التعصب والكراهية الدينية والمذهبية وسواهما، وبين التسامح والحرية الدينية، والمواطنة، والمساواة بين الجنسين، عصر حرية الإبداع والعلاقات، وعصر لا تزال بعض مجتمعاته تعانى من العنف ضد المرأة والمختلفين دينياً ومذهبياً، والحجر على الأفكار وانتهاكات حقوق الإنسان كافة. عصر مأزق الرأسمالية الغربية التاريخى، وعصر البحث عن بدائل أو مخارج لها، عصر من الاضطرابات، عصر الانتقال الاستراتيجى إلى آسيا الناهضة، والإرهاب والعنف باسم الدين والمذهب فى الإقليم الشرق أوسطى والإقليم العربى.
عصر الثورات الرقمية، والمجالات الافتراضية وقدراتها على أحداث التغييرات فى المجالات الفعلية، عصر التغير السريع المتلاحق واللاهث. عصر صعود أدوار المجتمعات المدنية ومواثيق الحقوق والحريات، وميلاد أدوار ضاغطة لجماعات الضغط الافتراضية والواقعية على دوائر صناعة القرارات السياسية فى النظم الأكثر تطوراً فى عالمنا، ومن ثم على دول الجنوب ... الخ.
كشفت مجمل الممارسات التى تمت عن أننا إزاء سياسة بلا سياسيين وهى معضلة كشفت عنها المرحلة من 25 يناير حتى 3 يوليو 2013
ثالثًا: التغيرات على الصعيد الإقليمى
يواجه الإقليم مجموعة تغيرات تتمثل فيما يلى:
1- جماعات وموجات إرهابية تتمدد من شبه دولة داعش فى من الرقة إلى الموصل فى العراق وسوريا.
2- حروب أهلية فى سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا.
3- انهيار الدولة فى اليمن وليبيا لصالح مجموعات مسلحة متصارعة.
4- تراجع موجة الربيع العربى، وإجهاض عمليات التحول الديمقراطى.
5- انقسامات رأسية بين بعض المكونات السياسية والاجتماعية الرئيسية فى بعض البلدان، وغياب الوفاق الوطنى عند حدوده الدنيا.
6- أزمة قانون الدولة وسيادته فى عديد من النظم السياسية العربية.
7- أزمة المواطنة الكاملة واستمراريتها فى عديد من البلدان العربية.
8- أزمات اقتصادية هيكلية فى دول الربيع العربى، واحتقانات اجتماعية متزايدة، وتراجع أسعار النفط في السوق العولمي، وأثر ذلك على دخول الدول العربية النفطية بكل انعكاسات ذلك على اقتصادياتها وقدراتها.
9- صحوة المكونات الدينية والمذهبية والعرقية والقومية وبروز الخطابات الفئوية ذات الظلال الطائفية.
10- تداخل وتمدد دول الجوار الإقليمى العربى إلى مناطق حيوية فى المشرق العربى وشبه الجزيرة العربية. - إيران وتركيا-
11- بروز المذهبية المسيسة بين السنيية والشيعة داخلياً، وعلى المستوى الإقليمى وبين السعودية وإيران، والتدخل التركى فى الشئون الداخلية فى العراق وسوريا، وسعيها إلى إقامة محور تركى/ سعودى/ قطرى فى مواجهة النفوذ الإيرانى فى لبنان وسوريا والبحرين والمنطقة الشرقية النفطية فى السعودية، ودعم حركة حماس.
12- الفجوات بين الأجيال وشيخوخة النظم السياسية، فى ظل حالات من التجريف السياسى للكفاءات والمواهب والخبرات فى عديد من البلدان العربية.
فى ظل هذه التغيرات وحالاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية يبدو التعايش والمواطنة كليهما من الأمور الصعبة والتعايش يبدو أمراً يواجه العديد من المشكلات وعلى رأسها:
1- أن النخب الحاكمة تعطى أولوية للأمن القومى والأمن الداخلى أولوية قصوى لاسيما فى دول الربيع العربى، على غيره من القضايا وبعضها حاول التكيف ببعض التغيرات الدستورية (المغرب والأردن) إلا أن الواقع لا يزال محملاً بمشكلات عديدة ومتفاقمة.
2- مواجهة الإرهاب وجماعاته المسلحة، والحفاظ على الدولة يشكل أولوية قصوى لدى عديد النخب العربية الحاكمة فى الإقليم.
3- بروز المذهبية المسيسة وشحذها واستخدامها فى التعبئة السياسية فى المواجهات الإقليمية، يؤدى إلى تزايد الرقابات الداخلية الأمنية والعسكرية والاستخبارية والأمنية والمذهبية على المكون المذهبى المغاير. (الشيعة فى السعودية والبحرين وبلدان عربية أخرى) (والسنة فى العراق).
لا شك أن هذه الاعتبارات والأولويات تؤدى إلى إنتاج توترات، وتستنفر بعض مصادر الغضب الاجتماعى، وتؤدى إلى نشر عدم الاستقرار السياسى، وتدفع نحو التوترات والانقسامات الاجتماعية والدينية والمذهبية بين المكونات المختلفة داخل المجتمع.
رابعًا: التغيرات الداخلية فى مصر
فى أعقاب الانتفاضة الثورية فى 25 يناير 2011، وأحداث 30 يونيو 2013 وما بعدها نستطيع أن نرصد بعض هذه المتغيرات فيما يلى:
1- انكسار حواجز الخوف لدى قطاعات اجتماعية واسعة، وعودة نسبية ومؤقتة للسياسة بعد موتها طيلة أكثر من ثلاثين عاماً، لكن نظرة على مجمل الممارسات التى تمت كشفت عن أننا إزاء سياسة بلا سياسيين وهى معضلة كشفت عنها المرحلة من 25 يناير حتى 3 يوليو 2013، بقطع النظر عن الاستفتاءات والانتخابات البرلمانية والرئاسية.
2- العودة إلى نمط التسلطية السياسية مجدداً، والعودة إلى صيغة موت السياسة، ولا سياسيين، وعودة هيمنة البيروقراطية وأجهزة الدولة القمعية التي تحتكر العنف المشروع مجدداً للعب أدوارها المنوطة بها فى ظل النظام التسلطى.
3-الفجوات الجيلية، بين النخبة الحاكمة ومصادر تكوينها المتعددة، وبين الأجيال الجديدة الشابة التى أعطت النظام ونخبته ظهرها ولم تعد تشارك فى الانتخابات العامة.
4- ازدياد معدلات التوتر بين أجهزة الدولة والمواطنين وتجاوزات بعض منتسبيها فى الواقع.
5- أزمات اقتصادية هيكلية، وطاحنة وانعكاساتها فى ارتفاع معدلات التضخم وآثاره الاجتماعية الكبرى، فى تآكل مستويات حياة الفئات الوسطى وعسر حياة الأغلبيات الشعبية العريضة.
6- الصراعات بين أجهزة الدولة، وعدم التكامل فيما بينها فى أداء المهام الخاصة بها، أو التى تمثل مساحات العمل المشترك فيما بينهم، وهو ما يؤثر على تماسكهم وأداءهم لمهامهم الدستورية والقانونية والأمنية والسياسية.
7- ضعف مستويات التكوين لدى النخبة السياسية فى الحكم والمعارضة، وفى الأطر البيروقراطية والتكنقراطية.
8- غياب الرؤية الكلية حول نموذج التنمية المأمول وأهدافها وتوزيعاتها وأطرها الزمنية، وقاعدته والاجتماعية.
9- غياب سياسات الأمل التى ترتبط بالنموذج التنموى المرغوب.
10- الإرهاب وجماعاته، وسند بعضها الاجتماعى والدينى والإيديولوجى الصامت أو الهامس فى إطار المرحلة الانتقالية الثالثة، فى ظل جمود فى الفكر الدينى المصرى الرسمى واللا رسمى، وتأثره بالمصادر الإيديولوجية الفقهية الوهابية والسلفية ونظائرها وأشباهها، لاسيما المنظمات الإرهابية ذات الإيديولوجيا العنيفة الوحشية كداعش، ونظائرها فى المشرق العربى، وفى ليبيا وتونس والمنطقة المغاربية، وفى بعض البلدان الأفريقية جنوب الصحراء.
11- تفكك الدولة الليبية ومخاطر محتملة لتصدير الإرهاب.
12- شيوع بعض من الإحباط الاجتماعى والسياسى لدى فئات اجتماعية وشبابية من الأوضاع العامة.
13- الانتهاكات المختلفة لحريات الرأى والتعبير والإبداع والتدين والاعتقاد من خلال توظيف بعض الأحاد لبعض النصوص القانونية الواردة فى قانون الأحوال الشخصية والعقوبات حول الحسبة –ودور النيابة العامة فى تحريك الدعاوى إزاء حرية الرأى والإبداع والخيال.. الخ- وشيوع النزعة المحافظة فى توجهات بعض رجال النيابة والقضاة، وهمُ من غير المتخصصين فى النقد الأدبى أو التشكيلى أو السينمائى .. الخ، على نحو أدى ولا يزال إلى عديد من النتائج السلبية يمكن رصد بعضها فيما يلى:
1- التأثير على صورة الدولة المصرية وأجهزتها فى الإعلام الكونى المرئى والسموع، والرقمى، ولدى الدول والمنظمات الدولية، والإقليمية الرسمية، والطوعية. عن دولة وأجهزة معادية لحريات الإبداع والخيال.
2- كبح حريات العقل والإبداع لدى المفكرين والمثقفين والفنانين والصحفيين والإعلاميين، بكل نتائج ذلك السلبية على الحركة الثقافية والفنية والإعلامية.
3- ازدياد التوتر بين الجماعة الثقافية والمثقف- أحد أبرز بناة الدولة الحديثة- وأجهزة الدولة المختلفة بما يؤثر على مسألة الشرعية.
14-بروز بعض الانتهاكات لحرية التدين والاعتقاد وفق المواثيق الدولية التى وقعت مصر وصادفت عليها، وقصرها فى دستور 2014 على الأديان السماوية الثلاث على الرغم من أن لفقرة الأولى بين هذه المادة تنص على أن "حرية الاعتقاد مطلقة"! وهو تناقض بين مقدمة المادة – التى جاء بها دستور 1923-، وبين الفقرة الثانية فيها، والتى وضعت لاعتبارات الملائمة السياسية، والدينية، ومراعاة السفيين، والأزهر، كأحد أبرز أطراف تحالف 30 يونيو 2013.
لا شك أن هذه المادة فى عجزها، تدفع بعض الأحاد أو المجموعات الدينية إلى تقديم الشكاوى إلى النيابة العامة لتحريك الدعوى الجنائية كحسبة.
15- استمرارية هيمنة الثقافة الدينية المتزمتة والمحافظة، ولم يؤثر التغير السياسى بعد 30 يونيو على هذا الموروث الوضعى المحافظ والمتزمت حول الدين والمذهب، ولم تؤدى المطالبات المتكررة لرئيس الجمهورية بثورة دينية، أو تجديد الخطاب الدينى إلى نتائج ملموسة حتى هذه اللحظة. من ثم تشكل هذه البيئة الدينية والاجتماعية المغالية والمتزمتة، مجالاً واسعاً للتوترات الدينية والطائفية، ومن ثم على قيم وحقوق المواطنة فى المعاش اليومى، والأخطر أن النزوع المحافظ أو المتزمت يشكل منذ أكثر من أربعة عقود ثقافة بعض الموظفين العموميين والبيروقراطية، على نحو يؤثر على أداءها وحيدتا فى تقويم الخدمات أو تيسير الحصول على حقوق المواطنين وفق انتماءهم الدينى.
16- استمرارية ثقافة التمييز النوعى ضد المرأة على أساس دينى تأويلى وضعى، وعلى التمييز بين الانتماء الدينى للنساء فيما بين بعضهم بعضاً على خلاف الدستور والقانون.
خامساً: التحديات التى تعوق ترسيخ التعايش المشترك
يمكن رصد بعض هذه التحديات التى قد تعوق أو التى تعوق فعلاً التعايش، استمداداً من الواقع الموضوعى والتاريخى المصرى فيما يلى:
1- الصور النمطية المسبقة عن الآخر الدينى والمذهبى والعرقى والمناطقى، ومحمولاتها السلبية.
2- دور بعض الغلاة من رجال الدين الذين يقومون بالتركيز على المختلف/ المشترك فى القيم الدينية والعقائد، ويذكون انتماءهم على الانتماءات المغايرة.
3- بعض الكتب الدينية التكوينية التى تدرس فى مؤسسات التعليم الدينى عن الآخر الدينى والمذهبى.
4- أزمة فعالية قانون الدولة فى التطبيق على النزاعات ذات الأسباب والوجوه الطائفية، وتحييده فى التطبيق لصالح قانون الأعراف والمجالس العرقية، وتطبيق الديات، وهو ما يعيد إنتاج الأزمات.
5- ثقافة التمييز الدينى الموروثة، والتى يمارسها بعض الموظفين العموميين، والمدرسين والمدرسات، فى تقديمهم للخدمات أو تطبيق القانون، أو فى أثناء شرح الدروس فى الفصول وطريقة التعامل مع الطالبات والطلبة.
سادسًا: فى الفرص المتاحة إزاء المخاطر المحدقة على التعايش والمواطنة
ثمة بعض من الفرص لتنشيط وتغيير أنماط التعايش المتاحة فى ظل تأصيل ثقافة المواطنة وتفعيلها فى الواقع المصرى خاصة والعربى بعامة، وتتمثل فيما يلى:
1- تزايد الاهتمام الكونى الضاغط –دولاً وحكومات ومنظمات دولية رسمية، وطوعية- بقضايا المواطنة وحقوقها، والحريات الدينية والفكرية والإبداعية والجنوسية (الجندرية Gender).
2- الاهتمام الإعلامى الكونى، وفى المجال العام الكونى الرقمى ووسائل ومواقع التفاعل الاجتماعى بالقضايا الحقوقية المؤثرة على المواطنة وأنماط التعايش فى أطر ومجتمعات متعددة المكونات، لاسيما فى المجتمعات الانقسامية Fragmented Societies.
3- تأسس منظومات من الاتفاقيات الدولية الملزمة التى أقرت الحقوق المواطنية فى كافة مكوناتها، وتشكل قوة دعم لأى طلب اجتماعى ودينى على المواطنة وحقوقها، وعلى التعايش بين المختلفين جنسيا نوعياً –ذكر وأنثى- ودينياً ومذهبياً وعقيدة، وعرقياً وقوميا ولغويا، وطبقة اجتماعية.
4- المشروطية الدولية بين ضرورة احترام هذه المواثيق والحقوق الواردة بها، وبين الحصول على المنح والقروض والمساعدات من الدول الكبرى ومنظمات التمويل الدولية، على نحو يشكل أحد أبرز أدوات الضغط على الحكومات.
5- تزايد قدرة المنظمات الطوعية الوطنية والإقليمية والكونية على بناء التحالفات وتعبئة الضغوط الدولية على الحكومات إزاء قضايا التمييز الدينى والمذهبى، وحقوق المرأة، والحريات الفكرية والإبداعية فى إطار آلية الإحراج الدولى Shaming internalana monism.
يواجه الإقليم مجموعة تغيرات تتمثل فيما يلى:
1- جماعات وموجات إرهابية تتمدد من شبه دولة داعش فى من الرقة إلى الموصل فى العراق وسوريا.
2- حروب أهلية فى سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا.
3- انهيار الدولة فى اليمن وليبيا لصالح مجموعات مسلحة متصارعة.
4- تراجع موجة الربيع العربى، وإجهاض عمليات التحول الديمقراطى.
5- انقسامات رأسية بين بعض المكونات السياسية والاجتماعية الرئيسية فى بعض البلدان، وغياب الوفاق الوطنى عند حدوده الدنيا.
6- أزمة قانون الدولة وسيادته فى عديد من النظم السياسية العربية.
7- أزمة المواطنة الكاملة واستمراريتها فى عديد من البلدان العربية.
8- أزمات اقتصادية هيكلية فى دول الربيع العربى، واحتقانات اجتماعية متزايدة، وتراجع أسعار النفط في السوق العولمي، وأثر ذلك على دخول الدول العربية النفطية بكل انعكاسات ذلك على اقتصادياتها وقدراتها.
9- صحوة المكونات الدينية والمذهبية والعرقية والقومية وبروز الخطابات الفئوية ذات الظلال الطائفية.
10- تداخل وتمدد دول الجوار الإقليمى العربى إلى مناطق حيوية فى المشرق العربى وشبه الجزيرة العربية. - إيران وتركيا-
11- بروز المذهبية المسيسة بين السنيية والشيعة داخلياً، وعلى المستوى الإقليمى وبين السعودية وإيران، والتدخل التركى فى الشئون الداخلية فى العراق وسوريا، وسعيها إلى إقامة محور تركى/ سعودى/ قطرى فى مواجهة النفوذ الإيرانى فى لبنان وسوريا والبحرين والمنطقة الشرقية النفطية فى السعودية، ودعم حركة حماس.
12- الفجوات بين الأجيال وشيخوخة النظم السياسية، فى ظل حالات من التجريف السياسى للكفاءات والمواهب والخبرات فى عديد من البلدان العربية.
فى ظل هذه التغيرات وحالاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية يبدو التعايش والمواطنة كليهما من الأمور الصعبة والتعايش يبدو أمراً يواجه العديد من المشكلات وعلى رأسها:
1- أن النخب الحاكمة تعطى أولوية للأمن القومى والأمن الداخلى أولوية قصوى لاسيما فى دول الربيع العربى، على غيره من القضايا وبعضها حاول التكيف ببعض التغيرات الدستورية (المغرب والأردن) إلا أن الواقع لا يزال محملاً بمشكلات عديدة ومتفاقمة.
2- مواجهة الإرهاب وجماعاته المسلحة، والحفاظ على الدولة يشكل أولوية قصوى لدى عديد النخب العربية الحاكمة فى الإقليم.
3- بروز المذهبية المسيسة وشحذها واستخدامها فى التعبئة السياسية فى المواجهات الإقليمية، يؤدى إلى تزايد الرقابات الداخلية الأمنية والعسكرية والاستخبارية والأمنية والمذهبية على المكون المذهبى المغاير. (الشيعة فى السعودية والبحرين وبلدان عربية أخرى) (والسنة فى العراق).
لا شك أن هذه الاعتبارات والأولويات تؤدى إلى إنتاج توترات، وتستنفر بعض مصادر الغضب الاجتماعى، وتؤدى إلى نشر عدم الاستقرار السياسى، وتدفع نحو التوترات والانقسامات الاجتماعية والدينية والمذهبية بين المكونات المختلفة داخل المجتمع.
رابعًا: التغيرات الداخلية فى مصر
فى أعقاب الانتفاضة الثورية فى 25 يناير 2011، وأحداث 30 يونيو 2013 وما بعدها نستطيع أن نرصد بعض هذه المتغيرات فيما يلى:
1- انكسار حواجز الخوف لدى قطاعات اجتماعية واسعة، وعودة نسبية ومؤقتة للسياسة بعد موتها طيلة أكثر من ثلاثين عاماً، لكن نظرة على مجمل الممارسات التى تمت كشفت عن أننا إزاء سياسة بلا سياسيين وهى معضلة كشفت عنها المرحلة من 25 يناير حتى 3 يوليو 2013، بقطع النظر عن الاستفتاءات والانتخابات البرلمانية والرئاسية.
2- العودة إلى نمط التسلطية السياسية مجدداً، والعودة إلى صيغة موت السياسة، ولا سياسيين، وعودة هيمنة البيروقراطية وأجهزة الدولة القمعية التي تحتكر العنف المشروع مجدداً للعب أدوارها المنوطة بها فى ظل النظام التسلطى.
3-الفجوات الجيلية، بين النخبة الحاكمة ومصادر تكوينها المتعددة، وبين الأجيال الجديدة الشابة التى أعطت النظام ونخبته ظهرها ولم تعد تشارك فى الانتخابات العامة.
4- ازدياد معدلات التوتر بين أجهزة الدولة والمواطنين وتجاوزات بعض منتسبيها فى الواقع.
5- أزمات اقتصادية هيكلية، وطاحنة وانعكاساتها فى ارتفاع معدلات التضخم وآثاره الاجتماعية الكبرى، فى تآكل مستويات حياة الفئات الوسطى وعسر حياة الأغلبيات الشعبية العريضة.
6- الصراعات بين أجهزة الدولة، وعدم التكامل فيما بينها فى أداء المهام الخاصة بها، أو التى تمثل مساحات العمل المشترك فيما بينهم، وهو ما يؤثر على تماسكهم وأداءهم لمهامهم الدستورية والقانونية والأمنية والسياسية.
7- ضعف مستويات التكوين لدى النخبة السياسية فى الحكم والمعارضة، وفى الأطر البيروقراطية والتكنقراطية.
8- غياب الرؤية الكلية حول نموذج التنمية المأمول وأهدافها وتوزيعاتها وأطرها الزمنية، وقاعدته والاجتماعية.
9- غياب سياسات الأمل التى ترتبط بالنموذج التنموى المرغوب.
10- الإرهاب وجماعاته، وسند بعضها الاجتماعى والدينى والإيديولوجى الصامت أو الهامس فى إطار المرحلة الانتقالية الثالثة، فى ظل جمود فى الفكر الدينى المصرى الرسمى واللا رسمى، وتأثره بالمصادر الإيديولوجية الفقهية الوهابية والسلفية ونظائرها وأشباهها، لاسيما المنظمات الإرهابية ذات الإيديولوجيا العنيفة الوحشية كداعش، ونظائرها فى المشرق العربى، وفى ليبيا وتونس والمنطقة المغاربية، وفى بعض البلدان الأفريقية جنوب الصحراء.
11- تفكك الدولة الليبية ومخاطر محتملة لتصدير الإرهاب.
12- شيوع بعض من الإحباط الاجتماعى والسياسى لدى فئات اجتماعية وشبابية من الأوضاع العامة.
13- الانتهاكات المختلفة لحريات الرأى والتعبير والإبداع والتدين والاعتقاد من خلال توظيف بعض الأحاد لبعض النصوص القانونية الواردة فى قانون الأحوال الشخصية والعقوبات حول الحسبة –ودور النيابة العامة فى تحريك الدعاوى إزاء حرية الرأى والإبداع والخيال.. الخ- وشيوع النزعة المحافظة فى توجهات بعض رجال النيابة والقضاة، وهمُ من غير المتخصصين فى النقد الأدبى أو التشكيلى أو السينمائى .. الخ، على نحو أدى ولا يزال إلى عديد من النتائج السلبية يمكن رصد بعضها فيما يلى:
1- التأثير على صورة الدولة المصرية وأجهزتها فى الإعلام الكونى المرئى والسموع، والرقمى، ولدى الدول والمنظمات الدولية، والإقليمية الرسمية، والطوعية. عن دولة وأجهزة معادية لحريات الإبداع والخيال.
2- كبح حريات العقل والإبداع لدى المفكرين والمثقفين والفنانين والصحفيين والإعلاميين، بكل نتائج ذلك السلبية على الحركة الثقافية والفنية والإعلامية.
3- ازدياد التوتر بين الجماعة الثقافية والمثقف- أحد أبرز بناة الدولة الحديثة- وأجهزة الدولة المختلفة بما يؤثر على مسألة الشرعية.
14-بروز بعض الانتهاكات لحرية التدين والاعتقاد وفق المواثيق الدولية التى وقعت مصر وصادفت عليها، وقصرها فى دستور 2014 على الأديان السماوية الثلاث على الرغم من أن لفقرة الأولى بين هذه المادة تنص على أن "حرية الاعتقاد مطلقة"! وهو تناقض بين مقدمة المادة – التى جاء بها دستور 1923-، وبين الفقرة الثانية فيها، والتى وضعت لاعتبارات الملائمة السياسية، والدينية، ومراعاة السفيين، والأزهر، كأحد أبرز أطراف تحالف 30 يونيو 2013.
لا شك أن هذه المادة فى عجزها، تدفع بعض الأحاد أو المجموعات الدينية إلى تقديم الشكاوى إلى النيابة العامة لتحريك الدعوى الجنائية كحسبة.
15- استمرارية هيمنة الثقافة الدينية المتزمتة والمحافظة، ولم يؤثر التغير السياسى بعد 30 يونيو على هذا الموروث الوضعى المحافظ والمتزمت حول الدين والمذهب، ولم تؤدى المطالبات المتكررة لرئيس الجمهورية بثورة دينية، أو تجديد الخطاب الدينى إلى نتائج ملموسة حتى هذه اللحظة. من ثم تشكل هذه البيئة الدينية والاجتماعية المغالية والمتزمتة، مجالاً واسعاً للتوترات الدينية والطائفية، ومن ثم على قيم وحقوق المواطنة فى المعاش اليومى، والأخطر أن النزوع المحافظ أو المتزمت يشكل منذ أكثر من أربعة عقود ثقافة بعض الموظفين العموميين والبيروقراطية، على نحو يؤثر على أداءها وحيدتا فى تقويم الخدمات أو تيسير الحصول على حقوق المواطنين وفق انتماءهم الدينى.
16- استمرارية ثقافة التمييز النوعى ضد المرأة على أساس دينى تأويلى وضعى، وعلى التمييز بين الانتماء الدينى للنساء فيما بين بعضهم بعضاً على خلاف الدستور والقانون.
خامساً: التحديات التى تعوق ترسيخ التعايش المشترك
يمكن رصد بعض هذه التحديات التى قد تعوق أو التى تعوق فعلاً التعايش، استمداداً من الواقع الموضوعى والتاريخى المصرى فيما يلى:
1- الصور النمطية المسبقة عن الآخر الدينى والمذهبى والعرقى والمناطقى، ومحمولاتها السلبية.
2- دور بعض الغلاة من رجال الدين الذين يقومون بالتركيز على المختلف/ المشترك فى القيم الدينية والعقائد، ويذكون انتماءهم على الانتماءات المغايرة.
3- بعض الكتب الدينية التكوينية التى تدرس فى مؤسسات التعليم الدينى عن الآخر الدينى والمذهبى.
4- أزمة فعالية قانون الدولة فى التطبيق على النزاعات ذات الأسباب والوجوه الطائفية، وتحييده فى التطبيق لصالح قانون الأعراف والمجالس العرقية، وتطبيق الديات، وهو ما يعيد إنتاج الأزمات.
5- ثقافة التمييز الدينى الموروثة، والتى يمارسها بعض الموظفين العموميين، والمدرسين والمدرسات، فى تقديمهم للخدمات أو تطبيق القانون، أو فى أثناء شرح الدروس فى الفصول وطريقة التعامل مع الطالبات والطلبة.
سادسًا: فى الفرص المتاحة إزاء المخاطر المحدقة على التعايش والمواطنة
ثمة بعض من الفرص لتنشيط وتغيير أنماط التعايش المتاحة فى ظل تأصيل ثقافة المواطنة وتفعيلها فى الواقع المصرى خاصة والعربى بعامة، وتتمثل فيما يلى:
1- تزايد الاهتمام الكونى الضاغط –دولاً وحكومات ومنظمات دولية رسمية، وطوعية- بقضايا المواطنة وحقوقها، والحريات الدينية والفكرية والإبداعية والجنوسية (الجندرية Gender).
2- الاهتمام الإعلامى الكونى، وفى المجال العام الكونى الرقمى ووسائل ومواقع التفاعل الاجتماعى بالقضايا الحقوقية المؤثرة على المواطنة وأنماط التعايش فى أطر ومجتمعات متعددة المكونات، لاسيما فى المجتمعات الانقسامية Fragmented Societies.
3- تأسس منظومات من الاتفاقيات الدولية الملزمة التى أقرت الحقوق المواطنية فى كافة مكوناتها، وتشكل قوة دعم لأى طلب اجتماعى ودينى على المواطنة وحقوقها، وعلى التعايش بين المختلفين جنسيا نوعياً –ذكر وأنثى- ودينياً ومذهبياً وعقيدة، وعرقياً وقوميا ولغويا، وطبقة اجتماعية.
4- المشروطية الدولية بين ضرورة احترام هذه المواثيق والحقوق الواردة بها، وبين الحصول على المنح والقروض والمساعدات من الدول الكبرى ومنظمات التمويل الدولية، على نحو يشكل أحد أبرز أدوات الضغط على الحكومات.
5- تزايد قدرة المنظمات الطوعية الوطنية والإقليمية والكونية على بناء التحالفات وتعبئة الضغوط الدولية على الحكومات إزاء قضايا التمييز الدينى والمذهبى، وحقوق المرأة، والحريات الفكرية والإبداعية فى إطار آلية الإحراج الدولى Shaming internalana monism.
استعادة الدولة وأجهزتها لبعض من حيويتها الوظيفية فى ظل مصاعب أمنية داخلية وإرهابية، ومخاوف من مخاطر إقليمية فى ليبيا
سابعًا: الفرص المتاحة إقليمياً:
هل هناك فرص متاحة إقليميا للتعايش وبناء دولة المواطنة؟
أن ما يضفى على هذا السؤال مشروعيته، هو ضعف ثقافة التعايش والمواطنة فى بعض المجتمعات العربية، فى ظل انهيار بعض الدول –فى اليمن وليبيا-، والحروب الأهلية المنتشرة- على أسس دينية ومذهبية وعرقية فى الإقليم، كما فى العراق وسوريا وتمييز الدولة المذهبى فى شبه الجزيرة العربية، والبحرين، والعراق، والتناقضات الانقسامية ذات البعُد الطائفى التأسيسى فى لبنان.
الإقليم العربى فى حالة اضطرابات كبرى وعدم استقرار وإرهاب، وجماعات دينية ومذهبية راديكالية عنيفة من ثم تبدو الفرص شحيحة وغائمة فى مجال تفعيل التعايش المشترك والمواطنة ودولة القانون. لاسيما فى ظل بعض الانتهاكات لحرية التدين والاعتقاد فى العراق وسورية، وفى ليبيا إزاء المسيحيين العرب، واضطرار بعضهم للهجرة إلى خارج الإقليم أو إلى بعض دوله.
ثمة ميلُ أيضاً إلى نمط من إدراكات الهوية على أنها مغلقة، ومن ثم إلى اقتصارها على المعنى الدينى فقط الذى تحدد مسبقاً عند لحظة فى طور تاريخ المنطقة، هذا نمط من الهويات القاتلة بتعبير امين معلوف فى كتاب له بهذا الاسم.
1- ربما تتمثل الفرص المتاحة فى السعى لاستثمار بيئة الفوضى والاضطراب الإقليمى فى التأكيد على ضرورات التعايش المشترك وأولويته فى السعى لبناء المواطنة الكاملة، لاسيما فى ظل التجارب المريرة للهجرة القسرية للسوريين، والعراقيين، واليمنيين والليبيين وقسوة الحياة فى معسكرات اللجوء فى دول الجوار لهذه البلدان، أو محاولات الهجرة غير المشروعة والاضطرارية عبر قوارب يحفُ بها مخاوف الخطر المتعددة من مثيل الغرق الموت أو القبض على هؤلاء الهاربين من جحيم الأوضاع فى بلدانهم.
2- عمليات التفاوض التى يتم الإعداد لها فى سوريا، واليمن، وليبيا لابد من توظيفها فى التأكيد على قيم وقواعد التعايش المشترك وحقوق المواطنة فى اتفاقات التسوية لاسيما فى مرحلة إعادة بناء الدولة، من مشروعات لإعادة الإعمار، وهيكلة أجهزة الدولة، وإعادة المهجرين إلى مناطقهم الأصلية بعد النزوح الداخلى أو إلى دول الجوار، وفى وضع الدساتير والقوانين الأساسية، وعدم التمييز على أسس دينية ومذهبية وطائفية.
3- توظيف الثورة الرقمية فى عمليات التشبيك بين بعض المنظمات الحقوقية والعاملة فى مجال الهجرة المؤقتة، فى إعادة التأهيل النفسى، والتعليمى، والثقافى للنازحين إلى دول الجوار الجغرافى لدولهم، وفى الضغط لتقديم بعض صور وأشكال التفاعل والتعايش، وتوظيف فائض الضغوط على النازحين فى دعم الروابط والقيم المشتركة بين النازحين.
ثامنًا: الفرص المتاحة مصريا:
أن المخاطر التى سبق رصدها داخلياً، تحتاج إلى استثمار وتوظيف بعض الفرص التى يمكن لنا رصدها فيما يلى:
1- بروز حيوية سياسية جديدة تتمثل فى انكسار حاجز الخوف لدى مكونات الشعب المصرى الدينية والمذهبية، والتى تتيح إمكانات للتعايش والتفاعل السياسي / الاجتماعي والديني المشترك الجديد فى ظل استمرارية تاريخية لمفهوم الأمة المصرية الواحدة الموحدة.
2- استعادة الدولة وأجهزتها لبعض من حيويتها الوظيفية فى ظل مصاعب أمنية داخلية وإرهابية، ومخاوف من مخاطر إقليمية فى ليبيا. من ثم يجب توظيف المخاوف الإقليمية من الإرهاب، وتفكك الدول كبيئة نفسية ملائمة لدعم التعايش فى مواجهة المخاطر الإقليمية.
3- بروز بعضُ من الديناميكية السياسية لدى الأقباط فى أعقاب 25 يناير 2011، و 30 يونيو 2013، ومشاركتهم الفعالة فى الاستفتاءات والانتخابات العامة. وظهور حركة وحيوية سياسية، من الأقباط خارج إطار المؤسسات الدينية الرسمية المسيحية، وهى تشكل متغيراً جديداً فى السلوك القبطى فى المجال العام.
4- دخول عديد من الأقباط إلى البرلمان بنسبة أكبر من ذى قبل، ومنهم نساء، وهو ما يساعد على وجود مجموعة قادرة على طرح قضايا التعايش والمواطنة فى البرلمان تشريعا ورقابة إذا ما استطاعوا عبر أهل الخبرة توسيع نطاق تنسيقهم وتحالفهم مع زملاءهم، أو من خلال تشبيكهم مع المنظمات الحقوقية المعنية.
فى هذا الصدد يمكن اقتراح تأسيس هؤلاء وزملاءهم المسلمين الراغبين فى العمل على قضايا التعايش والمواطنة إنشاء جمعية أهلية، وموقع على الواقع الافتراضى لمناقشة قضايا التعايش واقتراح الحلول وتوظيف مواقع التفاعل الاجتماعى المختلفة فى التحفيز على التعايش، أو فى نقد السلوكيات المناهضة للتعايش أو القوانين والقرارات الإدارية التي تنطوي على تمييز على أساس ديني، أو سلوك بعض الموظفين العموميين، أو المواطنين العاديين فى الريف والحضر.
5- تشكل مواقع التفاعل الاجتماعى –تويتر وفيسبوك .. الخ- قوة ضغطة سياسية وشعبية على الأفراد والجماعات والدولة وأجهزتها والمنظمات الأهلية، ومن ثم يمكن توظيفها بقوة واتساع فى التأكيد على قيم التعايش والأمة الواحدة، والقيم المدنية، والدينية المشتركة فى الأديان والمذاهب على تعددها.
6- استخدام قوة الضغط الأفتراضية فى تحفيز أعضاء البرلمان على إصلاح منظومات القوانين التى تنطوى على إعاقة لحقوق وثقافة التعايش والمواطنة فى النظم القانونية القائمة، وتقديم بدائل إصلاحية لها.
7- توظيف الآليات القانونية –الموضوعية والإجرائية - فى مساعدة من تنتهك حقوقه المواطنية، أو قيم التعايش المشترك، واحترام الآخر أيا كان وصف وانتماءه، كرامة وخطاباً وقيماً ومشاركة فاعلة.
8- ممارسة الضغوط على المجلس القومى لحقوق الإنسان لكى يشارك بفعالية فى إشاعة ثقافة المواطنة والتعايش المشترك بين المواطنين فى عديد المواقع، وليس قصراً فقط على التقارير، ولجان التقصى.. الخ.
10- ضرورة إعادة هيكلة المناهج التعليمية فى إطار السعى إلى تطوير النظام التعليمى المتخلف وسياساته ومناهجه فى كافة المراحل، وذلك من خلال دمج ثقافة التعايش المصرى وتاريخه وقيمه وأمثلته فى المناهج.
11- تحفيز الأحزاب السياسية القائمة على إنشاء لجان حزبية معنية بتكريس ونشر ثقافة التعايش المشترك والمواطنة.
تاسعًا: الأسباب الدافعة لتفعيل أطر مؤسسية للتعايش
بعض ما أشرنا إليه من مقترحات يشكل بعض من الأطر المؤسسية المطلوبة لتطوير أنماط التعايش المشترك فى مصر. وربما ما يدفع إلى ضرورة هذه الأطر المؤسسية عديد الاعتبارات يأتى على أرسها ما يلى:
1- أن الأطر المؤسسية هى التى تساعد على التراكم فى المعارف والخبرات والتجارب الجديدة لتطوير العيش المشترك أو التعايش المشترك، وثقافة المواطنة.
2- فى الأطر المؤسسية يمكن أداء وظائف التعبئة لمواجهة بعض المشكلات والتوترات ومصادر الخطر التى تلوح فى الأفق إزاء التعايش المشترك، أو التعامل الوطنى بين المصريين أيا كانت أديانهم ومذاهبهم وفئاتهم الاجتماعية، ومناطقهم.
3- أن الأطر المؤسسية لاسيما فى المجال الطوعى المشروع قانوناً، من الأهمية بمكان فى ظل استمرارية التسلطية السياسية والدينية والقانونية، وتعطى للمدافعين والنشطاء فى مجال المواطنة والتعايش المشترك والوحدة الوطنية الشرعية لعملهم، ويحول دون تصدى أجهزة الدولة لنشاطهم.
4- الأطر المؤسسية هى وعاء لتشكيل وتكوين المدافعين عن التعايش المشترك وإنتاج الخبرات فى هذا المجال.
5- الأطر المؤسسية –فى شكل جمعيات أو مراكز بحث ورصد وتحليل-، هى التى تسمح باستخدام آليات التشبيك، والمناصرة، والإحراج الدولى بفعالية على عديد الصعد.
عاشرًا: ماهية الأطر المؤسسية المطلوبة على المستوى القانونى والسياسى والثقافى لتفعيل التعايش والمواطنة؟
يمكن القيام بما يلي:
1- إنشاء جمعية أهلية قومية للدفاع عن ثقافة التعايش المشترك والمواطنة، تكون لها فروع فى المحافظات. أو مجموعة جمعيات تبدأ فى المناطق التى تحدث فيها توترات ونزاعات دينية ومذهبية وطائفية، دورها ثقافى وقانونى أساساً، تحاول أن تقدم بعض برامج التدريب والتكوين على ثقافة المواطنة والتعايش المشترك من الواقع التاريخى الوطنى المصرى، وفى عديد التجارب المقارنة على المستويين الإقليمى والكونى من ناحية النظم السياسية، والقانونية وعلى مستوى الثقافة المدنية. مع ضرورة التركيز على الأنشطة الثقافية والاجتماعية المشتركة بين الجمهور فى الأرياف والمحافظات واستخدام الآليات الجديدة فى إنتاج تفاعلات مدروسة ومنظمة لغرس قيم التعايش وقبول الاختلاف الدينى والمذهبى وفى الآراء والثقافات المحلية المرتبطة بالمكان وفضاءاته وتاريخه.
2- يمكن إقامة جسور من التواصل مع بعض المؤسسات شبه الرسمية كالمجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والمجلس القومى للمرأة، والجمعيات الأهلية الحقوقية، وبين الجمعية أو الجمعيات الجديدة، للتعاون فى المجال التكوينى والتدريبى على المواطنة، لبناء تجارب مشتركة فى التعاون، والحشد والمناصرة وطنياً.
3- يمكن لوزارة الثقافة أن تنهض بهذا الدور من خلال الهيئة العامة لقصور الثقافة التى تعانى من عديد المشكلات لكى تضع ثقافة التعايش المشترك، ودعم المواطنة الكاملة كواحد من أولوياتها وبرامجها على مستوى الجمهورية. فى هذا الإطار يمكن التزاوج بين عديد الأنشطة التكوينية والفنية والموسيقية والمسرحية، وعلى سبيل المثال الاستفادة من تجربة مسرح الجرن.
4- يمكن تشكيل مجموعة فرق من الخبراء المتخصصين ومعهم بعض المثقفين لوضع تصور لبرامج تكوين وتدريب على التعايش والمواد التدريبية، وإنتاج مواد تدريسية فى هذا الإطار.
هل هناك فرص متاحة إقليميا للتعايش وبناء دولة المواطنة؟
أن ما يضفى على هذا السؤال مشروعيته، هو ضعف ثقافة التعايش والمواطنة فى بعض المجتمعات العربية، فى ظل انهيار بعض الدول –فى اليمن وليبيا-، والحروب الأهلية المنتشرة- على أسس دينية ومذهبية وعرقية فى الإقليم، كما فى العراق وسوريا وتمييز الدولة المذهبى فى شبه الجزيرة العربية، والبحرين، والعراق، والتناقضات الانقسامية ذات البعُد الطائفى التأسيسى فى لبنان.
الإقليم العربى فى حالة اضطرابات كبرى وعدم استقرار وإرهاب، وجماعات دينية ومذهبية راديكالية عنيفة من ثم تبدو الفرص شحيحة وغائمة فى مجال تفعيل التعايش المشترك والمواطنة ودولة القانون. لاسيما فى ظل بعض الانتهاكات لحرية التدين والاعتقاد فى العراق وسورية، وفى ليبيا إزاء المسيحيين العرب، واضطرار بعضهم للهجرة إلى خارج الإقليم أو إلى بعض دوله.
ثمة ميلُ أيضاً إلى نمط من إدراكات الهوية على أنها مغلقة، ومن ثم إلى اقتصارها على المعنى الدينى فقط الذى تحدد مسبقاً عند لحظة فى طور تاريخ المنطقة، هذا نمط من الهويات القاتلة بتعبير امين معلوف فى كتاب له بهذا الاسم.
1- ربما تتمثل الفرص المتاحة فى السعى لاستثمار بيئة الفوضى والاضطراب الإقليمى فى التأكيد على ضرورات التعايش المشترك وأولويته فى السعى لبناء المواطنة الكاملة، لاسيما فى ظل التجارب المريرة للهجرة القسرية للسوريين، والعراقيين، واليمنيين والليبيين وقسوة الحياة فى معسكرات اللجوء فى دول الجوار لهذه البلدان، أو محاولات الهجرة غير المشروعة والاضطرارية عبر قوارب يحفُ بها مخاوف الخطر المتعددة من مثيل الغرق الموت أو القبض على هؤلاء الهاربين من جحيم الأوضاع فى بلدانهم.
2- عمليات التفاوض التى يتم الإعداد لها فى سوريا، واليمن، وليبيا لابد من توظيفها فى التأكيد على قيم وقواعد التعايش المشترك وحقوق المواطنة فى اتفاقات التسوية لاسيما فى مرحلة إعادة بناء الدولة، من مشروعات لإعادة الإعمار، وهيكلة أجهزة الدولة، وإعادة المهجرين إلى مناطقهم الأصلية بعد النزوح الداخلى أو إلى دول الجوار، وفى وضع الدساتير والقوانين الأساسية، وعدم التمييز على أسس دينية ومذهبية وطائفية.
3- توظيف الثورة الرقمية فى عمليات التشبيك بين بعض المنظمات الحقوقية والعاملة فى مجال الهجرة المؤقتة، فى إعادة التأهيل النفسى، والتعليمى، والثقافى للنازحين إلى دول الجوار الجغرافى لدولهم، وفى الضغط لتقديم بعض صور وأشكال التفاعل والتعايش، وتوظيف فائض الضغوط على النازحين فى دعم الروابط والقيم المشتركة بين النازحين.
ثامنًا: الفرص المتاحة مصريا:
أن المخاطر التى سبق رصدها داخلياً، تحتاج إلى استثمار وتوظيف بعض الفرص التى يمكن لنا رصدها فيما يلى:
1- بروز حيوية سياسية جديدة تتمثل فى انكسار حاجز الخوف لدى مكونات الشعب المصرى الدينية والمذهبية، والتى تتيح إمكانات للتعايش والتفاعل السياسي / الاجتماعي والديني المشترك الجديد فى ظل استمرارية تاريخية لمفهوم الأمة المصرية الواحدة الموحدة.
2- استعادة الدولة وأجهزتها لبعض من حيويتها الوظيفية فى ظل مصاعب أمنية داخلية وإرهابية، ومخاوف من مخاطر إقليمية فى ليبيا. من ثم يجب توظيف المخاوف الإقليمية من الإرهاب، وتفكك الدول كبيئة نفسية ملائمة لدعم التعايش فى مواجهة المخاطر الإقليمية.
3- بروز بعضُ من الديناميكية السياسية لدى الأقباط فى أعقاب 25 يناير 2011، و 30 يونيو 2013، ومشاركتهم الفعالة فى الاستفتاءات والانتخابات العامة. وظهور حركة وحيوية سياسية، من الأقباط خارج إطار المؤسسات الدينية الرسمية المسيحية، وهى تشكل متغيراً جديداً فى السلوك القبطى فى المجال العام.
4- دخول عديد من الأقباط إلى البرلمان بنسبة أكبر من ذى قبل، ومنهم نساء، وهو ما يساعد على وجود مجموعة قادرة على طرح قضايا التعايش والمواطنة فى البرلمان تشريعا ورقابة إذا ما استطاعوا عبر أهل الخبرة توسيع نطاق تنسيقهم وتحالفهم مع زملاءهم، أو من خلال تشبيكهم مع المنظمات الحقوقية المعنية.
فى هذا الصدد يمكن اقتراح تأسيس هؤلاء وزملاءهم المسلمين الراغبين فى العمل على قضايا التعايش والمواطنة إنشاء جمعية أهلية، وموقع على الواقع الافتراضى لمناقشة قضايا التعايش واقتراح الحلول وتوظيف مواقع التفاعل الاجتماعى المختلفة فى التحفيز على التعايش، أو فى نقد السلوكيات المناهضة للتعايش أو القوانين والقرارات الإدارية التي تنطوي على تمييز على أساس ديني، أو سلوك بعض الموظفين العموميين، أو المواطنين العاديين فى الريف والحضر.
5- تشكل مواقع التفاعل الاجتماعى –تويتر وفيسبوك .. الخ- قوة ضغطة سياسية وشعبية على الأفراد والجماعات والدولة وأجهزتها والمنظمات الأهلية، ومن ثم يمكن توظيفها بقوة واتساع فى التأكيد على قيم التعايش والأمة الواحدة، والقيم المدنية، والدينية المشتركة فى الأديان والمذاهب على تعددها.
6- استخدام قوة الضغط الأفتراضية فى تحفيز أعضاء البرلمان على إصلاح منظومات القوانين التى تنطوى على إعاقة لحقوق وثقافة التعايش والمواطنة فى النظم القانونية القائمة، وتقديم بدائل إصلاحية لها.
7- توظيف الآليات القانونية –الموضوعية والإجرائية - فى مساعدة من تنتهك حقوقه المواطنية، أو قيم التعايش المشترك، واحترام الآخر أيا كان وصف وانتماءه، كرامة وخطاباً وقيماً ومشاركة فاعلة.
8- ممارسة الضغوط على المجلس القومى لحقوق الإنسان لكى يشارك بفعالية فى إشاعة ثقافة المواطنة والتعايش المشترك بين المواطنين فى عديد المواقع، وليس قصراً فقط على التقارير، ولجان التقصى.. الخ.
10- ضرورة إعادة هيكلة المناهج التعليمية فى إطار السعى إلى تطوير النظام التعليمى المتخلف وسياساته ومناهجه فى كافة المراحل، وذلك من خلال دمج ثقافة التعايش المصرى وتاريخه وقيمه وأمثلته فى المناهج.
11- تحفيز الأحزاب السياسية القائمة على إنشاء لجان حزبية معنية بتكريس ونشر ثقافة التعايش المشترك والمواطنة.
تاسعًا: الأسباب الدافعة لتفعيل أطر مؤسسية للتعايش
بعض ما أشرنا إليه من مقترحات يشكل بعض من الأطر المؤسسية المطلوبة لتطوير أنماط التعايش المشترك فى مصر. وربما ما يدفع إلى ضرورة هذه الأطر المؤسسية عديد الاعتبارات يأتى على أرسها ما يلى:
1- أن الأطر المؤسسية هى التى تساعد على التراكم فى المعارف والخبرات والتجارب الجديدة لتطوير العيش المشترك أو التعايش المشترك، وثقافة المواطنة.
2- فى الأطر المؤسسية يمكن أداء وظائف التعبئة لمواجهة بعض المشكلات والتوترات ومصادر الخطر التى تلوح فى الأفق إزاء التعايش المشترك، أو التعامل الوطنى بين المصريين أيا كانت أديانهم ومذاهبهم وفئاتهم الاجتماعية، ومناطقهم.
3- أن الأطر المؤسسية لاسيما فى المجال الطوعى المشروع قانوناً، من الأهمية بمكان فى ظل استمرارية التسلطية السياسية والدينية والقانونية، وتعطى للمدافعين والنشطاء فى مجال المواطنة والتعايش المشترك والوحدة الوطنية الشرعية لعملهم، ويحول دون تصدى أجهزة الدولة لنشاطهم.
4- الأطر المؤسسية هى وعاء لتشكيل وتكوين المدافعين عن التعايش المشترك وإنتاج الخبرات فى هذا المجال.
5- الأطر المؤسسية –فى شكل جمعيات أو مراكز بحث ورصد وتحليل-، هى التى تسمح باستخدام آليات التشبيك، والمناصرة، والإحراج الدولى بفعالية على عديد الصعد.
عاشرًا: ماهية الأطر المؤسسية المطلوبة على المستوى القانونى والسياسى والثقافى لتفعيل التعايش والمواطنة؟
يمكن القيام بما يلي:
1- إنشاء جمعية أهلية قومية للدفاع عن ثقافة التعايش المشترك والمواطنة، تكون لها فروع فى المحافظات. أو مجموعة جمعيات تبدأ فى المناطق التى تحدث فيها توترات ونزاعات دينية ومذهبية وطائفية، دورها ثقافى وقانونى أساساً، تحاول أن تقدم بعض برامج التدريب والتكوين على ثقافة المواطنة والتعايش المشترك من الواقع التاريخى الوطنى المصرى، وفى عديد التجارب المقارنة على المستويين الإقليمى والكونى من ناحية النظم السياسية، والقانونية وعلى مستوى الثقافة المدنية. مع ضرورة التركيز على الأنشطة الثقافية والاجتماعية المشتركة بين الجمهور فى الأرياف والمحافظات واستخدام الآليات الجديدة فى إنتاج تفاعلات مدروسة ومنظمة لغرس قيم التعايش وقبول الاختلاف الدينى والمذهبى وفى الآراء والثقافات المحلية المرتبطة بالمكان وفضاءاته وتاريخه.
2- يمكن إقامة جسور من التواصل مع بعض المؤسسات شبه الرسمية كالمجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والمجلس القومى للمرأة، والجمعيات الأهلية الحقوقية، وبين الجمعية أو الجمعيات الجديدة، للتعاون فى المجال التكوينى والتدريبى على المواطنة، لبناء تجارب مشتركة فى التعاون، والحشد والمناصرة وطنياً.
3- يمكن لوزارة الثقافة أن تنهض بهذا الدور من خلال الهيئة العامة لقصور الثقافة التى تعانى من عديد المشكلات لكى تضع ثقافة التعايش المشترك، ودعم المواطنة الكاملة كواحد من أولوياتها وبرامجها على مستوى الجمهورية. فى هذا الإطار يمكن التزاوج بين عديد الأنشطة التكوينية والفنية والموسيقية والمسرحية، وعلى سبيل المثال الاستفادة من تجربة مسرح الجرن.
4- يمكن تشكيل مجموعة فرق من الخبراء المتخصصين ومعهم بعض المثقفين لوضع تصور لبرامج تكوين وتدريب على التعايش والمواد التدريبية، وإنتاج مواد تدريسية فى هذا الإطار.